هناك أناس علي الحق وهناك اناس يريدون الحق وبينهما
فرق, الله سبحانه قال : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا
قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّـهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ
الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}، فكون الحق معك لا يعني بالشرط أنك مع الحق، و كون
لك حق لا يعني بالشرط أنك أنت للحق. لهذا لا يصح القول ان الله سيستجيب لكل مظلوم
بالشرط، فقد يكون المظلوم ظالما في قضية أخرى، وقد يكون المظلوم لا ينصر الله
وبالتالي الله لا يستجيب لدعائه فينصره، قال تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم
سبلنا}، ولم يقل جاهَدوا في سبيل انفسهم.
كونك على حق في قضية معينة و قضيتك عادلة و أنت
مظلوم فيها ليس شرطا يعني أن الله سيستجيب لدعائك، قال تعالى: {ولينصرن الله من
ينصره}، والله يتولى من تولاه {ألا إن اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}
وجعل نفسه عبدا بمعنى الكلمة في محياه ومماته وعبادته : {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي
ومماتي لله رب العالمين}. فهل أنت بحثت عن الحق كل الحق في كل القضايا ونصرت الله
فيها؟ ام انك تدافع عن هذا الحق لأنه معك؟ وتطلب الله أن يكون معك لأنك على حق
ولست مع الحق؟ وهذا لا يعني بالشرط انك مع الله و تريده ان يكون معك! الله هو
الحق، اي تعبده بكل الحق وليس بحق معين له علاقة بمصالحك، الله لا يُخدع بل يَخدع
من يخادعه. وهذا ما يفسر شكوى الكثيرين منا من انهم يدعون ولا يستجاب لهم.
وهذا يخالف تخصيص وقت مفضل لاستجابة الدعوة أو مكان أو دعوة الوالدين أو المسافر أو
المظلوم..إلخ، لان الله ربط الاستجابة بنصرة الله وبالتقوى {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ
اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، ولم يقل من المسافرين او المظلومين, والله ينصر من
تولاه في أي وقت و أي مكان حتى لو لم يدعو في ذلك الشأن، لان الانسان لا يعرف كل
ما يفيده حتى يدعو به كله، وربما دعا بشيء يضره، فالدعاء عبادة، بل هو مخ العبادة
لكن له أصوله وآدابه مثله مثل اي شيء.
تلاحظ في القران كل من ذكر الله أنه استجاب لدعواتهم
عن رضا منه وبركة هم أناس صالحين ومسلّمين حياتهم لله بالكامل. مثل دعوة نوح وابراهيم
وزكريا ويعقوب ومحمد ويونس وأيوب.
و قوله تعالى:{ادعوني استجب لكم} هذا اطلاق يقيده آيات
أخرى مثل : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، وآية: {ولينصرن الله
من ينصره}، وآية {أليس الله بكاف عبده}. هذا الأساس، وربما يدخل فيه المضطر، {أمن
يجيب المضطر إذا دعاه}، كما استجاب ليونس وقد خرج مغاضبا، لكنه تاب وكان من
المسبحين.
وربما تكون الاستجابة استدراج مثل آية: {فَإِذَا
رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا
نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}، فالله استجاب لدعائهم لكنه
استدراج لتثبت التهمة عليهم، {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} ،
مثلما استجاب للكفار بطلب المعجزات، وكقار يني اسرائيل استجاب الله لهم في مواضع
كثيرة لكنه كان استدراجا لهم. فليست كل اجابة علامة رضا، فقد تكون اختبار مثلها مثل
النعم، {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ}، فالإجابة نعمة انشكر ام نكفر.
يا الله يا كريم
ردحذف