الثلاثاء، 8 يناير 2013

حوار في التاريخ والحضارة وعدة مواضيع اخرى ..



حوار مع العضو الطارق في موضوع الفرض الثقافي للحضارة الغربية في منتدى العقلانيين العرب :

الطارق :



لا أتفق مع مفهوم و تعلق السائل بالليبرالية بدون دراستها بما يناسب مجتمعاتنا لكن لا يسعني الا الاختلاف كل الاختلاف مع باقي التعليقات التي غلب عليها الطابع العاطفي و البكاء على الماضي و انتحال انجازات لسنا نحن خالقيها ثم العودة في النهاية الى عادة تعليق كل مشاكلنا على الغرب و اتهامه بكل الموبقات...لهذا السبب لم تقوم لنا قائمة و لن تقوم الا عندما نعرف كيف نمارس النقد الذاتي.

أولا العلم لا ينشأ من فراغ و انما من جهود متتابعة مكانيا و زمانيا، و علم العرب لم يأتي من فراغ و لا لأنهم مسلمين أنعم الله عليهم بعلم تيك أواي هابط من السماء و انما لأنهم غزوا و توسعوا و ملكوا المشرق و المغرب و ورثوا العلوم التي كانت موجودة بالفعل و طوروها، و لكي أكون أكثر دقة فابناء الشعوب المحتلة هم الذين كانوا في الطليعة، فهم بالنسبة للعرب لم يكونوا الا موالي، ثم عندما اضمحلت حضارة العرب كان من الطبيعي أن يرثها الغربيون، حضارة انشغلت بالشعر و الفلسفة و الطرب على حساب العلم بينما فعلت الأخرى العكس زائد على ذلك قسوة و رغبة في الهيمنة و احتقار للغير لم يجاريهم فيها العربي فكان مصيره هو الخوازيق على كل شبر في الأندلس، نفس الخطأ الفادح الذي فعله صلاح الدين قبلهم فعادوا و ردوا الجميل بعده بعدة قرون.

ثانيا خلع الغرب عن نفسه عباءة التخلف الكنسية و استخدم موارده في تطوير اسلحته ثم صناعاته الانتاجية و عندما غزا الفرنسيين مصر و طاردوا المماليك بالبنادق كان علماء الأزهر يرددون صحيح البخاري أملا في معجزة من السماء، و بينما شقت الليبرالية طريقها منذ ذلك الوقت كان علي عبد الرازق يحاكم و من بعده طه حسين لأنهم تجرأوا و مارسوا بعض من النقد الذاتي، ثم نلوم و نلوم الغرب و نتباكى على علومنا المسروقة التي لا حصر لها.

ثالثا هذا الغرب الذي يكره المسلم و سأكتفي بمثال واحد هو بريطانيا التي يدعي الزميل الفاضل الوراق أنها تضطهد المسلمين:

في بريطانيا يسمح لكل شخص مواطن أو غير أن يمارس معتقداته كما يشاء و بحرية و بدون مضايقات و من يتعرض له يسائل فورا أمام القانون، بينما في أوطاننا العظيمة التي سرق الغرب خيراتها و اختراعاتها ليس مسموح لك الا بممارسة أحد الديانات الثلاثة، و بالطبع سيتم تصنيفك اذا كنت مسلم كمواطن أول ثم مسيحي ثاني ثم يهودي ثالث، ثم يعاد تصنيفك مرة اخرى فيصبح السني أفضل من الشيعي و الرثوذكسي أفضل من الكاثوليكي، ثم نستمر انحدارا و هبوطا و تعاليا ايضا فنحن ملئى بكل التناقضات فيقتل الأحمدي و يصبح البهائي بلا ديانة، و أما شهود يهوه فهم كفار لا يؤمنون بأن المسيح هو الله، و أما اللادينيين و الملاحدة فلا دية لهم، هذه هي مجتمعاتنا التي تتفشخر التسامح و المحبة و أديان الرحمة.

في بريطانيا تستطيع أن تشتري كنيسة مهجورة و تبنيها مسجد و القانون في صفك رغم انف مسيحيين الدولة أيها المسلم المهاجر، فهل تستطيع أن تفعل ذلك في وطنك؟ المسيحي المصري نفسه ما زال يعاني من أجل أن يبني كنيسة و لا يمر عام بدون أن يتم اقتناص مسيحي فيه حتى لو مارس طقوس ديانته في مصراته.

في بريطانيا تستطيع أن تقف في الشارع و تبشر بالاسلام، في بريطانيا يعيش ارهابيينا من امثال أبو حمزة و أبو قتادة و هاني السباعي عالة على المجتمع و من أموال دافعي الضرائب و فوق كل ذلك لا تعمل و لا تكسب من عرق جبينك ثم لا تمارس سوى عمل واحد هو سب الدين للغرب الكافر الذي آواك.

و لا يمنع ذلك من وجود بعض النقائص في هذا الغرب و أولها الانحلال الجنسي لكن ليس هذا قضيتنا، و هذا الغرب سيمنع أي تفوق لك سياسيا أو اقتصاديا لكن هل هذا كراهية في الاسلام فعلا أم هي الرغبة في التفوق؟ لو كان الأمر كذلك فستبتلع الصين و اليابان و روسيا الغرب غدا لا بعد غد، بل حتى المانيا لغربية نفسها مقيدة ضد أن تتفوق على جيرانها فهل هو الاسلام؟

و اخيرا، هل فعلا الغرب هو المانع الحقيقي لتقدمنا الآن و لحاقنا ببعض التقدم؟
لن أرد و لكن سأشير فقط الى خادم المرشد و عبده و الذي بدأ مشروع النهضة الاسلامية و أخذ القرض بقوة من هذا الغرب الناهب السارق الحاقد.... و رغم كل ذلك سنبكي الأندلس المسروقة....


الرد :

انتم تنادون بالنقد الذاتي - ومن ضمنه تشخيص المشكلات – و لا تريدون ان يكون للغرب اي دور في مشكلاتنا حتى لا نكون مصابين بعقدة المؤامرة كفى الله شرها ! رغم انك قلت ان الغرب لا يريد لنا ان نتقدم .. تريدون ان تكون مشكلاتنا هي عدم قربنا من الغرب ، هذا باختصار ..

اذن ضع هذه من ضمن المشكلات بل و أهمها ، في اطار النقد الذاتي .. اليس هدف النقد الذاتي اكتشاف المشكلات و من ثم حلها ؟ عندنا كثير من المشكلات ومن ابرزها التقليدية التراثية و الخوف من التطوير الذاتي بل وحتى التفكير ، و من اشدها ما تفضلت به : عدم رغبة الغرب بنهوضنا مجتمعين ولا حتى كدولة دولة .. لماذا ؟ ليس بدافع سباق التفوق كما حاولت ان تـُجمّل الصورة ، ولكن لاجل عيون اسرائيل التي زرعتها بريطانيا الطيبة رغما عن انوف العالم ، و دعك من السكان المشردين ، فلا قيمة لهم عند بريطانيا الطيبة ولا عند امريكا الحنونة ..

جرّدت العرب من اي علم ومن اي حضارة ! مع انها قامت في داخلهم ، انت مثل من يفصل بين البصل وقشرته ! جعلت العلم فقط من الشعوب المهزومة ، والعرب لا ناقة لهم ولا جمل في الموضوع .. هل هذه منتهى العدالة التي استطعتها ؟ وجرّدت الاسلام من اي دور في رعاية العلم والتقدم ؟ هذا غير صحيح ..العرب بدأوا بدراسة دينهم وهذا يحتاج الى القلم والكتاب بعد ان كانوا اميين ، و درسوا لغتهم ، ودخل معهم في درسهم من اسلم وتعرب من الشعوب الجديدة ، فهم لم يفرضوا عليهم ، بل شاركوا العرب في علومهم ..

بل ان دخول الشعوب الجديدة كان اكبر دافع للعرب ان يدرسوا دينهم و لغتهم لكثرة الاخطاء و اللحن بسبب الشعوب الجديدة الاعجمية ، و هذا ما جعل علي بن ابي طالب يطلب من ابي الاسود الدؤلي ان يضع علم النحو عندما قال له : لقد فسد لسان العرب لمخالطتهم هؤلاء الحمراء ، فضع للناس علما يحفظ لسانهم المتكون من اسم وفعل وحرف ، و انحُ هذا النحو ، فتأسس علم النحو وما تبعه من علوم الى المنطق والفلسفة .. وهكذا تحركت مسيرة العلم والتعلم ، وشارك فيها الموالي فيما بعد ..

حتى تشارك في حضارة اي امة لا بد ان تعرف لغتها .. وهذا ما فعله الاعاجم ، ثم ساهموا في نهضتها العلمية وزادوا على الموجود ، اي ليسوا هم من جاءوا بالحضارة والعلم ، بل ساهموا فيها .. بعد ان اخذت طريقها ، لانهم لو جاءوا بما عندهم فجاة لن يقبله احد ، مثلما تفعلون باستجلاب الثقافة الغربية وتبنونها على غير اساس عربي .. و هم تحولوا الى عرب ولم يبق الا موضوع العرق و النسل الذي لا قيمة فعلية له في مجال العلم .. ولم يكن يـُنظر اليهم بتفرقة ، بل كانوا اساتذة لابناء الخلفاء المتسابقون على حمل نعالهم ..

اقل انواع التمييز العرقي والطبقي كانت في الاسلام ، وما يزال العرب من اقل الناس تمييزا عرقيا فيما بينهم ..     

الدين اكبر محرك لترك الامية و القراءة والكتابة ، لاحظ ان علوم العرب بدات من علوم الدين ، ككتابة القرآن ، وجمع الاحاديث ، والاستنباطات الفقهية والتفسيرية  التي جرّت الى المنطق والترجمة ، وتلاوة القرآن وما جرّ اليه من دراسة الصوتيات ودراسة النحو والصرف ، وبلاغة القرآن التي قادت الى علوم البلاغة والنقد والمنطق، و جمع الحديث وما جرّ اليه من علوم المصطلح والجرح والتعديل .. وهكذا كل شيء يجرّ شيء ، حتى اخذت الدائرة في التوسع الى ابتكار علوم جديدة كالعروض وجمع الشعر الجاهلي خدمة للقرآن ولغته و وضع المعاجم اللغوية لجمع اشتات اللغة وعلوم التفسير وما قادت اليه من ثقافات .. كل هذا انشأ نهضة علمية وادبية وفكرية خرجت الى علوم لا علاقة لها مباشرة بالدين كالميكانيكا والهندسة والرياضيات والجبر والكيمياء والجغرافيا والتاريخ .. و أخذت كرة الثلج بالتضخم مما قاد المسلمين الجدد لادخال ما في ثقافاتهم من امور تتعلق بالقضايا المطروحة ، وهذا معنى الانصهار ..

اذن الحضارة العربية الاسلامية انشأها العرب أولا بسبب الإسلام ، وكأنها نزلت من السماء على حد تعبيرك .. ثم دخل فيها الموالي ليساهموا بما عندهم بعد ان تعرّبوا .. وهذا ما نريده ان يكون في نهضة اسلامية جديدة ، تبدأ بما عندنا لا بما عند غيرنا .. وتصهر من الثقافات العالمية ما تحتاجه عمليتنا الفكرية .. لا ان ننسلخ من انفسنا وتركيبتنا وعقولنا ونبدا من الصفر كغربيين فاشلين ..

لا توجد حضارة تبدأ من انسلاخ ، انتم تطالبونا بشيء غير واقعي ، كل الحضارات تنبني بالصهر والدمج ، وليس بالقطع ، فالامة التي لا جذور لها لا مكان لها .. اما ان تجردنا من كل شيء في ماضينا وكأننا خرجنا تواً من قبورنا لنلبس القبعة الغربية ، فهذا لن ينصب في صالحنا .. وسيسبب ازدواجية في الشخصية ، وما لم يدرك قيمة ما عنده لن يدرك قيمة ما عند غيره ..

دعاة التغريب غير واقعيين ولا يقرأون تاريخ الاندماج الحضاري عند كل الامم .. يطالبوننا بان نلعن ماضينا ولا نذكر فيه الا النقاط المظلمة ، في حين نرى الغرب نفسه ينصف المنصفون فيه ماضينا اكثر من ابناءنا ! انظر الى اللغات الاوروبية القريبة من اسبانيا مليئة بآلاف الكلمات العربية ، فكيف لا يكون لنا اي دور في حضارتهم ؟ هم قاموا بعملية تلاقح ودمج ، ولم ينشأوا حضارتهم من الصفر الكنسي كما تحب ان يكون ، وكأنك تريد ان تفهمنا بانهم كنسوا الكنيسة واقاموا المصنع ! حضارتهم مثل غيرهم من الحضارات ـ تبدا بما عندها و تاخذ مما عند غيرها ، ولا تتخلى عن جذورها .. هذا هو الوضع الصحيح : نقف على اقدامنا ونأخذ بايدينا ، والتاريخ خير شاهد ..

انتم تريدون الا نقف على اقدامنا ولا على حضارتنا ، حينها سنكون كشجرة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار .. ومهما فعلنا لن نكون ألمانا ولا امريكان ، فالالمان فقط المان والامريكان فقط امريكان ، والعلم للجميع ياخذه الصيني والعربي والامريكي الجنوبي ، ولا شأن للثقافة والدين في العلم ، ولا يوجد دين في العالم يحارب العلم اصلا ، فلماذا حروب الطواحين الوهمية ؟

التنافس على التقدم لم يجعل الصين او الهند تسيء لنا ، رغم دخولهم في تنافس التفوق ورغم قوتهم عبر التاريخ ، فمن الانصاف الا تقارن موقف الصين معنا بمواقف الدول الغربية المشينة دائما معنا و مع قضايانا التي هي بسببهم ، اليست اكبر قضية عندنا هي قضية فلسطين و ما يتعلق بها ؟ من زرعها ومن اهتم بها ؟ اليس الغرب ؟ لماذا لا نكون واقعيين اذا لم نكن منصفين ؟

اما كلامك عن حضارة المسلمين وتلخيص دور العرب بأنهم مجرد غزاة ، فهذا تحليل لا تطبـّقه مع اي امة مع الاسف ، لولا الاسلام لما وجدت الدولة الاسلامية ، العرب كانوا قبائل متخلفة متناحرة ، وهؤلاء العلماء الذين تسميهم موالي لم يعرفهم العالم الا من خلال الاسلام والحضارة الاسلامية واللغة العربية التي انصهروا فيها وتعرّبوا وتركوا لغاتهم الاصلية ليس بالسيف طبعا كما تحب ان يكون ، لان هناك من لم يتركوا لغتهم كالفرس ولم يجبرهم السيف على ذلك ..

و بنادق الغرب على مصر ايام نابليون هي من انتاج عرب الاندلس في الاساس .. و هي سر عصر النهضة و ليس ايطاليا ، واكتشاف امريكا كان فكرة عربية في الاندلس ، و جرت عدة محاولات .. ولا اظنك تدعي ان سكان الاندلس من الموالي ، فاكثرهم من قبائل عربية قيسية و يمانية زائد البربر ..

وأنت تعتبر دعاة التغريب ابطالا قوميين يمارسون النقد الذاتي ! هذا تغيير للحقائق ، فبطولتهم محسوبة للغرب ، لانهم دعاة له . والقومي ينطلق من مفاهيم قومه لا من مفاهيم قوم آخرين .. الابطال القوميون من ينطلقون من قوميتهم في الاساس ويلقحونها بكل مفيد ، وليس من ولائهم الثقافي الغربي الغريب على اوطانهم .. ولا احد ملزم بثقافة اجنبية حتى ينهض ، وان كان ملزما بالعلوم التي ثبتت علميتها وفائدتها ..

نقل الثقافة خطأ كبير ، ولا علاقة له بالتقدم ، والعلم والتقنية ليست وجها للثقافة الغربية ولا علاقة لها بها ، لانها تراكم انساني منذ الحضارات القديمة ، والجميع شارك فيها ولا زال .. والحضارة الغربية قامت واستمرت وما تزال مع وجود الكنيسة والدين ، بل اديان كما تفضلت .. ولا علاقة لترك الدين بالتقدم .. بل ان القبائل الوحشية الهمجية اقل ما يكون فيها الوازع الديني ولم تتقدم .. بينما كل الحضارات قامت في رحاب الدين، بما تحمله من علوم ، والتاريخ شاهد وليس انا .. و عرب الجاهلية كانوا من اقل الشعوب وازعا دينيا و اكثرها تخلفا حضاريا ، فلن يمشي علينا الربط بين ترك الدين والتقدم بحجة خلاف بسيط بين جاليلو واحد قساوسة احدى الكنائس حصل في احد القرون الوسطى الغابرة ، رغم الصداقة الحميمة بينهما .. فلعبة التكبير والتصغير لم تعد تفعل نفس الفعل في السابق .. ولا اتهمك انك تمارسها ، لكنك متثقف من ضمن المتثقفين بالثقافة الوافدة السائدة بإعلامها الضخم ..

ثم ها هم الموالي حسب تعبيرك على شكل عقول مهاجرة ، من الهند والصين و مصر والشام والعراق وباكستان وغيرها ، يساهمون في حضارة الغرب وعلومها ..

كل امبراطورية لم تقم دفعة واحدة ، بل من خلال الفتوح في العصر القديم ، فهل نجردها من ما ينسب اليها من عطاء حضاري و ثقافي بإسم انها مارست الغزو ؟ الامريكان انفسهم غزاة ومحتلون ، روما احتلت حضارة اليونان ، فهل نجرد الرومان من الحضارة لأنهم احتلوا اثينا ؟ ام ان هذا ينطبق على حضارتنا الاسلامية فقط ؟ الانصاف مفيد .. انت تطالبنا بالنقد الذاتي وهذا ما يجب ان يكون ، حتى الليبرالي المستغرب عليه ان يمارس النقد الذاتي ..

و بريطانيا التي تتحدث عن عدالتها وديموقراطيتها هي من قام بقمع شعبها و كانت على وشك انزال الجيش الى الشوارع لاجل مظاهرات ضد الراسمالية .. ما بال الديموقراطية عجزت عن ان تتحمل متظاهرين سلميين ؟ ام انهم لمسوا الجرح والحاكم الفعلي الدكتاتوري لبلادهم ، وهو راس المال الذي يملكه واحد بالمئة ويدبر الاعلام والعلم و الثقافة والتنكولوجيا والسياسة وهو عصب الحياة عندهم ؟ لا فرق .. شعوب متخلفة يحكمها دكتاتوريون ، و غرب يحكمه راسماليون ، والجميع مستبد ، والشعوب هي التي تدفع الثمن في كل مكان في العالم ..

نحن لا نريد الخطاب المتعصب لا للتراث ولا للغرب ، نريد المنطق والواقع ، حتى نمارس النقد الذاتي بموضوعية .. حتى انسلاخنا من جلودنا يحتاج الى نقد ذاتي من ضمن ما يحتاج ..

نقطة في آخر ردي :

اريد ان اعرف لماذا وصفت صلاح الدين بانه ابله ؟ إذا تفضلت .. وكيف يتناسب هذا مع شخص اقام امبراطورية من الصفر وطرد الصليبيين وحرر القدس ؟ 

============ تحديث 1 =============== 



اقتباس







العزيز الطارق :

انتم تنادون بالنقد الذاتي - ومن ضمنه تشخيص المشكلات – و لا تريدون ان يكون للغرب اي دور في مشكلاتنا حتى لا نكون مصابين بعقدة المؤامرة كفى الله شرها ! رغم انك قلت ان الغرب لا يريد لنا ان نتقدم .. تريدون ان تكون مشكلاتنا هي عدم قربنا من الغرب ، هذا باختصار ..



بداية و للتنويه زميلي الفاضل أنا لا أمثل الليبراليين و لا أنتمي إليهم و لا أتكلم على لسانهم بل هذا مجرد رأي شخصي تماما لا يعتنق أي فكر.

الغرب بالطبع له دور في مشكلاتنا لكن هذا الدور قد أنتهى بزوال الاحتلال و كان يجب بعده أن نعتمد على أنفسنا و أن نستفيد من الغرب بشرط ألا نسمح له بأن يعيق تقدمنا مرة أخرى، مثال على ذلك الصين مثلا التي خرجت من احتلال ياباني بشع و قبله احتلال بريطاني و كانت أمة ممزقة خرجت ايضا من الحرب العالمية بحرب أهلية، مع كل التجارب التي مر بها هذا البلد قرر قادته أنهم لن يسمحوا لأي غازي بأن يوقف تقدمهم و لحاقهم بالأمم العظيمة و لذا أصبحت الصين من الدول العظمى الخمس بعد الحرب العالمية الثانية كقوة عسكرية ثم حدثت لها النهضة العظيمة الاقتصادية في الثمانينات فأنظر اليها الآن و كل الغرب يسعى لوقف الزحف الصيني العظيم و لن يستطيع، نفس المثال ينطبق على كوريا الجنوبية و ماليزيا الذين سبقتهم مصر اقتصاديا على الأقل في الخمسينات، نهضوا رغما عن أنف الغرب فما الذي منع نهضتنا و كنا مؤهلين لها تماما؟
هي اجابة واحدة لا غير و ليست اسرائيل، هي أن هناك قادة عظام أفنوا حياتهم من أجل شعوبهم لا من أجل أمجادهم الشخصية أو سرقة و استنزاف أموال الدولة، و بالمناسبة كان هو نفس السبب الذي أدى الى انهيار الامبراطورية العربية في الأندلس، تذكر جيدا عزيزي ايضا أن نفس اسباب سقوط العرب على مدار العصور الوسطى و الحديثة كان هو نفسه سبب نهضة الغرب و ما دون الغرب.
أذن أنا لا أدعو الى مقاطعة الغرب لكن أدعو الى الاستفادة منه بما يفيدنا، هذه نقطة
.



الرد :



اشكرك زميلي على هذه المداخلة والتوضيح ، ولكن يبدو لي وجود تجاوزين مررت عليهما بسرعة ، و هما : انتهاء الاحتلال ، وتهميشك لدور اسرائيل ، التي لم تـُزرع في جسد الصين بل في جسد العرب ، والمقارنة بين العرب و الصين مقارنة غير متطابقة ، لأن الصين بلد واحد وليست بؤرة لصراع ثلاثة اديان هي الاكبر في العالم ، بينما اثنتان وعشرون دولة في كل منها زعيم له انتماؤه وولاءاته وعداءاته لا يسمح بنفس ما سُمح للصين ، ولا يثق بعضهم ببعض الا لماما ..



الاحتلال ان كان لا زال موجودا لفلسطين واجزاء من سوريا ولبنان ، فالاحتلال الاقتصادي وشبه العسكري والثقافي لا زال موجودا ..



اما موضوع اسرائيل فهو المحور الاساسي في اي شيء تريد نقاشه عن الشرق الاوسط ، فيجب ان تبدأ من نقطة اسرائيل حتى تفهم ما يجري في الشرق الاوسط في كل وقت منذ زراعتها ، بل من ايام الإعداد لزراعتها لكي نفهم لماذا حوربت وفككت الدولة العثمانية التي كانت ترفض هذه الزراعة ..



إن أمن اسرائيل وبقاءها وتفوقها يفرض نوعية سياسة الغرب على المنطقة ، فنهوض اي بلد عربي يعني تفوقا على اسرائيل ، وهذا ما لا يراد ، بل حتى الديموقراطية الحقيقية يجب ان تتميز بها اسرائيل عن بقية دول المنطقة حتى يسوغ دعم الغرب لدولة ديموقراطية بين وحوش !!



لا كوريا ولا الصين ولا غيرها أجريت لهم هذه العملية : عملية زراعة جسد غريب معادي على طول الخط لجيرانه ، و يراد تفوقه على جيرانه ، وتحطيم اي قوة تبرز حولها ويتوسع على حسابه ويبني مستوطنات في اراضيه بعد تشريد سكانها ..
 
اقتباس







اذن ضع هذه من ضمن المشكلات بل و أهمها ، في اطار النقد الذاتي .. اليس هدف النقد الذاتي اكتشاف المشكلات و من ثم حلها ؟ عندنا كثير من المشكلات ومن ابرزها التقليدية التراثية و الخوف من التطوير الذاتي بل وحتى التفكير ، و من اشدها ما تفضلت به : عدم رغبة الغرب بنهوضنا مجتمعين ولا حتى كدولة دولة .. لماذا ؟ ليس بدافع سباق التفوق كما حاولت ان تـُجمّل الصورة ، ولكن لاجل عيون اسرائيل التي زرعتها بريطانيا الطيبة رغما عن انوف العالم ، و دعك من السكان المشردين ، فلا قيمة لهم عند بريطانيا الطيبة ولا عند امريكا الحنونة ..




لا يا زميلي الفاضل، أنت هكذا اختصرت تاريخنا بكل ما فيه و قذفت به في كبسولة الزمن ليبدأ بوعد بلفور ثم النكبة، هل رأيت كيف علقت شماعة مشاكلنا على اسرائيل و هي لم تولد الا منذ 60 سنة؟
ألا تتذكر كيف أتحد الغرب الصليبي مع الترك المسلمين كيف يحطموا الجيش المصري و يحجموه تماما و يموت محمد علي بحسرته بعد أن أدركوا الخطر المصري القادم عسكريا و اقتصاديا و لوجستيا ايضا بتحكمه و نفوذه شمالا الى حدود تركيا جنوبا الى منابع النيل شرقا الحجاز غربا ليبيا؟

هذا مثال واحد فقط عزيزي و تاريخنا معهم لا يخلو من الصراع و لا أدري كيف بالفعل جعلت صراعنا معهم من أرض فلسطين
!

الرد :

قيام اسرئيل هو ثمرة صراع وليست بدايته فقط ، و هو بداية لصراعات لاحقة ، بعضها حدث وبعضها لم يحدث بعد ، فمؤامرة تفكيك الخلافة العثمانية طبختها الدوائر الصهيونية والغربية الاستعمارية كلٌ على حسب مصالحه ، و عملوا على تشويه الخلافة والخلفاء من خلال التركيز على حياة قصور الخلفاء و حريمهم و عبيدهم وخازوقهم و قسوتهم مع خصومهم إلى ان وصفوها بالرجل المريض .. وكأن دول الغرب تتعامل بالورد مع اعداءهمولا تبيح الزنا ودور الدعارة بإسم الليبرالية .. يتعيبون الخلفاء بالزواج ولا يتعيبون بلادهم بالزنا !

و مع هذا كله لا ينبغي تعليق كل اخطاءنا على الآخرين تماما مثل ما تفضلت ، لكن من الموضوعية ان نعطي كل عامل مؤثر حقه ، ولا نقارن اوضاعنا بأوضاع دول اخرى بعيدة كالصين وكوريا ، لأن لنا ظروف خاصة وتعامل خاص من قبل القوى العالمية ، فإسرائيل شيء واحد في العالم ، و مزروع عندنا نحن من دون العالم .. فالغرب يعاملنا على اساس القرب والبعد من اسرائيل ، ولا يكاد يفهم غير هذا الشيء .. فالغرب قاوم جمال الذي حارب اسرائيل ، و ربت على كتف السادات الذي صالح اسرائيل ، هذا كل ما في الامر .. وإسرائيل ليست حدثا طارئا منذ ستين سنة ظهر فجأة كالورم السرطاني ، بل له جذور ضاربة في التاريخ الحديث ..

و هم نعم قاموا بذلك ليس حبا في العرب والمسلمين ، ولكن لإسقاط قوتهم الواحدة تلو الأخرى ، فبعد محمد علي التفتوا على تركيا ليفككوها من الخارج والداخل من خلال منظمات يهود الدونمة ودعم وتشجيع كل محاولات الانفصال عن تركيا .. ثم فيما بعد صدر وعد بلفور بعد ان قسم الاستعمار ممتلكات الدولة العثمانية بطريقة تناسبه و تجعلها بؤرا مفتوحة للصراع ، مثلما فعلوا بتقسيم الاكراد على اربع دول لتستمر المعاناة والثورات .. هذا كمثال ، ولك ان تستنتج الشرور التي انتجتها سايكس بيكو ، وما زالت مشاريعهم التقسيمية مستمرة ، فها هو السودان يقسم والبقية يخطط لها على اسس طائفية تتصارع لتكون اسرائيل هي واحة الامن والرخاء بين وحوش يتصارعون باسم الدين ..   


اقتباس







جرّدت العرب من اي علم ومن اي حضارة ! مع انها قامت في داخلهم ، انت مثل من يفصل بين البصل وقشرته ! جعلت العلم فقط من الشعوب المهزومة ، والعرب لا ناقة لهم ولا جمل في الموضوع .. هل هذه منتهى العدالة التي استطعتها ؟ وجرّدت الاسلام من اي دور في رعاية العلم والتقدم ؟ هذا غير صحيح ..العرب بدأوا بدراسة دينهم وهذا يحتاج الى القلم والكتاب بعد ان كانوا اميين ، و درسوا لغتهم ، ودخل معهم في درسهم من اسلم وتعرب من الشعوب الجديدة ، فهم لم يفرضوا عليهم ، بل شاركوا العرب في علومهم ..



بل نزعت هذه الصورة الخيالية و المبالغ فيها عن السوبر عرب الذين بدأت حضارة الغرب معهم و أنت الذي ستذكر لاحقا و كلامك يشهد عليك أن الحضارة تراكمات و لا تأتي من فراغ، لم تذكر أن حضارة العرب لم تبدأ الى بعد أن استوردوا حضارة اليونان و الفرس و الهنود و مصر و العراق و قولبوها لتناسب ثقافتهم و طبيعتهم فحدثت هذه النهضة و يا ليتها استمرت، حقيقة لا خجل فيها، تعلمنا من غيرنا و علمنا غيرنا و لا يوجد عيب في ذلك، و مرة أخرى العرب كان ذوو نزعة عسكرية و فنية، هذا ما تفوقوا فيه، الحرب و الشعر، لذا تركوا الشعوب التي احتلوها تنطلق بحضارتها و كان لهم هم الخراج و الليالي الملاح، هذه هي الحقيقة و الحقيقة ايضا أن علماء العرب بالمعنى العرقي قلة لا تعد على الأصابع بينما كان التفوق الكاسح للموالي، و هذه التفرقة ليست شعوبية مني و لا نعرة قومية بل أن العرب أنفسهم هم الذين أبدا لم يساووا أنفسهم بالشعوب التي احتلوها و هم الذين سموهم موالي، و علاقتهم لم تكن مشاركة بل كانت علاقة "رعاية" أو بوصف أدق و لن أجده في العربية و هو الوحيد المعبر عن هذه العلاقة "سبونسر شيب"، هذه نقطة أخرى.



الرد :



أنت قلت وكررت وجهة نظرك ، وهي وجهة نظر معروفة عند الكثيرين ممن يعادون العرب ويريدون تجريدهم من حضارتهم وحصرهم في الليالي الملاح والقتال والشعر ، ولا أظنك منهم ، وكأن هذه الامور غير موجودة عند الامم الاخرى ، وايضا لم ترد على تحليلي لقيام النهضة العربية ، مع انه امامك ..



و هل كل العرب خلفاء ليقضوا حياتهم بالطرب والليالي الملاح ؟ انهم شعب وليسوا شخصا او مجموعة اشخاص .. أنا وضحت لك ان هؤلاء الموالي لم يحضروا ثقافتهم على مزاجهم كما تتصور ، بل حسب طلب الثقافة العربية الناهضة ، وهنا الفرق ، انت تقول : ان العرب عـُلـّموا، وأنا اقول انهم تعلموا .. أنت تقول أنهم أ ُعطوا وأنا اقول انهم اخذوا من ثقافات الأمم الداخلة في الإسلام ، بدليل انها لم تأتي كل ثقافاتهم ، ولو كان الأمر بيدهم لأدخلوا كل ثقافاتهم ، اذن من الذي يتحكم بالصمام الثقافي ؟ هم العرب .. مثلما اخذ الغرب من ثقافة الصين والهند ولا يمكن ان نقول أنهم أ ُعطوا وأن الأمم التي احتلتها بريطانيا هي التي طورت بريطانيا ، هل تقول مثل هذا ؟ طبعا لا حاشاك وحاشا بريطانيا ، لأن الثقافة الانجليزية هي المسيطرة ، وبالتالي تأخذ ما يناسبها ولم تأخذ كل شيء في الهند ، وإلا لكان اجتياحا هنديا من قبل الموالي الهنود !



لاحظ انك تطبق هذا الراي الجائر على الثقافة العربية الاسلامية فقط ، ولا تطبقه على الثقافات الأخرى ، وفي هذا شعوبية واضحة .. أنت جعلت العرب مشغولين فقط بالحرب والليالي الملاح والشعر والسكر، مع ان دينهم يحرم الخمر ، ربما تاثرت بالف ليلة وليلة ! وهي قصة خيالية لا تمس الواقع بصلة ، أو على ما ورد عن ابي نواس ، مع انه من الموالي وليس من العرب .. بل ان الليالي الملاح اشتهر بها الموالي اكثر ، رجالا و نساء ، ولا تسل عن والبة و حماد عجرد وعنان وابو نواس وو الخ ..



كل علم وجد في داخل ثقافة معينة ، فالثقافة هي التي ابرزته وليس هو الذي ابرز الثقافة ، و كل غير عربي دخل في ثقافة العرب ودينهم لا يمكن اعتباره منفصلا عنها او متحكما بها ، بل هو جزء منها ، لأن الثقافة تحدد ما يـُؤخذ وما لا يؤخذ .. وهي التي تطلب وترفض وتنقـّي وتطوّر ..



الثقافة الغربية اخذت اليوغا والكاراتيه من امم الشرق ، لكنها لم تأخذ تناسخ الارواح ولا تعذيب الذات البوذي ، وهكذا .. و بينت لك ان العرب هم من بدأوا بالنهضة العلمية بسبب دخول الاجانب غير العرب ، ليس بعلمهم بل خوفا من جهلهم باللغة والقرآن .. ولو كان الموالي هم من علموا العرب لبدأوا بعلومهم ، وهل الموالي ذوي الثقافة الغير عربية منطقيا هم الذين احضروا من ثقافتهم دراسة الشعر الجاهلي ونقط الحروف وابتكار التشكيل وابتكار المعاجم وابتكار النحو والصرف وابتكار العروض الى غيره من علوم اللغة والدين ؟ كل هذا غير موجود في ثقافاتهم ، واقرأ في بداية النهضة العربية تواجهك هذه العلوم وليست علوم الفلك ولا الكيمياء ولا الطب والبيطرة ..



اذن النهضة العربية الاسلامية بدأت عربية اسلامية ، وأخذ الموالي يساهمون فيها بما عندهم من ثقافات بناء على طلب السوق الثقافي العربي .. مثلما ترجم ابن المقفع كليلة و دمنة لأنه رأى ان الثقافة العربية ستحتاجه ، وفعلا لاقى كتابه نجاحا كبيرا في زمنه وحتى الآن ..



وهذا ما حدث ايضا للنهضة الغربية ، عندما بدأت تاخذ وتنتقي من علوم العرب ، و وجدت ارضية انطلقت منها ، اما ارضية العرب والمسلمين فقد بنوها هم بداية من حماية و حفظ القرآن والتراث واللغة ، اي بناها هم الإسلام الذي جعل فداء الاسرى تعليم القراءة والكتابة ، فهم قادمون من جاهلية و امية لا تقرأ ولا تكتب ، وبسبب الاسلام تعلموا القراءة والكتابة وليس بسبب الموالي الذين لا يعرفون الخط العربي اصلا ، فهم لا يعرفون العربية .



ومنطقيا كم يحتاج المولى من الموالي لكي ينقل شيئا من ثقافته وعلومه الى العربية ؟ انه بحاجة الى النطق الصحيح وتعلم الكتابة العربية والخط العربي والمعاجم والتردد في الفكر العربي والاسلامي ، من يعلـّمه هذا الا العرب ؟ اذن العرب هم اساتذة الموالي وليس العكس ، فهذا سيبويه النحوي المشهور تلميذ للخليل ابن احمد الفراهيدي العربي ، عندما تعرض سيبويه لموقف محرج بسبب لكنته الفارسية اقسم ان يتعلم العربية فلا يخطّئه احد .. وذهب طبعا الى الاساتذة العرب ليعلموه ، حتى تفوق على كثير منهم ..



عندما تريد ان تقدم للانجليز ثقافة او علما تحتاج لان تكون نصف انجليزي على الاقل وتخضع لثقافتهم ولغتهم وتكون تلميذا عندهم ، الثقافة العربية الاسلامية احتوت ثقافات لم تدخل فيها مثلا كالثقافة الهندية ، ولم يكن هناك موالي من الهنود  ..  
دائما ما يـُمدح الغرب برعايته للعقول والعلم ، وهذا الشيء فعله العرب ايضا ، وهل يقدّر العلم إلا من يهمه العلم ؟ وليس فقط الليالي الملاح ؟ ولولا اهتمام العرب بالعلم لما تطور علم الموالي بحد ذاته ، لأن العرب نقلوه الى غيرهم ، ومن ضمن ما نقلوا ارسطو كأحد الموالي الذي لا يعرفه اهله الغربيون الا من خلال العرب ..    


اقتباس







بل ان دخول الشعوب الجديدة كان اكبر دافع للعرب ان يدرسوا دينهم و لغتهم لكثرة الاخطاء و اللحن بسبب الشعوب الجديدة الاعجمية ، و هذا ما جعل علي بن ابي طالب يطلب من ابي الاسود الدؤلي ان يضع علم النحو عندما قال له : لقد فسد لسان العرب لمخالطتهم هؤلاء الحمراء ، فضع للناس علما يحفظ لسانهم المتكون من اسم وفعل وحرف ، و انحُ هذا النحو ، فتأسس علم النحو وما تبعه من علوم الى المنطق والفلسفة .. وهكذا تحركت مسيرة العلم والتعلم ، وشارك فيها الموالي فيما بعد ..



أصول علم النحو كانت موجودة اصلا و شفاهية و طورها و ورقها الدؤلي و هذا فضل لا أنكره لكن لا يجب أن نخلط ذلك مع فضل الموالي على العرب فهم الذين أخرجوا العلوم العربية الى الحياة من فلسفة و منطق و كيمياء بل و علم الحديث نفسه ثم نسبت اختراعاتهم الى العرب في النهاية الذي كانوا يلقبونهم بالموالي.

الرد :

تقول : أخرجوا العلوم العربية الى الحياة ، ثم تقول : نسبت اختراعاتهم الى العرب !! هنا تناقض !! هل نسيت انهم اصبحوا عربا ؟ ولا تغرك كلمة موالي ، فهذه تتعلق بالنسب عند الزواج فقط ، وليس لهم معاملة خاصة دون العرب ، و أخذت بالذوبان شيئا فشيئا واندمج المجتمع مع بعضه .. العرب ليسوا كاليهود ذوي الثقافة العنصرية والغير قابلين للذوبان في المجتمعت الأخرى ..  بل و تقلد الموالي ارقى المناصب وتزوج منهم الخلفاء وليس فقط الناس العاديين . و مع ذلك اندمجوا حتى في النسب ، تريد ان توجد تفرقة صارمة في مجتمع واحد وثقافة واحدة ، وهذا غير صحيح ، مثلك مثل من يقول : تلك القبيلة من العرب هي التي أنشأت ثقافة العرب ، ولنجري احصائية بعدد شعراءها وكتابها وفرسانها ، وبما ان الاحصائية اثبتت انها هي الاكثر اذن هي التي انشأت قومية و ثقافة العرب !! وهذا ما تفعله عندما تحصي عدد الموالي ..

الشيء الواحد لا يجز ّأ ، والثقافة العربية شيء واحد مقارنة بالثقافة الهندية او الصينية او الغربية .. فالمجتمع المسلم من اقل المجتمعات عنصرية بشكل عام ..

ولو استمر الانسان في التجزيء للشيء الواحد لاحتار اي اعضائه هو الاهم في جسمه ، هل هي حواسه ام اطرافه ام دماغه ام عضلاته ام قلبه الخ .. انت مثل من يفعل هذا ، تريد ان تأخذ شريحة اسمها الموالي من الشيء الواحد وهو الثقافة العربية الاسلامية ، وتقول هذا هو الاهم ! بل هو المؤسس ! بل هو كل شيء ! و البقية تحت الانغام والرقص ! هذا لا يكون .

لا ننس ان النظرة التفضيلية لعرق داخل اعراق هي نظرة عنصرية لصالح الموالي ، مثل ما هو الحال في معاداة السامية في الغرب ، اما الشعوب الاخرى فمعادتها امر سهل ولا يحتاج محاكم ، هذا تمييز عنصري للسامية اليهودية بالتفضيل ، فغيرهم يـُنتقد اما هم فلا ..

التمييز العنصري على نوعين ، بالسالب و بالموجب .. وأنت قدمت الموالي بتمييز عنصري موجب ، ونسبت اليهم ما ليس لهم ، فهم جاءوا تلاميذ في الاساس وكانوا عالة على الثقافة العربية  .. ثم انصهروا فيها وقدموا ما عندهم وطوروها كغيرهم ، بدليل انك لا تستطيع ان تثبت اي اعراق الموالي هو المتفوق ، وربما هذا لا يهمك ، المهم هو ان يسقط العرب ..

ان هذه النظرة العنصرية الى العرب من المؤسف ان تكون من عرب ، لأنها نظرة تحطيمية لا تدعم النهضة ولا تحمل ايجابية ، و كأنها تقول : ان العنصر العربي عنصر فاشل ولا يعرف الا القتال والليالي الملاح لا في الماضي ولا في الحاضر .. بينما البشر من آدم وحواء ، ولا فضل لعربي على اعجمي ولا لأعجمي على عربي الا بالتقوى ، والعروبة والعجمة مسألة لغة وليست مسألة عرق .. وما تميز به الموالي هو انهم قادمون من حضارات سابقة .. و الفخر اكبر للعرب في هذه الناحية لانهم قادمون من بداوة الصحراء ، و مع ذلك انشأوا حضارة جديدة و دعموها بما ناسبها من علوم الحضارات الاخرى ، و طوروا المجموع في خلطة واحدة هم و من اسلم معهم أو تعرب ، و حقيقة الفضل إن حققنا للإسلام الذي اقام تلك الحضارة بداية ببدو رحل أو شبه رحل ، و ظهرت علوم الموالي نفسها بشكل غير شكلها الاول .. والموالي لم يجبروا على الاسلام والتعرب ، بل وجدوا فيهما انفسهم واكثر .. بدليل ان الفرس لم يتعربوا رغم اسلامهم ، والقبط لم يسلموا رغم تعربهم .. و كلهم في احضان الدولة الاسلامية ..     

إن كل شيء اساساته موجودة في الطبيعة ، تريد ان تقلل من شأن ابتكار العرب لعلم النحو وهو عمل لم يعتمد على اي ثقافة اجنبية ، وعربي بحت ، بحجة ان قواعد اللغة موجودة شفاهيا كقوانين منطقية ؟ اذن قس هذا على كل علم ، فأساسات الهندسة موجودة في الطبيعة ، واساسات الكيمياء موجودة في الطبيعة .. الفضل هو لمن يكتشفها ويترجمها وينقلها للآخرين ..

والعلوم العربية التي تدور حول القرآن هي اساس الحضارة العربية واساس الحضارة الغربية الحديثة وقام بها العرب قبل الموالي ، لأن عصر النهضة الغربي قام بعد احتلال الاندلس والاستيلاء على كنوزها العلمية والثقافية ، ومن ضمنها البارود والخرائط الجغرافية التي ساعدتهم على الفتوح والاكتشافات وليست رسوم الايطاليين ، فالرسوم لا تفتح قارات بل الخرائط و البارود والسفن والمدافع ، وكلها ورثوها في الاندلس .. و في نفس السنة اكتشفت امريكا بعد محاولات العرب والذين تريد ان تفصلهم في النسب بين قبائل و موالي ، وبين بربر وعرب ..

حتى من يـُنسبون للقبائل لا يمكن التحقق بالكامل من نسبهم لكثرة الاحلاف والتداخلات في النسب وتشابه الاسماء .. حتى ابناء الخلفاء أمهاتهم من الموالي الذين تريد ان تبين انهم درجة ثانية في المجتمع .. فالمأمون امه فارسية ، الخيزران الفارسية من الموالي .. وزين العابدين علي بن الحسين بن علي ، أمه كذلك ، مما انتجت طبقة المولدين الذين تختلط فيهم الدماء العربية وغير العربية ..

و لعمري انه طريق شاق وصعب ويشعر بشيء من العداوة ان نستغل كلمة الموالي لنجرد العرب من حضارتهم بعد ان صار الموالي عربا ومسلمين دينا و لغة ومعيشة ونسبا ايضا .. ولو سُئل هؤلاء الموالي لشعروا بالعقوق لأساتذتهم العرب لغة ودينا وثقافة ..

التاريخ لم يقدّم ثقافة الموالي وعلمهم كشيء منفصل ، فلماذا نفصلهم ؟ لا ننس ان الموالي تربوا وتعلموا وطوروا علومهم وعقولهم على حساب الثقافة الاسلامية العربية ، اليس تفوق التلميذ ينصبّ على المعلم ؟ فما بالنا نفرّق بين المعلم والتلميذ ؟ الموالي تلاميذ عند العرب و داخلين في دينهم وثقافتهم بل و قبائلهم ، فيقال : فلان مولى بني فلان ، اي جزء من القبيلة ، و شيئا فشيئا يصبح نسبه نسب القبيلة ، لأن البداوة والعروبة اسلوب حياة اكثر من كونه نسبا محفوظا ثابتا لا يتطرق اليه الشك ، وهذا شيء نادر اصلا ..

و الموالي يدرسون منهم اهم شيء في حياتهم وهو الدين ومن ثم اللغة والثقافة الادب والعلوم العربية ايضا ، فماذا بقي ؟ يجب ان نكون منصفين ولا نتبع كلام بعض المستشرقين الحاقدين اصلا على العرب والمتأثرين بالافكار العنصرية التي شاعت في اوروبا بداية بالقومية اليهودية أ ُم الحركات القومية (قومية شعب الله المختار) ..

المسلمون ينظرون الى أنفسهم كأمة ، والأمة تعني اختلاط الاعراق ، اما فكرة شعب الله المختار فلا تعني الاممية والاختلاط ، بل شعب هم ابناء الله وحده ، والبقية خدم لابناء الله ..

بل إن الموالي كانوا ملوكا كالمماليك ودولهم الكثيرة ككافور الاخشيدي وغيره على العرب و غير العرب .. والجميع عرب كما تسمى الدول العربية بهذا الاسم ، فهل تريد ان تحقق في انسابهم وتستبعد الموالي منهم ؟ انتسبوا لهذه اللغة اتي نزل بها قرآنهم .. وهذا لا يعني هيمنة العنصر العربي على غيره ، لان الإسلام ينظر الى المسلمين نظرة مساواة .. 



اقتباس







حتى تشارك في حضارة اي امة لا بد ان تعرف لغتها .. وهذا ما فعله الاعاجم ، ثم ساهموا في نهضتها العلمية وزادوا على الموجود ، اي ليسوا هم من جاءوا بالحضارة والعلم ، بل ساهموا فيها .. بعد ان اخذت طريقها ، لانهم لو جاءوا بما عندهم فجاة لن يقبله احد ، مثلما تفعلون باستجلاب الثقافة الغربية وتبنونها على غير اساس عربي .. و هم تحولوا الى عرب ولم يبق الا موضوع العرق و النسل الذي لا قيمة فعلية له في مجال العلم .. ولم يكن يـُنظر اليهم بتفرقة ، بل كانوا اساتذة لابناء الخلفاء المتسابقون على حمل نعالهم ..



الفرس لم يتعلموا لغة العرب الا قلة منهم و ظلوا أعاجم و بنوا الحضارة العربية باللين و بالعنف، اللغة لم تكن عائقا في بناء حضارة النفس، أو الغير، ثم لاحظ عزيزي أن منارات الحضارة لم تكن أبدا لا مكة و لا المدينة و لا أي مدينة عربية بل كانت بغداد و دمشق و القاهرة، الحضارة العربية قامت على أكتاف الموالي و من اموالهم كذلك و فضل العربي كان في شيء واحد "الرعاية" و التي لم تستمر طويلا.

الرد :

تتكلم عن قلة في الفرس ، وتقول انهم بنوا الحضارة العربية دون ان يعرفوا اللغة العربية ! كيف يصدّق هذا ؟ هل بنوها عن بعد وبالمراسلة ؟  اليسوا مسلمين ؟ الا يقرأون القرآن ؟ هل يقرأونه بالفارسية مثلا ؟ كيف احد يبني حضارة لغة وهو لا يعرف هذه اللغة ؟ هل ألفوا كتبهم بالفارسية ام بالعربية ؟ ألم يـُعرفوا من خلال الثقافة العربية واللغة العربية ؟ اذن كيف لا يكون لهم علاقة بالحضارة و اللغة العربية ؟ و كيف لا يقال عنهم انهم عرب بعد تعرّبهم ؟ اليس العرب في الاساس يقسمون الى عرب عاربة ومستعربة ؟ اذن الاستعراب يؤدي الى العروبة .. هل تفعل هذه التفرقة مع المجتمع الامريكي والثقافة الامريكية ذات الاعراق المتعددة ؟

ومن بنى بغداد والقاهرة اللتان لم تكونا موجودتين اصلا ؟ اليس اهل مكة والمدينة وخلفاء المدينة والقبائل العربية المهاجرة للجهاد هم الذين انتقلوا هناك ؟ أليس ابو جعفر المنصور هو من بنى بغداد ولم تكن موجودة ؟ وعمر بن الخطاب بنى البصرة والكوفة ؟ والقاهرة التي كانت الفسطاط بناها عمرو بن العاص ؟ هذه النقطة ليست في صالحك لان هذه المدن مدن عربية من لحظة بناءها ، وليست مدن موالي شع منها العلم والنور ! بل من هذه المدن التي بناها العرب ، والتي في اساسها مخيمات للجيوش العربية الفاتحة ، فالبصرة والكوفة كانتا معسكران للجنود .

ولو بقيت الخلافة في المدينة هل تتوقع الا تكون كبغداد او القاهرة ؟ الخلفاء عرب ، واينما انتقلوا انتقلت معهم مراكز الحضارة والعلم والمال والتجارة .. كما هو الحال في كل الدول ، حيث العاصمة هي المركز الحضاري الاول ..

يقول النابغة الجعدي زاهدا في محبوبته التي هاجرت الى الكوفة مع قبيلتها :

ان التي ضربت بيتا مهاجرة .. في كوفة الجند غالت حبها غول ..

ولاحظ (كوفة الجند) ..

كانت مراكز الحضارة كما تسميها هي مراكز جنود العرب اقيمت في اراض بيضاء لا حضارة فيها ..

ولو شئنا ان ننظر للمسألة بعرقية بحتة كما تفكر ، سنجد العرب ليسوا غريبين عن الحضارة في العصور القديمة ، فحضارة سبأ و معين و حمير حضارات عربية يمنية ، و هذا غير الحضارات العربية البائدة كحضارة ثمود و عاد ولحيان ومدين والانباط ، وإذا اردت ان نعود للجذور اكثر ، سنجد اقدم الحضارات المكتشفة كالسومرية والبابلية ايضا في جنوب العراق ترجع لها نفس اصول العرب السامية .. ويعتقد بهجرتهم من جزيرة العرب .. اذن الحضارة ليست بالشيء الغريب عن العرب حتى تفصل هذا الفصل بينهم و بين الموالي ، بل كلما نرجع الى الوراء نجد انهم اساس الحضارات و معلمي الشعوب الذين منهم الموالي ..


اقتباس







اقل انواع التمييز العرقي والطبقي كانت في الاسلام ، وما يزال العرب من اقل الناس تمييزا عرقيا فيما بينهم ..



التمييز العرقي و الطبقي موجود في كل الأديان و كل الشعوب، في الدين ليس الذكر كالأنثى، شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل، من حق الرجل ضرب زوجته الناشز، لا يقتل المسلم بكافر الخ الخ
ما ميز العرب و أقصد بهم الغزاة القدماء هو أنهم كانوا اكثر رحمة بالشعوب التي أحتلوها. هذه نقطة تحسب لهم و هي ما ساعد على ظهور الحضارة العربية و التفوق العسكري ايضا في تلك الفترة
.

الرد :

هل هذا تمييز عنصري ؟ اليست البيولوجيا هي التي ميزت بين الذكر والانثى قبل ان يميز الاسلام ؟ فلتحاكمها اذن ! لانها لم تجعل الناس شيئا واحدا ..

اما كلمة : لا يقتل مسلم بكافر ، فهذا ليس موجود بالقرآن ، وإنما بعض الاجتهادت و لها اجتهادات تعارضها ، و القرآن يقول (النفس بالنفس) (ومن قتل نفسا بغير نفس) ولم يحدد مؤمن او غير مؤمن .. يجب ان يـُحاكم الإسلام من مرجعه الاساسي وهو القرآن ..

القرآن ليس فيه اي شعوبية ولا عرقية (يا ايها الناس ان خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم) ، وهل بعد هذا الاعلان اعلان لنبذ العنصرية ؟ وليس فيه تفضيل للعرب على غير العرب او العكس ..

واذا كانوا اكثر رحمة فما الذي جعلهم كذلك ؟ مع انهم بدو غلاظ ؟ يجب ان تحسب النقطة لمستحقها وهو الإسلام ، وليس العرب البدو ..  



اقتباس







الدين اكبر محرك لترك الامية و القراءة والكتابة ، لاحظ ان علوم العرب بدات من علوم الدين ، ككتابة القرآن ، وجمع الاحاديث ، والاستنباطات الفقهية والتفسيرية التي جرّت الى المنطق والترجمة ، وتلاوة القرآن وما جرّ اليه من دراسة الصوتيات ودراسة النحو والصرف ، وبلاغة القرآن التي قادت الى علوم البلاغة والنقد والمنطق، و جمع الحديث وما جرّ اليه من علوم المصطلح والجرح والتعديل .. وهكذا كل شيء يجرّ شيء ، حتى اخذت الدائرة في التوسع الى ابتكار علوم جديدة كالعروض وجمع الشعر الجاهلي خدمة للقرآن ولغته و وضع المعاجم اللغوية لجمع اشتات اللغة وعلوم التفسير وما قادت اليه من ثقافات .. كل هذا انشأ نهضة علمية وادبية وفكرية خرجت الى علوم لا علاقة لها مباشرة بالدين كالميكانيكا والهندسة والرياضيات والجبر والكيمياء والجغرافيا والتاريخ .. و أخذت كرة الثلج بالتضخم مما قاد المسلمين الجدد لادخال ما في ثقافاتهم من امور تتعلق بالقضايا المطروحة ، وهذا معنى الانصهار ..



كمعتزلي سابق أقول بأن العقل و ليس الدين هو أكبر محرك لترك الأمية و الانطلاق نحو المعرفة، العقل هو الذي جعل للدين قيمة و هو الذي حكم عليه بأنه دين و ليس العكس،

الرد :

انت تمجد العقل الآن ، لكنك لم تركز على المنطق في دعواك هذه لكي نفهم كيف ان العقل هو الذي يبرز الدين وليس العكس ، انا وضحت لك كيف يشغـّل الدين العقل ، وانت لم توضح لي كيف ان العقل هو الذي شغّل الدين او شغّل الحضارة ، اخبرني متى يعمل العقل ومتى لا يعمل ..  

العقل كان اساس حضارة اليونان و هؤلاء لم يعرفوا الدين الا بعد ميلاد المسيح، تفوقت حضارتهم و حضارة الفرس و المصريين و الهنود و الصينيين بدون أي أديان سماوية و بدون "أفلا تعقلون"،

الرد :

يبدو ان هذا هو توضيحك ، وهو توضيح مع الاسف غير دقيق ، فاليونان امة متدينة قبل ان تكون عقلانية او مسيحية ، لاحظ انك استخدمت كلمة دين ثم هربت منها لتحددها بدين سماوي !! اليونان يؤمنون بوجود اله وهو الذي دفعهم للتفكير ، فعدم وجوده لا يدفع للتفكير .. هل تبحث او تفكر في وجود او معطيات شيء غير موجود ؟ انظر الى فلسفة افلاطون التي انتجت الفلسفة المثالية الموجودة الى الان في الفكر الغربي ، كل هذا جاء من عالم المثل اي عالم الالهة اليوناني ، و محاولة لافلاطون لتبريره من خلال المنطق ..

انا سألتك : اخبرني متى يعمل العقل عند امة من الامم ؟ و اجبني لماذا لا تظهر العقلانية الا مع الدين ؟ وبشهادة التاريخ ؟ ولماذا البداوة هي الاقل عقلانية والاكثر دنيوية ؟ ولا اظنك تنكر ديانات الهنود التي انشأت حضارتهم ..

الصورة واضحة : قبيلة بدوية ، اذا تدينت استوطنت ، وبنت دور العبادة ، واحتاجت القراءة والكتابة حتى تجيد امور دينها ، و من هنا تبدا علوم الهندسة والجغرافيا والادب والعمارة وما يتعلق بذلك .. انا دليلي واضح كيف يقيم الدين الحركة العقلية ، و دليلك غير واضح ، واستشهدت باليونان وهي امة متدينة حتى النخاع لدرجة اعدام سقراط بتهمة الهرطقة في الدين ، و كذلك الصين والفرس والهنود ولا داعي لذكر دياناتهم و آلهتهم لأنها معروفة قبل ظهور المسيحية والاسلام ..

ولا شك ان دياناتهم الوثنية اساسها توحيدي سماوي ، لكنها اخذت في التحريف ، بنفس الطريقة التي تتحرف بها الديانات السماوية ، والمثال المتكرر موجود امامنا في الديانات السماوية ، والتاريخ دائما يعيد نفسه ، اذ يتحول الاله الواحد الى عدة آلهة تبدأ بمعظّمين وقديسين واصحاب كرامات يتطور العامة بهم الى ما يشبه الالوهية احيانا .. فالاساس هو التوحيد وليس التعدد .. هذا ما يقوله المنطق والواقع خلافا لوجهة النظر الملحدة التي تظن ان التوحيد درجة في تطور الاديان دون ان يبرروها منطقيا لعجزهم عن مثل ذلك التبرير المنطقي ، ولجوءهم الى العلم دائما هروبا من المنطق ، لان العلم يمكن تزويره والتحايل عليه اما المنطق فلا ..

الانسان لم يعرف البناء ولا الزخرفة بدون اديان ، لانه لا داعي لها ، لا بد من شيء مقدس يستحق التزيين والزخرفة ، وهكذا نرى الكنائس والمساجد والمعابد البوذية اجمل وامتن بناء من كل المنازل المحيطة بها .. فمنازلهم للدنيا و دور عبادتهم للآخرة .. وهذا المثال بحد ذاته يكفيك لتتضح الصورة في علاقة الدين و الدنيوية بالحضارة : اي شيء حول الدين يكون علميا وجميل و متقن ومزخرف وفخم وأقوى تحملا ، و شيء للدنيا سيكون اقل جمالا واقل تحملا .. اذن من يعيش للدنيا سيكون حاله مثل حال تلك المنازل الدنيوية المحيطة بالمعابد ، وحضارتهم مثلها باهتة وضعيفة ، على العكس من الحضارة القائمة على دين التي يمثلها هذا المعبد او المسجد او الكنيسة ، بنفس الجمال والمتانة والفخامة والبقاء والتميز عن من حوله ..   

بدون دين يموت الفن ، فالفن جمال يحاكي الاحساس بالجمال القادم من وجود اله جميل و عالم طوباوي جميل .. و بدون دين شيء واحد : هو البهيمية وعيش اللحظة فقط .. انظر الى الفن الغربي بذائقتك الجمالية الخاصة بك .. أيام الفترة الدينية على يد مايكل انجلو و رافاييل وليوناردو دافنشي مثلا ، وقارنه بالرسم الغربي بعد سيطرة المادية الملحدة على يد بيكاسو واضرابه .. الا تحس ان الجمال يزداد كلما رجعنا الى الوراء في كتب الفن الغربي الحديث ؟ السبب هو اشراق الدين وغروبه ..

يجب النظرة الى الدين كمحرك للشعور قبل ان تنظر اليه من خلال ما يعتريه من خرافات او امور تفصيلية تتعلق بالاكل والشرب .. ما الذي يستطيع ان يحرك شعور وعقل الانسان غير الدين ؟ اذا كان على العيشة والحياة فالبهائم تعيش بدون تفكير ! العملية العقلية ليست بالامر الهين على الانسان ، انه عمل شاق ومجهود ، ما الذي يدفع الى مثل هذا المجهود الشاق بدون دين ؟ مع انك تستطيع ان تعيش حياة اسهل من هذا المجهود العقلي الشاق ؟ من هنا نعرف ان الالحاد جاء ليريح العقل ويغمسه في عيش اللحظة ..

الفنان القديم والنحات ، و بناة الاهرام والمعابد العظيمة التي عجزت عنها عوامل التعرية ، لماذا كلفوا انفسهم بهذا و اتعب الفراعنة انفسهم في اكتشاف اسرار التحنيط والهندسة والعمارة ؟ حتى بعضها عجز العلم الحديث عن فك بعض اسرارها ، اليست حياتهم اجدى بتلك الاموال والمجهودات ان يستهلكوها مع انها انتجت علما وفنا ، ما هو السبب ؟ الجواب واحد : الدين ..

تخيل : هل يمكن ان يفعل المصريون ذلك و هم بلا دين يحركهم ؟ لماذا الابداع والجمال يلازم المباني الدينية ؟ لماذا لم تكن مباني و حسب ؟ انه جمال الشعور الديني هو الذي يحرك النفوس ، بسبب الجمال الذي يقدمه الدين نتج الفن والادب وجمال العمارة والخطوط والرسم ايضا .. الملاحدة انفسهم يستمتعون برؤية المساجد الاسلامية بنقوشها الجميلة و المعابد المصرية بفخامتها ، لكن اين هي الامة الملحدة لنتفرج على فنونها وعمارتها ؟

تخيل امة قديمة تعظم شخصا علمهم دينا يؤملهم بحياة جميلة بعد الموت ، كيف سيتعاملون مع اماكن عبادتهم ومع ضريحه ؟ سيفرغون كل ما يستطيعونه من جمال واتقان وخلود ، استلهاما من جنة الخلد التي ودعهم بها بجمالها وقوتها وخلودها ، لهذا الاثار الدينية هي الاثار الخالدة ..         

و عبر التاريخ : مراكز الحضارة هي مراكز الاديان ، مثلما كانت روما مركز حضارة ودين ، و اسكندنافيا منطقة بداوة ، بينما الحس والمنطق يشير الى اله واحد ، تشير اليه حتى الديانات المتعددة لان لها كبير آلهة واحد .. الصورة متقاربة من ناحية المنطق ، وإن كانت مختلفة في النواحي الأخرى ..   

الحافز العقلي الوحيد في الدين هو منطق الوجود و لا يوجد أي دافع عقلي آخر في الدين نستطيع أن ننسب تقدم العلم و الحضارة إليه،

الرد :

وهل هناك منطق لا يعتمد على وجود ؟ اللاشيء لا شيء ! و جميل أنك تعترف بهذا الحافز, و بالمقابل : أين الحافز في الإلحاد الذي يقابل هذا الحافز؟ طبعا لا يوجد , وماهي الحوافز الأخرى الأهم من هذا الحافز؟ انت قللت من شأن شيء عظيم عندما أفردته ، و انا بينت كيف ان الدين يحفز العقل وعدم الدين يثبط العقل .. على اعتبار ان الحياة واحدة ولا داعي لتضييعها بتجارب غير اكيدة النتائج ، فالمستعجل يأخذ الادنى والجاهز ، لان ليس له حياة الا الواحدة هذه ، وهذا ينتج تقليدية وتصارع على الموجود ..

تخيل مجموعة في مزرعة لن يبقوا فيها اكثر من ايام قليلة ، هذا سيجعلهم يتصارعون على الموجود وليس على الزراعة .. كلما قصرت مدة البقاء كلما اترفعت قيمة الموجود ، وصار البحث عن الجديد ضرب من العبث ، هذا هو المنطق . أما المؤمن فحياته طويلة بل ابدية ، لهذا لا يهمه اذا ضاع بعض الوقت في علم او فن او ابتكار .. و سر حياة الملحد هي ان يستمتع ، و المتعة الحاضرة الاكيدة اولى من متعة غير مضمونة ، هذا هو المنطق ..

اذن الالحاد لا يحفز الخيال ولا العواطف ولا العقل بقدر ما يركز على الواقع ، وهذا شيء معروف ، والواقعية في الفكر الملحد و الادب الملحد واضحة ..    

الحضارة كانت موجودة و جاء الدين ليذكر الناس أنه لولا من خلقهم لما خلقوا حضارتهم، هذا هو العلم الخاص بالدين.

الرد :

وهل هذا شيء سهل ؟ هذا كل شيء ؟ الدين يتعلق بكل نواحي الحياة هل نسيت؟ إذن كل نواحي الحياة تحتاج إلى تجديد وتطوير وتجميل, لأن الدين جميل , ولأن اتباع الدين جملوا كل ما يتعلق به و زخرفوه ، ومن هنا ظهرت الفنون .. فالدين اساس الفن وأساس المنطق.. لماذا احتاج الناس للمنطق؟ إلا ليفهموا الدين ويقيسوا مالم يذكر على ما ذكر ، ومن هنا ظهر المنطق والفلسفة .. من خلال الدين تستطيع أن تفسر كل العلوم والفنون وبسهولة , لكن هيا فسرها ماديا من غير دين ! لا تستطيع.

و وجود اله يراقبك في السر جعل الاقدمين يحتاجون الى المنطق لاجل التقوى ، ليقيسوا الامور التي لم يتطرق اليها الدين على ما تطرق اليها ، طبعا لا يوجد دين يفصل كل صور الحياة .. اذن العقل هو من يقوم بهذه المهمة ، اما في الحالة الدنيوية فالحاجة الى القوة اقوى من الحاجة الى المنطق ، بدليل ان الدول العظمى تفرض ما تريد بأسخف انواع المنطق ، ومع ذلك يمشي ما تريده .. اذن الدنيوية لا تحتاج لمنطق مثلما يحتاج الدين ، لأنك في الدين مع خالق لا تستطيع خداعه لانه يعرف نياتك ، لهذا تلجأ إلى المنطق في الامور التي لم يـُفت فيها الدين ، وكل فقه الاديان عبارة عن اقيسة وقواعد منطقية كعلم الاصول وغيره .. و من هنا نعرف ان الدين هو الذي أنشأ الفلسفة بداية من المنطق الذي يحتاجه الفقه .. و بدونه لا حاجة للفلسفة بل للقوة والمكر ..

والقبائل المتقاتلة المتحاربة (العلمانية او الدنيوية) لم تحتج الى فلسفة او علوم بقدر ما تحتاج الى الشجاعة والسلاح الجيد .. المدارس العسكرية لا تدرس الفلسفة لانها تعتمد على منطق القوة .. لكن لا يوجد اي درس ديني بعيد عن المنطق و الفلسفة ، كذلك المدارس الاقتصادية والراسمالية لا تحتاج الى فلسفة لانها تعتمد على قوة راس المال و اساليب تنميته كنوع من القتال الاقتصادي بدل العسكري ..

هذه هي العلمانية ، لا تحتاج الى العلم ولا الى المنطق ، بل الى قوة السلاح او المال ، وياتي بعد ذلك كل ما تريد . وخرافات المليونير مقالات تـُدرس ومليئة بالحكم ..

ثم كيف تقول أن الحضارة كانت موجودة ثم جاء الدين ؟ متى جاء الدين ومتى جاءت الحضارة ؟ علماء الآثار يقولون أنهم لم يعثروا على اي تجمع بشري إلا على دين , هل تضع تاريخا لوجود الدين من عندك بعد أن وُجِدت الحضارة ؟ لم يصنع أحد مثل هذا التاريخ الذي تزعمه , فوجود الإنسان و وجود الدين شيئان متلازمان, ووجهان لعملة واحدة ،والله قال : {وما من أمة إلا خلا فيها نذير} , و كلما أغرق الإنسان في الدنيوية واللحظة لن يميل إلى الأعمال الشاقة التي لا جدوى منها ، كالإبداع والفن والبحث عن جديد, لأنه لا يريد أن يخسر حياته الواحدة وسيميل إلى أي أسلوب يكسب به بأقل مجهود , مما يعني أن ترك الدين يحوِّل إلى البداوة الدنيوية (العلمانية) التي تعيش على السلب والنهب ، ولو بأساليب متقدمة ، بدليل بقاء و هيمنة الراسمالية على المجتمعات الغربية ، وما الراسمالية الا صورة متخلفة من الوحشية و الصراع لاخذ ما عند الغير أكثر من الحاجة بدون قيود ، وكلما كان البقاء للاقوى هو المسيطر فاعلم انك في وضع متخلف و غير متقدم ولا حضاري .. مثلما يصفون حال المتخلفين او الحيوان ..

والراسمالية ليست نظاما ، بل هي فوضى وبقاء للاقوى ، ولو على حساب قوت الجياع و مأواهم .. فهي تنظر الى كيفية نفع القوي ولا تعير بالا للضعيف ، لأنه هو السوبر مان الذي نادى به نيتشه وطالب بسحق الضعفاء .. و مطالبتها بحرية الاقتصاد مستمرة حتى يتفرد الوحش بالساحة بدون قيود .. هذا معنى حرية الاقتصاد ..

والتلازم موجود بين الابتعاد عن الدين والابتعاد عن العلم والمنطق و الحضارة, فعرب الجاهلية كان الدين من أقل الحوافز في حياتهم, وكانوا في أمية مطبقة, لما أسلموا بدأوا بالتعلم وبناء الحضارة والمدن .   



اقتباس







اذن الحضارة العربية الاسلامية انشأها العرب أولا بسبب الإسلام ، وكأنها نزلت من السماء على حد تعبيرك .. ثم دخل فيها الموالي ليساهموا بما عندهم بعد ان تعرّبوا .. وهذا ما نريده ان يكون في نهضة اسلامية جديدة ، تبدأ بما عندنا لا بما عند غيرنا .. وتصهر من الثقافات العالمية ما تحتاجه عمليتنا الفكرية .. لا ان ننسلخ من انفسنا وتركيبتنا وعقولنا ونبدا من الصفر كغربيين فاشلين ..



لا يوجد شيء اسمه دولة دينها الاسلام أو حضارة اسلامية، هذا الكلام ليس له أصل و لا دليل عليه، الحضارات نشأت و انحطت في وجود الدين و في غيابه، الحضارة ينشئها أشخاص بعقولهم لا بدينهم،

الرد :

هل توجد حضارة إسلامية حتى أناقشك فيها ام لا توجد؟ إن كانت توجد من هم الأشخاص المبدعين الذين أنشأوها ولا علاقة لهم بالدين؟ هل ستقول الموالي؟ أليسوا مسلمين ويكتبون بالعربية؟ لماذا لم ينشؤوها بدون اسلام وبلغاتهم؟
أنت مبتعد عن الواقعية والتاريخ كثيرا في هذا التناول, وترفض أدلتي دون ان تفندها بل دون ان تقدم أي تفصيلات ولا بدائل, إذا كان كلامي خطأ ففصل لنا وفلسف كيف نشأت الحضارة؟ وكيف تحفزت العقول والخيال بدون دين؟ ومتى بدأ الدين؟ ومتى بدأت الحضارة؟ وكيف عاش الناس قبل أن يوجد الدين بدون دين؟ ولماذا تهالكوا عليه بعد ان اكتُشِف وكأنه بترول؟ كيف قامت الحضارة الإسلامية دون إسلام؟
لا يهمنا ما تريد أن يكون يهمنا ما هو كائن, وإلا فموقفك واضح من الإسلام والعرب وسجلته في أكثر من مناسبة خلال ردك, ولك الحق في إبداء رأيك ورغبتك, لكن نريد شيئا يُفهم أكثر من وجهة نظر ورغبة. أنا لم اقدم كلاما إنشائيا بل كلام تحليلي, قدم كلام تحليلي ينقضه ويؤيد وجهة نظرك, الرأي لا يكفي لا بد من تحليل للرأي وتفصيل.

 الدين لم يخترع علم الحساب و لا الكيمياء، الدين يقوم على الغيب، على الجنة و النار و على يأجوج و مأجوج و لو كان هو سبب التقدم و الحضارة لأستمرت حضارة العرب لأن الدين ما زال موجودا، الدين نزل ليهدي الناس الى ربهم و الى تأسيس علاقات اجتماعية متوازنة و أقرب الى العدل. هذه نقطة.

الرد :

أنت تكلمت عن الدين ولكنك حصرت الدين كما تحب, وقلت الدين لا علاقة له بالكيمياء ولا بالرياضيات ، بل علقته بالغيب و يأجوج ومأجوج ! انتهى أمر الدين بهذا التلخيص الذي تحب أن نقبله كماهو! أنت مثل من يقول ان الماء يسقي الزرع فقط وانتهى الأمر! هذا ليس درسا تحليليا بل درسا تحديديا !

لا يا أخي, الدين له علاقة في الرياضيات وفي الجبر وفي كل شيء .. الدين نظام حياة بالكامل ولم ياتي ليخبرنا عن يأجوج وماجوج وينتهي الأمر .. يكفيك أن المسلم البدوي في ذلك الزمان اصبح محتاجا لمعرفة الشهور والحساب لأداء فرائضه, وللقراءة والكتابة والهندسة والمعمار لبناء المساجد والمقابر والمحاكم والمدارس وما يتطلبه ذلك من معارف مادية إضافية تدعم المعارف الدينية ..

الدين يدفع الى التفكير، والدنيونية العلمانية تدفع إلى الاستمتاع وعيش اللحظة .. إن الدين أكبر عامل للاستقرار والمدنية والكتابة والكتب والمكتبات والفن , وهذه أساسات النهضة المعرفية والعقلية والمدنية والعلمية والحضارية بشكل عام .. إذن الحضارة بـِنـْت الدين وليست بنت العلمانية ..

قلت لك أن الدين أشعل نهضة علمية وثفافية وهذه الشعلة لا تقف عند حد. وهكذا اي نهضة تـُعرف بدايتها لكن لا تعرف نهايتها , وكذلك الثورة والحرب وكل عمل يبدأ باندفاع.

و أنا قلت أن الحضارة قامت بسبب الدين ولم أقل أنه لن يستثمرها إلا رجل صالح , ولم أقل أنه لا يدخل الحضارة أو يساهم بتقدم علمي إلا رجل متدين .. أنت تقفز إلى أمور أخرى .. التاريخ يقول لك و لي أن كل الحضارات تمحورت حول الدين ودور العبادة , والآثار المتبقية من الأمم القديمة هي آثار دينية تقريبا, هذا كلام المؤرخين , أما الدنيويين الماديين والنفعيين الآنيين فليس عندهم وقت يضيعونه في إبداع او ابتكار أو جهد عقلي قد ينجح أو لا ينجح.

اقتباس







لا توجد حضارة تبدأ من انسلاخ ، انتم تطالبونا بشيء غير واقعي ، كل الحضارات تنبني بالصهر والدمج ، وليس بالقطع ، فالامة التي لا جذور لها لا مكان لها .. اما ان تجردنا من كل شيء في ماضينا وكأننا خرجنا تواً من قبورنا لنلبس القبعة الغربية ، فهذا لن ينصب في صالحنا .. وسيسبب ازدواجية في الشخصية ، وما لم يدرك قيمة ما عنده لن يدرك قيمة ما عند غيره ..



و أنا لم أطالب لا بانسلاخ و لا الارتماء في احضان الغرب، أين قلت ذلك؟

الرد :

ألم تجرّد الأمة الإسلامية من حضارتها و نـَسبتها إلى غير المسلمين من يونان وغيرهم ؟ و قلت أن الحضارة الإسلامية لا علاقة لها بالإسلام ؟ هذا معناه البداية من الصفر و بعيدا عن الإسلام , حتى نكمل مشوار الحضارة ..



وعلى كلًّ - وعسى أن يكون ظني خاطئا - فليست مشكلتي عقيدتك أنت شخصيا .. أنا أعالج الكلام المطروح .. و أهلا بك صديقا عزيزا إن قبلت أنت أيا كانت عقائدك , على الأقل صداقة ثقافة و حوار وبحث عن الحقيقة.

هناك تعليقان (2) :