الجمعة، 21 يونيو 2013

الكذب المنهجي المؤسس التراكمي ..

الفكر الغير خيّر والمصلحي (او نسميه الكذب العميق المتجذر) (الصناعي) اسلوبه انه يثبّت ويؤكّد خبرا بريئا او مجموعة اخبار بريئة في قضايا غير ساخنة في حياة الناس ، ويجعل الناس يصدقونها من اجل ان يوظف الخبر لاحقا بعد تصديقه في القضايا الساخنة ، مع ان اساسه ليس حقيقيا ، فيكون التوظيف على اساس ثابت ، والمصيبة عندما يكون امامك بناء كامل من مثل هذه الحقائق المصنوعة على الطريقة البريئة، حينها يصعب كشف البناء الكاذب بالكامل ، ولو استطعت ان تشكك في واحدة لم تستطع ان تشكك في البقية بل لا يصدقك الناس بسبب ثباتها في العقل الجمعي بسبب كثرة التكرار وقلة المعارضين.

فكرة التطور مثلا والتي تتطور بحد ذاتها ، حقيقة التطور هي فيها وليس في الطبيعة ، فتتراكم المعلومات والكذبات فيها فلا تستطيع نقضها ، كما قال تعالى (وان كان مكرهم لتزول منه الجبال) و فعلا لو ركّز الكذب المؤسس التراكمي على الجبال لربما صدقنا ان الجبال زالت! فأنت أمام الكذب المؤسس التراكمي تقف حائرا هل انا مجنون ام انهم يكذبون! وهل يصل الكذب الى هذا العمق وهذه الكثرة وهذا الشيوع وهذا التراكم ؟ فلكي تنقض فكرة التطور في الاحياء لا بد لك من نقض فكرة الانقراض ونقض فكرة وجود الديناصورات ونقض فكرة العصور البدائية للانسان ونقض الكثير من افكار الجيولوجيا ، هذا كله قبل ان تصل الى نقد نظرية التطور المؤسسة كلها على الكذب المنهجي المؤسس المشاع في الناس بقوة الاعلام والتراكم الزمني ،  وفعلا من يريد نقض الكذب المؤسس كله في اي مجال علمي او تاريخي او ديني او سياسي، سينظر اليه نظرة المجنون لانه يرد ان ينسف الثوابت المتوارثة والمتجذرة، وهذا ما قيل للانبياء من اقوامهم لانهم ارادوا نقض الكذب المؤسس من مئات السنين ومئات الاكاذيب .. (فقالوا ان هذا الا ساحر او مجنون) ..

وغلطة الناس انهم يصدقون بسهولة كل خبر لم يربط بتوظيف ولم تتضح نية صاحبه دون ان يدروا انه يبني بناء تراكميا مصلحيا، مثلما تفعل العنكبوت،فمن يراها يحسب انها ترسم لوحة تتسلى بها، بينما هي تصنع مصيدة تستخدمها في الوقت المناسب. فالفصل بين الخبر والنية هو سر نجاح الكذب المنهجي المؤسس . لاحظ ان هذا من ادبيات الفكر الغربي، فالنيات خط احمر و منها نشأت عقدة عقدة المؤامرة عندهم، فهم لديهم عقدة من محاولة كشف المؤامرة. فالكذبة التي تنكشف تُسحب نُسَخُها بسرعة من الساحة ويُبحث عن بديل لها، مثل تزوير ارنست هيكل للاجنة لدعم نظرية التطور، وكذلك السن الذي اتضح انه ناب خنزير بعد ان اقيمت عليه خمسمئة رسالة دكتوراه تطورية ، وهكذا يكون التاريخ غير التاريخ والعلم غير العلم والحقيقة غير الحقيقة، وتكبر الهوة بين القول والواقع في كل شيء فنحن نعيش في عالم مزيف ليس كما هو من كل النواحي . وكلما وجدت مثل هذه الهوة تذكر ان هناك مبنى من الكذب التراكمي المنهجي المؤسس الذي يصعب نقضه. فهناك واقع وهناك خيال عن الواقع، فمتى سنرى الواقع كماهو والتاريخ كما هو والعلم كما هو والدين كما هو والانسان كما هو؟

الانسان مثلا قدموا لنا صورة عنه مختلفة عن الانسان، انسانا غرائزيا ماديا بهيميا جنسيا تنطوي سريرته على الشرور والانانية ولكن المجتمع يهذبه، هذا غير حقيقة الانسان و اصله الاخلاقي. وقدموا صورة عن اي مجتمع مختلفة عن ذلك المجتمع، مثلما قدموا لنا المجتمع الغربي على غير حقيقته. حتى مجتمعات التاريخ وتاريخ الجماعات الدينية في العالم..

لابد ان ننتبه ونعيد النظر من الصفر في كل ما نسميه ثوابت لنتاكد هل هي تستحق ان تثبّت ام لا دون الاخذ بتلقـّي اعلامي غير واعي (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وما بأنفسهم هو القناعات والثوابت والافكار.

مشكلة الباحث في تحرّي الكذب المنهجي المؤسس انه مثل السائق الذي يستجيب للوحات الطريق واللافتات بكل ثقة دون ان يتأكد، مع الفارق في المثال، فلوحات الطرق الجميع يتاكد منها ولو لم تقم انت بذلك، لكن في مجالات العلم والتاريخ فهي ليست مثل الطرق التي يجربها كل الناس. على الباحث الا يتخلى عن الشك والتثبت حتى يتاكد ويكون على اساس سليم، وهذا ما يميزه عن الشخص العامي الذي يتلقى من اعلى الاصوات ممن حوله. فالكذب ليس له زمن يقف عنده فهناك كذب جديد وهناك كذب قديم.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق