الاثنين، 26 ديسمبر 2011

الزمن هو الحركة - 1 ..


إن الزمن ليس بالمعنى الذي نعرفه ، فإذا دقـّقت وأمعنت النظر ، تجد أنه انتقال أشياء من مكان إلى مكان آخر , و هذا ما نعبّر عنه بكلمة "زمن" .. أي قل بعبارة أخرى : بأن الزمن هو الحركة ؛

فلو افترضنا مكاناً مثلاً و أبعدنا عنه كل العوامل المؤثرة من عوامل التعرية ، و هذا المكان يتمتع بالظلام , أي لا يوجد فيه أي مؤثرات ولا يوجد فيه أي شيء يتحرك .. فإذا دخلت هذا المكان ، هل ستقول أن هذا المكان قد مرّ عليه زمن ؟ هل ستعرف أنه مرّ عليه زمن ؟ عـُد مرة أخرى إلى المكان نفسه بعد مئات السنين : هل تغير فيه شيء أم كأنه هو ؟ ستقول كأنه هو ، و لم يتغير فيه شيء ولم يؤثر فيه الزمن .. إذاً ما هو الزمن الذي يؤثـّر ويغيـّر و يهدم البنيان ويدفن مدناً ويقيم جزراً ويخفي جزراُ ؟ إنه الحركة  .

إذاً : كل شيء يتحرك أو تؤثـّر عليه حركة ، فإن له زمناً طبيعياً . و لكل شيء عمرٌ غير العمر الواقعي . بمعنى آخر : لا تستطيع حقيقة ً أن تقول : هذا شاب ، و ذاك عجوز , لأنه قد يكون ذلك العجوز شاباً في العمر الطبيعي ، وقد يكون الشاب عجوزا في العمر الطبيعي .

الواقع الغير طبيعي يشبه عوامل التعرية ، فيـُشيب ناصية الصبي و يهرم , وهذا الذي يجعل أكثر الناس - بل كل الناس - يعجزون أن يتصوروا اعمارهم ، و يعجزون أن يتصوروا المرحلة العمرية التي هم فيها , فدائماً يقال للشخص : أنت كبرت , ويقال للكبير : أنت الآن عجوز ، فكيف تتصرف بتلك التصرفات إلخ ..

هنا نجد أن شعور الإنسان معزول عن الزمن ؛ و هذا دليل على خلود الروح ؛ لأنها لا تتأثر بالزمن . ولكن الشخص لا يحس بهذا الشيء الذي يحس به الآخرين ، لأن زمنه الطبيعي مختلف . وقد تجد شخصا في الستين من عمره ، و لكن روحه متوثبة و يريد أن يعمل و يريد أن يتزوج .. وتجد شخصا في العشرين أو الثلاثين ، ولكنه منهار و يريد أن يتقاعد  من عمله ويرتاح فقط ، ويريد أن يتخلص من كل الروابط . وعلى هذا فكلٌ له زمنه .

والزمن الواقعي أساساً هو من حركة الشمس , حيث تطلع الشمس صباحاً وتغيب ليلاً ، و قسّمت الفترة التي بينهما إلى 12ساعة ، و مثلها فترة الليل , وبدأوا يقيسون على هذا الأساس و ينسبون كل شيء للساعة ؛ فيقول : السيارة تمشي بسرعة كذا في الساعة ، والطائرة أو الأشخاص أو أي جسم يتحرك بسرعة كذا في الساعة .. إذاً كل زمن أساسه حركة , و الزمن يـُنسَب لحركة شيء واحد ، وهي حركة الأرض حول نفسها .. و لكنهم لم ينسبوا زمنا طبيعيا لحركة الشعور داخل الإنسان ، فهم لا يعلمون عنه ..

الشعور الإنساني ليس له علاقة بالشمس ؛ إن الشعور له حركته والأرض لها حركتها . والشعور له زمن , و لظهور الشمس و غيابها زمن آخر . الشعور الإنساني داخلي ، أما الشمس فهي خارجية . و كل شيء له زمنه . فلا يُنسب الإنسان لزمن ِ غيره , أي لا ننسب الإنسان لزمن الشمس ؛ فحركة الشمس ليس لها علاقة بحركة الشعور الإنساني الداخلية . و زمن الشمس ليس له شأن بزمن الإنسان ؛ فالحركة الشعورية هذه هي حركة طبيعية مرتبطة بزمن طبيعي خاص بالإنسان , والإنسان مخلوق من نفس واحدة , فإذا كان يتبع الشعور , إذاً فهو يتبع ذاته و له زمنه الطبيعي ..

الاشخاص الأقرب للطبيعة وللشعور ليس عندهم اختلاف بالزمن , ولكن قد يقول لك شخص : لقد تأخرت عليّ  .و هذا يدل على أن زمنه غير زمنك , فزمنه يتبع للعقل و لزمن الشمس , بينما أنت تتبع زمن الشعور ، فتشعر بالضيق لأنه لم يفهمك , فهو لم يفهم الزمن الذي أنت تعيش فيه أصلاً و هو ليس تابعاً له ؛ فالحركة التي عنده و التي قالت لك : لقد تأخرت علي ، هي ليست داخلة بالحركة الشعورية ولا بالطبيعية الإنسانية , فهو لم يستخدم ذاته و يتبع زمنها ..

في هذه اللحظة ستكرهه ؛ لأنه ليس هو . فالشخص البعيد عن الشعور يُدخِل حركة مخالِفة للحركة الطبيعية ، ومن هنا ينسى الإنسان , وهذا سبب النسيان .

هناك تعليقان (2) :

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. اخي الوراق حصلت على مدونتك بالصدفه وانا ابحث عن موضوع معين على النت واصدقك القول انني قراءت الكثير من صفحاتها
    وفي هذا الموضوع حبيت ان اشاركك بالراي
    اعتقد ان في موضوعك هذا فيزياااء ملخبطة كيف تصف بعدين ببعد واحد هذا زمن وهذه حركة
    ولو تحرك الزمن بمفهومك هل له كتله ووزن
    ولو وقفت الحركه بمفهومك هل وقف زمننا
    ااعتقد يااخي انك لم توضح فكرتك عن الموضوع بشكل واضح
    وانا هنا لا انتقدك ..لانني مقتنع بهذا الشي من قبل بالنسبه لاختلاف الزمن الذي ادخلنا فيه ولا اعلم لاي اساس بنوا معطيات هذا الزمن
    فمثلا اكبر دليل تفوات العدد في تواريخ التقويم الميلاديه لكل سنه وتفوات حتى اوقات الغرووب والشروق في عدد ساعاتنا والمفروض ان يكون الزمن
    في البعد الذي نعيش فيه ذا طبيعه ثابته وليست متغيره "" متحركة "" الا توافقني الراي
    عبداللة الحجوري اليمن

    ردحذف