كل انسان عبارة عن خليط من : الشعور الصافي (الفطرة),
والعواطف, وعنصر ثالث مهم وهو الافكار. وتعاملات البشر تدور على هذه المحاور
الثلاث ، وهي كثيرا ما تتناقض بين بعضها البعض مسببة الارهاق النفسي وسوء التفاهم
والتواصل بين البشر ، ومقلصة لمساحة الثقة بينهم وبالنفس ايضا ، و لحالة التناقض
هذه أرجع تعاسة البشرية ..
المطلوب هو ان تنسجم الثلاثة مع بعضها ، لكن من
اين تكون البداية المنطقية ؟ يجب ان تكون من الفطرة ، كي نؤسس عليها افكارنا و
بالتالي عواطفنا .
كراهيتك لمظهر احد او لرائحة معينة او غير ذلك ،
كذلك محبته ، اما ان تكون بدافع شعور فطري أو تكون بدافع عاطفي خاص بك أو بدافع
فكرة تلقيتها من غيرك . فمثلا : رائحة معينة كريهة يكرهها الجميع ، حتى لو لم يكن
عندهم فكرة عنها او تجربة سابقة ، سيكون الدافع لكرهها فطريا . أما إن كانت تلك
الرائحة تصنف في الروائح الجيدة والمقبولة ، لكنك تكرهها لأنها ارتبطت عندك بذكرى
اليمة او موقف سلبي مؤثر ، فسيكون دافعك عاطفي . وإن كانت تلك الرائحة تتعلق بفكرة
لديك ، عن ارتباط هذه الرائحة بشيء آخر ترفضه ، سيكون الدافع فكريا . وغالبا ما
تكون هذه الفكرة قادمة ممن نثق به ، حتى لو لم نحس فعلا بأنها سيئة , كأن تربط
الرائحة بفئة اجتماعية لا تقبلها الطبقة التي نعيش فيها مثلا . مما يعني ان
اذواقنا في احيان كثيرة يتحكم فيها غيرنا .
اذن علينا ان نفرّق بين الدوافع ، ونبني مواقفنا
على اساس شعوري ومنطقي ، وبالتالي نفهم انفسنا ، و إذا فهمنا انفسنا استطاع غيرنا أن
يفهمنا ، بحيث نستطيع ان نوضح كل سلوكنا في اطار منطقي ، هنا نشعر بالراحة
والانسجام والثقة بالنفس . اذا فعل هذا اكثر من طرف سيفهمون بعضهم بسهولة . لأن الأساس
الشعوري مشترك بين البشر 100 % , اذن العلاقة التي تبنى عليه ستكون واضحة الى
حد كبير وراسخة ودائمة , لأن الشعور راسخ و دائم .
يجب أن نكون منطلقين من الشعور الى العقل وليس من
العقل الى الشعور بشكل دائم ، لان ما يُحقن فينا سيجعلنا "غيرنا" وليس
"نحن" , ويكون تناقض غيرنا في داخلنا . دائما يجب ان نسأل : هل فطرتنا
من أحَب ورغب ام لا ؟ هل افكارنا حركت مشاعرنا ؟ ام مشاعرنا وظفت افكارنا وصنعتها
؟
العاقل يهتم بالعلاقة المبنية على الشعور الفطري
ولا يهمشها ويهملها ، لأنه سوف يهمل نفسه ويهمشها . شعورنا هو أساسنا ومنطلق
الدوافع عندنا .
مشكلة المشاعر انها غير محددة المعالم لأنها غير
مادية ، ولا يستطيع فهمها إلا العقل المؤسس عليها وهو ما اسميه "العقل
الطبيعي" . العقل الطبيعي يستطيع فهم مشاعره بل ويستطيع – قياسا عليها – أن
يفهم سلوك الاخرين ويحس بمشاعرهم حتى لو لم يفهموها هم ، لأنه احس بمشاعره هو
وفهمها . وباختصار : لا تفاهم بين البشر بدون الشعور .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق