الأربعاء، 24 أبريل 2013

مهرب "الإنسان كائن معقد" !!


كلمة "الانسان كائن معقد" هذه مهرب عند الماديين والملاحدة عند عدم القدرة على اثبات مادية الانسان الكاملة المُطالـَبـِين بها ، وهي كلمة غير علمية ، و يكررها الملاحدة دائما ، بمعنى : انتظروا العلم حتى يحل ذلك التعقيد ، بينما هم لا ينتظرون العلم ، و يقدمون الحكم قبل الاثبات .. والفتوى قبل الدليل .. لأنهم الاقوى اعلاميا و تدعمهم الراسمالية العالمية .. فنحن مطالبون بانتظار العلم ، أما هم فليسوا مطالبين بانتظاره .. و هذا هو الحوار اليميني : يلزم غيره بما لا يلزم به نفسه ..

هم يدعون ان الانسان مادة كله .. اذن عليهم اثبات ماديته علميا اولا ، وتقديم مشاعره على شكل اجرام ، ولو كانت صغيرة ليراها الناس ، لان المادي لا يؤمن الا بما له جرم و يشغل حيزا من الفراغ .. و ما سواه فغير موجود ، و كلمة "معقد" لا قيمة علمية لها كما ذكرت .. ثم ياتي الامر الاخر وهو ارجاع كل سلوكه إلى المادة ..

ومثلها ايضا كلمة : أن الحاجات كلها من اجل بقاء الفرد والجماعة .. هي كلمة فضفاضة اخرى و مضللة للعقل ، لأنه فعلا توجد حاجات للبقاء ، و لكن توجد حاجات اخرى مختلفة المنحى .. يجب ان يكون الطرح علمي و دقيق و مفصّل ، لأن هذه المعلومات تـُقدّم على انها بديهية . والمشكلة دائما هي في البديهيات والمسلمات .

انا طبعا لا أسلّم بهذه البديهيات كما يطرحونها .. لأن هذا التعريف غير شامل . يقولون : لا يفعل الانسان شيء الا لمصلحته ومصلحة الجماعة ، والجماعة بحد ذاتها وجدت لمصلحة الفرد كما يقولون ايضا .. اذن : الفرد لا يفعل شيئا الا لمصلحته ، هذه هي النتيجة ، و كلمة "مصلحة المجتمع" اصبحت لاغية و بلا قيمة ، ومع ذلك يضعونها !! هذا شرخ في البناء الفكري للنظرية المادية .. فلماذا تـُذكر الجماعة مع انها وسيلة من وسائل خدمة الفرد ؟ لماذا تذكر هي دون غيرها من الوسائل ؟

المشكلة هنا عقلية و منطقية .. كيف يضحي الفرد بنفسه لاجل الجماعة كما يقولون ، بينما قيمة الجماعة مبنية على خدمتها للفرد ، والخدمة مادية لان الصّرف هنا كله مادي !! هل اتضح التناقض ؟؟ 

هذه النظرية المادية لا تستطيع ان تشمل الواقع بكل صوره .. ثم ماذا تفعل مع شخص يضحي بمصالحه الخاصة والمجتمع ضده في نفس الوقت ؟ بل ان المجتمع يعاقبه ؟ : الم يقتل المجتمع فيلسوفا عظيما وانسانا نبيلا مثل سقراط ؟ مع انه كان يبحث عن الخير لهم ؟ و كان يستطيع ان ينجو بنفسه ؟ الم يقتلوا الانبياء ويحاولوا صلبهم ؟ اذن لماذا ضحى سقراط مع ان المجتمع لم يقدّر تضحيته ؟ .. طبعا هو لم يستفد من المجتمع إلا حفنة من السم ، والماديون يقولون أن الفرد يضحي لخدمة المجتمع لأن المجتمع يخدمه من باب تبادل المصالح المادية طبعا ولا شيء غيرها ! فالحياة سوق تتبادل فيه السلع من وجهة نظر الماديين ، فهل السم الذي قدموه له هو الخدمة المطلوبة ؟

كل المقدّمات والمسلمات التي يطرحها الماديون خاصة بهم ، و ليست علمية و لا واقعية حتى . انها تغطي جزء من الواقع و ليس كله . و في العادة تـُقدَّم المسلمات اذا كان الجميع يؤمن بها ، ولا قيمة لتقديمها اذا كان من يؤمن بها هو طرف واحد فقط . سيكون هذا عملا لا فائدة منه ، لان كل ما ستبنيه على مسلمات أنا اشك بها ، لا قيمة لها عندي .. لكن ما تبنيه على مسلمات نتفق عليها معا ، فسوف يعنيني و سأُجبر على التفكير فيه ..

حتى يكون الحوار مفيدا ، علينا ان نبحث عن المسلمات المشتركة وننطلق منها ان وجدت ..

هناك تعليق واحد :