الخميس، 29 ديسمبر 2016

خطأ الارتباط بالنتائج.

على المسلم ان لا يرتبط بالنتائج لأن النتائج بيد الله، وعليه القيام بالصواب، والصواب ان تقبل على المقبل وتدبر عن المدبر، وتستغني عن المستغني، حتى لو كان ذا مكانة و قيمة في المجتمع، وهذا الغلط وقع فيه الرسول في اسلوب دعوته لما عبس في وجه الاعمى، لأن الرسول بشر، وكان مجتهدا ان يهتدي احد من كبار قريش فيكون له تاثير اكبر من هداية رجل أعمى فقير، و في ذلك عز للإسلام، ولكن الحقيقة ان الله يعز من يشاء، وهذا ما حدث في الواقع فعلا، فالله أعز الاسلام وفُتحت مكة بدون ان يهتدي صناديد قريش وأغنيائها إلا ما قل. وهذا الاسلوب في قوله تعالى {عَبَسَ وَتَوَلَّى} من باب التلطف مع الرسول. وقد قال الرسول (أدبني ربي فأحسن تأديبي).

أما الإعتقاد بالعصمة فهو خطر على النصوص، لأنه بما أن الرسول معصوم فأي شيء سيقوله يكون صحيحا، وهذا يفيدنا بأن مرجع الإسلام هو القرآن، لأن الرسول اجتهد عدة مرات ونبهه القرآن وتراجع، و رجوع الرسول للقرآن يثبت أن القرآن هو أساس الدين، والله أمرنا بأن نسمع كلام الرسول الذي يتبع القرآن، اذن ليست الاحاديث بنفس درجة القرآن، لأن القرآن هو الأساس، وتعرض عليه الأحاديث وغيرها، فالفرع يُعرض على الأصل، مثلما كان الرسول يعرض تصرفاته وإجتهاداته على القرآن، ولا شك أن أي تنبيه قدمه القرآن للرسول أو انتقاد استجاب له الرسول وترك اجتهاده. أي أن الرسول كان يعرض تصرفاته واجتهاداته على القرآن، وما خالفه تركه. اذن القرآن هو المرجع الأول للمسلمين وللرسول.

والمعصومية منزلق خطير، فما بالك ان تكون لغير رسل الله؟ اذا كان لديك اصلان كلاهما معصوم وبينهما تناقض فهنا مشكلة، لأنه لا يقود السفينة قائدان، لا بد من قائد واحد، وقائد سفينة الإسلام هو القرآن، والبقية تتبعه من سنن وآثار وحكم وغيره، ولا يوجد أي بشر معصوم إلا الرسالة فقد حفظها الله سبحانه وتعالى ، قال : {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون} و لم يقل : إنا لك لحافظون من أي زلل. اذن المعصوم هو القرآن لأنه محفوظ. أما قوله تعالى (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فمعناها واضح، أي يعصمه من الناس وليس من الخطأ البشري الذي أكد القرآن على بشريته. وهنا ميزة للرسول أفضل من كونه معصوما من أي خطأ، وهذا ينطبق على كل الأنبياء، الله قال عن ابراهيم (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّاب) والأواب تعني التواب، والتواب تعني أنه يخطي ويرجع، أي ليس معصوما من الخطأ، وإلا لما انطبقت عليهم صفة البشر، (بَشَرًا رَّسُولا).

والقول بعصمة أي من البشر يوقعنا فيما وقعت فيه اليهود والنصارى من عبادة الأحبار والرهبان، وذلك من خلال طاعتهم فيما يقولون دون تمحيص، قال عدي لرسول الله : يا رسول الله ما عبدناهم، قال الرسول : يأمرونكم فتطيعونهم، أي بدون تبصر، بموجب الثقة والقدسية لهم. و كون الرسول غير معصوم من الخطأ لا يطعن في الرسالة، لأن القرآن معه والله يوجهه، لكن المعصومين المدّعين من غير الرسول من يوجههم إذا اخطأوا؟ قال تعالى (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيل لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِين). فالرسول كان على ضمانة الله ، والله يعاتبه ويقوّم اخطائه، واخطاؤه عليه الصلاة والسلام من الاجتهاد ذو النية الحسنة وليس من انحراف النية، ويؤيده قوله تعالى (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، أي تريد الناس المهمين، وقوله (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم) ، فلو اهتدى أحد هؤلاء المهمين سيهدي معه مجموعة من الناس، فمثل هذه الفكرة خاطئة، لأنها اجتهاد على قدَر، فالله هو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء وليس اجتهادنا، والسبب ان فيها تجاوز اخلاقي، لأن فيها غمط لحق هؤلاء المؤمنين، ولأن فيها شيء من التذلل للمعرضين، بناء على حجة مفترضة، قد تكون وقد لا تكون، وهذا ضد التوكل على الله، اذن الهداية من الله والنصر والعزة منه، وليست من اجتهادنا ولا ذكاءنا، بدليل نصر الله الإسلام بالضعفاء. اذن لا تخطط ، فقط اعمل الصواب واجتنب الخطأ و توكل على الله، وسوف يعينك الله ويوفقك.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق