الجمعة، 2 يناير 2015

النسيان ..



من اهم اسباب النسيان : تغيير النية أو القرار، فالشعور يتذكر النية الاولى أو القرار الأول، فتكون قررت مثلا ان تضع ذلك الشيء في هذا المكان، ثم قررت تغيير المكان لأسباب، وحينها تنسى لو وضعته في المكان الثاني، لأن النية كانت معقودة على المكان الاول .. وهذا يُعمّم على كل الأشياء ..

موضوع النسيان متعلق بالمدخلات للشعور، (وما أنسانيه إلا الشيطان) ، (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي) .. فالنية او ان الشيء نفسه وارتباطه بالشعور كان متقلبا متذبذبا . ولكي تعرف النسيان قسه بصعوبة الحفظ، فصعوبة انك تحفظ الاشياء هي التي تخبرك عن مواقع النسيان، فمن اشد الاشياء التي يصعب حفظها مثلا : المعلومات المفككة التي ليس بينها رابط، رغم سهولتها مفردة. مثلا : علامات الإسم ، كيف تعلم ان هذه الكلمة اسم وليست فعلا ولا حرفا، فيقال أن يجرّ الإسم، وأن يمكن تنوينه، وأن يسند إليه فعل آخر ، الخ .. مثل هذه الشروط صعبة الحفظ، لكن مثلما نظمها ابن مالك بقوله :
بالجر والتنوين والندا و أل .. ومسندٌ للفعل تمييز حصل ..
يسهل تذكرها بمساعدة الوزن الشعري الموسيقي .. ومثل جمع حروف الادغام في قولك : يرملون، وهكذا . انت الان تصنع لها مدخلات واضحة للشعور ..

هناك نسيان بالكامل (محو) ، وهناك نسيان مُدخَل ، بمعنى لو تعطى اول بداية الشيء عرفت بقيته ، كإسمٍ أو لحنٍ أو بيت شعر الخ .. حتى الاسم لو تذكرت الحرف الاول منه فهذا ليس بأسهل من أن تأتي بموسيقى الإسم ، فشخص اسمه على وزن "فاعل" تذكُره أسهل من أن يقال بأن حرفه الاول هو الخاء ..

من أسباب النسيان كذلك : التشابه، وهذا الذي يسبّب النسيان في الصلاة ، لأن الركعات والسجدات متشابهة .. لذلك في بعض الاحيان تحتاج أن تُميّز لأجل الا تقع في التشابه. الشيطان يُنسي لأنه يغيّر النية بناء على وسوسته، أو عندما تتأمل في كلامه، حينها يشوش عليك البرمجة.

لكي تفكر بشيء وتتأمله، لا بد أن تنويه وتتبناه. فالشعور لا ينسى. لو تخيلت نفسك رئيس عصابة وصرت تفكر كيف تتخلص من الشرطة وتفكر في اخفاء الجرائم، فأنت الآن نويت ان تكون كذلك بمجرد التفكير .. لا تتبنى الاختيار الصناعي ولا حتى تجريباً في التفكير، لأنك ستتلوث، وهذا ما يريده الشيطان .. والدليل على هذا شعورك بالذنب، فقط لأنك فكرت في الصناعي .. الشيطان يسبب البلبلة عند الانسان، والبلبلة تسبب النسيان.

لا يُنسي الطبيعي إلا صناعي .. و الندم موجود حتى في حالة التفكير في الصناعي، ولكن مفعوله الأقوى يأتي متأخراً لأن الإنسان حينها منشغل بالتفكير في الصناعي وتزيين الشيطان . إن الطبيعي يصفي الذهن ويقوي الذاكرة ويحمي من البلبلات والوساوس التي تخرّب على الشعور ..

هناك نسيان بسبب الكلل الدماغي، وهذا ما يصيب الانسان في الشيخوخة او بعد تخدير بالبنج، بل حتى بعد النوم أو في حالة النعاس، يجد الإنسان نفسه ينسى اشياء واضحة، خصوصا الاسماء والارقام، لأن روابطها غالبا ما تكون ضعيفة في الشعور بسبب التشابه، ومثل هذا بشكل اكثر يكون عند المصابين بفقدان الذاكرة، فشعورهم لا ينسى لكن عقولهم تنسى، والعقل (صاحب العلاقة بما هو خارج الانسان) مرتبط بجهاز عضوي وهو المخ، وهذا الجهاز معرض للتعب والنشاط، ويتأثر اداؤه بمؤثرات مثل الادوية والمخدرات والمسكرات والمنشطات ايضا، والمخدرات والمسكرات على قسمين ، بعضها يعطي نشاط للدماغ وبعضها مثبطات له .

هناك نوع نسيان بسبب عضوي ، مثل الكلل الذي يصيب الدماغ كالشيخوخة أو المؤثرات الخارجية على الدماغ، ونوع نسيان آخر خارجي بسبب المدخلات للشعور اذا كانت متناقضة، أو بسبب ضعف الروابط مع الشعور ، مثل أن يطلب منك طلب ثم يطلب نقيضه فتنسى أيهما الأولى أو الصحيح، والثالث نسيان داخلي أو ذاتي بسبب تغير القرار أو النية كما وضحنا في اول الموضوع ..

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق