ذكر الله ومعرفته هو أن تتجرد من نفسك وتفكر في
الله وتتأمل عظمة الله ورحمته وفضله وتؤجل طلباتك وحاجاتك ولو بعض الشيء، لأنه لا
يتم ذكرٌ لله إلا بمعرفته، ولأن الله له حق عليك لذاته، لأنه هو الله وليس فقط
لأنه يُفيد، فمن يعبد الله لأجل حاجاته هو يعبد حاجاته في الأخير، علم ذلك أم لم
يعلم، والله أكبر من ذاتك ومن طلباتك ما دمت تقول : الله أكبر .. أنظر الى الله من
خلال آياته وصفاته وعظمته وبما وصف به نفسه، هذا هو العرفان الحقيقي، وليس فقط من
خلال علاقته بك، فالله واسع عليم.
قل هو الله أحد ..
فالله أحد وليس أنت ورغباتك وقضاء حاجاتك. وكيف تنظر إليه وأنت في حضرته؟ انظر
إليه كأحد وليس كوسيلة، فالله يُحَب لذاته، فهو وجود و كيان (أحد) . قال تعالى
(اذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا). فلا تدخل على الله بنفسك وحاجاتها
وآمالها فقط. ذكر الله وتسبيحه هو الا تكون أنت الموضوع بل الله، لأنه هو المذكور
. إن معرفة الله يجب أن يكون لها ناتج على كل حياة الإنسان، لأن الله موجود في كل
الحياة.
معرفة الله انعكاس
على الحياة، و من لم يبحث عن الله ويبحث عن نفسه وحاجاتها فلن يعرف الله. من يبحث
عن الله سيجده، (والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا) . وليس من الأدب مع الله أن
يُعامَل كبشر قوي يحقق لهم ما يريدون. حتى العشق الصوفي تجد فيه قلة أدب مع الله،
فيتكلمون عن الله في حالات العشق وكأن الله بشر مثلهم، والعاشق والمعشوق معلومٌ
أنهما في درجة متقاربة، و ردة فعل المعشوق في العادة أن يَعشق، فهل الله يعشق
بشراً؟ هذه فكرة متكبرة تجعل البشر بإزاء الله. بل إن هناك حالات الحلول والتي
يعتقدون فيها بأن الله يحلّ في الإنسان.
هناك من لا يريد أن
يفهم الله كما هو، بل يريد أن يفهمه كما هو هو، بينما الله عرّف بنفسه، ولا داعي
لأن يأتي اصحاب قدرات خاصة ليعرفوه ولا يستطيع غيرهم أن يعرفوه. عبدة الأصنام يرون
أن الله بعيد و آلهتهم تقرّبهم من الله، وغيرهم يرى أن الله يحب أن يُذبح له و يحب
إراقة الدماء مع أن الذبح أصلا فداء من الله لإسماعيل وليس العكس، واليهود يتصورون
ان الله يحب رائحة الشواء، لهذا يصنعون له محارق للقرابين.
التصورات البشرية
عن الله كثيرة مختلفة متضاربة، والسبب أنها منطبعة بتصوّراتهم عن انفسهم وواقعهم
وحاجاتهم. لقد كانوا بحاجة إلى التجرد العبوديّ في معرفة الله حتى يتم العرفان
الحقيقي . يجب أن ننظر إلى الله كإله وليس كمنفذ حاجات فقط. كثير يدّعون العرفان،
وهو في الحقيقة عرفان بأنفسهم وحاجاتهم وتمحورٌ حولها, لاحظ نتيجة هذا الكشف : إما
أن يجعله الله عالما للغيوب، أو يعطيه كرامات مفيدة، أو أن يحل فيه ويكون "هوَ
هوَ" ، وهكذا. عرفان النفس ورغبتها بالتميز عند هؤلاء اكثر من عرفان الله!
مثل من يقول: إعرف الله حتى تكون سعيد، هذا المثال على براءته غير مؤدب مع الله ،
لأن الله أصبح وسيلة لغاية أكبر وهي السعادة, مثل من يعبد الله لأجل الجنة أو
التوفيق فقط, هو يعرفها جيدا لكنه لم يعرف الله تمام المعرفة ولم يعطه حقه المجرد
من الرغبات والمخاوف، وهو ذكْره وحده.
هذا لا يعني ألا
نطلب الله ولا نسأله، بل من لنا غيره؟! لكن لا نسمي طلب حاجاتنا أننا ذكرنا الله.
ولا تعني محبته أننا نحب أنفسنا من خلاله. الذكر منفصل عن كل شيء، والله حث على
التدبر في آيات الكون وفي أنفسنا، حتى نصل إلى ذكر الله وحده. والتسبيح ليس مرادف
للتنزيه لغويا -وإن كان التنزيه مطلوبا بلا شك- بل من السباحة، والله واسع، اذا
قرأ الإنسان مثلا في مجال ضخم، يقولون : سبح في بحر العلم، والتسبيح سباحة في بحر
واسع لا نهاية له من الجمال والعظمة التي تأخذ بزمان الروح فلا تشبع ولا تروى ولا
يرجعُها إلا ضعفها البشري. (الله نور السموات والارض).
ذكر الله أن تطلب
الله لذاته وتتوجه إليه وتعرفه بصفاته كما عرَّف نفسه لا كما تُعرِّفه أنت، قال
تعالى (يريدون وجهه) وقال (واذكروا الله كثيرا) وقال (والذاكرين الله كثيرا
والذاكرات). والقرآن يدور حول موضوع ذكر الله, والذكر ليس ترديد فقط, فالترديد بحد
ذاته دون حضور ذهن لا يعتبر ذكر, فهناك قراءة أذكار بدون ذكر وقراءة أذكار بذكر.
يجب إذا ذُكر الله
أن يكون وحده لا شريك له ولا أنفسنا ولا حاجاتنا ولا رغباتنا ولا مخاوفنا, أقصد في
وقت الذكر لله وحده, وهذا أمر يستحقه الله بل يستحق أكثر، فذكر الله شيء وذكر
حاجاتنا عند الله شيء آخر.
هناك تصوّر عن
الله, وهناك الله كما تكلم هو عن نفسه, أيهما تختار؟ لكن لن يعرف الله إلا
من أحبّوه أكثر من أنفسهم وبالتالي حققوا معنى "الله أكبر"، و تكون
الفضيلة أحب إليهم حتى من أنفسهم، والله لا يخيب من سعى إليه.
والذكر أيضا غير
الشكر, فالشكر مرتبط بالنعمة والنعمة مرتبطة بنا, و الشكر مطلوب أيضا مثل الدعاء
وهو أخلاق مع الله, والشكر عملي وقولي , لكن ليس على حساب الذكر. والدعاء والشكر
والحلال والحرام على قدر ارتباطهما بالذكر تكون قيمتهما , فالمؤمن المنطلق من
الذكر شيئا فشيئا تصبح الأمور كلها تؤدي إلى الذكر ويكون الله صمده.
كل شيء يدور يعود إلى منطلقه والحياة دورة, حتى همزات الشيطان تؤدي بالمؤمن إلى
ذكر الله, فمن ينطلق من نفسه يعود إلى نفسه, ومن ينطلق من ذكر الله فإنه يعود إلى
إليه ونعم العَود فالله خير من أنفسنا. وهذا معنى بسم الله الرحمن الرحيم وليس
باسم نفسي أو باسم حاجاتي عند الله وهذا معنى العبودية. فالذكر يجسد معنى العبودية
والعبودية طريق صلاح الإنسان الذي لا طريق غيره, فأثناء ذكر الله وحدة دون مصالحك
تشعر بمعنى كونك عبد لله. الشكر والدعاء يؤديان للذكر, وأيهما الأكثر تركيزا يبيِّن,
فهناك من يركز على الذكر وهناك من يركز على الدعاء أو الطلب فانظر من أي النوعين
أنت.
من يريد أن يعرف
الله فليعرفه من كلامه سبحانه، وإن عرفت أن الله أحد فيجب أن تعرف أن الله صمد
تنتهي إليه كل الأعمال وكل النوايا والأفكار والآمال. فمن يعرف الله يجعل الدين
حياة ولا يجعل الحياة دين، والله طالبنا بحياتنا وليس ببعض أوقاتنا، فطالبنا
بالعبودية وليس بالتعبد فقط، فقد جعل الله الإنسان خليفة له، وأي تناول جزئي للدين
يؤدي لتدميره (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) ، (يذكرون الله
قياما وقعودا) ، (يسبحونه بكرة وعشيا) ، فالله ببالهم بشكل دائم.
الدعاء يكشف تصور
كل إنسان عن الله. الإنسان حتى وإن كان في أضيق الظروف يجب أن يذكر الله، أي يكون
الله أكبر من مشاكلنا وأزماتنا، بدون ذكر الله لا يكون الإنسان إنسانا. (ألم يأن
للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) لذكره وحده فقط. وهي أكثر كلمة وردت في
القرآن نصا أو فكرة حولها، فالموضوع الأول والفكرة المركزية التي يدور حولها
القرآن هي ذكر الله، حتى الصلاة سماها ذكر الله (أقم الصلاة لذكري) , وخطبة الجمعة
هي لذكر الله وليس لذكر مشاكلنا لأنه توجد مجالات أخرى لمشاكلنا، ليس للأحداث والتقلبات السياسية والصراعات
الاجتماعية، لأنه حينها سيكون ذكراً لها. إلا ما دعت إليه الضرورة ، ثم يُعاد إلى
الأصل ، فحق الله اكبر من الدنيا، وعند الناس أسبوع كامل يتكلمون فيه بأمور
دنياهم، ولا ينبغي إدخال حق غيره على حقه.
كلمة "الذكر" لغة تعني ان الكلام يدور
حول أمر معين، مثل قوله تعالى (ذكر رحمة ربك عبده زكريا)، أي أن الكلام القادم سيدور
حول رحمة الله لعبده زكريا، أما إقحام أمور السياسة والأحداث بل وحتى الفقه فليس
من الذكر، والناس بحاجة إلى ذكر الله أكثر. حتى لا يُستغل المنبر، فالمنبر لله،
والناس بحاجة لما يوطد الإيمان والطمأنينة في نفوسهم. (ألا بذكر الله تطمئن
القلوب).
وذكر الله ينفع الجميع ولا يضر احدا. (ان الذكرى
تنفع المؤمنين)، لكن وجهات نظر الخطيب السياسية والاجتماعية قد تكون صائبة او قد
تكون خاطئة، فيُضِل غيره معه، لهذا الله خصها بالذكر، وليست للأحوال والتقلبات
الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والاعلامية.
لا يغير الإنسان
ويجعله أقرب إلى الله شيء مثل ذكر الله. وبدون معرفة الله لن
تعطى الأمور حجمها الطبيعي، وبدونه فإنها ستكبّر أو تصغّر، فإذا عرفت الله فإنها
ستهون الأمور و ستبدأ بوضع الأمور في نصابها. لن تجد أحداً يعطي الأمور حجمها
الحقيقي إلا إنسان يذكر الله حقا ويعرفه كما عرَّف نفسه سبحانه. من يبتعد عن ذكر
الله فإنه يبتعد عن الذي يضع الأمور في نصابها وهو الله. لن تعرف كيف تهتم بشيء
إذا أنت لم تهتم بالله، لأنك ستسهم في دمار حياتك، وذلك لأنك صرفت الاهتمام في غير
طريقه وستذهب للتطرف بأشكاله، لأن هذا الاهتمام كان يجب أن يُصرف لله وليس
لأنفسنا، والله أكبر من كل شيء.
العبودية نعرفها
بالانعكاس على الحياة وليس بمظاهرها ، فالعبودية لها نتائج من خلال أخلاق الإنسان
وتصرفاته ومن خلال واقعه ووعد الله لعباده، فالله لا يخلف وعده لعباده.
الصلاة بالأصل
مأخوذة من الصلة، والصلة لله هي الذكر، والتسبيح من السباحة كأن تسبح في البحر
وتدخل في قوانينه، أي تنسى نفسك في الله، فلا يوجد في التسبيح طلبات : (ويتفكرون
في خلق السماوات) ومن يتفكر فهو لا يردد، بل يفكر بجديد ويرتبط عقله مع شعوره. ولا
طمأنينة ولا هدوء أعصاب ولا حكمة ولا توازن ولا حسن أخلاق بدون ذكر الله وصفاته,
ومن يعرف الكريم يكون كريما, ومن يعرف الودود يكون ودودا, ومن يعرف الرحيم يكون
رحيما .. وهكذا. والطمأنينة جاءت من التوكل والتوكل جاء من المعرفة والذكر (ألا
بذكر الله تطمئن القلوب).
أستاذي الورّاق، مرحبًا.
ردحذفمقال رائع ويناقش إتصال الروح مع الله من عدة أبعاد. لكن لدي عدى أسئلة إذا تسمح، وأعتذر مقدمًا إن بدت غير مترابطة لكنها تراودني منذ فترة وأرجو لها إجابة إذا لديك.
كمؤمنين بالله واليوم الآخر، نسعى دائما للتوازن في الدنيا، بدون إكثار أو تقليل منها مع التعلَق المستمر بوجود الله وذكره ليكون حاضرًا بإستمرار معنا. لكن كيف نحصل على هذا التوازن؟
كيف التوازن بين ألا نتعلق بالدنيا ولا نجعلها همًنا أو مطلبنا، وفي الوقت ذاته نجتهد في تعمير الأرض والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ السؤال نظريًا يبدو واضح الإجابة وليس بهذا التعقيد، لكن الفاصل بالنسبة لي مموه. إذا كان هدفك الدنيوي لغاية خيّرة تبقى لآخرتك "كتأليف كتب توعوية للأطفال"، كيف لا تتعلق بهذا المشروع من الناحية المادية وقت الإنشاء وتطمح لتكبيره وإتساعه دنيويًا؟ في حين إنك إذا لم تجتهد فيه قد لا يصل إلى المكانة التي تطمح إليها؟
حالات أخرى..
كيف نمتلئ إيجابية بتعلقنا بالله وذكره، وفي الوقت ذاته نقرّ بالخوف والكبد وخسارة الإنسان الدنيوية والإبتلاءات ومصائب نهاية الزمان؟
حين يزداد علمنا بذات الله ونقترب منه لكيانه، يرتفع وعينا عن مادية الدنيا وترتقي أرواحنا، وهنا بطبيعة الحال يقل وزن الدين ويبقى منه الشرائع الأساسية. أي أنك لاتفكر بالفقهيات والمسائل الصغيرة والتفاسير وإختلاف الأحكام، فقط تركز على الأساسيات التي تربطك بالله أكثر وترقي روحك أعلى. كيف التوازن هنا؟
حين نقترب من الله أكثر ونحبه لذاته دون مصالح، يزداد تعمقنا في مفهوم الله كلي الرحمة والخير، فتطمئن قلوبنا وتسكن ولا يصبح الخوف من الله وعقابه المحرك لأفعالنا. لكن في الوقت يجب أن نرجو دائما رحمته ونخشى عذابه. كيف التوازن هنا؟
أرجو أن تكون أسئلتي واضحة وفي أتم الإستعداد لإعادة صياغتها إن لم تكن.
إن تسليم النفس لله رب العالمين، هو الحل من هذا الإشكال، فتكون الدنيا وتعميرها مهم ولكن ليس الأهم، كل شيء في الدنيا مهم ولكنه ليس الأهم، تذكر النبي سليمان عندما قال (ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والاعناق)، لأن المفضول أثّر على الفاضل، الدنيا ثانوية عند سليمان، فكيف غفل بسببها عن ذكر ربه؟ لذلك قتل هذه الخيل الجميلة والثمينة عنده تأديبا لنفسه، ومع ذلك أوتي من الدنيا ما لم يؤتى أحدا مثله، فهل الزهاد أكثر ايمانا من النبي سليمان؟ لو كان التمتع بالدنيا وزينتها محرما لما فعله نبي الله سليمان، فقد اوتي ملكا لا يكون لأحد من بعده. لكن تظل الدنيا ثانوية عند سليمان، ولما تعارضت مع الأخرة بطش بهذا الجزء من الدنيا الذي نكد عليه صفائه، عقابا لنفسه أولا، (قال اني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب). لاحظ حب الخير الذي هو الخير الدنيوي، وهذا ليس محرما، ولكن لا يغفل عن ذكر ربه وهو الأهم،
حذفاما حياة التخلص من الدنيا والزهد فهذا غير صائب، الله لا يريدنا ان نتفرغ لعبادته، يريدنا ان نذكره ونحن في معمعة الدنيا، وهنا الاختبار، وأن نخافه ونحن في أوج قوتنا، ونرجوه ونحن في قمة ثروتنا، ونخاف مما حرّم ونحن في اوج رغبتنا، كما فعل النبي سليمان.
فكرة الاعراض عن الدنيا والهروب والانقطاع الى طاعة الله بالعبادات والاذكار تشبه فكرة التلميذ الخائف الذي يهرب من قاعة الاختبار، لذلك الله يقول (قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق، قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة) هذه الاية تنفي فكرة الزهد والتصوف. فهو يقول (هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا) فالذي يُعرض عنها يُعرض عن نعمة الله التي اخرجها لعباده، والزاهد يزهد في نعمة الله، وهذا تكبر على الله. مثل من أراد أن يكرمك فترفض، مع أنك جائع ومحتاج. لا يفسّر هذا التصرف إلا تكبراً.
بإمكانك مراجعة هذا التعليق وردي عليه عبر الرابط، أذ ان له علاقة بموضوعك.
https://alwarraq0.blogspot.com/2015/03/blog-post_12.html?showComment=1629407682802#c2010189303417990704
من آمن بالله ثم سلّم نفسه لله، فقد ارتاح من معادلة التوازن بين الدنيا والاخرة، فيصبح يعيش الدنيا لأجل الآخرة (وابتغ فيما اتاك الله الدار الاخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) فتصير الدنيا مطوَّعة للآخرة، ومزرعة للآخرة، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، واليد المنفقة العليا خير من اليد السائلة، ما دامت تستطيع الا تكون سائلة، اما المضطر فموضوعه آخر.
وشكرا لك.