الأحاديث المروية
عن الرسول ليست وحيا آخر يؤخذ كله, بل يجب أن تُعرَض على القرآن ليبين لنا الصحيح
منها وغير الصحيح, وهذا لا يعني تعطيلا للسنة والأحاديث كما يفعل القرآنيون
والاكتفاء بالقرآن فقط, فالقرآن هو معيارنا لنعرف به الحق والباطل, أما رفض
المرويات وعدم عرضا على القرآن فهذا تعطيل للقرآن وليس فقط للأحاديث, فالقرآنيون
جمدوا القرآن ولم يقيسوا به, فالقرآن سراج ننظر من خلاله ونستعرض به كل شيء, لكن
القرآنيين قالوا سننظر للسراج فقط وسنترك الباقي! ما فائدة السراج؟ هل لتراه هو أم
لترى به الأشياء؟ فلماذا لا تُعرض السنة أو الإجماع والاجتهاد على سراج القرآن؟
وهو ما يبين ما صح منها ومالم يصح.
نحن سنحتاج من
السنة ومن كلام المفكرين ومن العلماء والمفسرين والمحدثين والأصوليين والفقهاء ومن
كل أحد, فلا يصح التقوقع على القرآن فقط بل نقيس غير القرآن بالقرآن. منهج
الاكتفاء بالقرآن عن غيره يوحي بالكسل و عدم الرغبة بالبحث. القرآنيون يطفئون
القرآن, فهم مثل من يحتضن السراج وبالتالي لا ينير. ومن يقدمون السنة على القرآن
أيضا هم يجمدون القرآن. وما بعد أن تجعل القرآن سراجا لك لكل شيء احتراما له, عمل
القرآنيين مثل من يعظم تشريعات الدستور ويتوقف عندها نصيا, وكل ما لم يتكلم عنه
الدستور هو مسموح, وهذا غير صحيح فالدستور يقدم مبادئ عامة, ولا يمكن أن يقدم
نصوصا لكل تفاصيل الحياة, والقرآن فيه تفصيل كل شيء, ولكن ليس هو كل شيء, بل هو
يوضح الأشياء ويفصلها, أي يفصل بعضها عن بعض من حيث كونها حق أو باطل و خير أو شر.
حين ننطلق من
القرآن نحن ننطلق من أهداف القرآن, فرسالة القرآن ولب الدين هو تحقيق الأخلاق بين
الخالق والمخلوق والمخلوقين والمخلوقات, فكل قضية نعرضها على القرآن وأخلاق القرآن
ليبين لنا هل هي صحيحة أو لا, مثلا تجد أحد ينظر للحياة الغربية بإعجاب وانبهار
وأن النظام الغربي نظام سليم, ولكن من خلال نور القرآن تنكشف العيوب في أسلوب الحياة
الغربية القائمة على الربا والرأسمالية وابتزاز الضعفاء وهيمنة الإعلام وسلطوية
وطغيان القضاء...إلخ, و سيتبدد أكثر إعجابك بالوضع الغربي.
أي زلة عن القرآن
وعن منهج القرآن تعني هلاك وضياع.. بالنسبة للمعيار نحن لسنا محتاجين لمعيار آخر
غير القرآن, لكن كمعلومات نحن بحاجة للعديد من المصادر, ومنها الأحاديث, لكن
الأحاديث لا تصلح معيارا لأن فيها مرويات معارضة للقرآن والأخلاق التي حث عليها.
من معالم منهج
القرآنيين هو تفسير القرآن بالقرآن فقط, لكن تفسير الشيء بنفسه لا يكفي. والقرآن
نفسه حث على الاستزادة من العلم, والسنن والآثار فيها علم يحتاجه المسلم إذا كان
متفقا مع القرآن ودُرِس على ضوئه, والله أمر بطاعة الرسول و أخذ ما يعطي وهو
القدوة, ولا يستفاد من قدوة من دون أن يُدرَس وتُعرَف تفاصيله.
تعامل القرآنيون
مع القرآن دليل أنهم لم يفهموا وصف القرآن لنفسه, فهو قال أنه يهدي للتي هي أقوم,
أي أن التي هي أقوم يدل عليها القرآن وليست هي القرآن, فالسراج تضعه أمامك لينير
لك طريقك وليس لتتوقف عنده, فالقرآن هدى للمتقين, أي أنه يهديهم لشيء آخر وليس هو
الهداية, وهذا يعني أن القرآنيون لم يفهموا القرآن, لاحظ كثيرا في القرآن ذكر:
يهدي وينير ويبين ويفصل..إلخ, هل هو يبين نفسه ويفصل نفسه ويهدي إلى نفسه؟! فلابد
أن تمشي والقرآن أمامك وليس تتوقف وتتجمد عنده, ولا أن تمشي باجتهادات البشر
والقرآن وراءك, قال تعالى: {أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على
صراط مستقيم}, وقال سبحانه: {يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم}, فكل المسألة فيها
ديناميكية وإيجابية, فحالنا مع القرآن يجب أن يكون مثل من يسير بالليل ومعه سراج,
فلا يطفئ السراج ولا يتوقف عنده, بل يمشي خلفه وينير ما حوله.
القبول بالتراث
والأحاديث كلها تطرف ورفضها كلها تطرف, وقبول الفلسفات والأفكار العالمية كلها
تطرف ورفضها كلها تطرف, لكن قبول القرآن كله ليس تطرفا, هذه التطرفات هي عمل من
ليس معه نور وهو من يضطر لها, أما من معه نور فسيلتقط منها ما يراه صالحا ويترك
السيء, لاحظ القرآن قال: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} والحبل يشير إلى
المشوار الطويل.
ثم بأي حق يرفض
القرآني كلاما جميلا مذكور في الأحاديث؟ وما أدراك ربما يكون الرسول قد قاله.
الرسول بنفس الشيء هو يستضيء بالقرآن, وكيف نقتدي بالرسول ونحن نرفض كل ما ورد
عنه؟ {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} فكيف نقتدي بالرسول ونحن نرفض كل ما
ورد عنه؟ هنا القرآنيون خالفوا القرآن.
الصحابة تربوا
على حب شخصية الرسول, وليس على كلام القرآن فقط, الله أدرى حين بعث رسول بشري
فالناس يحتاجون إلى رسول بشر يحبونه ويتعلمون منه.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق