الخميس، 16 فبراير 2012

رد على صادق العظم في كتابه : في الحب والحب العذري ..


 
كيف قطعت – قبل ان تبدا الدراسة و البحث العلمي كما تقول – بأن الرغبة الجنسية شرط لازم للحب ؟ ماذا تفعل في حالات الحب بين الجنس الواحد ؟ هل سيكون الشرط اللازم هو الشذوذ الجنسي في هذه الحالة ؟ علما انه في حالة الحب الحقيقي ، يُزدرى موضوع الجنس وليس له ذكر ولا نشاط .

وهل حب الغائب وحب المشاهير اذا كانوا من جنسين مختلفين يوجد فيه هذا الشرط الجنسي ؟ بل حتى حب من مات من قديم ولا نعرف حتى شكله ؟

هناك ناس يفتقدون للرغبة الجنسية ، ولكنهم لم يفتقدوا للحب ، فاين الشرط اللازم ؟ 

 
ص65 :
انت تقول ان العاطفة الجياشة يصعب كبتها ، ثم تطالبه بان يكتم حبه ولا يظهره حتى يقبل به كخاطب عادي ، ومعروف ان ثلاثة لا يمكن اخفاءها كما قالوا : المال والحب والكره ، والعرب كانت تتناقل الشعر ، فليس هناك من وسيلة للاتصال بحبيبته الا بالشعر الذي يتاكد انها ستسرّ منه ، لانه ستسمعه حضرة نساء القبيلة . و ربما يكون قد تقدم لها و رُفِض ، فلا ادري ما مبرر هذه القسوة المادية على عاشقين معذبين . 

اما القذف بالزنا مباشرة لمجرد لقاء العاشقين خلسة او عند التحية ، فهذا لا يتناسب مع ادراك عاطفة الحب وتاثيرها الذي يؤدي كما ذكر الى المرض او الجنون او الموت ان صح هذا . و قبل ان تتزوج المحبوبة كان يحصل مثل هذا اللقاء ، وكان انسب لحصول الزنى من كونها متزوجة . مثل هذا اللقاء العابر و كلام يدور بين رجل و امراءة هو شيء عادي بين القبائل . القلوب التي عرفت الحب الحقيقي و انكوت بناره لا تتلفه وتفسده بالزنى ، فالزنى يتيسر بطريق اخر .

ويلاحظ على العظم انه انتقى قصة جميل بثينة ، بدلا من قصة مجنون ليلى ، مع انها لها شهرة عالمية وليست عربية فقط .

ص 65 فقرة 2 :

كيف استطاع العظم ان يصل الى نية جميل المعاكسة تماما لكل ما يقوله جميل ؟ فهو رجل يبكي ويتالم ويتمنى الزواج من محبوبته ، ثم ياتي التحليل ان جميلا عمل كل ما بوسعه حتى يعرقل زواجه هو من حبيبته !! وهذه اشياء و تحليلات غير معقولة ! ثم ان كلمة (ما بوسعه) تعني اشياء كثيرة ، من ضمنها ان يصرح انه لا يريدها ، فلماذا اللف والدوران ؟

فقرة 3 :

العظم يزعم انه درس حالة الحب ، والان يعبر عن الحب العذري بالزنى مباشرة ! اذا الحب في وجهة نظر العظم هو الزنى نفسه ! هذا الرجل لا يفهم ما معنى الحب السامي ، بل هو يفهم الزنى . و الكلام ليس عن الزنى حتى يجوز له ان يتكلم فيه ، هذا الكلام عن عاطفة انسانية راقية متسامية عن الجسد ، فهو لا يصدق بوجود هذه العاطفة ، فتجاذب بين ذكر وانثى يعني زنى ، تبعا للعقلية المادية .

وهل اثبات الزنى بهذه السهولة ؟ كما يتصور هذا العظم ؟ ثم ما الذي يجعلك تتعب و تتمحل هذا التمحـّل لتجريم ضحايا هذا الحب الطاهر ؟ الا تعلم انه يوجد في زمنهم غزل مكشوف ؟ اذا ما الذي دفعهم الى اختيار هذا النوع مع ان النوع الثاني موجود ؟ بل ان الزنى بحد ذاته موجود .

اما محاولة الصاق الزنى بشعراء تعففوا وتظهر العفة في كلامهم وليس في شعرهم ما يشير الى الزنا ، فما هذا التحليل المنخفض في مستواه ؟ انت امام شاعر ، إذًا فحاكمه من نصوصه ، لا ان تذهب وتبحث عن مرويات واقاويل وتعمل عليها بالتأويل ! ربما تكون الرواية حقيقية ولكن قائلها يفكر مثل تفكيرك المادي ! لهذا لا يعتد بهذه الاستنتاجات ، بل بالاستنتاجات المبنية على الشعر نفسه ، لاننا هنا امام شاعر ، و النص الشعري اقرب للثقة والتصديق من اخبار حول سيرة الشاعر ، لان في النص الشعري نجد كلام الشخص نفسه ، اما في الاخبار والمرويات من هنا وهناك عن الشخص ، فغيره هو من يتكلم عنه وليس هو .

انظر الى شعر العذريين ، حيث يشتكي الشاعر من الحرمان ، وانت تجعلهما في لقاء مستمر و زنى مستمر !

الفقيه والملحد : عليهما الا يدخلا في الادب .  

ثم اين الاستشهادات بالشعر نفسه على الزنى طالما انه زنى وانتهى الامر و ما دام انه لا يريد ان يتزوجها اصلا لانها زانية !؟؟ ما هذا التفكير ؟ هذا تفكيرٌ زاني نفسه !! هذا الكلام لا يصدر عن اديب اطلاقا .. بل يصدر عن انسان مادي لا يعرف ولا أي معرفة بشيء اسمه فضيلة وانها تتحكم في حياة احد . لا شيء في الحياة يتحكم عنده الا الشهوة والمادة .

و هو هنا اثبت الجريمة وانتهى ، ونسي ان الزوج نفسه في كثير من الحالات هو الذي يسمح لهما بالمقابلة ، ولو كان الامر قريبا مما فكر فيه هذا الناقد ، فلن يسمح بدون اي شك بحصول هذا الامر . و كثيرا ما يطلـّقها لانه يعلم انها لا تحبه . وعدم التعاطف مع شخصية الزوج امر طبيعي ، لانه وقف في طريق الحب ، و من عنده كرامة لا يجعل نفسه في هذا الموقف الذي تريد ان تتعاطف انت معه ، فهو تزوجها وقد علم انها لا تحبه . كان من المفترض ان يتخلى عنها ، و لكن لانه رأى كيف يهيم بها محبوبها فأعجبته ، فتوقع ان يكون فيها ميزة ستنكشف له فيما بعد ، وهو (الزوج) اقرب الى شخصية المادي الذي لا يحس بمشاعر الاخرين ، بل لا يعترف الا بالمصلحة والزواج التجاري ، لهذا لا يجري التعاطف معه ، فقد تزوجها رغما عنها ، وهذا بحد ذاته يكفي لتجريمه هو .

كان يجب عليه ان يحترم شعورها ولا ياخذ حبيبات غيره . و لو كانت زانية مثل ما تفضل ، لما اصر مثل هذا الزوج على ابقائها عنده ؛ لانه معروف لدى العرب من قديم و حتى الان ان مجرد اكتشاف الخيانة يؤدي الى القتل ، وفي اهون الاحوال الى الطلاق ، فما بال هؤلاء الازواج يسكتون عن مثل هذه الفضيحة ؟ واذا قيل بسبب خوف الفضيحة ، فالفضيحة حدثت و تناقل الناس الشعر ! والسكوت على الفضيحة عارٌ بحد ذاته ، لانه لا بد ان يغسل العار ، فالسكوت عن غسل العار هو بحد ذاته فضيحة .

اذا ً يبدو انه لم يتصور الوضع بشكله الصحيح . لاننا لو مشينا مع استنتاجاته فسوف تفضي بنا الى تناقض . وكان يجب ان يلتفت لذلك .

 
ص 67 – 68 :

يا عزيزي و يا سيدي الفاضل ، هؤلاء مشاهير ، والمشاهير تدور حولهم الاساطير ، و كلٌ يفسر و كلُ يروي كما يشاء ، اذا اذهب لتناقش الاساطير التي قيلت عن عنترة والزير سالم .. ما هكذا تورد الابل ..

انت امام شعراء ، ابحث عن الزنى الذي اتهمتهم به في شعرهم ، و قل لنا : اقرأوا ماذا يقول شاعركم العذري الذي يدعي العفاف !! ستجد كلاما كثيرا قيل عن كل المشاهير و فضائحهم و مبالغات كثيرة حولهم .

لكل زمان عاداته وتقاليده ، وهؤلاء ابناء قبيلة واحدة ، كلا العاشقين من قبيلة واحدة ، وكانت ظروف الحياة والبادية لا تجعل فواصل كبيرة بين النساء والرجال كما هو في المدن ، فأمر طبيعي ان يتحدث الرجل مع ابنة عمه في ظروف القبيلة والثقة ، و حتى اذا تغزل بها لا يعني هذا انه يستحق العقاب عند القبيلة ، لكن في العادة لا يستحق ان يتزوجها ، حتى لا يتأكد شك من كان عنده شك في وجود علاقة بأن الزواج كان دفعا للفضيحة ، و هذا الوضع موجود حتى الان في بعض البيئات العربية ، فبمجرد ان يعرفوا ان بين فلان وفلانة عشق تبدأ الشكوك ، و حتى يزال هذا الشك يجعلونها تتزوج من شخص اخر ، ليذهب عن اصحاب الشك شكهم . فلو كانا على علاقة وعلى حب كما توهِمنا ، لما تزوجت احداً غيره . بينما لو تزوجت نفس الشخص لتأكدت شكوكهم و قالوا : كنا على حق ، فالعشق بحد ذاته كان شبهة و ليس جريمة ، اما الزنى الذي تقوله فهو جريمة .

طبعا هؤلاء العذريون اشتهروا في العصر الاموي ، و هم مسلمون ، وانت حينما تتحدث عنهم ، كانك تتحدث عن اوروبيين لا يمانع احدهم ان تصادق زوجته من تشاء .. والحرائر حتى في الجاهلية لا يزنين الا في حالات نادرة و مستترة جدا .

 
ص70 :

أسهل مما ذكرت : لماذا لا يصفها اذا بغزل مكشوف ؟ ما دام على هذه الدرجة من السطوة والمكانة بحيث تجعلاه يفعل ما يشاء ؟ فاذا كان عبارة عن زاني ، و يدخل الى الحي جهرة ليزني بإمرأة متزوجة في وسط القبيلة و بدون اي خوف ، فلماذا لا يصف مغامراته الغرامية والجنسية ؟ ولماذا يكبت نفسه جنسيا بالشعر ولا يكبت نفسه جنسيا بالواقع ؟ مع ان الثانية اسهل من الاولى !!

كل مادي لا يستطيع ان يفسر شيئا تفسيرا حقيقيا و مقنعاً ، لان تفكيره يقتصر على المادة فقط ، وليست المادة كل شيء . ثم هل نسيت ان الشعراء يقولون ما لا يفعلون ؟ كل شاعر غزل يضطره الغزل احيانا لان يصف لقاءاته مع محبوبته و مغامراته وعدم خوفه من اهلها ، ليثبت شجاعته ، و ليس شرطا ان تكون هذه المغامرة حقيقية ، لان اغلب الشعراء لم يخوضوا هذه المغامرات الشعرية ، فضلا على ان يكونوا عشاقا اصلاً .

انت امام شعر عفيف . حاكم الشعر : لماذا هو عفيف مع ان الخيارات الاخرى متاحة ؟ هنا السؤال . ابو نواس له شعر ماجن ، ومع ذلك هو شاعر معدود و مشهور ، لماذا لم يكن جميل مثله طالما يمارس هذه الممارسات ؟ 

 
ص71 :

لماذا يحصل هذا التناقض بين ان يجدد نشوة عشقه و حماسه ، وان يقتصر على واحدة ، طالما انك صنفته دونجوانا و انتهى الامر ؟ ما الذي يجعل دونجوانا يقتصر على واحدة ؟ هذا شذوذ عن الدونجوانية ، و ليته شخص واحد من فعل هذا الشذوذ عنها ! بل زمرة من الشعراء العذريين ! هذا تناقض فاحش .

و هنا تناقض اخر : صنع العراقيل !! وهو اكثر بشاعة من الاول !! فشيء يحبه و يتحرق شوقا اليه ، بينما في الوقت نفسه يصنع العراقيل ليحول بينه و بينه !! يا ترى ماذا سيكون هذا الدافع طالما الشوق ملتهب الى هذه الحد ؟ يجب منطقيا ان يكون هذا الدافع اقوى من الشوق الذي ألهبه !!

و كيف يصبح دونجوانا وهو لم يحب الا واحدة ؟ هذا تشبيه ناقص و بعيد جداً . وما دامت هي المحبوبة الوحيدة ، فكيف عرف انه سيموت الحب رغم انه لم يمت لسنوات ؟ بل انه يتواصل معها ، فلمَ لمْ يمل منها كما يفكر الدونجوان ؟ على هذا الحال يستطيع ان يحب مجموعة و ليس واحدة ، فكلما التهب الشوق إلى واحدة يذهب إليها ريثما يزداد الشوق إلى الاخرى !!

وهل هذا التفسير منطقي ؟ انت كمن يقول : سوف اجوع نفسي حتى اشتهي الطعام ، و كلما ازداد التجويع زاد الولع للطعام واشتهاؤه حتى يصل غاية التلذذ ! ثم يموت في الصحراء مثلما مات مجنون ليلى في الصحراء من العشق !! هل نسيت ان الشوق مؤلم ؟ الم تشتق الى شيء و تنحرم منه ؟ هذا الشيء محرّق و مؤلم ، ولا يوجد شوق إلا على أمل الوصول ، وإلا لما كان شوقا يا استاذنا العزيز .

و أنت الآن تصف الوضع بأنه لا ينوي اصلا أن يصل اليها و يظل مشتاقا لها الى ان يموت دون ان يطفئ هذا الشوق ، كأنه محاولة انتحار بالحرمان ! هذا تخريج بعيد جدا وغير واقعي ولا منطقي وليس له مبرر يقبله العقل . و لماذا يفعل بنفسه كل هذه الافاعيل ؟ لماذا يحرق نفسه وهو حي ؟

احتراما للعقل : ما هو المبرر لكل هذا العذاب ؟ من يتعذب لا يتلذذ ، ألا يعلم هذا الاستاذ هذا الشيء ؟ و عذابه الذي تصف هو اشد من نعيمه فهو ينتهي به بالجنون والموت . 

 
ص72 :

ما هو العشق ؟ العشق هو حب الطرف الآخر . وحب الشيء يقتضي الإرتباط به . هذا الاعتساف يثير الاشمئزاز . كل هذا حتى تقول انهم ماديين ، وتنفي وجود هذه الفضيلة . كل هذا المجهود الشاق والغير موفق كان هدفه مع الاسف نفي وجود فضيلة .

ثم هل يوجد البحث عن العراقيل والحواجز لاشياء نحبها خلاف موضوع العشق حتى نقيس عليها بما أنك استاذ فلسفة ؟ ام ان هذا امر خاص جدا و خاص بالذات بجميل والعذريين امثاله ؟ اذا هي ليست ظاهرة انسانية ، بل نحن امام تفكير غريب ومناقض للتفكير البشري . الا يعلم الاستاذ ألم فراق من نحب حتى نذهب نحن فنضع عراقيلا ؟

حسنا : انت تحب صديقك او قريبك ، فهل تصنع عراقيل حتى يزداد هذا الحب ؟ و فعلا اذا طالت المدة يزداد شوقك لصديقك ، فلماذا اذا لا تصنع العراقيل حتى لا تراه و لا يراك فتستمتع بلذة الصداقة ؟

ثم كيف تقول هذا الكلام على السنتهم و هم لم يقولوه ؟ ما الذي يمنعه من ان يقول انه هو نفسه من صنع العراقيل ليزداد الشوق ؟ انت تقوّلهم ما لم يقولوه . أنت تقول بأنهم يضعون العراقيل ، بينما اشعارهم تقول العكس ، أنهم يتمنون زوالها . وأنت تقول بأنهم يتمنون بقائها ! مقوّلهم ما لم يقولوه بل عكس ما قالوه ، هذا لاثبات التبرير الالحادي المادي الذي لا يعترف بالفضيلة بل بالمصلحة ، و خصوصا فضيلة العفاف العذرية .

لماذا لم تتصور أن هناك حبا للانسان بذاته وليس لجسده ؟ و الا لأحب غيرها فالأجساد كثيرة ؟! هذه محاولة تشويه لفضيلة عربية مشهورة تجاوزت حدود العالم العربي ، إلى درجة ان قيس وليلى وقصتهما يرددها المغنون في الهند وبنجلاديش ، وتوضع الافلام لتلك القصة التي تجمع ما بين الحب والعفاف كفضيلتين تباري احداهما الاخرى بالجمال ، ولو كان الدافع لها هو الشهوة الجنسية لما حضيت بهذا الاحترام الذي تجاوز حاجز اللغة .

الشعر العذري من مفاخر العرب والمسلمين ، ولا ننس انهم مسلمين ، فلماذا يراد لنا ان نحرم من هذا الفخر و يشوّه بهذا الشكل ؟

العربي لا يشوه مفاخر امته و يلطخها بالعار من خلال تبريرات لا تقنع احدا حتى من يعجبه هذا التلطيخ . اصحاب الهوى الجسدي والحب الجنسي موجودون و في التراث العربي نفسه ، و تقبل بوجودهم ، فلماذا لا تقبل بوجود عشاق عفيفين ؟ اما أن تريد ان تجمع الجميع في نطاق الشر فقط ، فلا ارى مصلحة لاحد في هذا .

كل امة تفخر بوجود فضيلة بين ابنائها ، لمصلحة من هذا التشويه الذي لا تسنده النصوص الشعرية الموجودة ؟ وكأنك تقول : كل عاشق هو عاشق للجنس ، وهو دونجوان في نظرك ! واذا لم يكونوا عشاقا عفيفين ، فمن هم العشاق العفيفين اذا ؟ اعطنا مثالا ؟ العرب يفخرون بقصص العذريين الحقيقية ، والانجليز يفخرون بقصة حب روميو وجولييت و هي ليست حقيقية ، فلاحظ الفرق ! و وقفتك مع امتك هي لازالة هذا التميز الحقيقي الذي يثبته التاريخ والادب ، هذا العمل ضد العروبة والاسلام . ولا يستفيد منه الا اعداء الامة . 

 
ص73 :

انت تفترض أن الخيار والقرار بايديهما وليس لأحد أي دخل في حياتهما ! و كأنهما (بوي فريند وقيرل فريند) في اوروبا ! كان المفترض أن تدرِس طبيعة القبيلة و بنيتها ، قبل ان تدرس جميل وبثينة ، فما وقع به جميل وبثينة وقيس وليلى يحصل الآن في زمننا ، خصوصا في القرى والارياف والقبائل ، ويحصل نفس المنع ، وإكراه المعشوقة على الزواج ابعادا للشبهة والعار .

و شخصيا اعرف حالات حب وقعت و زوّجت البنت رغم انفها حتى لا يقول الناس انها تزوجت من شخص كانت على علاقة به ، فلماذا الذهاب بعيدا ؟ كان بإمكان الاستاذ ان يسأل ليجد امثلة مشابهة في الواقع . فالعرب هم العرب ، و عاداتهم مستمرة . وقضية العرض قضية هامة جدا في العقلية العربية حتى الآن . 

لا زلت تنظر إلى المشكلة على أنها شخصية ! تخيـّل (ولكن بغير الخيال الغربي الذي يخطف معشوقته على جواد ابيض) ، تخيل لو ان جميل أو قيس خطف حبيبته ، اين سيذهب ؟ ما هو العار الذي يلحق أهلها ؟ كيف ستطمئن بالعيش وأهلها و أمها و أخواتها في ألم و حرج من الآخرين ؟ لا تنس ان العاشق هو انسان رقيق يحس بغيره و ليس انانيا . ليست الحكاية حكاية انانية .

و موضوع التشبيب الذي اعطي اكبر من حجمه في هذه الدراسة ، فيا أخي : العاشق يخرج زفراته إما على شكل كتابة او شعر أو رسم ، و يكون هذا بينه و بين اصدقاؤه ومن حوله ، فيأتي من ينشر هذا الكلام لأنه كلام مبدع ، وهناك اناس كثر يحبون الشائعات ، وما اسرع ان تنتشر الشائعات في مثل تلك البيئات التي ليس لديها وسيلة اعلام سوى الكلام . وبما أن أمره قد افتضح فلن يبالي في التشبيب بمحبوبته ، على الاقل للتنفيس عما يحسه ، كما يقول مجنون ليلى :

ما أُشرِفُ الأَيفاعَ إِلّا صَبابَةً, وَلا أُنشِدُ الأَشعارَ إِلّا تَداوِيا

هناك تعليق واحد :

  1. هذا الكاتب رائع جداً
    و كتبة رائعة
    شكراً على هذة المعلومات

    ردحذف