إن من يعيش
في الخيال فقط قد ينصرف عن الواقع ويتضرر واقعه مع أنه يستمتع في الخيال , الخيال
له متعتان وليس له متعة واحدة , متعة الطيران أو التحليق معه ومتعة إنزاله إلى أرض
الواقع , وبدون عملية الإنزال إلى الواقع لا يكون الخيال مفيداً بل يسمى خيالا
مجنحا وبرجا عاجيا , إنها صورة من الهروب عن الواقع , لكن من يعيش في الواقع هو يعيش
عيشة الدود الأعمى الذي يسيّره التيار كما يشاء ويعيش في المكان الذي ذهب به إليه
التيار دون أن يكون له أي إرادة حقيقية في حياته لأنه مستسلم للواقع .
فالاستسلام للواقع يقود إلى المادية ويبعد عن
الإبداع والتميز ويفقد الإنسان تميزه ويجعله ترساً في آلة , وليس له إلا المفاجآت
التي لا يفهمها لأنه داخل الدوامة , ولا يخرجنا عن دوامة الواقع إلا فسحة الخيال ,
وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل , فروعة الإنسان وتكامل شخصيته أن يحتلب الخيال في
وعاء أرض الواقع ويصنع جنة الخيال ولو على نطاق ضيق لكنه في الواقع وليس في عالم
الرؤى فقط .
ولا تسأل
المبدعين عن الخيال فسوف يطرونه أكثر من أي شيء .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق