الخميس، 16 أبريل 2015

هل العلم سيعلم كل شيء؟ وهل معرفة عمل الشيء تعني أن لا موجد له؟

لا يعرف العلم آليات شيء بالكامل, ولا يمكن له, إلا بعض الآليات الظاهرية. معرفة الشيء كاملا تقتضي القدرة على إعادة إيجاده ، فصانع السيارات الذي يصنع سيارة ، هو يعرف كل شيء معروف عن السيارة , أو ذلك النوع على الأقل لأنه يستطيع إيجاد مثلها , لكنه لا يعرف القوانين كلها ، ولا يعرف أي تفسير لأي قانون , فضلا ان يستطيع أن يغير شيئا من صفات المادة كما يسميها الماديون والملاحدة , لأنه لا يعرفها.

إذن نحن لا نعرف بالقدر الكافي لإصدار أي حكم, فالحكم الوافي يكون بعد العلم الوافي . إذن أحكام الملاحدة غير وافية لأنها لا تستند إلى علم وافي , وعلامة العلم الوافي القدرة على الإعادة و التجربة والتركيب والتحليل .

فليخبرونا عندما يصنعون ذبابة, تماما مثل الذبابة الموجودة ، لا نريد أكثر تطورا منها, أليسوا يعرفون كل شيء عنها كما يدعون ؟ إذا ادعى أحد القدرة على صنع الفطائر ستقول اصنع لنا فطيرة ، وإذا لم يستطع ستقول أنك لا تعرف وأنت مجرد مدعي , هذا الكلام يوجّه لطلاب الابتدائية!

آلية كل شيء مرتبطة بمعرفة كل شيء عن كل شيء, إذا لم تعرف كل شيء ستكون معرفة الآلية نفسها ناقصة , فالمعرفة مترابطة , ومعرفتنا ناقصة دائما ولا يمكن لها أن تكتمل يوما من الأيام ، لأنها مرتبطة بظاهر المادة , وهي الزاوية الوحيدة التي سُمِح لنا بمعرفتها خارج ذواتنا ، مع أننا لا نعرف حقيقة قوانينها ولا كيف جاءت ولا كيف تُبَدّل , لأنها منطقة محجوبة , أي أن العلم يعتمد على الميتافيزيقا التي ينكر الملاحدة والماديون وجودها , بينما صفات المادة التي يعوّلون عليها بالكامل هي ميتافيزيقا إلا في ظواهرها .

لم يخرج العلم عن وصف القرآن ، فهو مرتبط بالظواهر, و دراساته يسميها بظاهرة كذا وظاهرة كذا, {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا} فيا لدقة القرآن.

لاحظ اننا نتعلم من الآليات التي لا يحب بعض الملاحدة ان يسموها قوانين ، كما قال تعالى (علّم الانسان ما لم يعلم) ، فالإنسان مُعَلَّم وليس متعلِّم بنفسه ، اي لسنا نحن من وضعها ، كآليات اللغة .. فقط نحاول ان نترجم ما نعرفه ، و هذا ما يسمى علما . هل كلما وُجدت آليات منظمة و منضبطة ، دل هذا على انه ليس لها مُوجِد ؟ ايّ عقل يفكر بهذا الشكل المقلوب ؟ عمم الفكرة .. علينا اذن ان نستمر بهذا المنحى ، فكلما راينا شيئا منظما و متقنا و متناسقا ، نقول : آلياته هي التي صنعته ، ولم يصنعه أحد ! و ليس بحاجة ليصنعه احد لأنه كما ترى يعمل بآليات .. ونقول هذا عن المصنع الاوتوماتيكي الذي يعمل بآلية ذاتية ، فليس له موجد . انظر الى آلياته ! فآلاته تشتغل بالتناوب والتنسيق فيما بينها ، حتى لو كنت تعرف بداياته من تلك الاليات .

اذن نحن لا نعرف الآليات كما يقول هذا الادعاء ، وحتى لو عرفت الآليات ، لا ينفي هذا ايجاد خالق ، لسبب بسيط ، وهو: لماذا تصرفت المادة والكون بهذا الشكل ؟ من وضع لها القوانين ؟ والقوانين نظام ، والنظام مرتبط بإرادة عاقلة و واعية .. هذا عدا انه لا يجوز عقلا ان يوجد شيء بلا سبب .. حتى المادة الاساسية للكون . القضية ميتة من كل النواحي .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق