السبت، 8 فبراير 2014

القراءة و القضية الفلسطينية : خطورة قراءة التلقي ، القضية الفلسطينية كمثال ..

إن الفكر الذي يحمله الشخص ليس شرطا أن يكون من تأليفه هو . إن الإنسان يتلقى ممن حوله منذ الطفولة .

فلو وجدنا شخصاً وقف الى جانب الصهاينة في القضية الفلسطينية مثلا بزعم وجود بعض الفلسطينيين الذين باعوا أراضيهم ولم يدافعوا عنها ، ويقول أن القضية لم تعد مسألة غاصب اغتصب ارضهم "بكل بساطة" ، بل أصبحت قضية "معقدة" و "شائكة" ، مع كل هذا لا نريد أن نقول أن هذا من فكره هو ، احتراماً له ، فقد يكون تلقـّاه دون تمحيص ، وهذا أهون بكثير .. 

من باعوا أراضيهم و بيوتهم تحت سيطرة الاحتلال الغاشم ، وهم يعرفون أنه يريدها و سوف يأخذها بطريقة أو بأخرى ، ذلك الفعل لا يبرر لنا الوقوف مع المغتصب ، هذا غير أن بعض السماسرة اشتروها منهم على أنهم فلسطينيون مثلهم ، ولم يعرفوا أنهم يجمعون البيوت لليهود ، وهذا بالنسبه لأول مقدمهم إلى فلسطين . 

أما بقية الأراضي فهي محتلة بالقوة ، ومنها الضفة الغربية و قطاع غزة ، و حتى في أروقة الأمم المتحدة تسمى "أرضا محتلة" ، و رأينا كيف يجرفون بيوت المواطنين الفلسطينيين ليبنوا فيها مستوطنات لأصحاب القضية "المعقدة" كما تـُوصف !! إذ كيف لا يكون لهم حق فيها و معهم توراة محرّفة تحمي عن أرضٍ أُمروا أن يدخلوها و رفضوا قبل الآف السنين ؟! 

إن مثل هذا يجعل القضية "معقدة" في نظر هؤلاء ، إذا أسبانيا ملك لنا نحن المسلمين ! لأننا عشنا فيها 800 سنة أكثر مما عاش اليهود القدماء في فلسطين ! علما أن القانون الدولي لا يعترف بكلمة "حق تاريخي" ما دام على الأرض شعب .. إن الصهاينة اعتمدوا على الحق التاريخي وقوة الاستعمار ، و كلاهما باطل . 

ولم لا يقول أمثال هؤلاء : لماذا شرّد الفلسطينيون أنفسهم ليعيشوا في مخيمات وتركوا أرضهم ؟! فليلوموهم أيضا على هذا !! ربما أعجبهم الاستجمام في المخيمات ! ولما ملّوا من الرحلة جاءوا ليطالبوا بأرضهم ! يا له من دلع يعقـّد القضية ! لقد خرجوا بسبب المذابح مثل دير ياسين وغيرها ! حتى من باعوا أراضيهم ، و هم قلة ، قد أفزعتهم المذابح و قرروا البيع والهرب ، و لو تعرضنا لما تعرضوا له لكانت ردود أفعالنا متشابهة ولتغيّر كلامهم حينها . 

طبعا اليهود الصهاينة و الغرب يريدون أن تكون القضية معقدة ، لكن المشكلة هي أنها واضحة : عصابة قرّرت أن تسرق أرضا و تـُفرغها من شعبها بالإتفاق مع الاستعمار ، و بعد الحصول على وعد من المستعمر ، فهل لا زالت معقـّدة ويصعب الافتاء فيها ؟! و الحق فيها ضائع لا ندري هو مع من ؟! متى سندري إذاً ؟؟ هل إذا اعترف السارق أنه سارق ؟؟!! 

مثل هذا الفهم هو ما قصدته من خلال فكرة التلقي و الابتلاع بالغلاف .. نعم يجب أن نقرأ و نقرأ كثيرا ، لكن بعد فك المغلّف البراق ، وأن نكون حاضرين لا مغيّبين ، وأن نشهد بالحق و ننقد الخطأ .

أنا لست ضد القراءة كما فهمني البعض خطأ ، بل أقوى أسباب تخلفنا هو عدم القراءة ، و أقوى أسباب تأدلُجنا هو القراءة بالثقة والتلقي . أرجو التفريق بين الصور الثلاث ، فنحن : إما شخص يقرأ بتلقي ، أو يقرأ بنقد ، أو لا يقرأ .. والصورة الوسطى هي التي أدعو لها .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق