الحلقة العاشرة :
لنتخيل اننا نحقق له ما يريد
، ماذا سيكون ؟ سوف يحبس الناس في دور الدعارة الى ان يموتوا ، لان الجنس هو هدف
الحياة عنده . و هذا الامر لا يطيقه اي احد مهما بلغ من العهر و الرذيلة ، ولا بد
له ان يتقزز .. اذن ليس الجنس هدف الحياة ، و بما انه ليس كذلك ، فلماذا فرويد
يفسر كل شيء في الحياة على انه دافع جنسي ؟ من هنا سقط منهج فرويد ، ولا يجب
اعتباره ابدً كاي دراسة نفسية ، ومن يعتمد على منهج فرويد وتحليلاته يكون قد فتح
على نفسه باب الرفض والانتقاد ، لانه ارتكب خطا اساسيا في تبنيه لفكر فرويد
المنحرف عن الحقيقة . والذي جعل هدف الحياة هو الجنس بينما الواقع هو غير ذلك .
اذن نظرة فرويد خاطئة وبنى عليها كل نظرته عن الانسان ، ومن يتبع فرويد او يستشهد
به فسيأخذ نفس حكم فرويد وسوف يخطئ مثلما اخطأ فرويد .
النقيضان :
ماذا يستطيع الانسان ان يقول غير ان
فرويد يفسر كل شيء عبر الاعضاء التناسلية وما يتعلق بها ، وهذه ليست مبالغة ، بل
هذا هو واقع الفرويدية كله . كل شيءٍ ما يحدث و كل هموم الانسان يحصرها فرويد في
منطقة الفرج ليس الا ، فيا له من مفكر عظيم و راقي أو نازل بالاصح !
ثم هو يتناقض عندما يقول انها مسرورة
لطهارتها ، و بنفس الوقت لديها رغبة خفية مسرورة منها بالحرية الجنسية !! و لا احد
يسرّ في امرين متناقضين تمام التناقض ! تاويلات بعيدة جدا ً ! كيف تكون الزهور
الحمراء الجميلة ترمز لقذارة الحيض الذي تتقزز منه حتى صاحبته ؟ هذا خطأ تأويلي
بعيد ، فالاشياء المستقذرة لا يرمز لها باشياء محببة و نقية ، لا يكون مثل هذا ،
والا لتشوهت صورة الورد في عينيها مثلما شوهها فرويد في عيوننا الان ، عندما ربط
شيئا جميلا و ساميا بشيء مستقذر . لكن يبدو ان الامر سيان عنده ، فكلاهما لونه
احمر ليس الا !
الرقيب الشعوري :
الكناية والترميز يستخدمها الناس ليس
فقط في الامور الجنسية ، و دائما يبتعد الناس عن التصريح بكل ما هو قبيح او مزعج
للشعور او مقزز ، و احيانا يلجأون للرمز و التكنية بسبب الخوف ، مثلما يرمز الموظفون
لمديرهم برمز معين . نلاحظ ان هذا الترميز و هذه التكنية تحتاج لوجود اخرين ، اما
ان يرمز الشخص ويكني لنفسه ، فهذه غير موجودة في النفس البشرية حتى نقيس عليها في
الاحلام !
اذن استشهاد فرويد بالكنايات بين
البشر استشهاد غير دقيق ، لاننا نكني للاخرين عما نعرف قبحه ، ولو كنا نكني لانفسنا
فكيف عرفنا قبحه حتى نكني عنه لانفسنا ؟ و ما دمنا عرفنا قبحه ، اذن ما فائدة
الكناية ؟ هل نخدع انفسنا بعد ان عرفنا ؟ اذن لا رمزية بين الشخص و ذاته ، و هذا
يسقط فكرة الرقابة من جذورها ، فلا رقابة للانسان على نفسه ، لا في يقظته ومن باب
اولى في منامه (بل الانسان على نفسه بصيرة) .. فشخص يكني عن شيء مستقذر ، فهو يعرف
قذارته بينه و بين نفسه ، ولكنه يكني ليلطف الصورة عند الاخر . ولو كانت الصورة
ملطفة عنده لما احتاج لان يعبر عنها بالكناية والرمز .
يريد فرويد ان يوهمنا ان التكنية في
الرموز الجنسية بسبب الرقابة ، و هذا غير صحيح، حتى ذكر افرازات الجسم كلها تتم من
خلال التلطيف و التكنية بين الناس . وهي ليست اموراً جنسية ، بل انهم يضطرون
للكناية في مجال السياسة و الشخصيات الهامة في المجتمع . اما ان يرمز الانسان
لنفسه فهذا شيء غير موجود ! لو ان الشخص يحلم مع الاخرين لكان قياسه سليما لانه
يرمّز للاخرين ، ولكن لا يوجد احد يرمز لنفسه ، اذن لا وجود للترميز في الاحلام ،
لان التكنية والترميز هي للاخرين ، حتى لا نجعلهم يتصورون نفس ما نتصوره . ولو كان
الانسان يستطيع ان يرمز لنفسه لاستطاع ان يخدع نفسه بنفسه ! وهذا غير ممكن ،
فالكذاب يكذب على الآخرين و ربما يصدقونه ، و لكنه لا يكذب على نفسه ثم يصدق
الكذبة ، مثل ما أنه لا يجامل نفسه . كأن فرويد لا يفرّق بين ان يكون الانسان مع
نفسه او يكون مع الاخرين . و هذا ترهل علمي مفرط يجعل تعامل الشخص مع نفسه مثل
تعامله مع غيره بحسبة واحدة .
اما من يصف الناس شخصا بأنه قد خدع
نفسه مثلا ، فهذا الوصف ليس دقيقا ، هو تصورَ تصورا خاطئا عن نفسه و صدَّقه ، ولكن
الواقع كشف خطأ فكرته . فهو لم يقصد ان يخدع نفسه ، بل المعطيات التي عنده هي التي
جعلته يبني هذا التصور الخاطئ .. مثل ان يكون احد الاولاد اطول من اخوانه و زملائه
في الفصل ، فيتصور انه اطول الجميع دائما .. ثم يفاجأ بأن فكرته عن نفسه كانت
خاطئة عندما يقابل ولدا اطول منه و اصغر منه . هذا لا نقول عنه انه خدع نفسه ، وان
كان ظاهرها انه خدع نفسه . و هذا الكلام ينطبق على نظرية البرمجة اللغوية العصبية
التي تطالب بان نقول عن انفسنا ما نشاء من الاشياء التي نحبها و نجد انفسنا
تلقائيا نكون كذلك ! قل انك ثري و ستصبح ثريا ، من خلال قانون الجذب الذي يجذب
الاشياء الينا ولسنا نحن الذين نسعى ونكدح لنصل اليها !! وقل انك شجاع و تصبح شجاع
!! و قل انك سعيد وتصبح سعيدا !! توهيم ليس بعده توهيم ، وهي نظرية خاطئة اخرى
ايضا . لان هذه النظرية لا تحترم قوانين الاشياء ، فلا شيء يصل اليه الانسان الا
بحقه ، و ليس بكلمة . الله هو الذي يقول للشيء كن فيكون ، وليس الانسان . هذه
نظريات توهيمية .
و اذا سايرنا فرويد ان العقل الباطن يتحايل
على العقل الظاهر و يعرف كيف يتخلص منه ، فكيف يسمى عقلا لا واعيا ؟ هذه اعمال
واعية ! و طالما يعرف العقل الظاهر اذا هو ظاهر .. و اذا تبنى شخص بعقله الظاهر
افكار فرويد عن رغبات العقل الباطن و سمح بها ، فمن المفترض ان تزول الرمزيات في
احلامه و تصبح احلامه جنسا صرفا و صريحا .. و هذا لا يوجد حتى في احلام فرويد نفسه
.. ما دام ان العقل الواعي هو الذي يرفضها ، اذن اذا تغير العقل الواعي عن رفضه
كما هو في حال الفرويديين المصدقين ، يجب ان تزول الرقابة ، فيصبحون بلا رقابة
ويصبح بقية الناس برقابة ! و هذا الشيء لم يدّعيه احد من الفرويديين - بل ولا حتى
الاباحيين الذين تجيز عقولهم الظاهرة كل صور الاباحية ولا يرون فيها اي عيب او خطأ
- ان احلامهم تغيرت لانهم غيروا افكارهم
وبنوا مجتمعا يشابههم في هذا التغيير .
وان قالوا ان فترة الرقابة تبقى مؤثرة
بعد التغيبر ، فهناك من تبنى افكار فرويد منذ نشأته ، فلماذا لم يذكروا ان احلامهم
تختلف عن بقية الناس والبشر و انها صارت بلا حيل ولا رمزيات ؟ هذا يثبت خطأ نظرية
فرويد عن الاحلام بكاملها ..
سياق الحلم :
اذن لماذا لا يعتبر السياق مهما دائما
في الاحلام مثلما في اللغة طالما شبه سياق الاحلام باللغة ؟ فاللغة لا تـُفهم الا
من خلال السياقات ، مع انه من قبل لم يهتم بالسياق ، بل جعل حلما مختلفا ، مكملا
لحلم اخر ضاربا بالسياق عرض الحائط عندما كان يتكلم عن التكثيف في الاحلام ،
معتبرا ان صورة واحدة هي مركز الحلم وليس السياق . هو يسير بلا منهج ..
يلاحظ ان فرويد لا يقيد نفسه باي شيء
حتى يتصرف بالتأويل كيفما شاء . ومن يقدم علما يقدم قيودا و ثوابتا . وهو لا يفعل
ذلك ، اذا هو يفسر بالمزاج لا بالعلم .
الرموز الشائعة :
الان يعود لما تنصل منه في اول الكتاب
، عندما قال انه قدم تفسيرا مختلفا عن الطريقة التقليدية التي تعتمد على التفسير
من خلال الرموز الشائعة و المتكررة و الجامدة عند المفسرين القدامى .. ها هو ذا
يجعل اي ملك و اي ملكة عبارة عن الاب او الام ، وهكذا ..
فرويد يحتاج الى قارئ صفحة و ليس الى
قارئ كتاب ، لانه سيكتشف التناقض بين صفحة وأخرى ..
من 3 إلى 6 :
ليس بعد هذا الجمود في الصورة جمود !!
عاد من جديد للرموز الجامدة خلاف ما ادعاه .. بهذه الطريقة يستطيع ان يصنف كل ما
في السوق من ادوات ومنتجات ..!! يا ترى
ماذا سيصنف المطرقة والقنبلة من الاسلحة عندما تجتمع بين الاستطالة و التدوير ؟ هل
ترمز القنابل و الالغام للعضو الذكري و هي مدورة ؟ و الغازات السامة و النيران ؟
هي من الاسلحة و لكن ليست مستطيلة ! ام ان لديه فصل عن الاشياء مختلة الشروط ؟
7 – 10 :
الصاروخ مجوف و مستطيل !! والبندقية
مجوفة ومستطيلة ايضا !! وكذلك الطائرة الحربية !! مجوفة ومستطيلة !! بل حتى
السفينة مجوفة ومستطيلة وتستعمل سلاحا !! (نحتاج الى عالم متخصص بالخزعبلات) ..
11 – هذه لا تحتاج الى عالم !!
12 – الا يمكن ان ياتي شيء اخر غير
الجنس ؟؟!! لقد ضيقت واسعا !! لا يوجد فرق بين الدعارة والزواج ؟
16 – لماذا هذه المرة "أحيانا" ؟؟ قل دائما !! فهو اعدل
للحساب !! ولماذا الاستثناء فقط في المائدة ؟
17 – المشكلة ان القبعة مجوفة و تحتضن
الراس !! الصورة هنا غير واضحة هذه المرة كوضوح القفل والمفتاح !! من المفترض على
تفكيره ان ترمز القبعة لآلة المرأة ، و رأس المرأة لآلة الرجل !! لماذا غير الحسبة
هذه المرة وشذ عن القاعدة ؟ ام ان هذا من التأدب مع المرأة ؟
19 – لماذا ؟ المعطف مجوف وحاضن ! ما
ذنبه ؟
21 – الجبال واضحة ، و لكن الاشجار ؟ ..
22 – ما أوسع انتشار الاعضاء الجنسية
! في البر والبحر والجو ! كل الطبيعة ومظاهرها اختزلها في الاعضاء الجنسية .. حتى
الاطفال صاروا رموزا لاعضاء جنسية ..
اين العقل ؟ ام انه رمز من رموز
الاعضاء الجنسية هو الآخر ؟ ما اصغر العالم واقل تنوعه مع راسمالية فرويد الجنسية
!! كل خرائط العالم و الطبيعة موجودة في الاعضاء الجنسية !! بما فيها الجبال
والوديان والانهار والاسلحة والاطفال !! ماذا بقي من شيء لم يجعله رمزا جنسيا ؟؟
23 – اذا هو ينكر عاطفة الابوة
والامومة عندما يلاعبون الاطفال ! فلا شيء غير الجنس في الوجود . ليست المشكلة في
ان يكون عقل فرويد بهذا الشكل ، بل في ان يسوَّق ويقبله البعض على انه حقائق
عقلانية ..
24 – الخصاء شيء وسقوط الاسنان شيء
آخر وماذا سيقول عن الخصاء نفسه ؟ هل هو رمز لسقوط الاسنان ؟؟ الإنسان لا يملك من
جسمه الا اعضاؤه الجنسية ، و كأنه لا يخاف على اسنانه بل يخاف على خصاؤه !! اذا لم
يكن هذا تطرفا عقليا فماذا يكون التطرف ؟ الاسنان لها اهمية في حياة الانسان مثلما
ان لاعضاؤه الجنسية فائدة ودور ..
هذا الجنون العبثي يشبه ان يحلم مريض
يخاف على بصره بان نقول انك لا تهتم بعينيك و لكن اهتمامك كان باذنيك ورمزت لها
بعينيك !! و كأن العينين بلا قيمة . لو ان احدا قال هذا الكلام لقيل انه مجنون .
لكن فرويد يقال عنه انه عالم كبير ومؤسس علم النفس الحديث ، وحسبك بعلم هذا مؤسسه و
باني لبناته الاساسية التي ما تزل قائمة.. هو يفسر الخوف من سقوط الاسنان بالخوف
من سقوط الخصيتين !! مع انه لا خوف على سقوطها البتة .. اما الاسنان فما اكثر
سقوطها و تلفها ..
28 – اذن هناك يمين جنسي متطرف ويسار
جنسي متطرف ، ووسط ، بناء على تقسيمه للعالم جنسيا .
يا لسعة الافق والخيال !! مبدأ فرويد
: لا اله و الحياة جنس ..
هذا النمط من التفكير الحصري تزخر به
الثقافة الغربية خصوصا من مكونها اليهودي ، ففرويد كل شيء جنس ، وماركس كل شيء مال
، وداروين كل شيء تطور ، و نيتشه كل شيء قوة ، ودريدا كل شيء تفكيك ، واينشتين كل
شيء نسبي .. التفكير بهذه الطريقة البسيطة جدا و البعيدة عن التعقيد والترابط ، لا
شيء اسهل منها ، ولا تحتاج الى عقلية معقدة ، عندما تضع نظرية كل شيء يساوي شيء
على الطريقة الغربية ، ستجد نماذج واضحة تساعدك ، و تجد نماذج غير واضحة تستطيع ان
تلتف عليها وتدخلها في نفس قبعتك السحرية الضيقة او تهملها ..
العاقل لا يقبل - من الاساس - فكرة كل
شيء يساوي شيء .. و المنطق لا يعرفها و يرفضها ، اذن هي نظرية غير منطقية ، وما
كان اساسه غير منطقي فلا قيمة منطقية لتفريعاته حتى لو كان بعضها منطقيا .. مع
انها متجذرة في الفكر الغربي ، و دائما يبحثون عن الاصل المشترك بين الاشياء ،
متصورين ان هناك اصلا مشتركا ، سواء كانت مادية او نفسية ، مثل فكرة التطور التي
يريدون تطبيقها على كل شيء .. وهي من الاخطاء الشائعة في العقلية الغربية ، والتي
لا تستطيع عنها فكاكا ..
هذه الفكرة ملازمة لتفكيرهم ، سواء في
الفيزياء او علم النفس او في الفلك او في الاجتماع او في الاقتصاد او في الاخلاق ،
ثم تاتي نظرية اخرى من نفس النوع ونفس الطراز ولكنها تختلف في الشيء ولا تختلف في
كل شيء .. ! محاولة ان تنقض كل ما بنته النظرية السابقة ! مجرد العاب سحرية يحاول
بعضها ان يبتلع البعض وتكسب الوقت بتلهية الناس عن البحث عن الحقيقة . و نستطيع ان
نسمي هذه الفكرة بالاصولية الفكرية ، مستمدة من الاصولية اليهودية الدينية ..
والتي تحاول ارجاع الاديان السماوية الى اليهودية كونها هي الاصل كما تزعم .. و أن
المسيحية والاسلام متطورة منها .. و من هنا جاءت فكرة التطور ، وهذا من اكبر روافد
الفكرة ..
اذن فكرة التطور لها اساس قديم و لها
اساس جديد .. اساسها القديم هو الهندوسية
مرورا باليونان ، و اساسها الحديث من الفكر اليهودي المؤثر الى حد كبير في الثقافة
الغربية الحديثة .
و منطقيا : كيف يكون كل شيء عبارة عن
شيء واحد ؟ انها عقلية البوشار الصغير الذي ينتفخ ليملء الحيز الكبير متشعبا ..
هذه عقلية نستطيع تسميتها بالعقلية البوشارية ..
31 – وايضا يمكن تسميته بعجز جنسي لا
مرد له !!
32 – هل اصبح الضمير هو العضو الجنسي
ايضا ؟ الضمير يرى فرويد انه خطايا فكيف تثخنه الخطايا ؟ اذن هو يعترف بالضمير
وانه شيء منفصل عن الخطايا .. وهذا تناقض .. اما الحقائب الثقيلة والعضو الجنسي
فما الرابط بينهما في الثقل ؟
كلما طلب منك ان تقدم كلاما غير معقول
للفكاهة ، تذكر كتب فرويد .. فسوف تجد ما تريد ..
المراة تتمنى ان تكون رجلا :
لاحظ انه يخلط هنا بين الامور ،
فيستغل ان كثير من الاناث يتمنين لو كن رجالا ، لاسباب اجتماعية ولما يتمتع به
الرجل من حرية اكثر . يستغل فرويد هذا ليبرر انه رغبة جنسية عكسية ، لكنه لم يذكر
نسبة الذكور الذين يتمنون ان يكونوا اناثا ما دامت عكسية ، لانها ليست في صالحه .
اذن تسقط فكرة الرموز العكسية و رغبة كل جنس بان يكون من الجنس الاخر ..
نعم تحصل هذه الرغبة احيانا لاسباب و اعتبارات
اخرى ، ففي وقت الحروب يتمنى بعض الرجال لو كانوا نساء حتى يعفوا من الخدمة
العسكرية ، و في دخول البرلمان تتمنى الكثير من النساء لو كن رجالا ، لان نسبتهن
هي الاقل دائما في مجال السياسة ، وهكذا ..
فرويد لا يتعبر للحياة وجود الا في
جوانبها الجنسية فقط . و كلٌ يتحرك بدوافع جنسية و كل الاشياء رموز جنسية .. اذا
لم يكن هذا هو التطرف والشذوذ العقلي فماذا يكون ؟ .. هذا اشبه بخيالات المجانين
.. كيف مثل هذا الشخص يعالج المرضى العقليين ؟ هل سيسبقه مرضاه في التطرف العقلي ؟
لا اظنهم يستطيعوا مسابقته في هذا الجنون او التفوق عليه ! شخص يرى كل ما في
الدنيا عبارة عن اعضاء جنسية !! ماذا تقول عنه ؟ هل ستثق بعقله اذا كان هذا العقل
سيداويك ؟ هذا مثل مجنون يرى ان كل شيء في الدنيا ملوخية او اسباجيتي ، و ان كل ما
يقال هو رمز يعود الى الملوخية ، سيقال عنه انه مجنون ، لكن لا يقال عن فرويد ذلك
.. لماذا ؟ هل ستقول لان الجنس مهم ؟ ايضا الغذاء مهم .. لكنه ليس كل شيء ، فأنت
تسير في الشارع لا ترى الا اعضاء جنسية ، كاعمدة النور التي ليست الا اعضاء جنسية
، و اشارات المرور التي تشبه دماء الحيض .. اشياء مستطيلة او مكورة او مجوفة ،
كلها رموز جنسية ، وعليك ان تفهم الحياة من خلالها .. ثل ما يرى ذلك المجنون أن
الاشارة الخضراء عبارة عن ملوخية ، وان اعمدة الانارة عبارة عن اسباجيتي .. لكن
يبقى صاحبنا مجنونا ، و فرويد يسمى عبقري علم النفس ، والفاصل بينهما هو قوة
الاعلام .
ازراء ليس بعده ازراء ، واحتقار
لانسانية الانسان وعقله ليس بعده احتقار .. و اكتفاء بالجزء وانكار للكل .
القبعة :
تحليل سخيف لا يستطيع احد ان ياتي
بتحليل اسخف منه على الاطلاق ، لانه وصل الدرك الاسفل ..
حلم الفتاة يعبر عن مشاعر الخوف التي
تنتاب اي فتاة عفيفة تخاف من الاغتصاب . فرويد ترك السياق و توقف عند القبعة ! مع
انه خالف تحليلاته السابقة ، فالقبعة مجوفة ، فلماذا صارت ترمز لعضو الذكر ؟ و
كونها تلبس القبعة بتلك الوضعية ، هذا يوحي الى وضع التبرج الذي يجلب الغواية
اليها ، وكانت عادة لبس القبعة و امالتها من احد جنبيها موضة البنات في زمن فرويد
..
لهذا شعرت بالخوف ، لان منظرها و هي
تلبس قبعتها بهذا الشكل المغري سيجعل الشباب يلتفتون اليها ويفكرون فيها جنسيا ،
خصوصا و هم ضباط بحرية عازبون في العادة ، وتقع فيما تخاف منه .
باختصار : تلك الفتاة تخاف من زينتها
التي يجبرها المجتمع و الاعلام عليها ، و هذا يذكرنا بامر الله بالقران الكريم بان
لا يبدين زينتهن ولا يتبرجن ، لانها لو كانت تمشي باحتشام و تلبس باحتشام لما خافت
من اؤلئك الضباط او غيرهم ..
الحلم بيـّن لها ان زينتها مصدر قلق و
معاناة ، و كثير من النساء يجبرهن المجتمع و الموضة على ان تضع نفسها في موضع لا
يمثلها حقيقة . هذا اذا تركنا مشكلة المعاناة من ضيق اللباس والبرد وما الى ذلك ..
اذن الموضة عدوة لنا و ليست صديقة ، والعاقل يتخلص من سيطرة اذواق الاخرين على
حياته حتى لو كانوا اصحاب دور ازياء .. نعم ، ان زينة المراة من اكثر اسباب معاناة
المراة .. والمراة الشجاعة المستقلة عليها ان تختار ما يناسبها ، و تبتكر ايضا ، لا
ما يناسب المجتمع والموضة ..
وهل يحق لامراة تلبس ما لا يريحها و ما
لا تريد ، أن تقول انها حرة ؟؟
كان على فرويد ان يقول لها : لا تجبري
نفسك بتقليد الفتيات المغريات ، و انتي فتاة عفيفة ، حتى لو انتقدناك في ذلك
..البسي اللباس الذي يتناسب مع اخلاقك و نيتك وشخصيتك حتى لا تفتحي على نفسك
مشاكلا كنتي في غنى عنها .. هذا هو التفسير المنطقي والمفيد .. ولا ادري لماذا
تتزين وتتبرج المراة العفيفة التي لا تريد اغواء الرجال .. النظافة والتناسب
والاناقة شيء ، والتبرج شيء آخر ، ينبغي عدم الخلط بينها بالنسبة للمرأة التي
يهمها عفافها ، وما دام يهمها ، فيجب ان يظهر ذلك الاهتمام في لباسها ومظهرها
وكلامها ايضا .
السقوط تحت العربة :
في الحلم السابق فسرها بانها مشبعة
جنسيا للغاية ، و ليست بحاجة لاحد ، و الان يجعلها جائعة الى ابعد حد !! هذا تناقض
! مع ان المريضة هي نفسها في الحلمين . المريضة ام ، و كل ام ينتابها الخوف على
ابنائها بشكل يومي ، خصوصا اذا كانوا صغارا ، و ما اكثر احلام الامهات والاباء في
ابنائهم وتعرضهم للخطر، ولا بد انها تشعر بنفور امها من ابنتها لانها ربما تسكن مع
والدتها ، وهذا امر يقلقها ، و لم يحب فرويد ان يسأل عنه ، بل احب ان ينبش في كل
ذكرياتها لعله يجد صورة فيها جنس ليربط بها الحلم ، وهذا هو منهجه تماما ، فمنهجه
ان يجعل المريض يسترخي و يتكلم عن كل ذكرياته ، و يمسك فرويد قلما و ورقة ، وينتقي
منها ما له علاقة بالجنس ، و بهذه الانتقائية السيئة سمي رائد التحليل النفسي ،
هذا هو ما يسمى بجلسات التحليل الفرويدية ، فتذكرها اذا ذكرت لك : بحثٌ عن اي مؤشر
للجنس ، واعتساف كل شيء عليه ..
لاحظ انه ربط بين هذا القطار في الحلم
والقطار الذي ركبته عندما قابلت الطبيب الذي اعجبها ، مع ان القطار هو وسيلة النقل
عندها ، فهي لم تركب القطار فقط مرتين في حياتها حتى يجوز لنا الربط بينهما !! نعم
ركبت القطار عندما قابلت الطبيب ، و ركبت القطار كل يوم لعملها و الى السوق وغيره
، فلا مبرر لهذا الربط .
فرويد لا يسجل كل شيء ، والا لتعبت
يده من الكتابة .. من الطبيعي ان تجد في ذكريات اي انسان شيئا له علاقة بالحب او
الزواج او رؤية شخص عاري او ما الى ذلك .
اذن منهج فرويد انتقائي مبني على فكرة
مسبقة و نتيجة معروفة مقدما ، مع انه يسميه تحليلا نفسيا ، كان يكفيه عن كل هذا
اللف والدوران ان يسألهم عن احلامهم الجنسية مباشرة ، و لاحظ انه لا يعرج على هذه
النقطة ، لانه يريد ان يفسر الامور غير الجنسية بدوافع جنسية ، على طريقة : كل شيء
يساوي شيء .
انه لا يتتبع المعطيات الى اين تذهب ،
بل هو يوجهها الى اين تذهب ، و هذا المنهج ساقط علميا لانه يحذف ما يشاء و يبقي ما
يشاء ، ويضخم ما يشاء ويهمش ما يشاء ، لان النتيجة معروفة مسبقا (جنس) . اذن فرويد
لا يقدم لنا الحقيقة مع الاسف ، وقد غش الناس الذين وثقوا به ، بل قدم ما يريده هو
ان يكون ، تماما كاسلوب المشعوذين . هو لم يسألها عن قلقها على بنتها ، و القلق
على الابناء معروف لدى الجميع بانه اهم من القلق على التمتع الجنسي .. فهل من
المعقول ان يـُجعل الاهم رمزا للمهم ؟ المفترض هو العكس .. ان هذه المراة ستضحي
بكل رغبة جنسية مقابل سلامة ابنتها ، و هذا امر لا يحتاج الى استفتاء . و منطقيا :
ما الجنس الا وسيلة لايجاد الابناء ، فهل نضحي بايجاد الابناء مقابل الوسيلة ؟ هذا
هذيان علمي وليس طرحا علميا ..
احلامنا تعبر عن قلقنا ، وهو يريد ان
يجعل كل قلقنا عبارة عن رغبات جنسية مكبوتة ، واذا ابعد عن الجنس قليلا ، ذهب الى
الحقد وتمني موت الناس ، فما اجمل نيته و أعظم انسانيته !! اذن لو تحققت هذه
الرغبة التي هي محور كل شيء عنده لما قام الناس من مخادع الجنس ، لانها هي الغاية
الاساسية من الحياة كما يقدمها هذا الفيلسوف المأفون ..
----------------------------------------------------
انتهت الحلقة العاشرة ..
وتليها الحلقة الحادية عشرة بإذن الله ..
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق