الخميس، 2 فبراير 2012

الإحساس بالكآبة لحظة هبوط الليل


الكآبة الليلية تأتي غالباً بعد الغروب , ويكون الجسم مجهداً وبحاجة للراحة وبحاجة طبيعية للنوم , إضافة إلى فتور الطاقة بعد يوم عمل , (ففتور الطاقة يفتح الباب للكآبة) (قانون) , فكل ضعف جسمي وكل مرض هو من عوامل الكآبة إذا اجتمعت معه عوامل أخرى ( نفسية أو اجتماعية أو عملية ومهنية .. وغيرها من العوامل ) .

النهار عالَم والليل عالَم , والإنسان في الليل هو غير الإنسان في النهار , ورؤيتنا للدنيا تختلف في الليل عن رؤيتنا لها في النهار , لهذا قالوا كلام الليل يمحوه النهار .

الليل يفتح باب الطموحات العاطفية والمعنوية وتقدير الذات والإحساس بالإهانة والإحساس بالتهميش ,
فتخرج الهموم في هذا الوقت لأنه ليس هناك مجال لخروجها أثناء العمل في النهار . النهار يفتح مجال للعقل (أ) أكثر, والليل يفتح المجال للشعور (ب) , وحينها تظهر المشكلات التي عند الشعور, وهذا لا يعني أنه كلما انفتح الشعور سينفتح على الكآبة بل ربما العكس , لكن وجود معاناة غير محلولة يجعلها تخرج كلما قلَّ التركيز على خارج الذات , لأن العمل ليس له علاقة بالمشاعر ويحتاج إلى تركيز ، وبالتالي تنسى همومك معه .

مرض الكآبة الليلية قديم ولم يلتفت له أحد , وربما حتى هذه اللحظة لم يسمه أحد بهذا الاسم , حتى الشعراء يذكرونه, فالنابغة قال:

وصدر أراح الليل عازب همه **** تجمع فيها الهم من كل جانب

أي إذا جاء الليل جاء بالهموم مثلما تتجمع الغنم بالليل إلى حظائرها في رواحها . والشعراء شكواهم وأنينهم غالباً ما تكون في الليل ، بل حتى أن الشعر يبدو أنه يُنظم بالليل ؛ لأن عالَم العقل (أ) والواقع يضعف بالليل فليس هناك مجال عمل إلا قليلاً , فبالتالي ينفتح عالم الشعور (ب) , فكلما يتوقف الانشغال العقلي ـ أو الألفي - فإنه ينفتح الوجدان .

هذه الكآبة تأخذ قليلاً من الوقت ثم يبدأ الشخص يتأقلم مع وضع الليل , وتتضح أكثر إذا كان عند الشخص مشكلة وجدانية طويلة الأمد وأن يكون عنده معاناة يتناساها بالعمل .

الكآبة هي فقدان طعم الحياة , أو بعبارة أدق فقدان طعم ما يراه الشخص أنه متعة , وهي تحمل خوفاً من أن يستمر الشخص على هذه الحال ؛ لأنه لن يستطيع حينها أن يواصل الحياة بهذا الشكل . الكآبة في صميمها تدور حول فقدان الأمل , فدائماً مشكلة الكآبة هي بآمال تُفـتَـقد ولا تجد تعويضاً لها .

هناك تعليقان (2) :