السبت، 27 فبراير 2016

بما أن الشعور الإنساني خيّر من أين تأتي دوافع الشر؟


"سؤال: بما أن دوافع الإنسان عبارة عن شعورات، والشعور بفطرته خيّر وليس في الإنسان شعور يحب الشر، اذن من أين تأتي الدوافع لفعل الشر؟ هل عن طريق خداع الشعور؟ فيخدع الشخص الصناعي شعوره بأن هذا عمل فاضل بينما هو رذيلة؟"


كلا الشعور لا يُخدع أبدا وهذا من قوانين الشعور. الشعور هو معيارنا لمعرفة الصواب من الخطأ والحق من الباطل فمن رحمة الله بنا أن حفظ هذا النور في داخلنا من التلاعب والتغيير.

لكن شعور الانسان يعمل بشكل خطوط منفصلة عن بعضها، فحين تكون صائما وترى الأكل أمامك يتحرك شعور الجوع، لكن يمنعك شعور أرقى وهو العبودية لله أن تنقض صيامك. أو حين يكون صديقك بحاجة ماسة لمساعدة و أنت متعب وتريد أن تنام، كلا الشعوران يعملان بشكل منفصل عن الأخر، والإنسان الذي يحترم شعوره يسمح للدوائر الأرقى من الشعور أن تغلب الدوائر الأدنى إذا تعارضا .

من يريد القيام بعمل صناعي سيرفض شعوره هذا العمل، لكنه يعمل حيل نفسية لإسكات هذا الشعور ومنعه من السيطرة، مثل أن ينهي عمله بسرعة، أو يقول سأتوب بعده، أو يماحك عقليا و يقول ما الذي يثبت ويضمن ويؤكد أن هذا الفعل خطأ..الخ من الحيل النفسية. أي أن من يريد القيام بعمل صناعي تجده يحرك شعورات اخرى ويركز عليها لإضعاف الشعور الرافض، مثل إبليس حين قال لآدم {ألا أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى}، أي حرك شعورات أخرى وأهمل الشعور الرافض أن يعصي ربه بالأكل من الشجرة. ومثل شخص يريد أن يسرق، فيقول مثلا أنا انسان فقير وعندي أولاد أريد أن أفرحهم، والأغنياء هؤلاء بخلاء ومخادعين يسرقون أموال الناس، أو يركز على ماذا سيفعل بالمال الذي سيسرقه وكيف سيشبع حاجاته، الخ.

وهكذا يحور مشاعره من أجل أن يجد دوافع لعمله الصناعي، لكنه لم يستطع أن يخدع ذلك الشعور الذي رفض ويقنعه أن السرقة عمل حسن، ولن يستطيع، بل فقط يدس شعور الفضيلة هذا ويخفيه {قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها}, لهذا دائما الانسان الصناعي دوافعه للحياة أضعف من الإنسان الطبيعي، لان الصناعي شعوره يرفض عمله ويتحرك بشعورات محورة.

لهذا، مهما تحايل الصناعي وبرر وعذّر لنفسه لا يستطيع أن يطمئن من الداخل وسيعيش بتعاسة، لأنه أعرض عن شعورات الفضيلة والعبودية في داخله التي ترفض الوضع الذي هو فيه : {ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا}.

وتكمن الصعوبة حينما يتعارض شعوران راقيان تجاه عمل معين، لكن أحدهما أرقى من الآخر، والتي عادة تسمى بالمعضلات الاخلاقية، كأب فقير يرى ابنته الصغيرة تبكي تريد لعبة معينة كقريناتها وهو لا يملك المال لشرائها، مما قد يجعله يفكر بالسرقة أو الرشوة أو الغش... , وهذا وضع يتطلب صبرا ودقة في تحري الخير واحترام الشعور.



ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق