الاثنين، 6 أكتوبر 2014

الديجافو..(المشهد الذي تشعر أنك شاهدته من قبل مع أنه جديد)



هناك حالة تمر بنا جميعا, وهي التي يشعر فيها الشخص بأنه رأى المشهد الذي أمامه من قبل مع أنه جديد, أو ما يسمونها: "ديجا فو "Déjà vu, وهي كلمة فرنسية معناها : شوهد من قبل..

تحليلي ووجهة نظري في ظاهرة "الديجافو" أن الشخص يدخل في حالة حلم في لحظة ثم يعود للواقع بسرعة، فيعتقد أنه رأى هذا المشهد كله من قبل. و هذا يشبه ما نشعر به في الأحلام أثناء النوم، ففي الحلم ننظر إلى الاشخاص والمواقف و كأننا نعرفها وكأنها اعتيادية ومتكررة بينما هي جديدة, مثل أن يحلم الشخص أنه يمشي على الهواء و ليس في الامر أي غرابة أثناء الحلم، أو يتكلم مع شخص ميت منذ سنوات ولا يشعر بغرابة اثناء الحلم. مهمة الحلم في الأغلب هي أن يجعل كل ما سيأتي أمر اعتيادي وغير مستغرَب، لأنه يفصل عن منطق الواقع؛ لينقل الشخص من حالة الارتباط بالواقع الى حالة النوم, أي تغيير اتجاه الحواس الى الداخل بدلا من الخارج. و حالة الحلم هذه تمر علينا أثناء اليقظة في اللحظات التي يغيب فيها التركيز و ينفصل وعينا عن الواقع, و حينها يتحول المشهد الذي أمامنا إلى مشهد اعتيادي و مألوف, أي كأنك رأيته من قبل هذه اللحظة مع أنه جديد، و حين نرجع للواقع نستغرب كيف شعرنا أننا مررنا بمثل هذا الحدث مع أنه جديد؟! لأنه يستحيل أن تكون رأيت المشهد نفسه، فلا شيء يتكرر مرتين بالضبط وإلا لكانت الحياة عبثا, اذن "الديجافو" هي لحظة حلم عابرة مرت علينا بسرعة ونحن في اليقظة وحولت المشهد إلى مألوف والمألوف هو المتكرر, فالأحلام تمر حتى في اليقظة، و يتضح هذا في الأحلام التي تمر علينا في لحظات ما قبل النوم.

دخول حالة الحلم على اليقظة تكثر عند المحموم, ومنها تأتي الهلاوس, بسبب أن جسمه متعب ويريد شعوره له أن ينفصل عن الواقع و ينام ليرتاح. و ربما حالة السكْر تشبه حالة الحمّى ، لأن جسم السكران يريد أن ينام وعليه تظهر أعراض النوم، مثل بطء الحركة وثقل اللسان و كأنه موقظ من نومة عميقة، والكحول ترفع درجة حرارة الدماغ، لأنها سموم تؤثر على عمل الدماغ، لذلك يرفع درجة الحرارة ليقاومها، فحالة السكر عبارة عن حالات حلم تتداخل مع اليقظة، و في الأخير يريد السكران أن ينام. و هذا دليل على أن ما يمر به عبارة عن أحلام متقاطعة مع اليقظة، فالسكران مرة يتحدث عن الواقع بمنطقية و مرة بكلام غريب, مثلها حالة المحموم التي تكثر عليه الهلاوس لأن شعوره يريد أن ينام لكي يرتاح ولكي يستطيع الجسم ان يقاوم. النوم لا يكون إلا بأحلام، والأحلام غير واقعية، فتصبح هلاوس .. لأن الإنسان لا يمكن أن ينام بدون حلم ولا أن يستيقظ بدون حلم. حلم النوم يبعد عن الواقع، وحلم الإيقاظ يقرب من الواقع, وغالبا يعتمد على التخويف مثل تأخر عن دوام أو سقوط أو تعثر مما يدفع جسم النائم للحركة فيرتطم بما حوله فيلامس الواقع أكثر و تتم اليقظة, و الخوف ضد النوم. و الشخص الذي يشغله موضوع في عالم الواقع تجده لا يستطيع النوم، وتستطيع ان تعرف انك سوف تنام بعد قليل من حالة الاحلام التي تمر بسرعة, فإذا داعب خيالك فكرة أو منظر غير واقعي، فاعرف انك ستنام بعد قليل, هذا دليل أن الأحلام تريد ان تنقل حواس الشخص الى الداخل.

لاحظ قوله تعالى : (اذ يغشيكم النعاس أمنة) أي أن النعاس يغشينا عن الواقع ومخاوفه لننام, فيكون مثل الغشاوة على البصر, لأن الخائف لا يستطيع النوم.

اكثر من حللوا ظاهرة "الديجافو" ركزوا على المشهد والحدث نفسه الذي أحسوا أنهم رأوه من قبل وليس على الإحساس بالرؤية، لذلك ذهب بعضهم بعيدا وربطوه بالتناسخ، وأنه سبق لك أن عشت حياة غير هذه الحياة وأن هذه من ذكرياتها، أو يربطونها برؤية المستقبل. لكن التركيز على أنه إحساس بأنك رأيته من قبل يسهل فهم الظاهرة, لأن نفس الإحساس نمر به ونحن نوشك على النوم حين نرى أحلاما وصورا غير واقعية ومع ذلك لا نشعر أنها جديدة. إذن "الديجافو" حالة حلم خاطفة دخلت على حالة يقظة.


هناك تعليق واحد :

  1. حالة حلم خاطفة دخلت على حالة يقظه ،،، كﻻم كبير ياكبير.بس تبقى الدراسه جاريه .،، تقبل مروري فانا اشتاق لما تكتب.

    ردحذف