الاثنين، 19 ديسمبر 2011

حول موت الفلسفة ..

المصدر : منتدى ساندروز ..
مقال بعنوان : (لقد ماتت الفلسفة والعلم الذي قتلها )
http://www.sandroses.com/abbs/t214025/#post1262356

يقول من تربع على كرسي نيوتن في جامعة كامبريدج لمدة ثلاثين سنة، ستيفين هوكنج، في مستهل كتابه بعنوان التصميم العظيم: "لقد ماتت الفلسفة"!. وذلك في محور رده على أسئلة تتعلق بحقيقة الكون وكيف أتينا ولماذا وهل يحتاج الكون لخالق.

في السابق كانت العلوم الكونية تحتلها الفلسفة ورأينا كيف سحب علم الفلك والكون البساط من تحتها. نعرف في الأخلاق مثلاً كيف أن جيرمي بنثام صارع في تحديد مفهموها حتى وصل لمبدأ النفعية. وفي مبدأ حرية الإرادة نعرف كيف أن إيمانويل كانت و آرثر شوبنهاور تصارعوا في حصر مفهموها ومالذي يحددها. غير أن العلم الحديث بدأ يتسلل لكل هذه المفاهيم وغيرها وبدأ يفرض فهمه لها ويضع أسسه الحقائقية عليها المبنية على التجرية والملاحظة.

فعالم الأعصاب في جامعة ستانفورد "سام هاريس Sam Harris" يقول في كتابة مشهد الأخلاق The Moral Landscape بأن الأخلاق يمكن تحديدها من خلال مبدأ حساب رفاهية وصحة المجتمع والعائد العام وليس على مبدأ ويل ديورانت مثلاً في أن الأخلاق هي فقط ما يجيزه مجتمع معين يناسب وضعه. والبرفسور في جامعة هارفرد ستيفين بينكر Steven Pinker المتخصص في علم النفس والغويات والإدراك ينفي مبدأ حرية الإرادة ويقول بأنه وهم لا حقيقة له وأنه بوضع بعض الأسلاك في جسم الإنسان يمكن التنبئ بما سيفعله وأنه لا يملك حرية في فعله. وهذا الرأي يوافقه عليه أمثال دانيال دانيت وغيرهم.

المهم، هل ماتت الفلسفة؟ هل تحتضر؟ أما أنه لا غنى عنها وسوف تبقى ما بقي فضول الإنسان وأسئلة لماذا؟ يقال بأن العلم يجيب على كيف وليس على لماذا.

الرد: كل نعاة الفلسفة كما نلاحظ من الاسماء المذكورة في الموضوع (سام هاريس – دنيل دانيت – بينكر – هوكينج) ملاحدة ، وليسوا ملاحدة فقط ، بل دعاة للالحاد ، اي مؤدلجين الحاديا ويسخّرون كتاباتهم ومحاضراتهم على اليوتيوب لاجله وليس لاجل العلم .. و هذا شيء معروف .. فهم يتكلمون عن العلم لاجل الالحاد وليس العكس .. ومن هنا نفهم ان الالحاد لا يريد الفلسفة ..

هؤلاء المذكورون ، كتبهم الالحادية التي تدعو للالحاد ومحاضراتهم تطفح بها وسائل الاعلام .. اذا هؤلاء ليسوا حكماً نزيهاً .. لأنهم اصحاب قضية ايديولوجية جنّدوا حياتهم وكتاباتهم لاجلها ، و هي نشر الالحاد اعلاميا ومحاربة الاديان ، من خلال الاعلام و رفع العلم كشعار في هذه الحرب .. والشعارات لا تغني عن الحقيقة شيء .. لم يبق إلا الإستشهاد بداوكينز مع هذه الشلة ، ولا ادري لماذا نسيه الكاتب ، فهو ايضا يكره الفلسفة .. ربما سقط سهوا ..

هناك رجال علم لادينيون يثبتون وجود اله ، ويحترمون الفلسفة ، لم تُذكَر اسماؤهم في هذا المقال .. من امثال انتوني فلو ، و اينشتاين ..

السؤال هو : لماذا هذا يكون ؟ الجواب ببساطة : لأن الفلسفة تعتمد على المنطق ، و المنطق يُسقِط الإلحاد .. يريدون ابعاد الناس عن المنطق من خلال تعويمهم اعلاميا في بحار يسمّونها حقائق العلم ، وهي اذا نظرتها وجدتها نظريات وافتراضات (اي فلسفة) ، و لكنها فلسفة حميدة بالنسبة لهم .. 

كأنهم يقولون للناس : لا تعتمدوا على عقولكم – من خلال المنطق - في الفهم ، فالعلم شيء غير المنطق والفلسفة ، واقبلوه كما يقال لكم ، وثقوا بنا ، فها نحن نتكلم باسم العلم ، ولا احد يعظمه مثلما نفعل ..

في الحقيقة أن العلم و الفلسفة مثل المطرقة والسندان : لا غنى لاحدهما عن الاخر ، و بينهما تناوب ، فأحيانا تبدا الفلسفة فتثير العلم ، او يبدأ العلم فيثير الفلسفة .. العالِم نفسه عبارة عن شيئين : عالم و فيلسوف ،فهو يفكر اولا و يفترض ، ثم يذهب ليتاكد ويجرب .. قد تنتج التجربة شيئا لم يفكر به ، فيبدأ يفكر به فلسفيا ، ثم يعود الى العلم فيتأكد ، وهكذا في ديالكتيك مستمر بين الفلسفة والعلم ، إلى أن يتطابقا معا ، فتتحول الى حقيقة علمية عقلية ..

فلا توجد حقيقة علمية فقط ، لا بد ان تكون الحقيقة علمية و عقلية ايضا .. لان كل من يقول : ماتت الفلسفة ، هو ينعى العقل ، اي كأنه يقول : مات العقل فلا تعتمدوا عليه ، ولا احد تعجبه هذه الدعوة التي تريد تجريدنا من عقولنا ، و نتحول الى روبوتات بأيدي ادعياء العلم ، ويحركونا كما يشاءون ..

لو توقفت الفلسفة لتوقف العلم ، ولو توقف العلم لتوقفت الفلسفة ..

هؤلاء الذين يقولون : مات عصر الفلسفة ، هم اكثر من يستخدم الفلسفة !! بل ان كثيرا مما يسمونه علما ، هو في الحقيقة فلسفة !! انظر الى نظرية التطور : بدأت بفلسفة و افتراضات ، وبدأوا يبحثون لها عن ادلة .. و كلما لم تكن الادلة مطابقة لنفس الافتراضات ، غيروا الافتراضات ..  ولا تزال نظرية لسبب بسيط : وهو عدم التأكد العلمي .. حيث ينتهي الديالكتيك (الحوار المتناوب) ..

إذاً لا تزال نظرية التطور عبارة عن فلسفة ، وليست علما .. فالعلم لا جدال فيه ولا احد يعارض قوانين الجاذبية ولا الطاقة ولا الحركة .. لانها علم .. اما نظرية التطور فما اكثر معارضيها من العلماء ..

هل اجاب العلم عن اسئلة الانسانية الكبرى حتى يقولوا انتهى عصر الفلسفة ؟ ما دام انه لم يخبرنا فلم تمت الفلسفة بعد .. ولن تموت ما بقي الانسان ، و سيبقى الانسان بلا معرفة شافية .. ولهذا ستبقى الفلسفة قرينة للإنسان .. وهم يقولون هذا الكلام و الفلسفة تنزل بشكل شبه يومي في العالم .. و في العالم الغربي اكثر من غيره .. بل حتى فلسفات ميتافيزيقية ، مثل الرائيلية ..

ولا يستطيع الانسان ان يعيش بدون فلسفة خاصة و فلسفة عامة .. خاصة به تتعلق بنظرته لمن حوله و رؤيته لحياته الخاصة ، وفلسفة عامة عن الوجود والكون والغايات .. وما الالحاد الا فلسفة عامة يتبناها هؤلاء لأنهم غير متأكدين علميا من عدم وجود اله ، ولا احد يستطيع ان يتأكد من ذلك .. فهوكينج يقول مات عصر الفلسفة ، وهو يعيش على فلسفة الالحاد ! 

هل اخبرنا علم الفلك الحديث عن شيء جديد و مفيد ؟ طبعا لا .. هل اخبرنا ما اصل الكون والوجود ؟ واذا قلنا "اصل" يعني "اصل" ؟ .. طبعا لم يخبرنا .. هل اخبرنا عن حياة اخرى على غير كوكبنا ؟ طبعا لا ، هل اخبرنا عن نهاية الكون ؟ طبعا لا .. اذا عن ماذا اخبرنا ؟ هو استطاع ان يرى اجراما لم تـُرَ من قبل .. واقرب شمس بالنسبة لنا تبعد مليون سنة ضوئية .. و اعمارنا بين الستين والسبعين إلى المئة ، هل توجد حياة في مجموعة شمسية اخرى ام لا .. ؟

لا احد يدري .. ومع هذا كله يقولون : العلم اخبرنا .. وسيخبرنا ، و علينا ان ننتظر حتى يخبرنا ، واعمارنا لا تنتظر ..  

الفلسفة المادية من استراتيجيتها : تهويل العلم وتهويل منتجاته ، وتقديمه كإله بديل قادر على حل كل شيء وعلى معرفة كل شيء .. وهذا سخف واستخفاف بالعقول ، فالعلم مجرد علم مادي فقط مرتبط بالمادة ، ولا يمكن ان يعرف غير المادة ..

كل انسان لا يعرف نفسه .. و هم يقولون ان الانسان مادي ، و المادة معروفة و يدرسها العلم ، فلو كان كلامهم صحيحا لعرفنا انفسنا ، أو لعرفوا هم انفسهم على الاقل .. ومن لا يعرف نفسه فكيف سيعرف كل شيء ؟

هذه مجرد اثارات اعلامية وامنيات الحادية تلبس عباءة العلم لاجل محاربة الدين ، هذا كل ما في الامر .. وبما ان الفلسفة لها حتميات من ضمنها علة فاعلة وعاقلة أولى (وجود اله) ، فلهذا يحاربون الفلسفة .. 

وبالنسبة لبنثام وصراعه حول مفهوم الاخلاق والحكم عليها بالنفعية ، هو صارع ، ولكن هل يعني انه حسم الامر و وصل للحقيقة عندما صارع ؟ أم ان ما حسمه هو تدخل السيد هاريس ؟ و هل هاريس هو العلم ؟ وما دخل العلم المادي بالاخلاق ؟

لا ينبغي لهاريس إذا كان رجل علم ان يخرج عن نطاق العلم الى نطاق الانسانية ، و الا فلن يسمى عالما بل باحث اجتماعي .. وما دخل الاعصاب بالاخلاق ؟ وما دخل العلم المادي بالامور المعنوية ؟ ام ان الاسماء الرنانة تكفي بموجب الثقة ؟ 

لو كانت الاخلاق نفعية لما سميت اخلاقا وفصلت عن المصالح المادية .. ولماذا ننظر للاخلاق نظرة اجلال مع ان العالم هاريس اثبت انها مصالح مادية ، و نحن لا ننظر الى المصالح المادية بنفس النظرة للاخلاق ؟ هذا يدل على ان الاخلاق شيء و المصالح المادية شيء اخر لا يجتمعان ابدا كما يحب هاريس ان يدجّن الاخلاق للمصالح الحسية النفعية ..

الاخلاق قائمة على فكرة التضحية بلا مقابل ، أي عكس الرفاهية تماما التي يدعيها هاريس ، فصاحب الشهامة الذي يعرض نفسه للخطر ليغيث ملهوفا ، هل يفعل هذا لاجل رفاهيته هو ؟ ام لاجل رفاهية المجتمع الذي ربما يموت في مغامرته و لا يذوقها ؟

هاريس اليهودي الذي يدعو للالحاد في اشكالية ، وهي ان المجتمع للفرد ، والفرد للمجتمع ، فاذا قام هذا الشخص بتضحيته لاجل رفاهية المجتمع ، فهو يقول ان المجتمع اوجِد لاجل رفاهية الفرد ! والفرد عرّض نفسه للخطر بسبب رجاؤه لرفاهية يقدمها له المجتمع ! ربما في قبره ! هل هذا كلام منطقي وعاقل قبل ان يقال انه علمي ؟

لا تأخذكم الاسماء الرنانة ، فتحت الجلابيب ما تحتها من سوء .. حتى الغباء .. هذا امر جيد و نقلة نوعية للملاحدة ، فكأنهم خلصوا من الطبيعة واكتشافاتها ، ثم اتجهوا لمعنويات الانسان ليثبتوها في المختبر المادي !!

هناك 10 تعليقات :

  1. قول الفلسفه المستهلك إعتمد المنطق النسبي لا البديهي و المنطق يُسقط الإلحاد بنسبيته. أما العلم المادي فلا غبار عليه في دراسة آثار الماده لا أصلها.و الأسئله المستعصيه بسبب عدم فهم وعي الصوره البشريه لما تُمثله إضافه الى نمطية عالمنا الحسي.و تداخلات العلم في الفلسفه قصور في الرؤيه لا بأس بها نتيجة المظاهر المختلفه للذات الكونيه.و الأخيره هي ذات كل شيء بما في ذلك هي ذات المؤمن و ذات الملحد.و عادتي أن أجيب بحدود المقال.و أرى من الصعب كتابة نظريتي نظرية كل شيء مبرهنه بالمنطق البديهي(1+1=2) لأنها تعني اللاحدود.

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا على المداخلة ، وليتك تتحفنا بموجز واضح عن نظريتك : نظرية كل شيء . ان كان لا بأس عندك بالنقد . ودمت على خير .

      حذف
  2. لا يمكن لشيء في هذا الكون أن يُسجل أو أن يكون بدون الوعي الانساني و أدواته الحسيه و بالتالي فكل شيء مرتبط به من حيث أصله و جريانه و مفردات الكون على ستة أنواع(منظور اليها.مسموعه.موزونه.ملموسه.ذات طعم.ذات رائحه).و برهنة ذلك يقتضي معرفة ماهية علم الحس بنمطياته التابع لعلم الوعي و مصدره الذات الكونيه حيث إن التصور و الواقع كلاهما في خانة الوهم و الحقيقه هي الوهم المتحقق.علماً بأن الوهم هو صفة الأشياء قبل عينياتها و الأشياء هي أسماء و صفات و مفاهيم و الذات للكل على حد سواء.كذلك يجب معرفة العقل و هو غيرالإدراك(جوهر.بسيط.درّاك.محيط) و وظيفته ربط الصور الكونيه و المحتمله و الذهنيه في عالمنا المادي.حيث أصل الكون صور عاريه عن المواد خاليه من القوه و الإستعداد.و بإختصار معرفة الصوره البشريه بكل خفاياها هي معرفة كل شيء.أخي الورّاق هذا نزر يسير لموجز النظريه عسى يُلاقي إستحسان القراء و ما ذكرته من البأس و شكراً.

    ردحذف
    الردود
    1. ما دام ان الانسان اصبح كل شيء ، وكل الكون موجود في الإنسان ، اذن كيف نعرف الانسان ؟ لا بد أن يكون هذا الجزء مُكمّل للنظرية ..

      ثم فكرة ان لا شيء يكون الا بالوعي الانساني وأدواته الحسية ، فالآن اصبح هناك وسائل قياس حديثة لم تكن موجودة من قبل ، فهل كانت الاشياء التي اكتشفتها وسائل القياس غير موجودة قبلها ؟ أم أنها كانت موجودة ولكن لم تـُكتشف بعد ؟ وحتى تكتشف شيئا لا بد ان يكون موجود قبل الاكتشاف .. بموجب هذه النظرية سيكون كل شيء لم نعرفه حتى الان غير موجود بحكم قطعي ، وكلما اكتـُشف هذا الوجود كذّب حكمنا السابق .. اذن هذه الامور المُكتشفة كانت موجودة ، والحواس موجودة ، و كانت تقول الحواس انها غير موجودة ! اذن هذا المبدأ أصبح معطوب ما دام انه أخطأ في حكمه قبل وجود الاجهزة ..

      ثم : ربط وجود الشيء بوسيلة اكتشافه ، هذا ربط بدون رابط حقيقي ، فلا شيء يربط وجوده و كيانه بالوسيلة التي دلت عليه . فإذا كان هناك طفل مفقود ، و اكتشف وجوده احد الرعاة وأحضره ، هل نقول أن وجوده مرتبط بوجود الراعي و إكتشافه له ، ونفهمه من خلال الراعي ؟ مع أنه كان موجودا في الغابة ! و هل نتعرف على وجود الطفل من خلال الراعي أم من خلال نفسه ؟

      القرآن يثبت أن الله خلق السموات والارض وما فيها قبل خلق الانسان ، اي قبل وجود الانسان وحواسه كانت هي موجودة .. الفلسفة المادية قالت مثل هذا الكلام : انه لا وجود للاشياء حتى تصل الى حواسنا وتكون حسية وممكن قياسها . و هذا ما دعاهم الى نفي وجود الروح ؛ لأن ليس لها جرم مادي تدركه الحواس أو تقيسه أدوات القياس ، وبالتالي نفي وجود الله ، و هي نظرة أثبت الواقع قصورها ، و أصبحوا غير حريصين على تكرارها كما كانوا في القرن التاسع عشر ، لأن النظريات العلمية الحديثة تثبت أن المادة نفسها لا مادية و ميتافيزيقية ، من خلال نظرية الاوتار و غيرها . وأن الحالة المادية هي مجرد صورة من صور الميتافيزيقا . فاللامحسوس هو اساس المحسوس ، والذي لا تدركه الحواس هو اساس ما تدركه الحواس ، و بالتالي اصبحت النظرية المادية قديمة و تجاوزها العلم .

      و اساس النظرية من فكر الماديين الملاحدة لكي يسقطوا فكرة وجود اله لأنه لم يدخل المختبر ولم تدركه الحواس ، و هذا هو سر النظريات المادية كلها .

      حذف
    2. وإن كنت تابعا للفلسفة المثالية فهي ايضا صورة من الصور المادية ، تركز على العقل اكثر من الحواس ، وكلاهما ينفي وجود اي شيء حتى يصل الى الحواس عند الماديين ، أو إلى العقل عند المثاليين .

      ثم ان الحيوانات والاحياء الاخرى تدرك اشياء نحن لا ندركها ، لا بحواسنا ولا بعقولنا ولا بادوات قياسنا ، فهل نقول ان تلك الاشياء التي ادركتها غير موجودة ؟ نحن بهذا الشكل نقلل مساحة العلم ولا نوسعه ، ونضيق نطاق الانسان ونحشره في الحواس فقط ، بينما الحيوان اقوى حواسا من الانسان .. كان من المفترض أن يعلم الحيوان أكثر من الإنسان ! لو كانت المسألة مسألة حواس ! لأن حواسه أقوى ..

      اذن ليس من يعلم على الارض فقط هو الانسان ، لأن هناك اسماك بل و فئران تتنبأ بالزلزال قبل أن يأتي ، و الطيور المهاجرة تعرف الجغرافيا ، بل تعرف منها ما لا يعرف الانسان ، لأنها تقطع محيطات وقارات الى نفس العش ، رغم اية ظروف جوية ، وهذا علم .. و عجائب الحيوانات وقدراتها اكثر من ان تعد وتحصى ، اذن لا نحصر المعرفة على الانسان ، فهذا تكبر انساني ، و نحشر معرفة الانسان فقط في حواسه ! هذه مادية وتضييق ، لأن اكثر ما يعلمه الانسان قادم من غير حواسه ، اي من فطرته وشعوره الفطري . و لا تسأل عن الحاسة السادسة وقدراتها الخارقة وهي ليس لها عين ولا انف ولا اذن .

      ومثل هذه النظرية هي ضد الاكتشاف ، فلا شيء موجود الا ما عرفته الحواس ! و هذا يجعلنا نتسائل : اذن لماذا رغبة الانسان في الاكتشاف و الزيادة في العلم ؟ إنها تدل على ان الشعور الفطري يعرف بوجود الاشياء قبل ان تكتشفها حواسه ، و لهذا يستمر في البحث ، و يعرف ان وجودها منفصل عن حواسه وعن عقله لأنها غير خاضعة لإرادته ، ولو كان وجودها مرتبط بالانسان لخضعت لإرادته . انه يكتشف عوالم لا تعرف هي بوجوده ، وموجودة قبله ، ولم تكترث له ، واذا لم يحترم قوانينها سحقته ، اذن الانسان مُكتشف ومُتعلّم من علم موجود قبل وجوده . قال تعالى (علم الانسان ما لم يعلم) وقال (ويخلق ما لا تعلمون) .

      الله خلق في الارض من كل شيء موزون ، و نظم الكون كله ، و وضع القوانين التي لا يعرفها الانسان ولا يمكن ان يعرفها ، و جاء الانسان ليتعلم بعضها بخطى بطيئة وئيدة .

      واذا كان وجود الاشياء مرتبط بالإنسان ، ومعرفتها مرتبطة بمعرفة الانسان ، اذن ما هو الانسان ؟ فإذا كان المحصّل غير معروف ، اذن مُستحصلاته غير معروفة ! اذن لا وجود لأي شيء حتى الإنسان وحتى عقله ! لأن العقل لا تدركه الحواس ! وبالتالي فهذه النظرية غير موجودة بناء على هذه النظرية ! بل تدرك خارج الإنسان .. نظرية الحواس تجعل العربة قبل الحصان .

      بموجب هذه النظرية ، لا شيء موجود الا الحواس : اذن وانف وجلد ولسان وعين ، بل حتى العقل غير موجود لانه لا تراه الحواس ولا تشمه ولا تسمعه ولا تتذوقه ! ولا اظن الكون تلخّص في لسان وانف وعين وجلد و انتهى كل شيء !

      هذه وجهة نظري ، وأهلا بمداخلاتك وحتى اعتراضاتك ..

      حذف
  3. الذات الكونيه شيء ليس كباقي الأشياء خارج عن حد التعطيل و التشبيه و هي مصدر الوهم أي التوهم بعينه و العوالم كلها وهم متحقق.و هذا التحقق من خلال الحس و الفهم(العقل المذكور آنفاً) و إن بمساعدة الإستكشافات الحديثه,علماً بأن الحس و الفهم أيضاً مصدره الذات,و الوهم هو صفتها و عينها و هو الإبداع.و مظاهر الكون كلها هي مظاهر للذات و أصلها (المظاهر)صور عاريه عن المواد,خاليه من القوه و الإستعداد و هي مُبدعه من الذات و إشراقها بالعقل حسب تيسيرها الوجودي.أما الإنسان الذي يُمثل كل شيء فهو موضع للذات يختلف عن كل المواضع الأخرى الغير مخصوصه بالتمثيل.لا علاقة لي بالماديه و المثاليه و غيرها و إن كان هنالك معنى لله فأراه في الذت الكونيه التي لا يمكن معرفتها تمام المعرفه.

    ردحذف
  4. نظرية كل شيء
    أجد من الصعوبه بمكان كتابة كل شيء وسأكتفي بالموجز الواضح لغرض النقاش والإفاده :
    لا يُمكن لأي شيء في هذا الكون أن يُسجل أو أن يكون بدون الوعي الانساني وتابعيتهِ من أدوات الحس. لذا يجب معرفة الصورة البشرية بكل خفاياها ورتب النفس ( الجماديه.النباتيه. الحيوانيه. الانسانيه. الذاتيه). وطبعاً التنقل بين هذه الرتب لحظي وحسب الظرف. فهي تُمثل الكون برمتهِ.
    عالمنا ثلاثي الأبعاد (نمطية الحس) خاضع لعلم الوعي ومصدرهُ الذات الكونيه حيث إن التصور والواقع كلاهما في خانة الوهم والحقيقه هي الوهم المتحقق وأصل الكون صور عاريه عن المواد، خاليه من القوه والاستعداد، بمُناظرتها تشرق واصل الاشراق العقل (جوهر بسيط دراك محيط) وهو غير الادراك ووظيفتهِ ربط الصور الكونيه والمُحتمله والذهنيه بِعالمنا المادي وفق نمطيتهِ الحسيه.
    لامعنى بلا صوره ولاصوره بلا معنى وبغض النظر عن تحسس الصوره من عدمهِ المعاني تثبت مره بأضدادها كالحركه تثبت بالسكون ومره بِخلافها كالملموس يثبت باللمس ومفردات الوجود ستة أنواع (منظور إليها، مسموعه، ملموسه، موزونه، ذات طعم، ذات رائحه). وظهور عالمنا والعوالم الأُخرى وفق ذاتيه مُنسابه للكون بلا حدود. وأود ها هنا ذكر بأن الحادث (لهُ بدايه ونهايه) كالإنسان والحيوان وحركة الكواكب يَثبت بالسرمدي (بلا بدايه ونهايه) كالشمس والارض وغيرها وهذه الحوادث تجري ضمن الكون مما يُنافي النظريات التقليديه لنشأة الكون كالانفجار الكبير وغيرهِ.
    إضافةً الى ذلك فأن علومي الذاتيه تدلّني على ترابط العوالم بأختلاف نمطياتها الحسيه كعالمنا السببي مثلاً مرتبط بالعالم اللاسببي متمثل بدقات قلوبنا اللاسببيه. وأحياناً عند الآخرين علوم ضعيفة المصداقيه بموجب الوحي بين الظاهر والباطن وهي على سبعة أنواع (الحلم، الكشف، التكليم، الهِتاف، الحدس، النقر في الآذان، الإلهام) كونها تخضع للمنطق النسبي لا المنطق البديهي (1+1=2)
    تنويه: بِموجب القانون الكوني الذاتي ثبوت المعاني بأضدادِها وبِخلافها فإن الزمان يَثبت بالمكان وصور كلٌ منهما معلومه. كذلك التوسع الكوني الحاصل نتيجة المد البصري من خلال التلسكوب وغيرهِ لأن المنظور إليه يثبت بالبصر.

    ردحذف
    الردود
    1. انت تسهب في المصطلحات دون توضيحها ، فلا نعرف ما مقصدك بالذات الكونية ، ولا النقر بالآذان ، والفرق بينه وبين الهتاف والكشف ، الذي يبدو من فكرة الذات الكونية شيء يشبه فكرة الحلولية عند سبينوزا وغيره ، فهل هذا ما تقصده ؟


      و كلامك خالي من الامثلة ، نحتاج لأمثلة حتى نفهم معك .. أيضا لم تناقش كلامي السابق ، وأعدت نفس طرحك السابق و زدت عليه .. وشكرا على تفضلك ..

      حذف
  5. سبق و اعددت نزرا لموجز النظريه و نشرته على النت و أحببت نشره على موقعكم فتكررت بعض العبارات ونعتني بالمسهب. اللغة ترجمه للفهم واختياري للمصطلحات ظنا مني انها ابلغ بتصويب المعاني. تترك المهم وتسألني عن ضعيف المصداقيه فالنقر همس و الهتاف الصوت العالي البعيد و الكشف صوري عياني و معظم ذلك مرموز يحتاج للتأويل. و تساؤلاتكم تقليديه مما يدل انكم في واد و انا في اخر.

    ردحذف
    الردود
    1. عفوا يا عزيزي ، وأنا أتأسف من كلمة إسهاب ، لكني قصدت تتابع الافكار بدون أمثلة ، مع أن ما قدمته يعتبر موجزا عاما ، لكن هذا الإسهاب داخل الإيجاز ، وأنا طرحت أسئلة كثيرة لم تجب الا عن كلمة النقر في الاذان والهتاف والكشف ، وهي بعض من الأسئلة ، وكتبت ردا مطولا على ما كتبته ولم تعرّج عليه ..

      وتسائلت عن نقاط جوهرية في نظريتك ، ولم تجب عنها ، ومنها الذات الكونية ..
      نعم أسئلتي بسيطة وعادية ، لأنها اسئلة من يريد أن يفهم .. وأنا لا ألزمك بشيء ، إن شئت أن توضح أكثر فهذا من صالح نظريتك ، لتكون مفهومة ، والتوضيح يحتاج الى امثلة وإلى تفصيل في بعض الأمور التي تستحق ، وتحتاج الى شرح للمصطلحات ، ودائما صعوبة الفلسفة تكمن في رؤية الفيلسوف لمفهوم المصطلح ، والتي قد لا تكون عند القارئ ، الإتفاق على مفهوم المصطلح يساعد على الفهم ، حتى لا يكون الفيلسوف في واد والقارئ في آخر . وأنا أشجعك على التفكير ولا احبطك . لكن من واجبي ايضا أن أنتقد ما اراه يستحق النقد ، حتى لا اغش احدا ، وقد يكون نقدي خاطئ ، فأستفيد من نقد النقد . وأهلا بك في اي موضوع وفي اي وقت ..

      حذف