الخميس، 27 ديسمبر 2012

كيف يكون كل شيء بيد الله وبنفس الوقت ما اصابنا من شر فمن انفسنا؟

جوابا على سؤال الأخت أمل الزهراني في تويتر:

امل الزهراني :

كيف يكون كل شيء بيد الله ومن عند الله و بنفس الوقت ما اصابنا من شر فمن انفسنا ؟ حتى لو كان الشر مصيبة حلت ليس لنا يدٌ بها ؟ هل هناك جواب لهذا التناقض ؟ مع ادلة .
الرد :

المصيبة تدخل احيانا من باب (وعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) ، مثل مصيبة اصحاب السفينة عندما خرقها الخضر ، كانت بالنسبة لهم مصيبة ، و هذه مصيبة من الله ، لكن عاقبتها كانت نعمة و سلمت سفينتهم من الغصب ،

نفهم من هذا ان الاشياء التي تحدث لنا و نكرهها هي على نوعين : ما في باطنها خير ، من باب (عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم) ، و النوع الثاني قد لا يكون كذلك ، هذا النوع الثاني هو بسبب اعمالنا السيئة و قلة توكلنا على الله ؛ فنار جهنم مصيبة ، ومن الله ، لكنها من أنفس الكافرين ، فالله خلق الجنة و النار ، لكنه لم يلزم الكافر المتمرد بأن يكفر و يتمرد على الحق ، فداخل النار هو في مصيبة من عند نفسه و بسببها ، لانه اختار ، ونستطيع ان نعبّر ونقول ان الله ادخله النار ، فتستطيع ان تقول التعبيرين معا ، فالله هو موجد كل شيء ، لكنه لم يلزم أحد بالإختيار ، كذلك دخول المؤمن الجنة ، هو من الله ، وايضا هو من الشخص المؤمن ، لأن له مشيئة حرة في الاختيار ، فالله هو الذي خلق النار والجنة ، وهدانا النجدين ، ونحن من يقوم بالاختيار . فيكون اي شيء يحصل منّا ، وبنفس الوقت من الله ، ما دام انه نتيجة للاختيار ..

مثلا ، عند دخولك للمطعم ، تـُخيّر بين اصناف الطعام التي يقدمها ، أنت اخترت نوع معين ، نستطيع ان ننسب هذا النوع إليك لأنك انت من اختاره ، وننسبه الى صاحب المطعم لانه هو من اعده واعطاك فرصة الاختيار ..

مثلا نار الموقد في المطبخ ، فالله هو الذي خلق النار وقوانينها ، والمراة المهملة هي التي احرقت مطبخها لإهمالها ، فهل نقول ان الله احرق المطبخ ، أم ان المرأة المهملة احرقته ؟ نقول كلاهما ، بالنسبة للفعل من قبلها ، والخلق من قبل الله ، و يصحّ ذلك ..  

مثال آخر : رجل توفي طفلاه بدون تفريط منه ، ورجل توفي ابناؤه بسبب سرعته في القيادة واستهتاره بأرواح الاخرين .. النوع الاول هو مصيبة من الله ، ولا بد انها تحمل خير وإبتلاء بمصيبة الشر ، هل يصبر ام لا يصبر ، واختبار للآخرين هل يشكروا نعمتهم بعدم موت اطفالهم ام لا .. اما الثاني فمصيبته من عند نفسه وبنفس الوقت الله اصابه ، لان الله هو خالق كل شيء .. وخالق كل شيء ينسب له كل شيء ، الا اختيارنا ، فقد منحه لنا حراً ..

وحتى المصيبة التي يكون الشخص سبب فيها قد تحمل خيرا له او لغيره ، و موعظة ، ومن هنا نعرف ان الله خيّر ولا ياتي منه الا الخير .. وبالتالي لا تناقض بين الآيتين وكلاهما تكملان بعضهما ..

هذا الإشكال يعتبر من إشكالات النسبة ، بين الألوهية والبشرية .. مثل إشكال الهداية ، فهل الإنسان يهتدي ام ان الله هو الذي يهدي ، وهذا سبق توضيحه في مواضيع وحوارات سابقة .. ومثل اشكالات : هل افعال العباد مخلوقة ام انهم يصنعونها بأنفسهم .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق