السبت، 7 مارس 2015

كيف نفهم أنفسنا و نتفاهم مع غيرنا؟


كل انسان عبارة عن خليط من : الشعور الصافي (الفطرة), والعواطف, وعنصر ثالث مهم وهو الافكار. وتعاملات البشر تدور على هذه المحاور الثلاث ، وهي كثيرا ما تتناقض بين بعضها البعض مسببة الارهاق النفسي وسوء التفاهم والتواصل بين البشر ، ومقلصة لمساحة الثقة بينهم وبالنفس ايضا ، و لحالة التناقض هذه أرجع تعاسة البشرية ..

المطلوب هو ان تنسجم الثلاثة مع بعضها ، لكن من اين تكون البداية المنطقية ؟ يجب ان تكون من الفطرة ، كي نؤسس عليها افكارنا و بالتالي عواطفنا .

كراهيتك لمظهر احد او لرائحة معينة او غير ذلك ، كذلك محبته ، اما ان تكون بدافع شعور فطري أو تكون بدافع عاطفي خاص بك أو بدافع فكرة تلقيتها من غيرك . فمثلا : رائحة معينة كريهة يكرهها الجميع ، حتى لو لم يكن عندهم فكرة عنها او تجربة سابقة ، سيكون الدافع لكرهها فطريا . أما إن كانت تلك الرائحة تصنف في الروائح الجيدة والمقبولة ، لكنك تكرهها لأنها ارتبطت عندك بذكرى اليمة او موقف سلبي مؤثر ، فسيكون دافعك عاطفي . وإن كانت تلك الرائحة تتعلق بفكرة لديك ، عن ارتباط هذه الرائحة بشيء آخر ترفضه ، سيكون الدافع فكريا . وغالبا ما تكون هذه الفكرة قادمة ممن نثق به ، حتى لو لم نحس فعلا بأنها سيئة , كأن تربط الرائحة بفئة اجتماعية لا تقبلها الطبقة التي نعيش فيها مثلا . مما يعني ان اذواقنا في احيان كثيرة يتحكم فيها غيرنا .

اذن علينا ان نفرّق بين الدوافع ، ونبني مواقفنا على اساس شعوري ومنطقي ، وبالتالي نفهم انفسنا ، و إذا فهمنا انفسنا استطاع غيرنا أن يفهمنا ، بحيث نستطيع ان نوضح كل سلوكنا في اطار منطقي ، هنا نشعر بالراحة والانسجام والثقة بالنفس . اذا فعل هذا اكثر من طرف سيفهمون بعضهم بسهولة . لأن الأساس الشعوري مشترك بين البشر 100 % , اذن العلاقة التي تبنى عليه ستكون واضحة الى حد كبير وراسخة ودائمة , لأن الشعور راسخ و دائم .

يجب أن نكون منطلقين من الشعور الى العقل وليس من العقل الى الشعور بشكل دائم ، لان ما يُحقن فينا سيجعلنا "غيرنا" وليس "نحن" , ويكون تناقض غيرنا في داخلنا . دائما يجب ان نسأل : هل فطرتنا من أحَب ورغب ام لا ؟ هل افكارنا حركت مشاعرنا ؟ ام مشاعرنا وظفت افكارنا وصنعتها ؟

العاقل يهتم بالعلاقة المبنية على الشعور الفطري ولا يهمشها ويهملها ، لأنه سوف يهمل نفسه ويهمشها . شعورنا هو أساسنا ومنطلق الدوافع عندنا .


مشكلة المشاعر انها غير محددة المعالم لأنها غير مادية ، ولا يستطيع فهمها إلا العقل المؤسس عليها وهو ما اسميه "العقل الطبيعي" . العقل الطبيعي يستطيع فهم مشاعره بل ويستطيع – قياسا عليها – أن يفهم سلوك الاخرين ويحس بمشاعرهم حتى لو لم يفهموها هم ، لأنه احس بمشاعره هو وفهمها . وباختصار : لا تفاهم بين البشر بدون الشعور  .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق