جوابا على سؤال الأخت أمل الزهراني في تويتر:
امل الزهراني :
كيف يكون كل شيء بيد الله ومن عند الله و بنفس الوقت ما اصابنا من شر فمن انفسنا ؟ حتى لو كان الشر مصيبة حلت ليس لنا يدٌ بها ؟ هل هناك جواب لهذا التناقض ؟ مع ادلة .
الرد :
المصيبة تدخل احيانا من باب (وعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا
) ، مثل مصيبة اصحاب السفينة عندما خرقها الخضر ، كانت بالنسبة لهم مصيبة ، و هذه
مصيبة من الله ، لكن عاقبتها كانت نعمة و سلمت سفينتهم من الغصب ،
نفهم من هذا ان الاشياء التي تحدث لنا و نكرهها هي على نوعين : ما في باطنها
خير ، من باب (عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم) ، و النوع الثاني قد لا يكون كذلك
، هذا النوع الثاني هو بسبب اعمالنا السيئة و قلة توكلنا على الله ؛ فنار جهنم مصيبة
، ومن الله ، لكنها من أنفس الكافرين ، فالله خلق الجنة و النار ، لكنه لم يلزم
الكافر المتمرد بأن يكفر و يتمرد على الحق ، فداخل النار هو في مصيبة من عند نفسه
و بسببها ، لانه اختار ، ونستطيع ان نعبّر ونقول ان الله ادخله النار ، فتستطيع ان
تقول التعبيرين معا ، فالله هو موجد كل شيء ، لكنه لم يلزم أحد بالإختيار ، كذلك
دخول المؤمن الجنة ، هو من الله ، وايضا هو من الشخص المؤمن ، لأن له مشيئة حرة في
الاختيار ، فالله هو الذي خلق النار والجنة ، وهدانا النجدين ، ونحن من يقوم
بالاختيار . فيكون اي شيء يحصل منّا ، وبنفس الوقت من الله ، ما دام انه نتيجة
للاختيار ..
مثلا ، عند دخولك للمطعم ، تـُخيّر بين اصناف الطعام التي يقدمها ، أنت اخترت
نوع معين ، نستطيع ان ننسب هذا النوع إليك لأنك انت من اختاره ، وننسبه الى صاحب
المطعم لانه هو من اعده واعطاك فرصة الاختيار ..
مثلا نار الموقد في المطبخ ، فالله هو الذي خلق النار وقوانينها ، والمراة
المهملة هي التي احرقت مطبخها لإهمالها ، فهل نقول ان الله احرق المطبخ ، أم ان
المرأة المهملة احرقته ؟ نقول كلاهما ، بالنسبة للفعل من قبلها ، والخلق من قبل
الله ، و يصحّ ذلك ..
مثال آخر : رجل توفي طفلاه بدون تفريط منه ، ورجل توفي ابناؤه بسبب سرعته في
القيادة واستهتاره بأرواح الاخرين .. النوع الاول هو مصيبة من الله ، ولا بد انها
تحمل خير وإبتلاء بمصيبة الشر ، هل يصبر ام لا يصبر ، واختبار للآخرين هل يشكروا
نعمتهم بعدم موت اطفالهم ام لا .. اما الثاني فمصيبته من عند نفسه وبنفس الوقت
الله اصابه ، لان الله هو خالق كل شيء .. وخالق كل شيء ينسب له كل شيء ، الا
اختيارنا ، فقد منحه لنا حراً ..
وحتى المصيبة التي يكون الشخص سبب فيها قد تحمل خيرا له او لغيره ، و موعظة ،
ومن هنا نعرف ان الله خيّر ولا ياتي منه الا الخير .. وبالتالي لا تناقض بين
الآيتين وكلاهما تكملان بعضهما ..
هذا الإشكال يعتبر من إشكالات النسبة ، بين الألوهية والبشرية .. مثل إشكال
الهداية ، فهل الإنسان يهتدي ام ان الله هو الذي يهدي ، وهذا سبق توضيحه في مواضيع
وحوارات سابقة .. ومثل اشكالات : هل افعال العباد مخلوقة ام انهم يصنعونها بأنفسهم
.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق