ابو القاسم :
كلامك هذا مردود ..بل أدلة الإسلام قطعية يقينية
بلاشك وإنما يعمى عنها من في قلبه عمى..فالإيمان والكفر له متعلق بالقلب وانشراح
الصدر المتعلق بعدل الله ومشيئته وحكمته ، فلهذا ليس كل من عاين الدليل يهتدي
وتأمل قول الله تعالى عن الكفرة "وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها "
والآية أي شيء هي .. إذا لم
تكن دليلا قاطعا ؟
..وأعجب من أنك جعلت تأملاتك في الحجة البالغة أي في القران العظيم : مفضية للقول بتوهين حجة أهل الحق!!! ...وفاتك أن تتأمل معها قول الله تعالى (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) وغيرها من عشرات الآيات المنافية لهذه الدعوى المؤسفة
..وأعجب من أنك جعلت تأملاتك في الحجة البالغة أي في القران العظيم : مفضية للقول بتوهين حجة أهل الحق!!! ...وفاتك أن تتأمل معها قول الله تعالى (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) وغيرها من عشرات الآيات المنافية لهذه الدعوى المؤسفة
الرد :
الفطرة احساس ، اما القطعي
واليقيني فهو ما يتفق فيه الاحساس مع العقل والمشاهدة ، مثل طلوع الشمس من المشرق
، فلا يختلف فيه احد لانها قطعية ، الفطرة احساس وليست قطعية ، قال تعالى : (
الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم) ،
وكلمة "إيمان" ماذا تعني ؟ انها
لا تعني القطعية ، وإلا لكانت "علما ويقينا" بدلا من "إيمان"
..
الإيمان هو الاستماع لصوت الفطرة ،
أما علم اليقين فهو في الآخرة ، (كلا لو تعلمون علم اليقين ، لترون الجحيم ، ثم
لترونها عين اليقين) .. اي انهم لم يعلموا علم اليقين كما تقول ، بشهادة القرآن ..
أعتقد أن القطع بهذا الشكل غير
متناسب مع الواقع و مع مطلب الإيمان نفسه ، لأن الايمان اختبار ، ولو كان الامر
يقينا كاملا لما كان فيه اختبار ، و الكفرة ينحرفون عن صوت الفطرة وعن نداء المنطق
، و ليس انهم يرفضون علما كاملا قطعيا ، فالله لم يره احد لا مؤمن ولا كافر ، و
الملائكة لم يرهم احد ، و كذلك الشياطين ، والآخرة . و من عنده العلم اليقيني
الكامل مؤهل للرد على حجج الكفرة وطمسها بالكامل ، و هذا غير موجود ! إذا نحّينا
موضوع إقناعهم بحجة انهم يرفضون الحق بعد أن تبين لهم بالكامل ،
علينا ان ننطلق من واقع الاشياء ،
وليس مما نريدها ان تكون ..
العلم المشاهد والمجرب والمدروس
سموه علما ؛ لانه قطعي ، أما الدين والاخلاق فهما مبنيان على الإيمان الجميل
المتفائل الذي لا يخالفه المنطق ، و إن كان لا ينص عليه قطعا بشكل مفصل ، و إلا
لكان علما ..
و لاحظ "ايمان بالغيب" ،
قف عند هذه الكلمة ، فالغيب غير معلوم ! فكيف تقول ان الأمر يقيني وقطعي بالكامل ؟
القرآن لم يقل بمثل ما تقول ! بل قال (الذين يؤمنون بالغيب) ، ولم يقل متأكدون و
قطعيون وعلميون ولا غيب عليهم ..
اذن : من شاء فليؤمن ومن شاء
فليكفر ، تبعا لاختياره ، إن خيرا و إن شرا .. الله أراد ان يكون هذا الإختبار ،
وإلا لكشف الغيب للناس ، وحينها لا ينفع الإيمان ، لأن الجميع اصبح يعرف كل شيء
بالتفصيل و بالحواس ..
لانريد ان نبالغ فنتجاوز مطلب القرآن
، حتى لو كان حبا في القرآن ، وشكرا لكما على المداخلة ..
-------------------------------------------
ابوالقاسم :
أخي الوراق : اتق الله ! كلامك مردود
ولم أنتبه لتعليقك إلا الساعة ..قد أجمع أهل العلم كلهم ..انتبه !..أجمعوا كلهم أن
أدلة الإيمان بالله وبصحة الإسلام قطعية يقينية ، خلافا لما تقول بسبب نهمك مع
الأسف للقراءة في الفلسفة والولع بذا كما يبدو ..ثم جئت تخالفهم لمجرد معنى خطر لك
! والقران نفسه يكذب كلامك كما مرّ ، فحذار أن تنسب إلى الله عز وجل خلاف الحق
فتكون قائلا عليه بغير علم ..أدعوك أن تقرأه من أوله لآخره لترى كم آية صرح الله
فيها بنقيض ما انتهى إليه تصورك الباطل ...حيث لم تفرق بين الشيء القاهر الذي ينتفي معه معنى الامتحان ..وبين
اليقين القائم على البرهان الضروري القطعي مع أن هذا اليقين قد يرقى عند فئة ويرقى إلى مراتب عليا حتى يكون أعلى
من الشيء القاهر ، فافترضت أن اليقين منتف إلا فيما كان دليله قاهرًا ،مع أن
السوفسطائيين شككوا فيما حصرت فيه الدلالة اليقينية ، وإن كانت وجوه الحق عند
التجرد قد تربو كما أسلفت على ما يفيده الدليل القاهر لا باعتبار نوع الناظر فحسب
، بل باعتبار تعدد الوجوه وانضمام بعضها إلى بعض ، وإن كان بعضها يقينيا لوحده بلا
ريب..وجعلت مع بالغ الأسف توهن حجة الحق متصورا أن هذا نصرة للإسلام ! ..وأما الرد
المعمق على ما قلت فبيانه يطول ، لكن يكفيني أن الله تعالى نص على نقيض كلامك في
غير موضع من القران ..بأساليب شتى ..وهذا يكفي إذا كنت مسلمًا..أذكر لك من ذلك على
سبيل التمثيل لا الحصر :
- (قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ) وكونها حجة بالغة نقيض ما تدعي ..لاسيما ان الواصف لها بذا هو الله عز وجل
-(قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن ) فدل أن أهل الحق هم أهل استحقاق الوصف بالعلم الذي ينافي الجهل ، وهم أهل اليقين لأنه يضاد الظن ..
-(بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون) وإذا لم يكن يقينا لم يكن له هذه المثابة من القوة في دمغ الباطل حتى يزهق ! بل كان شيئا في دائرة الترجيحات لا غير ..ثم تسميته الحق محليا إياه بالألف واللام مع مقابلته بالباطل ، مبينا أن هذا القذف واقع من الله تعالى :من أعظم البيان على تقرير المعنى في أن دلائل أهل الحق يقينية ، ثم في توعده الكافرين بالويل ..مع حقيقة أن الله هو الحكم العدل ، جليٌّ في أن الدليل اليقيني قائم ..وإلا كان توعده لهم مقتضيا للطعن في عدالته سبحانه ..
-(ولا ياتونك بمثل إلا جئناك بالحق ) أي ولا يأتونك بشبهة إلا وجئناك بالحق الثابت الذي لا شك فيه ..وهذا لا يكون إلا للدليل اليقيني
-(قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) مطالبتهم بالبرهان دليل أن برهان الحق : قاطع ، مع انتفاء أن يكون لهم مثل ذلك ، ولا يكون البرهان معتدا به في مثل هذه المقامات إلا ان يكون قطعيا يقينيا ..وإلا لصار في دائرة الظنيات لا يعتد به ، وحينئذ يصح أن يحاج هؤلاء ربنا فيقولوا : ولم نجد في دين الإسلام برهانا قاطعا أيضا!
-(وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ) فحكى عن الكفرة استيقانا ، وهذا إذا وقع للكفرة فلأن يكون مع المسلمين من باب اولى مما يدل على أن الرسالة تشتمل على ما يوجب اليقين ..
فلاحظ تعدد الطرائق في بيان اليقين وهي اكثر من ذلك بكثير ..فكم من آية فيها بيان أن أن القران آية ..وأن رسالة الإسلام مشتملة على البيّنات ..إلخ ، والآية والبينة وأمثالها إنما يستعملها الله في مقام اليقينيات التي لا مجال معها لقول أي مخالف ولا لأي احتمال وجيه ، وأما من السنة فثم نصوص كثيرة أيضا من أشهرها قول النبي : ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أني أكثرهم تابعا يوم القيامة ، من حديث أبي هريرة في الصحيحين ..ورجاء النبي أن يكون أكثرهم تابعا هو لاجل أن أعظم آياته القران الكريم وهو آية خالدة ..بخلاف آيات السابقين ..وجه الدلالة في الحديث على ضد ما تقول يا أخي الوراق أبين من أن يحتاج إلى مزيد بيان
- (قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ) وكونها حجة بالغة نقيض ما تدعي ..لاسيما ان الواصف لها بذا هو الله عز وجل
-(قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن ) فدل أن أهل الحق هم أهل استحقاق الوصف بالعلم الذي ينافي الجهل ، وهم أهل اليقين لأنه يضاد الظن ..
-(بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون) وإذا لم يكن يقينا لم يكن له هذه المثابة من القوة في دمغ الباطل حتى يزهق ! بل كان شيئا في دائرة الترجيحات لا غير ..ثم تسميته الحق محليا إياه بالألف واللام مع مقابلته بالباطل ، مبينا أن هذا القذف واقع من الله تعالى :من أعظم البيان على تقرير المعنى في أن دلائل أهل الحق يقينية ، ثم في توعده الكافرين بالويل ..مع حقيقة أن الله هو الحكم العدل ، جليٌّ في أن الدليل اليقيني قائم ..وإلا كان توعده لهم مقتضيا للطعن في عدالته سبحانه ..
-(ولا ياتونك بمثل إلا جئناك بالحق ) أي ولا يأتونك بشبهة إلا وجئناك بالحق الثابت الذي لا شك فيه ..وهذا لا يكون إلا للدليل اليقيني
-(قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) مطالبتهم بالبرهان دليل أن برهان الحق : قاطع ، مع انتفاء أن يكون لهم مثل ذلك ، ولا يكون البرهان معتدا به في مثل هذه المقامات إلا ان يكون قطعيا يقينيا ..وإلا لصار في دائرة الظنيات لا يعتد به ، وحينئذ يصح أن يحاج هؤلاء ربنا فيقولوا : ولم نجد في دين الإسلام برهانا قاطعا أيضا!
-(وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ) فحكى عن الكفرة استيقانا ، وهذا إذا وقع للكفرة فلأن يكون مع المسلمين من باب اولى مما يدل على أن الرسالة تشتمل على ما يوجب اليقين ..
فلاحظ تعدد الطرائق في بيان اليقين وهي اكثر من ذلك بكثير ..فكم من آية فيها بيان أن أن القران آية ..وأن رسالة الإسلام مشتملة على البيّنات ..إلخ ، والآية والبينة وأمثالها إنما يستعملها الله في مقام اليقينيات التي لا مجال معها لقول أي مخالف ولا لأي احتمال وجيه ، وأما من السنة فثم نصوص كثيرة أيضا من أشهرها قول النبي : ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أني أكثرهم تابعا يوم القيامة ، من حديث أبي هريرة في الصحيحين ..ورجاء النبي أن يكون أكثرهم تابعا هو لاجل أن أعظم آياته القران الكريم وهو آية خالدة ..بخلاف آيات السابقين ..وجه الدلالة في الحديث على ضد ما تقول يا أخي الوراق أبين من أن يحتاج إلى مزيد بيان
الرد :
انت الآن مؤمن بأن الحجة قاطعة ،
وأنها هي الحقيقة ، وان ما يقوله الاسلام هو الحق . لأن العلماء اجمعوا ولأن الآيات
وصفته بالحق آمنت بأنه حق قطعي .. و هذا لا يقلل من قيمة ما نعتقد و انه ليس حقا ،
فما فعلته انت وأنا هو الصواب ، نحن نؤمن بانه حق اليقين ، لكنه لم يتحقق اليقين
حتى الآن فنحن لم نشاهد الملائكة ولا الجنة ولا النار ولم نرى البعث من القبور ،
مثلما اننا نرى ان المطر ينبت العشب .. أو أن الجبل اعلى من البحر .. أو ان الارض
تجذب الاشياء اليها .. أو ان 4 + 1 = 5 ، هذه حقائق قطعية لا مجال للايمان فيها ولا
يتطرق اليها الشك ولا وجهات نظر اخرى سواء ضعيفة او قوية .. الجميع مجمعون عليها
لانها يقين قطعي ..
لكن البعث بعد الموت لم تشاهده
الحواس ولم تدركه .. يجب ان نفرق بين ما يحتاج الى ايمان وما لا يحتاج الى ايمان
.. فكون الشمس تشرق من الشرق فهذا لا يحتاج الى ايمان .. انتظر قليلا وسترى الدليل
اليقيني بعد الفجر ، و لكن طلوع الشمس من مغربها ليس حقيقة يقينية الا بإيماننا
كمسلمين ، لأنه لم يشاهدها احد تطلع من المغرب ، فهل ما شوهد مثل ما لم يشاهد ؟
ولا فرق بينهما عندك ؟ يحسن بنا التثبت قبل ان نجزم و قبل ان نخطّئ غيرنا ، فأنت
تقول : اتق الله ، و هذا جيد ، لكن يجب التثبت قبل ان نقولها لأحد حتى نتأكد انه
وقع في خطأ .. الا ان كان من باب التذكير فهذا شيء جيد ..
و إلا كيف لا تفرق بين ما تدركه
الحواس وما لا تدركه ؟ انت مؤمن بوجود النار في الآخرة ، و لكنك موقن بوجود النار
في الدنيا ، و بين الحالتين فرق يجب اخذه في الاعتبار .. ولاحظ انك تستشهد بالقران
وبالاجماع لتثبت ان حجة الاسلام يقينية ! معتمدا على ايمانك بصحة كلام الله و ان
العلماء لا يجمعون على باطل .. انت الآن تثبت رايك باليقين القاطع لأدلة الإسلام
من خلال ايمانك ! انا مسلم يا اخي مثلك .. واجادل الملحدين ليل نهار ، ولا اقلل من
قيمة الدليل والبرهان ، لكني لا ابالغ و اسبغ على الشيء ما ليس منه .. الله اراد
ان يكون الامر هكذا يتطلب ايمانا ، قال تعالى (وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم) اي
انفس الكفار و ليس حواسهم .. لهذا استطاعوا ان يتاولوا لكفرهم ويبحثوا عن الحجج
والاعذار ..
انت مؤمن انها يقين ، و لست متيقنا
انها يقين ، لأن اليقين يحتاج الى الحواس .. انا مثلك تماما مؤمن انها يقين ،
ومؤمن انني سوف اقابل ربي ، و ابعث من القبر ، ولكن ليس عندي دليل مادي على ان
احدا بعث من قبره ! هل نسيت اننا مؤمنون ؟ إذا كان الإسلام يقينا قطعيا ثابتا بالحواس
مائة بالمائة فما فائدة الايمان ؟ هل انت محتاج ان تؤمن ان المطر سبب انبات العشب
بعد لله ؟ ام ان هذا يقين ؟
الآيات التي اوردتها لا تقدم يقينا
علميا مشاهدا ، انها تدعو الى الايمان بهذا اليقين .. والقرآن كله جاءنا ليدعوا
للإيمان (ربنا انا سمعنا مناديا يدعو الى الإيمان فآمنا) .. وليس يدعو الى اليقين
فأيقنـّا وإلى القطعية التي لا تقبل اي شك .. قال تعالى : (الذين يظنون انهم
ملاقوا ربهم) .. الله لم يجعل الدنيا دار يقين بل الآخرة .. (واعبد ربك حتى يأتيك
اليقين) ، أي ان اليقين لم يأتي بعد ..
لكن كلما ازداد الايمان تحول الى
يقين في النفس و ليس في الواقع وعند الآخرين .. انت متيقن ان الاسلام هو الحق الوحيد
بين المذاهب والاديان ، وانا مثلك ، لكن من الصعب ان تجعل كل الناس يوقنون مثل ما
توقن ، الا من بحث بجد و أراد لنفسه الهداية والافضل .. بعبارة اخرى : هو يؤمن ليس
بحججك عليه ، قدر ما يؤمن لانه هو يريد ان يؤمن ، وإلا لآمن كل إنسان تجادله قال
تعالى ( لمن شاء منكم ان يستقيم) .. لهذا الدعوة تنفع مع بعض الناس وبعضهم تزيدهم
غيا ، هذا يعني انك لا تملك الحجة القاطعة الكاملة النهائية ، لكن لو عندك مثلا
جهاز يحول الماء الى ثلج في ثوان ، بالتجربة تستطيع ان تجعل كل الناس يصدقونك ، و ليس
بعضهم دون بعض .. لأنك تملك الدليل القطعي النهائي وهو تشغيل الجهاز ..
الله سمانا مؤمنين !! لماذا ؟ و حثنا
على الايمان !! لماذا يحثنا عليه و الامور يقينية خالصة كما تقول ؟ وكيف يكون
اختبار و الامور يقينية خالصة و مفروغ منها والجميع يعرفها مثلما نرى الشمس ؟ و لماذا
قال الله تعالى (الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم) ، ولم يقل المتأكدون بالعقل
والاحساس والمشاهدة ؟
وقال عن الكافرين (الظانون بالله
ظن السوء) ، هؤلاء يظنون و هؤلاء يظنون ، لان لا احد شاهد ولا احد فحص الكون ، لا
المسلم ولا الكافر .. فلا الكافر يستطيع ان ينفي بعث الموتى بأدلة قاطعة و نهائية
ليسكت المؤمن ، ولا المؤمن يستطيع ان يثبت بادلة قطعية مشاهدة على حدوث البعث ..
نعم لله الحجة البالغة ، حجة
المسلم هي الاقوى وهي الاقرب و هي التي اذا امتد الانسان معها ابلغته الحقيقة و اليقين
.. لهذا قال تعالى (لله الحجة البالغة) ، ولم يقل الحجة القاضية المسكتة .. هل
يستطيع احد ان يجادل و يستمر في ان الماء لا يغلي بسبب الحرارة ؟ او ان جهة الشمال
هي في جهة الجنوب ؟ لا يستطيع ، لان الادلة يقينية قطعية ، لماذا اذن يستمر الكفار
في الجدال مع المؤمنين ؟ السبب انه لم يتم اليقين ، فإذا جاء ربك و الملك صفا صفا
، حينها لن يجادل احد . لأنه جاء اليقين ، قال تعالى (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)
، مثلما ايقن فرعون لما رأى الموت وقبلها كان يجادل رغم المعجزات..
إذن علم اليقين غير موجود في
الدنيا .. و الآخرة هي دار الحق و دار الفصل ودار اليقين ، قال تعالى ( كلا لو
تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين) ولماذا يقول الله (
فتربصوا انا معكم متربصون) ؟ ينتظرون ماذا ؟ ينتظرون ان تتضح الحقيقة .. قال تعالى
(وإنا أو اياكم لعلى هدى او في ضلال مبين) .. هل هذا يدل على ان علم اليقين تام ؟
لماذا يقول النبي هكذا ؟
واذا كانت الحجة يقينية وقاطعة
بهذا الشكل ، لماذا يجد الكفرة و المنافقون مجالا للاخذ و الرد واتهام الدين ؟
الحجة الدامغة لا تعطي مجالا للاخذ والرد اصلا حتى لو كانت نيته سيئة او صاحب هوى
، فصاحب الهوى لا يستطيع ان يجادل في موضوع يعرفه كل الناس بالمشاهدة والتجربة ،
حتى لو كان له هوى ، اذن لماذا استطاع اهل الهوى ان يجادلوا في الله وهو حقيقية
يقينة مخلوص منها كما تقول ؟ و لماذا لا تتفضل بادلتك اليقينية القاضية النهائية
وتسكت هؤلاء الفجرة الدعاة للضلال الذين يسيئون اليه ليل نهار ويلصقون به كل نقيصة
؟ ولماذا يقول الله لرسوله (الحق من ربك فلا تكونن من الممترين) ؟ انه يخاطب نبيه
! لست اكثر علما ولا يقينا من رسول الله ، و مع ذلك يقول له ربه هذا الكلام .. و ان
قلت ان يقين الرسول قطعي ونهائي ، اذن لماذا يعظه ربه ؟ سيكون هذا من فضول القول ،
والقرآن لا فضول فيه ..
المسألة اسهل مما تتصور ، و بعيدا
عن هذا الضجيج .. ما اثبتته الحواس تحول الى يقين قطعي لا جدال فيه ، وما اثبته
الايمان والمنطق وهو لم يتحقق بعد ، فهو طريق الى اليقين ، اي إيمان ، بعبارة اخرى
: كل ما تحقق في الواقع و صار ، يقين قطعي .. و ما لم يتحقق ، فإن كان الاستدلال
عليه بالإحساس والمنطق السليم فمصيره ان يتحقق و مصيره ان يكون قطعي ، والاسلام
وايمانه هو الذي سيؤدي الى اليقين القطعي في الآخرة .. قياسا على العقل وعلى
الاحساس .. وبعد ايمان بالله وكتابه ..
وشكرا لك وجزاك الله خير على
النصيحة ، وارجو ان تتقبل النصيحة ايضا .. فكلنا يبحث عن الحق ، والحق احق ان يتبع
..
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق