الجمعة، 9 أغسطس 2013

نقد الديانة المسيحية: لا منطقية التثليث المسيحي- نقد ضم العهد القديم للحديث-نقد فكرة الفداء والخلاص- تعامل المسلم مع المسيحيين- مقارنة الإنجيل بالقرآن



الكتاب المقدس الذي يجمع التوراة والإنجيل مليء بالأخطاء القاتلة التي تصادم العلم والعقل والأخلاق مباشرة, كقضية عمر الإنسان في الأرض وأنه لا يتجاوز خمسة آلاف سنة تبعاً لحسبة الكتاب المقدس, بينما العلم يتكلم عن مئتي مليون سنة! و أقدم الآثار الكتابية والنقوش عمرها في حدود عشرة آلاف سنة! ومثلها فكرة تناقص عمر البشر، أو أن الأرض مسطحة، هذا غير الأخطاء التاريخية بل والأخلاقية، والأخطاء مع الله ومع رسله, فمجرد ضم العهد القديم اليهودي المشوّه إلى العهد الجديد على يد الماسونية في العصر الحديث لصالح أمن اليهود في أوروبا لوّث المسيحية وشوهها. اليهود لم يحرّفوا التوراة فقط بل شوهوها وأخرجوها عن نطاق الإنسانية, والمسيحية رغم أخطائها كانت أجمل لو بقيت لوحدها بدون عهد قديم مادي وبشع بينما المسيحية روحانية.

وكيف يُجمَع كتاب يتكلم عن إله واحد وكتاب يجمع بين ثلاثة في واحد؟ ليس بعد هذا الاختلاف الجذري اختلاف! وكتاب لا يعترف بالمسيح وكتاب يؤلّه المسيح! مثل الجمع بين الضحية والجلاد! الجمع بين العهد القديم والجديد هو جمع بين قتلة المسيح وأنصار المسيح! وبين أبناء الله المسيحيين -كما يصفون أنفسهم- وبين أبناء الأفاعي من اليهود كما وصفهم المسيح!

 هذا الجمع البروتستانتي الأصولي جاء لأجل إزالة العداء لليهود في أوروبا وتحويلهم إلى أصدقاء للمسيحية بل واعتبارهم أصلاً المسيحية, على اعتبار أن المسيح نشأ بين اليهود, لينتج عن ذلك المسيحيون الجدد الذين هدفهم أن يخدموا أبناء قتلة المسيح ويتعصبوا لهم بدافع ديني، وهذا من العجائب! وهم الذين يدعمون قيام إسرائيل ويدافعون عن أخطائها.

وكلا العهدين محرف ومَزيد فيه ومنتقص من كلام البشر, وتكفي عقيدة الفداء والخلاص لتدمير هدف الدين كله، آمِن بالمسيح وافعل ما تشاء! والمسيح يقتل نفسه ليس لأجل فضائلنا بل لأجل سيئاتنا ومنكراتنا, هذا مثل من يفدي فاسقاً ويأخذ وزره وكأنه يقول له: استمر في فسقك! بدل أن يعاقَبه على فجوره و فسقه! 

القرآن يقول {لا تزر وازرة وزر أخرى}, بينما تصور المسيحيون أن المسيح حمل أوزار البشر. المفترض أن يفدي الناس الصادقين والصالحين لا أن يأخذ سيئات الفسقة والظلمة ومنكراتهم بدلاً عنهم! وهكذا يحفز الفضيلة, لكن إذا رفعت عن صاحب الرذيلة رذيلته شجعته على الرذيلة! 

والدين أساسه أخلاق, والعدل من الأخلاق، كلٌّ ينال جزاءه, وليس من العدل أن يحمل البريء أوزار المسيء, بل ليس من العدل ألا يعاقَب المسيء, ولا قيمة لإكرام المحسن مهما بلغ إذا لم يجازى المفسد على ما فعل. ولا قيمة للجنة لولا وجود النار, مثلما لا قيمة للأمن لولا وجود الخوف.

ومادام المسيح حمل كل الأوزار وصُلِب ودقت المسامير بيده لأجل أخطائنا, ولاحظ أنه إله وهو تُدَق المسامير بيده! ألم يكن يستطيع أن يحمل الأوزار بدون جلد الذات هذا؟! ولماذا يضع ناراً في الآخرة إذا كان يريد التسامح مع الفجرة إلى هذا الحد؟! ولماذا يقلل من قيمته إلى هذا الحد ويجعل نفسه يُقتَل ويُصلَب ويُهان ويوضَع الشوك على رأسه وسط صيحات اليهود وتهكمهم؟ ومن كان يدير العالم أثناء قتله ما دام هو الإله؟!

وإن كان تحول إلى أقنوم آخر فهذا يعني أنه لم يًقتل ولم يحس بالألم لأنه في السماء! ولأن الذات لا تكون ذوات, وكلمة الله تشير إلى ذات واحدة، وإلا لماذا تعطى هذا الاسم؟ وإن كنا لا نعرف كنهه ولا أسراره وغيوبه لكن يجب أن يحدد كوجهة وهدف واحد ، فهذا مثل أن تقول:1+1+1 يمكن أن = 1, نقول لا يمكن، لأن المقدمة انبنت على معلومة محددة, إذن النتيجة يجب أن تكون معلومة ومحددة لأن معطياتها محددة.

 كلمة "واحد" محددة, إذا جمعناها مع واحد آخر صارت النتيجة إثنان, فالنتائج مرتبطة بالمقدمات. 

وقولهم أن هذا من علم الله وقدرته لا يبرر هذه الإشكالية الرياضية, لأن مقدماتها معلومة: الله – الابن- الروح القدس, يعني ثلاث ذوات مستقلة, ولو لم تكن مستقلة لماذا تعطى أسماء مستقلة؟ إذن نتيجتها رقم ثلاثة وليس رقم واحد. 

التسمية تمييز، وكون الثلاثة ينادون بعضهم بـ: أنت وهو وأنا -كما يثبت الكتاب المقدس- هذا دليل على تمييز الذوات الثلاث. إذن في المسيحية التي حرّفها بولس اليهودي ثلاثة آلهة وليس إلهاً واحداً, وإن كانوا يقولون أننا لا نعبد إلا إلهاً واحداً لكنه في ثلاثة! منطقياً لا يمكن أن تكون هذه النتيجة التي أساسها منطقي, إذا بدأت بالمنطق أكمل بالمنطق, وإلا لا تبدأ بالمنطق أصلاً.


هل يمكن أن تقول : "كتاب" و "مسطرة" و "قلم"  شيء واحد لكنهم يختلفون؟ وبنفس الوقت هم شيء واحد؟! هذا مستحيل وخارج عن العقل بعد أن بدأ به عندما حدد الأشياء الثلاثة، فكيف يطالبنا الله بشيء خارج عن العقل؟ ويجعله أساس معرفته؟ وهو بهذا لا يعرف, وكيف نعبد من لم نعرفه ولم نحدده ونميزه عن غيره؟ 

إنهم يقدمون مقدمة عقلانية تُفهم بالعقل ونتيجة غير عقلانية يُطلب الإيمان بها! وهذا أبسط تعريف للخروج عن العقل, وكيف تؤمن بما يخالف العقل؟ إذن عليك أن تشك في العقل كله! وتؤمن بعكسه! لأن العقل شيء واحد إما أن تأخذه كله أو تتركه كله. هل يصح في الرياضيات أن تصدق كل نواتج الضرب إلا خمسة × ستة مثلا؟! وتقدم لها نتيجة خاطئة وتقول آمن بها؟! استعمل مع هذه إيمانك والبقية استعمل معها عقلك! لماذا نثق في العقل في بقية النتائج مادمنا لم نثق به في نتيجة خمسة ×ستة أو 1+1+1=3؟ نحن لا نجد مثل هذا التعطيل للعقل في القرآن, المسيحية ليست ضد دوران الأرض فقط بل ضد أبسط عمليات الجمع والرياضيات!


عدم معرفة ما هو العرش وما هو الكرسي وكيف يرى الله وكيف يسمع كل الناس في وقت واحد.. لا نحتاج إليها في حياتنا مثل مسألة تحديد من نعبد, فسؤال من هو الله أهم من سؤال ما هو الله, وأبسط الواجبات على الإله أن يحدد نفسه لا أن يكشف عن نفسه وبينهما فرق..

 إذا قلنا أن القطب في الشمال هذا لا يعني أنني أريتك القارة القطبية بتفصيلها لكنني حددت لك وجهتها, لكن إذا قلت لك أن القطب الشمالي مرة على خط الاستواء ومرة في أقصى الشمال ومرة في أقصى الجنوب, فإن ذهبت إلى خط الاستواء ستجده وهو نفسه في نفس الوقت موجود في الشمال, هل تفهم شيئاً هكذا؟! هنا أكون قد أضللت طريقك إلى القطب الشمالي ولن تصل إليه، فأعطيتك ثلاث اتجاهات متناقضة لشيء واحد وبلا مبرر, حينها لا يحق لك أن تطالبني لماذا لم تسافر! لأني لم أفهم ما تقول ولم أحدد الوجهة! 

ومنطقيا إذا كان الله ثلاثة في واحد يجب أن يكون الإنسان ثلاثة في واحد! ليتم التناسب مع هذا الإله. كيف يكون الإنسان واحد ومحدد بينما الخالق ثلاثة وغير محدد؟! كيف للواحد أن يفهم الثلاثة في واحد؟ وهو تعود أن يعرف أن الواحد واحد والثلاثة ثلاثة! هذا طلب عسير.

مشكلة ثلاثة في واحد أنها تضرب على أهم شيء وهو تحديد الإله المعبود؛ فأنتجت عدم تحديد, فمرة ثلاثة ومرة واحد! ومرة بشر ومرة إله! كيف يكون هذا؟ أهم شيء في العبادة أن يتحدد المعبود, هذه أولى الخطوات, ولا يمكن أن تكون عبادة بلا معبود, مثل الرامي الذي يرى الهدف مرة يراه هدفاً واحداً ومرة يراه ثلاثة أهداف! سيكون مصاباً بأشد حالات الحول وبالتالي لن يصيب الهدف! كيف يصيب الثلاثة بطلقة واحدة؟ والعبادة شيء واحد.

لاحظ دقة القرآن:{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ} يقصد كفار اليهود, تذكر الرامي كيف كان يريد أن يصيب ثلاثة في رمية واحدة وكيف ضل الهدف! والضلال في القرآن هو أن تعمل وتتجه ولكن إلى وجهة خاطئة.

المسيحيون لا يعرفون ربهم في الحقيقة! فمرة عيسى ومرة الذي في السماء ومرة روح القدس, هذا ينتج تشتتاً، كأنك تتعامل مع شركة يتغير مديرها في كل لحظة ثم يعود مرة أخرى! وكلهم يقولون نحن المدير وكل واحد يخاطب بالآخر بأنت أو هو, وجميعهم مدير واحد! ستقول أنك لا تعرف المدير! ستجد صعوبة في التعامل والفهم أيضاً..

 وتصور ديانة أساسها غير منطقي! فما بالك بالباقي؟ ماذا سيكون إذا كان الأساس غير مفهوم ومعبودها غير محدد؟ إذن المسيحي لا يعرف الله لأنه لم يحدده, ويقول أنه واحد ويخاطب ثلاثة! وتصحيح هذا الخطأ ليس بالأمر المستحيل لمن شاء أن يستقيم, وسيكون حق الله محفوظ وحق عيسى محفوظ أيضاً, وحق جبريل, وحق المنطق محفوظ.

الديانات متعددة الآلهة أكثر منطقية من المسيحية؛ لأنه يمكن فيها أن تدعو كبير الآلهة مباشرة.  

التحجج بالقدرة الإلهية لا يحل المشكلة ولا يعفي من النقد, لأنه مادام الله قادر لماذا لم يُفهِم عباده المسيحيين؟ بدلاً من أن يتركهم في هذا التشتت في تحديد هويته؟ ثم إن الله ليس مضطراً لكي يتنقل من أقنوم إلى أقنوم لأنه على كل شيء قدير, ومادام يعتبر هذا التنقل لازم لله حتى يكون موجوداً؛ إذن هو مضطر إليه, والاضطرار يتنافى مع القدرة المطلقة. والحاجة إلى التنقل تعني ضعفاً وليس قوة, مثل الحاجة إلى الولد, الولد يشير إلى الفناء تبعاً لحاجة البقاء, والله باق لا يزول، فلماذا يلد مادام أنه لا يزول؟ هذا لا يليق بالله أن ينسب له ولد.

 ثم هذا الولد من هي أمه؟ إذا قلت ولد فالمقدمة منطقية, فيجب أن يكون له أم ويكون الدافع له بقاء النوع, فالولد يخلف أباه والولد أقل علماً وقدرة من والده بينما يسوع هو الله وهو الابن في نفس الوقت! ستقول أن يسوع هو كلمة الله, كيف تكون الكلمة ابناً؟  مامعنى كلمة؟ إنها أمر بخلق "كن فيكون" ألقى هذه الكلمة على مريم فحملت بعيسى إذن هو ابن مريم وليس ابن الله, لأن كلمة الله لو كان البحر مداداً لها لنفد قبل أن تنفد كلمات الله, أكل هذه الكلمات أبناء؟! 

وما دامت المقدمة منطقية: ابن الله وأمه مريم, إذن المنطق سيكمل الناقص بأن مريم هي زوجة الله، لكن هنا يجب أن نوقف المنطق! انظر إلى سفر التكوين:
 (تم الخلق بكلمات من الله: كوني بحارا فكانت كوني سماء فكانت) هذه كلمات, فهل تسمونها أبناء؟! ثم كيف يستريح الله في اليوم السابع وهو أنجز الخلق بكلمات؟ هذا يكشف أن المسألة قامت على تفكير بشري, بدافع التعظيم الذي أضر بأساس الدين. وكل غلو في بشر سيكون على حساب الألوهية.


لا ينبغي الزيادة في دين الله حتى ولو بدافع المحبة؛ لأن واضع الدين إله والزائد فيه بشر. ستكون النتيجة خليطاً غير منسجم من عمل الله وعمل البشر, ومثل هذا الخليط يفسد بعضه بعضاً. إذن نسبة الابن إلى الله لا يمكن أن تعد تشريفاً لله, قال تعالى: {لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد}. ولماذا الولادة عند البشر إلا لأنهم سوف يموتون؟! والموت صفة نقص لا تليق بالله.

وإذا صدقنا أن يسوع إله؛ إذن من الخطأ أن نقول أنه ابن بل حينها نقول أنه الإله!

ثم لما كان عيسى بين الناس هل كان الله في السماء؟ ستقول نعم, إذن ليس هناك أقانيم يتنقل بينها؛ لأنه الله موجود على هيئة يسوع هيئة روح القدس وفي السماء! وعندما كان عيسى وهو على الصليب ينادي: إيل لم قتلتني! هل كان ينادي نفسه ويستنجد بنفسه؟!

الإنسان يستطيع أن يحاج هذا الإله لأنه لم يقدم له كلاماً مبيناً, فالكلام غير الواضح لا حجة فيه, مثل أن يأمرك أحد بأمر غير منطقي ثم يأتي ليحاسبك عليه! ستقول أنا لم أفهم فلماذا تعذبني وأنا لم أفهم؟! قدمت لي ما لا يُفهَم ثم تأتي تحاسبني؟! وترميني في جهنم لأنني لم أؤمن بيسوع كمخلص وإله وابن في آن واحد؟! أدنى شروط إقامة الحجة أن يكون الطرف الآخر فاهماً, وهذه الإشكالية بشهادة المسيحيين أنفسهم أنها لا تُفهَم , إذن لا حجية لمن قَدم ما لا يُفهَم. وبالتالي لا ذنب على من لم يصدق فكرة الثلاثة, أنا أعطيه حجته ليقولها أمام الله. 

الله عادل وأرسل رسله لقوم يعقلون وطالبنا أن نؤمن به بناءً على عقولنا وما تراه من آيات, فكيف يقدم نفسه بطريقة لا يمكن تحديده فيها؟ إذا كان إلهك يسوع والله وروح القدس, عندما تدعو ستقول يارب! أي تدعو واحداً! ينبغي أن تحدد من هو هذا الواحد, فكلمة واحد تعني واحد لا تعني ثلاثة! وصف القرآن لعيسى كلام مفهوم ووصف المسيحية لعيسى كلام غير مفهوم.

لو كان الكون فوضى لما وُجِد العقل, ولو لم يوجد العقل لم تتعين الإدانة لأحد، والعقل يحدد ويميز, فإذا كان الله غير مميَّز ولا محدد هذا يعني أن العقل توقف, ولا حجة إذا توقف العقل على أحد, فما لا نعلمه لا نطالَب به. فالعقل لا يفهم الثلاثة في واحد ولا يجد أي فائدة أو حكمة لهذا, بينما لو قلنا أن الله واحد وأرسل عيسى ورفضه اليهود وتآمروا عليه فلن يتغير شيء في عبادة الله, لأن المقصود بالعبادة هو الله, وإذا قلنا أنه ثالث ثلاثة لم يزد في أمر العبادة شيء, لكن الأولى مفهومة والثانية غير مفهومة. الأولى تجمع المجد لله والثانية تفرّقه. الأولى تتناسب مع خالق الكون وعلة الوجود والثانية تشير إلى الضعف والحاجة التي لا تليق بالله. 

كل الأنبياء السابقين يقولون اعبدوا الله ما لكم من إله غيره, شيء واحد الله الصمد كل شيء يرجع إليه, هذا كلام جميل ومفهوم, حتى العهد القديم يشير إلى واحد غير موزَّع, وكذلك الإسلام والديانات السابقة, بل حتى الوثنية ترجع في الأخير إلى كبير آلهة واحد, إلا المسيحية! هي التي تعاني من إشكالية تحديد المعبود, وأهم شيء في العمل تحديد الهدف! سيكون مجهودك ضائعاً إذا كان الهدف غير محدد, لا تستطيع أن تسافر إلى ثلاث مدن في نفس الوقت! لكن أن تسافر إلى مدينة واحدة أمر مفهوم! إذن تعبد إلهاً واحداً أمر مفهوم, تعبد ثلاثة في واحد أمر غير مفهوم. وعبادة ثلاثة في واحد تحتاج إلى عابد هو نفسه ثلاثة في واحد حتى يكون هناك تطابق!



عندما تعظّم شخصاً من الناس هل الأفضل أن توزع صلاحياته على ثلاثة أو تجمعها فيه؟ والله أحق بالتعظيم أن يفرد ولا يوزَّع على أحد لا في وجوده ولا في قدرته.

الله قال في القرآن: { لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّـهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ} هذا كلام عن المنطق, فلاحظ أن الآية قالت {ما من إله إلا إله واحد} وليس (ما من إله إلا الله), أي على العموم لا يمكن منطقياً أن يكون الإله إلا واحداً. لأن الكون لا يمكن أن يخلقه إلا إله واحد وليس ثلاثة أو عشرة.

 وهذا ما أثبته الفلاسفة في قضية العلة الواحدة الأولى وأنها يجب أن تكون واحدة وهي التي بدأت منها كل البدايات, فإذا قلت مثلاً أنهم عشرة آلهة لا بد أن تكون هنالك تصفيات أيهم أوجد الآخر حتى تصل للموجِد الأول. حتى بالسليقة وأنت تدعو لا بد أن تتوجه إلى شيء واحد, فكل الديانات من الله وأساسها التوحيد، لكن بسبب الغلو والتعظيم يُشرَك مع الله إلهاً غيره إما رسمياً أو ضمنياً.

هم أرادوا أن يعظموا شأن المسيح فقللوا شأن الله. وكونه نبي من الله أكبر شرف لإنسان! لكنه لم يكفهم!

قال تعالى: { لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّـهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.
الآية قالت في البداية أنه قد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة, ثم قالت ليمسن الذين كفروا منهم, أي ليس كلهم, وهذا يدلك أن المقصود بالكفر هم من بدأ بهذه الفكرة, ومن يصر بعد التبليغ والتوضيح في الرسالة المجدِّدة وهي القرآن. وكلمة كفروا تعني جحدوا حق الله وإفراده في وجوده وسلطته وعبادته, حيث أشركوا معه غيره في هذه الأمور, جحود وحدانية لا جحود وجود كما يفعل الملحد. 

والآية لا تشمل الجاهلين من عامة المسيحيين, بدليل قوله تعالى: {ليمسن الذين كفروا منهم} ولا كفر إلا بعد علم وتأمل. وهذا لا يعني أن القرآن يلزم المسلمين بعداوة النصارى وقتالهم, لأن عقاب الكفر بيد الله ولم يوكله للمسلمين, قال تعالى: {لكم دينكم ولي دين} بل أوكل إليهم الدعوة والجزاء على الله, وقال:{لا إكراه في الدين} بل إن القرآن أثنى على المسيحيين بشكل عام مقارنة مع اليهود وقال أنهم الأقرب للذين آمنوا, وقال {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم} طبعا الكلام موجه لغير المسلمين بمن فيهم المسيحيين. 

إذن لا يحل للمسلم دماء ولا أموال النصارى أو غيرهم, إلا بحق ودفاعاً عن النفس, بل نحن مأمورون بالبر والقسط مع غير المسلمين, بل تُدفَع الزكاة لمثل هؤلاء من أموال المسلمين ولا يجوز احتقارهم أو السخرية بهم وإهانتهم فضلاً عن أذاهم؛ لأن مثل هذه التصرفات تصدهم عن ذكر الله ولا تتناسب مع أخلاق الإسلام العظيمة. وللمسيحيين مكانة خاصة في الإسلام أكثر من غيرهم. مثل تلك السلوكيات لا تنفع الدين بشيء وليس دافعها هو الدين في الحقيقة, ففتش عن التعصب الذي يلبس الحق بالباطل ويسيء للإٍسلام من حيث أراد أن ينفعه, لأن إيذاء الناس يصدهم عن ذكر الله, {وما عليك ألا يزكى} و{لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} حتى لو عاش بينكم {لكم دينكم ولي دين} {فذكر إنما أنت مذكر} هذا شعار الإسلام, وليس بعد المؤاكلة والزواج شيء, فكيف يأمر الإسلام بقتل من يجيز طعامهم والتزاوج معهم -مالم يعتدوا-؟ هذا افتراء على الإسلام. 


القدرة الإلهية أعطتنا العقل وطالبتنا أن نعتمد عليه حتى في معرفة الله, إذن كيف يحيلنا الله على العقل ثم يكسره أمام عيوننا؟ ويطالبنا أن نصدق ما لا يمكن أن يكون عقلاً؟ وبنفس الوقت يطالبنا بأن نسمع صوت العقل الذي يدل على وجوده! هذا تناقض لا يمكن أن يفعله إله, إذن هو من أفكار البشر الداخلة في المسيحية بدافع الغلو والتعظيم وبدافع تخريب المسيحية من قبل اليهود الحاقدين على المسيح وأتباعه, والذين يكرهون الوثنية ليحولوا المسيحية إلى وثنية كي يلعنوها. لأن التوراة تشدد على التوحيد وتلعن الوثنيين التعدديين.


لو قالوا أن هناك عدة آلهة لكان مفهوماً أكثر ولو قالوا أنه إله واحد يتنقل بين أقانيم لكان مفهوماً, لكن أن تقول أنه إله واحد ولكنه ثلاثة وبنفس الوقت! هذا كأنك تقول أن 1=3! فهذا يخالف أبسط قواعد الرياضيات, فالتثليث خطأ رياضي!  

وإن قالوا أن التثليث فوق إدراكنا فلماذا يقال لنا وباستخدام اللغة والمنطق؟ فهو أرسل لنا كلاماً لا يُفهم وطالبنا بتصديقه! لماذا لم يسكت عنه مادام لا يُفهَم مثل بقية أسراره الإلهية؟! وكأنه يطالبنا باللامنطق وهو من خلق المنطق. نحن لم نقل أننا نريد أن نفهم جوهر الله لكن لنا أن نفهم وجوده ووحدانيته أو تعدده.

كل حكاية المسيحية غير المنطقية أنهم غلوا في عيسى وأخرجوه عن النبوة إلى الألوهية, وبما أنه مرسل من الله إذن هو ابن الله على طريقة تفكير البشر, ولم يريدوا أن يقولوا أنه أقل مستوى من الله، فقالوا هو الله بإقنوم آخر حتى لا يقال عيسى أقل من الله, فوقعوا بهذه الإشكالية المنطقية، فقالوا عالم الألوهية فوق مستوى عقولنا. فالدين يُخرَّب من خلال التعظيم؛ لأنه لا يمكن أن يُقبَل ممن يستخدم تقليل الشأن والتهوين.


لماذا يوجد محرمات في المسيحية كالإجهاض والشذوذ والزنا؟ أليست سيئات؟ ألن يحملها المسيح؟ الذي كان عبد لله ورسوله كغيره من الأنبياء!

وكيف يكون المسيح هو الله وبنفس الوقت قتل نفسه؟! ويقول أنه مات لأجل البشر بينما هو لم يمت بل تحول إلى أقنوم آخر! الموت فناء وليس تحولاً إلى أقنوم آخر! لماذا لم يقل أنا انتقلت إلى أقنوم آخر ولم أمت! هل هو يخدعنا ويقول أنا مت لأجلكم وهو لم يمت؟! ثم إن الرب رفعه وهو الرب نفسه! ويقولون أن الإله فدى بابنه بينما ابنه هو نفسه! وكيف تلد مريم الرب والرب موجود؟!

المنطقي أن اليهود تآمروا على قتله لا أنه قرر أن يفدي بنفسه ذنوب البشر, لأن اليهود تآمروا على أنبياء قبله وقتلوهم, فقبله يحيى ابن خالته قتلوه! فهل يحيى كان يفدي ذنوب البشر أيضا؟! ولماذا قتل عيسى أمر مهم وقتل يحيى ونشره من نصف الشجرة التي دخل فيها غير مهم؟! مع أن عيسى حسب القرآن لم يُقتل بل رُفِع، وشُبّه لهم يهوذا الإسخريوطي على أنه عيسى فقتلوه لأنه هو من وشى به وأخبر بمكانه, أما يحيى (يوحنا المعمدان) فقد قُتِل حقيقة لأنه دعا إلى عبادة الله وحده بدون متاجرة ولم يقتلوه إلا لأنه كان يتكلم مثل كلام عيسى ويفضح تجارتهم بالدين.

 فكلاهما (عيسى ويحيى عليهما السلام) كانا يدعوان إلى الله ونحن نراهم في مستوى واحد مثل بقية الأنبياء في مستوى واحد, وليس أن يحيى لا يساوي ماء غسول قدمي عيسى! لأن موقفه مثل موقف عيسى وقتل لأجله ومصيره مثل مصير عيسى، إلا أن عيسى رُفِع وهو قُتِل شاهداً على ظلم علماء أحبار اليهود في ذلك الزمان.


وعيسى عليه السلام كان يفضح ألاعيب علماء اليهود واستغلالهم للدين, وتحويلهم الدين إلى قواعد جامدة وخالية من الأخلاق والروحانية حتى يستغلوا الناس, وهذا الفضح للصدوقين والفريسيين كثير في الإنجيل.

ثم إن عملية البحث عن المسيح والإمساك به بالقوة من قبل اليهود وهيروديس والرومان تدل على أنه لم يكن راضٍ أن يُقتَل! أي لا يريد أن يفدي الناس بنفسه فقد كان هارباً! ولهذا يلعنون يهوذا الإسخريوطي لأنه أخبرهم بمكان المسيح! هذا يدل أن المسيح لم يكن يريد أن يقتل بل تعرض لعميلة اختطاف واغتيال بقوة السلطة الرومانية ووشاية اليهود!!

 ونعلم أن الرومان حاكموا المسيح ولم يجدوا فيه ما يوجب القتل, لكن أحبار اليهود وحاخاماتهم أصروا وقالوا نحن نعلم من سيئاته وإفساده في الدين ما لا تعلمون, والدين ديننا نحن اليهود ونحن أدرى منكم أيها الرومان, ولن يرتاح شعب اليهود حتى يقتل هذا الكذاب, فطاوعتهم روما من باب تهدئة الأمور وعدم الثورة. هذا التاريخ لا يتطابق مع من قرر أن يفدي بنفسه, لأن من قرر أن يفدي بنفسه يذهب إليهم ويقول اقتلوني لكي أفديكم! لا أن يختبئ عنهم ويمسكوا به بالقوة العسكرية!

هذا التناقض غير المنطقي يثبت أن عقيدة التثليث مدخلة من الهندوسية, لكن نفهم الأمر ببساطة يكون عيسى رسول يوحى إليه من ربه مثل إبراهيم ونوح وغيرهم. وبدلاً من هذا اللفة الطويلة كان يستطيع أن يقول أنا غفرت لعبادي بدون صلب وبدون قتل مثلما يقول الله في قرآنه.

بل لماذا فكرة الفداء والتضحية؟ فالتضحية تعني أن الله لم يسمح ولم يتنازل عن العقوبة إما عليكم أو على من يفديكم! تماما مثل فكرة استدعاء الكفيل بدلاً من المطلوب! وهذا لا يتناسب مع العفو الإلهي, فمن يعفو يعفو بلا شرط ولا ضحية بديلة, فكأن المسألة صفقة يقدَّم فيها لله بديلاً كي يعذبه بدلاً ممن كانوا يستحقون العذاب, وهو ابنه والذي هو نفسه هو، أي الله يعذب نفسه بدلاً من أن يعذب المسيئين! ولنكن واضحين: الله صلب نفسه! وليس ابنه لأن ابنه هو! وبنفس الوقت عنده جنة ونار! هل سيكون فداء آخر للذين سيدخلون جهنم؟! وهل سيكون ابنه الذي هو نفسه؟! ويكون الله يعذب نفسه؟! والنتيجة: الله سيدخل جهنم التي خلقها بدلاً من العصاة! لأنه لم يخلقها لتكون فارغة. البشر يذنبون والله يعذب نفسه أو ابنه -الذي هو نفسه- بدلاً عنهم وهو الذي خلقهم! ما هذا المنطق؟ هل هذا تكريم لله أو تكريم للبشر على حساب الله؟


وكيف تكون المسيحية ديانة تسامح وهي مبنية على عدم التسامح وتنفيذ العقوبة بالفادي؟! العفو بلا شرط أجمل, الله يقول في القرآن: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً} أي بدون ضحية ولا فداء تحمل أوزار.

أين الجمال في هذه اللعبة الملتوية؟! بينما الجمال نجده في القرآن.. جمال الوضوح والمنطق, الله اختار محمداً ليبلغ رسالته وهو بشر إلا فيما يتعلق بالرسالة فهو حينها يقول كلام الله, وهكذا يكون الله واحداً وغير ممثل. ثم ما فائدة لعبة الأٌقانيم و الأدوار؟ ماذا تخدم؟ لو قال أنا رب وهذا رسولي وهذه طلباتي وهذه جنتي وهذه ناري, هكذا تم التبليغ.

ولماذا يخلِّص المخلِّص؟! إنه يرتكب خطأ حينما يخلص المذنب من ذنوبه! تصور شخصاً يذهب إلى المحكمة ويقول: أنزلوا بي كل العقوبات على المجرمين الذين يدخلون المحكمة، فقط عليهم شكري والاعتراف بي كمخلص لهم!
 طبعا بسرعة سيعترفون به كمخلص! هل هذا سيزيد من الرذيلة في ذلك البلد أو سيقلل؟! 

وإذا كان المخلص سيخلص الظالم من ظلمه فمن يخلص المظلوم من ظلامته وينتصف له من الظالم مادام أن المسيح غفر للظالم مقابل الاعتراف به! فالمسلم يقول : يا ظالم لك الله! بينما المسيحي يقول : يا ظالم لن يقف في وجهك أحد لأن المسيح غفر لك مقابل اعترافك بغفرانه!

وهل جميل أن يخرج الظالم من ظلمه وكأنه لم يفعل شيئاً؟! بينما يأخذ عقابه المسيح الذي لم يفعل ولا سوءاً؟! هذه الصورة عندما نعممها هل هي جميلة؟ أن يأتي الطيب المظلوم ويتحمل تبعات أفعال المسيئ؟! هذه من أبشع صور الظلم! فهنا تكون العدالة قد ذُبِحت والعدالة من الأخلاق أي ذُبِحت الأخلاق.

إننا نجد المسيحيين لا يطبقون هذه الفكرة في حياتهم، فهم يبحثون عن الجاني لينال عقابه وعن المحسن لينال جزاءه، وهنا يكتمل جمال الصورة ويُقمَع الباطل ويبقى الخير. لماذا لا يقتدون بالمسيح؟! هذا يدل على أنها فكرة طوباوية لا تستطيع أن تلامس الواقع, وهكذا كلما أُدخل في دين الله شيء من أفكار البشر وعواطفهم دمرته.

 و "الرسول" بولس أراد أن يدمر المسيحية وعرف. افرض أن محكمة تفعل هذا الشيء عندما تطلق المجرم وتلقي بأوزاره على بريء حتى لو كان هو من طلب, لا يجب أن يُطاع في هذا الطلب الجائر لأنه لا ينفع المجموع, بل ينفعهم أن يعاقَب الجاني لترتدع الرذيلة, هل ينفع أن يعاقَب بري ويُترَك القاتل الحقيقي؟ حتى لو كان ذلك الشخص افتدى القاتل الحقيقي, هل هذا يصلح أوضاع المجتمع؟ هل يوقف القتل؟ طبعاً لا؛ لأنه زاد في الأمر مظلوماً جديداً وظالمين جدد وسلم الظالم ليستأنف ظلمه من جديد، وبالتالي لم يتخلص المجتمع من الظلم بل ازداد, لأن الظالم لن يقدّر فداء الطيب وإلا لما كان ظالماً أصلاً بل سيعتبره سذاجة من ذلك الطيب. إذن الفكرة خاطئة وعلى العاقل اتباع الحق متى تبين حتى لو خالف عاداته الموروثة, وهنا الشجاعة والحرية.

هذا غير إدخال البشرية بنسبة الابن إلى الله أسوة بالبشر, فالله هو من خلق الذكر والأنثى أًصلاً، والله ليس ذكراً ولا أنثى! وهذا تقليد للوثنية.

لا يستطيع العهد القديم ولا الجديد أن يقف في إزاء القرآن في كل المجالات وليس في العلم فقط, لا في المنطقي ولا الأخلاقي ولا النفسي..إلخ, بل لا يوجد كتاب يتكلم عن الإنسان يستطيع أن يقف ويصمد بإزاء القرآن؛ لأنه ببساطة ليس من كلام البشر.

هناك تعليقان (2) :