الأحد، 23 سبتمبر 2012

تعليقات على افكار ادم سميث حول الراسمالية ..








التعليق:

من هنا نفهم علاقة الراسمالية بالفردية وحرية الفرد ، فهذا الفرد اما ان يكون راسمالي ، ومن مصلحته ان يكون حرا بلا قيود ولا تحديد ولا جمارك ولا برلمان ولا اخلاق ولا بيئة الخ .. ليكسب اكثر من مال الناس ، ومن مصلحة الراسمالية ان يكون الفرد المستهلك ايضا فردي ، لأن من مصلحة الراسمالية غياب النظرة المشتركة عند المجموع ، والتاثير على الفرد اسهل من التاثير على المجموع ، عبر وسائل الدعاية والاغراء .

واذا عرفنا ان الراسمالية عبارة عن مهاجم ، فمن مصلحة المهاجم تفريق العدو ، لان الاتحاد قوة . حتى الطعام تحتاج الى تفتيته وتفريقه بالسكين حتى تأكله ، فالمجتمع عبارة عن كعكة امام الراسمالي لا يستطيع اكلها حتى يقطّعها ، لهذا اشتغلت وسائل الاعلام الراسمالية بحماس لاجل الفردية لتجعلها احدى الركائز في الذهنية الغربية ، ومنها الى العالم .

في الغرب لا يتحرك الا الراسمالي ، وما السياسيون الا دمى في ايدي الاقتصاديين الكبار . ولا يمكن فهم الثقافة الغربية بدون الانطلاق من الراسمالية و مصالحها العليا والمستقبلية والمرحلية .

الفرد الذي يقصده سميث هو الراسمالي ، و بعبارة اخرى : كل الافكار الراسمالية وبما فيها افكار الراسمالية ، كلها مبنية على اساس خطأ ، لانه يعبر عن الفرد الغني وليست على اساس الفرد الفقير ، وكلمة فرد هي تلاعب لفظي ..

هذا الفرد الذي يقصده في حقيقته هو ضد حرية الافراد الاخرين ، لان الاقتصاد عصب الحياة وهو يريد ان يستحوذ الفرد (الغني) على كل الاقتصاد بلا حدود ، مما يعني فقدان الحرية للـ 99% وتجمعها في الـ 1% ، اي حريات اضافية للاغنياء الاقل مسلوبةً من الفقراء الاكثر . واية حرية لمسلوب المال ؟!!

بخصوص دور الدولة الذي يقترحه سميث ، فهو حولها إلى بوليس و بودي جارد يحمي بنوك الاغنياء ، يعيّنونهم ويفصلونهم حسب ارادة ومصالح الـ 1% ، و هذا وضع ليس بالوضع السهل ، بل هو خطير ، لانه يقضي على ارستقراطية الدولة ، و يحول الحاكم الى شرطي عند الغني ، مع ان الحاكم يمثل مصلحة الشعب ، و قيم الشعب ، اما الغني فيمثل مصلحته الخاصة على حساب الشعب ، اي ان هذا الوضع الذي يطالب به سميث ، يسلّم الضحية الى الجلاد .. فالراسمالي غير مسؤول عن مصالح المجتمع ولا قيمه ولا فقره ولا غناه ، اما الحاكم فهو مسؤول ، ويعتبر حامي الشعب والاب الروحي لهم ، فإذا همّش دوره نكون على مبدأ : غاب القط العب يا فأر ، و هذا يفسر لنا تهاوي الارستقراطيات في اوروبا منذ بزوغ الراسمالية في القرنين السابع والثامن عشر .. ليفسح المجال لراس المال كي يتصرف في كل مجال ..

و من الخطأ ان نفهم ان الراسمالي مجاله الاقتصاد فقط ، في الحقيقة بعد ذهاب الارستقراطية وتنحية الدين ، صار الراسمالي هو من يتحكم بمفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية والفنية والاعلامية والعلمية ايضا .. بمعنى : اراد سميث حكم الاغنياء ، و هذا هو واقع الدول الغربية في العصر الحالي ، اي ان الراسمالية تحكم كل شيء وليس فقط الاقتصاد ، وما الحاكم الا ألعوبة في يدها . من الممكن ان نسميه : حكم انكشارية الذهب ، و : حكم الذهب (Golden Rule) .. هذا ما يعيشه العالم ومقبلٌ عليه بعد ان مر بالحكم الثيوقراطي والديموقراطي والارسطقراطي والديكتاتوري ..

هناك تعليقان (2) :