الاثنين، 7 يناير 2013

حوار آخر حول الايمان واليقين ..



رد على عمر خطاب @_OmarKhattab


عمر خطاب :



بسم الله. فقد وجدت من يمدح فيك ونقاشاتك مع الملاحدة، وأرجو أن يتسع صدرك ووقتك لنقاش سريع؛ لأني أوّد لو فهمت حق الفهم قصدك ومرادك. سعدت بعدما وجدت ذاك المدح ووجدتك تذكر منتدى التوحيد، ولا أخفي عليك كيف انقلب الأمر لما قرأت ما في الرابط ونقاشك لأبي القاسم. أوّد كذلك تبيان ألا تؤاخذني بصراحتي. فهمت من كلامك أن الإيمان والإلحاد لكل منهما أدلة وكل الأدلة ظنية غير قطعية. أأصبت في الفهم؟ أرجو أن أكون أسأت الفهم، ولو أن كلامك واضح في هذا الشأن! وأما كلامك عن المادّة؛ فأحب أن أقدم لك






هؤلاء "بشر" -مثلي ومثلك- ينكر كثير منهم وجود المادة من الأساس؛ والكون في نظرهم خيالات في عقولنا ونفوسنا فقط. هل هذا يبيح الشك؟! واسمح لي بأن أخطاء العقل لا تقدم على النقل، ومع ذلك فعندما تجعل أدلة الإيمان ظنية، فكيف يعذب كافر رفع دليلا ظنيًا فوق دليل مثله؟! فلا شك بأن العقل الصحيح والفطرة السويّة لا تحتمل إلا الحق والأمر قطعيّ. قال تعالى: (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ))



الرد:

نعم لهم حجج ، لكني لم اقل انها بنفس قوة حجج الايمان .. وما شاد الدين احد الا غلبه .. حججهم تعتمد على شيء واحد وهو عدم اشتراك الحواس في الموضوع ، و هذا لا يقلل من قيمة الحق ، فالله شاء ان يوجد غيب ليـُختبر الناس فيه هل يؤمنون ام لا يؤمنون : (وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمْرُ) ، لان الحواس لا تعرف شيئا عن عالم الغيب ، لا مسلم ولا كافر .. حتى الملحد نفسه ليس لديه ادلة بالحواس تثبت عدم وجود اله ولا بعث .. هكذا ربنا شاء ، و إلا لانحسم الامر .. ولما كان مجالا للايمان لو ان الحقيقة اكتملت منطقا و حواسا .. و لما كان من فائدة من يوم الآخرة ..


وإلا فأنا مؤمن ، لكنك الآن تحاول ان تلغي الحواس وكأن ليس لها دور في اليقين ،  لماذا قال ابراهيم : رب ارني كيف تحيي الموتى ، وقال موسى : رب ارني انظر اليك .. أليس لأن الحواس تأتي بيقين اكبر ؟

واذا قلت ان الايمان اما ان يكون او لا يكون ، و انه شيء واحد يقيني وقطعي ، فهل انت لا تؤمن ان الايمان يزداد بالطاعات و ينقص بالمعاصي ؟ و ما معنى زيادة الايمان ؟ اليس زيادة في التصديق و قربا من التيقن ؟ اذا كان اليقين حاصل اصلا ، فما معنى الزيادة في الايمان ؟ ستكون لا فائدة منها ..

وكلمة "ظنية" ربما هي ما اشكل عليك ، لكن القرآن استعملها ، فهل نكون اكثر تنزيها من القرآن و نقع في الغلو ؟ قال تعالى (الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم) ، هذا في وصف المؤمنين : الله من قال ذلك و ليس انا .. ومع هذا سنترك هذه الكلمة ، مع ان القرآن استعملها ، لنقل ان الايمان صحيح في افكاره و في منطقه ، لكن كيف نقول انه قطعي الادلة ولا يحتاج الى زيادة ادلة و الحواس لم تشارك بعد ؟ ما فائدة ان نرى الجنة و النار ما دامت معرفتنا كاملة و قطعية ؟ و لماذا قال تعالى ( فتربصوا انا معكم متربصون) ؟ اليس الانتظار الى يوم اكتمال الحقيقة وهو يوم الفصل ؟ و الفصل يزيل اللبس ..

الدنيا يختلط فيها الحق بالباطل والخير بالشر وليست دارا مفصول فيها الحق عن الباطل بشكل كامل ، ولا يوجد شخص كامل الخير ولا شخص كامل الشر ، و كأنك بهذا جعلت الآخرة كالدنيا في هذا المجال ، لا بد من يوم تتضح فيه الرؤية بشكل كامل ، كما قال تعالى ( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد) ، لم يقل ان بصره في الدنيا حديد ، لكن مفهومك يقول ذلك !!

الاسلام هو دين الحق ، و هذا ما نعتقد ، ويؤيده العقل والعلم والفطرة والرسل السابقون ، لكن هل اكتمل الحق بالكامل ؟ لو اكتمل في الدنيا فما فائدة الآخرة ؟

هل تريد ان تقول بطريقة مقنعة ان العقل و تأييده للإيمان أقوى من الرؤية بالعين ؟ اذا كنت تقول ذلك فقله ، هذا معنى ردك ، ان ادلة الايمان اقوى من المشاهدة والملامسة ، فيكون اذن كل ما ذكر عن يوم القيامة والآخرة غير مؤثر ، لان كل شيء معروف في الدنيا وبشكل كامل ، ولماذا ايد الله انبياؤه بالمعجزات ؟ اليست لتشاهد وترى وتسمع حتى تقنع ؟ لو كان الحق مكتملا قبل المعجزات فلماذا المعجزات ؟ مع ان الحق موجود ، و كل صاحب فطرة سليمة وعقل سليم واختيار للخير يعرف ان الاسلام دين الحق ، وما يزال ينتظر ما يؤكد له ايمانه ..

ألست تفرح ويزداد ايمانك اذا دعوت الله و اجابك ؟ لأن الواقع والحواس ايدت ايمانك .. فلماذا يزداد ايمانك و انت متأكد منذ البداية ؟ ولماذا قال الله لابرهيم (اولم تؤمن) قال (بلى ولكن ليطمئن قلبي) .. لاحظ ان قلبه سيطمئن اذا شاهد بعينه ما يؤيد ايمانه .. لو كانت الحقيقة مكتملة عند ابراهيم وغيره بالكامل ، فلماذا يطلب هذا الطلب وهو نبي ؟ مع انه مؤمن ؟ (قال اولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) ، لو لم تكن الا هذه الاية لكفت .. انت تريد ان تفهمنا ان الايمان جعل قلبك يطمئن و لست بحاجة لان ترى او تسمع ما يؤيده ، ومع احترامي لايمانك لن يصل الى ايمان ابراهيم عليه السلام .. و لماذا استجاب له ربه و أراه كيف يحيي الموتى ؟ حسب فهمك للموضوع سيكون هذا كله لا داعي له ، لا سؤال ابراهيم ولا جواب ربه و إحياؤه للطير امامه .. لم يقل ربه له : الادلة كاملة عندك ، كما تقول الآن او يقول ابو القاسم .. بل اراه كيف يحيي الموتى ليطمئن قلبه "المؤمن" .. ولا تنس هذه الكملة

والله لم يطالبنا بما طالبتنا به من القطعية النهائية ، بل طالبنا بالايمان ، و ها نحن نؤمن بربنا وبعثنا والجنة والنار والجن والشياطين والملائكة والرسل ونحن لم نر شيئا منها .. و هذا ما طلبه الله من عباده ، و وعدهم بأنهم سوف تكتمل معرفتهم بكل ما آمنوا به .. ونحن نثق بوعد ربنا .. وهذا سيكون في الآخرة وليس في الدنيا ..

هذا هو الايمان وليس التأكد القطعي الذي لا يحتاج مزيد .. كلنا ينتظر اليقين (واعبد ربك حتى ياتيك اليقين) ، واليقين هو التأكد الكامل القطعي ، ونقول لهم (فتربصوا انا معكم متربصون) .. (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ) .. الآخرة دار الحق ، اي تحقق الحق ، وانت تقول ان الحق متحقق في الدنيا !!   

الم يقل الله (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم فلا يستعجلون) ؟ ما فائدة ان يريهم و هم حسب تعبيرك يعرفون كل شيء بشكل كامل وقطعي ؟ ولماذا اذن الله قال (كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين) ؟ لماذا ربط اليقين بالعين ؟ والعين حاسة ؟ انت تقول لا قيمة للحاسة ، و كل شيء عبارة عن افكار وعالم المادة لا وجود له ، بينما القرآن قال غير ما تقول .. حيث ربط اليقين بالعين في الآخرة وليس في الدنيا .. 

============ تحديث 2 ===============

 


عمر خطاب :

بسم الله. أشكرك على الرد.
الإلحاد لا حجة لها، الإلحاد له "شبهات". والشبهة ليست حجة حقيقية بل اشتباه حق بباطل أو ما أشبه. وأما الإيمان فله حجج قطعية لا ظنية؛ فمثلًا هل القرآن ظنًا أم قطعًا هو كلام الله؟

الرد :

عند المؤمنين القرآن هو قطعا كلام الله ، و لكن اذهب واسأل غير المؤمنين ! سيقولون من تاليف محمد ! لكن الكهرباء يعترف بوجودها المؤمن وغير المؤمن ، بنفس الدرجة .. لماذا ؟ لأن أدلة الكهرباء قطعية كاملة ، لأنها محسوسة ، ومن شك في وجود الكهرباء فليمسك الاسلاك العارية ! لكن الكافر يكفر و يمزق المصحف و لا تأتيه صاعقة من السماء ..

أنا اصف لك الواقع ، وإلا فأنا مؤمن مثلك بأن القرآن هو كلام الله قطعا و يقينا .. دعك من شخصي وشخصك ، انا اتكلم عن المنطق والواقع والعقل حتى ندافع عن دين الله على بصيرة ، لا بعواطف وتعصب ، لأنه لن يـُسمع منا .. اذا قلت للملحد : أفي الله شك ؟ سيقول لك : ألف شك و شك !! و عدم الاعتراف بوجود الآخرين وغير المؤمنين هذا نوع من الكبر ، يجب ان نكون مع عقولهم حتى نساعد من فيه خير منهم على الايمان .. و لا نكتفي بأن نصفهم برافضي الحقيقة و نهمش وجودهم .. على الاقل ليتحصن المؤمن الذي تأثر بشكوكهم ..

دين الله متين ، لكن الحقائق تحتاج الى تبـيين ايضا و أناة و صبر ، وكذلك مكرهم عظيم ، و يستطيع ان يخدع الكثيرين ، قال تعالى (وان كان مكرهم لتزول منه الجبال) ، لهذا قال تعالى (وجادلهم بالتي هي احسن) ، و قالوا لنوح ( لقد جادلتنا فأكثرت جدالنا) ، لماذا نوح اكثر جدالهم ؟ ولم يقل عنهم : هؤلاء اصحاب هوى وكل كلامهم باطل ، حتى لو لم يـُلجم ذلك الباطل ، و كل الحق هو ما اقول ومع ذلك لن اقول ! لأنهم لا يستحقون الجدال ، و يتكبر و ينأى بجانبه و كأنهم غير موجودين ! و لا يقول : لا اذهب الى مواقعهم و اماكنهم العفنة ! ما هكذا سنة الانبياء والصالحين .. من احترام الانبياء للبشر أن صبروا وجادلوهم ومشوا مع حججهم ، والإسلام دين يحترم الانسان ايا كان ، مسلما او غير مسلم ، (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين)  (ولقد كرمنا بني آدم) ، اي بشكل عام ، لكنه لا يحترم الافكار الخاطئة ممن كان ، حتى لوكانت من مسلم ..

ولهذا يفتح الاسلام باب الحوار والجدال ، الى الحد الذي يصير الجدال فيه مراءً ، او عبثا لا فائدة منه ، و دون هذا الحد لا ينبغي التوقف عن الجدال .. وهذا من احترام الانسان ان نجادله و نحاوره الى اخر حد ، و لهذا أنـّب الله نبيه عندما اعرض عن الاعمى ، لأنه جاء يسأل ليعلم و يعمل : (عبس وتولى ان جاءه الاعمى) ، و قال (ذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) .. و من احترام القرآن للإنسان وللحق وللفضيلة أنه لم يلزم احدا بها ، و ليس اكثر احتراما من أن تخيّر و تترك لك الحرية في الاختيار ، وليس اكثر احتراما للخير والفضيلة من ان لا تلزم بها احدا بالقوة .. وهكذا نفهم كيف ان الله سبحانه وتعالى كرم بني آدم .. هذا غير كرامات النعم العظيمة التي لا تعد ولا تحصى ، وحملهم في البر والبحر ورزقهم من الطيبات .. سبحان الله مصدر الجمال ومصدر الحق والخير والحب ..      

وأما الآية الكريمة، فكلمة ظن وكلمة اعتقاد يأتيان أحيانًا بمعنى اليقين، مثلما تقول أنت الآن "الاسلام هو دين الحق ، و هذا ما نعتقد" - فهذا اعتقاد قطعي وليس ظني،

الرد :

الاعتقاد القطعي الذي تتكلم عنه هو بالنسبة للمُعـْتـَقِد وليس للمـُعـْتـَقَـَد .. إنه راجع لإختيارك و إيمانك ، وإلا لقطع به الآخرون كما قطعت ، فكلٌ يريد مصلحته مثلما تريد ، و إذا لم نفرّق في تفسير القرآن بين كلمة "ظن" و كلمة "يقين" ، نكون ميّعنا لغة القرآن ، و جعلنا بعضها يدخل في بعض .. والقرآن مبين ..

اذا انا قلت "أعتقد" فأنا اقطع ، نعم ، لكن بما ليس قطعيا بالشرط بالنسبة لغيري .. لاحظ اننا نستعمل كلمة "اعتقد" في الامور التي يدخلها الاحتمال او غير كاملة الادلة .. فنقول : "أنا اعتقد ان هذا الشخص يعمل في تلك الشركة ، لأنه كل يوم يتردد قرب مقرها " .. أنا غير متأكد مائة بالمئة ، و الا لما استعملت هذه اللفظة ، فأقول : "هذا الشخص يعمل في هذه الشركة" ، دون الحاجة لقول كلمة "اعتقد" .. فكلمات الاعتقاد والظن و الترجيح والجزم والتأكيد ، كلها تستعمل في مواضع عدم اكتمال الادلة القطعية المزيلة لاي شك .. و بالذات ادلة التحقق الواقعي ، فشيء في المستقبل : كيف نقول انه قطعي نهائي والمستقبل لم يأت بعد ؟ تـُستعمل كلمات الظن والاعتقاد اكثر ما تستعمل في الامور المستقبلية ، و أحيانا في امور الماضي والحاضر ، لكنها في منطقة عدم الثبوت الحسي الكامل .. و القرآن يستخدم تلك الاساليب كثيرا ، خصوصا اساليب التوكيد والقسم ، ليدفع السامع الى الايمان و الثقة ..

اما الامور التي اكتملت ادلتها المطلوبة فلا يستعمل فيها مثل هذه الكلمات ، ولا تحتاج الى توكيد ولا قسم ، فلا تقول : "اعتقد - أو أقسم - ان لمس النار يحرق الانامل" ، لانها تحرق المدن و ليس فقط الانامل .. و لا تقول " أظن و أجزم ان الشمس تغرب جهة الغرب" ، لأن هذه حقيقة مفروغ منها والجميع يعرفها ولا معنى للظن والتوكيد هنا .. لاحظ ان هذه العبارات كلها تعني ايمان ، و الشيء الذي نؤمن به يعني انه لم يكتمل بالواقع والحواس ، وإلا لا نؤمن به ، بل نكون نعلمه ..

لا يصلح ان نوجّه تعبيرات القران الى ما نريده او نفهمه ، قال تعالى : (كتاب انزلناه ليدبروا اياته ) ، اي نسير دبرها .. و لا نوجهها و نقول : اراد الله ان يعبر عن كذا فقال كذا ، بينما قصده الحقيقي كذا !! إن اللغة العربية فيها مادة الظن وفيها مادة اليقين ، و لغة القرآن نزلت بلسان عربي مبين .. و القرآن يؤيد هذا ويفسر بعضه بعضا .. ففي سورة الجن نجد (فمن أسلم فاؤلئك تحروا رشدا) ، هذه الآية تعضد اية الظن ، وغيرها من الآيات .. قال تعالى على لسان المؤمن يوم القيامة (اني ظننت اني ملاق حسابيه) ، فهل نترك كل كلام القرآن ونذهب لتوجيهات بشر ؟ مع ان كلام القرآن هو المتناسب مع المنطق والواقع ؟؟

 فنحن نتحدث عن الاعتقاد والعقيدة بمعنى أنه إيمان وجزم، و نتحدث عن التوقعات على أنها اعتقاد أيضًا ! وقد قال تعالى : (( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا )) - فهل هؤلاء ظنهم قطعي أم لا؟

الرد :

نعم هم يظنون ، لانهم لم يقعوا فيها بعد ، ولكنه ظن اعتقاد .. مثلما يكون اغلب ظنك تجاه شيء ، لأن نتيجة حسابهم لم تظهر و لم يحكم عليهم بالنار بعد .. لسوء ما عملوا واعتقدوا في الدنيا .. ماضي اعمالهم جعلهم يظنون ان النار من نصيبهم عندما جيء بجهنم ..  

وأما حجج الملحد فهي مثل أن يحاجج الأعمى في وجود الشمس على أن حرارتها دليل ظني وكفى بهذا عنده، وليست له حجج حقيقية. وأرجو أن يكون كل ما سبق نتفق فيه معنىً واختلفنا فيه لفظًا.

الرد :

يا اخي ألم يقل لله : (وان كان مكرهم لتزول منه الجبال) ؟ فما بالك بمكر الكفرة الجدد اضافة لمكر القدماء و تحايلهم على الحقائق ؟ وبإسم العلم والعقل والأفلام المفبركة والادلة والاحافير المزورة ؟

يا اخي حتى ان خلق الله للانسان بيده يجادلون فيه ويحاججون بأنه تطور من قرد و من حيوانات تطورت من تلقاء نفسها وبدون اله ، و بإسم العلم ونظرية التطور والاحافير وأمور طويلة تحتاج الى جدال طويل ، و صار يصدقهم الكثير من المسلمين .. هذا في نقطة خلق الله للانسان فقط ، فما بالك ببقية المكر والحجج والكتب و المحاضرات التي تنتقد حتى القرآن بنصه ؟

ليس من الصحيح ان نستهين بخصوم الدين و نهمشهم ونعلـّق عليهم بكلمة واحدة و نمشي .. لأنهم سوف يؤثرون على الآخرين .. و لم يفعل الانبياء هكذا ولم يتكبروا عليهم ، بل ناقشوهم حتى وضع الكفار اصابعهم في اذانهم واستغشوا ثيابهم .. و تركـُهم بلا جدال قوة ٌ لهم ، بحجة ان حججهم واهية ولا تستحق الوقوف و نحن نملك الحقيقة كاملة و هم لا يريدونها و انتهى الامر ؟ هم ايضا يدعون الحقيقة الكاملة واعلامهم و وسائلهم اقوى ..

ثم ان حتى الاعمى الذي يعترض على وجود الشمس من حقه ان يـُجادَل و يـُقنع بوجود الشمس من خلال امور اخرى عدا الرؤية ، ولو احتاج الامر الى تجربة على النبات ، فنبات في الشمس ونبات لا تاتيه الشمس ، سيعرف باللمس اثر الشمس على غيره ، وبالعلم و بالمنطق ..

ترك الحوار قد يجعلنا متكبرين ونحن لا ندري ، و محتقـِرِين للآخرين و لما عندهم ، ثم بعد ان يتسرب الينا غثاؤهم ، نصرخ مستنجدين : انقذونا !! انقذوا شبابنا !! من يحتقر عدوه يغلبه عدوه ..  

وأما ردّك على كلامي ، فأنا لم أقل قط أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص - والعياذ بالله – و لم أقل بعدم وجود اطمئنان للقلب ولا أنكرت الحواس!! لكني أنكرت - بوضوح - أن نقول بأن الإيمان له أدلة والكفر له أدلة، و كلها جميعًا أدلة ظنية. وهذا هو الإشكال وعن هذا كان الأمر كله، و أظن بأنك بالغت في قول ذلك جدًا. تخيّل ماذا يعني هذا؟ يعني بأن الكافر له حجة حقيقية للكفر وليس ضده دليل واحد كاف ليؤمن إيمان جزم! فعلامَ إذن يعذب؟

الرد :

يعذ ّب على نية المصلحة المرتبطة بالشر و لرفضه النية الصالحة والظن الحسن بالله .. فما دام بين ظنين (الخير و الشر) ، فلماذا اختار الأسوأ ؟ و لم يتحرّ الرشد ؟

انت تتكلم عن علم أكيد و قومٍ يرفضونه ! وهذا غير صحيح ، وإلا لرفضوا بقية العلوم ! إنما المسألة مسألة ايمان ! أما ادلة الكافرين فليست أدلة بقدر ما هي نقص في ادلة المؤمن واستغلال لهذا النقص .. لهذا دائما يدورون حول موضوع الحواس والرؤية .. الم يقولوا من قبل : ارنا الله جهرة ؟ و طلبوا ان يكون ملكا بدل الرسول ؟ و طلبوا المعجزات ؟ والآن يقولون : اثبت لنا وجود الله ! بطريقة علمية ! هذه المنطقة هي التي عليها الاختيار ، و فيها الايمان وفيها الكفر ، ولو نزل ملك لقضي الأمر .. 

بل الإيمان له أدلة وهي قطعية لا تحتمل الشك وإن كان يزيد وينقص ويختلف اطمئنان القلب ،

الرد :

ولماذا ينقص و يزيد اطمئنان القلب مع ان الأدلة كاملة ؟ بموجب كلامك لن يزيد الايمان ولن ينقص ، لأن الأدلة كاملة قطعية لا تحتمل الشك ! فإشراق الشمس جهة الشرق لا يزيد و لا ينقص علمك به ، لا عندك ولا عند غيرك .. إذن الادعاء بكمال أدلة الإيمان وقطعيتها يفضي الى ثبوت الايمان وعدم تعرضه للزيادة والنقص .. وهذا تناقض يؤثر في العقيدة ..  

لكن المسلمين جميعًا يتفقون في "الجزم بصحة الإسلام"، جزمًا وليس ظنًا. فإذا قلت لك أنني أؤمن بنسبة 99% والباقي شك في الإسلام، فهذا كفر والعياذ بالله. وقد قال تعالى: (( وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ )).

الرد :

ليس الباقي شك ، و أنا مؤمن مائة بالمائة بالاسلام وليس تسعا و تسعين ، لكن الايمان يظل ايمان ، و من شك في إيمانه ذهب إيمانه ، إلا أن تمر عليه شكوك ويرفضها من وسوسة الشيطان ..

بل حتى هذا القياس خاطئ : نحن تأكدنا من حقائق منطقية عن الاسلام وتاكدنا من صحة القران واعجازه و هكذا ، لكن هناك ادلة لم نصل اليها حتى الان ، و لكننا نؤمن بها ، مثل بعثنا من القبور .. فنحن لم نمت بعد حتى نقول جربنا ، لكنها حقيقة ايمانية ، ولم تتحول الى حقيقة واقعية حتى الان ، و ليست شكا كما فهمت .. بعبارة اخرى : بعض الحقائق تبين لنا واكتمل ، وبعضها تنتظر ، وإلا فهي حقائق .. قال تعالى (سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم فلا يستعجلون) بينما انت تقول : كل الحقائق اتضحت و رأينا كل الايات و راينا كيف يخرج الناس من الاجداث سراعا !! كأنك تقول هكذا !

والجزم هو الصحيح ، لكن ان تقول أنهم امتلكوا الحقيقة الكاملة الآن و قبل أن تاتي الآخرة ، و يستطيعون ان يقدموها للآخرين ، فهذا شيء سابق لأوانه .. نحن نجزم بالبعث بعد الموت ، مائة بالمائة ، لكن هل نحن نملك الحقيقة نفسها لنقدمها للآخرين ؟ هل نستطيع ان نحول جزمنا هذا الى حقيقة واقعية ، ونذهب بهم الى احدى المقابر ونريهم كيف ذلك يكون ؟ هذا غير ممكن ، لماذا غير ممكن ؟ لأننا مؤمنون بهذه الحقائق و جازمين بها و لم نمتلكها بعد كحقيقة مكتملة شكلا و مضمونا ، منطقيا و واقعيا ..

لو كان الامر كذلك لكان إقلالا من شأننا تسميتنا مؤمنين !! .. بينما نحن نمتلك الحقيقة الكاملة التي لا تحتاج الى اي شيء يثبتها ! و لا حتى قيام الساعة !! مع ان الله جعل قيام الساعة اثباتا للكافرين ، وسماه يوم الدين ، و توعدهم بذلك اليوم الذي يحق فيه الحق و يصدّق فيه المرسلون (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) .. (الحاقة ما الحاقة) ..   

وهناك فرق بين الوسوسة وعدم اطمئنان القلب بشكل كامل وبين الشك بمعنى عدم الجزم . ولا أعرف عمّ ترد في كلامك ، من أنكر الأشياء التي تنكرها عليّ ؟ أنا أنكر أن نقول بأن الإلحاد له أدلته و هي ظنية مثل أدلة الإسلام !! فالإيمان يختلف و إطمئنان القلب يختلف ، و أما الجزم بلا شك فهو ثابت لجميع المسلمين، ومن قال أنا أشك في الله، فقد كفر وخالف قول الله تعالى: (( أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )). و قولك بأن الأدلة ظنية يعني بأن القرآن وما جاء فيه فيه ثغرات تتيح للكافر الاعتماد عليها لتبرير موقفه! فكذلك قبل الموت وبعد الموت المؤمن يجزم بصحة الإسلام، ولا أعلم متى قلت بأننا نعرف كل شيء!  كلامي ببساطة شديدة وأخبرني إذا كان فيه أي إشكال : للإيمان أدلة وهي قطعية، وهي بذلك لا تسمح لشخص واحد عنده عقل صحيح وفطرة سوية بأن ينكر الحق بعد أن تأتيه هذه الأدلة وإلا فكيف يحاسب ؟ والإلحاد لا دليل حقيقي له ولكن هناك شبهات باطلة لا يأخذ بها إلا من في قلبه كبر وعلى عينه غشاوة . فهل هذا الكلام يخالف وجود غيبيات أو وجود فائدة للحواس أو اختلاف إطمئنان القلب والوسوسة وما إلى ذلك؟


وحتى نبسّط الأمر وأفهم كل كلامك:
1-
هل للإلحاد أدلة حقيقة أم هي شبهات باطلة فقط تظهر للجاهل كأنما هي دليل؟

الرد :

أنا لم اصحح ادلة الملاحدة ، فأنا افندها ليل نهار أكثر مما تفعل ربما .. 

2-
أليست أدلة الإسلام قطعية مثل القرآن ومثل الأدلة الموجودة فيه أم هي عرضة للثغرات والنقائص ويمكن أن يطّلع عليها عاقل غير متكبر ولا يؤمن إذا كانت ظنيّة فقط؟

الرد :

لماذا لا يؤمن اذا كانت ظنية فقط ؟ الظن على نوعين : حسن و سيء ، والظن له مرجحات ، فيكون راجحا ويكون مرجوحا ، والإنسان على الارض خلق ولا يعلم من أين جاء ، و لا يعلم ما مصيره - بمعنى العلم الذاتي - الا من خلال الايمان ، والإيمان ظن راجح و ليس قطعيا كاملا ، لأنه لو لم يكن كذلك سيكون حقيقة مخلوص منها و يعترف بها الجميع ملزمين ، ولا فضل للمؤمن حينها على غير المؤمن .. 

بل ان الانسان لا يعرف كل شيء تمام المعرفة القاطعة ، بل حتى القاضي لا يعلم كل الملابسات ، و يحكم بترجيح الادلة . و كم مرة اخطأ القاضي ، مع وجود الادلة ضد المتهم .. (قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا) ، و مهما علم الانسان تبقى نسبة من الترجيح .. نعم الملاحدة لهم شبهات مغلوطة ، و مناطق غير مغطاة بالدليل المادي ، كرؤية البعث و الجنة والنار والملائكة والشياطين ، و هنا يقولون : انت تدعي وجود هذه الاشياء ، اذن قدّم دليل مادي على وجودها ! و لو شاء الله لما جعل لهم هذا المجال ، لكن ليبلو ايمان الجميع .. و ينظر أي الظنـّين يرجّح الشخص ..

هم يظنون انه لا يوجد اله وان الاديان مخترعة لاجل السيطرة على الناس ، و ان نظرية التطور تثبت لهم ان الانسان غير مخلوق مباشرة ، وان الصدف العمياء والانتخاب الطبيعي هي ما انتج الحياة و طورها بدون حاجة لاله .. وأن المادة انفجرت و اخرجت الكواكب والشموس وكل شيء بصدف عمياء .. و يتحججون بأن العلماء و الابحاث والنظريات العلمية تؤيدهم ..

وأنا أجزم معك ان كل هذا باطل ، ولكن كيف تثبت أن هذا باطل ؟ انه مكر تزول منه الجبال ! و هذا المكر قد يغرر حتى ببعض العقلاء ، و هكذا لا يجعلون الادلة واضحة صافية ، و يحاولون الصد عن الحق والتشويش عليه ، و اذا قلت لهم : لا يوجد شيء بدون خالق ، قالوا لك : ومن خلق الخالق ؟ ومن يثبت لنا ان الاسلام هو الدين الصحيح من بين الاديان الاخرى ؟ ويعملون على تشويه صورة الاسلام وينتقون من المرويات و من سلوك بعض المسلمين ليقدموا صورة سيئة عنه ، كل هذا الركام قد يضلل حتى على العقلاء والطيبين ، والشيطان موجود ، وما عمله إلا تزوير الحقائق ، كما قال تعالى (يصدون عن ذكر الله) ، أي يصدون من يريد ذكر الله عن ذكر الله ..

و ليست الامور واضحة بمثل ما انت تتصوره ، هناك من يضلل الحقائق و يعميها حتى على العقلاء الطيبين .. وهنا دور الداعية المسلم لأن يكافح هذا التضليل و يجلي الحقائق و يوضح الطريقين بعد ان طمس الشيطان و اعوانه الكثير من معالمه ..

هؤلاء الطيبون العقلاء هم يقولون كل يوم : اهدنا الصراط المستقيم .. بينما انت ترى الصراط المستقيم واضحا كالشمس ولا عليه اي غبش وكأن الشيطان غير موجود !! انظر الى الساحر من شدة مكره يخيل للناس ان الحبال حيات تسعى ويصدقونه حتى الكثير من العقلاء ، هل تقول انه مبطل و كذاب وينتهي الامر ؟ وهو يستطيع ان يخيل للانسان بأمور حقيقية وهي ليست حقيقية .. ألم يقل الله (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) ؟ لاحظ كلمة ضل ، و كلمة يحسبون انهم يحسنون صنعا .. اي لبس عليهم الباطل و كأنه خير ، أي انهم لم يريدوا الشر بل ارادوا الخير ، بينما انت تقول كل شيء واضح ومائة بالمائة و كأننا في الآخرة !

لهذا اقول لك ان الكفرة معهم ادلة في ظاهرها حق ، و لكن باطنها بعد التحقيق ينكشف زيفه ، و ان كان كشفه ليس بالامر الهين .. (وان كان مكرهم لتزول منه الجبال) ، ومعهم حجة بعدم الرؤية بالحواس ، وهي حقيقة أراد لها الله ان تخفى عنهم وتكون غيبا ، ليختبرهم هل يؤمنون ام لا ..

كثير من الطيبين العقلاء ضللهم دعاة الشيطان بسبب تكاسل دعاة الخير و احتقارهم لدعاة الشيطان و النظر على ان الامور واضحة جدا ولا تحتاج الى تبيين .. لماذا دائما الدين الصحيح بحاجة الى تصفية و تنقية ؟ و لماذا يبعث الله الانبياء بعد الانبياء  الا ليحقوا الحق ويزيلوا الباطل الذي تراكم على الحق ! اذن الحق قابل للتشويه ..

اليست التوراة موجودة ؟ فلماذا ينزل الانجيل ؟ إلا لأن الحق في التوراة لبس بالباطل وصار من الصعب تمييز الحق من الباطل ، و هكذا كل الحياة الدنيا دار لبس واختلاط ، لا يـُعرف الصادق من الكاذب ولا داعي الخير من داعي الضلال الا بصعوبة وتمييز .. والقرآن لا يستطيع احد ان يحرفه ، ولكن هناك من حرف مضامينه لأهوائه ، وكثير من الفرق تتنازع وتستشهد بالقرآن ! كل يرى ان القرآن في صفه .. قال تعالى (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ) أي تأويله على ما يناسب مصالحهم ..  

كم من الاشخاص ينكرون وجود اله و هم في داخلهم اشخاص طيبون وباحثون عن حقيقة ، و لكنهم ضللوا ، و كآبتهم وألمهم يدلان على عدم رضاهم عن هذا الخط الذي ادخلوا فيه بإسم العلم والعقل والدعاية القوية المضللة ، و إن كان هناك ملحدون فرحون بهذا الضلال وهذه الشبهات التي وجدوها ..                

3-
أليس المرء لا يكون مسلمًا إلا إذا جزم بأن الإسلام حق والشك هنا - بمعنى عدم الجزم - يخرجه من الإسلام؟ - هذا لا ينكر زيادة ونقصان الإيمان وعلى اختلاف طمأنينة القلب. فابراهيم عليه السلام لم يكن يشك في الله ولا الملائكة شكت في علم الله عندما سألوا بخصوص خلق آدم!



فكلامي الذي ترد عليه في الاقتباس يشمل نقطتين:
1-
الإسلام أدلته ليس ظنية، وليس للإلحاد أدلة حقيقة.
2-
ليس كل ما شكك فيه البشر هو أمر يحتمل الشك؛ فأنت تستند على هذا الأمر في تقرير أن الإيمان ليس قطعي!!! والدليل أن هناك من يشكك في مجرد وجود المادة.

الرد :

الايمان شيء و ادلة الايمان شيء آخر ، و انت تخلط بينهما .. فأنت لا تؤمن حتى تقطع ، و إلا لم تؤمن .. لهذا يتعب المؤمن اذا وسوس له الشيطان بالشكوك ، لانها ضد ايمانه ، و يستعيذ بالله ليتخلص منها ..

نأتي لأدلة الايمان ، بعد ان انتهينا من الايمان نفسه : لا يوجد ايمان ادلته كاملة ، و إلا سيكون معرفة بديهية لا يختلف البشر عليها وليس ايمانا .. هذا ما يقوله العقل و المنطق .. عند كل الناس ، هكذا يفهمون كلمة ايمان ، و هكذا فهمناها القرآن ( يؤمنون بالغيب) ، والغيب لم يثبت نفسه بعد وإلا لما كان غيبا ..

الالحاد ظن باطل ، و الايمان ظن حق ، و الإلحاد ظن قبيح ، و الايمان ظن جميل .. والايمان مؤسس على العقل ولا يتعارض معه ، والالحاد يتصادم مع العقل ..

لا احد يملك معرفة كاملة بالعقل و الحواس و الاحساس مجتمعة ، لا المؤمن ولا غيره .. كذا الله اراد .. و اذا كانت الادلة يقينية وكاملة وقطعية ، فلماذا اذن تاتي الوساوس والتشكيك من الشيطان ؟ لا احد يستطيع ان يشكك في الامور الثابتة للاحساس والقلب والحواس .. الشيطان لا يوسوس لنا بأن النار لن تحرقنا أو ان السكين قد لا تقطع اصابعك .. التشكيك يكون فيما لم تكتمل ادلته ، و ليس فيما اكتملت ادلته ، و الايمان ادلته حق لكنها لم تستكمل كلها بعد ..

انت أخذت عبارة من موضوع ، و ركزت عليها ، و كان المفروض ان تربطها بسياقها ، إلا اذا كان السياق يؤيد تلك العبارة كما هي ولا يوضحها .. وليس الأمر كذلك .. و إن قلت ان الشيطان لا ياتي المؤمن الصادق و لا يشككه لان الحقائق كلها عنده كاملة ، اذن لماذا قال الرسول عليه الصلاة و السلام : و ماذا يعمل الشيطان في البيت الخرب ؟

الشيطان يشكك و يوسوس للمؤمن اكثر من غير المؤمن .. ومن يـُوسْوَس له لم تكتمل عنده الادلة ، و الا لما وسوس الشيطان له ، سواء انسيا ام جنيا .. و من لم تكتمل ادلته يحتاج للايمان ، حتى يتحقق ما لم يتحقق بعد ، وبالتالي تنتهي فترة الايمان ، فالناس في الجنة ليسوا مؤمنين بل موقنين بحواسهم وقلوبهم ، والآخرة ليست دار إيمان ، بل دار حقيقة مفروغ منها متفق عليها من الجميع ، لأن كل شيء انكشف .. (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده) ، و قال تعالى ( وقضي الامر) ( إن الدين لواقع) (ونادى اصحاب الجنة اصحاب النار ان وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا قالوا نعم) (وقال الشيطان لما قضي الامر ان الله وعدكم وعد الحق و وعدتكم فأخلفتكم) (فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد) .. كل هذا الوضوح الكامل في الآخرة .. فلا يوجد شكوك في الآخرة ولا يوجد ايمان ولا وسوسة ولا بحث عن ادلة ولا جدال ولا مكر ولا كذب ولا تزوير حقائق (اليوم نختم على افواههم وتكلمنا ايديهم وتشهد ارجلهم بما كانوا يكسبون) .. (وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما) .. اما الدنيا ففيها كل ما سبق ذكره .. و الآخرة هي يوم الفصل ، و الفصل يكون بين ما فيه اختلاط و التباس ..  

و اذا كان الكفار يريدون الكذب والمجادلة حتى امام ربهم في الآخرة ، فما بالك في الدنيا ؟ لا تنس ان شياطين الانس والجن بعضهم لبعض ظهير .. والله حدد لنا عدونا و هو الشيطان ، فكيف نستهين به وبمكائده بحجة اننا نملك الحق الكامل ولا داعي للجدال ؟ بل يجب ان نجادل الشيطان حتى بيننا وبين انفسنا كلما وسوس لنا .. لأنه يخاف من العقل و المناقشة في طلباته وتزيينه .. قال تعالى (انما يخشى الله من عباده العلماء) اي من يدعمون ايمانهم بالعلم ، والعلم يحتاج الى عقل .. فهو وسواس ، ومع ذلك خناس امام المواجهة والمنطق ..

و قوله تعالى (وبالآخرة هم يوقنون) ، هذا يشير الى ايمانهم القطعي ، والإيمان لا يكون الا قطعيا ، و لم يقل القرآن أن كل البشر يوقنون بالآخرة ، بل خص بها المؤمنين .. فأنا وأنت موقنون بالآخرة إن شاء الله و نجزم ونقطع دون اي شك .. و لو شكـّكنا الشيطان لتعوذنا بالله منه ، لكن هل كل البشر مثلنا ؟ هناك من له ايمان اخر و معاكس ، قال تعالى (يؤمنون بالجبت والطاغوت) ، اي ايمان ايضا وليس لديهم دليل قطعي كامل على الجبت والطاغوت ..

و لماذا سميت العقيدة بهذا الاسم ولم تسمّ بالحقيقة ؟ انه من الاعتقاد في امر يختلف فيه الناس مبني على الجزم والايمان .. وما الإيمان الا ظن راجح و راسخ .. وإلا لكان علما ملزما للجميع .. لأن العلم الثابت بالحواس ملزم للجميع .. ونحن نؤمن بقلوبنا وعقولنا لكن لا نؤمن من خلال حواسنا ، فلا ايمان مع الحواس .. لأنها لم تطـّلع على الغيب بعد ..  

الكفر نفسه نوع من الإيمان ، إيمان بالطاغوت الباطل .. و الايمان هو يقين شعوري و ظن يرجحه المنطق عقليا دون الحواس ..

فليس الإشكال أن هناك مجنون أعمى ولكن الإشكال أن يأتي البصير ببسبب الأعمى ويجعل الحق ظن غير جزم! فهل نحن نتبع ظن عدم الجزم كالكفّار؟

الرد :

لا ، نحن نتبع الظن الحسن ، المدعم بالادلة والذي يشير اليه العقل ، و ترتاح اليه الفطرة .. ويزداد كلما اقتربنا من الله اكثر .. و لا ندعي ما ليس موجودا .. بل نفصّل الامور كما هي مفصلة دقيقة ً و لا ننظر نظرة جزافا للامور .. هذا ما يجب ان يكون ، حتى نقطع حججهم و نقرع منطقهم بمنطق ادق ، يستلهم نور القرآن ..

ولم أتحدث عن زيادة الإيمان ولا عن إطمئنان القلب ولا عن تلك الأمور بحال. والحمد لله رب العالمين.

الرد :

انت لم تتحدث عنها نعم ، لكن فكرتك تفضي اليها ، اذا قلت ان كل الادلة كاملة و معنا ، يعني ان الإيمان اكتمل ، ولم تبق مساحة للزيادة والنقصان ، وحينها لا ينطبق على فكرتك (فتربصوا انا متربصون) ، لانك عرفت كل شيء قبل ان يتحقق الغيب .. بعقلك قبل ايمانك ، وهذا غير واقع ..

نعم أنت تؤمن جازما بظن راجح ، وليس ظن شك ، لكنك حتى الآن انت مؤمن بغيب لم يتحقق بعد .. وما لم يتحقق هو ادلة لم تحضُر حتى الآن ، انا قلت ادلة الايمان صحيحة ولكنها لم تكتمل كلها بعد .. لأن فيها غيب لم يتحقق ، ولا تكتمل الا في الآخرة .. ومن لم تكتمل ادلته بالكامل هو يمشي على ظن رجحته الادلة التي تحققت ، ولهذا هو مؤمن ، ولا يستطيع ان يفرض ايمانه على الآخرين ، لكن لو ادلته اكتملت لاستطاع ان يفرض ايمانه على الآخرين حتى لو كانوا يكرهون .. ولسُمّوا بالعالِمِين وليس المؤمنين ..

وكلمة مؤمن تقال للجميع ، من يؤمن بالله ومن يؤمن بالطاغوت ، والشيء الذي ينقسم الناس فيه الى اكثر من رأي هو شيء لم يتضح بالكامل ، وإلا لما اختلفوا ، وسيكون المعارضين قلة ينتقدها الجميع بضعف العقل ..

وما دامت الرؤية واضحة عندك والحق كله ترى انه واضح معك وأنه كل عاقل سيقبل ما تقول ، فليتك تحاور هؤلاء المشككين والملاحدة على التويتر وما اكثرهم ، سيكون في ذلك نفع لمن تأثر بهم من الشباب ، وإلجاما لعقولهم وحججهم .. وسيدعو لك الكثير من الناس ان شاء الله .. اتمنى ذلك .. حماية لشبابنا وعقائدهم ..

لا بد حينها ان تقذفهم بالحق فيدمغ باطلهم ، وسيستفيد الكثير بإذن الله ، وأنا حاورتهم كثيرا لكن ربما انني لم استطع ان اكشف زيفهم بالكامل .. وما زالوا مستمرين في الحوار .. الساحة بحاجة ماسة ، وبحاجة الى من هم مثلك يرى الامور بوضوح كامل وقادر على اقناع اي عاقل في العالم يريد الحقيقة والنور .. وهؤلاء هم من يهمنا اكثر ممن يثبت عنادهم للحق ..

وشكرا لك وجزاك الله خيرا ..

هناك 7 تعليقات :

  1. بسم الله. أشكرك على الرد.
    الإلحاد لا حجة لها، الإلحاد له "شبهات". والشبهة ليست حجة حقيقية بل اشتباه حق بباطل أو ما أشبه. وأما الإيمان فله حجج قطعية لا ظنية؛ فمثلًا هل القرآن ظنًا أم قطعًا هو كلام الله؟ وأما الآية الكريمة، فكلمة ظن وكلمة اعتقاد يأتيان أحيانًا بمعنى اليقين، مثلما تقول أنت الآن "الاسلام هو دين الحق ، و هذا ما نعتقد" - فهذا اعتقاد قطعي وليس ظني، فنحن نتحدث عن الاعتقاد والعقيدة بمعنى أنه إيمان وجزم، ونتحدث عن التوقعات على أنها اعتقاد أيضًا! وقد قال تعالى: (( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا )) - فهل هؤلاء ظنهم قطعي أم لا؟ وأما حجج الملحد فهي مثل أن يحاجج الأعمى في وجود الشمس على أن حرارتها دليل ظني وكفى بهذا عنده، وليست له حجج حقيقية. وأرجو أن يكون كل ما سبق نتفق فيه معنىً واختلفنا فيه لفظًا.

    وأما ردّك على كلامي، فأنا لم أقل قط أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص - والعياذ بالله - ولم أقل بعدم وجود اطمئنان للقلب ولا أنكرت الحواس!! لكني أنكرت - بوضوح - أن نقول بأن الإيمان له أدلة والكفر له أدلة، وكلها جميعًا أدلة ظنية. وهذا هو الإشكال وعن هذا كان الأمر كله، وأظن بأنك بالغت في قول ذلك جدًا. تخيّل ماذا يعني هذا؟ يعني بأن الكافر له حجة حقيقية للكفر وليس ضده دليل واحد كاف ليؤمن إيمان جزم! فعلامَ إذن يعذب؟ بل الإيمان له أدلة وهي قطعية لا تحتمل الشك وإن كان يزيد وينقص ويختلف اطمئنان القلب، لكن المسلمين جميعًا يتفقون في "الجزم بصحة الإسلام"، جزمًا وليس ظنًا. فإذا قلت لك أنني أؤمن بنسبة 99% والباقي شك في الإسلام، فهذا كفر والعياذ بالله. وقد قال تعالى: (( وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ )). وهناك فرق بين الوسوسة وعدم اطمئنان القلب بشكل كامل وبين الشك بمعنى عدم الجزم. ولا أعرف عمّ ترد في كلامك، من أنكر الأشياء التي تنكرها عليّ؟ أنا أنكر أن نقول بأن الإلحاد له أدلته وهي ظنية مثل أدلة الإسلام!! فالإيمان يختلف وإطمئنان القلب يختلف، وأما الجزم بلا شك فهو ثابت لجميع المسلمين، ومن قال أنا أشك في الله، فقد كفر وخالف قول الله تعالى: (( أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )). وقولك بأن الأدلة ظنية يعني بأن القرآن وما جاء فيه فيه ثغرات تتيح للكافر الاعتماد عليها لتبرير موقفه! فكذلك قبل الموت وبعد الموت المؤمن يجزم بصحة الإسلام، ولا أعلم متى قلت بأننا نعرف كل شيء! كلامي ببساطة شديدة وأخبرني إذا كان فيه أي إشكال: للإيمان أدلة وهي قطعية، وهي بذلك لا تسمح لشخص واحد عنده عقل صحيح وفطرة سوية بأن ينكر الحق بعد أن تأتيه هذه الأدلة وإلا فكيف يحاسب؟ والإلحاد لا دليل حقيقي له ولكن هناك شبهات باطلة لا يأخذ بها إلا من في قلبه كبر وعلى عينه غشاوة. فهل هذا الكلام يخالف وجود غيبيات أو وجود فائدة للحواس أو اختلاف إطمئنان القلب والوسوسة وما إلى ذلك؟




    وحتى نبسّط الأمر وأفهم كل كلامك:
    1- هل للإلحاد أدلة حقيقة أم هي شبهات باطلة فقط تظهر للجاهل كأنما هي دليل؟
    2- أليست أدلة الإسلام قطعية مثل القرآن ومثل الأدلة الموجودة فيه أم هي عرضة للثغرات والنقائص ويمكن أن يطّلع عليها عاقل غير متكبر ولا يؤمن إذا كانت ظنيّة فقط؟
    3- أليس المرء لا يكون مسلمًا إلا إذا جزم بأن الإسلام حق والشك هنا - بمعنى عدم الجزم - يخرجه من الإسلام؟ - هذا لا ينكر زيادة ونقصان الإيمان وعلى اختلاف طمأنينة القلب. فابراهيم عليه السلام لم يكن يشك في الله ولا الملائكة شكت في علم الله عندما سألوا بخصوص خلق آدم!

    فكلامي الذي ترد عليه في الاقتباس يشمل نقطتين:
    1- الإسلام أدلته ليس ظنية، وليس للإلحاد أدلة حقيقة.
    2- ليس كل ما شكك فيه البشر هو أمر يحتمل الشك؛ فأنت تستند على هذا الأمر في تقرير أن الإيمان ليس قطعي!!! والدليل أن هناك من يشكك في مجرد وجود المادة. فليس الإشكال أن هناك مجنون أعمى ولكن الإشكال أن يأتي البصير ببسبب الأعمى ويجعل الحق ظن غير جزم! فهل نحن نتبع ظن عدم الجزم كالكفّار؟
    ولم أتحدث عن زيادة الإيمان ولا عن إطمئنان القلب ولا عن تلك الأمور بحال. والحمد لله رب العالمين.

    ردحذف
    الردود
    1. الاخ عمر خطاب ..

      بإمكانك رؤية التحديث الثاني #تحديث 2# (الرد على تعليقك ) في نفس الموضوع هنا ..

      تحيتي لك ..

      حذف
    2. كنوع من التوضيح المتأخر جدًا.. لما تذكرت الأمر.
      قلتُ أن الإلحاد لا "حجة له"، والقصد لا حجة صحيحة ولا دليل صحيح، ومع ذلك فهم يحتجون بـ"حجج" تسممى حججًا لكنها حجج باطلة غير صحيحة. فلا حجج صحيحة لهم، لكن حججهم التي يحتجون بها باطلة؛ ولذا نقول عنها شبهات. كما تقدم. والحمد لله رب العالمين.

      حذف
  2. مشكووووووور

    موضوع في قمه الروعه

    عاشت الايادي

    ردحذف
    الردود
    1. تحياتي لك عزيزي ..

      شاكر لك مرورك وتعليقك ..

      تحية عاطرة ..

      حذف
  3. بسم الله الرحمن الرحيم.
    فالإشكال الكبير فيما أرى يا ورّاق - هداك الله وإياي - يكمن في خلط الحق بالباطل؛ فيظهر الكل حقًا لمن لا يفهم الأمر. دعني أولًا أوضح مفهوم الدليل الظني وهو: الدليل الذي لا يكفي للقطع والجزم بشيء، بل هو دليل يجعلك تقول أن هذا الشيء احتمال، وهناك ظن راجح وظن مرجوح، فأما الراجح فهو الظن الأقوى، فيجعلك تقول: غالبًا هذا هو الحق، لكن يحتمل أن لا يكون هو الحق!! وهذا حقيقة القول بأن الحجج ظنية، معناها أن هناك احتمال - ولو صغير - أن يكون الإسلام باطلًا - بما أنك ترى حججه ظنية -!! فكيف ترى وجود احتمال للخطأ ثم تجزم في نفس الوقت بعدم وجود الاحتمال؟! وما هو الدليل الظني إلا أنه هو الدليل الذي يجعلك "تظن" بدل أن "تجزم"؟! سبحان الله!! وإذا كنت تجزم بصحة ما يجزم به المسلم، فأنت تجزم أن دليلك قطعي، وإلا فهل ترى - والعياذ بالله - أن حتى المؤمن ينطبق عليه قول الله تعالى: ((إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا)) ؟!

    ثانيًا، تشكيك البعض في الإسلام؛ حجة ضدهم وليس حجة ضد الإسلام، وتشكيك الـIdealists في وجود المادة هو تشكيك ضدهم وليس ضد المادة. فالعمي الصم البكم الأموات غير الأحياء منتكسي الفطرة الذين لا يعقلون، هؤلاء لا يمكن أن تقنعهم بوجود الشمس - بما أنك تتحدث عن الأمور الحسية - لا بالرؤية ولا بالسمع ولا بالعقل ولا بالفطرة! ومن ينكر أن 1+1=2 هي قاعدة قطعية أو ينكر أن نشوء الشيء من العدم بدون خالق له غير ممكن أو ينكر بطلان التسلسل؛ فالإشكال فيه هو وليس فيه هذه الأمور نفسها!
    ثالثًا، وأما الآية فقد قال الله تعالى: ((وبالآخرة هم يوقنون)) وقال ((الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم))، والظن في الآية الثانية هو يقيني - مثل الآية الأولى وقوله تعالى "يوقنون" - وليس الظن الإصطلاحي الذي تقصده. فالظن في اللغة أوسع من الاصطلاح. فمثلًا نحن نسمي النجوم والكواكب، بينما فقول الله تعالى ((إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب))، الكواكب فيها هي النجوم - بحسب التفاسير -، وليست الكواكب التي هي في اصطلاح الناس حاليًا شيء آخر غير النجوم كما تعلم.
    وأما ((ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها))، فقد قال تعالى: ((ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون)). المجرمون أبصروا في الحالتين، وقال في الأولى سبحانه "فظنوا"، وفي الثانية "موقنون"؛ فالظن هنا يقيني - واقرأ التفاسير -.
    ويمكن الإطلاع أكثر عن الإيمان والجزم في الإسلام، وأن الإيمان لا يصحّ إلا بالجزم - وعنه أخذت النقطة الثالثة بخصوص الآيات أعلاه - من إسلام ويب: http://www.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=170641

    وعندما يوجد إمكانية للترجيح يوجد "اجتهاد"، فعند وجود أدلة ظنية يجتهد العلماء والمصيب له أجران والمخطئ له أجر واحد، فهل الكافر له أجر واحد؟ بل خالد مخلد في النار!

    وأرجو أن لا تدخلني في أمور لم أقلها! لم أنكر النقاش ولم أقل نكتفي بأن نقول أنهم رافضو الحق ونسكت ولم أقل الإيمان لا يزيد وينقص ولا أنكرت إطمئنان القلب والوسوسة، ولا أعرف ما علاقة أن عندهم مكر بالحق والباطل أو بأن ننظارهم أو لا!! بل يناظرهم من هو مؤهل لذلك بالعلم الحق وهو يعرف أنه يتكلم بأدلة قطعية وأن الإشكال فيهم وليس في ما يؤمن به

    وأما زيادة الإيمان ونقصانه، فالإيمان يزيد وينقص ولم أقل أن الشك يزيد وينقص! فالشك في الدين كفر، والشك هو أن أقول بأنني لست متأكدًا أن الإسلام حق، وهذا كفر بالنسبة لي وبالنسبة لك وبالنسبة لكل مسلم. وإذا كان الأمر كله في الأدلة، فكيف يختلف الإيمان بحسب الدليل؟ إذا كان الدليل بنسبة 90%، فالجميع بحسب طريقتك أنت سيجزم بنسبة 90% ولن يخالف أحد نفس هذا الرقم! فإذا كان الجزم بحسب الدليل، وإذا كانت الأدلة ظنية، فالجميع سيظن ولا أحد سيجزم!! لكن هذا غير صحيح.

    فهكذا:
    1- الدليل الظني لا يأتينا إلا بالظن، ونحن لسنا مثل الذين يتبعون الظن!
    2- عندما تكون الأدلة ظنية يجوز الاجتهاد والمخطئ ليس عليه وزر في الاجتهاد بضوابطه، بينما الكافر مخلد في النار وليس مثل المجتهدين!
    3- إنكار البعض للحق، حجة ضدهم وليس حجة ضد الحق.
    4- جزم الناس بالشيء لا يساوي قوة الدليل وإلا لاتفق الجميع على نفس الثقة ونفس الشك في كل الأمور. والرجل المسلم تراه يخطئ ويفعل، وهو موقن يقين جزم أنه سيحاسب.


    وأرجو أن تعود للحق كيفما تبيّن لك، وأسأل الله أن يهديني وإياك وجميع من يقرأ هنا للحق.
    وأما نقاش الملاحدة؛ فالحمد لله نفعل والحساب عندك.
    والحمد لله رب العالمين. والله أعلم.

    ردحذف
    الردود
    1. بخصوص قولي: "فالحمد لله نفعل والحساب عندك" فقد قصدت أن حسابي على تويتر عندك، وليس حساب يوم القيامة! أردت فقط التوضيح.

      حذف