الجمعة، 3 يوليو 2015

حول زواج المثليين الشواذ وعمليات التحويل الجنسي ومعرفة حقوق الإنسان ..


إجابة على سؤالين متقاربين في الموضوع :

السؤال الأول:
في الآونة الأخيرة نسمع كثيرا عن علميات تحويل الجنس من ذكر إلى أنثى أو من أنثى إلى ذكر, وفي السابق كانت تجرى هذا النوع من العمليات في الدول الغربية ومن فترة قريبة سمعت عن بعض الدول العربية التي أيضا سارت على نفس هذا النحو مثل لبنان .. قضية تحويل الجنس قضية شائكة ومعقدة فلا أحد يختلف على حرمة تحويل الجنس في الإسلام مما في ذلك تغيير للفطرة وإجابة لدعوى الشيطان, في قوله تعالى : (فأٌم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم لكن أكثر الناس لا يعلمون). وقوله تعالى: (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) عن وعد الشيطان. وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لعن الله المتشبهين من الرحال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال" رواه البخاري وأبو داوود .
وأما حرمته في الدين صريحة يظهر لنا ما هو وهو intersex  مستثنى من ذلك عمليات الطفل التي تبدو معالمه التناسلية مختلطة فيقرر الطبيب تحويله إلى ما هو أقرب له وأكثر وضوحا..
سؤالي لماذا لم نسمع عن اضطرابات الهوية الجنسية في قديم الزمان في عهد الرسول أو في التاريخ, إن هذا لا يظهر غالبا إلا في الدول المترفة ومتأخرا..
(من وجهة نظري) أعتقد غالبا أنه مرض نفسي لا أكثر يحتاج إلى دورة علاجية مكثفة, فلماذا نجد مثلا الذكر عندما يتحول لأنثى لا يستطيع أن يلد طبيعيا أو تظهر عليه العلامات الفيسيولوجية التي تخص المرأة؟ لماذا يحتاج إلى عمليات تجميل خاصة بتنعيم الصوت أو تجميليا في الوحه والجسد؟ لماذا نرى نسبة كبير ممن يتحول جنسيا أو إن أظهر بأن ذلك من خلقته يستغلونهم جسديا في قضايا أخلاقية؟ ولماذا العين تميز من يتحول جنسيا وإن لم يخبرك, لماذا الفطرة ترفضه من أول وهلة؟
هم يقولون بأنه يوجد بهم عيب خلقي مع تحفظي على هذه الكلمة بشكل عام, ولكن تشوها كهذا يعاني منه أحد ما لماذا لم يذكر حكمه في القرآن أو في السنة؟
.........................................
السؤال الثاني:

استاذ الوراق .. تحية طيبة

الان تم التصريح في امريكا بزواج الشواذ جنسيا ، ويقول المدافعون ان للشواذ حقوقا هي التي اقرّت بتصريح ذلك في امريكا .. 

السؤال : كيف يكون للشواذ حقوق ؟ ما معنى كلمة حقوق التي ينادي بها الغرب كثيرا ؟ ومتى نحكم أن للإنسان حق في كذا وليس له حق في كذا ؟ وشكرا
..........................................
الرد:

تقريبا أمامنا حالتان في التغيير الجنسي: حالة يوجد فيها اضطرابات جنسية خلْقية (عيوب خلْقية), والحالة الأخرى تغيير ليس له أساس فسيولوجي بل لمجرد التغيير .

الحالة الأولى فيها أخذ ورد و تُرجَّح العوامل الأكثر, وعلى رأسها إحساس المريض نفسه و ميوله سواء للذكورة أو الأنوثة, فعلامة الذكورة أو الأنوثة ليست شيئا واحدا بل عدة أِشياء تؤخذ بالحسبان, مثل هيئة الجسم والصوت ونسبة الهرمون الذكري أو الأنثوي إضافة للأعضاء الجنسية, قد يوجد من أغلب ما فيه ذكر إلا عضو معين أو العكس, وقد يوجد العضوين معا, لأنه قد توجد بعض الأخطاء كخلل جيني. وهذه مشكلة معروفة عند القدماء, وقد ناقشه الفقهاء قديما بما يسمى بـ"الخنثى المشكل". ويجب أن يتقدم الفقه مع تقدم العلم.

أما النوع الثاني, فغالبا دافعه دوافع غير مقنعة بل ربما غير أخلاقية, و هو لا شك محرم أن تأتي أنثى وتغير نفسها إلى ذكر أو رجل يغير نفسه إلى امرأة مع أنه رجل, هذا تغيير لخلق الله بل و تغيير للهوية, ويصبح لا هو ذكر ولا هو أنثى, ويصعب على المجتمع أن يتقبل هذا الوضع, هذا غير أنه سوف يحرم من الإنجاب. وماذا ذنب الطرف الثاني الذي سيرتبط به؟ هذا من العبث .

ومن يحولون أنفسهم عبثا تلحظهم العين بسهولة وتكتشف التزوير, كيف يرضى الإنسان أن يكون مزورا؟ لذلك يعانون نفسيا من نظرة المجتمع إليهم. الشيطان يأمر أتباعه أن يغيروا خلق الله, انظر ماذا يفعل عبدة الشيطان بأجسامهم حيث يخرمون آذانهم ويشققون أنوفهم ويفعلون أِشياء بشعة لكي يخالفوا الذوق والفطرة من باب التميز وحرب بقايا الدين. الشيطان يحارب الله في فطرته, وبالتالي هم يضرون أنفسهم ولا ينفعونها ويعانون من نظرة الناس لهم.

وكيف ستكون مشاعرك وأنت تنظر إلى شخص لا تعرف هل رجل أو امرأة؟ لا شك أنها مشاعر مضطربة وبالتالي العلاقة معه ستكون مضطربة والمصداقية مضطربة, فلا تدري بأي عين ينظر إليك! وإن كانت ملامحه وطريقة كلامه تقول أنه امرأة أو رجل لكنك ستشك أنه يمثل, فكثير من الممثلين مثلوا دور امرأة أو رجل بنجاح! تخيل أن والدك أو أمك من هذا النوع, كيف ستكون مشاعرك نحوه؟

الأنوثة والذكورة أدوار في الطبيعة والفطرة ولها رسالتها, فكيف تنتظر أنوثة وحنانا من أنثى مزورة مثلا كانت رجل أو ماتزال رجل! كل أصيل أفضل من المزور.   
الخلل في الزواج الطبيعي ينتج مثل هذه التطرفات, فالخطأ في تطبيق الأصل ينتج الشذوذ عن الأصل، كل خطأ ينتج خطأ مضاد له في الاتجاه وأسوأ منه.

أما من عندهم مشاكل في الخلقة نفسها فهؤلاء معذورون يجب أن يقف الجميع معهم لأنها نوع من الإعاقة الجنسية, والمعاق يجب أن يحترم. أما الفسوق على الفطرة فهذا شيء تمجه النفس.

والمثلية هي التي تفتح الباب لهذا العبث, مما يؤكد كلامنا أن المثلية (الشذوذ) وهم من عمل الشيطان وليست حقيقة. يدل على هذا ميل المثلي السالب الذكر إلى أن يتشبه بالأنثى, وكذلك المثلية الأنثى الموجبة تتشبه بالرجال, إذن المثلية الجنسية ليست موجودة في الحقيقة, هذا يعني قوة الفطرة وأن الفطرة أقوى من الفكرة. لو كانوا مثليين لاستمروا مثليين ولم يتشبهوا بالجنس الآخر بل لزاد تشبههم بجنسهم, واضطرارهم للتغيير الجنسي دليل يفضحهم. بعبارة أخرى المثلي لا ينجذب لمثله بل ينجذب للجنس الآخر ويريد من شريكه أن يشبه الجنس الآخر! كل هذا من عمل الشيطان لكي يحرفهم عن منهج الله و عن الفطرة, فما بالك أن يصرَّح لهم بالزواج؟

الزواج الحقيقي مبني على الفطرة وعلى ما يحفظ النوع الإنساني ويبقيه وعلى ما يكفل رعاية الصغار, كيف يكون زواجا وهو لا يمكن أن يأتي منه إنجاب ومبني على مشابهة بالجنس الآخر؟ كأنه زواج وهم بوهم, كأن نحتفل بزواج القمر بالشمس!

لكن هناك نوع من البشر يحب الظهور فلا يستطيع بقدراته العقلية فيحاول بقدراته الجنسية, وإلا ما معنى أن يميل ذكر إلى ذكر يتزوجه, بينما توجد فتيات فيهن من الجمال والأنوثة والخصب والإنجاب والتقبل واستعداد للحياة الزوجية بكل ما يريد الذكر؟ أتستبلدون الذي أدنى بالذي هو خير؟! هذا يشبه من يترك الثمار ويأكل الأغصان لكي يتميز ويسمى بآكل الأغصان!

لا حقيقة للشذوذ ولا وجود له في المخ أو الجينات كما يقولون, والواقع يفضحهم من خلال التشبه بالجنس الآخر. الحكاية حكاية خالف تعرف, ومن عجز عن التميز بعظائم الأمور طلبه برذائل الأمور . حجة أنه بسبب تركيب جيني عند الشواذ حجة ساقطة وغير علمية. إذن للذين يشمئزون من الشذوذ ويرفضونه أن يقولوا: جيناتنا ترفض! ماذا نفعل؟ وبالتالي لا أحد يمنعني من الاشمئزاز والتقزز من الشواذ لأن الجينات التي عملت عملها عنده عملت كذلك عندي لكن باتجاه آخر! مادام أن كل سلوك الإنسان يربطونه بالجينات طلبا للجبرية, وهذا ربط يستخفون به عقول الناس, وتصديقه يكشف رداءة العقل من جودته. وعلى هذا الأساس يجب ألا يُقسى على اللصوص المجرمين لأن جيناتهم لصوصية, ماذنبهم؟! لماذا من جيناته تدفعه للشذوذ يُسمح له ويُرحم ويُعامل بلطف ويُعذر بجيناته, و من جيناته تدفعه للعنف أو السرقة يعاقَب ويُشمأز منه وتُساء سمعته؟ مع أن نسبتهم أكثر من الشواذ! و حسب تفكيرهم السرقة عمل طبيعي لأن أجدادنا القرود –على حد قولهم- تسرق من بعض! إنه اتباع الهوى ليس إلا, يردي العقل ويردي الأخلاق .
وقد تكلمت بشكل مفصل عن أسباب الشذوذ الجنسي في هذا الحوار : 

أما كون القانون الأمريكي يصرح به, فهذا قانون علماني أصلا ولا تهمه الحقائق بقدر ما يهمه المطالبين به, القانون في هولندا يسمح بأنواع من المخدرات, وفي بعض ولايات أمريكا بدؤوا بالسماح بأنواع من المخدرات بينما ولايات أخرى تقتل عليها, فلاحظ التناقض!

وهل كان ممنوعا للشواذ أن يعيشوا معا حياة زوجية أو يمارسوا شذوذهم؟! إذن لماذا التصريح؟ فقط لإعطائها شرعية فكرية وأخلاقية من رئيس أقوى دولة في العالم ويقال أنه عمل صحيح. أًصبح السياسي مشرع أخلاقي! وهذه الشرعية قد يبنى عليها حقوق فيما بعد, فمادام أن الشذوذ وزاوج المثليين صحيح إذن لماذا لا أمارسه مع أحد لا يرغب مع أنه حق؟! هكذا سيقول الشواذ, ومادام لا يرغب هذا يعني أنه يشمئز ويخالف القانون الذي لا يشمئز من أي رذيلة! والاشمئزاز إهانة لفئة من المجتمع, إذن يمارس تفرقة مبنية على الميل الجنسي, ويستحق أن يعاقَب! أو يَقبل! ومن ينزل في بلد عليه أن يحترم قوانينه ويكون مستعدا لأي مفاجآت قبل أن يسافر! وصدق الهندي القائل : "عندما قدمت لأمريكا كان الشذوذ جريمة.. ثم اصبح مقبولا, والآن نظاميا.. من الأفضل ان ارحل قبل ان يصبح إلزاميا!"

وهكذا تعود ذكرى قوم لوط الفاسقين, الذين جعلوا الشذوذ إلزاما حتى على ضيوف بلدهم, و لاحظ وصفهم للمؤمنين: {أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون} أي يتقززون من قانونهم! هكذا سيصبح الغرب: قوم لوط, مسألة وقت.. التشريع يؤسس للحقوق, وكل حق يجر وراءه حقا. تشابهت قلوبهم.. لا جديد في العلمانية قديمها وحديثها.. الشيء الوحيد الجديد على البشرية هو الدين الصحيح والوحي الإلهي.. عندما تشرع المنكرات والباطل هذا مؤذن لخراب المجتمع وتفككه وغروب شمس حضارته..

هذا كله داخل في الحرب على الدين و الفطرة والأخلاق الإنسانية, يريدون أن يجدوا بدائل لكنهم يفشلون, وصدق الله : {فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله} , وهم أباحوا الخمور والقمار والزنى والشذوذ والربا والإجهاض مع أنه قتل نفس, فالعلمانية ليس لها مرجع أخلاقي بل هي تبع السائد وتبع الأقوى, من يدفع أكثر ويملك أصوات أكثر يقرر ما يشاء, فلا يُستغرب أن تبيح قوانينهم كل المحرمات يوما من الأيام لأنها قوانين تصنعها الفئة الأقوى وماذا تريد. والأقوى عادة هم الأفسق : {إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها} والفسق مخالفة الفطرة, فيقال فسقت التمرة إذا خرجت عن قشرها.

القرآن هو أحرص على حقوق الإنسان من العلمانية التي لا هم لها إلا الأقوياء, وبالتالي هي تدمر الإنسان على عكس ما تريد, لكن على الأمد الطويل, بما في ذلك الأٌقوياء. القرآن هو الكتاب الوحيد الذي يحافظ على حقوق الإنسان حتى من نفسه وبالتالي هو الأرحم بالإنسان.     

الحقوق مبنية على الشعور الإنساني المشترك, مثل حق الحياة وحق الأمن وحق العدالة و حق الاختيار الديني والفكري وحق التعبير عن النفس والدفاع عن النفس..إلخ, هذه كلها مبنية على أساس من الشعور الإنساني, والقرآن هو خير من يكفلها وليست القوانين العلمانية.

الحقوق يجب ألا تكون ضارة من جهة أخرى أي لا تخدم فئة على حساب فئة, ولا تخدم رذيلة على حساب فضيلة ولا تخدم باطلا على حساب حقيقة. صياغة الحقوق في الغرب ليست على أساس العدالة ولا على أساس الشعور الإنساني في كثير من الأحيان, بل على أساس مصالح الطبقة العليا و ما يتعارض معها وما لا يتعارض, وعلى أساس كثرة المطالبين ووجود أعضاء في البرلمانات يؤيدونهم, أي على أساس الأشخاص والإعلام وليس على أساس الفكر والمنطق.

إذا كانوا يحبون الحقوق عليهم أن يبطلوا الرأسمالية لأنها تعطي القوي حقوقا مطلقة في سحق الضعفاء اقتصاديا وسحب البساط عنهم, فحقوق التساوي في الفرص تقضي عليها الرأسمالية, لأنه ليس للفقير حق في مال الغني عندهم, مع أن للفقير دور في ثروة الغني! هذا الحق يكفله الإٍسلام فقط : {وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم}. أما الضرائب فهي تخدم الجميع وليس الفقراء فقط وأكثرها تذهب للتسلح! مثل هذا الحق لا يحبون الحديث عنه ويتشددون في رفضه, مع أنهم يتساهلون في انتهاك أي شيء يتعلق بالدين والأخلاق .

المشرعون هناك هم الأقوياء, وأعضاء الكونجرس لا يوجد فيهم فقير, لهذا لن يصرح الكونجرس الأمريكي يوما من الأيام بحقوق العصابات واللصوص مهما كثروا وكثرت مطالبتهم لأنه يتعارض مع مصالحهم, وهم الذين عندهم المال وهؤلاء لصوصه! و من مصلحة الرأسمالية أن تحارب الدين والأخلاق لأنها تريد حرية أكثر والدين والأخلاق تقف في طريقها أحيانا .

الحقوق ليست فكرة + جماعة تطالب كما في الغرب . وإلا على هذا الأساس نستطيع أن نطالب بنقابة للصوص إذا كثر مؤيديها, ونقابة لآكلي الحشرات ونقابة للمنتحرين و نقابة لمشوهي أجسادهم ونقابة للمتشبهين للحيوانات..إلخ. لا الرضا ولا المطالبة ولا الرغبة يصح اعتبارها أساسا للحقوق, فقد يكون رضا يدمر المجتمع, مثل التقاتل بين متراضين, هل يجب على الدولة أن تتركهم؟ أليسوا متراضين وبالغين ويطالبون بذلك؟! مثلما تترك الزناة لأنهم متراضين وبالغين, وكما أن منع التقاتل يتعلق بحق الحياة كذلك منع الزنا يتعلق بحماية حق الزواج والأسرة و الأطفال, و ما وجد الإجهاض إلا بسبب الزنا, والإجهاض قتل. يمنعون الزنا قبل 18 سنة ويحلونه بعدها! على أساس أن الكبير مسؤول عن تصرفه, هذا يدل أنه خطِر وإلا لماذا يمنعونه عن الأصغر؟ لو كان الزنا بالتراضي شيئا لا بأس فيه ولا مشكلة لماذا يمنعونه عمن هم دون الـ 18 سنة؟ ثم هل قبل 18 سنة بيوم لا يفهم شيء وبعد 18 سنة بيوم يفهم كل شيء! شيء عجيب!

لا بد أن تعرّف الأِشياء حتى نعرف من له حقوق أو لا, فيعرّف الزواج مثلا و ما دخل في التعريف يسمى زواجا وما لا يدخل في التعريف لا يسمى زواجا, وإلا سيكون الشخص الذي تزوج شجرة أو حيوانا زواجه سليما!

من يتعاطون المخدرات سوف يأتي يوم من الأيام ويطالبوا بحقوقهم وسيقولون على المجتمع أن يحترمنا ويعترف بنا, وبالتالي تنتشر المخدرات في المجتمع أكثر, لأنهم إذا صار لهم حقوق وصُرح لهم سيقومون بالدعاية والترويج ويغررون بالصغار ويعلمونهم الإدمان..إلخ, لهذا نتفاجأ في القانون الغربي من إصدار حقوق على باطل والسبب كثرة الضغوط والمطالبين والشركات ليس إلا, لأن قانونهم ليس على أساس ولا على هدى. يوم من الأيام ستجد أن القانون الغربي يصرح بالمخدرات وقد بدأ, ويصرح للمنتحرين ويضع لها جمعيات مثلما صرح بحقوق من يغيرون جنسهم ومن يتزوجون من نفس الجنس, لم يبق إلا قانون من يريد أن يتزوج نفسه بحجة أنه مزدوج الشخصية المسكين..!

هذه الإشكالية التي وقعت بها العلمانية سببها أن أساسها هو المجتمع فقط وما يريد وليس أساسها الحق, لأنها ترفض أن تهتدي بنور الله فصارت تتخبط وبالتالي فمجتمعاتهم تتحلل تدريجيا, فتحرّم أشياء ثم في الأخير تجبر على الاقتناع بها واحترامها والسبب أن الناس تريده, مثلما صارت الدعارة حقوق, ويطالبون بتغيير أسماء الأشِياء (غسيل أسماء) فالدعارة صارت تمسى عمل في مجال الجنس (sex workers), مثل مجال الصناعة والتجارة! وصار الشذوذ مثلية, وصار للمرأة حق أن تخون زوجها, وللمروج حق أن يروج ! لم يبق إلا أن يكون للصوص حقوق بأن يتجمعوا يكونوا عصابات مصرح بها! بل هناك أصوات تطالب بحقوق الاغتصاب لأنهم يريدون الاغتصاب ولا يجدون لذة إلا فيه! ولا تستغرب إن يوم من الأيام تصدر لهم حقوق وقوانين, وتضع ضوابط قانونية تمنع الاغتصاب دون 18 سنة وتمنع اغتصاب المرضى والمسافرين والحوامل ومن هم في وقت العمل الرسمي! وهذا مؤدى ما ينادي له سام هاريس وغيره بما يسمى بمرحلة ما بعد الأخلاق .

هذا هو المشي في الظلام واتباع هوى النفس, يدمرون أنفسهم ومجتمعاتهم بأنفسهم.. {يخربون بيوتهم بأيديهم}. إذن لا بد من معيار يعتمد على الفطرة ويوضحها وهذا لا يكون إلا في الدين الصحيح غير المعلمن . كل شيء ممنوع في الغرب سيأتي يوم ويكون مسموح, إلا ما يمس الطبقة العليا, هنا تتحرك شرطة نيويورك ذات السمعة السيئة وتسحب متظاهرين سلميين وتدمي أيديهم وأرجلهم باسم تضييق الشوارع, لأنهم تحدثوا عن "شارع المال" بسوء .

وأما حشر المثليين الشواذ للحب في الموضوع لتزيين المنظر, فالحب يأخذ صورا كثيرة في علاقات البشر, وإذا كان إقرار زواج المثليين هو انتصار للحب كما صرح الرئيس الأمريكي, إذن أي حب يجب أن ينتهي بالجنس وإلا لن يسمى منتصرا, فمن يحب أباه أو صديقه أو كلبه أو سيارته فيجب أن ينتهي هذا الحب بالجنس والزواج! وحينها ينتصر الحب وتخرج الهاشتاقات ! لأنهم يحبون هذه الأشياء والحب لا يكتمل إلا بزواج ! ومن أحب شيئا فليتزوجه بموجب هذا التفكير الشيطاني السقيم! الأمومة حب والأبوة حب والمواطنة حب والصداقة حب والهواية حب, وكلها تحتاج إعلان زواجات ! متى يعلَن أن شخصا تزوج حصانا وآخر تزوج طائرة وثالث تزوج وطنا ورابع تزوج مطعما وسادس تزوج سيجارة ! عالم جنوني هو ما نعيش فيه !

الجنس لا علاقة له بالحب لأنه عملية بيولوجية بحتة تمارس في دور الدعارة دون أي حب ولا معرفة سابقة حتى, وإلا لكان الاغتصاب حبا أيضا لأن فيه جنس, فالجنس شهوة بيولوجية وليس حبا قد تأتي مع من تحب أو مع من تكره .

هذا خطأ منطقي كبير تقع فيه العلمانية عندما تربط الجنس بالحب, وكأنها لا تعرف الحب بل تعرف الجنس وكل من يمارسون الجنس معا إذن هم يحبون بعض! و هذا العقلية المادية تعرف الأشياء بجانبها المادي, هذه نظرة عقل ضعيف ناقص, لأنه لا يرى إلا الجانب المادي من الصورة في كل شيء.

اتباع الشيطان يضعف العقول, لأنه يقود إلى المادية والمادية تسبب نقص نصف الحقيقة في العقل من كل شيء, فأي إنسان مادي هو يعيش بنصف عقل, وبالتالي المادي ناقص عقل ودين. هل البخيل مثلا يُنظر إليه كمكتمل العقل؟ طبعا لا, لأنه يقدم الماديات على المعنويات بل لا يكترث لها, لذلك صار نكتة, و أي شخص يكون نكتة فهو لم يُر عقله بنظرة كمال, وكل بخيل مادي. وعلى هذا الأساس تفهم الثقافة الغربية المادية التي تديرها العقلية اليهودية المادية .

و الزواج ليس مبنيا على الجنس فقط بل على التكامل الذي يخدم الأطفال والمرأة والرجل ويشبع حاجة الجميع بكل أنواعها وليس فقط الجنس, وتبقي الحياة مستمرة. الغرب يصفق كثيرا للأفكار العدمية ومن ضمنها زواج المثليين الشواذ العدمي الذي لو عمم لانتهت الحياة. وبالتالي هي أفكار شيطان عدو للإنسان .

ومادام المثليون الشواذ يكرهون الزواج لماذا يتسمون به؟ أين بديلهم؟ وما الفائدة من كلمة زواج؟ هل هناك حقوق زوجية يجب حفظها؟ أو نفقة أو أولاد؟! حتى لو تبنوا طفلا لن يكونوا آباءه, وسيقولون أنه ابننا, وهذا كذب, وأننا متزوجون, وهذا كذب, وأننا لا نحب الجنس الآخر وهذا كذب, كلها كذب في كذب, كيف تقوم الحقوق على أكاذيب؟ أم أن الدافع للزواج لكي يقيم عليه دعوى خيانة زوجية إذا رآه مع غيره؟! خصوصا من الجنس المحظور!
لو توضع كاميرا مراقبة على من يدعي أنه لا يحب الجنس الآخر لبان الكذب , فتجربة إثارة واحدة ستكشفهم .

الماديون مساكين, مثل الكلب الذي ليس عنده إلا عظمة يمصصها مع كل وجه ويبحث عن أي طعم جديد فيها, بسبب ضيق الأفق المادي عندهم لأن المتعة عندهم فقط في الحواس والأعضاء. كم من المتع الإنسانية والعقلية والأخلاقية والروحانية والفنية والأدبية والإبداعية فاتت مثل هؤلاء .

وأستغرب من رفع زواج المثليين الشواذ كقضية يتكلمون عنها ليل نهار, هل ضاقت الدنيا لهذه الدرجة؟ الدافع الجنسي جزء من الحياة وليس كل الحياة. شيء عجيب أن يقول شخص عن نفسه: أنا مثلي! وكأنه انتهى الشخص ولم يبق فيه إلا عضو تناسلي, هو يهين نفسه هكذا فالإنسان أوسع من هذا. الإنسان لا يـحب أن يُحصر في شيء محدد فكيف يرضون هؤلاء على أنفسهم ويجعلونها أول صفة من صفاتهم؟! إنه انحراف وشذوذ على كل المستويات وليس مستوى واحد. هكذا يفعل الشيطان بأتباعه يحصرهم في أحقر شيء, بمخارج البول والبراز. عندما يعرِّف شخص عن نفسه بأنه مثلي هو حصر نفسه بهذا المخارج وأهان نفسه بنفسه .

زواج المثليين الشواذ هو عالة على علاقات غير الشواذ لأنه يتبنى من أطفالهم. ومسكين هذا الطفل.. أمه وأبوه زناة لا يعرفهم ويتبنونه شواذ ملاحدة أحدهما مغير لجنسه! ويقولون له أن أجداده قرود! نعم النسب والنشأة! وإذا سأله زملاؤه عن أمه فسيكون وضعه محرجا, فلا هي أمه بل وليست امرأة, وليست رجل.. كل شيء مزور! كيف سيكون شعوره وهو يرى طفلا من زواج حقيقي تأتي به أمه التي ولدته إلى المدرسة؟ ويأخذه أباه الذي هو جزء منه؟ هل سيكون المتبني المثلي أحن عليه من والدته الحقيقية وأبيه الحقيقي؟ لهو الكبار يدفع ثمنه الصغار دائما .. صور قذرة عندما يتمثلها العاقل .. وصدق الله العظيم :{إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا} . هكذا يُنتج اتباع الهوى .

من أسباب التوازن النفسي للطفل أن يكون له أب وأم حقيقيين, أين حقوق الطفل في مطالباتهم السخيفة هذه؟ أم لأن الطفل ضعيف وليس له صوت في البرلمان؟ من حق الطفل أن يعيش في أسرة حقيقية ناتجة عن زواج شرعي, وأن يكفله والداه حتى يكبر, هذا هو الأصل أن يعيش في أسرة حقيقية ينتمي إليها وراثيا.. البشر ليسوا دجاجا يخرجون من آلة التفقيس. نصف الأطفال في اسكندنافيا في مثل هذه الحالة, ليسوا نتيجة زواج, وهناك تنتشر أكبر نسبة إلحاد, حتى نعرف مصدر هذه الأفكار .

كلامي في هذا المقال هو عن الاعتراف وتقرير الحقوق وليس عن القمع, القمع موضوع آخر لست أطالب به, لكن إصباغ الحقيقة على ما ليس حقيقة هو المشكلة, من باب بيان المعروف وعدم السماح باختلاطه مع المنكر, أما المختار فهذا شأنه, لكن لا نسمح له أن يزور الحقائق, من باب حرية الرأي على الأقل .

إصرار المثليين الشواذ على كلمة زواج يدل على قيمة الزواج في شعورهم وأنه حل متماش مع الفطرة, فالزواج قادم من دين الله وهو الأعلم بالفطرة لهذا فالزواج يكفل حقوق الجميع, فيكفل ذكورة الرجل وأنوثة المرأة وحقوق الأبناء, فالكل يأخذ مكانته بالزواج والزواج قادم من الدين. و لولا الزواج كيف ستقوم الحياة؟ تخيل لو انتشر زواج المثليين الشواذ, كم هي الضحايا؟ ستجد ذكرا متزوج من ذكر وأنثى متزوجة من أنثى كلاهما محتاج للآخر لكن لا يستطيع أن يصل إليه, هناك فتاة كان من حقها أن ترتبط بهذا الرجل لكنها حُرمت منه بسبب لوثة عقله, فيكون هنالك خلل بالتوازن الاجتماعي.

حتى نعرف هل الفكرة صحيحة أم خاطئة يجب أن نعممها, لنفترض أن كل البشر صاروا شواذا وتزوجوا على طريقتهم, ما حجم الكوارث التي ستحصل؟ أولها انقطاع الجنس البشري, وهذه تكفي عن البقية! فكيف تكون حقوق لمن فكرتهم تدمر البشرية؟! الحقوق لمن أفكارهم تصلح البشرية. وبالتالي ليس لهم أي حق فكيف يكون التدمير حق؟ إذن عليهم أن يعطوا اللصوص حقوق لأنهم يدمرون أيضا, المثلي الشاذ يدمر الجنس البشري و اللص يدمر بعض المال! إذن فكرة المثلية اخطر على البشرية من فكرة اللصوصية, هذا في المنطق. لذلك الله حرمه. وهكذا سقطت الفكرة من أساسها بالتعميم. وهكذا كل دعوة أو فكرة عليك أن تعممها وترصد نتائج ذلك التعميم المفترض ثم تعرف هل هي حق أو باطل. إنن من يطالب بباطل ليس له حقوق.

بينما إذا عممنا فكرة الزواج الطبيعية لا يتدمر شيء, إذن الزواج بين الجنسين صحيح والزواج المثلي الشاذ خطأ. هل يوجد حل أفضل من الزواج؟ طبعا لا يوجد, إذن أي علاقة تخالف الزواج هي خطأ, وبالتالي ليس للمثليين حقوق, ليثبتوا أنهم على حق أولا ثم يطالبوا بحقوق, الشاذون يطالبون بحق بشيء ليس حق, فكيف يكون حق؟  فكلمة حق من اسمها مرتبطة بالحق وليس بالباطل. مثلا السماح للانتحار هل نسميه حق أو لا؟ إذا عممناه ماذا سيحصل؟ النتيجة باطل, فكل من مر بلحظة ضعف ويرى التسهيلات المقدمة للانتحار سيقدم عليه, وبالتالي سوف ينتشر الانتحار, وربما لو صبر قليلا سيتراجع ويغير رأيه. إذن ليس للإنسان حق أن يفعل كل ما يشاء ولا حتى بنفسه.

منع الحرية المطلقة من حقوق الإنسان وليس العكس, لأن الإنسان يضر نفسه كثيرا ويضر غيره إذا أعطي الحرية المطلقة, والله يقول: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق} ويقول: {وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت} وهذا يشبه الإجهاض. هذا من الاستهانة بالحياة وهو أمر خطير, إذا عممته ستقع في الفكر النيتشوي الإلحادي التدميري. إذا قلنا دع هذا المنتحر يموت ليستريح, وسمحت بإحهاض الجنين,  وهذا المريض لنرفع عنه الأجهزة ليستريح لأنه غير قادر على مواصلة الحياة بشكل جيد, إذن سيقودنا هذا لقتل المعاقين والمجانين وبالتالي قتل الفقراء والضعفاء لأنهم غير ناجحين في الحياة فنطبق قانون البقاء للأقوى! وبالتالي يكون الناس ضحية تخمين الأطباء في جدوى حياتهم من عدمها, وكثيرا ما قال الأطباء أن أحدا سيموت و عاش ومات الطبيب! فيكون الناس كأنهم مشروع دواجن عند الرأسمالي, فالقوية تبقى والضعيفة أو المريضة تُقتل! وانظر للحكمة من الآية: {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} ففعلا تطبيق الفكرة العلمانية الإلحادية الليبرالية سيقضي على الحياة في الأخير. فيالرحمة الله لعباده لدرجة أنه أرحم بهم من أنفسهم.

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا..
سوء الأخلاق كفيل بالقضاء على الجنس البشري ولا أخلاق بلا دين, بدليل من تركوا الدين صاروا ينتقصون الأخلاق ويقللون من شأنها كما نرى عند الملاحدة.

العلمانية هي أكثر ما يستهين بالحياة, فيحلل الانتحار ويسهل وسائله, يحلل القتل الرحيم, يحلل الإجهاض, ويحلل الصراع والحروب لأجل المصالح ويبرر للأٌقوياء بطشهم وينسب ذلك للطبيعة, بل يحلل استعمال الأسلحة الذرية على مواطنين عزل تبعا للمصلحة! القرآن حرص على الحياة والحقوق أكثر منهم.

الحياة خط أحمر.. هكذا علمنا القرآن, وكل من يستهين بها سواء من داخل الدين أو من خارجه هو مخالف لأمر الله. في المقابل نجد القوانين العلمانية في الغرب تتهاون مع من ينتهكون حرمة الحياة على العكس تماما, شخص في النرويج قتل سبعين طفل بريء وأخذ حكم عشرين سنة قابلة للتخفيض إلى عشر! فيتهاونون في الحياة ويتهاونون مع مبيدي الحياة, هذا ما يُنتجه البعد عن منهج الله .
      


هناك تعليق واحد :

  1. اشكرك استاذي الوراق على ردك الشامل والكامل .. رائع جداً ..
    كل فقرة تستحق دراسة مستقلة بحد ذاتها ..
    تحياتي لك استاذي ..

    ردحذف