الأحد، 22 أبريل 2012

حوار حول الإدعاء والأديان والآلهة



حوار مع الزملاء ( يو اس ارمي ، قلقميش ، آيدياليست ، لولو ، آوت لاو ، مردوخ) في منتدى طبيعي حول الإدعاء والأديان والآلهة


-----------------------------------------------------------------------------------------------
يو اس ارمي :

الورّاق في 02 ديسمبر 2011 - 07:27 ص كتب :
في الوقت الذي نرى فيه الملاحدة يدعون العلمية ، ويدعون عدم وجود اله


الملحد لا يدعي عدم الوجود بل يرفض ادعاء وجود الاله لعدم كفاية الادلة

الرد:
.. وبالتالي يكون قد ادعى عدم الوجود .. اليس كذلك ؟

إذا كانت القضية أ عكس القضية ب ، فإذا نفيت القضية أ ، فأنت تثبت القضية ب .. و العكس ..

------------------------------------------------------------------------
قلقميش :

الورّاق في 02 ديسمبر 2011 - 07:27 ص كتب :
لاحظ انه مع كل مرحلة من الادعاء العريض ، تقل القيمة العقلية للمدّعي ، فما بالك على من يحكم على كون ٍ لم تصل اليه عنه اي معلومة ! فإذا كنا قد ضحكنا على صاحب القلم و إدعاء عدم وجوده في البلد ، فماذا سنفعل مع من يدعي عدم وجود شيء في كون لا نهاية له ؟ و كل معرفتنا عنه لا تساوي هباءة في بحار من الجهل ؟؟!!


هنا وقعت في مغالطة القياس الخاطئ لأعتبارك وجود القلم مساوياً لوجود الاله ( لاتوجد مقارنة نهائياً)
القلم معروف للانسان فوجوده او عدم وجوده في مكان ما مفهوم بديهي عند البشر والاستدلال عليه سهل، اما الاله فما هو الاله؟
لو قلت انه لاوجود لشئ اسمه قلم لكانت اصح وعندها ستفشل في اثبات او انكار هذا الادعاء بالضبط كما حاصل مع ادعاء الاله.

الرد: على هذا ستكون نافيا لاي شيء غير موجود امامك ! لم ير احد كيف تطورت الاحياء ! فلماذا تصدق بالتطور و انت لا تر تطورا امامك سوى بعض الملاحظات و التشابهات والادلة الاستنتاجية ، و مع ذلك تقر بوجود التطور كحقيقة ثابتة .. الادلة على وجود اله كثيرة في كل شيء و لكنها ليست قطعية .. الان انت وقعت في مغالطة الانتقائية..

قالوا لك بما ان كذا وكذا وكذا ، وهذا يشابه هذا ، اذا كل الاحياء تطورت من خلية واحدة ، فصدقت هذه الحقيقة .. بل و صدقت السيناريو بتفاصيله التي لم يرها احد ، ونحن نرى كونا منظما و ارضا مهيئة للحياة وسكن الانسان ، و نعرف ان لكل شيء سبب ونعرف ان العشوائية لا تصنع العقل والنظام ، فعرفنا ان هناك اله ..

لا نحن راينا الله و هو يخلق ، ولا انت رايت الاحياء وهي تتطور !! اذا كل يختار ما يريده ليؤمن به .. الفرق في سمو الاختيار من دناءته ..

الاله هو الخالق ، ابحث عن الخالق ! اليس العقل يقول : لكل مصنوع صانع ؟ فتش في الكون كله اللامنتهي متجاوزا النخلوقات لتصل الى خالقها ! والخالق شيء محدد ومتميز عن المخلوقات ! المنطق يقول هكذا ! هل اذا وجدت ساعة مرمية في الصحراء لا تصدق ان لها صانع ؟ تستطيع ان تفتش عنه و تجده ..

لا شيء ياتي من لا شيء . واذا كان عقلك يستطيع ان يستوعب ان ياتي الشيء وهو الكون بنظامه من لا شيء ، فاعذرني فعقلي لا يملك هذه الطاقة الابتلاعية ! فمهما ابتلع غبائي فلن يستطيع ان يبتلع كونا كاملا بنظامه و توازنه الدقيق و تجهيزه المدهش ..

العلماء اللادينيون لم يستطيعوا ان يبتلعوا ما يبتلعه عقل الملحد بسهولة ، مع انهم لا يؤمنون بالاديان .. و يعظمون العلم والمنطق اكثر من الملاحدة .. طبعا اقروا بوجود اله (سبب) حتى لا يخسروا عقولهم امام الناس و انفسهم ، بحيث يتكلموا كلاما لا منطقيا ، و هم الذين يحترمون المنطق ، والا فهم لا يؤمنون بجنة ولا بنار ولا يخافون عقاب اله حتى تقول انهم مغيبين كالمؤمنين .. وحياتهم وممارساتهم كالملحد ربما ..

اللاديني هو ورطة الملحد وعقدة المنشار في تفكيره .. الملحد يتجنب اللاديني خوفا منه ، و يذهب الى المؤمن معتمدا على بعض المغالطات والنواقص والجهل في حياة المؤمنين و فهمهم لدينهم .. اما اللاديني فهو بعبع الملحد .. فلا يستطيع ان يجد عليه مأخذا .. لأنه يفكر مثله و ليس مرتبطا بدين مثله ، و يمجد العلم والعقل مثله .. ومع ذلك يقر بوجود اله من خلال حتميات منطقية وعلمية ..

لهذا لا نجد صداما يديره الملاحدة مع اللادينيين ، بدافع الذعر .. و الفكر اللاديني هو من اقوى الادلة للمؤمن على صحة ايمانه ، يقدمها احد غير مؤمن وكافر بالاديان ، ومحسوب من جملة الملحدين بشكل عام .. و يعتبرون حاجزا بين المؤمن والالحاد .. ولا يستطيع ان يقع المؤمن في الالحاد و هو يرى هذا الحاجز المحايد ..

اذا الحق ما شهدت به الاعداء ، وشهد شاهد من اهله .. لا احد يقول ان اللادينيين متواطئين مع المؤمنين أو تدفع لهم المنظمات الاسلامية معونات و كسوة شتاء .. و بهذا حافظ اللادينيون على احترامهم من الناحية العقلية و المنطقية على الاقل ، وان كانوا لم يستطيعوا ان يكملوا المشوار ، و اكتفوا بما وصلوا اليه ..

تفكير الملحد مختلف عن تفكير اللاديني في قضية مهمة ، اذا لماذا لا يناقش الملحد اللاديني ؟ مكتفيا بنقاش المؤمنين و التهجم على اديانهم من خلال التطبيقات الخاطئة دون الفكر ؟
------------------------------------------------------------
آيديليست :

انا لست ملحدا و لكن اعتقد ان موضوعك غلط.

ان رفض الملحد لفكرة وجود الاله هو مثل رفض اي شخص لفكرة وجود مخلوق خرافي، فالله من وجهة نظر الملحد لا يختلف عن المخلوقات الخرافية اللتي اخترعها الانسان.

الرد:
كل هذا و لست ملحداً !!؟؟

نحن لم نستطع ان نحدد هل انت ملحد ام لا من واقع تعبيرك !! فكيف نمشي وفق بقية افتراضاتك ؟ تقول ان الاله خرافة بينما تقول انك غير ملحد !! كيف نصدقك في البقية ؟ 


آيديليست :
لو اخذت وصف لاي مخلوق خرافي من اي حضارة، و قررت بسرعة انه لا وجود لشيء كهذا، فهل ادعائك عريض؟ لا اظن.

الرد:
حتى تحكم على انه خرافي ، تحتاج الى الكثير ، اليس كذلك ؟ ام ان الامر لا يحتاج الى شيء ؟ فكل ما ليس موجود في راسك يعتبر خرافياً ؟؟ هذا تكبر واحتقار للعقل ، لان العقل يدعو للتثبت .. خصوصا ممن يدعي العقلانية والعلمية ..

آيديليست :
الادعاء العريض هو ان تدعي ان خالق الكون له الصفات التالية: له وجه و يد، يغضب و يفرح، له عرش يجلس عليه، عنده ملائكة يحملون عرشه، عرشه فوق سبع سماوات، عنده عدد لا نهائي من الملائكة يسبحون بحمده طوال الوقت، يهتم ببني البشر و يريد منهم ان يسبحوه طوال الوقت، عنده مطالب محددة من بني البشر فهو يحدد لهم كيف ياكلون و كيف يشربون و كليف يلبسون و كيف يقومون بالممارسة الجنسية و مع من، و يريد منهم ان يقدسوا بعض الاشياء و ان يقوموا بقتل بعضهم البعض لاسباب سخيفة مثل سب المقدسات او التوقف عن الايمان بمعتقد معين، الخ.

لو كان ادعاء الدين متوقفا على وجود خالق للكون، لكان ادعائا مقبولا، لان عليه بعض الشواهد: مثل نشوء الكون من لا شيء، و وجود الحياة و تطورها.

اما ان تلصق به كل هذه الصفات الاخرى .. فهذا ادعاء عريض، يحتاج الى الكثير من الادلة.
الرد: الان انت اقررت بوجود خالق عظيم ، و ادعيت انه لا يقبل السخافات ، و انه لا يهتم بخلقه ، ولم يرسل لهم رسولا ابدا ولا يليق به ذلك ، الخ .. من اين عرفت هذه الاشياء ؟ وما دليلك عليها ؟ اليست ادعاءات ؟ على الاقل نحن نقول انه ارسل رسولا اخبرنا بذلك !! ولكن من رسولك الذي خبرك عن ذلك الخالق المحايد الرسام الذي يخلق الخلق ويدير لهم ظهره ؟ اليس هذا ادعاء عريضا ؟ لا تنسى ان النفي ادعاء .. فلا احد ينفي بلا علم ، فاين علمك الذي نفيتَ على اساسه ؟ لا زلنا في العقل والمنطق ..

اذا اللاديني توقف المنطق عنده بعد ان عرف بوجود اله ، وبدأت العواطف تشتغل .. المفترض انك بنفس المنطق الذي عرفت به وجود خالق ، اكملت المسيرة .. الم تقل انه لا يمكن ان يوجد هذا الكون وهذا التنظيم والابداع بدون ارادة واعية و قادرة ؟ المنطق هو من اخبرك بهذه الحقيقة ..

والمنطق سيقول لك : لا يمكن لهذا الخالق العظيم ان يهمل خلقه !! و يتركهم يموجون في الخير والشر بلا توجيهات ؟ وهذا الخالق يعرف ان خلقه في حيص بيص .. ولا يعرفون الطريق الصحيح ، وبما انه عظيم وقادر فهو يعرف وضعهم و مع ذلك يتخلى عنهم ! فهل يليق ان يسمى عظيما و هو بهذه الصفة ؟ انت الصقت به صفات النقص بفكرك اللاديني ، وادعيت النبوة وتكلمت باسم ذلك الخالق دون علم ..

المنطق يقول : بما انه كامل ، فالكامل يكمل عمله ، اما من يخلق الخلق ويضيعهم ، فهذا لم يكمل عمله .. هذا الخالق تخلى عن الوهيته بقرار منك ، وسلم الارض للناس وتخلى عن دوره ، هذا الخالق الذي دلّك عليه المنطق ، تدور حوله الاسئلة الكثيرة ، واكثرها اسئلة اخلاقية .. فهو خالق لا يرحم ، و يرى الناس يقعون في الخطا ويتركهم ، هذا الخالق الذي تؤمنون به غير اخلاقي ولا جدوى من وجوده ، طالما انه غير فعال في شيء ، وهو خالق ضعيف الشخصية ، و وجوده كالالحاد به .

اما زعمك بان الله امر بقتل المخالفين ، فهذا زعم باطل وليس له اساس .. الله امرنا بالتذكير فقط ، (فذكر انما انت مذكر ، لست عليهم بمسيطر ، الا من تولى وكفر ، فيعذبه الله – وليس انا – العذاب الاكبر ، ان الينا ايابهم ، ثم ان علينا حسابهم ) .. وكما جاء الناس للحياة بإرادة غير ارادتهم ، فسيذهبون بنفس الارادة .. اي ايابهم .. حينها سياتي حسابهم ، وحساب كل من لم يكمّل المنطق واكتفى منه بالقدر الذي يخدم اهواؤه وتخلى عن الباقي وهو يعرفه ..

القران امرنا بالخير والفضيلة ، فهل هذا شيء يعيب الله ، ام يعيبه الا يامر بالخير والفضيلة و الحق كإلهكم السلبي ؟

اللاديني عرف بوجود خالق ، لكنه لم يكمل البحث ، والتقى مع الملحد في حياة سائبة وعاش كأنه ملحد ، و لم يكمل المنطق خوفا من ما يسميه الارتباط على وهم الحرية .. مع انه يعرف انه لا يوجد انسان حر بمعنى الكلمة حتى ولو كان ملحدا ..

وبعد الذهاب اللاارادي سيعلم كلٌ ماذا قدمت يداه ..

والربوبيون ينتقدون المؤمنين بانهم يتكلمون عن الاله بلا علم ، بينما هم يفعلون ذلك تماما !! المؤمنون عندهم ادلة وجاءتهم نبوات ، اما هؤلاء فليست لديهم اية ادلة الا امزجتهم ، على طريقة الادعاء العريض الغير علمي و المبني على اهواء وعواطف ، و ذوق زماني مرتبط باللحظة ..

انت الان تخبرنا عن طريقة الاله كشخص لا ديني ، فعلى اي اساس تخبرنا ؟ لن نجد اساسا الا ذوقك فقط ، وانه لا يعجبك اله عنده ملائكة و كأنه ملك ، و أن له عرش ، و له يد و وجه .. ولا يعجبك ان هذا الاله يعاقب المسيئين ..! مع انك في حياتك اليومية تحب ان يعاقَب المسيئين ، خصوصا عندما تكون انت الضحية !!

لا يملك اللاديني سوى مثاليات عقيمة لا ينادي بها في الواقع ويلصقها بالاله كما يتصور ، و هي مثاليات اذا فحصناها نجدها لا اخلاقية ولا تليق باله ، بل لا تليق ببشر .. لنتصور حاكما لا يعاقب المسيئين ولا يكرم المحسنين ! هل سيحبه احد ؟ ام انه سيكون من ضمن اللاشيء ؟ فاللاشيء لا يضر ولا ينفع ولا يعاقب ولا يكافئ .. اذا اللاديني هو نسخة مشوهة من الملحد .. وهو ملحد ناقص ومؤمن ناقص ..

تجريد الاله من كل صفاته يعني تحويله الى لا شيء ، و اي شيء نجرده من صفاته يتحول الى لا شيء .. اللاديني يحتقر الهه اشد الاحتقار .. فبينما البشر لهم صفات ، فإن الهه بلا صفات ولا مشاعر ولا تصرفات ، فهو اله محنط مثل الاصنام . ومن هنا ينضم الى سرب الملحدين بسهولة ..

الحسنة الوحيدة للاديني انه احترم بعض المنطق فقط ، اما الملحد فلم يحترم المنطق كله .. ما الفرق ان تقول أن الها خلق الكون ثم مات ؟ لا فرق !! اذا المنطق ناقص عند اللاديني وغير موجود عند الملحد ..

--------------------------------------------------------------
يو اس ارمي :

الورّاق في 05 ديسمبر 2011 - 06:02 م كتب :

..
وبالتالي يكون قد ادعى عدم الوجود .. اليس كذلك ؟

لا ليس شرطا فهو لم يدّعي بل رفض الادعاء الاول

الرد:
رفض الادعاء هو إدعاء معاكس ! انت فقط كررت ادعاءك ، و لم تعطي دليلا على ما تقول ..

من يخبر بوجود شيء مثل من يخبر بعدم وجود شيء ، كلاهما مدعي .. ويُسأل عن إدعاؤه ، فإذا اخبرك الخادم عن عدم وجود اي مؤن في المستودع ، الا تحاسبه على اخباره هذا ؟ خصوصا عندما تجد المؤن متوفرة ؟ ولن تسميه كاذبا ؟

الإخبار بالسالب أو بالإيجاب يعتبر خبرا ، والخبر هو كل كلام يحتمل التصديق أو التكذيب .. ويحتاج إلى براهين .. لم يعد هذا التهرب من الادعاء مفيدا للملحدين ..

عليهم ان يبحثوا عن غيره .. لأن شعارهم : لا يوجد اله .. وليس : لا ندري هل يوجد اله ام لا .. وبينهما فرق كبير ..

يو اس ارمي :
 
الورّاق في 05 ديسمبر 2011 - 06:02 م كتب :
إذا كانت القضية أ عكس القضية ب ، فإذا نفيت القضية أ ، فأنت تثبت القضية ب .. و العكس ..

غير موجود تختلف عن معدوم هناك فرق كبير بين الاثنين راجع موضوع الزميل انكي للاخطاء المنطقية

الرد:
أنت تتكلم الان عن الوجود ، وتقول انه الاله غير موجود في الوجود ، اذا هو معدوم !!

أنت لم تقل ان الاله غير موجود في الغرفة أو في المدينة .. اذا فذلكة انكي الساجانية لا قيمة لها لأنها تتحايل على المنطق.. و لان القاسم المشترك هو الوجود بكل ما تعني الكلمة .. واذا قلت عن شيء انه غير موجود في الوجود و الكون ، كأنك قلت انه معدوم .. سواء بسواء ..

--------------------------------------------------------
قلقميش :

الورّاق في 05 ديسمبر 2011 - 06:03 م كتب :
على هذا ستكون نافيا لاي شيء غير موجود امامك ! لم ير احد كيف تطورت الاحياء ! فلماذا تصدق بالتطور و انت لا تر تطورا امامك سوى بعض الملاحظات و التشابهات والادلة الاستنتاجية ، و مع ذلك تقر بوجود التطور كحقيقة ثابتة .. الادلة على وجود اله كثيرة في كل شيء و لكنها ليست قطعية .. الان انت وقعت في مغالطة الانتقائية..


اليك الادلة على التطور، علماً التصديق بالتطور ليس من ضروريات الالحاد


الرد:
اذا من اين اتينا ؟ هل نحن مخلوقين ما دمنا غير متطورين ما دمت تقول ان التطور ليس من ضروريات الالحاد ؟ ولماذا يستعين بها الملاحدة اذا ويعتبرونها حقيقة مسلمة منذ 140 سنة ؟  

قلقميش :

الورّاق في 05 ديسمبر 2011 - 06:03 م كتب :
لا نحن راينا الله و هو يخلق ، ولا انت رايت الاحياء وهي تتطور !! اذا كل يختار ما يريده ليؤمن به .. الفرق في سمو الاختيار من دناءته ..


نحن لانتكلم عن رأي العين نحن نتكلم عن ادلة علمية ومنطقية

الرد:
ونحن نتكلم ايضا عنها .. انتم تقولون كلاما غير منطقي ، وهو الوجود من اللاشيء ، ونحن نتكلم بطريقة اقرب للمنطق معتمدين على البرهان الطبيعي والبشري وقانون السببية .. أنت ليس لك اي دليل على وجود الشيء من اللاشيء ، نحن عندنا ملايين الادلة على وجود الشيء من شيء .. و وجود النظام من النظام .. وانت ليس لديك دليل على وجود النظام من الفوضى والصدف .. نحن الاقرب للعقلانية .. والعقلانية هي الادلة ومجمع الادلة ..

الملحد خالف اهم شيء في المنطق ، وبالتالي خالف العلم .. و ما العلم الا متابعة السببية .. الملحد يقول : لا اله ، اي لا علة اولى .. و حتمية المنطق ترجع إلى علة اولى فاعلة غير مفعول فيها .. هذا بالنسبة للمنطق البشري الذي بناه الانسان على ظهر الارض ، اما عن عالم الماورائيات ، فليس شرطا ان منطقنا هو الذي يحكمه .. ولا يحق لنا ان نسأل من أوجد العلة الأولى .. لأننا لم نصل اليها ..

بخصوص منطقنا لا بد ان يكون هناك علة اولى ، والملحد كسر هذا المنطق .. اي خرج عن المنطق واصبح غير منطقي .. ثم ياتي ليجادل بالمنطق ؟ هذا امر عجيب .. !

هل هناك جدل بدون منطق ؟ الحقيقة ان من يكسر المنطق لا يحق له ان يجادل في المنطق ، المؤمن لم يكسر ولا منطقا واحدا ، فهو الأولى بالجدال .. فإذا كان شخص مثلا لا يؤمن بقانون الجاذبية ، فكيف يستطيع المهندس ان يتجادل معه و هو سيبني له ناطحة سحاب ؟ لن يتجادل معه لانه كسر المنطق ..

المنطق هو اساس الجدال ، و كل متجادلين يتجادلان على ان كلاهما سيحترمان المنطق ، و ينتهي الجدال باكتشاف ان احدهما لا يحترم المنطق لكونه عارض هواه .. وهنا لكل منهما سبيله ..   
قلقميش :

الورّاق في 05 ديسمبر 2011 - 06:03 م كتب :
الاله هو الخالق ، ابحث عن الخالق ! اليس العقل يقول : لكل مصنوع صانع ؟ فتش في الكون كله اللامنتهي متجاوزا النخلوقات لتصل الى خالقها ! والخالق شيء محدد ومتميز عن المخلوقات ! المنطق يقول هكذا ! هل اذا وجدت ساعة مرمية في الصحراء لا تصدق ان لها صانع ؟ تستطيع ان تفتش عنه و تجده ..


بالضبط هذا هو اللامنطق ولذلك اسقطنا نظرية الاله ( الاستدلال لامنطقي ) اما قضية الساعة فلا معنى لها لأنها قياس خاطئ كسابقه القلم.

الرد:
أنت تـُخطـّئ و لكنك لا توضح تلك التخطئة .. اذا هذه تخطئة بلا دليل لا قيمة لها ، فقط تعبر عن شعور صاحبها ..
قلقميش :

الورّاق في 05 ديسمبر 2011 - 06:03 م كتب :
لا شيء ياتي من لا شيء . واذا كان عقلك يستطيع ان يستوعب ان ياتي الشيء وهو الكون بنظامه من لا شيء ، فاعذرني فعقلي لا يملك هذه الطاقة الابتلاعية ! فمهما ابتلع غبائي فلن يستطيع ان يبتلع كونا كاملا بنظامه و توازنه الدقيق و تجهيزه المدهش ..


لاتوجد نظرية تتحدث عن ان الكون جاء من لاشئ، انا عقلي ايضاً لايقبل فكرة اللاشئ.

الرد:
إذا من اين جاء ؟ مع العلم ان هوكينج يقول ان الكون نشأ من لا شيء ومن فراغ كامل ومن تلقاء نفسه ، مع ان ليس له نفس .. ! لأنه غير موجود .. لكن ماذا نقول ؟ هذا عالم كبير و يجب احترامه ! حتى لو غضب المنطق ..

و داوكينز يشير الى ان التطور العشوائي هو الذي نظم الكون .. اي جاء النظام – و يليه العلم - من لا شيء ، ومن لا نظام ومن لا عقل .. كل ملحد يقول مثلهما .. اي جاء العلم من اللاعلم ، والعقل من اللاعقل ، والكون من اللاشيء .. وعلينا ان نكون عقلانيين ونصدق هذا الكلام الغير عقلاني بالمرة .. لأنهم يريدون ذلك .. واذا لم تقل مثلهما فسوف تكون لادينيا او مؤمنا ..

اليس الملحد يقول : لا اله ؟ اي لا سبب للوجود .. فالإله هو سبب الوجود .. اذا كل ملحد يقر ان الشيء ياتي من اللاشيء .. والعقل لا يعرف مثل هذه الخرافة .. ، ولم نجد من يردد من مثل هذا الكلام الا الملحد و الساحر .. الذي يخرج الارانب من القبعة الفارغة .. اي من العدم ، وهم يقولون أن كونا كاملا بارانبه و أسوده خرج من اللاشيء ، ومن قبعة كبيرة اسمها اللاشيء .. 

قلقميش :
الورّاق في 05 ديسمبر 2011 - 06:03 م كتب :
العلماء اللادينيون لم يستطيعوا ان يبتلعوا ما يبتلعه عقل الملحد بسهولة ، مع انهم لا يؤمنون بالاديان .. و يعظمون العلم والمنطق اكثر من الملاحدة .. طبعا اقروا بوجود اله (سبب) حتى لا يخسروا عقولهم امام الناس و انفسهم ، بحيث يتكلموا كلاما لا منطقيا ، و هم الذين يحترمون المنطق ، والا فهم لا يؤمنون بجنة ولا بنار ولا يخافون عقاب اله حتى تقول انهم مغيبين كالمؤمنين .. وحياتهم وممارساتهم كالملحد ربما ..


اللادينيين لايريدون ان يتعبوا انفسهم بالبحث والمتابعة الا انهم نجحوا بدحض جميع الاديان ( الاديان هي الدليل الوحيد على وجود الالهه ) وهنا تسقط فكرة الاله ايضاً.

الرد:
اولا : انت الان اتهمت اللادينيين بأنهم لم يتعبوا انفسهم بالبحث ، اي تتهمهم بقلة البحث والتحقق العقلي والعلمي .. بمعنى : لو اتعبوا انفسهم بالبحث لوصلوا الى الحادك و قبعة اللاشيء .. ولا اظنهم يقرونك على مثل هذا الكلام .. لقد بحثوا و بحثوا طويلا .. ولو كان في الموقع شخص لا ديني لاستطاع ان يخبرك بمجهوداته ..

الانكار هو كل ما فعه الملحد .. والانكار لا يحتاج الى بحث .. الوجود هو الذي يحتاج الى بحث في العادة .. اي ان طلب الراحة يناسب من ينكر وجود الشيء اكثر من مناسبته لمن يثبت وجود الشيء .. فأن تقول : لا يوجد شيء في تلك الغرفة ، اسهل من ان تقول : يوجد فيها كذا وكذا وكذا .. فالنفي اسهل من الاثبات ، والملحد اختار الاسهل في البحث والتفكير ..

وكتاب انتوني فلو : يوجد اله .. تلك الرحلة العقلية بدأت من الإلحاد ، فقد كان امام الملحدين في زمنه ثم وصلت رحلته الى اثبات وجود سبب للوجود ، اذا رحلته بدأت من الاسهل الى الاصعب .. تناميا مع زيادة علمه وعقله وخبرته .. واللادينيين في العادة هم الاكثر علماء من الملاحدة .. وعلى راسهم اينشتاين الذي يقدمه الاعلام كاكبر عقلية زارت الكرة الارضية ، فهل هو لم يبحث ايضا ولم يبلغ مستوى بحثه ما وصلت اليه انت ؟

وما دام انتوني فلو ملحدا في الاصل ، فماذا تقول عن بحثه الطويل الذي توصل به لوجود اله ؟ المفترض ان العكس هو الذي يكون ، اي بدأ بوجود اله ، الى ان اثبت عدم وجود اله ، ولكن ما حدث هو العكس .. و هذا مثال على سهولة كلمة : لا يوجد ، وصعوبة كلمة : يوجد .. ويقولون في الامثال : الكسلان يعلم الغيب ..

العلماء الذين بحثوا ليكتشفوا وجود الجراثيم او الفيروسات ، هم بدأوا من : لا يوجد جراثيم . اي بدأوا من الاسهل الى الاصعب .. و منهج ديكارت ، وهو اساس العلم ، يبدا من الشك ، اي نقض الوجود ، ثم تبحث لكي تثبت الموجودات ..

اذا الالحاد يقف وراء خط بداية السباق وليس خط نهايته في مجال العقل و العلم ..  وهو نقطة بداية وليس نقطة نهاية .. لاتوجد نقطة نهاية تنتهي بالعدم .. العدم يصلح نقطة بداية .. اذا الالحادي في منطقة بدائية و ليست متقدمة في سلم البحث العقلي .. 

لا يصلح ان تقول لأحد ، وليس من المعتاد عقليا .. ان تقول : ابحث لكي تكتشف لا شيء .. اذا الالحاد ليس مجالا للسباق العقلي . أو ان تقول له : ابحث لكي تكتشف شيئا ؟!! ايهما اصح والاقرب لطبيعة العقل ؟؟

هذا هو الالحاد يا سيدي ببساطة تكوينه : بحث عن اللاشيء .. و رحلة الى العدم .. وهذا ليس من مجال مغامرات العقل البشري اصلا الذي اعتاد ان يبحث عن موجودات و ليس معدومات .. اذا يُتوصل الى الالحاد بسهولة : اكره الدين واخرج منه ، تكن ملحدا ، ولا داعي لرحلة عقلية طويلة ..

الاثبات هو الذي يحتاج الى مجهود ، اما النفي والانكار فلا يحتاج إلا الى اتباع هوى نفس ، وان قال لك احد يوجد اله ، تقول له : احضره لكي اراه .. أم انا فلن ابحث عنه لأني لا اريد تعاليمه ، لانها ضد رغباتي ..

كل شيء يحتاج الى اثبات ، ولا يوقفنا عن طلب الاثبات الا معارضته للمنطق .. و وجود اله لا يعارض المنطق ، اذا هو مجال بحث ، بل يؤيده .. اذا الواجب على صاحب العقل ان يتأكد .. اذا عليك ان تثبت ان فكرة وجود اله غير منطقية .. اذا فعلت هذا ساغ لك ان تقول : لا تبحث عن اله لان فكرة وجوده غير منطقية .. وما دام العكس هو الموجود ، اذا التوقف عن البحث عن اله توقف عقلي بهذا الخصوص ، ولا يوقف العقل في بحثه عن الموجودات الا الهوى والرغبة التي يتعارض معها اثبات وجود ذلك الاله .. و لو كان البحث عن موجد غير منطقي لما اضطر الملاحدة الى فكرة الصدفة كتعويض عن الاله .. و هي فكرة غير منطقية ولا واقعية .. ولهذا بداوا يتهربون منها اخيرا ..

اذا الحقيقة ان الملحد خالف المنطق وكل بحثه هو ان يرقع هذه المخالفات من خلال التحايل والانتقال مرة والاهمال مرة والتركيز مرة .. لهذا اقول ان اثبات وجود اله ليس اثبات وجود اله فقط ، بل اثبات للعقلانية ، وهذا امر يتعلق بكل من يريد ان ينتسب الى العقل .. فمن يثبت وجود موجد عاقل ، سيثق الناس باحترامه للمنطق ويثقوا بعقلانيته .. لان هذا اكبر دليل على احترامه للعقل والمنطق ..

اما من يرجع الى الصدفة ما لا تحتمله ، فهذا لا يجعل الناس يثقون به ، لانه سيُرجع اشياء اخرى بنفس الطريقة الى مسببات لا تحتملها ..     

لو اراد شخص ان ينفي وجود شيء ، والآخر يريد اثبات ذلك الشيء الغير موجود ، فأيهما سينشدّ العقل اليه اكثر ؟ الناس يستطيعون ان يتحملوا متابعة من يريد ان يثبت وجود شيء ، ولكنهم لا يفعلون ذلك مع من يريد ان ينفي وجود شيء .. و الملحد يعلق اماله على العلم لكي يثبت له شيئا وليس لينفيه ..

مشكلة الملحد الحقيقية مع الدين و ليست مع المنطق .. هذا في الاساس .. لكن المنطق صار يقف مع الدين ، فاضطر الى محاربة المنطق والتحايل عليه ، مثلما فعل مع الاخلاق عندما اتفقت مع الدين ، والان بدأ يحارب العلم لأنه بدأ يخون الملحدين ويقترب الى فكرة الدين ..

يستطيع الملحد ان يقول : يوجد اله ، ولكنه غير الهة الاديان، كما يقول اللاديني ، لكنه سيقال له : انت اثبتّ الها موجودا ، ونفيت الاديان كمعبر عن الاله .. اذا انت تتفق مع الاديان في وجود اله ، والملحد لا يريد اي اتفاق مع الدين ، لأن كل اتفاق يجر منطقيا الى اتفاق اخر ..و سيُسال :  ما هو البديل اذا ؟ و لماذا توقف بحثك ؟؟  الملحد يريد ان يبتعد عن الفكرة من الاساس .. لشدة كراهيته للدين .. فهو لا يتحمل وجود اله غير الهة الاديان .. فالالحاد اكثر راديكالية من اللادينيين ..

ثم هل يستطيع العقل ان يبحث مباشرة عن عدم وجود ؟ العقل لا يبحث الا عن موجود ، واذا قلت : كيف يتم النفي اذا ، وهو موجود في حياتنا ، اقول : انه يتحقق باثبات شيء موجود اخر .. 

الالحاد اذا بريء من العقل والعلم كبراءة الذئب من دم يوسف .. لأن كل علم يتعلق بالموجود ، والالحاد يتعلق بالمعدوم .. 

وعندما تقول ان الاديان هي الدليل الوحيد على وجود الالهة .. انت الان اسقطت كل اللادينيين وكانهم ليسوا موجودين .. !!الا تعلم انهم اثبتوا وجود اله من خلال العقل والعلم ؟؟ اضف الى معلوماتك : اللادينييون دليل اخر عدا المؤمنين على وجود اله .. ولا يليق ان تهمش وجودهم ووجهة نظرهم .. هذه حقيقة يجب اخذها في الاعتبار .. لتكون عبارتك : لا يوجد دليل على الايمان الا المؤمنين واللادينيين .. إلا إن كنت تنكر وجودهم ولا تعتبر وجهة نظرهم شيئا يستحق الذكر ..
قلقميش :
اما اذا ما فرضوا سبباً اول للخلق الذي قد يكون اله هو افتراض الكسالى، اما اذا اردت الاخذ بكلامهم فكيف ستثبت ان هذا الاله هو الله وقد تم دحض الدين الذي يدل عليه؟

الرد:
طبعا هو تم عندك ، وما تم عندك لا يعني انه تم عند غيرك .. انا مثلا تم عندي دحض الالحاد من جذوره ، وابح شيئا من الماضي ، ولكن لا يعني هذا عدم وجود ملحدين مؤمنين بعقيدتهم ..

ثم هذه تهمة جديدة للادينيين ، فهم كسالى و لا يفكرون !! و لماذا لا تكون هذه التهمة للملحدين ، فهي الاقرب منطقيا ان تلبسهم ؟ لان الكسلان دائما يقول : لا اعلم .. ولا يوجد .. ! هم لم يفترضوا و هم كسالى كما تقول عنهم .. هم بحثوا بعقول حرة و ليسوا منتمين لاي دين حتى تقول ان الايمان هو الذي دفعهم ، اذا هم النموذج المثالي للرد على الملحد .. والله اوجدهم لدحض حجج الملاحدة .. فهم يخدمون الايمان و هم غير مؤمنين ..   
قلقميش :
الورّاق في 05 ديسمبر 2011 - 06:03 م كتب :
لهذا لا نجد صداما يديره الملاحدة مع اللادينيين ، بدافع الذعر .. و الفكر اللاديني هو من اقوى الادلة للمؤمن على صحة ايمانه ، يقدمها احد غير مؤمن وكافر بالاديان ، ومحسوب من جملة الملحدين بشكل عام .. و يعتبرون حاجزا بين المؤمن والالحاد .. ولا يستطيع ان يقع المؤمن في الالحاد و هو يرى هذا الحاجز المحايد ..


لانجد صداماً لان اللادينيين لايفترضون اله معّرفاً بمسمى وصفات ورسل وكتب وأوامر ونواهي ( يعني المحصلة لا اله )، كما ان اللاديني قد دحض الاديان فكيف يكون دليلاً عليها؟!

الرد:
نحن نتكلم عن فكرة عدم وجود اله ، و لسنا نتكلم عن الاديان .. و انت همك دحض الاديان !! اللادينييون دحضوا فكرتكم ! فلماذا لا تصادمهم ؟ ام ان الفكرة لا تهمكم ؟ فقط ان تدحضوا الاديان هو ما يهمهكم ؟؟ اذا انتم لستم مهتمين بمجال الفكر .. و الا لصادمتم اللادينيين ! فهم يتعرضون لفكرتكم الجوهرية ويخطئونكم بالكامل فيها .. !!

هذا اكبر دليل على ان المسألة مسألة هوى وعداء خاص للدين ، و ليست المسألة مسألة فلسفة او بحث عن الحقيقة .. نعم اللادينييون لا يقرون بصحة الاديان كلها ، ولهذا لم اسميهم مؤمنين بالدين .. هم كافرون به ، هذا موضوع اخر ..

نحن في موضوع وجود اله من عدمه .. و لسنا في موضوع صحة الاديان الموجودة ، و ايهّا اصح كموضوع ثالث لرحلة العقل .. فهذا موضوع نتناقش به دائما مع اللادينيين .. انا ارى ان اللادينيين فكروا ولكنهم توقفوا بعد اثبات وجود الاله ، بينما انت ترى انهم لم يفكروا ابدا و انهم كسالى .. انا انصفتهم اكثر منك ، واحترمت مجهودهم اكثر منك ..

اما من يريد ان يثبت العدم ، فلا مجهود حقيقي له سوى محاربة الموجود ..

هذا اكبر دليل على ان الالحاد دافعه الهوى وليس المنطق .. ولو كان دافعه المنطق لناقش الالحاد كل من يعارض منطقه ، و ليس فقط اهل الاديان .. هذه فضيحة كبرى على العقلية الالحادية .. التي تبين انها ليست الا مجرد هوى نفس ورغبة في الانفلات من كل قيد .. حتى ولو كان ذلك المنطق .. واي شيء يرتبط باللاشيء يكون لا شيء ..  

الملحد في ورطة مع اللاديني ، فإن ناقشه تورط في منطقيته ، و ان تركه تورط في عدم منطقيته هو ، وعدم دفاعه عن فكرته بعدم وجود اله التي يثبتها اللاديني .. فهما متعاكسان .. ولكن بدون حوار .. 

-------------------------------------------------------------------

لو لو :

اقتباس من الوراق:
العلماء اللادينيون لم يستطيعوا ان يبتلعوا ما يبتلعه عقل الملحد بسهولة ، مع انهم لا يؤمنون بالاديان .. و يعظمون العلم والمنطق اكثر من الملاحدة .. طبعا اقروا بوجود اله (سبب) حتى لا يخسروا عقولهم امام الناس و انفسهم ، بحيث يتكلموا كلاما لا منطقيا ، و هم الذين يحترمون المنطق ، والا فهم لا يؤمنون بجنة ولا بنار ولا يخافون عقاب اله حتى تقول انهم مغيبين كالمؤمنين .. وحياتهم وممارساتهم كالملحد ربما ..

اللاديني هو ورطة الملحد وعقدة المنشار في تفكيره .. الملحد يتجنب اللاديني خوفا منه ، و يذهب الى المؤمن معتمدا على بعض المغالطات والنواقص والجهل في حياة المؤمنين و فهمهم لدينهم .. اما اللاديني فهو بعبع الملحد .. فلا يستطيع ان يجد عليه مأخذا .. لأنه يفكر مثله و ليس مرتبطا بدين مثله ، و يمجد العلم والعقل مثله .. ومع ذلك يقر بوجود اله من خلال حتميات منطقية وعلمية ..


كلام منطقي
------------------------------------------------------------------
أوت لاو :

حين اقول لا يوجد اله
هذا ليس ادعاء ولكن رفض لادعاء لا يوجد دليل عليه
انت ادعيت وجود شيء لا يمكنك اثباته ولم تقدم الدليل
ادعاء لوجود خالق لا دليل عليه ولا يمكن ادراكه ولا يمكن اخضاعه للتجربه

حسب كلامك لو قلت لك اني اكتب اليك من علي ظهر حصان طائر من مجره اخري تدعي ( بلا بلا ) لا يمكن ان تكذبني لانك غير محيط بالكون كله

ولكن الانسان يبني ارائه حسب ما لديه من معلومات مؤكده
فمن الطبيعي انك ستطالبني باثبات وجود حصان طائر و دليل علي وجود تلك المجره

المؤمن من الاساس هو من وضع فرضيه وجود خالق دون دليل
ليس علي انا غير المؤمن ان ابحث عن دليل عدم الوجود
ولكني ارفض هذا الادعاء وايماني بوجود خالق 0 % ما لم يقدم لي احد دليل علي هذا الادعاء

وبالنسبه لان الانسان لا يمكن ان يدعي عدم الوجود لانه ليس عالم او محيط بكل شيء
سوف اوضح وجهه نظري بمثال

مثال
منذ فتره قال بعض العلماء انهم اجرو تجربه تضع احتمال ان هناك جسيمات تتحرك اسرع من الضوء

تخيل
انهم بالفعل تمكنو من اثبات ذلك
مما يعني ان قوانين الفييزياء التي وضعناها علي فرضيه انه لا يوجد جسم يمكن ان يتحرك اسرع من الضوء جميعها خاطئه

ولكن هذا لا يعني ان البشر كانوا مخطئين حين وضعوا قوانين علي اساس ما لديهم من معلومات في السابق
والا علي البشر عدم البحث والدراسه لانه لا شيء مؤكد ولا نعلم كل شيء في الكون

الرد:
قبل هذه التجربة ، هل كان العلماء يدعون و "يقطعون" بعدم وجود شيء اسرع من الضوء كما يفعل الملحد مع قضية عدم وجود اله ؟ هم كانوا يقولون انه اسرع شيء عرفناه (الضوء) ، و لم يقولوا انه لا شيء اسرع من الضوء . وهذه مغالطة محسوبة عليك انت و ليس عليهم .. إذا هي لا تصلح مثالا ..

المنطق يقتضي ان يقول الملحد : هناك ادلة كثيرة تؤيد فكرة وجود اله ، لكنني غير متأكد منها 100% ولا أحب ان اواصل البحث عنها لاني مشغول بما أراه أهم من هذه القضية ، و اتركها للباحثين عنها .. هذا من الناحية العقلية .. اما ان يقطع بدون احاطة .. مخالفا الادلة الثبوتية ايضا والتي اولها المنطق ، فهذا عمل مضاد ومخالف لطريقة التفكير التي يعرفها البشر ..     

------------------------------------------------------------------
آيدياليست :

الورّاق في 05 ديسمبر 2011 - 06:03 م كتب :

العلماء اللادينيون لم يستطيعوا ان يبتلعوا ما يبتلعه عقل الملحد بسهولة ، مع انهم لا يؤمنون بالاديان .. و يعظمون العلم والمنطق اكثر من الملاحدة .. طبعا اقروا بوجود اله (سبب) حتى لا يخسروا عقولهم امام الناس و انفسهم ، بحيث يتكلموا كلاما لا منطقيا ، و هم الذين يحترمون المنطق ، والا فهم لا يؤمنون بجنة ولا بنار ولا يخافون عقاب اله حتى تقول انهم مغيبين كالمؤمنين .. وحياتهم وممارساتهم كالملحد ربما ..

اللاديني هو ورطة الملحد وعقدة المنشار في تفكيره .. الملحد يتجنب اللاديني خوفا منه ، و يذهب الى المؤمن معتمدا على بعض المغالطات والنواقص والجهل في حياة المؤمنين و فهمهم لدينهم .. اما اللاديني فهو بعبع الملحد .. فلا يستطيع ان يجد عليه مأخذا .. لأنه يفكر مثله و ليس مرتبطا بدين مثله ، و يمجد العلم والعقل مثله .. ومع ذلك يقر بوجود اله من خلال حتميات منطقية وعلمية ..

لهذا لا نجد صداما يديره الملاحدة مع اللادينيين ، بدافع الذعر .. و الفكر اللاديني هو من اقوى الادلة للمؤمن على صحة ايمانه ، يقدمها احد غير مؤمن وكافر بالاديان ، ومحسوب من جملة الملحدين بشكل عام .. و يعتبرون حاجزا بين المؤمن والالحاد .. ولا يستطيع ان يقع المؤمن في الالحاد و هو يرى هذا الحاجز المحايد ..


اولا، لاديني لا تعني ربوبي بالضرورة؛ الملحد ايضا لاديني.

ثانيا، الربوبية (او اللادينية كما تسميها) هي بعبع الدين! الدين يريد ان يواجه الملحد فقط و في موضوع واحد فق و هو وجود خالق للكون. و اعتقد انه من الصعب على الكثير من الناس ان يقتنع بالفكر الالحادي، و لهذا الكثير من المسلمين لا يخاف كثيرا من مواجهة الالحاد المجرد - اي الفكرة القائلة بعدم وجود اله - لانه يرى ان الموضوع سهل و الادلة على وجود الله كثيرة.

و لكن تعال واجه الربوبي او اللادري في موضوع ليس له علاقة بوجود الله. واجهه في موضوع الدين نفسه و هل هو فعلا من عند هذا الاله؟ هنا ينهار الدين انهيار تام.

الرد:
سبق وان واجهتك في هذا الموضوع ، فهل نسيت بهذه السرعة ؟

آيدياليست :

الفكر اللاديني هو اقوى دليل ضد الدين، حيث يظن المؤمن ان الايمان بالدين مرتبط ارتباطا وثيقا بوجود خالق للكون، فإذا ثبت عنده وجود الله فهذا عنده يثبت اوتوماتيكيا صحة دينه!

الرد:
ولماذا لم تقل انه اقوى دليل على بطلان الالحاد ؟ ام لان الهوى هو القاسم المشترك بين اللادينييين والملاحدة وتجمعهم كراهية الدين رغم الاختلاف المنطقي الهائل بينهما ؟ و من لا يهتم بالدفاع عن فكرته ، ويتغاضى عن ذلك بدافع الهوى ، كيف يسمى مفكرا او مهتما بالفكرة ؟ انا مسلم ومستعد لان اناقش كل من يخالف ما اقتنع به .. جزئيا او كليا .. وعلى درجة سواء ..

هذا دليل على ان الفكرة هي التي تحركني .. اما ان اهين الفكرة على حساب الرغبة والميول ، حينها لا استحق ان اسمي نفسي مهتما بالتفكير ..

الملاحدة واللادينييون على طرفي نقيض ، ومع ذلك يتغاضون عن خلافاتهم وتجمعهم كراهية الدين .. فهل افكارهم عزيزة عليهم الى هذا الحد ، و هم يضعون ايديهم بايدي من يعاكسها تماما ؟    


آيدياليست :

كيف؟ لا ادري! لكن الفكر اللاديني يقول له: مهلا، هب ان الله موجود، ما علاقة هذا بالقران؟ ان القفز من فكرة وجود اله خالق الى صحة الدين قفزة كبيرة جدا تحتاج الكثير من الادلة و الحجج، و لا يوجد اي دليل يمكن تقديمه لدعم الادعاء الديني بان الدين الفلاني منزل من الله.

هذه المرحلة العقلية الثانية بعد اثبات وجود اله ..

الورّاق في 08 ديسمبر 2011 - 06:53 م كتب :
كل هذا و لست ملحداً !!؟؟

نحن لم نستطع ان نحدد هل انت ملحد ام لا من واقع تعبيرك !! فكيف نمشي وفق بقية افتراضاتك ؟ تقول ان الاله خرافة بينما تقول انك غير ملحد !! كيف نصدقك في البقية ؟


انا عرضت وجهة نظر الالحاد و لم اتبناها.

الرد:
لماذا تعرضها مع انك غير مرتبط بها ولم يطلب منك توضيح ما يقوله الملاحدة ؟

ما يزال الالتباس قائما ً : هل أنت ملحد ام لا ديني ، مع انك تقول انك لا ديني .. ان انك تريد تمييع الفرق بينهما مع انه فارق كبير .. ؟
آيدياليست :


الورّاق في 08 ديسمبر 2011 - 06:53 م كتب :
الان انت اقررت بوجود خالق عظيم ، و ادعيت انه لا يقبل السخافات ، و انه لا يهتم بخلقه ، ولم يرسل لهم رسولا ابدا ولا يليق به ذلك ، الخ .. من اين عرفت هذه الاشياء ؟ وما دليلك عليها ؟ اليست ادعاءات ؟


انا لم اقر و لم انفي، انما فرضت جدلا ان للكون خالقا (باعتبار هذا ادعاءا مقبولا (ان شئت الدقة، فما اقررت به فقط هو ان ادعاء وجود خالق للكون ليس ادعاءا عريضا، بل مقبولا)) ثم قلت: ان الادعاء الديني عريض لانه يبنسب صفات كثيرة الى خالق الكون بدون دليل.
 
الرد: 
أليس المنطق هو من جعلك تفترض وجود اله ؟ اذا المنطق يفترض عليك ان تكون للاله صفات ، فلكل موجود صفاته ، اما ان يكون موجودا بلا صفات ، فهذا كلام غير منطقي .. وانت قادك المنطق ..

والمنطق الذي جعلك تفترض وجود خالق ، هو الذي يدفعك لتفترض انه مدبر .. فلا يدبر الشيء الا صانعه ، والشيء يحتاج الى تدبير .. و لا شيء يستطيع ان يقوم بنفسه كما اثبت العلم .. و فكرة الكون المغلق اللادينية غير منطقية ولا علمية .. اذاً اذا كان مدبرا ، فما هي طريقته في التدبير وما هي صفاته ؟

اي وجود له مسبب ، و اي موجود هو لهدف ، والأديان لم تتكلم الا عن الاهداف ، فمن اين جاءت عدم منطقية الاديان ؟ انها تسير مع المنطق وتستكمله .. ومنطقيا لا اله بدون دين ..

صحة النتيجة تشير الى صحة الفكرة ، لو كانت نتيجة الايمان سيئة ، لكان الامر في صفكم ، لكن الحقيقة ان نتيجة الايمان على الفرد ايجابية .. و تسبب له التوازن و تحل مشكلة الوجود عنده وتحل مشكلة الغاية .. مما ينعكس على عطائه و سعادته و صحته .. والاحصاءات اثبتت هذا الشيء ، اذا اللادينية خاطئة من هذا الجانب  ، لأن الدين قد افاد و حل الكثير من المشاكل ..

بينما اللادينية لم تفعل هذا و تجعل الانسان في حيرة : اين هذا الاله ؟ الا يعبأ بنا ؟ الا ينظر لآلامنا ؟ هل خلقنا و رمانا ؟ هل نحن تافهون عنده الى هذا الحد ولا قيمة لوجودنا عنده ؟ نفعل خيرا او شرا لا يهتم باي شيء ! ما هذا الاله القوي القادر على كل شيء والعالم بكل شيء و الذي لا يطلب منه العون ؟ هذا الاله يحوّل اللاديني الى ملحد لانه لا يحبه ، و ليس فيه شيء يجعله يحب ، فهو لا يرحم ولا يشكر ولا يكافئ ولا يشجع ولا يعين ..

لا يمكن منطقيا ان يكون موجد الكون والنفس البشرية يحتّم المنطق له ان يكون مكروها .. مع انه هو الذي خلق الحب .. هذا شيطان وليس اله .. لأنه يمارس اعمال عدائية و هو بخيل ومتكبر و يحتقر مخلوقاته ، ولا يعلمها شيئا مع أنه يعرف كل شيء ..

كل هذه الاشياء تقتضي ان يكره بينما هو الذي خلق الحب !! فكيف يخلق مخلوقات تعامله بالكراهية وهو الذي جعل الحب عندها هو الافضل ؟ اي جعل نفسه في موضع السيء .. مع انه هو الافضل !! لا يصح هذا منطقيا .. ولا يليق بالاله العظيم .. هكذا جعله اللادينيون ، مما يثبت خطأ فكرتهم ..

اذا لا بد للاله من دين ، بحكم المنطق الذي اثبت وجود اله ، و لكن ما هو الدين الصحيح ؟ هكذا يجب ان يفكر اللاديني ، لا ان يعارض فكرة الدين من اساسها و يخالف المنطق و الاخلاق بهذه الطريقة ..
هم اعتمدوا على ما تقوله الاديان ولم يعتمدوا على ما يقوله المنطق . اي انهم هجروا المنطق الى نقد الاديان .. لهذا انا قلت انهم تخلوا عن المنطق بعد ان اثبتوا وجود اله بالمنطق ، واتجهوا الى نقد الاديان بالمزاج ، والشيء لا ينفع الا اذا استكمل .. 

الدين مثل الدواء ، لكن له اضرار جانبية احيانا اذا اسيء استعماله .. فاذا نظرت الى الاضرار الجانبية للدواء و لم تنظر الى اصل الدواء و العلاج ، فنظرتك غير محايدة .. و ستكون مثل من ينظر الى من يخالفون المرور ليطالب بإلغاء قيادة السيارات .

اذا هناك حاجة بشرية لوجود هذا الدين ، و لا يكفي ان يقال : يوجد اله بدون دين .. و الاله هو اهم اشيء ، وقضية وجوده من عدمها هي اهم قضية تشغل الناس ، و من اثبت وجوده ، فقد اثبت وجود اهم شيء ، وكيف يكون اهم شيء ولا نهتم به ولا يقدم لنا كيف نتعامل معه ؟ مع أنه يعلم اننا نراه اهم شيء ؟ هذا اله غير منطقي .. وهو خالق المنطق ! فكيف يخلق ما يُنتَقَد به ويُعاب عليه به ؟

هنا تكون فكرة اللادينية غير منطقية .. فكيف يكون هو الاهم والاتفه في نفس الوقت ؟ هذا تناقض منطقي .. هذا الاله يعلم انه اهم شيء بالنسبة للبشر ، و مع ذلك يهملهم ولا يقدم لهم اي شيء يعرّفهم به ولما يريد ، ولا يرسل لهم رسلا ولا يتواصل معهم باي طريقة ، مع ان فلسفتهم و سعادتهم و منطقهم لا تكتمل الا بتواصل مع صاحب الشأن .. اذا المنطق يحتم ان يتواصل هذا الاله مع خلقه باي طريقة ، عدم التواصل غير منطقي .. مع أنه هو الذي خلق اهمية التواصل ..

كلام اللادينيين غير منطقي ولا يليق بإله خلق الناس و يعلم ما بانفسهم وما يدور فيها ، الههم غير منطقي .. ! فهو يعلم ان موضوعه اهم موضوع عندهم ومع ذلك لا يقدم لهم شيئا .. !!

كأن اللادينيين اثبتوا وجود الاله و تورطوا بهذا الاله !! المنطق هو الذي اجبرهم على الاقرار بوجود اله ، والا فهم لا يحبون الاديان .. فاللاديني هو ملحد لا يريد ان يخسر عقله بالكامل .. 

شخص لا يريد الدين ، كل الدين ، ما الذي يجبره على اثبات وجود اله الا ان الفكرة صادقة وحقيقية وفرضت نفسها على عقله عندما فكر .. مما يثبت للمؤمن صحة ايمانه ، والحق ما شهدت به الاعداء .. لقد قام اللادينيون بالمهمة : مهمة اثبات وجود اله علميا وعقليا .. ودعموا الاديان من حيث انهم ارادوا هدمها ..

الملحد لا يحب ان يُناقش في انكاره لوجود الاله ، واللاديني لا يحب في يناقش في اثباته لوجود اله ، لان في كلا الحالتين منطق لم يستكمل .. المهم هو نفي الدين .. الدين الدين .. المهم الا نلتزم بشيء ..

البشرية منذ القدم لم تتبنى كلا المنهجين ، لا الالحادي ولا اللاديني ، فهي من ضمن المخترعات الحديثة .. فالبشرية تعرف ان لا معنى لاثبات وجود اله بدون دين ، ولا قيمة حقيقية لهذا الاثبات .. و هو قطع مفاجئ للمنطق .. و توقف لا داعي له الا الهوى ..       
هم ارادوا أن ينزهوا الإله من الصفات التي تصفه الأديان ، فشوهوه أكثر مما فعلت تلك الأديان , فكل ما قاموا به هو تشويه للإله وليس تنزيه, ارادوا ان ينزهوه من شبهات البشرية فألصقوا به شبهات اسوأ , هم لا يريدون الله ان يشترك في أي صفة مع البشر وهذا غير منطقي, سيكون إلها غريبا ومخيفا أن لا يكون معه اشتراك ولا بصفه تستطيع من خلالها التواصل ..

تخيل شيئا يفكر وله إرادة وليس لك معه أي تشابه ولا وسيلة تواصل, سيكون الأمر مرعبا! كيف يخلق فينا هذه المشاعر وهي غير موجودة عنده؟ تخيل أنك تنتقل إلى بلد غريب لست تعرف أدواتهم ولا طريقة حياتهم, ستجد أنك تستطيع ان تتعامل معهم من خلال المشتركات الأخلاقية والنفسية .. فانت لا تعرف طريقة أكلهم ، لكن تعرف ان اخذ أشياءهم بدون استئذان أو رفع صوتك في وجوههم او اختلاس النظرات إلى دواخل بيوتهم سيجعلهم يغضبون ..

من خلال هذا المشترك تشعر بالاطمئنان بسبب وجود وسيلة تفاهم أو أرضية للتفاهم, وإلا فأنت لا تعرف حتى لغتهم, لكن تخيل أنك لا تعرف ولا مشترك واحد ! هذا شيء مرعب !

الإسلام قدم الإله بأكمل صورة, و جعل هناك وسيلة للتفاهم مع الإله, بينما اللاديني يعتبر مثل هذا الكلام دليل على بشرية الأديان ، وهي نظرة غير عميقة .. الإله اللاديني هو مصدر خوف ليس إلا, فعلاقتي بالصخرة مثلا تحكمها القوانين فقط, فهي المشترك .. فكرة الاله لا تكتمل باله أصم أعمى أتعامل معه كما أتعامل مع الصخرة .

المنطق لا يشير إلى هذا, خصوصا وأنه هو من خلق الفهم والوعي والأخلاق ، وهو الذي خلق حب  الخير, أفلا يكون خيرا ؟ كل ما نراه سامي وشريف في دواخلنا هو مشترك مع الإله , وإذا جردنا الإله من هذا نكون شوهناه ، فقد أصبح مثل الصخرة, وإن اسبغنا عليه كل صفاتنا السلبية والمادية ، نكون شوهناه أيضا, فالإنسان يقلق ويخاف ويمل ويكتئب ، هذه صفات سلبية وليس إيجابية وليست في الإله, لو كان الإسلام من اختراع البشر لوصف الإله بمثل هذه الصفات البشرية ..

القرآن وضح هذا فهو يثبت أن الله نفخ في الإنسان من روحه, و لم يقل أنه خلق الإنسان مثله بالكامل ..
اللادينيون يعتبرون اشتراك الانسان مع الاله في بعض الصفات إهانة له, و كأنهم ينظرون إلى ان البشر هم السوء دائما , فلماذا؟ هذه النظرة غير منطقية , فالإنسان الذي يرحم هو يقدم صورة رائعة وجميلة , فإذا أطلقنا نفس الكلمة على الإله فهي لا تعيب الإله ، لأنها أجمل شيء نعرفه ..

الصفات البشرية الراقية (الأخلاق السامية) هي وسيلة التواصل و نقطة التشابه, ولا يكون تواصل إلا من خلال تشابه بين البشر و الإله, و وجود مشترك معنوي وليس مادي مع الإله لا يقلل من قيمة الإله ، ويرفع من قيمة هذه الصفات عند البشر ويجعلها وسطا للتواصل .. لكن التشبيه المادي بين البشر والإله هو الذي يقلل من قيمة الإله ..

اللاديني يتعامل مع الإله كما يتعامل مع وجود إلكترون, هو موجود و خلاص ! مع أنه يدرس علاقته بالالكترون ويستفيد منها , إذا منطقيا كل شيء موجود يجب أن يكون لنا علاقة به .. وهنا كسرة أخرى يقدمها اللاديني للمنطق . و ما بالك إذا كان هذا الموجود هو أصل الوجود وقادر على كل شيء! الالكترون لا تنظر إليه بانه يحتاج إلى محبة و عبادة, واللاديني يريد أن يكون الإله بهذا الشكل, و هذا غير منطقي, فدور الإله ليس مثل الالكترون, فالاله هو موجد الالكترون وغيره, وهو الارادة المطلقة والعلم المطلق, وشيء هكذا لا يمكن أن ينظر إليه مثل نظرتنا إلى الالكترون أو وجود صخرة من الصخور, سيكون هذا أمر مخل عقليا, فالعقل يعطي الاشياء حجمها وقيمتها ..

آيدياليست :

اما نحن فلا ندعي اي ادعاء بدون دليل


لو فرضنا ان هناك خالقا، فليس هناك بعد ذلك اية ادعائات،


اما انه لم يرسل رسلا، فلاننا عرفنا يقينا ان كل الاديان باطلة،


فالدليل هنا في صالحنا و ليس في صالحكم

الرد:
طبعا هذا حكم بدافع الهوى ، وإلا فهو ادعاء عريض بالفراغ من ابطال كل الاديان ، و كأن العملية سهلة جدا ! اين هي ادلة بطلان الاديان ؟ المنطقية والعلمية ؟ اما مجرد الادعاء فلا قيمة له .. فهو يعبر عن رغبة اصحابه ..

ولماذا انتهى الادعاء ؟ انتم ادعيتم وجود اله ! ومنعتم الادعاءات بعد هذا .. كأنكم تقولون: يجوز الادعاء بوجود اله ، و لكن لا يجوز الادعاء ابدا بوجود تواصل مع هذا الاله .. و هذا امر يخالف المنطق ، فالمنطق هو ان يكون هناك تواصل كما بيّنا ، لنظرا لاهميته و حاجة الناس اليه ..  

آيدياليست :
 ليس ثمة دليل بالمناسبة على ان خالق الكون - ان وجد - كامل الصفات، ولا حتى كامل القدرة او المعرفة. ولا يوجد دليل انه - ان وجد - لا يزال حيا. و ان كان فيه كل الصفات اللتي تقولونها، فلا دليل انه يهتم بالبشر، فربما نحن بالنسبة له لا فرق بيننا و بين الحشرات. ولا دليل على انه يغضب مثلا اذا اساء شخص اليه بالكلام

الرد:
هذه كلها ادعاءت مخالفة للواقع والمنطق ، فكيف يموت وهو الذي خلق الموت ؟ و حياة مخلوقاته مستمرة بينما حياته تنتهي ؟! هذا غير منطقي ، فهو الذي حدد لهذه المخلوقات عمرها الافتراضي .. كما يشير الى ذلك قانون الانتروبيا .. والذي يشير الى ان الكون ليس مغلقا ، و يحتاج الى مدبر .. اذا الله حي و دائم ومتدخل في الكون وليس متداخلا فيه ..

نحن بشر ، ونعرف ان هناك صفات كاملة .. و نسعى للوصول اليها ولكننا لا نصل اليها اطلاقا مع علمنا بوجودها .. هذا دليل على وجود الكمال ، وهذا الكمال الموجود وبما اننا لم نصل اليه ، فلا بد منطقيا ان خالقنا موجودة فيه .. و بما اننا مخلوقين ، اذا الخالق كامل . لاننا نشعر بوجود الكمال وهو الذي يدفعنا للتقدم .

الكون كامل ، لكن خالقه ليس بكامل !! هذا ادعاء باطل منطقيا ! و اذا كان الكون ناقص ، فعليك ان تثبت النقص . ولا تنس عملية التوازن ، فاذا حصلت كارثة فهي تقدم توازنا ، ولا يعني ان هذا نقص ، والتوازن كمال ..
نحن : كيف نعرِف الكمال ؟ عقولنا بنيت على الموجودات التي خلقها الله ، فهل نستطيع تصور كمال خارج نطاق المخلوقات ؟ طبعا لا .. اذا كيف نحكم بعدم كمال الاله ونحن نقيمه من مخلوقاته ونعرف الكمال من مخلوقاته ؟ والكمال الذي نعرفه هو من مخلوقاته و من خلالها ، اذا هو كامل .

عليك الا تنسى المنطق ، الذي بموجبه اثبت وجود الاله .. اذا يجب عليك الاستمرار في المنطق حتى تتأكد من صفاته مثلما تأكدت من وجوده .. من لوازم معرفة وجود الشيء ، معرفة صفاته ، بالضرورة المنطقية .. اذا قطع الخالق عن صفاته تصرّف غير منطقي  قام به الفكر اللاديني .. وما دمتم ترفضون صفاته التي قالها عنه الدين ، فعليكم ان تثبتوا له صفات اخرى ، وإلا فإنكم لم تجدوه ! هذا هو العقل .. وأنتم لم تفعلوا هذا ..

و أردتم محاربة الأديان فقط و تخطئة كل ما تقوله بدافع عاطفي و ليس علمي ، وإلا فإن العلم يثبت ان لكل موجود صفات إن أمكن معرفتها ، وإلا فيجب البحث لمعرفتها . و الفكر اللاديني لم يفعل هذا وأوقف البحث العلمي والعقلي في هذا المجال الذي يقتضيه المنطق .. نكاية باهل الاديان .. و لما تحمله الاديان من التزامات سوف يقتضيها المنطق اذا توبع .. ولهذا اوقفوا المتابعة..

.البحث العلمي يجب الا يكون قائما على الكراهية او الاقصاء ، فإذا كان كلاما حقا ، ولو في الدين ، فعليك ان تقبله ، حتى لو كنت تكره الدين ولا تلتزم به .. هذا هو البحث العقلاني والعلمي ..     

آيدياليست :

كل هذه الصفات التي ينسبها الدين لله هي صفات بشرية. بل صفات ملك دكتاتور جبار عنده جواسيس على كل المواطنين (الملكين عن يمينك و شمالك). يطالب الجميع بالتطبل و التسبيح بحمده ليل نهار و التغني بصفاته الجليلة (هشتكنا و بشتكنا يا ريس). يرضى عنك اذا كلت به بالمدائح (اعطوه بكل بيت شعر عشرة الاف دينار!!)، و يغضب منك اذا قصرت في احترامه او تطاولت عليه (عقوبة الاساءة للرئيس -> اعدام). عنده حرس و جند و جشم (الملائكة) و عرش عظيم يحتاج الى عدة رجال اشداء لحمله (يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية).

الرد:
حتى لو كانت صفاتا بشرية ، هذا ليس دليلا علميا بقدر ما هو دليل عاطفي و مزاجي .. افرض ان الاله له صفات بشرية .. أو صفات غير بشرية ، هو إله ! هل شرطا الا يكون للاله صفات بشرية ابدا ؟ هذا ليس شرطا علميا . وإلا فمعنى هذا انك قادم من الإله وتعرف صفاته بأنها لا تناسب البشر .. وعلى هذا الاساس العلمي أبطلت كل الاديان ! انت لم تقدم صفات الاله حتى ننظر هل هي بشرية او غير بشرية ..

ثم حكمك على الصفات البشرية انها كلها سيئة .. حكمك هذا غير اخلاقي وغير منطقي ، فالأخلاق مثلا من صفات البشر وليست من صفات الحيوانات ، فهل هي امر سيء يعاب به الخالق اذا اتصف بها ؟ ام انها افضل شيء يعرفه البشر ؟ اذا كان البشر يحبون العدل ، والله يحب العدل ، هل نقول عن هذه الصفة انها بشرية أم أنها الهية ؟ لم لا نقول انها من الله و اهداها للبشر ، لأنها متميزة عن بقية نقصهم ؟

بدلا من قول : ان الإله له صفات بشرية ، نقول : البشر لهم صفات الهية .. سيما و أن هذه الصفات الراقية ترفع صاحبها عن مستوى البشر العاديين ، و تجعل الاخرين ينظرون اليه نظرة اجلال واعجاب ، وكأنه فعل شيئا غير بشري ، مع انه بشر ..

واذا سمى الاله نفسه بانه ملك ، فهو في الحقيقة ملك الملوك ، و يفعل ما يشاء .. وهو الملك الحقيقي وليست ملوك البشر . وهذا امر منطقي ، وله الكبرياء في السماوات والار ض التي خلقها ، ولا شريك له في الملك .. اما ملوك البشر فليس لهم كبرياء حقيقية ، لانهم صغار بالنسبة للاله ..

هو يقول عن نفسه : ليس كمثله شيء ، فأين هي البشرية ؟ اذاً هو لم يشبه نفسه بملوك البشر ، بل بين من هو الملك الحقيقي .. و ذكر العرش والكرسي ، ولكنه قيدها بقوله : ليس كمثله شيء ، اي ليس مثل الكرسي والعرش الذي يعرفه ملوك البشر .. ولا نعرف شيئا عن الماهية ولا الكيفية ..

اذا الله يشترك مع البشر في الصفات العليا للبشر .. ولا يشترك معهم في طريقة حياتهم ولا تكوينهم المادي .. لأن المادة قيود ، و هو مطلق . اما ان يخلق هذا الكون العظيم و يخلق القوة ، وتأتي لتقول عنه انه ربما يكون ضعيف او ميت ! فهذا كلام مخالف تماما لأبسط قواعد العقل التي يعرفها العقل .. لا تنس انك عرفت الله بالمنطق . وهذا كلام منطقي .. الا ان اثبتّ العكس ..

ونفس الشيء ينطبق على المعرفة ، فكيف يكون خلق كل شيء ، والتي منها نكتسب العلم وهو لا يعلم ؟ وكيف يخلق الشيء من لا يعلمُه ؟ هذه مخالفة فاضحة للمنطق ..

كان استدلالهم لمعرفة وجود اله امرا رائعا ، و لكن افة الرأي الهوى ، فلما دخل الهوى افسد رايهم .. والتملص من المسؤولية لا يعني التخلص منها ..  


آيدياليست :

انتم تفترضون افتراضات ثم تحاولون ان تبنون عليها فكرة ان الخالق لا بد ان يرسل محمد و يرسل معه القران!! متناسين انكم في مواضع اخرى تقولون انه لا يسأل عما يفعل و هم يسألون.

الرد:
لا يُعلم ما يفعل ، ليست مثل : لا يُسأل عما يفعل ، لأن السؤال عما يفعل يقتضي ذكر السبب ، الآية تقول : لا يسأل عما يفعل ، يعني : ان الفعل معلوم والسبب مجهول .. وإلا فكيف نسأل عن سبب فعل ونحن لا نعرف الفعل ؟

السؤال المقصود في الاية مثل سؤال : لماذا خلق الله الخلق ؟ ولماذا خلقهم بهذا الشكل ؟ وهكذا اسئلة .. المقصود بالسؤال هو الحساب ، الله يحاسب الخلق ولكنهم لا يحاسبونه .. لأنهم لا يعلمون ، بينما هو يعلم كل شيء ، ومن يعلم يحاسب من لا يعلم ..


آيدياليست :

ثم انكم اذا فتحتم باب الافتراض هكذا، فنحن ايضا نستطيع ان نفترض بنفس التسلسل المنطقي:

بما انه كامل، لا بد ان تكون رسالته كاملة، و لا تكون عرضة للشبهات، و لا تكون حكرا على رجل واحد، و بلغة واحدة، بل يجب ان تنزل على جميع الناس، و بكل اللغات، و بحيث يعرفون جميعا ان هذا هو ما يريده منهم.

الرد :
وهل هذا سيجعلك تؤمن ؟ ها انت ترفض كل الديانات مع انها تتفق على الاصول .. كم يكفي من الرسل ؟ واذا كانوا كثر ، ألا يسأل احد مثلك ويقول : لماذا لم يرسل الي انا حتى أتأكد ؟ لماذا يختار كل هؤلاء الناس الكثر وانا لا ؟ ليست المشكلة مشكلة لغات ، الناس يتعلمون اللغات ليصلوا الى منفعة مادية بسيطة ، فما بالك بمصيرهم و اهم سؤال عندهم ..

الفكرة تنتقل وتكسر حاجز اللغة ، مثلما انتم الان تنقلون افكار الغرب من لغات اخرى ، ولم تقولوا ان عليهم ان يترجموا افكارهم وافكار نيتشه وستيورات ميل وسام هاريس الى لغاتنا ، والا فلن نقبل .. بل ذهبتم انتم لترجمتها ، لانكم تريدونها !!

هذه مغالطتكم .. فلاسفة الإلحاد او الربوبية لم يرسلوا اليك ، بل جئت انت اليهم .. اذا كان الباطل يسعى اليه ويبحث عنه في مظانه من لغات اخرى ، فلماذا يُطلب من الحق ان ياتي بكل اللغات ولكل شخص نبي يمشي معه ؟ سيكون هذا نقصا في الدين ، واذلال للحق ، فكما ان الباطل يطلب ، فكذلك الحق يطلب ..

اذا من الخطأ أن نقول ان الدين الصحيح يجب ان ينزل بكل اللغات ، لأن الافكار الشريرة لم تكتب بكل اللغات ، بل بلغة اصحابها . و مع ذلك جاء مريدوها من كل العالم ليتدارسوها وينقلوها الى لغاتهم ..

و اذا كان الوضع كما تطلب .. فلن يكون من سعى الى الحق و تابعه باختيار حر ، بل سيكون بضغط النبوات .. واذا كان لدى الشعوب نفس الرسول و نفس الكلام رغم البعد المكاني و الثقافي بينهما ، فهل سيكون هناك اختبار ؟ طبعا لا .. لا يستطيع احد ان يكذّب هؤلاء الرسل كما تستمتعون الان بتكذيبهم ، سيكون حقيقة مكشوفة ..

بعبارة اخرى : لن يكون اتباع الرسل من باب الايمان ، بل من باب المعرفة اليقينية .. حينها سيكون ارساله لأولئك الرسل عبث من الخالق .. فبدلا من الرسل ، لماذا لا يكشف عن نفسه ؟ أو يرسل ملائكته الى الناس ما دام الامر تحول الى حقيقة بهذا الشكل ؟

الله جعل على الارض منارة للحق ومنارة للباطل ، و من شاء ذهب الى احداهما بدون اي ضغوط . و ها انت ذا ترى الا ادلة قطعية بالمشاهدة على وجود اله ، ولا ادلة قطعية علمية على وجود اله .. و الامر متروك للاختيار .. ولا يمكن لاحد ان يغير هذا التعادل ، لا بالعلم ولا بغير العلم .. و ستبقى هذه الاشكالية كعلامة على المنارتين .. مع ان المنطق اذا اتـُّبع سيصل بصاحبه الى الدين الصحيح ، ولكن حتى اتّباع المنطق متروك للاختيار ، بل وحتى تكذيب المنطق ..

تخيل ان لك نبي عربي ، و هناك نبي في الهند ، و نبي في بلاد الغال ، و نبي في سيام ، وهكذا وهكذا .. يتكلمون بنفس الكلام و بنفس القران ، ولكن بلغة ثانية .. ونفس التعليم رغم عدم التواصل بينهم ، وعلى مر العصور ، فهل يستطيع احد ان يشكك في كونهم رسلا من الله ؟ هل سيوجد فرعون او ابو جهل ؟ ماذا ستكون حجته لتكذيب رسوله ؟

الانسان يُختبر في ايمانه ، ولا يُختبر في علمه و يقينه .. الشيء الذي يعرفه الجميع و بنفس الدرجة لا يسمى مجالا ايمانيا .. بل يتحول الى عالم الحقائق .. زد على هذا انكم تريدون من الاله الا يصيب اتباعه اي مرض ولا مصيبة ، وان لا يعذب احدا ، وان يجيبهم على كل شيء يطلبونه مباشرة .. هل سيشك احد او سيكذّب بهذا الاله ؟ طبعا لا ، سيتحول الى حقيقة علمية .. و لا مجال للايمان .

ولا يخالف الحقيقة العلمية الا مجنون ، مثل من يعرف خطر الكهرباء ويذهب ليمسكه بيده ، وبالتالي لمن سيكون العقاب ؟ سيكون فقط للمجانين المساكين .. مثلما يعاقب الكهرباء او تصدم السيارة المجنون الذي لا ينتبه او الاعمى ..  و سيكون من يحب الخير مثل من يحب الشر بدرجة واحدة . وبالتالي لم يفد الدين شيئا في التفريق بين الاخيار والاشرار .. وجعلهم متساوين ، مع ان الخير والشر غير متساوين .. 

انتم تتكلمون عن الله وتستبعدون وتتجاهلون ان الله يختبر البشر ، و تتناولون موضوع الالوهية على انه يدعي انه رحيم ، و مع ذلك توجد مصائب و امراض .. ويدعي انه يجيب الداعي ، ومع ذلك ليس شرطا ان يستجيب .. اي انكم تعرضون موضوع الاله بغير ما عرضه هو ، تتخيلونه مرشحا للرئاسة ويريد ان يجعل هذا الكوكب جنة ، ولكنه لم يستطع ، اذا لا وجود له ، او لا قيمة لوجوده !!

نحن نقول لكم : الله يختبر البشر ، وكل شيء في الحياة يشير الى فكرة الاختبار ، ولا أدل عليها من الثنائية التي توافقنا في كل شيء .. ودائما امامنا خياران بين الخير والشر لا اكثر ولا اقل ..

عدم علمنا المطبق باصل وجودنا و هدفه دليل على اننا نُختبر في تحديد هذا الشيء ، تخيل ان توجد الة لا تعرف من اوجدها ولا ما الغاية منها ، هنا نقص حاد في المعرفة .. هذا النقص الحاد في المعرفة اليقينية قصده الاله لكي يبني حياة البشر على الايمان اما بالخير او بالشر ..

و لو كنا نملك معرفة حقيقية عن اصلنا وعن الغاية من وجودنا ، و عن ما يجب وما لا يجب ان نفعل ، لكانت فكرة الامتحان ساقطة لوجود العلم . وبالتالي يسقط معها الايمان ، لان فكرة الايمان مرتبطة بفكرة الاختبار ، وفكرة الاختبار مرتبطة بحرية الاختيار ، و كل انسان حر في الاختيار بين ثنائيتين متضادتين في التفسير (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) . فالذي حجب عنا العلم اليقيني عن الاسئلة الكبرى ، جعل الاسئلة الكبرى تحتمل وجهين : وجه خيّر و مشرق ، ووجه مُظلم مبني على الانانية وما يتبعها من ظلم وتمرد واستعلاء وشهوات عاجلة بدون قيود من الفضيلة او المنطق ..

وكما ترى انا اقدم تفسيرا لهدف الوجود واصله وماذا يجب ان نفعل ، و انت ايضا تقدم مثلما اقدّم ولكن بطريقة معاكسة ، اذا نحن في ثنائية اختيارية ، تكشف عن دواخلنا وماذا قررنا ان نختار ، و كل البشر بنفس الوضع ، بل نحن كل يوم تحت ضربات هذه الثنائية ، وعلينا في كل موقف ان نختار بين اثنين ، وكل شخص يعرف صوت الضمير وصوت المصلحة عندما يتعارضان بشكل يومي ، صوت الواجب وصوت المتعة والدعة و هما يتصارعان في كل يوم ..

اذا تفسير الاسئلة متاح لنا كلنا ، و لكنه على ثنائية ، هناك من يعجبه ان يفسر الكون بخالق عظيم هو الذي اوجد الخير وهو الذي يحب الخير ويجازي عليه ، ويرتاح لهذه الفكرة ، وهناك من لا يرتاح لهذه الفكرة ، ويحب ان يفسر الكون بانه عبثي و بلا نظام و مادي ولا يقيم للاخلاق ولا الفضيلة اي وزن ، و هذا التفسير يسره لكي يمارس الحياة بدون ارتباط بهذه القيود ويكون تفسيره للكون منسجما مع ما يريد ان يفعل .. وتفسير الاخر منسجم مع ما يريد ان يفعل ..
-----------------------------------------------


مردوخ :

تحية طيبة اخ الوراق

الورّاق في 02 ديسمبر 2011 - 07:27 ص كتب :
في حالة اثبات عدم الوجود (عدم وجود سم في الطعام – عدم وجود اله و خالق للكون – عدم وجود كلمة محددة في نص محدد ) ، فإنه يجب الإحاطة بكل أجزاء الشيء لكي يتم الإقرار بعدم الوجود فيه . فمثلا مجموعة اشخاص تبحث من بينهم عن شخص اسمه سالم ، فيجب ان تعرف اسمائهم كلهم لتقول ان هذه المجموعة لا يوجد بينهم شخص يدعى سالم .

ليس دائما ً يتطلب معرفة وجود جزء معرفة الكل
فعندما نقول مثلا ً :
جميع القوانين الدولية تنص على محاسبة السارقين
فهل تطلب منا معرفة جميع الدساتير الدولية لكي نقول ذلك ؟
الجواب: لا طبعا ً ونحنُ تكملنا بذلك من مبدأ الحتمية المنطقية
واليك مثالا ً اخرا ً :
عندما نقول لا يوجد هناك شيخا ً يصلي في الكنيسة
هل يتطلب ذلك معرفة وجود جميع الشيوخ في تلك المنطقة ؟
الجواب: مرة اخرى لاطبعا ً ونحن اجبنا بذلك من مبدأ الحتمية المنطقية
إذن إثبات عدم وجود شيء لا يتطلب الاحاطة بل الوجود دائما ً حسب ماتقول


الرد:
هذا امر مفروغ منه : ما لا يقتضي المنطق وجوده ، فهو غير موجود . كلامنا عن ما يسمح المنطق بوجوده .. هذا يحتاج - حتى ننكر وجوده - إلى إحاطة .. و فكرة وجود ارادة عاقلة (إله) اوجدت الكون بقوانينه و توازنه و نظامه ، فكرة يسمح بها المنطق، بل هي حتمية منطقية و فلسفية ..

اذا : كل ما يمكن منطقيا وجوده ، يحتاج نفيه إلى إحاطة .. أما وجود ابريق راسل الذي يدور حول المريخ ، فهذه ليست حتمية منطقية ، ولا حتى يقبل بها المنطق ، بناء على علم الفلك الذي لم يذكر اية اباريق في الفلك . ثم ان الاباريق مصنوعة لحاجة بشرية ، و المريخ ليس فيه بشر ، و من غير المنطقي ان يدور الابريق في مدار كوكب ، المنطقي ان يدور الابريق في المطبخ أو على الطاولة ..

اذا فكرة وجود اله ليست مثل فكرة وجود ابريق حول المريخ ، بحكم المنطق ..      

مردوخ :
 
الورّاق في 02 ديسمبر 2011 - 07:27 ص كتب :
لا يحق الادعاء بعدم الوجود إلا لمن احاط بالوجود ، وإلا فالإدعاء باطل . (قانون) ، وتـُقـَدّم الإحاطة بالوجود مرفقة بالإدعاء معاً . و هذه القاعدة ملازمة لكل من ادعى عدم وجود ، اذاً ادعاء عدم وجود اله ، وبدون حصر لكل الوجود ، في هذا الكون او غيره ، يعتبر ادعاء لا قيمة له وغير منطقي ولا علمي

رفض الادعاء ليس ادعاءا ً
ومرة اخرى ادعاء عدم وجود جزء لا يتطلب معرفة الكل

الرد:
بل يقتضي المنطق ذلك ، على شرط ان يكون جزءا و تابعا ، مثل ان تجد عظمة فيل ، فهذا يقتضي منطقيا انه كان هناك فيل كامل .. فالجزء دل على الكل ..

ووجود خالق للكون ، تشير اليه اجزاء كثيرة مرتبطة به ، من ضمنها حتمية سببية ، و وجود الدقة والذكاء والتعقيد في المركبات والتناسق والتوازن مع الموجودات والاحياء الاخرى ، يدل على وجود ارادة واعية ، هي التي جعلت الحياة تشق طريقها الى البقاء مع وجود عوامل الفناء الغير واعية ..

ايضا الحاجات الانسانية العميقة ، فلا شيء تحتاجه الذات البشرية الا و له وجود ، فهي تحتاج إلى الماء ، اذا هو موجود ، و تحتاج الى الامن ، اذا هو ممكن الوجود ، لكن هناك حاجات تبقى بلا اشباع ، الا بفكرة وجود اله .. مثل الحاجة الى معرفة جدوى الوجود ، و الحاجة الى العدالة المطلقة ، والتي لا تستطيع ان تقدمها الانظمة البشرية ، والحاجة الى مكافأة المحسنين ، و الحاجة الى معاقبة المسيئين ، و هذه لا يمكن توفرها من خلال النظم البشرية ..

فوجود هذا النقص يدل على وجود اله يحقق كل هذه الحاجات المنقوصة .. حيث عرفنا ان لا حاجة إلا و لها ملء ، حتى حاجة الخلود ، و هذا من المقتضيات المنطقية .. أن لكل حاجة ملء (قانون) .. والفكر العلماني والدنيوي والمادي الالحادي لا يقدم اي سد لهذه الحاجات .. اذا هو فكر ناقص عن حاجات البشرية وهو غير متقدم كما يتصور اتباعه ، لان التقدم هو ما يتقدم لملء الفراغات و النواقص ، وبالتالي هو لا يتطور بالانسان لكي يسد حاجاته ..

ان تلك الافكار تفرض نفسها ، وليس الانسان هو الذي يبحث عنها .. هذا التعامل متواضع جدا في فهم الدوافع العميقة للانسان .. فالانسان فيلسوف بطبعه ، بسبب وجود النواقص ، والاسئلة الكبيرة التي بلا جواب .. فالفلسفة ليست عبثا كما يتصورها البعض ..

كل ما يقدمه الفكر المادي ان يقول لك : "لا تفكر في هذه الامور و عش لحظتك ، و القدوة في هذا هو الحيوان لأنه يعيش لحظته " .. وهذه تصاغ بطريقة مؤدبة : الرجوع الى الطبيعة "الحيوان" ، والانسان يعرف انه غير الحيوان ، و ان كان يشابهه في التكوين البيولوجي .. بل حتى انه يشابه النبات .. فهل يرجع الى تقليد حياة النبات ايضا ؟

وادعاء ان الفلسفة ماتت ، و حل محلها العلم ، هو ادعاء عريض .. وكأن العلم سد تلك الفراغات ، مع أنه في الحقيقة فتح فراغات اضافية .. وهؤلاء الذين يبشرون بموت الفلسفة ، هم يمارسونها من خلال النظريات العلمية والافتراضات .. هذا من صميم الفلسفة اكثر من كونه في صميم العلم .. فالعلم قطعي لا جدال فيه ..

مردوخ :


الورّاق في 02 ديسمبر 2011 - 07:27 ص كتب :
اما مدعي العلم الكامل ، فإنه يـُطالب بالإثباتات الكاملة اليقينية ، بما فيها المشاهدة والتجربة

عدم الوجود لا يخضع لا للتجربة ولا للمشاهدة وإلا لماذا اسبقناه بل العدم ؟

الرد:
هنا تقتضي الاحاطة ، و اثبات كل الموجودات ، كاملة بدون نقصان ، و ليس من بينها الشيء المطلوب ، حينها يثبت عدم الوجود . وهذا الاحصاء غير ممكن ، لأن عقل الإنسان لم يبنى على معرفة اللامنتهي واللامحدود .. اذا لا يحق لأحد ان يقول : لا يوجد اله ، بحكم المنطق .. وله ان يقول ما يشاء بحكم الهوى ..

اذاً لا يُحكم بعدم الوجود ، حتى يُحصى كل الوجود ، ما دام ان الشيء المطلوب اثبات عدم وجوده حتمية منطقية .. وحينها سيتغير المنطق ، وهذا شيء مستحيل على الملاحدة ان يفعلوه ، اذا لماذا يحكمون بعدم وجود ما يشير الى وجوده المنطقي ؟ على هذا اصبحت دعواهم دعوى غير منطقية .. وعليه فلا يحق لهم ان يتمنطقوا بالمنطق وهم كسروه بايديهم .. وتكون سلامة المنطق من نصيب المؤمنين بوجود اله ، ومن ضمنهم اللادينيون او الربوبيون .. وهذا ينطبق على اي قضية يقرها المنطق و يدعي احدٌ فيها عدم الوجود ..

فإذا وجدنا سيارة قد فككت اجزاؤها كلٌ على حدة ، فالمنطق يقتضي هنا ان عاقلا قام بهذا الفعل ، ولم تتفكك السيارة من تلقاء نفسها و لا من الصدف ، ولو ادعى احد ان العملية تمت من تلقاء نفسها ، لكان غير منطقيا ، لانه ادعى عدم وجود ما يقتضيه المنطق ..

اذا كل من يدعي عدم وجود ما يقتضيه المنطق فهو غير منطقي .. اي غير عقلاني .. و هكذا اتضح واقع التفكير الملحد وموقعه في مقياس المنطقية و العقلانية .. 

مردوخ :

سؤال اعتراضي اخ الوراق
انت تفرض على الملحد الاحاطة بكل الكون لكي يحق له ُ رفض ادعاء وجود الإله
طيب هل تعني ان الله موجود في بقعة كونية ما ؟ ام ماذا ؟
الرد:
لا ادري ، لاني لا اعرف الكون .. ولا انتم تعرفون الكون كله .. و لا ادري عن كيفية وجوده ..

ثم ان هذا الفرض يفرضه المنطق و ليس انا ، لأن ادعاء الملحد يحمل رفض وجود لما يحتـّمه المنطق .. وهو ادعاء عريض ، من الممكن تطبيقه على اشياء اخرى كما مثـّلتُ ليتضح خطؤه المنطقي ..

الدعوى الالحادية برمّتها مخالفة للمنطق ، وعلى المرء ان يختار بين الالحاد وبين العقلانية ، ولست انا من يحتـّم او يفرض هذا ، بل هو المنطق والعقل .. وحكم المنطق ساري على الجميع .. ولا يوجد اكثر من منطق ، بل هو عقل واحد ومنطق واحد يملكه الانسان .. ويشترك فيه الجميع ..
-----------------------------------------------------------------

آيدياليست :

رد متعوب عليه ..

و لكن اعتقد ان مشارتك هي عبارة عن سلسلة من الادعائات العريضة.

لي ملاحظتين:

اولا: انت تستخدم كلمة المنطق في غير محلها، فتتحدث عن تصورك و كأنه المنطق، فتقول: من غير المنطقي ان يخلق الله البشر ثم لا يهتم بهم! و انا اقول: من اين جئت بأن هذا غير منطقي؟! ليس في هذه الفكرة ما يخالف المنطق مطلقا. انما يصعب عليك هضم هذه الفكرة لانك لا تستسيغها

الرد:
اله يخلق المنطق و يتهاون به !! اذا هو يتهاون بخلقه !
اله يجعل المنطق هو مقياس الفهم عندنا ، ثم يكون هو غير منطقي !!
اله لا يُعرف إلا بالمنطق ، ثم يخالف هو المنطق ويكون غير منطقي !!

أنا قلت هذا من المنطق نفسه ، فهل من المنطقي ان تزرع زرعا ولا تهتم به ؟ أن تنجب اطفالا ولا تهتم بهم ؟ ان تقيم مشروعا وتهمله ؟ هذا هو المنطق الذي نعرفه كبشر ..

اذا من غير المنطقي ان يخلق الاله خلقا ويرميهم ولا يهتم بهم وهو يعلم انهم يتعذبون ، وهو الذي خلق الالم واللذة ، ويتركهم في الالم مع انه صممهم بحيث انهم يحبون اللذة !! اذا هذا الاله ليس مهملا فقط ، بل هو ظالم .. وهذا لا يليق بالاله نفسه الذي كرّه الى نفوسنا الظلم والاهمال والقسوة ، ثم يتصف هو بنفس العيوب التي يكرهها خلقه ! هذا كله غير منطقي .. ونحن نحتكم الى المنطق الذي نعرفه كبشر ..

و انا لا أجعل كلامي هو المنطق ، انا املئك بالامثلة من واقع الناس ومن واقع حياتك انت ، انا اتكلم عن المنطق العام الذي يعرفه كل البشر .. و كلما استخدمت كلمة منطق فأنا اشير الى المنطق العام ..

انا لا اتحدث عن ميولي و رغباتي وما اريده ، فذلك عالم اخر لا ينتهي ، ولا افرضه على من لا يريد ان يسمعه ..  رأيي الخاص لمن يريده فقط ، أما نحن ففي جدل منطقي الآن ..

كل كلامي مختوم بكلمة منطق ، و كلمة منطق تعني ان البشر يعرفونها أو من الممكن ان يعرفوها و يقروا بها اذا عرفوها ..  فأنت إما أن تكون صادقا في ادعاءك هذا ، انني اتكلم عن رايي الخاص واسميه منطقا .. او ان تكون مخطئا .. و هذا يتطلب منك الدليل الذي يثبت ان كلامي هذا لا يمثل الا نفسي ، ولا يمثل المشترك العام بين البشر ..

نعم من غير المنطقي ان العاقل لا يكون له هدف مما يصنعه ، وانتم جعلتم الاله غير عاقل وعابث ولا يكمل مشوارا بدأه ، لانكم جعلتموه يخلق خلقا عبثا ويضيعهم و هم في امس الحاجة اليه ، ويخلق فيهم الرحمة ولا يشعر هو بها ! .. وهو الذي خلق العقل والمنطق و الجد .. و جعله افضل من اللعب ، ثم يخالف المنطق بنفسه .. فلماذا يخلق الفضائل ويزينها في نفوس الناس ثم يتصف بعكسها ؟ العاقل لا يفعل هذا الشيء ..

انت اذا نصحت احدا ان يكون صادقا و شكورا ، لا يصلح ولا ترضى ان توصف انت بعدم الشكر و بالكذب ، لأنك انت الذي وضعت اهمية لهذه الاشياء .. فكيف تتصف بعكسها و ترضى بذلك ؟؟ لا زلنا في المنطق البشري ، و لسنا في رايي الخاص كما تحب ان تتصور .. اما رايي الخاص فهذا شيء لا تعلمه ..   

آيدياليست :

ثانيا: انك تقول بعض الاشياء لترد بها على الربوبية، مع ان نفس هذه الاشياء يمكن استخدامها للرد على الدين. فحين تنتقد اللادينية، تفترض العديد من الافتراضات، و لكن حين تتدافع عن الدين، تقلب افتراضاتك بالكامل. مثلا تتحدث عن ان اله اللادينيين اله غامض مخيف!! فانت تنتقد ان يكون الله كائنا غامضا بالنسبة للبشر لان هذا امر مخيف، و تفترض ان هذا الاله لا بد انه كله محبة و رحمة لانه هو من خلق الحب و الرحمة. و لكنك في النصف الثاني من المشاركة تحاول تبرير ان هذا الاله يصيب البشر عمدا بالامراض و المصائب. و اكيد تعرف انه - بحسب الاسلام - سوف يدخل اغلب البشر الى النار يوم القيامة! فاين ذهب كلامك عن المحبة و الرحمة؟! و اذا كان اله الاسلام مخيفا و ساديا بهذا الشكل، فماللذي تنقمه على اله اللادينيين او اله الفلاسفة؟

الرد: 
اله الاسلام ليس مخيفا ، لأنه واضح وعلى صراط مستقيم : (إن ربي على صراط مستقيم) .. ومعروف لماذا يدخل الناس الجنة ولماذا يدخلون النار .. بكل بساطة : ادع ربك ولو لمرة واحدة ، لتبين له انك غير متكبر وخاضع له ، وسوف يمنحك القرب والطمانينة ، ويسهل لك بقية الطريق اليه ، وهذا ما وعد الله به ، ولا يخلف الله وعده ، على الانسان النية فقط و الباقي يكمله الله .. هل هناك شيء اسهل من النية واصعب منها في نفس الوقت ؟

استجب لقلبك المملوء بالخير ولا توقف هذه الاستجابة عند حد ، و سوف تصبح في الاخير مسلما لله ، وليس مسلما لحزب .. فتدخل الجنة ..

او فاستجب لنوازع الانانية واللذة العاجلة واستمر في ذلك و اصر عليه ، وتكون من اهل النار ..

اهمل الحق والمنطق ، تكون من اهل النار ، احترم الحقائق اذا وصلت اليك لأنها حقائق ، وتكون من اهل الجنة ..

هذا ينطبق على كل انسان ويستطيع ان يفهمه كل انسان .. هل هذا غموض مقارنة بالغموض الذي تقدمه اللادينية عن الهها المخيف ، بل سيء الاخلاق والمعاكس تماما لكل القيم الانسانية ؟ تخيل ابا يتعامل مع ابنائه على طريقة الاله اللاديني ! هل سيحبه احد من ابنائه ؟ انه لا يقدّر اي شيء يقدَّم له ، ولا يمكن لاحد ان يرضيه مهما فعل : متكبرٌ لا يرى الخلق شيئا يذكر ، لا يسمع لصرخاتهم ، لا يقدم لهم اية منهج ، وهو يعلم انهم لا يستطيعون ان يصنعوا منهجا ، بدليل تخبط البشرية الدائم ، وتدميرها لنفسها بنفسها ، وهذا شيء مخالف للمنطق .

يبدو لي ان الفرق منطقيا اصبح واضحا ، بين من له منهاج ايجابي يسعى لصالح البشرية ، و ليس كل البشرية ، بل فقط من يريدون الحق والخير من البشرية .. اما من يريدون الشر فلا احد يرثي لهم اصلا ، لانهم هم سبب المآسي للبشرية ..

البشرية ليست شيئا واحد كما تتصور ، فهناك من يرغب بالخير وهناك من يرغب بالشر ويفرح له .. اذا نحن امام بشريتين .. ولا اقصد بالخير هو فقط من يعلن انه مسلم ..

هل من المنطق ان يعامَل هؤلاء على درجة سواء لانهم بشر مع ان فيهم الضحية والجلاد !؟ هل هذا هو العدل ؟ طلبكم من الاله الا يعاقب ولا يجازي احدا غير منطقي ، لان المنطق اقتضى عليكم ان تقوموا بعقاب المسيء وشكر المحسن في كل تنظيماتكم وتشريعاتكم البشرية ، لانه امر منطقي .. اذا لماذا اذا جازى الله المحسن وعاقب المسيء يكون ظالما و غير منطقي ؟؟ هنا تناقض و ازدواجية في الرؤية يقدمها الفكر اللاديني ..

نعم لو كان الفكر اللاديني يدعو الى عدم عقاب اي احد في الدنيا ، لا من دولة ولا من غيرها ، ويدعو في نفس الوقت لعدم شكر اي محسن او موهوب ، لقلنا ان هذا منطقهم ، ولكن وبما انهم لا يفعلون هذا ويطلبونه من الاله ، اذا هم ليسوا على المنطق العام ، ولا يملكون منطقا خاصا ، هم فقط متناقضون ..

اليست قوانين البشر تحاول ان تعاقب الاشرار باقسى ما تستطيع ؟ اذا هل يكون البشر و محاكمهم افضل من الاله ؟ يحاربون هم الشر و هو لا يحاربه ؟ من لا يحارب الشر شرير ، ولماذا يخلق الاله الخير وهو سيقف الى جانب الشر ؟ و ما دام يحب الشر ، فلماذا يجعل الخير افضل واجمل في نفوس البشر من الشر ؟ الهكم هو اشبه بالشيطان من الاله ، او قل انه شيطان اخرس على الاقل ..

اما انك لا تريد ان توجد اية حوادث ولا اي مصائب تقع لاي احد من البشر ، فهنا كيف سينكشف الاخيار من الاشرار اذا كان الجميع في جنة ؟ بل ان الاحداث والكوارث هي التي فتـّقت العقل البشري وجعلته يتحرك ليبحث عن الحلول .. و لولا الحوادث والكوارث لكان الناس سواسية و لما برز احد ولا اشتهر ..

اذا فكرة اللادينيين عن (الكون-الجنة) خاطئة ، لأنها سوف تحرم البشر من كل ابتكار و من كل تميز في المجالين ، مجال الخير و مجال الشر .. ولم يعرف معدن اي احد .. ولو كان الكون بلا اية حوادث لما وجدت شخصا واحدا يستحق ان تحبه او تعظمه ، فالشدائد هي التي تبين المعادن .

ثم هل نسيت ان البشر كلهم يفنون ؟ لماذا لا تعتبر هذه كارثة كلية و تقف عند كوارث جزئية ؟ الكوارث الكلية اهم ، وتركتم الاهم الى غير الاهم ، وهذا غير منطقي .. فاذا كان الموت كارثة ، فتخيل ان السابقين لم يموتوا ، اين سنعيش نحن ؟ الله ليس بظالم ، البشر هم الذين يظلمون ، حتى بطريقة تفكيرهم .. وكل شيء يبدأ بفكرة ، من خير او شر ..

كلما انتقدت شيئا من خلق الله ، حاول ان تتخيل الحياة بدونه ، ستجد ان كل الموازين تختلف .. الله يختبر البشر على ظهر الارض وليست هي المقر ، الله يعدهم بحياة ابدية دائمة على حسب ما كانوا يقررون و يختارون في الحياة الاولى ، والمنطق يقتضي هذا .. لان الارض لا يمكن ان تكون جنة ، ولا يمكن ان يحولها البشر الى جنة .. ليس لنقص في الموارد ، فالخير فيها كثير ، ولكن لنقص في اختيار الخير عند الكثيرين .. لهذا سيظل الشر موجودا على ظهر الارض و لن تكون جنة .. تكون شبيهة بالجنة فقط لو اسلم البشر كلهم لله ، بحيث يكون هدفهم واحد ، مبتعدين عن الانانية . وهذا لا يمكن ان يكون الا بشكل جزئي ؛ بسبب حرية الاختيار الممنوحة للجميع بين الخير والشر ، والتي لا يستطيع ان يتحكم بها احد ..

الرؤية واضحة ولا غبش فيها .. وهذا يثبت صحة القرآن الذي لم يعِد بجنة ارضية مثلما وعدت الشيوعية و الراسمالية ، بل قال ان الجنة في السماء ، و واقع الارض لم يخطّئ رؤية القرآن يوما من الايام .. فالشر لا يمكن ان يبتعد عن الارض ..

وكلامي هذا ليس عاطفيا ، فالعالم لم يتفق و لم يتوحد يوما من الايام ، ولم تسوده المحبة والاخوة يوما من الايام .. هذا دليل على وجود التصارع بين الخير والشر .. فلم يقبل الناس يوما من الايام كلهم على الخير ، ولا على الشر كذلك ..    

الهنا ايجابي ويأمر بالاحسان ويامر بالخير واستباق الخيرات ، و الهكم لا يهمه شيء ولا يهمه الخير و لا الاخلاق ولا الفضيلة ولا الشرور ، هذا هو الغموض المخيف .

اما عذاب الله في النار فليس عاما على كل البشر، وبإمكان الجميع ان يتجنبوه اذا هم شاءوا . و طريق النجاة منه سهل جدا و واضح ، واقرب الى الانسان من عقله ، لأنه في قلبه اولا .. و فرص اختيار الخير لا تنقطع على مدار الساعة و الحياة .. ومن مشى الى الله ذراعا مشى اليه باعا ، فالله لا يضيّع اي خير يفعله الانسان للخير ، وليس للرياء او البرستيج الاجتماعي أو المصالح المادية مثلما تفسرون الاخلاق علنا بها (النفاق لاجل المصلحة المادية) ..
آيدياليست : 

اغلب اللادينيين لم يبدأ من الصفر و من ثم اثبت الاله. اغلب الادينيين بدأ من الدين، و حاول اقناع نفسه باله الدين، فوجد الامر سهلا. ثم حاول ان يقنع نفسه بصحة دينه .. فلم يستطع.

الرد:
نعم ، من الممكن ان يكون هذا ، و كثير من الملاحدة تحولوا الى لادينيين من خلال البحث العلمي والعقلي ، من امثال انتوني فلو ، وبعض اللادينيين او الملاحدة تحولوا الى مؤمنين من خلال المزيد من البحث العقلي والمنطقي والاخلاقي والعلمي .. وبعضهم اعجبته الاستراحة فبقي على لادينيته ، أو لم يتحرك اصلا من الحاده ..

المهم هو ان اي لاديني يؤمن بوجود اله بدافع من المنطق ، و هذا اكبر دليل على صحة ايمان المؤمنين بوجود اله لهذا الكون .. لان اللاديني لا دين له لكي نقول ان دينه فرض عليه ان يقر بوجود اله بلا منطق .. اذا اللاديني دليل قوي على صحة الاديان ، على الاقل في اساسها وهو الايمان بوجود اله ..

الملحد من الممكن اعتباره عاطفيا في اكثر الاحيان ، لانه لا يعبأ بالمنطق . كذلك كثير من المؤمنين ايمانهم عاطفي وليس عقلاني .. اما اللاديني فإيمانه بوجود اله عقلاني بحت .. لأنه ليس هناك ما يدفعه عاطفيا لهذا الايمان .. ولا يعني هذا انه اصوب من المؤمنين ، و لكنه تجاوز بعقله فقط ما لم يتجاوزه الملحد .. و يبقى استكمال المنطق من نصيب المؤمن الحقيقي وليس التقليدي ..

الايمان الاعمى جنون ، بينما الايمان الحقيقي هو احترام لكل مصادر المعرفة في الانسان ، العقلية والقلبية على انسجام بينهما .. فالايمان ليس مغامرة بدافع عاطفي ، هذا يسمى تهورا و مقامرة ، وهو عمل رديء ومن صور الجنون . .. مثلما ان نلوم المتهور ، لكننا نحترم الشجاع .. لماذا ؟ لأنه يحترم عقله و قلبه ايضا المؤمن بالنصر .. مع انه لم ير النصر .. وعقله لم يقدّم له ما يمنع امكانية النصر اذا هو اجتهد .. بينما المتهور لم يحترم عقله ولا حسابات واحترازات ذلك العقل .. و استجاب لمشاعره فقط ، والمجنون يفعل هكذا ، يستجيب للمشاعر بدون عقل .. والحيوان يستجيب للغرائز والمشاعر بدون عقل ..

وعلى هذا ليس من الانصاف ان يقال ان الايمان لا شأن له بالعقل ، و أنه شأن عاطفي بحت .. بل الحقيقة ان اللادينية والالحاد شأن عاطفي ، بسبب مخالفة المنطق والرضى بذلك لاجل الهوى .. ولا يخالف المنطق عادة الا الهوى ، وكما قالوا وصدقوا : آفة الراي الهوى ..
آيدياليست :

المنطق لم يتوقف عند اللادينيين، بل المنطق يتوقف عن الدينيين.

المفروض حين تحكم على الدين عقلا، ان تخرج نفسك خارج هذا الدين، و تتخيل نفسك لاديني، ثم تعرض الدين على نفسك، و تسأل نفسك: هل لو كنت لادينيا، هل كان يمكن لي ان اقتنع بالدين؟!

الرد:
هذا ما حدث بالضبط ، ومررت بهذه المرحلة الفكرية ، فأنا قادم من التشكك ، و كل اسئلتكم طرحتها على نفسي وانشغلت بها قبل ان اقراها عندكم ، فهي ليست غريبة علي ، انا قادم من رحلة بحث طويلة ، و لست مؤمنا بالوراثة .. تعبت كثيرا وفكرت كثيرا حتى تخلصت وما زلت اتخلص من اكثر الشكوك ..

الشك من لوازم العقل الدائمة .. وهو وسيلة المعرفة كما اقر ديكارت .. المهم في الموضوع هو من يفرح بالشك ليتخلص من التبعات ، بينما هناك من يؤلمه الشك لانه يريد الوضوح ، دون ان يفكر بانانيته ..   

آيدياليست :

سوف اسلم لك ان:

-
فكرة وجود الاله ليس ادعاءا عريضا
-
فكرة ان الاله قد يتواصل مع البشر ليس ادعاءا عريضا

و لكن يجب ان تقبل ايضا ان:

-
فكرة ان الاله لا يتواصل مع البشر هو ايضا ليس ادعاءا عريضا

الرد:
هذا غير صحيح ، لا يمكن قبول الشيء و ضده معا و وضعهما في خانة المقبول ادعاءً ، إلا في حالة عدم وجود دليل يرجح احدهما .. خصوصا في هذه القضية .. و الدليل رجّح واقتضى المنطق ان يتواصل الاله مع خلقه ، لأنه هو الذي خلقهم ويعلم انهم محتاجين له .. و هذا من كمال خلقه أن يتواصل معهم .. وإلا فسيكون خلقه ناقصا .. وهو الذي خلق حاجتهم اليه .. وخلق حاجتهم للكمال .. 

فإذا قلت ان تواصُل الاله مع البشر ليس ادعاء عريضا ، يعني ان عدم التواصل ادعاء عريض .. لأننا لم نقبل هذا الادعاء الا بدافع من المنطق ، فإذا قبلنا ضده عكسنا المنطق ، والمنطق لا يُعكـَس ..

الادعاء المقبول احيانا يكون حتميا ، و هي الدرجة الثانية من الادعاء المقبول ..   


آيدياليست :
كيف تميز بين الادعائين؟ و كلاهما مقبول عقلا؟ يجب ان تنظر في الواقع: هل هناك دليل على ان الاله تواصل مع البشر؟

انظر الى الاديان: هل هناك دليل على انها اديان الهية بالفعل، ام انها اديان بشرية؟

هذه الاديان مليئة بالاخطاء العلمية و الاخلاقية. فكيف تكون من عند الله؟ انها بشرية بالتأكيد.

الرد:
ادعاء عدم التواصل هو ادعاء عريض ، لأنه يخالف المنطق كما وضحت سابقا ، اذا يبقى ادعاء التواصل هو المقبول وحده منطقيا ..

ثم : ان الحكم على الاديان كلها من خلال خلط و ادخال اخطاء بعضها على بعض ، على طريقة الضرب بالخلاط بين فواكة فيها الصالح والفاسد ، والحكم على الكوكتيل من خلال تذوق عاجل .. هي طريقة غير منهجية بلا شك و مخالفة للمنهج العلمي ولا يفعلها من يريد تقصي الحقائق .. هي وسيلة مريحة يستعملها الملاحدة واللادينيون ليبرؤوا ساحتهم ، وليس ادل على عدم احترام المنطق من سرعة اصدار هذا الحكم المهم والخطير في القضية كلها ، وهو الذي يجب التوقف عنده كثيرا اكثر من القضية السابقة : قضية اثبات وجود اله .. لكن الحاصل هو العكس .. الحاصل هو النتيجة السريعة ، و الحكم الذي لا استئناف فيه ، لانه يريح من لا يرغب بالارتباط بدين . 

اذا اتفقت معي على ان صورة الاله اللادينية هي اسوا الاسوأ ، فهو سلبي منافي للاخلاق لا يدافع عنه اتباعه ولا يدافع عنهم ، و هم محقون ، لانه لا يستحق التحمس له ، اذاً خلصنا من هذه النقطة ..

يبقى لنا ان نناقش الآلهة التي تطرحها الاديان على اعتبار اننا اسقطنا منطقيا واخلاقيا الاله اللاديني كبديل عن الهة الاديان ، استكمالا للمنطق حتى لا نـُتـّهم بالتوقف عن البحث بمجرد نقد الاديان السريع .. وهنا ياتي دور المنطق والعقل ايضا و التاريخ وعلم النفس والاجتماع و العلوم المادية و كل معارف البشرية لتدخل في التقييم والتحكيم .. هكذا يجب ان يفعل العقل الديناميكي الذي لا يتوقف حتى يصل الى الحقيقة ..

المحور الأول : آلهة متعددة أم اله واحد ؟
المحور الثاني : اله خاص بشعب او قبيلة ، او اله عام للبشرية ؟
المحور الثالث : اله ارضي أم اله في السماء ؟
المحور الرابع : اله متحد مع الكون او منفصل عنه ؟
المحور السادس : اله مجسّد أم اله مجرد ؟
المحور السابع : اله لا يشترك مع البشر في اي شيء ، ام اله يشترك مع البشر في كل شيء ، أم يشترك معهم في شيء و يختلف معهم في شيء ؟
المحور الثامن : اله يركّز على الخير  والفضيلة ويكافئ عليها ويحارب الرذيلة ويعاقب عليها ، أم اله لا يعبأ بالامر ، أم اله يشجّع فقط ولا يكافئ ولا يعاقب ؟
المحور التاسع : اله عنده حياة اخرة يعاقب و يكافئ فيها ، ام اله يعاقب و يكافئ في الدنيا فقط ؟
المحور العاشر : اله ليس له شريك ، ام اله له شركاء ؟ 
المحور الحادي عشر : اله على مستوى واحد الوهي ، ام اله له اقانيم و مستويات ، منها البشرية ؟
المحور الثاني عشر : اله يتدخل في حياة البشر مباشرة ، أم اله لا يتدخل ؟
المحور الثالث عشر : اله له شواهد من ديانات سابقة و متكررة ، وتقر به أمم سابقة ، أم اله مبتدع ؟
المحور الرابع عشر : نوعية الرسل أو المخبرين عن الاله و سيرتهم .
المحور الخامس عشر : علاقة المنطق العام الثابت بما تقدمه رسالة ذلك الاله .
المحور السادس عشر : التناقض في صفات الاله و طلباته .
المحور السابع عشر : ما يقدمه ذلك الاله من تحدي او معجزات .
المحور الثامن عشر : انعكاس اتـّباعه و الايمان به لذاته على حياة الفرد و المجتمع .
المحور التاسع عشر : كثرة الاتباع و توزعهم على الشعوب والقارات ، وسرعة الانتشار و كسر حواجز اللغات ، ومدى تلقائية هذا الانتشار بدون مؤثرات مادية .
المحور العشرون : اله يلد و يولد ويحيى ويموت و محدد الجنس ، ام اله غير ذلك ؟
المحور الحادي والعشرون : علاقة العلم بما تقدمه رسالة ذلك الاله : تصادم مستمر، أم تصادم و توافق ، أم توافق مستمر ، أم توافق و إمكانية القبول المنطقي لما لم يصل اليه العلم ؟

المحور الثاني والعشرون : اله له وسطاء (بشريين احياء او اموات ، او اصنام او اوثان) لا تصل اليه الا من خلالهم ولا يمكن التواصل معه مباشرة ، ام اله يتواصل معه اي فرد بنفسه و يدعوه مباشرة ؟ 

ربما لا تخرج فكرة الاله عن هذه المحاور ..

المنطق والاحساس يشيران الى وجود الحقيقة ، بما انها مطلوبة .. سواء من خلال البديل ، او الاختيار من المطروح . وبما ان البديل لا يُطلب إلا بعد فحص الموجود منطقيا ، والبديل اللاديني اصبح ساقطا ، ومن قبله الإلحاد المبني على الصدف الغير منطقية ، اذا يجب دراسة الاديان القائمة ، في اصولها و افكارها الاساسية .. و عدم اسقاط اي منها الا بالادلة الواضحة و الجلية ..

المحور الاول : الآلهة المتعددة تعني ازدواجية وتناقض ، فكيف تكون آلهة ومتعددة في نفس الوقت ؟ وكلمة اله تعني المطلق .. ومن الذي خلق الناس والكون من بين هذه الالهة المتعددة ؟ ومن له الامر الاخير ؟ اذا هي فكرة تخالف المنطق ، والفكرة السليمة هي الاله الواحد ، وهذا يخرج الديانات القديمة التعددية مثل ديانة اليونان وتعدد الاصنام عند العرب .

الثاني : فكرة الاله الخاص بشعب او قومية ، غير منطقية ولا اخلاقية ، وتشير الى المحلية . وكيف يكون الها خاصا بشعب وهو خالق لكل شيء ؟ ام انه خلق هذا الشعب فقط واستأجر الارض من اله اخر ؟ هذا يسقط فكرة الاله يهوه عند اليهود و يسقط ايضا فكرة الشعب المختار لأنه شعب .

الثالث : الالهة الارضية دليل على انها من ابتكار البشر ، لانها من ضمن معارفهم ، وكيف يكون الها للكون وهو ارضي بينما هو يشبه موجودات الارض ؟ اذا فكرة الاله الغير مرتبط بالارض ولا بثقافة شعب معين هي المنطقية اكثر . والاله الارضي يقتضي ان يكون مجسدا ، وسوف يجسد من خلال من خلال ثقافة المجتمع ، اذا هو اله مبتدع . وهذا يسقط كل الديانات الطوطمية والوثنية والاصنام والتماثيل والالهة البشرية .

الرابع : لا يكون منطقيا اله يخلق الكون وهو متحد مع الكون ، فالشيء لا يخلق نفسه ، وهذا يسقط فكرة الوجود مثل اسبينوزا وغيره التي امتدت لتكون الفكر اللاديني ، الذي يرى ان في قوانين الطبيعة يكمن الاله ..

السادس : الاله المجسد هو دليل قوي على ان خيال الناس هو الذي ابتدعه ، لانهم جسدوه من خلال موجوداتهم ، بينما نحن نتكلم عن اله خالق لكل الكون ، وليس فقط لما في ثقافة ذلك المجتمع . اذا الاله المجرد هي الاكثر منطقية و بعدا عن التزوير والمحلية .

السابع : اله لا يشترك مع البشر في شيء ، هذا اله مخيف ولا يمكن التواصل معه ولا الاحساس به ولا فهم مراميه ، مع ان البشر محتاجون اليه فهو بيده كل شيء ، وهذا يسقط اله اللادينيين ، أما الاله الذي يشترك مع البشر في كل شيء ، فهذا اما ان يكون بشرا ، او ان يكون البشر الهة مثله ، و هذا يسقط النظرة اليهودية للاله كما هو في التوراة الذي يتصارع مع يعقوب و يغلبه يعقوب ، والذي ينزل مع شعب اسرائيل و يعيش بينهم ويتنقل على تابوت العهد مع قبائلهم ، ويسقط كل صور التشبيه الجسمي بين الله و البشر في الديانات الاخرى . لأنه يقلل من شأن الاله . اذا الصورة الثالثة هي المنطقية اكثر ، الا يشترك الاله مع البشر في اشياء ، ويشترك معهم في اشياء .. فيشترك معهم في الاخلاق ، ويختلف معهم في الهيئة والشكل ، فاشتراكه معهم فيما يحسونه تجاه الاخلاق والحقيقة والفضائل يجعلهم يعرفونه ، ولكن ليس من الناحية المادية ، وهكذا ينبغي ان يكون الاله منطقيا .. يعرف بالاحساس وليس بالحواس ..

الثامن : الصورة الأولى هي المنطقية ، لأنه يحفز على فعل الخير ويحذر من الشر ، وهكذا تنمو الفضيلة وتخبو الرذيلة في المجتمع الذي يطيعه ، اما الصورة الثانية في الاله الذي لا يعبأ برذيلة ولا بفضيلة ، فهي مضرة وتفتح الباب للجميع بأن يفعلوا ما يشاءون ولا يكترثون مثله بقضية الخير والشر . وهذا يسقط صورة الاله اللاديني الذي خلق العالم وادار له ظهره . اما كون الاله يشجع دون عقاب ولا مكافأة ، فهذا يعني ايضا عدم الاكتراث ، لانه قادر على المكافأة وقادر على العقاب ، فكأنه يجيز فعل الشر ، وهذا لا يليق بمقام اله .  

التاسع : الصورة الاولى هي المنطقية ، لان الصورة الثانية لا يمكن ان تنطبق مع الواقع ، لان الناس يرون من يسيء ولا تتم معاقبته ، ومن يحسن ولم ياخذ جزاءه ، ثم لو كوفئ بالدنيا فلا تعتبر مكافأة تستحق العمل ، لانه سوف يموت و سيتالم بلا شك من اي شيء ، حتى لو كانت المكافأة بالثروة او بالصحة ، فهي محفوفة بالمنغصات والنهاية . كذلك لو عوقب المسيء بالفقر او الحرمان او غير ذلك ، فهذا العقاب لا يدوم طويلا ويتخلله على اية حال اشياء من السعادة ، و الا لما استطاع ان يواصل الحياة . اذا الدنيا لا تصلح دار جزاء ولا دار عقاب بشكل كافي . و الانسان عندما يفعل الخير يفعله بنية حسنة و صافية ، اذا هو يستحق الجزاء الصافي ، وعندما يفعل الشر يفعله بنية سيئة و صافية ، اذا يستحق العقاب الصافي .. و كلاهما اختار نيته على مبدأ الدوام ، والدنيا ليس فيها شيء صافي . وحتى تناسخ الارواح لا يقدم المكافأة الصافية ولا العقاب الصافي ، وهذا يسقط الفكرة الهندوسية والبوذية . هذا عدا ان نسخ روح الميت الى حيوان ، لا يعني هذا انه عقاب ، فالحيوانات سعيدة ايضا . ولا يمكن ان يكون انسانا و حيوانا بنفس الوقت . فغذا مسخ واصبح كلبا لا نستطيع ان نقول ان هذا الكلب انسان ممسوخ لاننا لا نجد فرقا بينه وبين الكلاب الاصلية ، الا ان تكون كل لكلاب ممسوخة من بشر ! وحتى لو كانت فهي واضحة السعادة ولا يبدو عليها اثر العقاب .     

العاشر : كون لاله له شركاء ، هذه علامة ضعف وعدم استقلالية ، ونظام الكون لا يؤيد هذا ، اذا لاستقل كل شريك بشركه ، ولصار هناك تناقض ، و لم يوجد النظام وبالتالي لم يوجد العلم . اذا المنطق والعلم يؤيدان اله بلا شريك . وهذا يسقط الديانات الشركية مثل عبدة الاصنام في الجاهلية وغيرهم ، لانهم جعلوا له شركاء ، و هؤلاء يسمون بالمشركين ، والمنطق والواقع مع فكرة القائد الواحد . فالدولة لها رائيس واحد وليس معه شركاء في الرئاسة ، والسفينة لها قبطان واحد ، ولو كان فيها اكثر من قبطان لم يكن ذلك في صالح السفينة ، ولظهر تناقضهم . والضعفاء هم من يضطرون الى التشارك ، و اله الكون كما يقول المنطق لا ينبغي ان يكون ضعيفا ومحتاجا لغيره ، لان صنعة الكون قوية ومحكمة ، وليس فيها اثر للشراكة ، وهذا يسقط مفهوم الكابالا اليهودية ان الله خلق اليهود لانه محتاج لهم حتى يتعادل توازنه .   

الحادي عشر : طبعا الفكرة الاولى أليق بالاله ، وهذا يسقط فكرة التثليث الموجودة في المسيحية  والهندوسية ، والتي لا يمكن فهمها منطقيا اصلا . فضلا عن ان الاله يضحي بنفسه او بابنه ليقتله اليهود لكي يحمل ذنوب البشر عنهم ، فالبشر يذنبون والضحية هو ابن الاله ! لان المنطق هو الا تزر وازرة وزر اخرى ، ومن يفعل سوءا يجز به . و كيف يفدى الخاطئون ؟ بالعادة يفدى الطيبون .. و هذا يعني تشجيعا للخطيئة وغفرانا مسبقا ، فأنت تخطئ و ابن الله يتحمل خطأك مقابل ان تؤمن به فقط وكنه مرشح سياسي . وهذه الفكرة بهذا الشكل لا تقدم دعما للفضيلة .

الثاني عشر : الاله الذي لا يتدخل سيكون غير مهم في حياة البشر ، وهذا لا يليق في مقام الاله . كذلك البشر محتاجون لهذا التدخل والعناية الالهية ، ولهذا يدعونه ، فالذي لا يتدخل لا يدعى وبالتالي لا يعبد ، وفي هذا تقليل لشأنه .

الثالث عشر : بلا شك ان الشيء المتواتر اقرب الى التصديق ، و أدل على انه اله البشرية منذ القدم ، اذ لا ينبغي امنطقيا ان يكون هذا الاله غائب عن الشعوب القديمة ثم يخرج فجأة .. وهذا يسقط الديانات المبتكرة ومدعي الالوهية .

الرابع عشر : المنطق يقتضي ان يكون لهذا الاله انبياء متكررون عبر الزمان وليس بالشرط عبر المكان . وينادون بفكرة اساسية واحدة لا تتغير . إن طلب انتشار الانبياء عبر المكان غير منطقي ، لان المكان نسبي ، فلو كان في كل قارة نبي ، لطالب سكان الجزر لان يكون لهم انبياء ، ولو كان في كل عاصمة ، لطالبت بقية المدن ان يكون لها انبياء ، ولو كان في كل المدن ، لطالب كل حي ، ولو كان في كل حي لطالب كل بيت ، ولو كان في كل بيت لطالب كل شخص ، وهذا غير منطقي .

الخامس عشر : أنا أزعم أن الاسلام بمنبعه الاساسي هو الديانة التي تتفق مع المنطق دائما ، متفوقة على بقية الديانات ، والمجال يطول لشرح المنطقية الكاملة في الاسلام .

السادس عشر : التناقض ينافي المنطقية والتي زعمت إتصاف الإسلام بها . ويمكن اجارء دراسات مقارنة بين الاديان في هذا المحور وغيره من المحاور ، يجريها من يبحث عن الحقيقة ..

السابع عشر : الإسلام قدم تحدي بحفظ القرآن وتحدي بتقديم مثله ،  وما زال التحدي موجودا والقرآن محفوظا ولم يتقدم احد للتحدي .. كذلك الإسلام قدم اعجازا علميا و إعجازا منطقيا وأخلاقيا .. و قدّم التكامل وهو الأهم ..

الثامن عشر : لا شك أن الدراسات اثبتت ارتفاع نسبة السعادة بين المؤمنين عموما بالنسبة لغير المؤمنين ، والاسلام الحقيقي يقدم اعلى نسبة سعادة و اطمئنان ، لأنه الاكثر كمالا و بعدا عن التناقض ، وقربا الى الله بدون واسطات . وهذا ما اعتقده .

التاسع عشر : هذه الميزة نجدها اوضح ما تكون في الاسلام ، فقد انتشر رغم ضعف اتباعه وما زال ينتشر رغم كونه يتعرض للتشويه المقصود من أعداءه وغير المقصود من اكثر اتباعه .

العشرون : وهنا يتميز الإسلام في رؤيته الإلهية .

الحادي والعشرون : وهذه الأخيرة يتميز بها الإسلام دون سائر الديانات .

الثاني و العشرون : و هذا الأخير يتميز به الإسلام وحده .. فلا رجال دين ولا كهنوت ولا وسائط ولا وسطاء . بل الله الينا اقرب من حبل الوريد .   

آيدياليست :
و ان اصررت على ان الاله لا بد و ان يتواصل مع البشر، او ان يعطيهم شيئا يهديهم للخير و السعادة، فنحن لسنا بحاجة للدين، فهذا الشيء موجود: العقل. كل ما عليهم فعله هو ان يتعاونوا فيما بينهم و يستخدموا عقولهم لمعرفة الصح و الخطأ.

الرد:
لو كان الامر بهذه السهولة لما انتظروا حتى تقترح عليهم .. تتكلم عن الصح والخطأ وكأنها قضية مفروغ منها ، وكأنهم جاهزون للتطبيق متى ما عرفوا .. هل يخفاك مكر البشر و استغلالهم الخير لاجل اهواءهم وشرورهم ؟ هل يخفاك ضياع العدالة و ضياع الحقيقة ؟ هل يخفاك استغلال كلمة الحرية و العقل وتحرير الشعوب والانسانية والاديان ايضا .. إلخ الاستغلالات ؟؟ 

اي عقول سوف يستعملون ؟ هل هو عقل المادي الملحد النفعي الذي يؤمن ببقاء الاقوى ؟ ام عقل المتعصب والمتطرف ؟ ام عقل اللامبالي والبوهيمي ؟ ام عقل العادات والتقاليد ؟ ام اي عقل ؟؟ ..

دعهم يتفقون على العقل اولا قبل ان يتفقوا على ما ينتجه ذلك العقل .. و تتكلم عن التعاون وكأن البشر ينتظرون هذه النصيحة الذهبية ليطبقوها فورا .. اي تعاون و المادية التي تنطلق منها لا تؤمن الا بالمصالح ؟ و ليس عندها ارتباط باي ثابت ؟ حتى العداوة والصداقة ليست بثابت عندها ، انما المصلحة الدائمة اينما اتجهت .. حسنا : اذا تصادمت المصلحة مع التعاون ، فبايهما ستأخذ وأنت تنطلق اصلا من فلسفة تقدم المصلحة على كل شيء ؟

مشكلة البشرية لا تحل برصف كلمات جميلة من مثل : تعاونوا وأحبوا بعضكم ، ولكن لا تفرطوا بمصلحتكم وانانيتكم قبل كل شيء .. ! لا بد للبشر من ارتباط بمثال اكبر منهم ومن اهتماماتهم حتى تهون عليهم قضية المصالح الخاصة ، حينها يستطيعون ان يتعاونوا ويضحوا .. وكلما كبر الهدف سهلت التضحية لاجله ، اما ان تجعل الدنيا على طريقة العلمانيين هي كل شيء وهي الهدف الاخير والاسمى ، ثم تطلب التعاون والتساعد والتضحية والايثار ! فهذا المطلب لا يمكن تحصيله ولا في الاحلام .. لانه تناقض و التناقض لا يلتقي ، والتعاون قيمة انسانية ، بينما المادية لا تهتم بالقيم وتقدم عليها المادة .

اذن استعمال الملحدين للقيم ليس بنية حسنة ، والا لوضعوا لها خانة في فكرهم ، ولكن يستخدمونها ليهونوا من الحاجة للدين الذي يحمي الفضيلة بقوة ، و كأنهم يقولون : لا داعي للفضيلة التي يقدمها الدين ، نستطيع ان نفعلها بدونه ! ناسين انهم اعتمدوا على المادية لنسف الدين و جعلها نظاما للحياة ! و فاقد الشيء لا يعطيه ، فكيف سيأتي التعاون من المادية ؟ لكنه ياتي من الدين بسهولة ، لأن الدين مؤسس على الفضيلة والاخلاق ، بينما المادية مؤسسة على الانانية والنفعية .. والشيء لا ياتي من ضده ..         

آيدياليست :
ان كنت تعتقد ان المحاججة بكلام مثل: لا بد ان يفعل الاله كذا او كذا، فعليك ان تجيب: كيف يكون الله ارحم الراحمين و مع ذلك يلقي البشر في النار الى ابد الابدين؟
الرد:
نعم ، إذا كان يلقي كل البشر كما توحي عبارتك .. لكن الحقيقة غير ذلك .. اذن استطيع ان اقول انه يلقي البشر في جنة النعيم بناء على طريقة تفكيرك .. هو يلقي المتكبرين الذين لم يبحثوا عن الحقيقة اصلا ولا يحبون ذلك ، و يطلبون من الاله ان يقدم نفسه هو لهم ، مع بطاقته الشخصية ، علهم يقبلونه او لا ، و كأنهم آلهة مثله وغير محتاجين له ، عليه ان يقدم هو الادلة ، لا ان يبحثوا هم عن الادلة ، لأنهم مستغنين عنه و هم في الحقيقة غير مستغنين عنه .. ويعرفون ذلك جيدا ..

إنهم يعرفون كل شيء وقادرون على كل شيء ، و ما يعجبهم يسمونه خيرا وما لا يعجبهم يسمونه شرا .. تبعا لمصالحهم وأهواءهم .. هذا هو الوهم الالحادي .. الذي يرمي صاحبه في التكبر وهو لا يدري ..

الملحد يظن نفسه مدركا وعارف تماما لمعنى كلمة صح و خطأ ، انه متأكد من كل شيء ! انه إله ! كما اوهمه الشيطان ونيتشه .. حسنا ، سيتواجه مع الاله الحقيقي ليتبين من هو الاعلم ومن الاقدر ومن الاكبر حقيقة ، المنطق يقتضي تلك المواجهة وليست امنية رجل دين .. و تكبرهم كان خطأ ، وهو خطأ واضح ، فنحن نعلم انهم لا يعلمون ، ونعلم انهم محتاجون ، وان ما عندهم غير كاف لا من علم ولا من غيره .. انهم مثلنا ، فلماذا نحن نبحث وهم لا يبحثون ؟ انهم لم يلغوا وجود الله فقط ، بل الغوا الحاجة لوجوده ، و هذا كذب وتكبر .. اذن هذا التكبر خطأ ، و وراء الخطأ حقيقة سوف تزيل الخطأ بحتمية طبيعية ..

وعوّدتنا الطبيعة و الواقع ان كل خطأ لا بد وأن ينكشف ، فكل خطأ يخفي وراءه حقيقة لا بد ان تقتلعه .. و كل صحيح يكشف كل الأخطاء حوله .. و كل خطأ يكشف الحقيقة وراءه .. فخطأ المهندس في اساس المبنى سوف تكشفه الطبيعة يوما ما ، و سينهار ذلك المبنى ليخبرنا ذلك الانهيار بذلك الخطأ . 

إذا وجدت الخطأ وجدت الصواب ، و إذا وجدت الصواب وجدت الأخطاء وليس خطأ واحدا ، فالأخطاء متعددة والصواب واحد ، قال تعالى : (يخرجكم من الظلمات الى النور)  .. والله واحد وطريقه واحد .. لا يوجد خطأ بدون صواب ، ولا صواب بدون اخطاء .. 

على الانسان العاقل ان يبحث عن الخطأ في فكره و سلوكه ، لا أن يبحث عن الصواب .. لأن الخطأ هو الذي يدل على الصواب .. لا احد يستطيع ان يصل الى الصواب مباشرة ، و تلافي الاخطاء يعني الوصول للصواب .. المشوار الآمن هو السالم من الاخطاء ، لكننا لا نعرف الآمن بحد ذاته ، مثل ما اننا لا نعرف السعادة بحد ذاتها لنقصدها مباشرة ، لكن نبحث عن الاخطاء في حياتنا ، فنجد انفسنا وصلنا الى الشعور بالسعادة .. كذلك الصحة ، تعني السلامة من الاضرار .. فالإنسان يكافح الظمأ ولكنه لا يطلب الريّ والشبع ..   

آيدياليست :

الورّاق في 15 ديسمبر 2011 - 01:37 م كتب :
يُعلم ما يفعل ، ليست مثل : لا يُسأل عما يفعل ، لأن السؤال عما يفعل يقتضي ذكر السبب ، الآية تقول : لا يسأل عما يفعل ، يعني : ان الفعل معلوم والسبب مجهول .. وإلا فكيف نسأل عن سبب فعل ونحن لا نعرف الفعل ؟

السؤال المقصود في الاية مثل سؤال : لماذا خلق الله الخلق ؟ ولماذا خلقهم بهذا الشكل ؟ وهكذا اسئلة .. المقصود بالسؤال هو الحساب ، الله يحاسب الخلق ولكنهم لا يحاسبونه .. لأنهم لا يعلمون ، بينما هو يعلم كل شيء ، ومن يعلم يحاسب من لا يعلم ..


انت تقول انه يعلم ما يفعل بناءا على اسباب منطقية، هذا يعني اننا نستطيع بالمنطق وحده ان نعلم ما يفعل الله. فكيف يكون الفعل معلوم و السبب مجهول؟

الرد:
هذه قفزة الوهية الحادية من ملحد يحتقر المنطق اصلا ، فهو يصدق بان الشيء ياتي من اللاشيء ، وبأن الفوضى تخلق النظام ، و يفصل بسهولة بين السبب والنتيجة ، ثم ياتي ليحاكم افعال الله بالمنطق !

الله هو الذي نظم حياتنا بهذا الشكل ، والمنطق نتيجة لحياتنا على الارض .. اذا منطقنا مخلوق تبعا للمخلوقات ، و الخالق منفصل عن مخلوقاته وليس متصلا بها ، فنحن عرفنا المنطق من المخلوقات وليس من الخالق .. اذن لا يجري عليه نفس منطق مخلوقاته ، ولو شاء لخلقها بمنطق آخر .. اذن لا يصح اجراء قوانين المصنوع على الصانع .. و اذن منطقيا لا يجوز اجراء منطقنا على عالم الالوهية ، ولا يصح ان نسأل الله ماذا فعل .. بسبب اننا مخلوقين ، و منطقنا تابع لخلقنا ونتيجة له . أزل المخلوقات ، فيزول المنطق ..

الا تجد ان منطقنا لا نستطيع ان نبرره ولا ان نغيره ؟ الى ماذا يشير اليه هذا ؟ يشير الى انه مخلوق بطريقة لازمة ولا مناص منها ، ويشير الى اننا لسنا من صنع المنطق ، و لكننا استوحيناه و بلورناه من المخلوقات ، لو كان المنطق من انتاجنا لاستطعنا ان نبرره ونعرف كيف نغيره ولماذا ، وما يقال عن المنطق يقال عن الشعور وعن العلم ايضا ، و العلم هو غذاء المنطق ، و المنطق علم قديم ليس الا ، و مستوحى من الطبيعة ، تكرّسَ حتى اصبح وحدات للقياس ..   

آيدياليست :
ان هذه الاسئلة لا يقصد منها الحساب، بل يقصد منها كشف الخلل في الفكرة الدينية عن الله.

فهو ارحم الراحمين و افضع المعذبين في نفس الوقت! كيف؟!

الرد:
كشف الخطأ لا يكون بالخطأ ، و قد عرفنا كيف ان إجراء المنطق البشري على الخالق امر غير ممكن منطقيا ، فكيف تكشف لنا الاخطاء باللا منطق ؟ معذرة ، الوسيلة خاطئة .. ما دمت تقر اننا لم نخلق انفسنا ولا الوجود ولا المنطق ، اذن من اوجدها اوجد المنطق ، اذن المنطق مخلوق وخاص بالمخلوقات التي عرفناه منها . و شروط المخلوق ليست هي شروط الخالق ، لانه هو الذي خلق تلك الشروط و يستطيع ان يخلق غيرها .

انت لا تستطيع ان تفهم صانع الساعة من الساعة ، ولا تجري عليه نفس قوانينها بالكامل .. لكن توجد علاقة من نوع ما بينهما ، وهذا هو بالضبط العلاقة المفهومة بين المخلوق والخالق ، اذ لا يصح منطقيا عدم وجود اي علاقة بين الصانع و المصنوع ، كما لا يصح منطقيا ان نفس حال و قوانين و وضع المصنوع هي نفسها للصانع ، و هنا تتجلى روعة الاسلام . فالله ليس كمثله شيء ، و لكننا نستطيع ان نعرف انه رحيم و انه يحس بنا ويفهمنا ، وانه يحب الخير لنا و منا ، لكن ليست قوانينا تنطبق عليه ، و ليست اشكالنا هي شكله .

آيدياليست :
هل يمكن ان يكون اجمل الجميلين و اقبح القبيحين في نفس الوقت؟! او كالمثال اللذي ضربته انت: هل يمكن ان يكون اهم شيء و اتفه شيء في نفس الوقت؟!

حديثك عن الاختبار و انه في الايمان.

عرف الايمان.

هل تقصد الايمان على الطريقة المسيحية (التصديق بدون دليل)؟

يبدو من كلامك انك تخلط - عمدا او سهوا - بين الايمان و بين الاخلاق.

الرد:
الاخلاق عبارة عن ايمان ، و أنت تفعل الاخلاق : هل لديك دليل قطعي على نجاح العملية ؟ كل شيء جميل يفعله الانسان له نصيب من الايمان ،أي ايمان .. إنه المـَعـْنـِي بالثقة بالنفس ، وهي ليست الا ايمانا .. هل الواثق بنفسه مخطئ وغير منطقي في نظرك لأنه لا يملك الدليل القطعي ؟ أم انه يملك الكثير من الادلة لكنها غير قطعية ؟ و يملك الاحساس بالنجاح و يؤمن بذلك ، لهذا اصبح اجمل من غير الواثق بنفسه والذي هو عبارة عن شخص مادي التفكير لا يقبل الا بادلة قطعية مسبقا ؟

الناس تحب الشجاعة ، وهي ليست الا ايمانا بالقدرة و النصر دون اقامة دليل قطعي مسبق . اذن طلب الادلة القطعية على وجود الله عمل ينافي الفضيلة ولا يجعل صاحبه جميلا .. مثل طلب المقاتل الادلة القطعية على النصر مسبقا ، يجعله جبانا ومستهجنا من زملائه ..

لا يوجد ايمان يسمى ايمانا وهو ليس لديه اي دليل ، سيكون ذلك جنونا و تهورا .. مثل المقاتل الذي يندفع بدون تفكير ، لكنكم تشترطون الادلة المادية الحسية لكي تؤمنوا ! .. وهذا يدل على عدم فهم لكلمة ايمان اصلا .. فعلم اليقين غير الإيمان .. هذا غير ان الانسان الحسي لا يعني ان الادلة المادية ستكون كافية له ، بسبب ان الانسان اصلا لا يعرف شيئا معرفة كاملة ، حتى ما يعرفه فهو لا يعرفه بكل ابعاده .. اذن طلب الادلة المادية القطعية تفكير سطحي و يبعد الانسان من نطاق الفضيلة . و لو قدمت وهو لا يؤمن بالفضيلة فلن يقبلها ..

انت تحب صديقك الذي امن ببراءتك – لو اتهمت - اكثر من صديقك الذي يرفضك  ويطالب بالادلة القطعية المادية على براءتك و اثبات نزاهتك .. الاول مؤمن والثاني مادي . و الاول تحبه والثاني لا تحبه ، والاول تصفه بالذكاء والثاني تصفه بالغباء مع انه يطالب بادلة مادية عقلية .. الملحد جعل نفسه في هذه الخانة غير الجيدة في معيار الانسانية .

الله فضيلة ، والمادي يطلب الادلة المادية حتى يتبنى الفضيلة ، مع انه يحس بها في داخله و يكتم حبها .. بل ان عنده مشكلة في اثبات قيمة الفضيلة ، لانه يطلب ادلة مادية عليها ! اذن هو لا يعرف الا المادة قط . اذن هو مبتعد عن الانسانية ويغرد خارج سربها ، و راينا الانسانية تكره طالبي الادلة القطعية في كل شيء ، لان البشر ببساطة يعيشون في حالة عدم علم كامل .. البشر كلهم مؤمنون ولكن السؤال : بماذا هم مؤمنون ؟ هل هم مؤنون بالافضل ام بالاسوأ ؟

الكافر و الملحد مؤمن بالاسوأ ، انه يؤمن انه لا يوجد اله ، وهذا هو الاسوأ ، الافضل ان يوجد اله خير و يدعم الخير ، فلا المؤمن فتش الكون ولا الملحد كذلك .. لهذا اقول لك ان اختيار الالحاد ليس اختيارا اخلاقيا فاضلا ، والتحجج بالمعرفة اليقينية ليس صحيحا ، لان كل حياتنا خالية من الادلة القطعية اصلا ، فالمادة ليست دليلا قطعيا .. اننا لا نعرف ولا ماهية المادة .

لهذا لم يتكلم القران عن ملحدين ، لانهم ببساطة مؤمنون ، لكن بحقيقة عالم الشر والانانية والقوة والمادة والبعد عن الانسانية والصراع : (يؤمنون بالجبت والطاغوت) ، أي بحقيقة الشر واصالته ونجاحه ، ولا يحبون ان يوجد اله يفصل بين الناس لصالح الفضيلة ، ولا يبحثون عنه و يطلبون ان ياتي هو اليهم لا ان يبحثون عنه ، لانهم لا يحبون ما عنده ، فليس عنده الا العدل والفضيلة ، و هي ضد المبادئ التي يؤمنون بها .

اذن القضية ليست قضية ادلة ، بل قضية رغبة ، فلا شيء عليه ادلة نهائية ، و لا شيء معلوم تمام العلم ، كيف تقوم الادلة القطعية بينما لا شيء معلوم تمام العلم ؟ و ما جهلنا ماديته جهلنا ادلته .. اذن المهم هو ما قبل طلب الادلة على ثبوت وجود الله ، وهو الرغبة والاختيار .. و سوف يـُحاسب الملحد على ما قبل طلب الادلة ، و ليس بما بعد الادلة ، فذلك موضوع آخر ..

سيـُسأل : لماذا انت متكبر ومستغني عن وجود اله ويعجبك هذا الوضع الفوضوي ؟ سوف لن يـُسأل : هل اقنعتك الادلة ام لم تقنعك .. انت الحدت باله الاديان ، فهل تراك بحثت عن وضع افضل ؟ ام انك تركت الامور على عواهنها و اعجبك هذا الترك واستكنت له ؟ لماذا اعجبك الوضع الفوضوي ؟ هذا هو السؤال ..

هل رايت ان وضع الالحاد وضع لا اخلاقي و مليء بالكبر والغرور وعدم البحث عن الحقيقة ونفي وجود رمز لها ؟ انها الادانة الاولى و الاخيرة للالحاد قبل ان يتكلم .. قال تعالى ( رضوا بالحياة الدنيا واطمئنوا بها) ، اي اعجبتهم بفوضويتها واخطائها المسيطرة .        


آيدياليست :
هل الاختبار في الحياة هو للاخلاق؟ هذا اختبار مقبول،

الرد:
نعم للاخلاق ، لكنك تخصص الاخلاق بين البشر فقط ، وهذا دليل على الدافع المصلحي ، لان علاقتك مع البشر ، اما الاخلاق مع الخالق والمخلوقات فليست مهمة بالنسبة لك ، مع انك تأكل من رزقه وليس من رزق البشر ، وهذه نقطة لا اخلاقية اخرى في الطرح الالحادي ..

آيدياليست :
و لا يتطلب تصديق دين معين. الاخلاق يمكن معرفتها بالعقل، و لكن اختيارها يكون بالضمير، فيمكن ان يوجد انسان يعرف ما هو الخير و الشر و لكنه يختار الشر على ايه حال!

الرد:
الاخلاق لا تعرف بالعقل ، بل بالاحساس ، بشرط الا يتعارض معها العقل .. لاحظ انك تعجب بسلوك او شخصية ، ثم تبحث لتجد انه يتصف بفضيلة او فضائل معينة ، اي ان الاحساس هو الذي يعرف الاخلاق . و قد يفعل احد تصرفا مختلفا عما تعودت عليه في مجتمعك ، بل و منافيا له ، لكنك تجد احساسك معجبا به ، فتبحث بعقلك لتكتشف انه يقدم فضيلة جديدة على هذا المجتمع ، ارقى من فضائلهم .. وتجد احدا يفعل سلوكا اخلاقيا في ظاهره ، بينما انت لم تشعر بمحبته ، لتكتشف فيما بعد انه كان منافقا و غير صادق ، وان له دوافع مادية وراء هذا الخلق . فتعتبره غير اخلاقي مع انه يمارس اخلاقا ,,

انتم ترون ان الاخلاق عبارة عن نظم اجتماعية و هذا غير صحيح ، بل اكثر ما يضر الاخلاق هو تحويلها الى نظم يفعلها الاخلاقي وغير الاخلاقي . 

آيدياليست :
هل الاختبار هو لتصديق الدين ؟ اذن لا تحشر الاخلاق في الموضوع، فكم من لاديني - او غير مسلم - حسن الخلق! و كم من ديني - او مسلم - سيء الخلق!

الرد:
كيف يكون الملحد او اللاديني حسن الخلق وهو متكبر ولا يبحث عن شكر من اوجده و انعم عليه ، ويطلب من خالقه ان ياتي اليه ليقنعه ؟ مع ان كل الادلة العقلية و الاخلاقية تشير اليه .. كيف يرضى ويطئمن لحياة فوضوية ولا اخلاقية و ليس لها غاية ، ثم يكون بعد ذلك اخلاقي ؟ انه لا يستطيع حقيقة .. كيف يكون اخلاقيا وهو يفرح انه لا يوجد اله يعاقب الاشرار ويجزي الاخيار ويقاوم كل من دعوه الى ذلك ؟ كيف نقول عن هذا انه يحب الاخلاق ؟

اما عن النظم الاجتماعية ، فهذه وسيلة حياة ، قد تفعل بنية حسنة او بنية سيئة وتؤدي لنفس النتيجة تقريبا .. إن الاخلاقي هو الاخلاقي في صميمه و منطلقاته ، اما التجمل مع الناس فهذا تلفـّه المصلحة اكثر من الفضيلة .. اذن على عكس ما تقول : لا يوجد اخلاقي حقيقي لا يبحث عن عالم الفضيلة و مرجعية لذلك العالم .   

آيدياليست :
كما ان المؤمن اللذي يلتزم الاخلاق فقط خوفا من العقاب .. لا يمكن ان نقول انه ناجح في اختبار الاخلاق، لان دافعه هو الخوف و ليس الضمير!

ان معنى الايمان - كما افهمه - هو التصديق بفكرة ما و تشربها تشربا كاملا في الوعي و الفكر و العواطف. ولا يمكن ان يوجد ايمان بدون تصديق.

يمكن ان يوجد ايمان بدون تصديق فقط حين يتعلق الامر القيم، مثلا: انا مؤمن بالحرية. هل هذا يعني ان هناك "حقيقة" اسمها "الحرية" و انا اصدقها؟ كلا .. انما تعني: انا مؤمن بان الحرية قيمة عليا مهمة. او، انا اصدق - بكل كياني - ان الحرية قيمة عليا مهمة.

و لكن الايمان بالدين ليس ايمانا بالقيم، بل هو ايمان بحقائق: حقيقة ان الله ارسل ملكا اسمه جبريل الى رجل من قريش اسمه محمد و انزل عليه القران - و هو نفس القرآن اللذي بين يدينا اليوم - و طلب من البشرية ان تصدقه، و انه من لا يصدق هذا سوف يدخل النار.

الرد:
الملحد هو من يريد هذا ، يريد ان يحول الايمان بالدين الى ايمان بمعلومات وانتهى الامر ، لهذا يركزون على قضية وجود ملائكة و قضية أن نبيا كلم الطيور .. اي يقدمون الدين ككتاب معلومات ، صدق به او لا تصدق .. و هذه عبارة عن لعبة لا قيمة لها ، ان تجرد الدين من مضمونه القيمي وتحوله الى معلومات ..

انت صدِّق بالفضيلة ولا تصدق بجبريل .. الدين عبارة عن كلمة يمكن استبدالها بكلمة فضيلة واخلاق ، و تعلمون ذلك جيدا ، ولكنكم تحولونه الى كتاب معلومات ، لانكم ببساطة لا تريدون ما يحمله من ثواب اخلاقية ..

و لاحظ بماذا تؤمن : انت تؤمن بالحرية ! و معناها التحرر من الثوابت ، و القيمة ثوابت ، اذا الحرية عكس القيم ، وهكذا بيّنتَ نفسك : انت تؤمن بما هو عكس القيم . الحرية معناها ان تفعل ما تشاء وتتخطى اي حاجز تشاء ، ولن تفعل ذلك بدون اي هدف ، ماذا سيكون الهدف ؟ سيكون هو الهوى والمتعة ما دام ان الثوابت ازيلت .. فلا يحرك الانسان الا العقل و القيم ، او الهوى ، وإن تحرك من غيرها فهو مجنون .. لانه يعمل عملا بلا دافع ، وهذا لا يكون اصلا ..

القيمة والمنطق والقانون تقول لك : لا تسرق ، فاذا سرقت ، فباي دافع تتحرك الان ؟ انه بدافع الهوى فقط ، لان فيما تسرقه متعة و لذة لك .. إن جاء احد يسرق ويرمي ما يسرق فهو مجنون ! والملاحدة يمجدون الحرية باطلاق الكلمة ، اي ليفعلوا ما يشاءون ، و بما انهم غير مجانين ، اذن سيفعلونه بدافع الهوى ..

اتباع الهوى و ترك الثوابت عكس الاخلاق تماما ، اذن هذا اعتقاد غير اخلاقي وغير منطقي ايضا ، لانه يريد التحرر من الثوابت واساسها الدين ، اما ان تتحرر من الثوابت المزيفة ، فهنا تكون الحرية جميلة .. هجوم الملاحدة ليس على الثوابت غير الحقيقية مع الاسف ، بل منصب على الثوابت الحقيقية ، كالفضيلة ورمزها الدين ، والفلسفة ورمزها المنطق ، والعلم ايضا جاء دوره ليهزّ هو الاخر .. 

انت نفيت الفضيلة التي يرمز لها الدين بحجة عدم تصديقك بجبريل كمعلومة ، و اقبلت على الحرية التي تعني فيما تعني الانفلات من القيم والفوضى  ! فالحرية معناها عدم وجود ثوابت ولا موانع ، (بل يريد الانسان ليفجر امامه) ، والفجور معناه القفز على الثوابت . مثلما ينفجر الماء من جوانب البركة .. بمعنى آخر الفجور هو : الليبرالية المطلقة ..

ومن يثور على الثوابت الباطلة والمزيفة ، لن يثور باسم الحرية ، بل يثور باسم الحقيقة والفضيلة والحق المهدر و يريد الارتباط بها . الفضيلة ارتباط ، والرذيلة انفكاك عنها ، اي ان الرذيلة هي الحرية المطلقة ..    
آيدياليست :
هذه ليست قيم .. هذه ادعائات و تصديقها يحتاج الى اثبات. و لقد نظرنا في القرآن فلم نجد فيه ما يثبت انه كلام الله، بل وجدناه مليئا بالاخطاء.

ثم نظرنا الى القيم و الاخلاق اللتي يحتويها القرآن، فوجدناها ناقصة و احيانا سيئة او شريرة. ففضلا عن انه يصور الله على انه وحش سادي يستمتع بتعذيب مليارات البشر، فهو ايضا يشرع العبودية و السبي، و السبي هو الاغتصاب بعينه - ان تدخل الى قرية فتهتك اعراض نسائها، و الذنب الوحيد لهؤلاء النساء المسكينات هو انهن من اهل القرية اللتي هجمت عليها. تخيل ان يدخل الامريكان العراق ثم يسبون نسائهم؟ تخيل ان يتم خطف 90% من نساء بغداد من قبل الجيش الامريكي بطريقة رسمية و منظمة، و يتم نقلهن الى امريكا و بيعهن للرجال الامريكان و من ثم تهتك اعراضهن؟!!

جزء كبير من رفض الاديان سببه رفض الاخلاق اللتي جاء بها الدين.

فكيف تزعم ان اللاديني فضل اختيار الشر على الخير؟! انه العكس تماما: اللاديني وجد الدين مليئا بالشر، لذلك رفضه و استنكره.

الرد: 
الان انتفخت اوداج الاخلاق بقوة ، بينما قبل قليل تؤمن بالحرية كقيمة عليا وحيدة ربما، والحرية تعني الانفكاك من الثوابت بما فيها الاخلاق .. وجعلت تضخم موضوعا صغيرا لتجعله عبارة عن سفن تنقل شعبا كاملا ليُهتك عرضه ..!

هذا يكشف مدى الكراهية التي تكنها للدين لانه رمز الفضيلة وليس لانه يمارس العبودية فهي غير موجودة.. الان لا توجد عبودية : هل تقبل الدين ؟ نسيت ان الاسلام تعامل مع نظام العبودية بافضل طريقة والطفها، و دعك من قصص تبحث عنها هنا وهناك في التاريخ .. الاسلام الغى العبودية في الحروب بين المسلمين كقبائل او فئات ، اذا هو الغى العبودية مع انها كانت موجودة عندهم قبل أن يسلموا، وعليه فلا عبودية في الإسلام..

أما التعامل الدولي فهو معروف أنه قائم على المعاملة بالمثل حتى الآن وإلى الابد. الإسلام لا يستطيع ان يلغي نظاما عالميا يقوم به غير مسلمين ، فما هو التعامل الأمثل من وجهة نظرك انت ؟ هل يحرّم اخذ العبيد من قوم سيأخذون المسلمين عبيدا؟ بل سيسملون عيونهم ويمثلوا بجثثهم ويسبونهم ويستعبدونهم بدون ولا حتى شفقة, أو يدخلونهم على الحيوانات المتوحشة كما كان يفعل الرومان. لا تنس ان من يُسبون هم المقاتلون ونساؤهم فقط وليس اهل المدن والقرى المغلوب على امرهم من خلال السفن والشاحنات .. ومع هذا فقد عمل الاسلام على القضاء التدريجي على وجود الرق ، بل ترك للعبد حريته في ان يكون عبدا او ان يعتق ، واذا لم يملك المال فعلى بقية المسلمين ان يدفعوا له من الزكاة حتى يتحرر ..

ولا تسأل عن الـ 15 مليون المسروقين من أفريقيا لخدمة الرأسمالية في أمريكا وأوروبا قبل عهد ليس ببعيد , وتحت أسوأ صور المعاملة ، بينما لا نجد في التاريخ الإسلامي صورا لمعاملة العبيد معاملة سيئة إلا ما ندر, والأدب خير مثال لترى كثرة تـَغـَنـّي العبيد والإماء و مدحهم بأسيادهم و رثائهم ، بل كانوا يعطون العبد نسبهم وهو أغلى شيء عند العربي , ونادرا ما تجد صورا تذم أسيادهم.

اذا لا وجود للرق في الاسلام وبعد الإسلام ، وكل معارك المسلمين فيما بينهم مثل صفين والجمل لا يوجد فيها سبي ولا عبودية وغيرها ، و باب الاعتاق دائما مفتوح ، وهو أحد مصارف الزكاة لعموم المسلمين ، هذا عدا الكفارات التي تستوجب اعتاق الرقيق، وغير التشجيع كفضيلة راقية : ( وما أدراك ما العقبة ، فك رقبة) ، و ليس بعد هذا تفضيل .. و هذا غير الامر بالمعاملة الحسنة والمماثلة بالأسياد في اسمهم ولبسهم ومعيشتهم ، و عدم تفريق العبيد بملابس معينة ، وهذا غير تخفيف الواجبات والعقوبات على العبد . هل بعد هذا يمتلك العاقل ان يذم النظام الاسلامي في موضوع الرق ؟ اين تأكدك وتمحيصك ؟ ام ان الهوى يقتضي ان يكون الاسلام سيئا باي شكل ؟ اين العقل الذي لا يقبل الا بدليل ؟ ها هي الادلة على كلامي موجودة في القران ..

هذا عن الرجال فما بالك بمعاملة النساء والتي تصبح عتيقة بمجرد ان تلد من سيدها وليست العوبة بايدي الناس كما تريد ان تصور ، فلها حرمة .. والإسلام يحرم الزنا أصلا ، فكيف يقوم باستقدام النساء ليزنى بهن ثم يجلد الزناة ؟ هذا تناقض في فهم أكثر المستشرقين المغرضين للإسلام ، ولو كان كلامك صحيحا ، كيف ستستوعب المدينة او دمشق سكان البلاد المفتوحة من جبال البرانس في فرنسا حتى جبال الاناضول ؟ كم عدد السفن والقوافل التي ستحمل تلك النسوة ؟ ومن سيسكن تلك الديار بعد ان يسبى جميع اهلها ؟؟! القليل من المنطق والشك وعدم تصديق كلام المستشرقين بإيمان مطلق كافي للفهم لمن أراد الفهم .
       
و كثير من العبيد لم يطلبوا العتق ، فكيف يـُغصبوا على ما لا يريدون ؟ أين حرية الرأي و تقرير المصير ؟ إن حرية العبد في العتق موجودة و مفتوحة , فإن ملكَ المال كاتبَ سيده ، وإن نقص فيـُدفع له من الزكاة , وهذا هو السبب في عدم وضوح معاناة العبيد بالتراث العربي والإسلامي بل حتى الشعبي إلى عهد قريب قدر وضوحها في التراث الغربي الذين سرقوا كثيرا من سكان السواحل في أفريقيا بدون حرب و باعوهم حتى في البلاد الإسلامية .. فعلوا ذلك وهم يتغنون بالحرية حين اقتضت المصلحة ، فلما اقتضت مصلحة الرأسمالية محاربة العبيد ، رفعوا شعار تحرير العبيد .. أين ضميرهم قبل ذلك ؟

وعندما تحاربت الولايات الشمالية مع الولايات الجنوبية القائمة على الزراعة والعبيد كرسوا ذلك المفهوم و جعلوه عالميا و بكوا على العبيد بدموع حارة لكي يثوروا العبيد على أسيادهم لينهار الاقتصاد فيسهل السيطرة من قبل الرأسماليين الشماليين الصناعيين .. بل إن بعض العبيد يعتبر سيدا على بقية الأحرار لأنه ينتمي إلى سيد كبير و وجيه , ولهذا تألم الكثير منهم لما غُصِبوا على العتق وعاشوا بعدها حياة فقر و عوز .

ثم هل الرأسمالية لا تمارس عبودية مقنعة ؟ أليست تجعل الناس يعملون لديها طول حياتهم ؟ وتأخذ باليد الأخرى ما أعطتهم مستغلة جهدهم ؟ وتطوقهم بالديون الربوية طول حياتهم ؟ إنها الرق الجديد الذي لا عتق للبشرية منه الا بوعي جديد .. وقد بدأ يظهر في مظاهرات – احتلوا وول ستريت – الذي يمكن تسميتها بثورة العبيد الجدد .

بل إن هناك من يتوق إلى نوع من نظام العبودية يكون تحت مظلة القانون , ففي أكثر الأحوال هناك الشاب الفقير وهناك الغني المسن , و كلاهما محتاج للآخر ماديا وعاطفيا , بوضع أفضل من وضع العامل الأجير الذي لا يُضمَن ولاؤه ولا بقاؤه ولا عاطفته لفقدان الرابط العاطفي ؛ لأن هذا المولى أو المتبنى أو اللحيق المتبنى بدل كلمة الرقيق سيكون وفيا و تهمّه مصلحة سيده ، والسيد سيكون محبا و مسؤولا عنه وحريصا على مستقبله تحت مظلة القانون , بما يشبه نظام التبني ، وبعض صوره موجودة وإن كانت بلا نظام .

أنا لا أطالب بعودة العبودية لأن الأسلام حاربها , لكن يجب أيضا أن يـُفتح الباب لمن ارادوا برغبتهم كنظام يشبه التبني له أصوله وحقوقه .. هناك أيتام و مشردون ، و هناك أغنياء متحدون , وقد يكونوا هؤلاء أفضل من أولادهم , بل هناك من يعلن عن بيع أطفاله لكي يضمن لهم حياة أفضل عند أغنياء مقتدرين لكن يُمنَع مثل هذا بتشدد علماني ..

لا ننسى وجود العلاقة العاطفية في مثل هذه الأمور أكثر من علاقة العامل برب العمل الجامدة. ، و هذا يحمي قطاعاً كبيراً من أن يقعوا تحت سيطرة الرأسمالي ، فالرأسمالية تريد أفراداً لكي تفتك بهم ، و العبيد يدبرهم سيدهم ويعرفهم جيدا .. الحرية والاستقلالية الكاملة هي عذاب و حمل لا يطيقه أكثر الناس ، و يحنون الى الولاء المبني على ألفة و ثقة مع من هو أقدر منهم وأكثر معرفة بالحياة ..

الرأسمالية تعمل على مبدأ فرّق تسد ، وهو شعارها ، والفردية والاستقلالية تعني التفرق ، والتفرق ضعف .. فكرة الحرية والفردية تناسب القوي الرأسمالي ، لكنها لا تناسب الضعفاء ، والرأسمالية تطبل  للحرية لكي تستغل ضعفهم ، والتفرق ضعف ، و تأكلهم أفرادا ، و تقدم ذلك على شكل قيم عليا تروّج لها عبر وسائل الإعلام التي تملكها هي .

كلامك عن العبودية هو عن قانون سياسي وعسكري كان سائدا في العالم القديم . لو لم يكن هذا النظام قائما : هل تعتقد أن الإسلام يبتدعه وهو الذي حاربه بكل هذه الصور ؟ و لكن التجني يستطيع أن يفعل أكثر ..

ألم يحرم الإسلام الربا؟ هل استطاعت الإنسانية أن تحرم الربا ؟ وأسياد الغرب : هل استطاعوا ذلك؟ ام أنهم يقيمون اقتصادهم على اساسها ؟ ليأخذ الأقوياء لقمة الضعفاء مضاعفة ويزيدوا بها جشعهم الرأسمالي ؟ هل الإنسانية حرمت القمار و الاحتكار و الغرر و الخمر رحمة بالإنسان ؟

الإسلام هو دين الإنسانية, وأما ما بعده فهو تزييف للإنسانية.  


آيدياليست :

هب ان الله يهتم فعلا بالبشر و انه سيحاسبهم بعد الموت: من اللذي يسيء الى الله اكثر؟ من ينسب اليه الوحشية و السادية و ينسب هذه الاديان اليه؟ ام من يرفض نسبة هذه الاشياء القبيحة اليه؟

الرد:
السادية والوحشية هي في الفكر الذي تتبناه .. أنه فكر سحقِ الأقوياء للضعفاء ، فكر انتجَ القنابل الذرية والحروب العالمية والرأسمالية والعولمة والشيوعية .. و محاولة إلصاق الوحشية بالإله الذي يعاقب المسيئين والمتوحشين محاولة يائسة . سيرضيك لو لم يكن الإله يعاقب المفسدين ، ترى لماذا؟

كيف يكون متوحشا من يتوعد بالنار الأشرار والمتوحشين ؟ المتوحش يشجع على الوحشية وعلى الشرور ، لا أن يحاربها و يتوعد بالانتقام ممن فعلوها ! أليس الله يتوعد الظالمين والقتلة والخائنين والكذابين والمتكبرين ؟ هل هذه الأفعال ليست وحشية ؟ و يكون الوحشي من يعاقب فاعليها ؟ هل يسرك ألا يعاقب هؤلاء؟ هل البشر شيء واحد كما تصور؟ ألا تقر بوجود ظلمة و مظلومين و مجرمين و ضحايا و متكبرين و متواضعين و أخلاقيين ولا أخلاقيين ؟ لماذا جعلتهم شيئا واحدا وصورت الله بأنه يعاقبهم كلهم ؟

إذن انت تفترض من عندك ، ولا تريد أن يعاقب المسيء ولا المتوحش .. إذا أنت تشجع الوحشية وتفسح لها المجال لتأخذ راحتها بدون أي عقاب و انتظار ثواب ، إنها افكار سيطرة و رأسمالية و امبريالية تريد أن تبعد شبح الضمير الذي يمثله الدين لتفعل ماتريد .

هذا مع الشكر على حوارك ..

هناك 3 تعليقات :

  1. نفسي اعرف هل الله يبالي بمعاناتنا ام لا انا متذبذب لااستطيع الوصول الى الخالق انا اعاني من القولون العصبي واتألم من وجع البطن بسبب ظروف الحياه دعوت الخالق كثيرا ان يخلصني مما انا فيه وكأنه لايسمع دعائي طبيعي ان تأتيني الشكوك وتجرفني نحوا اللادينيه وليس الالحاد وجود خالق امر منطقي جدا بل واجب عقلي لكن هل الله متطلع على احوالنا سوء اقدارنا حاجاتنا الاظطراريه الجواب بالدين نعم لكن واقعيا استبعد هذا انا اتألم بالبطن كرهت نفسي لماذا وضع الله الالم السؤال الاصعب لماذا لايرفع عني هذا الالم عندما ادعوه لااريد الجنه اريد اموت اتخلص من هذا الالم لااريد الدرجات التي يخلفها هذا الالم افكر بالانتحار واستريح لكن اخاف ان بعذبني بالنار لاني قتلت نفسي اقسم ان السلاح بجانبي انتظر لحظه الصفر لاتخلص من المي. استاذ وراق هل الله سيعذرني ان قتلت نفسي والله لااقتل نفسي زهد بالحياه لكن الالم لايتوقف مستمر نفسي اطعن معدتي واستخرج الاحشاء وارميها عن جسدي. لاتتجاهل كلامي استاذ وراق رد علي. اريد تجربه اقوم بها من خلالها يستجيب الله دعائي. لن انتظر طويلا ثلاثه ايام من هذا التعليق ان لم ترد سأقتل نفسي. انا واثق بحلولك متابع لك جيدا لاتتجاهلني ارجوك

    ردحذف
    الردود
    1. إن اللاديني والملحد متشابهان في حياتهما ، وما تحريم الانتحار الا رحمة من الله بعباده، ليس كما يفعل الالحاد والذي يعتبره حرية شخصية. فانظر أي الدينين يهتم بالإنسان أكثر، هل هو الإلحاد أم دين الله.

      هل انت تريد ان تجرب العلاج لكي تشفى أم لتثبت وجود الله او تثبت الالحاد ؟ الله لا يُجرَّب يا عزيزي، لأنه هو من يجربنا ويبتلينا ، وهو المستحق لذلك، والمُجرِّب لا يُجرَّب. أما نحن فعبيد ضعفاء لا يليق بنا ذلك، وليس تواضعا لله ان نجرّب الله ونقول دعوناه ولم يستجب. لاحظ أنك تعلّق شفائك بإجابة دعاء الله فقط. على غير عادة اللادينيين والملاحدة في تعظيم الطب والعلم الحديث. هل الأطباء يئسوا أن يقدموا لك ولا حتى مسكّن؟ بما أنك لاديني لا بد أنك ممن يطبلون لعظمة الطب الحديث وقدرته على كل شيء .

      ثم : الألم نفسه نعمة ، لأنه منبه لوجود خلل عضوي أو نفسي، وعلماء الطب الحديث يُرجِعون إلتهاب القولون العصبي لأسباب نفسية لا يعرفونها. يعني يحيلونك على عالم النفس والأفكار الذي تحتقره وتؤمن بالفوضى، بمعنى آخر : صلّح أفكارك يهدأ قولونك. هذه الآلام تنم عن وجود متاعب نفسية، والمتاعب النفسية هي من الآخر مخاوف متراكبة ومعقدة، والمخاوف تعني ان طريقك في الحياة على غير هدى وخبط عشواء، وتقليد مع الناس، وإلا لما خفت. أنت تحتاج لأن تشعر بالأمان، والأمان عند الله، وانت لا تريد ان تعبد الله، إذن أنت لا تريد العلاج ولا الأمان، وتريد الحياة الفوضى. الله يقول (أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) وقال عن عباده (لنحيينهم حياة طيبة)، وأنا لا استغرب أن يهيج قولون شخص لا يؤمن بالله، لأن الشعور يتصرف بالجسم بشكل لا إرادي، والشعور لا يشعر بالأمن إلا بالإرتباط بالله كعبد كامل، وأنت لا تريد أن تكون عبدا كاملا، هذه مشكلتك. اقرأ موضوعات عن الشعور وقوانينه في المدونة.

      يتبع

      حذف
    2. طريقة الحياة الجديدة إن كنت تريدها وتكون صادقا مخلصا فيها لله، تبدأها ليس لأجل أن يشفيك، بل لأجل الله نفسه وحق الله عليك وشكرا لنعمه الأخرى عليك. أن تسلّم نفسك له سبحانه متواضعا غير معاند، وتتوب إليه من ذنوبك وتبدأ حياتك على أنك عبد لله وليس لنفسك ورغباتها، وهذا لا يعني أن تتخلى عن رغباتك، لكن تخضعها لما يريده الله، لأن الله أكبر، إذا تعارضت رغبة مع ما يريده الله، أيهما تختار ؟ إن اخترت الاولى فأنت عبد لنفسك، إن اخترت الثانية فأنت عبد لله. وإذا كنت عبدا لنفسك فلن يتولاك الله، بل سيكلك إلى نفسك وشياطينها، فتزداد حالتك سوءا وتخبطا. وليس فقط الحالة المرضية، هناك ما هو الاسوأ من مرضك وأنت واقع فيه وأنت لا تدري، وما مرضك إلا منبه له وأنت لا تدري. القرار بيدك أنت، والعلاج بيدك أنت، لا بيد الوراق ولا بيد الأطباء الحذّاق. ربك يختبرك، فلا تفشل في هذا الإختبار، ارجوك لو شخص واحد يجرب ولا يتكبر على الله، من هؤلاء الملاحدة الذين يختبرون ربهم في هذه المدونة.

      الله اكرم منا وأحسن أخلاقا منا، وإذا تقدمنا له خطوة تقدم لنا اكثر، لكن الله يحب الصادقين ويكره المنافقين والكاذبين والمتكبرين، بل يزيدهم في غيهم وضلالهم، ولا يعطيهم نورا. فكن مع الصادقين حتى تنجو في الدنيا والآخرة، إن كنت صادقا في شكواك و في معاناتك. أنا أحس بمعاناتك ولكن ماذا افعل سوى أن أوجهك للطريق الصح بشكل عام وليس فقط لعلاج هذه المشكلة، إن تواضعت وعرفت قدر نفسك وقبلته واعترفت بجهلك وضعفك وضعف من علموك التكبر فالله لن يتخلى عنك، وستكون بخير من هذه المشكلة وغيرها إن شاء الله، ومعذرة عن التأخر الخارج عن إرادتي، وأتمنى لك الخير بأن تختار طريق الخير من هذا اليوم.

      لا تجرّب الله، فإنك لن تعرفه، بل ستزداد بعدا عنه، فاحذر. اخضع لله وتواضع له ستجده قريبا منك ويملأ قلبك بالنور. قال تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وهذه الآية ملخص لكل ما قلته.

      حذف