الأحد، 22 أبريل 2012

حوارفي موضوع : حول الأسهم والراسمالية

حوار مع العضوين الزميلين "الالوهي" و "ياسين" في موضوع (حول الأسهم والرأسمالية) في منتدى اللادينيين العرب 

 
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الالوهي :

عزيزي الوراق

لقد إحتوى موضوعك هذا الكثير من الأشياء التي لدي تحفظات حولها ، وهذا ما سأبينه فيما يلي

الورّاق كتب:
:f0:

يلاحظ دائما ارتباط الراسمالية باشعال الحروب ، لكي يتكسب الراسماليون من وراءها .. ففي حين ان الحكومات تتضرر و تخسر حروبها و يقتل من مواطنيها و جنودها ، يجر الراسمالي وراءه اكياس نقوده الممتلئة من جراء البيع على الحكومات و المتحاربين .. و الحروب هي اكثر شيء يضطر الناس الى المال ، والمال لا ياتي الا بالربا المركب والرهون في هذه الظروف . و الحرب مسالة حياة او موت ، والمحارب مستعد ان يقترض بسبب ظروفه .. والحرب تحرق المال ، و المستفيد هو طبعا الراسمالية . اذا الراسمالية لا تساعد على الاستقرار كما يزعمون .. فالعالم يحكمه تجار راسماليون بالدرجة الاولى . :f0:


ماذا تعني بالرأسمالية هنا ... الرأسمالية هي مجرد نظرية إقتصادية أو نظام إقتصادي تكون فيه ملكية وسائل الإنتاج متاحة ومشروعة لكل أفراد المجتمع (على النقيض من النظام الشيوعي)

الرد: هذا عن الكلام النظري ، لكن الكلام الواقعي شيء آخر .. هل تتوقع ان كل الناس يستطيعون ان يمتلكوا وسائل الانتاج حتى لا يبتز احد احداً ؟ هذا غير واقعي ابدا ولا يكون .

هذا الكلام الذي تزين به وجه الراسمالية ، يمكن ان تقوله عن الحرب ايضا ، فهي ميدان تتساوى فيه الفرص ، و فرصة النصر متاحة فيه للجميع !! و بهذا نكون قد جمّلنا وجه الحرب القبيح بكل بساطة  . اذا بما انك ترى ان الراسمالية صورة من صور العدالة بين الجميع ، اذا الحرب كذلك ايضا ..

ضع في اعتبارك ايضا ان الراسمالية لعبة الاقوياء ، اي لم تطبّق والناس كلهم بمستوى دخل واحد . هي طبقت واصحاب الملايين يملؤون جيوبهم المنتفخة ، ثم يقولون للناس : تعالوا لنساوي الفرص ! بمعنى انها لم تملك ولا حتى البداية العادلة . هذا عدا ان فكرة الصراع بغيضة من اساسها وهي اساس الراسمالية . لكنه صراع غير عادل ، فالقوي يزداد قوة والضعيف يزداد ضعفا ، و لم يلعب القوي الا ليكسب ما عند الضعيف ، لا لكي يكرمه .

والمصيبة الاخرى المترتبة على الراسمالية ليست في امتلاك المال والاقتصاد فقط ، بل حتى في امتلاك الحياة الثقافية والقدرة على تزوير التاريخ ، و تقديم كل شيء بالشكل الذي يناسب الـ 1% فقط . حتى العلم لم يسلم من شراء الذمم .

وهكذا لا يكون لدينا عالم متنوع حقيقة و حر حقيقة وواسع حقيقة ، بل يكون العالم شيئا واحدا ويمثل طبقة واحدة قليلة العدد كثيرة النفوذ يدور كل شيء في فلكها الصغير الضيق . 

الالوهي : ويكون فيه حق كل الأفراد مكفول في تملك وسائل الإنتاج وإنتقالها بدون قيود سوى حرية الآخرين .... وبهذا التعريف فإن الإسلام نفسه يدعو للرأسمالية ويعتنقها ...
الرد: لا ، الاسلام لا يدعو للراسمالية ولا يعتنقها ، الاسلام يبقي تساوي الفرص ومجالا للفروق الفردية ولكن لا يعطي الضوء الاخضر للقوي بأن يمتص دم الضعيف . الاسلام حرم الربا ، وهي ضربة قاصمة للراسمالية وتوقف لتعملقها وتضخمها ، ( لكي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) . الإسلام بنى نظرته الاقتصادية على اساس الفقراء (كما قال الرسول : الضعيف امير الركب) ، وليس على اساس الاغنياء كما تفعل الراسمالية بالضبط (فالمادية الغربية ترى ان القوي هو امير الركب ، ولا قيمة للضعيف الا تابعا و عبدا لارباب المال المنطلق في نمائه بلا حدود ) . الاسلام جعل حقا في مال الاغنياء للفقراء ، و ليس بدافع الشفقة فقط ، بل اعتبره حقا لهم يستطيعون ان يطالبوا به .

كما نلاحظ ان حق المال الذي سنه الاسلام للفقراء والمحتاجين ليس حقا للدولة ، بل لمصارف الزكاة المخصوصة ، وهذا يجعله مختلفا عن نظام الضرائب الذي لن يصرف كله على الفقراء والمحتاجين ، حيث يستغل في اكثر الاحوال لبناء المرافق العامة والخدمات العامة التي يستفيد منها بالدرجة الاولى الاغنياء ، و كأنهم يصرفون على انفسهم من ضرائبهم ، اما نظام الزكاة فهو خاص لهذه الفئات المحتاجة ولا يضارون فيه .

اذا في الوضع الاقتصادي الاسلامي – لو طبق – لن يحقد الضعفاء على الاغنياء ، بل سيتمنون لهم سعة اكثر في رزقهم ، لانهم هم المستفيدون من وراء ذلك . كما ان الاسلام شجع و حث على القرض الحسن ، يقدمه القوي الى الضعيف ، لكي يبدا به حياته العملية و بدون فوائد . هذه هي الاخوة الاسلامية التي دعا اليها الاسلام . وان كانت لا تطبق الا على شكل جزئي هنا و هناك ، لكن من طبقها ياخذ نتائجها الايجابية والمتوازنة .

لم تقم الشيوعية الا ردة فعل على الفم الواسع والذي لا يشبع للراسمالية ، حيث تتكدس الاموال عند افراد لا يستطيعون ولا حتى الاستفادة منه ، لانهم في الغالب في مراحل متقدمة من العمر . حيث تتجمع اموال الامة عند من لا يستفيد منها ، ويحرم منها من يستطيع ان يستفيد . و المباراة خاسرة مقدما بين عمالقة المال وصغار المستثمرين . فاين تساوي الفرص ؟ لا يوجد الا على الورق . 

الاسلام اسس النظام التكافلي الوسط بين الشيوعية والراسمالية ، و بهذا تزول الضغائن والاستعلاء بين الفقراء والاغنياء وتتقارب الهوة بينهم .

الالوهي : وكما أن الإسلام وضع محددات وقيود على الملكية الفردية وعلى حرية النشاط الإقتصادي فإن هناك أيضاً قيود (أفضل) في كل الدول التي تطبق النظرية الرأسمالية .

الرد: اين هي تلك القيود الافضل ؟ و لماذا قامت الشيوعية على الراسمالية في السابق ؟ ولماذا الف مدينة يتظاهر سكانها الان على الراسمالية الجديدة في العالم الغربي مع انهم يتمتعون بقيود افضل من قيود الاسلام كما تقول ؟ الف مدينة وليست مدينة واحدة حول العالم الراسمالي ..

ثم كيف تجمع بين كلمة "قيود" وكلمة اقتصاد "حر" وتجارة "حرة" ؟؟ الحقيقة ان الحكومات هناك هي الخاضعة لتحديدات رؤساء الشركات العملاقة و قيودها و ليس العكس . بشهادة رؤساء امريكيين انفسهم . 

الالوهي : أما بالنسبة للعلاقة بين الرأسمالية والحروب ، فأنا شخصياً أرى العكس هو الصحيح ، فالرأسمالية تنمو وتنتعش وتنمو الثروات في ظل السلام والإستقرار ، فهذا ما يدفع بعجلة الإنتاج ويدفع الناس نحو مزيد من الإستهلاك والعمل .

الرد: انت لم تقدم اي دليل ، و هل الحروب وتموينها يجعل عجلة الانتاج تقل ام تزداد بشكل غير معتاد ؟ ارجع الى تاريخ الحربين العالميتين وستجد ان المصانع ضاعفت من انتاجها ، و كانت تعمل في بريطانيا والمانيا على مدار الساعة .. ليست الحروب فقط ، بل حتى الازمات الاقتصادية والسياسية ، كلها في صالح الراسمالية ، وهي المسؤولة عنها او عن تعميقها . 

انظر كيف تقفز او تقفّز اسعار اي سلعة اساسية من مجرد تصريح اعلامي في اي نقطة توتر في العالم .. مع ان ذلك التصريح لم يكن صريحا في اكثر الاحيان ، و حتى لو وقع فلن يؤثر على الامدادات بشكل كبير كما تهوله الراسمالية ، و لكن تقفز الاسعار اضعاف الاضعاف ! فمن الذي قفزها ؟ انهم المستفيدون من هذه الازمات .. و لماذا التضخم وارتفاع الاسعار كلما كان عند الناس و لو زيادة بسيطة في الدخل ؟ من الذي يرفع الاسعار ويستغل هذه الفرص سوى الراسماليين ؟ اذا هم ضد تقدم اي مجتمع و يقفون له بالمرصاد. نعم تزدهر البلدان ذات الراسماليين الكبار ، ولكن ليس لاهلها ، بل لـ1% من سكان البلاد .

اليست الاسعار ترتفع في زمن الحروب ؟ اليس الراسماليون يسيطرون و يحتكرون المنتجات ووسائل الانتاج ؟ كل هذا في صالحهم . اذ تقفز الاسعار الى الحد الذي يرضي جشعهم ، و فرص الاحتكار في الازمات والحروب هي احسن الفرص .

الحقيقة ان الراسمالية لا تستطيع ان تتعايش مع الاستقرار اصلا ، فلا بد من الازمات والمشاكل والحروب والتهديدات وتحريك الاجواء ليزداد شراء الناس وتخزينهم ولكي ترتفع اسهم شركات وتنهار اخرى ، و من هنا نفهم العلاقة التناسبية بين زيادة الثروة والتاثير السياسي و دخول الاقتصاديين الى عالم السياسة على حسب قوتهم الراسمالية . لان الراسمالية تحتاج الى تحريك اجواء . و التحريك تقوم به السياسة بالدرجة الاولى .

فالحركة هي لعبة الراسمالي وليس السوق المستقر باسعار ثابتة . حيث يمكن ملء اكياس الاموال بوقت قصير ، بدلا من النمو الهادئ وقت السلام المستمر . السلام لو ساد العالم لتضررت الراسمالية . لان هذا يعني تبصر الناس و كثرة المنافسين وايجاد البدائل والاكتفاء الذاتي وعدم الحاجة للتخزين وبالتالي زيادة الوفرة عند الناس . اذا الراسمالية لا يسرها الوضع المستقر . و اذا لم يكن صراع حار ، افتعلت صراعا باردا ، من خلال ازمات البورصة ومشاكلها والحروب التسويقية .

الامر لا يحتاج الى الكثير : الراسمالية صراع ، اي كسب من خلال الصراع ، والحرب اعلى انواع الصراع ، اذا هي اعلى انواع الكسب . هي تشبه الفارس المدجج بالسلاح بين عـُزَّل و ينادي باعلى صوته : من يبارزني ؟؟!! واذا لم يبارزه احد ، اختلق صراعا معهم لكي يصارعهم ويغلبهم ، لانه مسلح وغيره غير مسلح .

اذا هي فكرة صراع همجية بدائية يجب ان تتجاوزها البشرية ، مثلما تجاوزت صورة هذا الفارس الذي كلما غزا على هؤلاء العزل كسب منهم اكثر ، لأنه اصبح اقوى و هم اصبحوا اضعف . 

 الالوهي :
اقتباس من الورق:
المضاربات بالاسهم المفروض انها تـُحرَّم من وجهة نظري ، لأنها كسب مال بمال ، و لأن المتحكم بالقيمة ليس شيئا موجودا حقيقيا ؛ فعند شراء مقص ؛ المقص له وظيفة ، و وظيفته تحافظ على قيمته في اي حال من الاحوال ، لكن السهم ليس له وظيفة ، هو شيء مجرّد و ليس ثابت . وقيمة هذا السهم مرتبطة بالاعلام وظروف اخرى ، بينما المقص مرتبط بوظيفته وحديده كخام ومادة اولية و تستفيد منه بأي شكل .


من اين جاءت قيمة السهم الحقيقية ؟ هي قيمة وهمية مرتبطة بالاعلام والمؤثرات : السياسة ، الاجتماع ، الاقتصاد ، و أهم المؤثرات هي ألاعيب تجار الاسهم الكبار الذين يؤثرون في السوق ، خصوصا اذا اتحدوا بدافع المصلحة المشتركة .. والسهم وضعه متوتر اكثر من توتر السلع .. يشبه الشمعة خارج المنزل .. اما أن تنطفئ او تشعل حريقا .. دون القدرة على التحكم فيه . فقيمته ليست مستمدة منه ولا من الشركة المنتجة .. و حتى لو انخفضت اسعار السلع المعينة فهناك طرق للاستفادة منها ، اما التخزين او التحويل إلخ ..


عزيزي ... حديثك عن الأسهم هو غير دقيق ، فقيمة السهم قد ترتبط "بالإعلام" أو "المضاربات" أو "ألاعيب كبار تجار الأسهم" فقط في المدى القصير ، أما في المدى الطويل فتتحدد قيمة سهم أي شركة بمدى قدرتها على خلق الأرباح ، وهو ما يتوقف بدوره على مدى نجاح فكرة الشركة ونجاح إدراتها وعلى مدى قدرة تلك الشركة في التكيف مع بيئتها وإستغلال الفرص التي تلوح لها وأحسب أنك تعرف بأن الأسهم إنما هي صكوك ملكة لجزء من شركة ما ، وبالتالي أنت عندما تشتري سهم شركة معينة تصبح كأنك شريك فيها ، وشراء الأسهم قد يكون للإستثمار أو للمضاربة .. فلو كان للإستثمار فهو شئ مباح بالضرورة مثل أي إسثمار آخر ، وإذا كان للمضاربة فهو أيضاً حلالاً بلالاً ، فالمضاربة هي شئ جائز في الشرع ، وعموماً لم أسمع أحد سواك يحرم شراء الأسهم (الإسلامي منها على الاقل) .  .

الرد: هذا كلام نظري وليس واقعي ، اسعار الاسهم تتغير بشكل يومي ، و لهذا يتابعونها بشكل يومي او اقل من يومي . والهزات لا تستبقي سوقا عن آخر حول العالم ، وهذا يؤيد كلامي ان الراسمالية لا تعيش في جو الاستقرار وتحب الوضع المتذبذب ، لأن الوضع المتذبذب لا يضر صاحب المال الكثير الذي يلعب بالزيادة ، بينما يضر من يلعب براسماله الذي لا يملك غيره . الازمات المالية تضر صغار المستثمرين المحتاجين لمالهم ، اما الكبار فلا يضرهم ان ينتظروا حتى تتحسن الفرص ، اضافة إلى أنهم فاعلين في السوق و في تغيير الاسعار ولهم نفوذ اعلامي وسياسي لا يملكه صغار المستثمرين . اذا انت تتكلم عن شيء غير موجود وهو استقرار قيمة السهم في الاخير بشكل دائم .

لو كنت اسعارها ثابتة لما احتاجوا لمتابعة اسعارها اليومية و تقديمها من خلال النشرات الاعلامية . و قلت لك من قبل : ليس الاستقرار من صالح الراسمالية ، لهذا دائما اسواق المال في تذبذب . والعالم دائما على صفيح ساخن لم يعرف الاستقرار منذ بروز الراسمالية كاكبر عامل مؤثر على العالم والمستفيد الوحيد من عدم الاستقرار بكل انواعه .  

الالوهي :
اقتباس من الوراق:
والاسلام حرم الربا لانه لا يوجد مجهود ، و كذلك القمار والاسهم ، فالمال هو الذي يعمل بنفسه وليس فيه مجهود ، وكذلك الاسهم .. ومن الخطأ ان يوضع المال المعلوم في شيء مجهول .. المال نفسه مجرد ، وقابل تحويله إلى صور معينة من المادة (سكر – بلح – عطر .. إلخ) .. و لكن الأسهم هي تجريد التجريد .. فتضع المال المجرد في السهم المجرد ، والمجرد لا تستطيع حمايته وتنميته .. ولذلك بعد خسارة الاسهم ، يقبل الناس إلى شراء المعيّن وبقوة ، وعلى رأسها العقار ، مما يؤدي إلى غلاء الاسعار .. اصحاب الرساميل الضخمة يستخدمون الاغراء ليغرون المستثمرين الصغار ، ليجمعوا اموالهم ..

تحريم الربا هو من أكبر الاخطاء التي وقع فيها الإسلام ... الإسلاميون يظنون بأن الإسلام كان عبقرياً عندما حرم الربا وهذا بالطبع غير صحيح ... بالله عليك قلي ... إذا كنت تحتاج لمبلغ من المال لعمل مشروع أو حتى للوفاء بحاجة ملحة ولم تجد من يقبل مشاركتك في مشروعك أو من يقبل بإقراضك لوجه الله ... فلمن تلتجئ !!! لا تقل لي بان المفروض على الدولة الإسلامية أن توفر للناس فرص العيش الكريم وأن تدعمهم وغير ذلك من الكلام النظري ...

تحياتي


الرد: بل اقول : مد رجليك على قدر لحافك ! لماذا تريد ان تصنع مشروعا كبيرا وانت لا تملك نقودا ؟ لماذا لا تستثمر ما تملكه وما وهبكه الله ؟ و الله لم يضيع احدا ، الكل عنده نقاط قوة يستطيع ان يستثمرها .

 لا ننس ان الاسلام كرَّه بسوء الاخلاق وذمها ، ومن بينها الطمع والجشع واحراق المراحل ، و هذه الطريقة تحمل شكر النعمة باحترامها والاستفادة منها ، فهذا الشخص الذي يريد ان يقيم مشروعا من خلال الربا ، لا بد ان لديه مواهب او امكانات او ممتلكات اخرى كان يستطيع ان ينطلق منها دون ان يضع رقبته في يد المرابي ..

 لا شك ان هذا المغامر يضع نفسه في الوضع الحرج ، بين انه مبتدئ و قليل الخبرة ولم يتكرس في السوق ، و بين المرابي الذي لا يرحم ، بل ياخذ زيادة ، حتى لو كسب شيئا فانه يذهب الى ذلك المرابي الذي لا يعمل شيئا ، و ان خسر فسيطلب المرابي كامل حقوقه . و ربما اضطره لبيع ممتلكاته باقل من قيمتها حتى يسدد ديونه التي تتنامى ولا تقف عند حد .

النمو من خلال الربا مغامرات محفوفة بالمخاطر ، و احراق للمراحل بدافع الطمع ، وعدم استفادة من الموجود ، سواء كان قدرات يدوية او عقلية او موجودات عينية كان يستطيع ان ينميها . اذا الاسلام ارحم بالانسان من نفسه . و لو تخيلنا كل الشباب يبدأون حياتهم بقروض ربوية ليقيموا مشروعات اكبر من طاقتهم ، فمن سيقوم بالأعمال العادية ؟ سيكون الناس كلهم اصحاب مديونيات ، والدين هم بالليل وذل بالنهار . و كم من المواهب الحرفية والفنية والذهنية والعلمية سنفقدها ؟ و كيف سيتحول عرقهم ومجهودهم الى جيوب هؤلاء المتخمين والمرابين ، سواء كانوا اصحاب بنوك او افراد ؟

معاناة الشباب الامريكي تكشف كل هذا بوضوح . تستطيع ان تزور موقع "أكيوباي وول ستريت" لترى الوجه الحقيقي للراسمالية والعولمة التي لا تخدم الا فئة قليلة على حساب الفئة الكبيرة . ومنتدى دافوس يناقش مستقبل الراسمالية في الوقت الحالي .      



--------------------------------------------------------------------------------------
ياسين  :

اقتباس من الألوهي:
وكما أن الإسلام وضع محددات وقيود على الملكية الفردية وعلى حرية النشاط الإقتصادي فإن هناك أيضاً قيود (أفضل) في كل الدول التي تطبق النظرية الرأسمالية .

أما بالنسبة للعلاقة بين الرأسمالية والحروب ، فأنا شخصياً أرى العكس هو الصحيح ، فالرأسمالية تنمو وتنتعش وتنمو الثروات في ظل السلام والإستقرار ، فهذا ما يدفع بعجلة الإنتاج ويدفع الناس نحو مزيد من الإستهلاك والعمل .

الألوهي كتب:
فكرة البورصات في الحقيقية هي فكرة عبقرية ساهمت كثيراً في تطور الإقتصاد العالمي ... قد لا يكون هناك مجال لشرحها هنا ، ولكن لي أن أفعل إذا شئت ... هي بإختصار تقوم على فلسفة توجيه الأموال للأنشطة الأقتصادية الأكثر إنتاجية ونجاحاً ... وهناك فرق بين القمار وبين الأسهم إذا كنت تتحدث عن الإستثمار بشكله الصحيح وفي المدى الطويل وفي أسواق أسهم جيدة التنظيم والإنضباط (بالطبع ليس اسواق الأسهم في الشرق الأوسط) .


ربمما أتفق مع الوراق في هذه الجزئية الرأسمالية مسؤولة عن الكثير من الحروب, و أظن أنك لا تعتقد أن الحرب على العراق هدفها نشر الديمقراطية, أو الاحتلال القديم و الحديث هدفه رفع المستوى الحضاري للدول تحت الاحتلال.
آلية عمل الدول الرأسمالية هي فرض شكل من أشكال الوصاية على الدول الضعيفة , امتصاص ثرواتها. و الفكرة الحروب صناعة الأسلحة والتي هي بمليارات الدولارات تحتاج إلى زبائن (مثل كل صناعة تحتاج إلى زبائن كي تربح و تستمر) و زبائن السلاح هي الحروب و ليس الجيوش. و هنا ألا تسأل نفسك لماذا معدل العنف في العالم يتزايد و لا يتناقص. على فكرة في الولايات المتحدة لم تنجح الديمقراطية الرأسمالية أن تقلل من كمية السلاح في الشوارع الأمريكية, رغم أن انتشار السلاح مسؤول إلى حد كبير عن نسب العنف المتزايد في الولايات المتحدة, و الفشل في وضع قوانين للحد من انتشار السلاح بسبب نفوذ صناع السلاح على القرار "الديمقراطي"

بالنسبة للأسهم و البورصة أريدك أن تفكر بهذه الحقائق "الحديثة"

بعد الأزمة الاقتصادية الأخيرة و افلاس الكثير من الشركات و تبدد مدخرات الكثير من أفراد الطبقة الوسطى, نكتشف بعد صدور قائمة الأغنى في العالم أن ثرواتهم قد تضخمت و أن الأموال تركزت في يد طبقة قليلة من الناس. ألا يثير هذا الاستغراب.

و الحقيقة الثانية أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم سببه المضاربة في البورصة و ليس ندرة الغذاء. إذاً المجاعة في العالم ناتجة و بالدرجة الأولى عن المضاربة و ليس ندرة الطعام أو سوء الادارة, فهناك الكثير من الجممعيات و المتبرعين الذين يساهمون فيي نقل الغذاء إلى مناطق المجاعة لكن ارتفاع سعر المواد الغذائية يجعل مهمتهم أصعب.
على فكرة البورصة أشبه بكازينو القمار (بل هو كازينو قمار) هناك رابحين و هناك خاسرين والأسهم هي فقط فيش تحتاجها للعب. و الرابح الحقيقي هو صاحب الكازينو, أي أصحاب الرساميل الكبرى.


تحياتي

الرد :

أشكرك اخ ياسين ، فلا اقول انك كفيتني مؤونة الرد وانا لا املكه .. على كل ، هذا اثراء رائع للموضوع وحقائق لا يستطيع احد ان ينكرها ، ولا ادري ان كنت فهمتُ عبقرية فكرة البورصة كما يقول الزميل الالوهي ، فأنا لم افهمها حقيقة الا كما وضحتها انت : كازينو قمار ، والأسهم عبارة عن فيشة اللعب . والرابح هو صاحب الكازينو . فاين العبقرية في هذا ؟ و اين توجيه المال للنشاطات الاقتصادية الاكثر انتاجا ؟ لا بد انه يعني الاقوى ، لكي تاخذ الاموال طريقها الى جيب ذلك الاقوى . وهذا ما يحدث فعلا في البورصة . ليست البورصة دارا لدراسة الجدوى وتقديم النصائح المخلصة من مختصين و ذوي خبرة ، انها بحر تأكل الاسماك الكبيرة فيه الصغيرة . و هي مثال على فكرة ارتباط الراسمالية بالتغير والتذبذب ، هي بحر صنعته الراسمالية ليمتلئ بالامواج والزوابع حتى تصطاد فيه و تشبع نهمها .

البورصة صنعها الكبار ولم يصنعها الصغار .   
-------------------------------------------------------------------------

الالوهي :


عزيزي ياسين

أعتذر بداية على التأخير في الرد ، فالموضوع شائك وكان يجب أن أخصص وقت كافي لكتابة ردي على مداخلتك ، وهو ما لم يكن متاحاً لي في الفترة الماضية بسبب إنشغالي ...


بالنسبة لمداخلتك ، فرغم الإختلافات بيننا أرى أن هناك كثير من جوانب الإتفاق ، وقطعاً سيكون الإتفاق أكبر حين تعرف بأن الرأسمالية التي أدافع عنها هي الرأسمالية المنضبطة والمقيدة وليس الرأسمالية المطلقة ... وعموماً يمكنني القول بأن هناك 3 أنظمة إقتصادية في العالم ، لا يوجد غيرها ....

*
هناك النظام الرأسمالي ، والذي تعطى فيه الحرية للأفراد لتملك وسائل الإنتاج وحق العمل والإنتاج ، والسماح لقوى السوق (العرض والطللب وتفضيلات المستهلكين ..الخ) برسم خارطة النشاط الإقتصادي بدون تدخل من الدولة

*
هناك النظام الشيوعي ، والذي يقوم على سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج وتوجيهها للموارد الإقتصادية للمجمتع بطريقة محددة ووفقا لخطة وأهداف تضعها الدولة ، ويمكن أن ندرج النظام التعاوني الذي تكون فيه ملكية موارد الإنتاج تشاركية بين بعض أفراد المجتمع ضمن النظام الشيوعي

*
أخيراً هناك النظام الهجين ، والذي يحتوي على خصائص من كلا النظامين .... وبما أن الشيوعية المحضة والإشتراكية المحضة هما نظامان مثاليان أو نظريان ولا يمكن أن يطبقا في الواقع فإن كل الدولة في العالم تقريباً تتبنى النظام الهجين ، وإن إختلفت نسبة كل مكون في هذا الهجينن من دولة الأخرى ، مثلاً أمريكا نظامها يتضمن حير أكبر للجرء الرأسمالي في حين النموذج الإسكندنافي يكون 50% 50% مثلا ، بينما النظام الصيني والأنظمة الإشتراكية عموما تميل للشيوعية وهكذا ...

الرأسمالية الصرفة ، صحيح أنها نظام سئ ، ولكنها نموذج نظري غير مطبق حالياً ... الأسلوب الأمثل من وجهة نظري ومن وجهة نظر كثيرين ، وهو الإسلوب المطبق في معظم دول العالم حالياً هو نظام رأسمالي مقيد ومنضبط بضوابط تضمن حماية الفقراء والضعفاء وتمنع الإحتكار وتمنع الشركات من إضطهاد أو إستغلال المستهلك وغير ذلك من الضوابط ...

هذه هي الرأسمالية ، ويمكنك الرجوع للويكيبيديا ، أما أي رأسمالية غير ذلك ، فلا علم لي بها ، وذا كانت لديك تعريف آخر للرأسمالية الرجاء توضيحة ، ولكن أرجو ألا يكون هذا التعريف مجرد تكرار لبعض الأقوال الشائعة الخاطئة عن الرأسمالية والتي يتم فيها الخلط بين الرأسمالية والإمبريالية أو يتم فيها التركيز على جوانب الرأسمالية السيئة فقط .

فالربط بين الرأسمالية والإمبرالية هو مطابق تماماً للقول بأن
التلفرين جهار مفسد للشعوب ، فكون التلفريون مفسد أو مصلح يعتمد على طريقة إستخدامه وليس على الجهار في حد ذاته ... ولعل افضل وصف للرأسمالية المقيدة هو تشبيهها بإسلوب تربية الأبناء القائم على إعطاءهم مساحة كبيرة من الحرية وتحمل المسئولية .... إنت تعطي لأولادك الحرية ولكن يكون هناك ضوابط وقيود وتوجيهات .... إذا أساء أحد أولادك إستخدام تلك الحرية وإرتكب فعلاً سيئاً فلا نقول بأن الحرية سيئة .

كذلك الرأسمالية لا يمكن أن تلام على إستغلال البعض بطريقة سيئة لها ... وأكرر الرأسمالية بدون ضوابط هي قطعاً سيئة ... لكن حتى الشيوعية بدون ضوابط تصبح سيئة وأي نظام في الدنيا بدون ضوابط يصبح سيئاً .... في الشيوعية سنجد أيضاً أشياء لاأخلاقية مثل نهب ثروات الدول الأخرى وتجارة السلاح وغيرها

وفي المقابل هناك دول كثيرة في العالم تطبق الرأسمالية ولكن بدون نهب ثروات الدول الأخرى وبدون شن الحروب وبدون وجود تفاوت طبقي كبير بين أفراد مجتمعاتها مثل كندا واستراليا وكثير من دول أوروبا

أنا أراك في مداخلتك قد جعلت الرأسمالية شماعة وعلقت عليها كل السلبيات الأخلاقية والممارسات السيئة سواء تمت بواسطة الدول أو الشركات أو الأفراد ... علماً بأن كل الممارسات السيئة التي أشرت لها من حروب تشن لأسباب إقتصاية أو نهب موارد الآخرين أو تفاوت طبقي ، كلها أشياء وجدت منذ فجر التاريخ وقبل تبلور الرأسمالية الحديثة

ولي مداخلة أخرى حول الأسهم

تحياتي


الألوهي :

ونأتي الآن للأسهم ، وهناك عدد من الأمور أود توضيحها

أولاً : الأزمة الأقصادية لم تؤدي لتبدد مدخرات الطبقة الوسطى إلا في بعض بلدان الشرق الأوسط التي يفتقد أهلها الوعي المالي ... وعموماً فإن تأثير إنهيار البورصة كان كبيراً فقط على فئة المضاربين الذين كانوا يسعوا للثراء السريع من خلال المضاربة في الأسهم وهؤلاء عليهم تحمل تبعات تحملهم تلك المخاطرة والقبول بنتيجة جشعهم .

أما في الدول المتقدمة ، فإن الطبقة الوسطى لم تتأثر كثيراً ، والسبب أن أفراد هذه الطبقة يستثمرون في الغالب من خلال صناديق إستمثارية تدار بشكل محترف وتقوم نيابة عنهم بالإستثمار في أسهم ذات قيمة حقيقية (وليس أسهم مضاربة) وبالتركيز على المدى الطويل ... وهذا النوع من الإسثتمار يعطي لصاحبه عائد وإن كان ضئيلاً إلا أنه شبه مضمون ...


بالنسبة للأسهم ، فهي ليست صالة قمار كما يظن الكثيرين ... كلامك هذا ينطبق على المضاربة ربما ، ولكن الإستثمار الحقيقي يكون في المدى الطويل ، ومن خلال محفظة متنوعة من الأسهم التي لها قيمة حقيقية وليست أسهم مضاربة ... من يستثمر بهذا الإسلوب فهو بالتأكيد سيكون رابح ... فقط عليه الإنتظار

الرد:
المضاربة بحد ذاتها تؤثر على قيمة الاسهم كلها ، لأن كل الاسهم داخلة في المضاربات ، و المضاربة تجعل اسعار الاسهم متذبذبة ، و هذا يؤثر على قيمة السهم وعلى ربح السهم . 

الألوهي:

طبعاً البورصات عندنا ليست مقياس فهي لا تعمل بشكل جيد وتفتقد في كثير من الأحيان للشفافية ، ولا تسلم من التدخلات الغير عادلة التي تتم لصالح الكبار .


البورصات تلعب دور هام جداً في الإقتصاديات المتطورة كوسيط بين المدخرين والمستثمرين ... ما يحدث في الدول المتقدمة هو أن المدخرين يقوموا بإيداع أموالهم لدى صناديق إستثمار يديرها أشخاص محترفين ويتاح لهم عبر تلك الصناديق تنويع محفظتهم الإستثمارية بين عدد من الأسهم الجيدة ... وأموال المستثمرين تلك تلعب دوراً هاماً في مساعدة الشركات في النمو والتوسع ... هذه الشركات الضخمة التي نراها في الإقتصاديات المتقدمة مثل مايكروسوفت أو كوكولا أو غيرها لا تعود ملكيتها لافراد وإنما معظم ملكيتها تعود لمحافظ إستثمارية تدير أموال المدخرين .

أما بالنسبة لتشبيهك للبورصة بصالة قمار وهناك خاسرين ورابحين فهو تشبيه غير صحيح ... والسبب هو أن طالما كان هناك نمو إقتصادي فإن هذا النمو سينعكس على أرباح الشركات وبالتالي على أسعار أسهمها وبالتالي سوف يكون سعر الأسهم في حالة إرتفاع دائم ... ولكن هذا على المدى الطويل جدا .... يعني لو أخذت أي عقد من الزمان (10 أعوام) وأخذت أي سوق أسهم فستجد غالباً بأن أسعار الأسهم في نهاية العقد تتفوق على أسعارها في بداية العقد وبنسبة لا تقل عن 20% ... إذا سوق الأسهم في المدى الطويل هو لعبة بنظام Win – Win game

أما بالنسبة لدور المضاربات في رفع أسعار الغذاء ، فهذا للأسف فيه شئ من الصحة ، ولكن لا تنسى بأن إرتفاع اسعار الغذاء هو حقيقي في جزء كبير منه ، فبسبب النمو السكاني كما في الشرق الأوسط وأفريقيا وغيرها ، وبسبب إرتفاع مستويات المعيشة في كثير من الدول مثل الهند والصين ... وأيضاً بسبب إرتفاع أسعار الطاقة والتي لها إنعكاس مباشر على أسعار الغذاء وأخيراً بسبب تقلص المساحات المزروعة عالمياً ... كل ذلك أدى لفجوة حقيقية بين الطلب والعرض ... والغذاء كما هو معروف إقتصادياً هو سلعة الطلب عليها غير مرن ... وبالتالي فإن أقل إختلال بين الطلب والعرض ينتج عنه تغير كبير في السعر ...

وهنا تكمن عبقرية الرأسمالية التي يحلو للبعض إنتقادها .... فبسبب قوى السوق (التي هي جزء اساسي من النظام الرأسمالي) فإن إرتفاع أسعار الغذاء سوف تشجع المستثمرين على توجيه أموالهم نحو إنتاج المزيد من الغذاء للإستفادة من الأسعار المرتفعة وبالتالي يكثر الإنتاج ويعود السعر للإنخفاض ... في النظم الموجهة تتدخل الدولة عبر فرض أسعار جبرية على المزارعين أو غيرها من الوسائل التي تزيد من تفاقم الأزمة بدلاً من حلها .

وتحياتي الخالصة ... وإذا كان لديك تعقيب فتوقع ردي في نهاية الإسبوع
عزيزي الوراق ...

أعتذر عن التأخر في الرد لأن مداخلتك كانت متشعبة وتحتاج لوقت للرد عليها ... فارجو منك المعذرة ...

وبداية أدعوك لمراجعة ردي على الأخ ياسين ، ففي ردي عليه ايضا رداً على بعض النقاط التي تكرمت بطرحها ... فقط أود تذكيرك بأني أدافع عن الرأسمالية المنضبطة وهي النمط الرأسمالي المطبق في كثير من دول الغرب مثل السويد وكندا وأستراليا وغيرها ... ولا أتكلم عن رأسمالية القرن التاسع عشر الغير منضبطة ...

الرد:

هنا استثنيت مراكز الراسمالية : امريكا والسوق الاوروبية المشتركة ، واقتصرت على اقتصادات تعتبر هامشية بالنسبة لمركز الراسمالية . كلامك هذا ينطبق ايضا على قضية الحروب ، وتستطيع ان تقول ايضا : ان السويد والدنمارك وكندا لم تقم باستعمار احد ولا تتدخل بشكل مباشر في مشاكل الشرق الاوسط وغيره من العالم ، اذا هي دول مسالمة ودول ناجحة وو .. وهذا غير صحيح ، لأن لكل شيء مركز ، فبريطانيا وفرنسا والمانيا و امريكا تعتبر راس الحربة بالنسبة للغرب و في كل مجال ، لا في الراسمالية ولا الامبريالية ولا في استغلال الشعوب .. إلخ ، و البقية يتبعون هذه الرؤوس وليسوا ضدها، في الاخير هم معهم ، والمسيرة واحدة . سيكون كلامك صحيحا اذا كانوا مختلفين عنها و يحملون افكارا مختلفة ومضادة ، وهذا شيء غير واقع ، فالغرب تفكيرهم متقارب جدا . 

هذه الدول الهادئة الوادعة مثل ريش الخوافي بالنسبة للطائر ، تحمله ولا تُرى ، وهذا ان دل على شيء فهو يدل على ان النموذج غير صالح ، لان النموذج الصالح هو من تقدم راسه نموذجا ، و ليس اذياله وحواشيه . مع ان هذه الدول تشارك في اغلب حروب امريكا و راسماليتها ، لكن مشاركتها صغيرة لا يـُنظر اليها بالنسبة لمشاركة الدول الكبيرة .

المفترض ان تقول : انظر الى امريكا وبريطانيا وفرنسا وبقية الرؤوس ، بدلا من الاحالة الى كندا او استراليا ، و مع هذا فقد تظاهر الناس حتى في هذه البلاد ضد الراسمالية ، مع انها راسمالية منضبطة كما تقول ، لو كان بالامكان ضبط الراسمالية لم تكن راسمالية ، كل الضوابط مسالة تأجيل للفتك و اسكات للصرخات والصيحات بطريقة تضمن استمرار دولاب الراسمالية في العمل والتضخم ، مع احتواء الاصوات المعارضة .

مثلما فعلوا عندما وضعوا نظام التأمينات والتقاعد لحل مشكلة القرن التاسع عشر و مشكلة انتشار الشيوعية و سنوا قوانين العمل حتى لا يثور العمال و تتحول بلادهم الى شيوعية تذهب فيها رؤوس الاموال التي تدير البلاد اصلا . و لاحظ ان التشدد في حقوق العمال تتمتع بها امريكا اكثر من غيرها ، لانها مركز ثقل الراسمالية المرعوبة من انتباه العمال و ليس رحمة بهم ، مع ان هذه الصناديق حـُولت الى صناديق استثمارية تعود بالنفع اخيرا على الراسمالية ايضا ، و تـُسكت صيحات العمال .

الراسمالية تتحايل على كل القيود التي تفرض عليها ، و هي تستطيع ذلك . وهل بعد التلاعب بالسياسيين والمشرعين تحتاج الراسمالية الى قوة اكبر ؟ هي تنين لا يمكن لجمه . هذا التنين يريد ان يصل الى هدفه وهو امتلاك كل القوة المالية في العالم في فئة قليلة تتصارع بينها ليبقى واحد في الاخير . ويتحول البشر الى عبيد عنده بما فيهم السياسيين . 

هل هذه القيود تمنع الربا ؟ الربا هو اساس الراسمالية وهو مشعل الحروب و مسبب الازمات . طبعا لا . اذا لم يكبح جماح الراسمالية بفرض ضرائب او نحوها . رؤساء الشركات في امريكا هم من يصنعون القرار السياسي فيها ، فاين هي القيود ؟ اما هذه الدول التي ذكرتها ، فالمسألة مسألة وقت ، ثم يتبين لهم ذلك التنين الذي لا يرحم . ولو رحم لما تضخـّم . ومع هذا فالمتظاهرون ضد الراسمالية ظهروا فيها اخيرا عندما بدا التنين يطلّ براسه ، وهي البداية في الصراع مع الراسمالية وليست النهاية .

كما نلاحظ ان مظاهرات "احتلوا وول ستريت" ليست مظاهرات شيوعيين كما يحاول الراسماليون ان يلصقوا بهم ، انهم عرفوا الراسمالية وعرفوا الشيوعية ، و ان كلاهما غير صالح ، لكن ليس لديهم بديل يطرحونه ، وهذا يؤيد كلامي ان لا بديل لسلام حقيقي و اجتماعي الا في الاسلام الحقيقي وليس في الاسلام النفعي المستَغَلّ . وان حيرة البشر سوف تزداد بحثا عن البدائل الفكرية في كل مجال ، لان الفكر الغربي استهلك وستنفذ طاقته ولم يعد مجديا حتى في الغرب . والدليل هؤلاء المتظاهرون في الف مدينة غربية ليس لديهم بديل يطرحونه . هذا نموذج عن الحيرة و افلاس الفكر الغربي من البدائل . و هنا لا يبقى الا البديل الالهي ، والله ادرى بمصلحة خلقه من انفسهم .    

الألوهي:

أما بالنسبة لمداخلتك فسأعقب عليها بشئ من الإختصار ، وأرجو أن لا أغفل عن تناول النقاط الأساسية فيها ...


اقتباس من الوراق:
هذا عن الكلام النظري ، لكن الكلام الواقعي شيء آخر .. هل تتوقع ان كل الناس يستطيعون ان يمتلكوا وسائل الانتاج حتى لا يبتز احد احداً ؟ هذا غير واقعي ابدا ولا يكون .

هذا الكلام الذي تزين به وجه الراسمالية ، يمكن ان تقوله عن الحرب ايضا ، فهي ميدان تتساوى فيه الفرص ، و فرصة النصر متاحة فيه للجميع !! و بهذا نكون قد جمّلنا وجه الحرب القبيح بكل بساطة . اذا بما انك ترى ان الراسمالية صورة من صور العدالة بين الجميع ، اذا الحرب كذلك ايضا ..

بداية ، نعم كل الناس تستطيع أن تمتلك وسائل الإنتاج ... من كان لديه رأس مال فهو يمتلك وسائل إنتاج .. ومن كان لديه فكرة جيدة لمشروع وهو قادر على تنظيمه وتطويره يمكنه أن يأخذ قرض أو يبحث عن شريك (الدول الغربية تدعم عادة أصحاب الأفكار الجيدة) ... والفكرة الجيدة والقدرة على تنظيم وإدارة المشروع تعتبر أيضاً وسيلة إنتاج ... ومن كان لا يمتلك هذا أو ذاك ولكنه يمتلك القدرة على العمل فيمكنه أن يؤجر مجهوده وخبرته أو مهاراته ويحصل على عائد مقابل ذلك ... وهذا المجهود أو المهارات هي أيضاً وسيلة إنتاج ..
الرد:
شكرا لك .. فقد وضحت أن كل شيء وكل موهبة تعود في الاخير لخدمة الراسمالية ! وكأن الراسمالية تنين يكبر على حسب غيره وعلى عقل غيره ، تنين يفكر بعقل غيره ويعمل بيد غيره . كأنك تقول : من كان عنده فكرة ذكية ، فليقدمها للراسمالي حتى يزداد ذكاؤه ، ومن ليس عنده راس مال فعليه ان يقترض من الراسمالي ليزيد راسماله حتى يبدا مشروعه الصغير و الذي تدور من حوله الحيتان الراسمالية الضخمة ولا يستطيع ان ينافسها .

لهذا المال تجمع في الغرب في يد الـ 1% ، و1% أقلية ، هذا دليل على ان الراسمالية غير عادلة ، و ان المستثمرين الصغار ليسوا الا وجبات شهية للحيتان الكبار تنتظرها حتى تسمن . و في الاخير تبقى عدد الحيتان 1% من بقية موجودات المحيط . مع ان الطبيعة عادلة ولا يمكن مقارنتها بالوضع الراسمالية المجحف ، ولكن لمجرد التشبيه ، فالحيتان حقيقة تمتنع عن الاكل اذا شبعت ، اما الراسمالي فيزداد جوعا كلما قلت انه شبع . لهذا تعيش الاسماك الصغيرة مع الحيتان ولم يؤدي هذا الى انقراضها ، بل يوجد توازن . اما الراسمالية فشعارها امتلاك كل المال الموجود على سطح الارض و تجريد اصحابه منه باي وسيلة لا تشكل خطرا .

اذا الراسمالي هو شخص لا يفكر بعقله و لا يعمل بيده ، لأن كل المجهودات والابدعات تنصب في صالحه . فهو يفكر بعقل مستعار ويعمل بأيد مستعارة ، وفي الاخير هو لا يعمل والمال ينصب في كيسه .  
الألوهي :
والدولة تضمن لذلك الشخص الحصول على عائد مجزي من خلال الحد الأدنى للأجور وهو نظام متبع في معظم الدول الغربية ومن خلال إعطاء ذلك العامل أو الموظف الحق في الإضراب عن العمل أو الإنتظام في إطار نقابات تحمي حقوقه
... أخيراً فإن قوى السوق تضمن لهذا الموظف أن يحصل على أجر عادل من خلال العرض والطلب الذي يحدد الأجور .

الرد:
عذرا للإعادة ، و هي ان الراسمالية لا تـُلجم و لا يمكن لجمها ، حتى لو وضع حد ادنى للاجور ، فمن يوقف المضاربات ؟ من يوقف ارتفاع الاسعار و معدلات التضخم ؟ ماذا سيفيد الحد الادنى للاجور اذا كانت الاسعار ألعوبة بيد الراسماليين ؟ فما يعطى باليد اليمنى يؤخذ باليسرى ، ويتحول العامل في الاخير الى عبد يعمل بملء بطنه حتى لا يفقد الطاقة التي يريدها الراسمالي .

لهذا نرى ان نسبة وقت العمل في الغرب تزداد ، والحد الادنى للتقاعد يرتفع ، متجاوزا الستين الى قريب السبعين من عمر الانسان في بعض الدول بحجة تحسن الاوضاع الصحية للانسان (العبد العامل) . الديون لا يكاد يخلو منها احد ، العمل هناك يصل الى 12 ساعة احيانا ، كل هذا يشبه وضع العبودية والرق الذي تشدقوا بمحاربته . و هذا الضغط على العمال في زيادة ولا ننسى قابلية التسريح عن العمل في اي وقت . حيث تسرّح الشركات عمالها بالالاف فجأة تبعا لمصالحها .

اما الصناديق الاستثمارية فهي لا تعني ان الناس هم من يمتلكون الشركات ، بقدر ما تعني أنها مال هش ولين وسهل الهضم و ليس له صاحب مُطالب ، اي شريك مسالم وصبور ويقال له : انتظر عقودا و عقودا حتى تستفيد من اسهمك . لهذا تصر انت على الصبر الجميل والطويل على الاسهم حتى يستثمرها الراسماليون ويستفيدوا منها ثم يعطوا نتفة من فوائدها لصاحب السهم بعد سنين من الصبر الجميل . و حتى لا تخسر اسهم شركتهم في المضاربات وتحافظ على سمعتها .

اذا كل التحركات و النشاطات البشرية من عمال وغيرهم المستفيد الاكبر منها هي الراسمالية ذات الـ 1% من عدد السكان . وهي الاقل مجهودا ذهنيا وجسديا ، والاكثر ربحا دائما . اذا المسألة مسالة وقت حتى يتجمع بقية المال في يدها ، و ليس هذا بالنظام العادل اطلاقا ان يأخذ كل شيء طريقه لمصلحة فرد على حساب من يعمل 12 ساعة ولا يكاد يسدد ايجار منزله واقساط سيارته .. نعم ترتفع الدخول ولكن ترتفع معها الاسعار . اذا كل الطرق تؤدي الى روما (الراسمالية) . و كل مجهودات البشر تصب في جيوبهم . من افكار ومن مجهود . انها الرق و العبودية في ثوبها الجديد والمستقبل لها اذا لم تنتبه الشعوب و تبحث عن نظام آخر . مع انها لن تجده الا في الاسلام الحقيقي .  

الألوهي :

ولا أحد يبتز أحد ... فحتى لو لم تكن تملك أي من تلك الوسائل فالدولة تضمن لك بدل بطالة ، وتضمن لك دخل يكفي لسد حاجاتك الأساسية لو لم تكن تمتلك وظيفة ..... كل ذلك يحدث داخل أنظمة تسمى أنظمة رأسمالية وتطبق النظام الرأسمالي المقيد والمنضبط
الرد:
ما دامت الشركات تستطيع ان تسرح متى تشاء ، ليس لتقصيره ولكن لاجل مصالحهم ، و لو ترك الناس بدون اعالة بطالة تقدمها الدولة من ضرائب الشركات ، اذا لماتوا او لثاروا على الراسماليين واحرقوا قصورهم ، وهذا شيء مرعب .. انها مسكنات فقط لكي لا ينتبهوا الى التنين الذي يلفهم وتمتد اذرعته من وراءهم دون ان يدروا . 

الناس هناك يزدادون عملا و يزدادون فقرا ، والكبار يزدادون راحة و يزدادون دخلا . وهذا بعض ما عبرت عنه مظاهرات احتلوا وول ستريت العالمية في بلاد الراسمالية التي تحاول ان تبرز لنا حسناتها ، لكن شعوبها الكادحة والمستغلـّة والمخدوعة بجنة الراسمالية قالت غير ذلك ، و وضحت لنا الوضع الداخلي في عواصم الراسمالية التي تقول انها ترضي الجميع وعادلة مع الجميع . و لو كانت عادلة لما خرجت تلك المظاهرات العارمة في 1000 مدينة من دول الغرب حتى استراليا .       

الألوهي:
اقتباس من الوراق:
ضع في اعتبارك ايضا ان الراسمالية لعبة الاقوياء ، اي لم تطبّق والناس كلهم بمستوى دخل واحد . هي طبقت واصحاب الملايين يملؤون جيوبهم المنتفخة ، ثم يقولون للناس : تعالوا لنساوي الفرص ! بمعنى انها لم تملك ولا حتى البداية العادلة . هذا عدا ان فكرة الصراع بغيضة من اساسها وهي اساس الراسمالية
. لكنه صراع غير عادل ، فالقوي يزداد قوة والضعيف يزداد ضعفا ، و لم يلعب القوي الا ليكسب ما عند الضعيف ، لا لكي يكرمه .

الرأسمالية المطبقة في دول العالم حالياً تضمن حسن توزيع الدخل من خلال نظام ضرائب تصاعدي .... هل تعرف ان في الدنمارك مثلاً 97% من الشعب هم طبقة وسطى ... علماً بأن الدنمارك هي بالنهاية دولة رأسمالية ...

حتى في أمريكا ... مستوى الفقر يبلغ 20% وهي نسبة أقل بكثير مما لدينا ... لكن تعريفهم للفقر هو تعريف مستفز فعلاً ، فالفقير عندهم هو من يقل دخله الشهري عن 2000 دولار !!!

أما صراع الطبقات وغيرها من الاقاويل ، فهي مجرد إفتراءات توجد فقط في أذهان الشيوعيين 
 ...


الرد:
انت لم تتكلم عن غلاء المعيشة والاسعار ، خصوصا السكن ، فقط تكلمت عن الدخل ! علبة البيبسي عندنا تصل الى خمسة او ستة اضعاف قيمتها هناك . اما عن الدول الصغيرة (حواشي الغرب) ، فطبيعي ان يكون وضعها افضل وأهدأ ، لأنها ليست مسؤولة عن قضايا عالمية وانفاقها على الدفاع والسلاح اقل بكثير من انفاق دول الواجهة كامريكا مثلا . أو حتى في الدول النامية التي يذهب ما يقارب نصف دخلها للتسلح . لكن ما اصاب دول الواجهة سيصيب الحواشي ايضا ، وما اصاب الراس سيصيب بقية الجسم تدريجيا . وهو داء الراسمالية التي لا يمكن كبحها ، و كلما اغلق عليها باب ، جاءت من باب اخر . 


الألوهي :
 
اقتباس من الوراق:
لا ، الاسلام لا يدعو للراسمالية ولا يعتنقها ، الاسلام يبقي تساوي الفرص ومجالا للفروق الفردية ولكن لا يعطي الضوء الاخضر للقوي بأن يمتص دم الضعيف
. الاسلام حرم الربا ، وهي ضربة قاصمة للراسمالية وتوقف لتعملقها وتضخمها ، ( لكي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) . الإسلام بنى نظرته الاقتصادية على اساس الفقراء (كما قال الرسول : الضعيف امير الركب) ، وليس على اساس الاغنياء كما تفعل الراسمالية بالضبط (فالمادية الغربية ترى ان القوي هو امير الركب ، ولا قيمة للضعيف الا تابعا و عبدا لارباب المال المنطلق في نمائه بلا حدود ) . الاسلام جعل حقا في مال الاغنياء للفقراء ، و ليس بدافع الشفقة فقط ، بل اعتبره حقا لهم يستطيعون ان يطالبوا به .


كما نلاحظ ان حق المال الذي سنه الاسلام للفقراء والمحتاجين ليس حقا للدولة ، بل لمصارف الزكاة المخصوصة ، وهذا يجعله مختلفا عن نظام الضرائب الذي لن يصرف كله على الفقراء والمحتاجين ، حيث يستغل في اكثر الاحوال لبناء المرافق العامة والخدمات العامة التي يستفيد منها بالدرجة الاولى الاغنياء ، و كأنهم يصرفون على انفسهم من ضرائبهم ، اما نظام الزكاة فهو خاص لهذه الفئات المحتاجة ولا يضارون فيه .


كيف يبقي الإسلام تساوي الفرص ... وكيف تمنع الرأسمالية تساوي الفرص (اتكلم عن الراسمالية المنضبطة)


الرد:
الراسمالية لا تضبط ، ولو ضبطت لم تكن راسمالية . لاحظ اسمها : راسمال ، يعني : انتقال المال بطريقة رأسية و ليست افقية انتشارية .  

الألوهي :  تذكر أن الإسلام يقر التفاوت بين الناس ويحترمه ، فهناك آيات تقول ... لقد فضلنا بعضكم على بعض أو لا تتمنوا ما فضله الله به بعضطم على بعض أو مثل ذلك
الرد:
طبعا نعم ، الناس متفاوتون في كل شيء ، وهذا امر فطري ، والاسلام دين الفطرة ، لكنه يقول (كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم) ، اي ضد الراسمالية . الاسلام يراعي اختلاف القدرات واختلاف المجهود ، لكنه لا يريد ابدا ان يتجمع المال في كيس واحد او عدة اكياس تتصارع فيما بينها على كيس واحد ضخم .

احترام التفاوت شيء و فتح المجال لزيادة التفاوت شيء آخر . الاسلام يريد ان يكون المال ثمرة المجهود ، سواء الذهني او العضلي او بهما معا . الراسمالية تتجه الى تجمع المال بدون مجهود ، لا ذهني ولا عضلي . فكلما تضخم الكيس قل المجهود ، بحيث يفكر عنك غيرك و يعمل بدلا منك غيرك . الاسلام حارب ان يكون المال بحد ذاته يكسب المال ، بل لا بد من المجهود .

اما الراسمالية فهي تجعل المال ينمي نفسه بنفسه ، لاحظ انها تـُنسب إلى المال ، وتسمى رأس المال ، بدلا من الراس المفكر . اي ان المال بحد ذاته راس يفكر ويطور نفسه . وهذا هو الواقع ، فهو يشتري العقول المفكرة والايدي العاملة والالات المنتجة ، فماذا بقي من النشاط ليقوم به صاحبه ؟

هناك تعاكس كامل بين الراسمالية والاسلام . الراسمالية تكرس الغباء والكسل و تعطي كل شيء لمن لم يفعل اي شيء ، وهذا نظام ظالم ، و الاسلام ضد الظلم والاسلام مع احترام نشاط كل شخص . و حريص على ان ياخذ الفرد ثمرته بالدرجة الاولى . الشيوعية تستولي مباشرة على نشاط الانسان ، والراسمالية تستولي عليه بطريقة غير مباشرة .  

الألوهي :
إذا كان جوهر الرأسمالية هو دعوتها لحرية التملك وحرية إنتقال روؤس الأموال وحرية التجارة وحرية المعاملات الإقتصادية ...

الرد:
هذا ليس جوهر الراسمالية ، بل هو عرضها . جوهرها : تجمع المال في كيس واحد دون ان يستطيع احد ان يكبح ذلك . اي راس الهرم . وهذا الجوهر لا يذكر ولا يصرَّح به . لكن المنطق يكشفه بسهولة . فلعبة الراسمالية على نظام خروج المغلوب ، بحيث يبقى فريق واحد . لهذا يعدّون الراسماليين في نشرات سنوية ويخرجون المغلوب منهم ، مثل تصفيات كاس العالم و لكن على امد اطول حتى لا ينتبه القطيع .

اكبر عيب في اي نظام اقتصادي هو تجمع المال في زاوية واحدة ، و اي نظام اقتصادي غايته هي توزيع المال والثروة ، اذا النظام الراسمالي هو اسوأ نظام ، لأن هدفه تجميع المال في زاوية واحدة . اما فكرة الراسمالية المنضبطة فهي وسيلة يقدمها الراسماليون كمسكن حتى لا تنزعج الراسمالية في عملية الامتصاص و الهضم . ونلاحظ ان هذه المسكنات ترتفع مع ارتفاع الصيحات المنتبهة لوجود التنين . اي انها بدأت تدريجيا منذ القرن التاسع عشر واندلاع الثورة الشيوعية في اوائل القرن العشرين والتي سببت الرعب للراسماليين واطلقت لايديهم المغلولة بعض الشيء ليسترجعوا ما قدموه فيما بعد . و انظر الحرب الشعواء التي ادارتها امريكا واتباعها الغربيون ضد انتشار الشيوعية لتعلم كم من المكاسب التي يخافون ان يفقدوها لانهم مستفيدون من الوضع الراسمالي . واذا قلنا امريكا فنقصد الراسماليون هناك الذين يتحكمون بالقرار السياسي والعسكري . اما من ياخذ مقابل مجهوده ، فلا يكون مرعوبا الى هذه الدرجة .     


الألوهي :وإذا كان الإسلام يدعو لذلك ايضاً ، (يتطابق مع جوهر الرأسمالية) ، ألا يعني ذلك بأن الإسلام يدعو للرأسمالية ...


الرد:

بما سبق ذكره نجد ان الاسلام لا يتطابق مع جوهر الراسمالية ، بل هو ضده . و إن اتفق معها في العرض وهو تساوي الفرص . و هكذا نفهم كم هو الاسلام حكيم و رحيم بالعباد . فهو لا يشل نشاط المجتهدين ولا يضيع حقوق الضعفاء والخاملين ولا يسمح بان تسيطر القلة من الراسماليين على مجهودات الاكثرية ، وهؤلاء النابهين استفادوا بلا شك من جهود و بلاد هؤلاء الضعفاء ، لهذا جعل الاسلام للضعيف حق في كسب القوي و بطريقة تصاعدية . فلولا الضعفاء لم يبرز الاقوياء ، هذا عدا تحريم الربا الذي ينمي راس المال بدون مجهود .

و هذا عدا ان الاسلام يكره الجشع و حب الدنيا وجمع الاموال ، و توعد الذين يكنزون الذهب و الفضة ولا ينفقونها في مجالات تفرضها الاخلاق . و جعل الزكاة تلاحق تلك الرؤوس المكنوزة ، بحيث انها قد تنتهي بالزكاة اذا هي جمّدت و لم تشغّل . اذا الاسلام ضد الاحتكار وتكدُّس راس المال . و ضد الربا الذي ينمي راس المال بدون مجهود . والإسلام مع الاخوَّة والتعاون و حث المسلمين على انفاق الفضل ، اي الزيادة التي عندهم لمن هو محتاج لها ما دمنا لسنا في حاجة ماسة اليها . (يسألونك ماذا ينفقون قل العفو) اي الزائد عن الحاجة .

الاسلام الحقيقي دين اخوة و تعاطف وليس دين تصارع على امتلاك الثروة . وما اكثر الايات التي تحث على الانفاق و تذم البخل ، (وابتغ فيما اتاك الله الدار الاخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا)  و كل هذا ضد الراسمالية . اذا شتان ما بين الاسلام والراسمالية . والاسلام يقدم لنا قارون كنموذج للراسمالي المتكبر الباذخ والذي كان ينسب ثروته الى مجهوده الخاص ، و الحقيقة انه لا احد يستطيع ان يصل الى مثل ما وصل اليه بدون مجهودات الاخرين وتوفيق الله .

الألوهي :
صحيح الإسلام وضع قيوداً مثل منع الإحتكار ومنع الربا ... ولكن في الرأسمالية المنضبطة أيضاً حدود .... مع ملاحظة أن الفائدة على رأس المال هي عنصر هام في الرأسمالية ولكن لا يمكن إختزال الرأسمالية في هذا العنصر ومن ثم الإدعاء بإختلاف الإسلام عن الرأسمالية

الرد:
انت اثبت ان الربا عنصر هام في الراسمالية والحقيقة انه اكثر من هذا ، بل هو اهم عنصر ، ولم توجد راسمالية بدون ربا لان مجهود الفرد محدود ، و لكن اذا كان المال يتنمى من حاله ، فلا حدود لذلك . والتاريخ يثبت لنا تلازم الراسمالية مع اليهود في كل مكان ، واكثر ما اشتهر به اليهود هو الربا والذهب في كل الاقطار التي عاشوا فيها .

الاسلام حارب الراسمالية في راسها من خلال تحريم الربا ومن خلال تحديد الزكاة على راس المال المجمد فقط والذي دار عليه الحول ، اما ادوات الانتاج فلا زكاة عليها و كذلك ادوات ضرورات الحياة . هذا غير ما تقتضيه حاجة البلد من فرض ضرائب على رؤوس الاموال ، فالضرائب لا تعفي عن الزكاة . اذا الاسلام يتميز بكسر شوكة الراسمالية والاستفادة من تساوي الفرص الموجود في الراسمالية و الذي تلغيه الشيوعية . اذا الاسلام افضل نظام اقتصادي في العالم .. نحن ما زلنا نتكلم عن الفكر وليس عن الواقع .

وانت تمتدح كثيرا الراسمالية المقيدة والمنضبطة ، والاسلام يقدم هذه الضوابط بشكل افضل ، لان الراسمالية المنضبطة لا تمنع الربا بينما الاسلام يمنعه ، والراسمالية المنضبطة لا تجعل حقا للفقراء والمساكين في اصل راس المال ، بل تعتمد على الضرائب العامة التي تخدم فيما تخدم الاغنياء انفسهم بشكل افضل من خدمتها للفقراء ، لانهم هم من لديهم راس المال وسوف يستفيدون من ايجاد البنى التحتية اكثر من غيرهم .

فاذا انشئت الجسور واقيمت السدود في المدينة فاكثر المستفيدين من ذلك هم اصحاب المال ، اي حتى هذا الانضباط هو في صالح الراسماليين ، مثله مثل صندوق التامينات او التقاعد ، حيث يعود النفع في الاخير للراسمالية التي تستثمر اموال العاملين طيلة فترة عملهم ، و نسبة من يموتون اكثر من نسبة من يستفيدون بعد استكمال مدة الخدمة ، اي بعد الستين فاعلى .

هذا غير توفير القدرة الشرائية الاستهلاكية المستمرة ، والتي تعد ضرورة للقطاع الراسمالي الذي يدفع الناس دفعا للاستهلاكية حتى ياخذ ما عندهم بعد ان يلوث الارض بالنفايات و المنتجات المجهزة لكي تتلف بعد مدة قصيرة ، حتى يستمر مكن الراسمالية في الانتاج .

اذا الراسمالية مسؤولة ليس فقط عن زيادة الفقر ، بل ايضا عن زيادة التلوث ونضوب الموارد من خلال الاستهلاك الجائر حتى تجمع الراسمالية اكبر قدر من اموال الناس من خلال التفنن في التسويق والعرض وتقديم العروض والتسهيلات ، مستغلين حاجة الناس او ضغوطات بعضهم على بعض تحت تاثير الاغراء الشديد . حيث ان اغلب ما يشتريه الناس ليس ضروريا ولكنهم يجدون انفسهم مضطرين تحت الضغوط الاعلانية و الاجتماعية . ولو استطاع الرجل ان يضبط نفسه فكيف سيستطيع بقية العائلة والاطفال ؟ وان يدفع الناس للاستهلاك ليس مثل ان يتركوا على راحتهم .

اذا الراسمالية تفسد العالم من كل ناحية ، لانها فكرة ذات هدف واحد وهو جمع المال بغض النظر عن اي شيء اخر . والاسلام اصلا ضد جمع المال بل مع انفاقه ، و هذا هو الاصل فالمال لم يوجد لكي يجمع و يخزن ، بعبارة اخرى : الراسمالية تساوي احتكار المال و حجبه عن الناس ليكون ملكية خاصة مجمدة . وهذا يساوي شللا للحياة على المدى البعيد . و المال هو عصب الحياة ، اذا تكون الحياة للفرد والشلل للبقية .

و لو كان محمد غير مرسل ، كيف سيعرف هذا وهو بدوي بعيد عن مراكز الحضارة ؟ وكيف عرف ان الراسمالية افة وهو بين اناس يربطون بطونهم من الجوع في بلاد صحراوية و بعضهم لم ير المال في حياته ؟ و ها انا ذا اقدم كلامه علاجا لمشكلة القرن الواحد والعشرين بعد ان وقف اهله حائرين في خيام وول ستريت ماذا يفعلون وكيف يفكرون كبديل للوضع السيء الذي يعيشونه حيث يزداد الفقير فقرا والغني غنى . وتزداد الهوة ولا تضيق بين الـ1% الذين لا يعملون والـ 99% الذين يعملون اكثر من 9 ساعات يوميا ولا يستفيدون من مجهودهم بل تزداد ديونهم .

الألوهي :

الحديثين اللذان أوردتهما لا يرقيان لمرتبة الصحيح ، وأنا منهجي ببساطة هو رفض أي حديث لا يرقى لمرتبة الصحيح (بغض النظر عن المنهج السلفي الذي يبيح ذلك أحياناً لغرض الإستئناس أو غير ذلك) .... فمن أين جئت بقولك إذاً بأن الإسلام بنى نظرته الإقتصادية على أساس الفقراء أو أن الإسلام حث على تداول الأموال ... الإسلام حث على الإنفاق في سبيل الله وتوعد من يكنزون الذهب والفضة صحيح ... ولكن هذه قواعد أخلاقية وليست قواعد إقتصادية ...


الرد:
هي اخلاقية ولكن من المستفيد منها ؟ لا شك انهم الضعفاء . اذا الاسلام بنى نظرته على اساس الضعفاء ، هي اخلاقية واقتصادية في الوقت نفسه ، من خلال الحث حينا والالزام حينا اخر . و يؤيد هذا تحريمه للربا خوفا على الضعفاء ، ويؤيد هذا سنه للزكاة كحق في راس المال للضعفاء .. وكل الكفارات في الاسلام المستفيد منها الضعفاء والعبيد ، مثل كفارة الظهار و كفارة اليمين وكفارة الافطار في الصيام للمرضى ، الخ .. كل هذا عدا الايات و الاحاديث التي تتكلم اول ما تتكلم عن الضعفاء ، كل هذا لا يـُفهم منه ان الاسلام بنى نظرته على اساس الضعفاء ؟

اما الراسمالية فليس الضعفاء عندها الا عبء يعيق تقدم راس المال ، و يجب التعامل معهم باي اسلوب يكفل استمرارهم بالعمل و الاستهلاك وعدم المشاغبة .. الست ترى الراسمالية تتجه الى التقنية والكمبيوتر والروبوتات ، فالروبوت لا يطالب بحقوقه مثل العامل ولو استطاعت الراسمالية لشغلت كل مصانعها بدون اي عامل بشري ، و يتحول البشر الى قطاع مستهلك اي قطاع يـُستـَثمـَر الى اخر قطرة ، و كل الانظمة والقوانين هناك تأخذ في اعتبارها اول ما تاخذ حرية الكبار ، وليس ادل على الاقتصاد الحر في امريكا التي لم تعبأ حتى بمؤتمرات البيئة العالمية حرصا على مصلحة اصحاب الشركات .

بل ان الراسمالية تشتري الكثير من العلماء لكي يبددوا المخاوف على البيئة . اذا هي لا تهتم ولا بالبيئة ، اذا هي عدو للانسان والبيئة على مبدأ : انا والطوفان من بعدي . انها تمثل الانانية المفرطة في ابشع صورها . حيث لا يستطيع الفرد ان يستمتع بالحياة وغيره لديه ما يملكه .  

الألوهي :
 • من قال لك أن الفقير يحصل على الأموال من الأغيناء في الدول الغربية كحسنة أو شفقة ... ربما كان العكس هو صحيح تماماً .... في الإسلام الزكاة تبلغ 2.5 % تقريباً على رأس المال وهي نسبة ضئيلة جداً لا تكفي لسد حاجة الفقراء .... في الدول الغنية الزكاة تكون على الدخل ... وتبلغ 40% تقريباً على الأغنياء ... وبحسبة بسيطة ستجد أن حصيلة الزكاة ستكون اقل بكثير من حصيلة الضرائب ... هذا عدا عن أن نظام الزكاة فيه كثير من الثقوب التشريعية التي تجعل التهرب سهلاً ..... إذا الفقير في الدولة الإسلامية المفترضة لن يحصل على ما يكفيه لو إعتمد على الزكاة ولا بد له من إحسان أو عطف الأغنياء عبر إعطاءه الصدقة .... في الدول الغربية الفقير لا يحصل على مال بشكل مباشر من الأغنياء (مما يحميه من المذلة) هو يحصل علي أمواله من الدولة بشكل مباشر ، أو من الجميعات الخيرية التي تدعمها الدولة بشكل غير مباشر .

الرد:

لو طبقت الزكاة لم يبق فقير ، و لكن هذا لا يعني انه تحول الى غني ! لكن على الاقل يستطيع ان يقف على قدميه . الزكاة ليس شرطا ان يسلمها الغني للفقير يدا بيد .. من الممكن ان تصل اليه من خلال الدولة او من خلال الجمعيات الخيرية . وهذا هو الاكثر ، و حتى لو سلمت يدا بيد وبدون منة كما طلب القرآن ، ستكون دافعا للمحبة والتعارف  و ليس للشعور بالمذلة . و تخيل انك فقير محتاج و ياتي شخص كريم وغني ومؤدب اليك في منزلك ويقول : هذا حقك في مالي وانا ادفعه لك حتى انقذ نفسي من النار و ليس لكي اذلك به .. والذي اغناني قادر على ان يغنيك ثم تساعدني .. فهل ستشكره ام ستكرهه ؟

ثم انك ابتعدت عن نقطة مهمة وهي ان الزكاة للفقراء خاصة بينما الضرائب يستفيد منها الجميع ، اذا الغرب لم يقدم شيئا خاصا للفقراء .

انت لم تشر ان هذه الضرائب تسلم بالكامل للفقراء و تسمى "حقا" لهم ، انت قارنت فقط بين النسب الـ 2,5 % و الـ 40% أحيانا ، و لكنك لم تذكر لمن . و هذه نقطة اهملتها ولست ادري لماذا . والضرائب موجودة على كل حال ومنذ القدم وليست شيئا مبتكرا . 

الزكاة ليست هينة اذا طبقت ، كما انها لا تقصم الظهر كضرائب تصل إلى 40 % قد تجعل الراسمالي يزداد جشعا وتحايلا كي يعوضها . هذا مع العلم انه هو نفسه مستفيد من عوائد الضرائب . اذا الضرائب لم تحل المشكلة . فقط تزيد الجشع وتبتكر اساليب للتهرب والاسترجاع على حساب الضعفاء ، و تعود فوائدها على دافعها بالدرجة الاولى . الاغنياء في الغرب ليسوا مسؤولين عن الفقراء قانونيا ولا اخلاقيا ، بينما في الاسلام الغني مسؤول عن الفقير حتى لو لم تكن هناك دولة تلزمه بدفع الضرائب ، و هذا لا شك فرق كبير . حتى الاقليات الاسلامية في الدول الغربية تلزمهم الفريضة ان يدفعوا الزكاة لفقرائهم .

كما ان الاسلام لم يحرّم نظام الضرائب حسب الحاجة العامة ، فلكل مجاله . لهذا السبب تضخمت رؤوس الاموال في الغرب مع وجود التقنين الذي تتحدث عنه . ولو كان هذا التقنين سليما ومجديا لما وجد هذا الفرق الفاحش في توزيع الثروة هناك . و لما وجد 20 مليونا او اكثر من الفقراء في امريكا رمز الراسمالية .

اذا الاسلام ليس نظاما راسماليا مقننا . الاسلام ضد ان يكون المال دولة بين الاغنياء فقط . نظام الاسلام نظام تكافلي و تعاوني و اخواني ، بل جعل النجاح في الآخرة يعتمد اول ما يعتمد على انفاق المال الزائد على المحتاجين ، قال تعالى : فلا اقتحم العقبة وما ادراك ما العقبة ( ياتي الجواب : ) فك رقبة او اطعام في يوم ذي مسغبة ، يتيما ذا مقربة او مسكينا ذا متربة .. اذا حتى تقتحم العقبة لا بد ان تنفق على الضعفاء ، وهذا يشير الى ان الاسلام بنى نظامه الاقتصادي والاخلاقي على اساس الضعفاء ، وما اكثر ما تتكرر كلمتي مسكين و يتيم في القران ، وما أكثر ما تتكرر كلمة ناجح وملياردير في الغرب !

اذا الانفاق على الضعفاء من اهم اصول الاسلام حتى يكون الانسان مسلما . والجهاد بالمال مقدم على الجهاد بالنفس في كل الايات . هل هذا موجود في الراسمالية التي تقدس الفرد و تعلي شأن الأنانية و تقدس الفردية ؟

اذا الاساس الاخلاقي للراسمالية غير جيد ، بل غير موجود .      


الألوهي :
 
اقتباس من الوراق:
اذا في الوضع الاقتصادي الاسلامي – لو طبق – لن يحقد الضعفاء على الاغنياء ، بل سيتمنون لهم سعة اكثر في رزقهم ، لانهم هم المستفيدون من وراء ذلك . كما ان الاسلام شجع و حث على القرض الحسن ، يقدمه القوي الى الضعيف ، لكي يبدا به حياته العملية و بدون فوائد
. هذه هي الاخوة الاسلامية التي دعا اليها الاسلام . وان كانت لا تطبق الا على شكل جزئي هنا و هناك ، لكن من طبقها ياخذ نتائجها الايجابية والمتوازنة .

لم تقم الشيوعية الا ردة فعل على الفم الواسع والذي لا يشبع للراسمالية ، حيث تتكدس الاموال عند افراد لا يستطيعون ولا حتى الاستفادة منه ، لانهم في الغالب في مراحل متقدمة من العمر . حيث تتجمع اموال الامة عند من لا يستفيد منها ، ويحرم منها من يستطيع ان يستفيد . و المباراة خاسرة مقدما بين عمالقة المال وصغار المستثمرين . فاين تساوي الفرص ؟ لا يوجد الا على الورق .


لو طبق !!!! ومتى سيطبق هذا النظام الإسلامي ....

الرد:
سيطبق سهولة اذا شاء السلمون انفسهم ورموا عنهم افكار الغرب المادية الجشعة الانانية  و رجعوا الى قرآنهم العظيم  وسمعوا كلامه . 

الألوهي :منذ أن ظهر الإسلام يقال بأنه طبق فقط لمدة 15 عاماً في خلافة أبي بكر وعمر وعمر بن عبد العزيز .... في الواقع أنا لا أعترف بوجود شئ إسمه إقتصاد إسلامي أو نظام إقتصادي إسلامي ....

الرد:
هذا شأنك ، بينما تعترف بوجود نظام اقتصادي شيوعي و آخر راسمالي ! لكنك لا تستطيع الاعتراف بوجود نظام اقتصادي اسلامي ، ربما السبب لانك تنظر الى الواقع ، و نحن هنا نتناقش في مجال الافكار وليس الواقع .

وبالمناسبة ، الراسمالية ليست نظاما ، فهي مبنية على اساس الحرية ، والحرية ضد النظام ، و ما ضد النظام يسمى فوضى ، والفوضى تسبب تناقض ، والتناقض يسبب تصادما ، و التصادم يبدد القوى . الهمجية ما هي ؟ هي ليست الا الغاء الآخرين و أخذ ما عندهم ، سواء على صعيد سياسي او عسكري او اقتصادي ، والراسمالية هي بالضبط هذا الشيء ..

 إذاً الراسمالية اساسها همجي ، والهمجية لا تعرف النظام ، فكيف تسميها نظاما راسماليا ؟ الست تتكلم عن راسمالية "منضبطة" و "مقيدة" وعن اقتصاد "حر" ؟ هذا يدل على ان اصلها الانفلات ، وهذا يشبه ربط بعض اصابع يد السارق ليس الا ، و يبقى السارق سارقا .

الشيوعية اقرب لان تسمى نظاما من الراسمالية ، و مع ذلك فالشيوعية اساسا قائمة على الهمجية ايضا ، بان يستولي العمال على ممتلكات من يعملون عندهم وتكون الثروة بيد البروليتاريا بدلا من اصحابها الاصليين من خلال القوة . اي همجية .

الاسلام اذا هو النظام الوحيد ، لانه ينظم العلاقة بين الاغنياء والفقراء و يتعايشون بسلام مراعيا الفروق الفردية و حقوق الانسان ، و يمنع كل ما يسبب الصدام والحقد والتسلط والسحق ، الست ترى في الاسلام ضوابط وممنوعات في مجال الاقتصاد كالربا و القمار وفرض الزكاة على رؤوس الاموال ومنع الاحتكار ؟ النظام يعني وجود حدود ترد عن الانفلات ، وهذا ما فعله الاسلام ، اذا الاسلام هو النظام الاقتصادي الوحيد في العالم .

قيود الاسلام حقيقية وثابتة ولا يمكن التملص منها ، اما ما تسميه قيودا في الراسمالية المنضبطة ، فأولا هي ليست اصلا فيما يسمى النظام الراسمالي ، لانك تقول انها توضع حسب الظروف وقابلة للسحب ايضا حسب الظروف ، اذا هي ليست ثابتة . واذا قلنا نظاما فهذا يعني الثبات . لاحظ ان هذه القيود تفرضها الحكومات ، بينما ضوابط الاسلام الاقتصادية تعمل حتى ولو سقطت الحكومة ، بل على اقل عدد من الافراد ، وهذا غير موجود في الراسمالية طبعا .

اذا تلك القيود مفتعلة وليست اصيلة . من ناحية اخرى ، هذه القيود وضعها الراسماليون ، اذا هم ادرى بطرق التملص منها وكيف تكون هذه القيود مفيدة لهم رغم وجودها . اما قيود الاسلام فقد فرضها الله وليس الراسماليون . والدليل من الواقع ان هذه القيود لم تسبب توزيعا عادلا للثروة عندهم ، و القيود نفسها مفيدة لهم ، مثل التامينات والتقاعد والحد الادنى للاجور والراسمالية الخيرية والضرائب . كل هذا ليس فيه شيء ضد الراسمالية ! فتستطيع ان تتساير معها وتستفيد من خلالها .

أما تحريم الربا وفرض الزكاة فلا يستطيع ان يكسب من وراءه الراسمالي او يتحايل عليه لانها تسلم ليد الفقير من مال الغني ، بواسطة دولة او بدونها . والضرائب تؤخذ غصبا بينما الزكاة تدفع دينا وأخلاقا ما دمت تتكلم عن نفسية المستفيد . فلا احد يسره ان يستفيد من مال احد وهو كاره ، بينما هو يتهرب من موظف الضرائب .  
 
الألوهي :
وأنت تتكلم عن القرض الحسن .... هل لهذا علاقة بالإقتصاد ... القرض الحسن هو أن يعطف شخص ما على شخص آخر فيقرضه أموالاً بدون فائدة ، وهو لا يعرف هل سترجع له أمواله أم لا ... هو أقرب للهبة ، وليس لذلك أي علاقة بالإقتصاد .... مرة أخرى هذا شئ يدخل ضمن الأخلاق .

الرد:
في الاسلام الاخلاق تدخل نطاق الاقتصاد وغيره .. انتم تعزلون بين الاخلاق وبين الاقتصاد ، وهذا له دلالة فظيعة ! و يؤيد كل ما قلته في لا اخلاقية الراسمالية .. الاخلاق يجب ان تدخل كل مجال حياتنا . المادية الغربية تعتبر الاخلاق هي اتيكيت المائدة وحسب !

الألوهي :
لم تقم الشيوعية إلا كردة فعل ... صحيح .... كان هناك أخطاء في النظام الرأسمالي ولكنه تطور وتجاوزها وهو مستمر في التطور والتكيف ... ولم يمت كما تنبأ البعض مع الأزمة السابقة ... ولن يمت لأنه ببساطة لا يوجد بديل له .... فقط يمكن وضع المزيد من الضوابط لتحسين النظام الرأسمالي ولكن لا يمكن الإستغناء عنه ، لأن البديل الوحيد الموجود للنظام الرأسمالي هو النظام الشيوعي الفاشل ...
الرد:
إذاً : سيزداد التخبط والصراع ، وما تسميه تكيف او تطور للراسمالية يدل من وجه اخر على انها غير مقبولة في كل مرحلة تاريخية ، لذلك هي تضطر لتغيير وجهها . ونظام غير مقبول الى هذا الحد يجب ان يسمى نظاما فاسدا ، كل ما في الامر هو المزيد من الالاعيب التي يكشفها الواقع فيما بعد ثم تبحث عن الاعيب ومساحيق جديدة لتجمل بها وجهها القبيح دائما . انها اشبه ما تكون بالعجوز المتبرجة التي تغير ملابسها في كل حفلة ، ولكن لا يصلح العطار ما افسده الدهر واصبحت الشعوب تدرك اللعبة الكبيرة ومدى خطورتها . 

انت استثنيت النظام الاسلامي ولم تعتبره نظاما يستحق ان يطرح . حسنا ، مع انه يحمل افكارا متوازنة بين القطبين ، اي : تهميش بدون سبب حقيقي ، فقط لانه ينتمي للاسلام ليس الا .. والاسلام له اعداء يكرهونه في الغرب و غيره اشد من اي شيء يكرهونه في الدنيا ، وكلما ازدادت الكراهية بدون مبرر منطقي ، دل ذلك على وجود حق مرفوض يجعل النفس مضطربة اذا ذ ُكر .

من تكبر الغرب ، انهم يرون ان الحل – حل اي مشكلة - يجب ان يكون من عندهم ومن داخل ثقافتهم  فقط ، والا فهو ليس موجودا .   

الألوهي :

اقتباس من الوراق:
الاسلام اسس النظام التكافلي الوسط بين الشيوعية والراسمالية ، و بهذا تزول الضغائن والاستعلاء بين الفقراء والاغنياء وتتقارب الهوة بينهم
.


كيف يكون الإسلام نظام تكافلي ، وقد تم فيه تحريم التأمين الذي يعد من أهم أشكال التكافل في العصر الحديث ... ومرة أخرى التكافل هذا يدخل في نظام الأخلاق وليس الإقتصاد
الرد:
كيف حكمت انه تم تحريمه بالكلية ؟ هناك اختلافات ، فقط لانه فكرة جديدة توقف البعض عن بعض صور التامين ، و حتى طريقة التامين ليست الا من اساليب الراسمالية ؛ فشركات التامين تجمع ثروات ، انها صورة من صور التامينات الاجتماعية و صناديق التقاعد ، وهي من اكبر مصادر الدخل للراسمالية .

الاسلام لا يريد المسلمين ان يتعاملوا مع بعضهم بغير الرحمة ، و ها انت ذا تحاول تجميلها بانها تامينات تكافلية ، والحقيقة انها تامينات راسمالية لا يوجد فيها اي دافع اخلاقي ، انها شركات لاجل الكسب ليس الا ، تستفيد من ظروف الناس ومخاوفهم في ظل وضع راسمالي مخيف لا يامن فيه الفرد على شيء ، حتى على اطفاله ، فيضطر للتامين ضد الوفاة .
 
أن ما تسميه تكافلا ، يكشف مدى الوضع الغير آمن حتى على الصحة ، فهم يؤمـّنون ما داموا اصحاء لكي يضمنوا علاجا بدل ان يرموا على الرصيف و هم جرحى او مرضى في عالم لا تحكمه الا المصالح المادية التي تسخر من الرحمة و الشفقة . واصبح الطب تجارة ناجحة تكسب الثروات على حساب الام البشر ، وتتنافس المستشفيات في ارتفاع فواتير العمليات ، حتى اصبحوا يبحثون عن العلاج في دول الشرق وامريكا الجنوبية هروبا عن جحيم المستشفيات الراسمالية في امريكا واوروبا . هذا واقع الراسمالية .

الاسلام حرم القمار على المسلمين رحمة بهم وحفظا على ثرواتهم ومدخراتهم ، مثلما حرم المخدرات والخمور والزنا التي تستهلك مالهم وعقولهم وصحتهم . هناك امور ظاهرها العدالة وتساوي الفرص ، لكن باطنها المصائب والعذاب ، فمثلما ان للقمار ضحاياه ، كذلك للراسمالية ضحاياها ، وكذلك للربا ضحاياه ، وللخمور والمخدرات والزنا ضحاياها .

الاسلام لا يقيم نظاما ماديا فقط . الاسلام يتعامل مع الانسان ، اما الانظمة التي تريدها و تعترف بوجودها فهي لا تعترف بوجود الانسان ، انظر كيف تقلل من شأن كلمة "شفقة" في كلامك ، هكذا يفكر الماديون ، انهم يحتقرون الشفقة ، لكن الانسان لا يحتقرها ، انه يستمتع بها ويستفيد منها . الانسان محتاج الى تعامل انساني وليس تعاملا اليا ، ولولاه لهلك اكثر البشر .

لماذا تنحون الاخلاق دائما وكأنها اصبحت مثل الرومانسية ؟ خارج حلبة الحياة والعمل ؟ الاسلام لا يريد ذلك ، بل يريد ان تكون معنا اخلاقنا حتى في العمل والاقتصاد . لو طبق القرض الحسن ، الن يتغير الاقتصاد ؟ لماذا اخرجته خارج دائرة الاقتصاد ؟

يستطيع المسلمون ان يوجدوا مثل هذه البنوك ، وتستطيع الدولة ان تفعل ذلك لاجل تنشيط الاقتصاد ، وتستطيع ان تنظم ذلك مثلما تنظم طريقة الضرائب ، بحيث يكون على كل راسمال مبلغ للقرض الحسن . وتتابع الدولة استرجاعه لكي يبتعد الناس عن الربا و يزدهر الاقتصاد دون ان يتضرر اصحاب رؤوس الاموال الضخمة ، لان مالهم سيعود اليهم بدلا من بقائه مكنوزا . و بما ان الاغنياء قبلوا نظام الضرائب ، يستطيعون ايضا ان يقبلوا نظام القرض الحسن بمدة محددة ومقدار محدد .

سوف تسخر من هذه الفكرة بدون سبب ، فقط لانها غير موجودة !! وهذا السبب غير كافي لانتقاد الافكار . هكذا نعرف ان فكرة ان الانسان يكفيه ان يكون حرا ليكون سعيدا فكرة غير سليمة ، فاذا ترك الانسان حرا في اختياره بشكل كامل لا يستطيع ان يمنع نفسه عن مثل هذه الاشياء الا بعد معاناة منها ، كالقمار او السكر او الادمان او الصراع او الزنا والربا .. وحينها ما فائدة المعرفة ؟ الثقافة الغربية تجعل من الانسان فأر تجارب ، وتمرره على كل هذه الاشياء . بينما الاسلام يمنعها من الاساس رحمة بالمجتمع . اذا الاسلام يعامل الانسان بالرحمة ويطلب منه ان يتعامل مع الاخرين بهذا الاساس ، خصوصا مع الضعفاء . بينما الثقافة المادية تسخ رمن الرحمة وتطلبها اذا احتاجت .


الألوهي :
 
اقتباس من الوراق:
كما نلاحظ ان حق المال الذي سنه الاسلام للفقراء والمحتاجين ليس حقا للدولة ، بل لمصارف الزكاة المخصوصة ، وهذا يجعله مختلفا عن نظام الضرائب الذي لن يصرف كله على الفقراء والمحتاجين ، حيث يستغل في اكثر الاحوال لبناء المرافق العامة والخدمات العامة التي يستفيد منها بالدرجة الاولى الاغنياء ، و كأنهم يصرفون على انفسهم من ضرائبهم ، اما نظام الزكاة فهو خاص لهذه الفئات المحتاجة ولا يضارون فيه
.


هذه نقطة لم انتبه لها فعلاً وهي أن الزكاة تصرف فقط للفقراء والمحتاجين فيما أن الضرائب تصرف على عدة أوجه منها المرافق ولكن منها أيضاً للفقراء والمحتاجين ... على العموم ساراجع ذلك وسأفتح موضوع قريباً في المنتدى حول المقارنة بين نظام الضرائب في الإسلام ونظام الزكاة يمكنك أن تعلق عليه وأن نتناقش حوله

الرد:
حسنا ، في انتظار الموضوع ..


الألوهي :
 
اقتباس من الوراق:
انت لم تقدم اي دليل ، و هل الحروب وتمويلها يجعل عجلة الانتاج تقل ام تزداد بشكل غير معتاد ؟ ارجع الى تاريخ الحربين العالميتين وستجد ان المصانع ضاعفت من انتاجها ، و كانت تعمل في بريطانيا والمانيا على مدار الساعة .. ليست الحروب فقط ، بل حتى الازمات الاقتصادية والسياسية ، كلها في صالح الراسمالية ، وهي المسؤولة عنها او عن تعميقها . انظر كيف تقفز او تقفّز اسعار اي سلعة اساسية من مجرد تصريح اعلامي في اي نقطة توتر في العالم .. مع ان ذلك التصريح لم يكن صريحا في اكثر الاحيان ، و حتى لو وقع فلن يؤثر على الامدادات بشكل كبير كما تهوله الراسمالية ، و لكن تقفز الاسعار اضعاف الاضعاف ! فمن الذي قفزها ؟ انهم المستفيدون من هذه الازمات .. و لماذا التضخم وارتفاع الاسعار كلما كان عند الناس و لو زيادة بسيطة في الدخل ؟ من الذي يرفع الاسعار ويستغل هذه الفرص سوى الراسماليين ؟ اذا هم ضد تقدم اي مجتمع و يقفون له بالمرصاد
. نعم تزدهر البلدان ذات الراسماليين الكبار ، ولكن ليس لاهلها ، بل لـ1% من سكان البلاد .

اليست الاسعار ترتفع في زمن الحروب ؟ اليس الراسماليون يسيطرون و يحتكرون المنتجات ووسائل الانتاج ؟ كل هذا في صالحهم . اذ تقفز الاسعار الى الحد الذي يرضي جشعهم ، و فرص الاحتكار في الازمات والحروب هي احسن الفرص .

الحقيقة ان الراسمالية لا تستطيع ان تتعايش مع الاستقرار اصلا ، فلا بد من الازمات والمشاكل والحروب والتهديدات وتحريك الاجواء ليزداد شراء الناس وتخزينهم ولكي ترتفع اسهم شركات وتنهار اخرى ، و من هنا نفهم العلاقة التناسبية بين زيادة الثروة والتاثير السياسي و دخول الاقتصاديين الى عالم السياسة على حسب قوتهم الراسمالية . لان الراسمالية تحتاج الى تحريك اجواء . و التحريك تقوم به السياسة بالدرجة الاولى .

فالحركة هي لعبة الراسمالي وليس السوق المستقر باسعار ثابتة . حيث يمكن ملء اكياس الاموال بوقت قصير ، بدلا من النمو الهادئ وقت السلام المستمر . السلام لو ساد العالم لتضررت الراسمالية . لان هذا يعني تبصر الناس و كثرة المنافسين وايجاد البدائل والاكتفاء الذاتي وعدم الحاجة للتخزين وبالتالي زيادة الوفرة عند الناس . اذا الراسمالية لا يسرها الوضع المستقر . و اذا لم يكن صراع حار ، افتعلت صراعا باردا ، من خلال ازمات البورصة ومشاكلها والحروب التسويقية .

الامر لا يحتاج الى الكثير : الراسمالية صراع ، اي كسب من خلال الصراع ، والحرب اعلى انواع الصراع ، اذا هي اعلى انواع الكسب . هي تشبه الفارس المدجج بالسلاح بين عـُزَّل و ينادي باعلى صوته : من يبارزني ؟؟!! واذا لم يبارزه احد ، اختلق صراعا معهم لكي يصارعهم ويغلبهم ، لانه مسلح وغيره غير مسلح .



في الحربين تضاعف الإنتاج الحربي وليس الإنتاج المدني ... سيارات عسكرية مثلاً وليست سيارات ركوب ، ومن المؤك بأن ذلك عاد بالخسارة على أصحاب المصانع ، فهم لن يستطيعوا جني أرباح من الحكومة التي تشتري السلاح والعتاد .... نعم هناك أثرياء حرب ولكن هذا شئ موجود في كل المجتمعات وفي كل الأزمان فلماذا تربطه بالرأسمالية ، ما هي العلاقة بين الرأسمالية وبين كلامك هذا

الرد:
وضحت العلاقة سابقا ، الراسمالية تريد جمع المال باقصر وقت واقل جهد ممكن ، فهل هذا الهدف يتناسب مع حالة استقرار وتبصر ؟ ام في حالة اضطراب و خوف وضغوط ؟ ليست فقط المصانع العسكرية هي المستفيدة من الحروب ، بل كل الصناعات باستثناء الصناعات الترفيهية التي قد تتضرر ، فحاجات الناس معهم في حالة السلم والحرب ، يحتاجون للباس والغذاء والدواء والنقل والبناء لتعويض ما يتلف وللاتصالات والاعلام والجرائد ، ويحتاجون ايضا للتخزين ، و اسعار كل شيء تقريبا ترتفع زمن الحروب ، لان الحرب محرقة تحرق الانتاج فيحتاج الناس الى بدائل . ويحتاجون لانفاق المال بشكل غير اعتيادي .

فعدا مصانع السلاح و شركات التشغيل والامن ، يرتفع القطاع الصحي لعلاج المرضى والجرحي ، ويرتفع قطاع التامينات بشكل غير اعتيادي لارتفاع احتمالية الخطر ، ويرتفع قطاع الصيانة والنظافة بشكل غير اعتيادي تبعا لتدمير الحرب للبنى التحتية ، و يرتفع قطاع النقل بشكل غير اعتيادي لكثرة المخاطر وارتفاع اسعار الوقود ، حيث ترتفع اسعار الطاقة تبعا لارتفاع نسبة المخاطر والحرائق . و قطاع التغذية يرتفع ايضا ..

واذا ارتفعت كل هذه الاشياء فسترتفع معها البقية ، مثل اجور العمال ، فترفع الشركات قيمة العقود ، ويرتفع غيرها بسبب المخاطر . و الجانب الاهم للراسمالية هو ارتفاع معدل الديون عند الدول المتحاربة ، و كل هذه الغلال تتجمع في سلال كبار الراسماليين والمقرضين ، حيث ترتفع نسبة الفائدة بسبب الاخطار وعدم ضمان التسديد . بل ان جنة الحرب تؤتي ثمارها حتى بعد وقوف الحرب ، من خلال ديون الاصلاحات والتي تستفيد منها شركات الصيانة والنظافة والعلاج الخ ..  وهكذا ترى ان الحرب جنة الراسمالية و جحيم الفقراء .

اذا حصر فائدة الحرب في قطاع السلاح هو حصر غير واقعي وغير شامل .  

الألوهي :
... الأسعار تزيد في الأزمات بسبب صعوبة التنقل وبسبب زيادة المخاطر المرتبطة بالإنتاج والتوزيع ، ودائماً تحمل المخاطرة الإضافية يتطلب عائداً إضافياً هذه ليست قاعدة إقتصادية أو راسمالية ، هذه سنة من سنن الحياة ....

الرد:
لكن من المستفيد من هذه السنـّة ؟ هل هم الفقراء ؟ طبعا لا .

الألوهي :
ولكن بالإجمال الرأسماليين يخسروا من الحروب لأن الدولة تضغط عليهم بدرجة أكبر ، وغالباً ما يهرب الرأسماليين ويهربوا أموالهم في الحروب ، وهذا في حد ذاته يزيد الأسعار لأن هروبهم يضعف الإنتاج وبالتالي يقل العرض فيزيد السعر .


الرد:
كيف تضغط الحكومات عليهم بشكل اكبر ؟ انها مضطرة للاقتراض منهم و بفوائد عالية يتحملها دافعوا الضرائب الى عقود طويلة ! بل العكس هو ما يكون ، هم الذين يضغطون على الحكومات لتدخل الحرب . الدولة لا تسطو على اموالهم بل هي محتاجة لتعاونهم معها في ازمتها ، اما من يضطرون لتهريب رؤوس اموالهم ، فهذا في حالة فقدان الدولة او الحروب الاهلية ، و مع هذا الهروب يبقى الراسمالي امنا بينما الفقراء تطحنهم الحرب و تطحن ممتلكاتهم ، الفقير لا يستطيع تهريب ممتلكاته كما يفعل الراسمالي عند الخطر العام .

في الحقيقة انهم هم الذين يضغطون على الدولة لكي تدخل الحرب ، مثلما ضغطت الراسمالية اليهودية على بريطانيا ومن ثم امريكا لكي تدخلا في الحرب مع هتلر . و لماذا سميت امريكا بلد العم سام ؟ لقد كان هذا بسبب تحكم تاجر السلاح و ملك النحاس اليهودي باروخ في قرار الامريكيين ، حيث استطاع ان يقحمهم في حرب لا شأن حقيقي لهم بها . فهي حرب بين الاوروبيين . و هتلر كان يتجنب ان يواجه بريطانيا لكن هي التي اجبرته على مواجهتها ، فهتلر امر قواته بعدم اطلاق النار على الانجليز حتى لو بدأوا هم ، و كان يسعى لتكوين علاقة جيدة مع بريطانيا .

واذا فهمنا هذا ، فلا نستغرب ابدا ان كل الحروب في العصر الحديث يديرها العالم الراسمالي ، حتى الان . فالراسمالية والحرب صنوان لا يفترقان . واقرأ في تاريخ الحروب الحديثة ، ستجد من النادر جدا الا يكون للغرب الراسمالي طرف فيها . وسوف تستمر الحروب مع استمرار الراسمالية .

بل ان اكثر الحروب الغربية غير مبررة وغير واضحة الاسباب ، مثل الحرب على فييتنام وعلى العراق بحجة اسقاط الدكتاتور ، وكأنه لا يوجد في العالم دكتاتور سوى صدام ! ومثلها المبالغة في الحرب على افغانستان لصد المد الشيوعي ، والمبالغة في الحرب على الارهاب المنسوب لافراد ليتحول الى حرب على دول واقاليم ! وحتى اللحظة تقصف الطائرات بدون طيار على اهداف في احياء سكنية في وزيرستان !

أقصد ان حروب الغرب – اذا استثنينا الحرب العالمية ، التي وسعتها الراسمالية لتكون عالمية – لم تكن بسبب الدفاع عن النفس ، بل هي حروب استبقاية لافتراضات محتملة ، حتى انهم جعلوا - بسبب تهويلهم الاعلامي – الناس في كاليفورنيا يشترون كمامات خوفا من اسلحة العراق الكيميائية !! مع انهم يفصلهم عن العراق محيطات وقارات ..

والان ها هو الوضع متوتر مع ايران او موتـَر تبعا للسنة الراسمالية اليهودية التي لا تحب ان توقـِف بؤر التوتر . والنظام العالمي الجديد مع العولمة يشكلان الوجه الحقيقي النتشوي للراسمالية الذي يريد ان يسيطر على العالم .      

ومن هنا شاع عند الشعوب ان اليهود يشعلون الصراع في اي ارض ينزلونها ، ولكنهم لم ينتبهوا الى ان راسمالية اليهود هي السبب المباشر . الراسمالية تحتاج الى الحركة و تغيير الاوضاع لتضمن بقاءها و سرعة نموها .  



الألوهي :

 
اقتباس من الوراق:
هذا كلام نظري وليس واقعي ، اسعار الاسهم تتغير بشكل يومي ، و لهذا يتابعونها بشكل يومي او اقل من يومي
. والهزات لا تستبقي سوقا عن آخر حول العالم ، وهذا يؤيد كلامي ان الراسمالية لا تعيش في جو الاستقرار وتحب الوضع المتذبذب ، لأن الوضع المتذبذب لا يضر صاحب المال الكثير الذي يلعب بالزيادة ، بينما يضر من يلعب براسماله الذي لا يملك غيره . الازمات المالية تضر صغار المستثمرين المحتاجين لمالهم ، اما الكبار فلا يضرهم ان ينتظروا حتى تتحسن الفرص ، اضافة إلى أنهم فاعلين في السوق و في تغيير الاسعار ولهم نفوذ اعلامي وسياسي لا يملكه صغار المستثمرين . اذا انت تتكلم عن شيء غير موجود وهو استقرار قيمة السهم في الاخير بشكل دائم .

لو كنت اسعارها ثابتة لما احتاجوا لمتابعة اسعارها اليومية و تقديمها من خلال النشرات الاعلامية . و قلت لك من قبل : ليس الاستقرار من صالح الراسمالية ، لهذا دائما اسواق المال في تذبذب . والعالم دائما على صفيح ساخن لم يعرف الاستقرار منذ بروز الراسمالية كاكبر عامل مؤثر على العالم والمستفيد الوحيد من عدم الاستقرار بكل انواعه .


عزيزي أنا لدي درية بأسواق المال واقولها لك بوضوح ... المستثمر الذي يتابع السوق يومياً هو مستثمر فاشل .... أو أنه مضارب ، وهناك فرق بين المضاربة والإستثمار (راجع مداخلتي مع ياسين لمزيد من التوضيح حول هذه الجزئية) ، تذبذب أسعار الاسهم سببه طبيعة هذا النوع من الإستثمار وهو تذبذب هناك وسائل كثيرة لا مجال لذكرها هنا حتى يحمي الشخص الذي يريد الإستثمار الجاد في البورصة نفسه منه .

الرد:
الكلام ليس حول الحماية من التذبذب وكيف تستفيد من البورصة . انت قلت ان هناك استقرار في الاسهم ، بينما تقدم نصائح في الحماية من آثار التذبذب ! اي ان التذبذب موجود وبشكل دائم و يعلن عنه يوميا في النشرات ! اذا ما زال كلامي صحيحا ان الراسمالية لا تعيش بدون التذبذب و الفوضوية في كل شيء ، لأنها فكرة همجية في اساسها تبعا لتوضيح فكرة الهمجية اعلاه .  


الألوهي :
 
اقتباس من الوراق:
بل اقول : مد رجليك على قدر لحافك ! لماذا تريد ان تصنع مشروعا كبيرا وانت لا تملك نقودا ؟ لماذا لا تستثمر ما تملكه وما وهبكه الله ؟ و الله لم يضيع احدا ، الكل عنده نقاط قوة يستطيع ان يستثمرها . لا ننس ان الاسلام كرَّه بسوء الاخلاق وذمها ، ومن بينها الطمع والجشع واحراق المراحل ، و هذه الطريقة تحمل شكر النعمة باحترامها والاستفادة منها ، فهذا الشخص الذي يريد ان يقيم مشروعا من خلال الربا ، لا بد ان لديه مواهب او امكانات او ممتلكات اخرى كان يستطيع ان ينطلق منها دون ان يضع رقبته في يد المرابي ، لا شك ان هذا المغامر يضع نفسه في الوضع الحرج ، بين انه مبتدئ و قليل الخبرة ولم يتكرس في السوق ، و بين المرابي الذي لا يرحم ، بل ياخذ زيادة ، حتى لو كسب شيئا فانه يذهب الى ذلك المرابي الذي لا يعمل شيئا ، و ان خسر فسيطلب المرابي كامل حقوقه
. و ربما اضطره لبيع ممتلكاته باقل من قيمتها حتى يسدد ديونه التي تتنامى ولا تقف عند حد .


كلامك هذا يكرس إحتكار الثروات بواسطة الاغنياء ، إذا كان الفقير الذي لديه فكرة جيدة ولكن ليس في إستطاعته الحصول على قرض حسن (للأسف الناس ليسوا ملائكة وبالتالي يسقط الفرض الاساسي الذي يقوم عليه نصف الإقتصاد الإسلامي) ، و سوف يضطر هذا الفقير في النهاية للتخلي عن فكرته والرضا بقليله ... بالطبع لن يجد من يرضى بمشاركته غالباً ، فلا أحد يريد المخاطرة بالدخول في مشروع لم يبدأ بعد .

وماذا عن الشخص الذي يعيش في دولة فقيرة ويحتاج لعمل عملية جراحية لا يملك ثمنها ... يتسول أفضل أم يقترض بفائدة .... إذا لم يجد من يقرضه قرضاً حسناً ولم توفر له الدولة الرعاية الصحية المناسبة !!!

الرد:
الضرورات تبيح المحرمات ، لكن مجرد فكرة لاجل الاستثمار والزيادة لا تعني ضرورة .. و البدائل كثيرة ، وهل اذا لم تنفـَّذ فكرته او لم يجد مرابيا يقرضه ، هل انتهى هذا الشخص و انتهت قدراته ؟ هذا ليس صحيحا . فليس الشخص مجرد فكرة ، ان نجحت والا فعليه ان يقتل نفسه !

اذا لم تستطع شيئا فدعه ، وجاوزه الى ما تستطيع ..

وهذا المكسب الذي كان يؤمله من خلال ذلك المشروع ، ربما اذا التفت الى مواهبه الخاصة و اعتمد على نفسه ، يكسب اكثر منه . ومن هنا يكون تحريم الربا يفتح باب الابداع ، لان الحاجة ام الاختراع .

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الألوهي:

عزيزي الوراق ...

أرى أن الحوار قد تشعب جداً ... وعليه فلنحاول حصره وتوجيهه لنقاط الإختلاف تحديداً ، وقد حصرت نقاط الإختلاف في 4 نقاط هي كالتالي

--------------------------------------------------------------

النقطة الأولى : هي الإختلاف في تعريف الرأسمالية

فما هي الرأسمالية في وجهة نظرك ، وما هو تعريفك لها ... أنت تقول بأن الرأسمالية لا تقوم إلا عبر فكرة الإستغلال ، فتستغل الدول القوية الدول الضعيفة وتنهب ثرواتها ، ويستغل الأغنياء الفقراء ويجردوهم من ثرواتهم ويحصلوا على مجهودهم بأبخس الاثمان والهدف النهائي هو (وكما تقول) تجميع الأموال لدى فئة محددة موجودة في رأس الهرم الإقتصادي بالدول الغربية .

وتقول بأن الرأسمالية هي مجرد دعوة لتقديس للفرد ودعوة للأنانية والتركيز على المصالح الشخصية بدلاً من المصالح العامة ، وأن فكرة حرية النشاط الإقتصادي التي تكفلها الرأسمالية هي مرادفة للفوضى .

وأن الرأسمالية تزدهر مع الحرب وأن الحرب ما هي إلا إحدى وسائل كبار الرأسماليين لتركيم الثروة ونهب ثروات الدول الأخرى أو ثروات مواطينهم الضعفاء .


حسناً ... حتى أريحك وأريح نفسي من عناء الإختلاف حول هذه النقطة أقول لك ....

فلنهمل الإسم الذي نتخلف حوله ونركز على الجوهر .... فليذهب مصطلح الرأسمالية للجحيم .... أنا أدعو للحرية الإقتصادية المقيدة وحرية الافراد في ممارسة النشاط التجاري وحق التملك وحق إنتقال رؤوس الأموال .... بشرط عدم إلحاق الضرر بالآخرين وتقديم مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد .... فهل لديك إعتراض على تلك الفكرة .

أنا أسمى هذه رأسمالية مقيدة ... ولتسميها أنت ما شئت ، فهل لديك إعتراض على ذلك ، بغض النظر عن الإسم الذي تريد إطلاقه عليه ...

أنت تقول بأن هذه ليست هي الرأسمالية ... ولن أخوض معك في هذا النقاش ... فأنا رجل محدود الثقافة وأخذ معلوماتي من الويكيبيديا ، وقد عرفت الويكيبيديا الراسمالية بنفس الطريقة التي ذكرتها لك ...

أما قيام بعض أفراد المجتمع بإستغلال الآخرين وشن الحروب للحصول على مصالح خاصة والفوضى الإقتصادية والترويج للحروب ... الخ كل هذه الأشياء أنا أرفضها .... بغض النظر عن كونها واقعاً ممارساً بواسطة بعض الأنظمة أو بعض الأفراد ... لك أن تلحقها بمصطلح الرأسمالية ولكنك لا تستيطع ربطها بمفهوم الحرية الإقتصادية المقيدة الذي طرحته بديلاً لمصطلح الرأسمالية .

الخلاصة .... أحسب أنك متفق معي في ضرورة الحرية الإقتصادية (فهي مقررة إسلاميا) ، وأنا متفق معك في ضرورة إحجام الأفراد والمجتمعات عن الممارسات السيئة التي ربطها أنت بالرأسمالية مثل الترويج للحروب وإستغلال الفقراء الخ الخ
 تبقى نقطة الإختلاف بيننا هي في إسلوب التقييد .... مثلاً أنت ترى منع الربا شرطاً لازماً وقيد ضروري ولا اراه أنا كذلك ... وهذه الأشياء يجب أن نتحاور أو نتناقش حولها بشكل منفرد نقطة نقطة ... الربا ، الزكاة ، أسواق المال ، تحليل أو منع بعض أنواع البيوع ، الخ

الرد:
تغيير الاسم لا يغير المضمون ، وطبعا لا اتفق معك على مبدأ "حرية اقتصادية" باطلاق الكلمة ، لانها ستعني حرية كاملة ، وسوف نقع في الراسمالية ذات السمعة السيئة من جديد .. ووضحت ان الاسلام لا يحمل مضمون هذه الفكرة ، وراينا كيف انه يلاحق فكرة تكدس راس المال ، وان يكون مملوكا من جهة واحدة تزداد ثراء والآخرون يزدادون فقرا ، بمعنى آخر : الإسلام ضد ان يملك المال جهة واحدة ، أما الراسمالية فلا باس عندها في ذلك بحجة الحرية وتساوي الفرص . هذا اختلاف جوهري بين النظام الاسلامي والفوضى الراسمالية ..

وكيف تكون "حرية" اقتصادية "مقيدة" ؟؟ !! هذا تناقض في المصطلح !! و اذا كانت ستكون مقيدة ، فلماذا نستعمل كلمة حرية ؟ القيد ضد الحرية ..

حتى الآن و نحن لم نتطرق الى فكرة القيود ، فالحر منطقيا لا يقيـَّد ، ولو قيـّد لما صار حرا ، لكنه قد يحمل الكلبشات في يده كما يحمل السائق ميدالية المفاتيح و يدعي انه مقيد ! الحر شيء و المقيد شيء آخر .. واذا كان كلامك عن رفض الشيوعية و قيودها ، فأنت اتفق معك .   


---------------------------------------------------

الألوهي :

النقطة الثانية : هل يمكن ضبط الرأسمالية وتوجيهها للمصلحة العامة ... أم أن ما يقدم للطبقة الوسطى والفقيرة من مزايا ومنافع في الدول الرأسمالية هي مجرد فتات وبقايا يضمن بها سكوت هؤلاء وعدم ثورتهم على الرأسماليين


وسأعيد طرح هذا التساؤل ولكن بعد إسقاط مصطلح الرأسمالية الذي يزعجك كثيراً ....
الرد: 
ليس المصطلح هو المزعج ، بل المضمون والجوهر ..

الألوهي :

فتصبح نقطة الخلاف هي ... هل يمكن ضبط الحرية الإقتصادية بحيث نضمن عدم التفاوت في توزيع الثروة بين المواطنين أو في مستوى معيشتهم ... وبالطبع الإجابة هي نعم ... أي حرية يمكن ضبطها طالما تم وضع الضوابط المناسبة .

الرد:
لماذا الاصرار على كلمة "حرية" ما دام انها سوف تضبط ؟ لا تأتي التعريفات بشكل متناقض ، ستكون هذه التعريفات موهمة ، والإيهام ضد العلم والوضوح . واذا قدمنا كلمة "حرية" فنحن اذا نقدم الاساس والاصل ، اذا لا يجب علينا ان نلوم من يتحايل ليستمتع بكامل الحرية ، لأنها هي الاساس ، والعود الى الاصل امر لا باس به عادة .

و هذا يشبه ان نسمي طريقا معينا بالطريق السريع ، ثم نحاسب من يزيد في سرعة سيارته !! وهذا الكلام ينطبق على الحرية الفردية في الغرب ، فهم يقولون ان الفرد حر ولكنه مقيد بحرية الآخرين ، وانت تقول ان الاقتصاد حر ولكنه مقيد بحريات الاقتصادات الاخرى اذا .. 

و هذا الموضوع مختلف عن موضوع حرية التعبير المنضبطة ، فلا تناقض بين "الانضباط الاخلاقي" ، وبين " حرية التعبير المطلقة" .. لأن كل شيء تستطيع ان تعبر عنه بدون اساءة ، اذا حرية التعبير منطلقة . اما موضوع الاساءة للاخرين فهو موضوع اخر ، لانه يتعلق بالاخلاق والتي قد تسيء لهم حتى من دون ان تعبر . 

الألوهي :

وقد ضربت لك مثالاً على دول تطبق منهج الحرية الإقتصادية وليس هناك تفاوت كبير بين مواطنيها ، فإعترضت بأن هذه الدول هي دول هامشية في النظام الرأسمالي وليس عليها إلتزامات أو أعباء الدول الكبرى في النظام الرأسمالي ... ولكن إعتراضك هذا غير مقبول وغير ذي صلة بطرحي ... فأنا أتكلم عن توزيع الثروة بين المواطنين والذي يتحقق عبر تطبيق ضوابط ونظم معينة ، ولا أتكلم عن أن حجم الثروة في تلك الدول .

بإختصار ضربت لك أمثلة تؤكد بأن بالإمكان تطبق الحرية الإقتصادية المنضبطة وبطريقة تضمن عدم حدوث تفاوت في الثروة بين المواطنين ، دون الحاجة لفرض نظام الزكاة ولا منع الربا ولا تطبق النظام الإقتصادي الإسلامي ، الذي لا أعترف بوجوده أصلاً .
الرد:
اين هي الضوابط التي تتحدث عنها ؟ انت تتكلم عن الضوابط و لكنك لا تلمس هذه الضوابط لا من قريب ولا من بعيد !! وكأن على لمسها أو ذكرها لنا ضوابط !!




-----------------------------------------------------------
الألوهي :

النقطة الثالثة : كيف يختلف النظام الإسلامي عن النظام الرأسمالي وكيف أنه يقدم حلول أفضل للمشكلات الإقتصادية ... وما هو وجه المعاناة لشعوب الدول الرأسمالية الذي يمكن أن يختفي عبر تطبيق النظام الإسلامي


أنت تكلمت عن بعض مزايا النظام الإسلامي المفترض وكيف أنه يجمع تكديس الثروات لدى فئة محدودة من المجتمع ، ويضمن قيام مجتمع رفاهية يضمن توافر الحاجات الأساسية لكل أفراده ، وكيف أن النظام الإسلامي يضمن أيضاً تلافي سليبات الرأسمالية المتمثلة في الإستهلاك المفرط وما يتعبه من تبديد للموارد وتلوث بيئة وغيره .

وذكرت أيضاً أن توجيهات الإسلام الأخلاقية هي جزء لا يتجزء عن نظريته الإقتصادية ولا يمكن فصلها عن النظام الإقتصادي الإسلامي


وأقول لك مرة أخرى ، نحتاج هنا أن نناقش الجزءيات ، بدلاً من النقاش حول كلام عام مبهم ... فما هي جزئيات النظام الإقتصادي الإسلامي التي تضمن تحقيق مجتمع الرفاهية والإكتفاء وتمنع حدوث التفاوت بين ثروات أفراد المجتمع ، وما هي الآليات التي يضمن بها النظام الإقتصادي الإسلامي حل المشكلات الإقتصادية ...


1) منع الربا
2)إقرار نظام الزكاة
3) تحريم بعض أنواع البيوع التي فيها غرر
4) نظام الكفارات كوسيلة لمساعدة الفقراء
5) الحث على الحد من الإسراف
6) الدعوة للتكافل ومساعدة ذوي الحاجات وإقراضهم قرضاً حسناً
7) الحث على عدم كنز الثروات
8)غير ذلك ...

هذه بعض أسس النظام الإقتصادي الإسلامي والتي تدعي أنت قدرتها على خلق مجتمع الرفاهية وأنها الضوابط التي يجب أن تنضبط وفقاً لها الحرية الإقتصادية .... حسناً

بالنسبة لي هذه الضوابط تنقسم لقسمين ... القسم الاول (النقاط الاربعة الأولى والتي تحتها خط) هي الضوابط التشريعية العملية ... وهذه تصلح لعمل نظام يمكن ان تسميه النظام الإقتصادي الإسلامي ... أما القسم الثاني فيتكون من النقطة الخامسة وما يليها ... وهذه دعوات أخلاقية وليست إقتصادية كما قلت لك سلفاً

الرد:
كنت قبل ذلك بقليل تقول انه لا يوجد نظام اقتصادي اسلامي ولا تعترف بوجوده ولا حتى على الورق ! والان تقر بان هذه الاجزاء تشكل نظاما اقتصاديا اسلاميا !! بقي ان تعترف ان الراسمالية لا نظام فيها ، فما النظام الا منع ، ولا يوجد منع في الراسمالية !! اما الضرائب فليست منعا عن شيء . الضرائب اخذ لفائدة الجميع بما فيهم الراسمالي ، ولا تعتبر منعا ..

وبالنسبة لبقية النقاط التي اعتبرتها اخلاقية فقط وفصلتها فصلا تاما عن الاقتصاد ، فهذا الفصل غير موضوعي ، لأن الاصل في المسلمين ان يطيعوا كلام الله ، و الذي قال لهم ادفعوا الزكاة هو نفسه من قال : (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ) ، وهو الذي قال : (كلوا واشربوا ولا تسرفوا ) ، و اي مسلم لا يريد ان يكون من المبذرين الذين هم اخوان الشياطين ، فأنت تفصل بين البصلة و قشرتها ! و ما البصلة الا عبارة عن هذه القشور المتراكبة . ولا شك ان هذه التوصيات الاخلاقية-الاقتصادية لها اثر في الاقتصاد عند من يتبنون الاسلام حقيقة لا اسما ، لانها اوامر و نواهي مصدرها ديني ، و الدين عبارة عن اخلاق و ليس اقتصاد ، فالإسلام كلُّ لا يتجزّأ .. نعم ليس كل المسلمين يطبقون هذه التوصيات ، بل ليس كل المسلمين ياتون الزكاة او يحرمون الربا .. لا شأن لنا بمن لا يطبق ، بل كلامنا عن من يطبق : ماذا سيكون وضعه ..

فصل الدين عن الاقتصاد ، هذا ينطبق في التعامل مع غير المسلمين ، لكن اقتصاد المسلمين جزء من نشاطات المسلمين ، اذا لا يصلح الفصل بين الزكاة و بين الحث على الصدقة ، او منع الربا والاحتكار وبين الصيام ، او بين الاخلاق وبين البيع ، وهكذا .. لان هذه التوصيات تؤثر في البنية الاقتصادية ، والاصل في المسلم ان يطيع ربه ، اذا هي توصيات مؤثرة وليست استحبابية ، فالاسراف حرام مثلما ان الربا حرام ..

الألوهي :
وقد رأيتك إعترضت على قولي وإتخذته دليلاً على تفكير مادي يهمل الأخلاق وعلى عدم أخلاقية التفكير الرأسمالي عموماً .... ولكن على رسلك ..... أنت تخلط بين المفاهيم ولا أدري هل أنت تتعمد ذلك أم أنك تخلط بين المفاهيم عن عدم دراية

أنا أتكلم عن نظام (مجموعة من القواعد الحاكمة) وهذه لا مكان للأخلاق فيها ...
الرد:
وانا اتكلم عن اقتصاد "مسلمين حقيقيين" يعيشون لاجل "الاخلاق" ، واقتصادهم جزء من حياتهم ! لا تسلني اين هم ، هم موجودون في القرآن ، والقرآن لمن شاء ان يستقيم وليس للجميع . فالفكرة هناك .

الألوهي :هل رايت دستوراً في العالم يقول ... (يجب على جميع المواطنين أن يكونوا شرفاء ونزيهين ولا يفعلوا الأشياء السيئة ويحبوا بعض ويتعاونوا مع بعض) ... ثم تصف الدستور الذي لا يتضمن هذه الفقرة بأنه دستور غير أخلاقي يهمل الأخلاق !!! هل هذا منطق يا رجل .

الرد:
الدستور شيء والدين شيء آخر ، الدستور دنيوي ومعني بالمصالح المادية فقط ، ولهذا هو غير كافي ، ومع ذلك فالدساتير فيها الكثير من الاسس الاخلاقية ولا تخلو منها تماما ، مثل حقوق الانسان ودعم الديموقراطيات مما "يصنّف" على أنه أخلاقي .. وكثير منها مستمد من الديانات كاساس ، والدين اخلاق .. يجب ان نقف عند هذه النقطة .

تستطيع ان تبدل كلمة اسلام وتضع محلها "اخلاق" .. فالدين ليس شيء الا الاخلاق ، مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات . لا تستطيع ان تفصل بين المسلم وبين اقتصاده ، ولا بين المسلم و بين فنه ، ولا بين المسلم وبين فكره ، وإلا فصار اسلاما علمانيا !! الاسلام دين شامل يريد ان تكون الحياة كلها لله نية ً ، وفي سبيل ما يرضي الله واقعاً .. وكل شيء يفعله المسلم ينصب في هذه الغاية . المسلم الحق لا يعيش لنفسه ولمتعته بالأساس ، ولا لمصالحه ، هو يعيش لربه ..

اذا المسلم الحقيقي كل ٌ لا يتشطر ولا يتجزأ ، (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) ، المسلم الحق ليست له عين على الدنيا وعين على الآخرة ، بل : (وابتغ فيما اتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) .. ومع ذلك لو أخذ غير المسلمين النظام الاقتصادي الاسلامي لنفعهم إلى حد كبير ، ولكن ليس بالنفع الكامل ، بسبب ما خصّ به المسلم من توصيات ربما لن يتقبلها غير المسلم  وإلا كان مسلما ..

وموضوع مثل الاقتصاد لا يمكن ان يضبط الا اخلاقيا ، والاخلاق لا يمكن ان تضبط الا دينيا .
الألوهي :
ولماذا تحتكر الدعوة لعدم الإسراف ولمساعدة الآخرين وللتكافل ، فتجعلها أشياء إسلامية خالصة .... من أعطاء الحق في ذلك ... هذه قيم إنسانية عامة لا يستأثر بها دين معين ...

الرد:
السبب واضح : الست انا اريد ان ادخل القيم في الاقتصاد ، وانت ترفض إدخالها بل وتسخر من ذلك ؟ طبعا لست وحدك من يقول هذا . اذا انت خولتني ان اتحدث بهذا الخصوص وانسبها للاسلام ، لانك لا تريد اقحامها وانا اريد اقحامها والاسلام يريد اقحامها . و المادية كلها تتكلم مثل كلامك عن عزل الاخلاق عن الاقتصاد والسياسة والعلم الخ ، فماذا بقي ؟

الكلام عن احتكار القيم لا دليل عندك عليه ، فأنت اتهمت وحكمت !! انا لم اقل ان الاسلام "وحده" الذي يرفض الاسراف ، أو يرفض عقوق الوالدين ، لانها لو لم تكن قيما انسانية في الاساس ، لكان الاسلام مخالفا للانسانية ، لكن المادية هي التي ترفضها ، والمادية هي المسيطرة على الفكر الغربي والفكر الغربي مسيطر على الفكر العالمي .

إن روعة الاسلام في انه جعل القيم الانسانية دينا ، ليس من باب الاستحباب كما تفعل الثقافات الاخرى ، بل من باب الوجوب ، (كنتم خير امة اخرجت للنس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) ، والمعروف هو ما تعارف البشر على استحسانه . والمنكر ما انكرته النفوس واستفظعته بشكل عام وليس بشكل خاص ، فهناك مثلا من لا يستبشع الزنى او القتل ، ولكن اذا نظرنا الى البشرية نظرة عامة من الماضي الى الحاضر نجدها تستقبح هذا الفعل (منكر) . إن الاخلاق واجبة على المسلم وغير واجبة على غير المسلم ، الا ان كان يتبع دينا يأمره ببعض الاخلاق .

الفكر الليبرالي المادي الغربي ليس عنده شيء اسمه واجب ، بل افعل ما تشاء ، ولا يردك الا الاخرون .. وأمر عجيب ان ياتي شخص يرفض الاخلاق في الاقتصاد ، ثم يتبناها شخص آخر في الاقتصاد ، فيقول له الاول : من خولك لان تتحدث عن الاخلاق في الاقتصاد ؟؟ !!! فيقول له : انت من خولتني لانك رفضت !! هذا ما فعلته انت .. مع الاعتذار ..

الفكر المادي يرفض الاخلاق وينحيها عن الحياة ، ثم يـَصِم من يتحدث عنها ويبحث عنها بانه يحتكر الاخلاق لنفسه !! انه اخذ ما رفضتموه !! هذا كل ما في الامر ..      
الألوهي :
الشئ الذي أتفق معه تماماً هو أن الإسراف في الإستهلاك أصبح سمة في المجتمعات الغربية (والشرقية أيضاً للأمانة رغم أنهم مسلمين) وهذا الميل للإسراف الذي تؤججه وسائل الإعلام والإعلان هو السبب في مشاكل كثيرة مثل التلوث وإستنزاف الموارد ... كما أنه سبب في الديون الهائلة التي يرزح تحتها الكثير من الغربيين (والشرقيين) ... فسبب ديون هؤلاء ليس سوء إستغلالهم بواسطة طبقة الأغنياء بقدر ما هو راجع للجشع والميل للإستهلاك بدون تدبر أو تعقل .

الرد:
قبل قليل قلت ان وسائل الاعلام والاعلان هي المؤثرة فيهم ويرزحون تحت تاثيرها ! ولا شك ان اقوى وسائل الاعلام يملكها اقوى الاغنياء ، فهل يا رجل تريد ان تبرئ ساحتهم بالكامل وكأن الراسمالية لا ذنب لها ابدا ؟

الألوهي :
يجب وضع ضوابط لذلك .... وهناك جميعات ومنظمات في الغرب بدأت تنشط لمحاربة الظاهرة ، وهذه الظاهرة عموماً أراها ضد الأخلاق القويمة ... وكون الإسلام يدعو للحد من الإسراف فهو شئ طيب يحمد له ... ولكن ... ما هي التشريعات أو الحلول العملية التي وضعها الإسلام للقضاء على هذه الظاهرة أو الحد منها هذا هو السؤال ...

الرد:
لا يصلح ان يكون الدين على شكل ضوابط و حدود تفصيلية ، حينها لن يكون دينا بل نظاما !! بحيث لو اخذنا النظام في ذلك الدين لاستغنينا عنه ولم يعد لوجوده داعي ! ضع في بالك كلمة "دين" .. الدين يعني امانة و دَيْـن .. تعتمد على اصلاح النفس ومراقبة الله ولو على حساب الانانية ، كما ترى ان الانظمة لا يمكن ان تضبط الناس ، وكذلك الدين النظامي لا يضبط الناس ايضا ، الا اذا كان هناك انضباط والتزام وليس الزام ..

نعم الاسلام قدم تشريعات لكن كل التشريعات لا تصنع المسلم الحقيقي ، وحتى غير المسلم مهما تـُقـَدِّم له من قوانين وتنظيمات لا تستطيع ان تضبطه ، الا اذا هو بوعيه اراد ان ينضبط ، الا ترى ان الانظمة والتشريعات في الدول الديموقراطية وغيرها تتطور ؟ قد ترى ان هذا الامر حسن ، ولكن انظر من الناحية الاخرى ، ستجد ان اساليب التحايل تتطور ايضا !

وهي التي دفعت الانظمة الى التطور ، مما يعني عدم القدرة منطقيا على ضبط الناس من خلال الانظمة ضبطا كاملا .. اذا الانسان لا ينضبط الا بالتزام داخلي ، وما الذي يجعله ينضبط انضباطا داخليا ؟ لا يمكن حدوث هذا الا اذا كان له دين مرتبط بغير هذه الحياة .

لاحظ انك كنت تتكلم عن ابعاد الاخلاقيات عن الاقتصاد ، ثم عدت لتأن وتشكو من الاسراف والذي صنفته بانه خلق سيء !! ارايت كيف ان الانسان كل لا يتجزأ ؟ اقتصاده مرتبط باخلاقه ؟ وعقله مرتبط بوجدانه ؟ وعلمه مرتبط باحاسيسه ؟ ومادته مرتبطة بروحه ؟ وهكذا ..

إذاً عقلية الفصل الغربية و تقطيع الاشياء عقلية خاطئة ، وينبغي على البشرية ان تتطور عن التفكير بالعقلية الغربية ، لانها تنتمي الى قرون ماضية ، لنسميها قرون الانبهار المادي بمعطيات العلم ، منذ القرن السابع عشر . والان جاء دور البحث عن رؤية صافية بعيدة عن مؤثرات الانبهار ، لان المنبهر منفعل ، والمنفعل لا يرى الامور بوضوح ..    

--------------------------------------------------------------
الألوهي :
النقطة الرابعة : تحدثت عن الأسواق المالية والأسهم ... فهل هي فعلاً وسيلة من وسائل الرأسمالية لتكريس إستئثار الأغنياء (كبار الرأسماليين) بالثروة ، وهل مضاربات البورصة هي أحدى الأدوات التي يتم بواسطتها خداع البسطاء لسرقة أموالهم وهل هي نوع من القمار


سوف أشرح لك فكرة أسواق المال بإختصار .... وبناءا على ذلك أريد أن أعرف منك مبدأياً ، هل توافق على وجود أسواق مال أم لا ... فإذا كنت توافق يمكننا أن نواصل النقاش لمعرفة هل للتشريعات الإسلامية أثر في ضبط طريقة عمل أسواق المال .... وإذا كنت لا توافق على فكرة أسواق المال يجب أن تحدد لي ماهي المرجعية الإسلامية أو التشريع الإسلامي الذي بنيت عليه رأيك هذا

وفكرة أسواق المال هي فكرة بسيطة وهي أن هناك مدخرين لديهم فائض اموال يريدون إستثمارها ولكنهم ليس لديهم أي دراية بالنشاط الإقتصادي ولا يريدون المغامرة بنقودهم في مشروع قد يفشل فيخسروا كل مدخراتهم أو ليس لديهم الأموال الكافية أو الوقت لإنشاء مشروع تجاري وإدارته ... سوق المال توفر لهؤلاء الفرصة عبر شراء حصص ملكية صغيرة في عدد من الشركات القائمة فعلاً ، أو الشركات التي هي على وشك الإنطلاق .

وهذا النوع من الإستثمار يضمن المرونة وسهولة التسييل لهؤلاء المستثمرين ، فإذا أرادوا سحب نقودهم ، يمكنهم ببساطة بيع أسهمهم ، فيما لو كان لديهم مشاريع قائمة قد يصعب عليهم التخارج منها بدون خسائر كبيرة .

وفي المقابل توجد شركات ناجحة أو مروجي مشاريع لديهم افكار جيدة ولكن تنقصهم السيولة لتوسيع نشاطهم التجاري وإستغلال الفرص ، فهؤلاء لديهم القدرة على الإستثمار ولكن ليس لديهم الأموال ...

ما يفعله سوق المال هو توفير مكان لإلتقاء المدخرين اصحاب الأموال مع أصحاب الشركات أو الأفكار التجارية الذين هم بحاجة لتلك الأموال ...

وعبر هذه العملية تتحقق عدة فوائد ...
1) يسهل على صغار المدخرين المشاركة الفعالة في النظام الإقتصادي والإستفادة عبر المشاركة في مشاريع قائمة ، بمخاطر أقل وجهد أقل مما يتطلبه إنشاء مشاريع خاصة بهم
2) حفز الشركات على تحسين أداءها وضمان الكفاءة ، حتى لا يتم عقابها على سوء الأداء من خلال إنخفاض أسعار أسهمها
3) توفير السيولة للشركات الناجحة وتسهيل نموها ، وهو ما ينعكس على الإقتصاد ككل

الرد:
اريد ان اسألك : هل تستطيع بلد ان تعيش وتزدهر من خلال اسواق المال فقط و ليس لديها اسواق اخرى ؟ طبعا لا ، هل تستطيع ان تعيش بلد ليس فيها اسواق مال ؟ الجواب نعم !

يبدو ان قلبك على هؤلاء المدخرين الكبار اكثر من المقترضين الصغار اصحاب المشاريع !! هؤلاء المدخرين (الفات كاتس) لهم خبرة في عالم الاقتصاد اكثر ، والا فكيف جتمعت عندهم هذه الوفرة ؟ ومع ذلك انت مشفق وخائف عليهم من المغامرات الاقتصادية فيغير سوق المال (المشاريع التنموية المفيدة) .. ! بينما شباب جدد على الحياة قليلي خبرة تداعبهم احلام الثراء السريع واحلام اليقظة ، لم تشفق عليهم .. ولم تشفق على المضطرين من اضرار الربا و الديون .. هذه نظرة غير عادلة و منحازة الى صف القطط السمان ..

ماذا جنت الشعوب من اسواق المال غير المآسي !  و لك ان تستعرض تاريخ اي بلد لترى الكوارث الاقتصادية التي يحفظها تاريخه والتي نتيجتها طبعا اسواق المال وليس العمل المثمر .. انها مدعاة للكسل ومجال رحب لقليلي الذكاء والابتكار كثيري المال ، والمعتمدين على ضربة الحظ . ولم يهتز اقنتصاد اي بلد الا ومركز التسونامي موجود في بورصة ذلك البلد . اذا ما الخير فيها اذا كانت تكسـّل الاغنياء وتضر بمدخرات الطبقة الوسطى دائما وتغرر بالمغامرين وتبلبل الاسعار وتسبب القلق الدائم للجميع ؟

اقترح ان يكون في مبنى البورصة مع الكافيتريا صيدلية وعيادة لضغط الدم والازمات القلبية كاسعافات اولية للمقامرين !! هذه هي اجواء القمار ..

الاقتصاد السليم ليس فيه مفاجآت وعواصف ، والبورصة لا تعرف الا المفآجات والعواصف ، وليست على منطق ولا يمكن دراستها ، فقط المستفيد منها اصحاب الرساميل الضخمة الذين يستطيعون ان يصنعوا الموجة ويجنوا ثمارها متى شاءوا ، والناس لا يعرفون الا خبر انهيار السوق او ازدهار السوق ، ولا يدرون ما الحكاية .

اذا البورصة لا تتطلب ذكاء ولا يديرها الذكاء ، بل يديرها راس المال الضخم ، وهو وحده الذي يفهم الغازها . وهكذا نرى ان الاقتصاد الاسلامي هو نجاة اقتصاد البشرية اذا تكلمنا عنها كبشرية ، وليس عن مصالح 1% ..

الألوهي :

وحتى تنجح هذه العملية بالطبع يتطلب ذلك الشفافية والإفصاح من جانب الشركات عن أداءها الإقتصادي حتى يعرف المستثمرين الشركات الجيدة من السيئة ، وهذا ما يتم عبر القوانين والنظم التي تفرضها الحكومات وهيئاتها على تلك الشركات التي ترغب في إدراج أسهمها في البورصة ....

ولفهم هذه العملية بشكل أفضل ، أنظر للشركات الكبرى في عالمنا العربي ... ستجد بأنها كلها شركات عائلية يستأثر بحصيلة أرباحها الضخمة فقط بعض الأفراد ذوي الثراء المفرط .... في الغرب الذي لديه أسواق مال جيدة التنظيم لا يحدث ذلك .

المضاربة هو سلوك جشع (يقبل عليه بعض الأفراد للحصول على الثراء السريع) وهؤلاء يكونوا ضحية لكبار المتعاملين في البورصة ممن لديهم الخبرة والحنكة ...
الرد:
بل راس المال هو المحنـّك .. ولو كان لوحده في السوق !

الألوهي :

أما المستثمر الحصيف (في الأسواق جيدة التنظيم) فيصعب إصطياده ... وقد شرحت ذلك في مداخلات سابقة ...

التذبذب غير مهم في المدى الطويل ويمكن تفاديه كما قلت لك عبر التنويع ... ولا يؤثر على أرباح السهم (ولا يقول ذلك إلا شخص ليس لديه أدنى فكرة عن سوق الأسهم) ....

الرد:
من المعروف ان المساهم ليس شريكا حقيقيا في الشركة ، والشركة لا تطرح راس مالها كاملا للاكتتاب العام ، والا لاضطرت لجعل المساهمين شركاء في الخسارة .. اذا الاسهم فكرة راسمالية كي تخدع الناس بانهم شركاء للاغنياء ، بينما هم ليسوا كذك ، انما الشركة تأخذ امولهم نقدا ، و تدع موضوع تعويضهم للزمن والظروف تحت مسمى (ارباح) ، وتفتح الباب امامهم على البورصة لتسترد ما اخذوه من ارباح ، ثم ها انت ذا تدعو الى الاستثمار الطويل والصبر على السهم ، اي انك ضد البورصة والمضاربة ! في حين انك تدافع عنها ! ..

اكثر الشركات هي في حقيقتها ممتلكات خاصة او عائلية ، وهكذا نفهم لماذا يطالب المستثمرون الكبار تحويل نشاطاتهم الى شركات و يلزمون بطرح اسهم ، لان الاسهم و من كل الشركات سوف تنتج سوقا ماليا ، يكون بحيرة للاصطياد من قبل الرساميل الضخمة . اذا لولا الاسهم لما وجدت البورصة .

كل شركة تستطيع ان تطرح اسهم جديدة متى شاءت ، ولاحظ ان السهم قيمته محددة و زمنه محدد ويدفع ثمنه نقدا ، اما ارباحه فغير محددة لا سعرا ولا زمنا ولا الزاما ، فهناك شركات لا تدفع ارباح الا بعد سنوات ، هذا اكل لاموال الناس بالباطل ، وتكثيف للاسهم الموجودة في البورصة لتقديم وجبة دسمة للحيتان هناك .

الاقتصاد العالمي عبارة عن حلقات متصلة ، فالاقتصاد عالمه غير عالم السياسة والثقافة . اي ليس له حدود ولا مياه اقليمية ترده . واذا اعتبرناه حلقات متصلة ، فمنطقيا سيكون له مركز عملاق .

الشريك الحقيقي يشارك في قسمة الارباح والخسائر والقرار ، وهذه لا يتمتع بها المساهم في الشركات الراسمالية . اذا اسهم الشركة هي لعبة خارج الشركة وليس داخلها . فالشركة ليست بحاجة لان تعرف من هو شريكها الجديد ، لان ليس له قرار .. عمليا لا تستفيد الشركة مباشرة من ارتفاع اسهمها ولا تتضرر من انخفاضها ، لانها ليست في صميم الشركة . الهدف الاول لايجاد الاسهم هو البورصة ، ولو كان مال الاسهم من صميم الشركة و راسمالها ، لما امكن التصرف به و بيعه و شراؤه ، لانه سيكون مجمدا وليس سائلا ، اما الاسهم فهي في حالة سيولة دائمة .

يلاحظ ان اسواق المال تنهار ولا تنهار الشركات ، الشركة تستثمر اموال المساهمين وربما تودعها في حسابات فائدة في البنوك ، فتستفيد منها و ترمي الفتات لهم حتى لا يتخلوا عن شراء اسهمهم ، ولكي يحركوا سوق الاسهم ، لان الشركات في حقيقتها ممتلكات خاصة يمتلكها الاغنياء الكبار او الحكومات . اذا الطرف الثاني مع المساهم هو البنك و ليس الشركة ، فهي لا تعرف شيئا عن اسهمها . وكثيرا ما تسمى الشركات باسماء ملاكها الحقيقيين حفاظا على سمعة ذلك الاسم التجارية ، فكلمة شركة تشير الى قطاع كبير من الناس لهم تاثير و قرار ، بينما هي في واقعها غير ذلك .

اذا الاسهم لعبة هامشية وليست اساسية . الشركات لها مصدري دخل : من نشاطها ، و من البنوك . اذا مركز سوق المال هو البنوك . ففكرة البنوك والاسهم هي في اساسها فكرة تجميع لراس المال من الناس واستثماره ، واعطاؤهم الفتات ، معتمدين على خوف الناس على سرقة اموالهم وخوفهم من المغامرة الاقتصادية او عدم قدرتهم ، مما يدعو لتكسيل النشاط العام ، و هذه فكرة راسمالية . فبمجرد ايداع الشخص امواله في البنك فهو يخدم العملية الراسمالية  ودخل في عالم الكسل والتبعية .

الشركات تستفيد من سوق المال لانه يضيف لها امان في حالة تاثر نشاطها الانتاجي ، والبنوك في حالة امن اكثر لان ذلك يزيد في راس مال البنك ، مما يجعله يودع في بنوك اكبر منه ويقرض بشكل اوسع ويجني الفوائد الربوية . اما الضحية فهو الشخص العادي . و منطقيا : اي شيء يعمل الناس على تكبيره و تقويته سوف يشكل خطرا عليهم ، سواء دكتاتور او راسمالي . و الراسمالية عملية تكبير لـ1% . وجود راسمالية يعني وجود راسمال اضخم يتحكم في بقية الرساميل ، و وجود بنك يعني وجود بنوك اضخم في حلقات متواسعة .  

الاصل في تشغيل المال انفاقه كما قال القرآن ، فكيف يكون تشغيل المال من خلال تجميده في البنك او السهم ؟ هذا يعني عدم العمل سوى عمل الراسمالي الذي يستخدم راس المال . بمعنى آخر : كل المودعين لا يعملون شيئا ، فقط صاحب البنك هو الذي يعمل وليس يعمل على الواقع بل من خلال الاقراض وسوق المال وتمويل المقترضين من خلال اموال الناس المجمدة في البنك . اي يعمل باموالهم النائمة .

هناك مصدران للاستثمار : احدهما من خلال الانتاج المعتمد على خيرات الطبيعة ، و الاخر من خلال استثمار اموال الناس . ولا ثالث لهما . البنوك و اسواق المال من النوع الثاني . اذا اسواق المال لا تنتج ، لانها لا تزرع ولا تحصد ولا تبني ولا تصنع , ومع ذلك تقدم مصدر دخل لكل كبير على قدره ، فالغني تزيده ثراء والفقير يزداد فقرا .

حتى البنوك نفسها تطرح اسهم ! وهي ليست مصدرا للانتاج ! اذا بامكانك انت ان تطرح اسهما وتأخذ مجموعة من مال الناس و تستثمرها وتعيد اليهم ارباحهم .. هي مسألة لا شأن لها بالانتاج ، ولكن يضيفونها الى الشركات لكسب ثقة الناس .. والبنك هو معبد الراسمالية ، والبورصة مزارها .. هناك بنوك عالمية لا تتعامل الا مع البنوك فقط ، واذا قلنا راسمالية فاننا نشير الى راسمال عالمي ضخم يحرك العالم كما يشاء ، و يملكه اشخاص قلة . و لهذا السبب كل بنك يحتاج الى ان يتابع اسواق المال العالمية لانها وحدة متصلة ، ومركز التحريك فيها واحد ، مثلما هو واقع في البورصة الصغيرة . ولا شك ان البنوك تستثمر اموالها في بنوك اكبر منها وهكذا .

لو ان الحكومات في بلاد الراسمالية والديموقراطية يهمها الناس اكثر من الراسماليين ، لتولت هي انشاء الشركات ، بحيث يكونوا مشاركين فعالين ، ولأنشأت بنوكا للاقراض والتسليف بلا فوائد حتى ينشط الاقتصاد الوطني ، و لتولت بنفسها حفظ الودائع دون استثمارها ولألغت الربا . مشكلة الاقتصاد العالمي انه بسبب الراسمالية اصبح مترابطا ويؤثر بعضه في بعض ، و لولاها لما حصلت ازمات اقتصادية عالمية تهز الجميع .

لاحظ حتى تستمر لعبة الاسهم ، انهم يقومون بعملية تقسيم للسهم الواحد (تفريخ) بحيث يصبح سهمين بعد كل فترة ، مع انه دفع القيمة لسهم واحد ، كل هذا من اجل ترضية الزبون واستمراره في اللعبة ، ظنا منه ان الشركة كريمة معه ، وحتى تكثر الاسهم في البورصة ، فالسهم المقسوم لاثنين سوف يباع بقيمتين في البورصة و سيجذب المزيد من صغار المستثمرين . .

الاقتصاد يقدم على انه علم و حقائق ، وهو في الحقيقة ليس بعلم ، لانه لا يربط سببا بنتيجة بطريقة قطعية ، فضلا عن انه يتكلم كثيرا عن النتائج وليس عن الاسباب . ان النشرة الاقتصادية اشبه بالنشرة الجوية ، كلاهما غير معروف السبب ، وليس لك الا ان تستعد او تستسلم . ان من يفكر في الاقتصاد و حلقاته المتصلة يستغرب ممن يرفضون فكرة المؤامرة في كل شيء . و ما لعبة الاقتصاد واسواق المال العالمية الا مؤامرات كبرى .

إن مشكلة الاقتصاد في وضعه الراسمالي هي الهرمية ، لذلك الراسمالية هي مصّ تدريجي لدماء الشعوب ، لأن المال في الوضع الراسمالي لا يتجه بشكل افقي بحيث يشمل الجميع . حتى الفواتير و تسديدها في البنوك عبارة عن تجميع لراس المال ولو موقتا ، حتى يستفيد البنك من تشغيلها .. اذا البنوك هي القلب بالنسبة للاقتصاد الراسمالي .

العالم ضائع في لعبة قمار كبيرة وضخمة ، ولا يهتم بالعمل والاسثتمار الطبيعي الا قليلا ومن خلال مصلحة الراسماليين وليس من خلال مصلحة الشعوب . بمعنى آخر : اصبح العالم يعيش على كسب بعضه ، اي يفترس بعضه بعضا ، بينما نعم الله و فضله موجودة ، فالاستثمار الزراعي والصناعي والعمراني كان سيكسبهم افضل واكثر لو لم تغريهم بروق الطمع في الاسهم والبورصات والربا .. باختصار : العالم بشكل عام لا يعمل عملا حقيقيا ، كل عمله لخدمة الهرم الراسمالي . حتى اوراق العملة مربوطة بحركة المضاربة و البورصة ، اي انها متأرجحة لا تمثل قيمة حقيقية وليست مربوطة بسلعة حقيقية يعرفها الانسان . اي جرى تحويل العملات الى البورصة ملعب الاقوياء .

اذا اسواق المال هي كسب من خلال مدخرات الناس و ليس من الطبيعة ، وهذا يشبه ان يترك عمال المزارع حصاد ثمارهم و يجمعون مناجلهم ويقامرون عليها : من يستطيع ان يكسب ادوات الاخرين ومصادر رزقهم .. هذه بالضبط لعبة المال واسواقه ، فالعالم يعيش لعبة المناجل ويترك العمل المفيد . فالقوي يلعب والضعيف يغامر في لعبة رسمها القوي . هذه هي حكاية سوق المال .. لم تكن البنوك الا دكاكين مرابين توسعت وتطورت .

بما ان المنطق اثبت انه لا تكون راسمالية الا بوجود مركز واحد يتجمع فيه المال ، مثلما يتجمع الماء في اسفل القمع ، وبما اننا نعرف ان المال هو عصب الحياة بكل اوجهها ونشاطاتها ، اذا هذا المركز المالي هو الذي يحرك العالم و يشرف عليه في كل نشاطاته الاقتصادية والسياسية والاعلامية والثقافية والعلمية والفلسفية .. ولا بد ان يكون هذا الاشراف ترتيبات وتنظيمات هرمية ايضا .. وهنا نقترب من فهم الماسونية .

إذاً فكرة المؤامرة العالمية ليست نظرية بل هي منطق لا يمكن الا ان يكون ، اين وكيف ومن ؟ هذا ما يجب البحث عنه ، وليس البحث في صحة المنطق ..ولم تعد المؤامرة مجرد نظرية يتهم بها عقل من يفكر من خلالها . ومن ينتقد فكرة المؤامرة العالمية عبيه ان يقدم البديل المنطقي لواقع العالم ويفسره من خلال نظرية مناقضة ، اما ان تترك الاحداث بلا تفسير فهذا تجرد من العقل ، والعاقل لا يطالب ابدا بالتجرد من العقل ، بل يبحث عن المنطق دائما ، اذا لا فهم بدون منطق . والجميع يريد ان يفهم ، لا احد يريد الا يفهم ..

----------------------------------------------------------
الألوهي :

عند هذا الحد أرى أن هذا النقاش قد أستنزف الكثير من وقتي ووقتك ، لذا أرى إعادة توجيهه ..... يمكنك أن ترد على مداخلتي لتبين وجهة نظرك فيما طرحته ، ولكني مستعد لكي أناقش معك فقط النظام الإسلامي الذي تراه بديلاً جيداً لحل مشاكل العالم الإقتصادية ... ولكن

سأناقش معك فقط التشريعات الإسلامية العملية التي وضعها الإسلام لضمان تحقيق الرفاهية ولجم التفاوت في الثروات وحل المشاكل الإقتصادية ... وسأناقشها معك نقطة بنقطة ... نمسك الربا مثلا ، نشوف هل هي نظام جيد أم ، ثم الزكاة وهكذا

ولك تحياتي
الرد:

انت الان تحدد ميدان اللعبة .. كما يفكر الراسماليون ، انت لا تريدنا ان نناقش الان ما تسميه بالنظام الراسمالي الغربي ، ولا ادري لماذا ! مع انك تماري بجودته ! ولا تريد حتى الكلام عن الاسلام وادخاله الاخلاق في الاقتصاد ، تريد فقط مناقشة للتشريعات الاسلامية المتعلقة بالمال ..

ومع ذلك حسنا ، وبانتظار رؤيتك عن تلك التشريعات وان كنا قد تكلمنا عنها سابقا ..

نعم الاسلام هو البديل ، ولا بديل غيره ، وحتى الشعوب الغير مسلمة ستحتاج لان تستعين بالنظام الاسلامي الذي يقاوم الهرميات والتوزيع الغير عادل وشفط الدماء لوقت طويل الاجل . الاسلام مع افقية الاقتصاد وليس مع راسماليته ، وليس مع افقية الشيوعية الدمرة والمغتصبة .. انها افقية خلاقة ترضي الجميع ..

 وشكرا على كل حال لانك كنت رحب الصدر واثريت الموضوع ..

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق