الأحد، 8 فبراير 2015

المرأة والأسرة بين مطرقة الليبرالية وسندان التشدد


هل صحيح ما يشيعه الماديون أن المرأة تريد أن تساوى بالرجل بكل شيء؟

المرأة الطبيعية تبحث عن الاستقرار والرجل الطبيعي يبحث عن الحركة والتغيير, وهذا أمر تقوله المرأة الليبرالية وغير الليبرالية, فأي امرأة في العالم تريد أن تتزوج, لأن الرجل سيحميها ويساعدها في أمور كثيرة منها تربية الأطفال. افترض امرأة في وضع مساواة مع الرجال, انظر لحال الرجل وحال المرأة, الرجل مصروفه كله سيكون لمتعته, لكن المرأة ستتورط بالأطفال إضافة إلى مشاكلها الخاصة, فالوضع ليس عادلا. المرأة بطبيعتها تحب الأطفال أكثر من الرجل, إذن الليبرالية لم تلب حاجات المرأة مثلما لبت حاجات الرجل, فالوضع الليبرالي يلبي حاجات ونزوات الرجل أكثر من المرأة.


ومن ناحية جنسية, المرأة ليست مستثارة ذاتيا أو سريعة الاستثارة مثل الرجل, فالمرأة أبرد جنسيا من الرجل وهذا شيء معروف, وتحب جو الخصوصية وتكره أن تكون مشاعة لأكثر من شخص بطبيعتها, لأن نداء الأطفال يناديها في داخلها, والأطفال يريدون أب, والأب لابد ان يكون وفيّا ومخلصا للبيت.


المرأة في الوضع الغربي الليبرالي هي مهانة في الحقيقة وليست مكرمة, فعلى المرأة أن تطالب بحقوقها, والحل الليبرالي المادي الإلحادي ليس حلا لأنه مجحف بحق المرأة. حق الزوج الوفي المسؤول عن عش الزوجية والانجاب يحققه الدين للمرأة, والليبرالية لا تحفظ هذا الحق, ولهذا الزواج في الغرب آخذ في التآكل, بسبب أنه مجتمع ذكوري, فالمجتمع الليبرالي مجتمع ذكوري وليس أنثوي لأنه يلبي رغبات الرجل أكثر. الوضع الغربي تقيّمه المرأة ويستثمره الرجل, فحتى يكسب الرجل الغربي المرأة يهتم بذوقها فصار يهتم بالجمال والشكل ومظاهر الترف لأجل المراة لأنها هي التي تقيم, لكن الثمرة بالأخير للرجل.


المرأة مظلومة في المجتمع الغربي بسبب الفارق البيولوجي, لأنه لو كانت المرأة تحمل والرجل يحمل لكانت المسألة متعادلة, الرجل لا يحمل ولا يحيض ولا يرضع ولا يربي الأطفال ولا يحضنهم, والمرأة ملزمة بالحضانة لأنها ترضع, الرجل لا يقدم للطفل الرضيع شيئا وليس لديه خبرات بالتعامل معه, فالمرأة مجبرة أن تكون هي المسؤولة عن الأطفال حتى يكبرون, وهذا الوضح يحتاج إلى رجل وفيّ يجبره النظام والشرع والقانون ليكون مسؤولا عن بيته وزوجته وأطفاله, وهذا من حقوق المرأة, فكيف تكون هي منغمسة بشؤون البيت والأطفال وهو مشغول بمغامراته العاطفية مع امرأة أخرى؟ هذا وضع غير منصف, ويقول الرجل الغربي أن لها أن تفعل مثلي, ولكن كيف لها ان تفعل ذلك ولديها أطفال يشغلونها؟


إذن لا يمكن أن تكون المرأة مثل الرجل, وهكذا يكون الدين أفضل للمرأة, وتلاحظ ان نسبة انتشار الإلحاد بين الذكور أكثر من النساء, لأن الجو الليبرالي الملحد لا يخدم المرأة بكل الأحوال, فهو يخدم نزوات الرجل أكثر من نزوات المرأة, إذا اخذنا بالاعتبار أن المرأة ليس لديها حب التنوع مثل الرجل, وتحب أن يكون لديها بيت فيه رعاية وبحاجة لرجل يدعمها ويقف معها, وتحب أن يكبر أولادها وهم يرون أباهم وأمهم مع بعضهما, وتحب أن يكون زوجها وفيا لها مثلما هي وفية للبيت, وهذه لا يضمنها المجتمع الليبرالي ويضمنها المجتمع الديني أكثر, وعلى الخصوص الوضع الإسلامي الذي يحرم على الرجل حتى النظر إلى غير زوجته, وإذا هو تزوج أكثر من واحدة فهو بهذه الحالة مسؤول عن البيتين وهذا التعدد مشروط بالعدل في القرآن, وأيضا الزوجة الثانية تخفف على الأولى مسؤولياتها تجاه الرجل.


الفارق البيولوجي بهذا الحجم بين الرجل والمرأة له مقتضياته وسيؤثر على حياة المرأة كلها, فالمساواة تكون بين رجل ورجل وليست بين رجل وأنثى, ف"أنثى" ليست كلمة تقال وانتهينا بل لها تبعات, فمتع المرأة غير متع الرجل ورغباتها ليست كرغباته بموجب الفارق البيولوجي, ونظرتها للحياة غير نظرة الرجل, لدرجة أنه مايعتبر حياة حلوة وحرة للرجل هو يعتبر عذاب للمرأة, والأطفال أفسدوا الطبخة" الليبرالية ! الرجل الليبرالي يتكلم عن حقوق المرأة وكأنه يتكلم عن رجل, الأطفال حمل كبير ، من سيعتني بهم؟ و هم بحاجة إلى تفرغ, وليس تفرغ يوم أو يومين بل تفرغ عمر، فهي مهمة شاقة جدا, وكل ما يتعلق بإيجاد حياة جديدة ليس للرجل دور فيها سوى التلقيح، والمسؤولية كلها على الأنثى, فإذن إذا فتحنا المجال أن تعمل مثل الرجل فهي لا تستطيع أصلا, إضافة إلى أنها لا تريد أن تعمل مثل الرجل، لأن الوضع البيولوجي حدد لها رؤية للحياة والمتعة مختلفة عما يراه الرجل, فالمرأة تنظر من منظار أنثوي والرجل ينظر من منظار ذكوري, وانظر للفرق الحاد بين الذكر والأنثى حتى تعرف الفرق الحاد بين النظرتين.


إذن الإسلام احترم المرأة ودافع عن حقوقها, والتيار او الفكر الليبرالي لا يحترم المرأة ولا يدافع عن حقوقها, يعطيها حقوق مؤقتة لكن حقوقها طويلة الأمد مهدرة, فالليبرالي يقول أن للمرأة أن تفعل ما تشاء وتخرج متى تشاء وتعمل كل ما تريد مثل الرجل, نعم هو أعطى هذه الحقوق للمرأة لكن ما الفائدة منها؟ هذه الحقوق مناسبة للرجل, لكن المرأة لا تناسبها هذه الحقوق, هي بحاجة إلى أطفال وبحاجة إلى عش وإلى رجل يقف معها ويسندها في مهمتها الشاقة, وليست بحاجة إلى الدوران في الشوارع وكل يوم لها صديق, فوضعها البيولوجي لا يقول لها هكذا, لكن وضع الرجل البيولوجي يقول له هكذا، لأن الرجل بيولوجيّاً عبارة عن ملقح, والملقح يبحث عن الإناث, فليست لديه مشكلة بالتعدد. دور الرجل من الناحية البيولوجية والجنسية هو التكاثر, فنرى في الطبيعة قطيعا من الأغنام ومعها فحل واحد ويكفيها كلها, لكنه لا يقوم بمهمة واحدة من مهام الأغنام, فهو لا يحمي الصغار ويعتني بهم ولا يرضع ولا يحمل...الخ, لهذا نرى في الطبيعة أن الذكور هي التي تبحث عن الإناث وهي التي تلاحقها وتزعجها حتى, فإذا قلت للإناث اعملوا مثلما يعمل الرجال وكونوا مثلهم ، أنت الآن أخرجت من حساباتك الفارق البيولوجي بينهم, وهذا قفز على الحقائق، كعادة الليبراليين.


إذن الوضع الليبرالي غير مناسب للمرأة من كل النواحي, المرأة تستطيع أن تتحمل أن يكون زوجها عنده زوجات أخرى, بشرط أن تعرف بداخلها أنه ملتزم بها وبالأخرى وليس له مجال لغيرهن, لكن الرجل الليبرالي لا تأمنه المرأة لأنه قد يذهب لأخرى هي أيضا غير ملتزمة به, وحتى يكون له عشيقة لا بد أن ينفق أموالا كثيرة ويقول كلاما حلوا أكثر مما يعطي زوجته التي ترعى أطفاله ببيته, وهذا فيه ظلم وخيانة للمرأة المسكينة التي هي أولى بهذه المشاعر, وسينفق الأموال التي كانت من المفترض أن تنفق على الأولاد فعشيقاته سيستفدن من أمواله, فلا بد أن يدلعهن ويشتري لهن هدايا ويأخذهن للمطاعم...الخ , فالزوجة عندما ترى زوجها هكذا سيكون أمرا مؤلما لها, وقد يأتي بها للمنزل أيضا وهي مشغولة بعلاج ولد مريض وتسهر طوال الليل من أجله! وهذا يسهر الليل مع صديقته! هذا وضع مؤلم, هذا الوضع مفسد للزواج كله, وهذا من أسباب فساد الزواج في الغرب وهو إحساس المرأة بالظلم.


هل عند الليبراليين بديل عن الزواج؟ المرأة في الغرب التي تريد أطفال مثلا, هل تأخذ أطفال من الملجأ؟ أم عبر التلقيح الصناعي؟ أو تستأجر رحم..؟ هذا وضع مشكل وإطلاقا ليس مثل الزواج, وهم يرفضون الزواج ويكرهونه لأنه التزام, حتى لو كانوا ليبراليين وملحدين فالزوجة تريد من الرجل أن يلتزم بالبيت, وهو يقول ما الفائدة من الإلحاد إذا؟ لا بد أن أكون حرا وأستمتع! إذن يبقى الزواج عبء على الرجل في هذا الوضع و همّ و تعب على المرأة ويشعرها بالظلم, وبالتالي الزواج مشروع فاشل هكذا, وهذا من أسباب حتى تناقص عدد السكان التدريجي في الغرب, وزيادة أطفال الملاجئ والإجهاض, هذه المشاكل معروفة بالإحصاءات بالدول الغربية, وبالدول الاسكندنافية نصف الأطفال لقطاء ! تصور نصف الشعب لقطاء ! هل اللقيط يمكن أن يعيش في الملجأ مثلما يعيش في حضن أمه وأبيه؟ هكذا تتفكك الأسرة ولا تتكون أسر لاحقا! هذه مشكلة و يواجهها الغرب وستتضح أكثر في المستقبل.


ما هي حلولهم لهذه المشاكل؟ ما هي بدائل الأسرة؟ الطفل بحاجة لجوانب مادية وجوانب معنوية, وحتى الأم وحدها لا تكفي لرعاية الطفل ويسمى يتيما من هذا حاله, فهل المطلوب أن يكون الأطفال أيتام أم وأب, أو أيتام أب أو أيتام أم؟ هذا ما يؤدي إليه الفكر الليبرالي بالنسبة للأسرة, بأن اليتم قدر لأطفال الليبراليين.


وحتى لو كان هذا الوضع سائدا في الغرب فليس دليلا على صحته, فما أكثر الأوضاع السائدة الخاطئة التي تعوّد الناس عليها, فلا يعني هذا أنها هي الأفضل. هذا سوف يؤثر على الأسرة كلها, فالطفل سينشأ ويرى أباه مع امرأة أخرى, وأمه تخرج مع رجل آخر, فلا يدري الطفل من قائده ومن المسؤول عنه, فالمسؤولون عنه لاهون بأناس آخرين غريبين عن الأسرة, وبالتالي الطفل يخف انتماؤه للأسرة, وبالتالي يسهل عليه الانفكاك عن الأسرة والانفصال عنها, وبعد البلوغ سيمارس مثلهم حياة اللهو واللا انتماء! وهذا ما حصل مع الفيلسوف المتشائم شوبنهاور الذي انفصلت امه عن ابيه، ولم تتحمل امه مسؤوليته لأنها لاهية مع اصدقائها وعشاقها، فنشأ على الحقد عليها، وكبر وكبرت معه سوداويته. والسبب هو فرط الليبرالية عند أمه.

وقد يقال : لم لا يكون الرجل ملتزما بالبيت مع المرأة, ولكنه يخرج ويستمتع مع صديقاته وتخرج المرأة أيضا وتستمتع مع أصدقائها؟ إذا كانت ستستمتع المرأة بهذا الشكل ستكون متعتها أقل من متعة الرجل لأنها ملتزمة بالأطفال والبيت أكثر من الرجل ولا تستطيع الخروج كثيرا, إضافة إلى أن هذا يضعف العشرة والوفاء, ولا يناسب نفسيتها، فالمرأة لا تتحمل الإحساس بالضياع، فضلا عن ضياع أسرتها، فكون الرجل يرى امرأته تخرج مع رجل آخر و من المؤكد ستتعامل معه بحب أكثر من زوجها المعتاد، سيكون شيئا متعبا بالنسبة له, وأيضا الزوجة ترى زوجها مع امرأة أخرى لم تتعب معه ولم تؤسس معه بيتا ولم تشاركه بالحياة وتحظى بالاهتمام والتدليل. هذا تعذيب مستمر لطرفين! وسيكون كلّ يحسب كم أنفق على البيت. والأطفال بين المطرقة والسندان. لهذا أكثر الطلاقات في الغرب لأسباب اقتصادية, لأنه يقول : ليس عندي استعداد أن أدفع أموالي لشخص غير وفي, فإذا كانوا كلهم يعملون و لديهم دخل, سيقول أحدهما أنت تدفع على سهراتك ومحظياتك أموال كثيرة فلماذا أنا أدفع أكثر على المنزل والأطفال؟ فالمرأة متابعة بالساعة مع الأطفال والمنزل والمطبخ وبالتالي ستنفق من اهتمامها ومالها ربما أكثر, وبالتالي ستشعر بالغبن بأن تكون هي تنفق أكثر على المنزل وهو ينفق على متعه! فهذا المنزل مؤسس على شرخ, ولا يستطيع أحدهما أن يصف الآخر بالوفاء, فلا تستطيع أن تقول الزوجة عن زوجها أنه وفيّ ، والعكس, هذا من واقع الفكر الليبرالي نفسه، وإلا فليست الشعوب الغربية كلها هكذا. في الوقت الذي ترى المرأة الرجل يمارس الليبرالية الجنسية. وليبراليا سيقول الرجل : أنا لست مسؤولا بيولوجيا عن الأطفال فليس أنا من أنجبتهم, ولست مسؤولاً عن الرضاعة ولا أعرف لأمور الأطفال, وليس عنده دافع أصلا فهو ذكر, وإن عمل شيئا فهو من باب المجاملة أو الخوف.

ولو قالوا أن من حقها أن تستمتع بعض الشيء وتتعرف على أصدقاء وتقضي معهم أوقات ممتعة, فلا ننسى أن الشعور الإنساني حساس جدا, فلما يرى الزوج زوجته مبسوطة مع صديقها سيؤلمه كثيرا, حتى ولو لم يكن بسبب موضوع الجنس, فهو سيقول أنا لم أستطع أن أسعد هذه الإنسانة أو هي لم ترني شيئا مهما واستطاع غيري أن يسعدها أكثر مني, وهذا وضع مؤلم أيا كان الرجل, وكذلك المرأة حين ترى الرجل مبسوطا وهو للتو قد أتى من صديقته, فهذا وضع مؤلم لها وأكثر من الرجل أيضا، لأن عليها حمل البيت أكثر منه, فكأن زيجتهما خطأ, ستقول المرأة في نفسها : هو يسعد مع امرأة أخرى، وأنا إذا جلس معي يكون رسميا و كله كلام في الحسابات وكم دفعت و كم دفعتي, وتلك المرأة لها الرومانسية والحب ! الضحية الأولى هو المرأة ، يليها البيت والأطفال والرجل والأسرة ككل.


وهكذا الليبرالية تهدم كل شيء, مثلما تهدم الدين والأخلاق فهي تهدم الأسرة, وبالتالي تهدم المجتمع. لأنها مبنية على هوى ونزوات، وليست على عقل وأخلاق. إذن الليبرالية ليست هي الحل. وأيضا الحل الديني المتشدّد ليس هو الحل, فعنده مشاكل أيضا, إذن لا بد من حل وسط.


الوضع الديني المتطرف أيضا لديه مشاكل, ففيه الحب قبل الزواج عبارة عن عار, لكن كيف ينبني البيت بدون الحب والتفاهم؟ هذا موضوع خطير جدا وله ما بعده كله, وليس شرطا ان كل زوجين سوف يحبّا بعضهما بعد الزواج كما يقال عادة، ولا هي قاعدة ، بل ربما العكس، وهو كثير، وتشهد على ذلك معدلات الطلاق المرتفعة .. فالبيت في مثل هذه المجتمعات لم يُبنَ على إعجاب و حب، بل في أغلب الأحيان لأجل إرضاء المجتمع, ففي المجتمعات الدينية المتشددة يتحكّم في الزواج أمور كثيرة كالعائلة والمستوى الاجتماعي والاقتصادي والمستوى التعليمي والشكل العام, وكأن العائلة هي التي تتزوج وليس الشخص, والزواج هنا يعتبر زواجا مصلحياً, فكثير من الزيجات هي زواجات مصلحيه، إما للدخول في طبقة اجتماعية أعلى أو لأسباب اجتماعية أو قبلية أو عائلية, أو مصلحيه مادية بحتة , وكثير من البنات يتزوجن أو يُزوَّجن من رجل غني وهي لا تحبه لكن فقط كصفقة مربحة, وهذا قبْلَ الزواج. وكذلك قضية العزل الشديد بين الجنسين, صحيح أن له فوائد ولكن له مضار أيضا وهي كثيرة , فيكون كل جنس غريب عن الجنس الآخر ولا يقدّر اهتماماته ويصعب التفاهم بينهما.


عند أي حديث عن المجتمع لا بد من الأخذ بالاعتبار المرأة والرجل, لأنه : {ليس الذكر كالأنثى} و كلهم يعيشون مع بعضهم، ولهم دوافع بيولوجية مختلفة وتفرض نفسها على حياتهما , فهي ليست مجموعة متجانسة بل مجموعة غير متجانسة بيولوجيا, فيجب أن يكون هناك أساس تواؤمي يستطيع أن يوائم بين حقوق الجميع, الله يقول: {انكحوا ما طاب لكم من النساء} وحرّم العضل ، ولابد أن تُستأذَن المرأة وتقبل هي بالزوج قبل أن تتزوج, وورد في السنة أن تخطب المرأة لنفسها، ومن يكتب العقد لا بد أن يسأل الطرفين مباشرة هل هما موافقَين أم لا. ولكن هناك ضغوط اجتماعية تضيق هذا الوضع فتجبر الطرفين على عقد زيجات لم تقم على تفاهم أو حتى معرفة، وبعضهم لا يسمح ولا بالرؤية الشرعية، ويرتابون أو يغضبون لو أنها أحضرت خطيبا لنفسها، وقد يمنعون هذا الزواج نهائيا و يزوجوها بشخص آخر رغما عنها .. وإعجاب الأم أو الأخوات بامرأة لا يعني هذا أنها حتما ستعجب ابنهم أو أخيهم. وليست مقاييسهم مقاييسه التي غالبا ما تكون مقاييس اجتماعية ترضي المجتمع أكثر مما ترضي الخاطب.


يجب مراعاة الفارق الجنسي بين الرجل والمرأة, فالنظرة الليبرالية تنظر للرجل والمرأة على أنهما جنس واحد ذكر, والنظرة الدينية المتشددة تنظر الى انهما جنسين مختلفين تماما، وأي تعامل بينهما خطر كأسلاك الكهرباء، ونظرت إلى العلاقات الجنسية المحرمة فقط وخائفة منها ونظّرت للمجتمع على هذا الأساس من الخوف المتوتر : أساس الخوف من علاقات جنسية غير شرعية, والخوف عاطفة، وإذا كان الخوف وحده أساس القرارات، فلن يتّخذ أي قرار في الحياة سوى الإحجام والابتعاد، مما ينتج التقوقع والانغلاق، لأن كل شيء يحمل خوفا في أحد جوانبه. لا بد من التوازن في النظرة بين الرغبة والرهبة، والمؤمن بين الخوف والرجاء، يجب أن يكون المؤمن هكذا في كل شؤونه. وكأن النظرة المتشددة بهذا الشكل بعّدت بين نقاط التلاقي, فبين الرجل والمرأة نقاط تلاقي مثلما بينهما نقاط اختلاف, النظرة الليبرالية المادية أزالت نقاط الاختلاف كلها. والنظرة الدينية المادية – وليست الدينية الصحيحة - ركزت على الممارسة الجنسية المحرمة، ففصلت بين الجنسين و صارت ترى أن الجنسين مختلفين تماما عن بعضهما. الحقيقة أنه هناك ما يجب أن يجتمع وهناك ما يجب أن يفترق, فالنساء شقائق الرجال وشعور المرأة مثل شعور الرجل تماما, وعقلها مثل عقله، لكن هناك اختلاف بيولوجي هو الذي سبب كل هذه المشاكل.


الحل الليبرالي ليس فقط يطلق العنان للغرائز بل يجعل المرأة مظلومة في الأخير..


الإٍسلام يريد أن يعامل المرأة مثل الرجل في الأمور التي هي فيها مثل الرجل, كالأخلاق والعقل والتفكير والواجبات والحقوق والعقوبات والمكافآت, وبنفس الوقت لا يعاملها مثل الرجل في الأمور التي فيها اختلاف بينهما, فالفارق البيولوجي يجب أن يؤخذ بالاعتبار وما يتعلق به من أطفال وإغراء وغيرها. الأصل أن العقل انعكاس للشعور, و بما أن شعور المرأة مثل شعور الرجل، إذن لا فرق بين عقليهما, فكلاهما يعرف أن 1+1=2, مع أن أفكار المرأة قد تختلف بسبب اختلاف ظروفها الاجتماعية والتي أفرزت إفرازات كثيرة على عقل المرأة.   

  
العزل التام بين الجنسين حالة لن تدوم، والانفلات حالة تؤدي إلى مشاكل كثيرة, لا بد من وجود نمط أو طريقة مبنية على أساسات عميقة من الفارق البيولوجي وأساسات عميقة من الشعور الإنساني المشترك والأخلاق, أي على أساس الدين الصحيح الذي يكفل هذه الأساسات السليمة للإنسان, وهذا شيء ثبت ، فكل الآراء في هذا الموضوع إما تكون منحازة لجهة دون جهة، أو تكون ردة فعل, لكن الله سبحانه أعلم بالأنسب لخلقه.


كل هذه المشاكل نتجت من التعامل الخطأ مع المرأة عبر التاريخ. تدليع المرأة أنتج مشاكل, وملاحقة الرجل للمرأة أنتجت مشاكل, وتخلي الرجل عن المرأة أنتج مشاكل..


في المجتمع الليبرالي أصبحت القوامة للرجل بالأمور المادية والمرأة لها القوامة بالأمور المعنوية, فتكون المرأة تهتم بالديكور والأثاث والجمال لترضي الرجل, والرجل مهتم بالمعرفة والنظافة والقوة الجسمية والعقل لأجل أن يرضي المرأة, كأن المرأة تقيّم متصارعين والرجل يقيّم متزينات. وأصبح الرجل ينظر إلى جسم المرأة أكثر من النظر إلى عقل المرأة وأخلاقها، ولهذا السبب صارت لا تهتم بعقلها وأخلاقها قدر ما تهتم بجسمها وجمالها وتزينها ودخلت في هذا العالم الذي لا نهاية له.


مشكلة تقييم المرأة المعنوي هو أنها تقيّم من ظروفها، بينما الرجل حر أكثر من المرأة, فالمفترض أن الحر أكثر هو من يقيّم أكثر، لهذا القوامة للرجل في القرآن, فكون المرأة تقيّم المسلك والأخلاق إذن ستقيّم على حسب ما يخدم المرأة، فالرجل الذي يدلل المرأة هو الرجل المؤدب "جنتل مان", والرجل الذي يهتم بالمرأة ويكون أنيق بلبسه وحركاته ويجيد أشياء كثيرة تعجب به المرأة, لماذا تعجب بمن يجيد أشياء كثيرة؟ لأجل أنه سيرعى البيت ويتحمل مسؤوليته ومسؤولية الدفاع عنها وعن أبنائها والتفاهم مع الآخرين ومسؤولية الصيانة.., فهي لا تقيّمه لأجل الأخلاق والفضائل نفسها بل تقيّمه لأجلها. وبما أن المرأة محتاجة للرجل أكثر من حاجة الرجل للمرأة - وهذا بشكل عام - فحاجة المرأة مستمرة للرجل, إذن فالوضع الليبرالي هو ثورة على المرأة و ليس ثورة لأجل المرأة, فالرجل الغربي انفلت وقال للمرأة اتبعيني لعالمي ..

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق