الثلاثاء، 25 يونيو 2013

فكرة وتعليق : عقيدة الخلاص وفساد الاديان ..

الناحية غير الاخلاقية في العقيدة المسيحية ، هي أن المسيح افتدى ذنوب البشر وخلصهم منها ، و أنه يحب الجميع برّهم وفاجرهم بلا تفرقة، والمساواة بين المختلفين ظلم للجميع .. 

عقيدة الخلاص تاخذ صورا متعددة في كل الاديان والمذاهب الا في الاسلام الصحيح، فالقران لايحمل اي عقيدة خلاص، لانه يربط الايمان بالعمل والحساب المباشر والمنفرد مع الله (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) وهنا روعة الاسلام لانه ربط الخلاص الفردي بعمل الصالحات. 

والتوسل والشفاعة عبارة عن محاولات للخلاص ، وكلمة الخلاص لها من اسمها نصيب، فهم يسمونها خلاصا من الذنوب بينما هي خلاص من المسؤولية الذاتية وتخدير الضمير من ناحية الدين ..  

إن معنى الدين هو ان تدين نفسك اذا عملت ذنبا ، لا ان يحمله عنك الشفيع او المسيح او بوذا او الولي الخ .. كل فكرة الخلاص تقوم على التخلص من العمل لانه هو اثقل وادوم شيء على الانسان ويخالف هوى النفس كثيرا .. و تخلص الشخص من المسؤولية ليتحملها غيره سواء كانت بتعظيم شخص او عقيدة او طبقة اجتماعية او انبياء او ورثتهم .. 

كل الفساد الديني بحث عن مخارج من الدين مع الابقاء بسمعة الدين الحسنة ..
 

أي عقيدة خلاص هي السوس و بداية السوس في الدين ، فهي على اسمها خلاص ، اي خلاص من ربقة وضغط الواجب والخلق الديني ..

الدين الحقيقي اما ان تلتزم به حقا او تتركه كله ، وهذا صعب على النفوس التي تميل للهوى عن الحق، لذلك تبتكر عقيدة خلاص ديني للتخلص من هذا المأزق مع انه هو النجاة والسعادة .. ويتحول الدين الى هوية ، بل ان كثيرا من المحرمات جاءت على سبيل الخلوص الديني ، و في امور لم تقم الحاجة لها ، و تخرُج عن نطاق التحريم الخلاصي كلما تبيّنت منفعتها والحاجة اليها.

ومن طرق تطبيق الخلاص - عدا الشفاعة والوسيلة والتبرك وحمل الذنوب كما في المسيحية - : التعويض الديني .. مثل ان يقدم المتدين تشدُّدات ومبالغات في تحريم مالا يجد فيه متعة او حاجة، مقابل تهاونٍ في محرمات يجد فيها مصلحة ومتعة، لكي تحمل تلك النقص في هذه، والمجموع كله محرم .. والخلاص التعويضي يتضّح في التشدد الهائل في أمور والتساهل الهائل في امور .. و يتضح التعويض الخلاصي في تقديم العبادات المادية الطابع علئ العبادات المعنوية الطابع (الاخلاقية) ..

علامة الدين الصحيح هي خلوه من العقيدة الخلاصية. يقول تعالى (وقد خاب من حمل ظلما) ، ولم يقل : من لم يتوسل بوسيلة او يستشفع .. والشفاعة في القران مربوطة برحمة الله في الاخرة فقط ، فلا امتداد ولا جذور لها في الدنيا ، لان الشفعاء جاءت نكرة في القران ولم يحدد من سيشفع و ايضا ربطت بإذن الله، أي اراد الله ان يُغفر له فاذن و رضي لشافعه وليس بسبب شفاعة الشافع، وقول الشاعر (فكن لي شفيعا) او اشفع لي يا فلان : لا تَسُوغ ، لان الله هو الذي سيأذن للشافع وبالتالي هو من يحدد الشافع ويأذن له، 


الشفاعة موقف تشريفي في الاخرة يقيمه الله وليس الشفعاء.. لانه سبحانه لم يقل انه لن يستجيب لبعض الشفعاء وسيقبل بعضا اخر بل قال (من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه) فهذا يدل على انه موقف تشريفي في الاخرة لمن يريد الله ان يغفر لهم .. والا لن يستطيع احد ان يشفع من تلقاء نفسه ..

والشافع نفسه لا يعلم قدره ومكانته عند الله حتى يستشفع عند الله ، فكيف يشفع لغيره عند ربه؟

اما مسألة أن يعتقد الانسان ان اي حسنة يقدمها ستبدّل اي سيئة يفعلها، فهذا تألّي على الله بغير علم ، و الاصل ان الاعمال بالنيات، وقصد عمل الحسنة هنا هو ازالة اثار السيئة ، اي بمعنى فتح الباب لمواصلة فعل السيئات، و أي فعل يكون القصد منه الوصول الى الرذيلة او تبريرها هو رذيلة ، حتى لو جاء على ظهر فضيلة ..

والتقليد داخل في الخلاص ، فيكون عمل الشخص كله على عاتق المقلد ..

المبدع ليست لديه عقيدة خلاص ، فهو يتحمل المسؤولية كاملة ، وكذلك يجب على المؤمن ان يكون ، بل ان الاخلاق لا تقوم مع عقيدة الخلاص ابدا، لان قيام الاخلاق يحتاج الى مسؤولية ، و الاخلاق مسؤولية، ولا شي اكبر من مسؤولية امام الله الذي يعلم السر واخفى و شديد العقاب و غفور رحيم..

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق