الأربعاء، 10 يونيو 2015

الأخلاق عند التطوريين و كانت ، وعن نسبية الأخلاق

رد على تعليق في سجل الزوار


مارأيك بتطور الأخلاق علميا؟
http://en.wikipedia.org/wiki/Evolution_of_morality
لديهم نظرية سوسيوحيوية قوية علميا
ومارأيك بأخلاقيات كانط (الاخلاق الواجبة)
وهل نسبية الأخلاق تلغي الأخلاق فعلا؟



إن كنت تريد رأيي لا تصدق هذه الأبحاث ، وإن شرّقَت وغرّبَت، وكبّرَت وصغّرَت، فهي إما جاهلة أو مُغرضة ، وهو الأقرب، والهدف منها هدم الأخلاق وليس بناؤها. انظر إلى لبها لتعرف حجمها الحقيقي .

هم يرون أن الاخلاق سلوك، وهذا خطأ . الأخلاق ليست فقط سلوك، الأخلاق تتكون من جزأين : دافع شعوري (فطري) + توجيه عقلي . والجزء الثاني خاضع للثقافة، لكن الجزء الاول فطري لا يمكن إيقافه أو تغييره أو تطويره، و هو الجزء الأهم، فالإعجاب بمساعدة الضعيف مثلا دافع فطري. لكن كيفية أسلوب الكرم مثلا عند الشعوب والثقافات تختلف ، بل بعضها يثير الضحك حتى، لكن الدافع واحد.

بعبارة أخرى : هم يبحثون في السطح ، في الجزء العقلي من الأخلاق، وهي فعلا تتغير . لكن ليست هي وحدها الخُلُق .

راجع موضوعي (مفهوم الأخلاق) ففيه تفصيل و ردود موسعة على مثل هذه الافكار والنظريات المادية .



إن مفهوم الأخلاق عند التطوريين يسقط في التعميم, وقياسا عليه فحتى الجمادات عندها أخلاق ! فالماء يسقي ويحيي ويعطي ولا يأخذ شيئا، أي عنده إيثار, ومن هنا اتجه بعض الأقدمين لعبادة الشمس مثلا بسبب عطائها المستمر وإيثارها! فهم يرون في الجمادات أخلاقا أكبر من أخلاق الأحياء وجعلوها رموزا لآلهتهم! والحقيقة أن هذه الجمادات سخرها الكريم الأكرم سبحانه ، ولا يسمى ذلك كرما منها لأنها مجبورة, فالجاذبية ليست كرما من الأرض حتى لا نطير في الهواء, والمطر ليس هدايا من البحر الذي رقّ قلبه لنا. وبالتالي شغالات النمل أو النحل ليس كرما منها أنها تخلت عن الإنجاب، بل هي مجبولة على هذا مثلما الماء مجبول على التبخر. هذا مفهوم سقيم جدا وضحل للأخلاق ومثير للشفقة. كل ما تفعله الحيوانات مجبولة عليه بالغريزة وليس كرما منها, فليس كرما من النحل أن تقدّم العسل، ولا كرما من الشجرة أن تقدم الثمرة, ومن هنا يبحث العاقل عن من هو المنعم الحقيقي, فلا نعمة بلا وعي , و النعمة بلا وعي لا تستحق الشكر. نعوذ بالله من الكفر, أن يُكفَر بحق الله ويُقَر بحق النملة والنحلة ويشكرها ! إذن تعريفهم خاطئ .

لابد للأخلاق من حرية اختيار و وعي بنتائج ما سيُفعل, وهذا الوعي والحرية لا يملكها إلا الإنسان, فالمُجبر على فعل الخير ليس أخلاقيا, فالخير ما بادرت إليه وليس ما اضطررت إليه، لهذا يقولون في المثل "مجبر أخاك لا بطل" أي أن المُجبر ليس أخلاقيا, لكن بحسب مفهوم التطوريين ؛ من تركض به فرسه إلى وسط المعركة رغما عنه هو شجاع !

أما اخلاق "كانت" الواجبة، فهو لم يستطع أن يحدد دافع الأخلاق ولا الهدف من وجودها، وإن كان ابرزَ جمالها، فقال : افعل الصواب لانه صواب، وهذا يكفيك. بينما الأخلاق تضحيات و فيها آلام ، تحتاج إلى دافع اكبر من هذا ، وهو ما يقدمه الدين. "كانت" لا يعرف لماذا الأخلاق جميلة وقوية التأثير ، ولا ما فائدتها، لكن القرآن يخبرنا عن كل هذه الاسئلة. ويجعل الأخلاق هي الرابط بين الأرض والسماء . انظر الى صفات الله في القرآن، كلها اخلاقية. و صفات المؤمنين في القرآن، كلها اخلاقية. الدين الصحيح نفسه عبارة عن اخلاق. فلا دين بدون اخلاق.

أما السؤال عن نسبية الاخلاق ، فهذا يرجعنا إلى التوجيه العقلي للأخلاق، نعم هم وصفوها بالنسبية ليلغوها ويجعلوها شيئا ثانويا تأخذ منه وتترك حسب المصلحة، وهكذا تُذبح الأخلاق على يد الماديين الملاحدة، بربطها بالمصلحة المادية. وتتحول الى وسيلة بدل ان تكون غاية ، معتقدين انهم وجدوا عليها مثلبا وهو النسبية .. وهذا ينم عن كره للأخلاق وليس حبا بها، لأنهم بصراحة يرون الاخلاق قيود ,هم ليبراليون متحررون نفعيون من مصاصي المتعة المادية باختصار.

الأخلاق في دوافعها ليست نسبية بل ثابتة، ولا تتغير ، لا يمكن أن يعجب الناس بالظلم، ولا يمكن ان يحبوا البخل. ولا يمكن أن يحتقروا ويستهينوا بالشجاع، ولا يمكن أن يحبوا الخائن، مهما تطورت الحضارة والعلوم، فأين التغير وأين النسبية؟ التغير ان يكون الكرم في فترة ما بذبح عجل أو خروف ، ثم يتحول مع المدنية الى عزيمة في مطعم راق او كوب قهوة ، أو دعوة لحضور مباراة او سينما. هذا تغير في اسلوب الأخلاق وليس في الاخلاق نفسها .


وشكرا لك ومعذرة شديدة في التأخر في الرد، وأهلا باعتراضاتك وآرائك..

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق