الأربعاء، 23 يناير 2013

ما هي هوية الانسان الحقيقية ؟ و ما سبب فقدانها في هذا الزمن ؟


لا تكون هوية حقيقية للانسان بلا دين .. بل : ما هي الهوية اصلا ؟!

كل الاشياء التي يرتبط بها الانسان ، كالنسب والوطن والقومية إلخ ، كلها اشياء سطحية .. الهوية هي الارتباط بالعميق ، ويعلم كل شخص ان تلك الارتباطات السابقة سطحية و هناك ماهو اعمق منها ، فيعلم ان اي وطن مثله مثل غيره ، وان اي قبيلة مثل اي قبيلة اخرى ، وان اسم عائلته يكون اسم العائلة الاخرى ، فلا يغير ذلك شيء ، ولو كان في اي بلد لكان هو ، ولو تغير اسمه ونسبه لما تغير شيء حقيقي ، فهل من اسمه صالح ألا يصلح ان يكون نبيل أو بكر أو محسن أو ابو ايوب أو عبد الرحمن ؟ إنها تغيرات في السطح وعبارة عن احرف مصفوفة .. هذه هي معلومات بطاقة الهوية ، ليس في بطاقة الهوية شيء يستطيع ان يحدد هويتك اكثر من الديانة .. لانها ارتباط بالثابت والعميق .. على الاقل كما تراه ..

اذن عدم وجود دين يجعل الشخص بلا هوية حقيقية سوى هذه الارتباطات التي لا تعد ارتباطات عميقة خاصة بالفرد ذاته .. فأنت تعرف الاشياء من علاقتها بذاتك ، وتعرف ذاتك من علاقتها بالله .. ولذلك التشدد بمثل هذه الاشياء يسمى تعصبا ، فالتشدد في الوطنية يسمى شوفينية او نازية ، و التشدد في الأمة يسمى قومية مفرطة .. والتشدد في اللون والعنصر يسمى عنصرية .. والتشدد في القبيلة يسمى تعصبا قبليا ، والتشدد في المذهب او الطائفة يسمى تعصبا مذهبيا أو طائفيا ، و كلها قبيحة وممجوجة .. وكلها يخترقها العقل ولا تصمد للنقاش .. ولا فرق حقيقي بين ان تكون اسيويا او اوروبيا او افريقيا ، و بين ان تكون ابيضا او اسودا ، او ان تكون المانيا أو فرنسيا أو هنديا أو صينيا ..

اذن ما هو الفرق الذي يستطيع ان يفرّق ؟ لا يوجد شيء اوضح في التفريق مثل الدين .. و لكن الفرق الواضح هو الاختيار .. الاختيار هو الهوية الحقيقية .. ومن ضيّع دينه ضيع هويته ، ولا قيمة حقيقية للبطاقة الا في مجال استعمالها فقط .. فأهميتها عند موظف الجوازات اكبر من أهميتها عند صاحبها .

من علامة سطحية الارتباطات الشائعة في الهوية ، أنها ترتبط بالنسب القريب والوطن الجديد ، ولا قيمة للوطن القديم ولا للنسب القديم فيها .. وهذا دليل على السطحية ..

الالحاد كذبة حقيقية .. حتى الملحد ينتمي باعماقه لخلفيته الدينية السابقة ، بدليل اسرائيل ، فهي حكومة علمانية و قيادات كثير منها ملاحدة ، و مع هذا جاءوا لخدمة مشروع يسمونه قومي ، وهو في الحقيقة توراتي ديني ..

كانط يؤكد على ان الهوية مرتبطة بالعلاقة بالاخرين ، ولكن لم يوضح لنا ميكانيزم العلاقة بالاخرين ، ولكن ستجد ان الدين ينظّم علاقة الانسان بالاخرين ، اي ان الدين هو أساس الهوية وليس الاخرين ..

الهوية هي الجواب للسؤال العميق : من انا و ما سر وجودي ؟ فإذا قال الشخص : أنا عبد لله طوال حياتي ، هنا تتحقق الهوية .. تتحقق الهوية الحقيقية بالعبودية لله ، ولا يغيرها تغير الوطن و بقية الانتماءات ، فهي أعمق من جميع الارتباطات الاخرى ، فالوطن يتغير و اللغة تتغير والعادات والتقاليد تتغير ، لكن الدين لا يتغير الا بالاختيار .. و بقية المعرفة المطلوبة للهوية لا داعي لها ، اذ تنتهي الهوية عند العبودية .. (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) .. وكل الهويات تلقـّاها الشخص بالتعليم ممن حوله ، و الهوية الحقيقية هي ما يكتشفها هو بدافع ذاتي ، و مما وعاه من دينه واختاره بذاته ، وليس كل ما تلقاه عن الدين بدون اختيار منه ، و ليس بضغط او دافع خارجي ، هو بحث فوجد أنه عبد للاله ، فهنا توقف و اصبحت لديه هوية ..

هناك 3 تعليقات :