الاثنين، 2 يوليو 2012

رداً على مقال : سبينوزا وابن رشد .. لأحمد العلمي




مقتطفات من كتاب الايتيقا لاسبينوزا

(مقتبس من مقال : سبينوزا وابن رشد لأحمد العلمي)


& & &

لقد حمل سبينوزا في كتاب الإيتيقا على التصور الغائي واعتبره هو أصل كل الأحكام المسبقة التي يسقط الذهن ضحيتها.

“تتوقف كل الأحكام المسبقة التي ألتزم الإشارة إليها هنا، يقول سبينوزا، على حكم مسبق واحد، وهو: أن الناس يفترضون عادة أن كل الأشياء الطبيعية تفعل، مثلهم، من أجل غاية، بل والأكثر من ذلك يقرون بأن الله ذاته يوجه كل شيء من أجل غاية ما، لأنهم يقولون إن الله قد فعل كل شيء لصالح الإنسان، وأنه قد خلق الإنسان بدوره ليعبده”(15).

يتولد هذا الوهم الغائي حسب سبينوزا من الجهل، من كون الناس يجهلون العلل الحقيقية للأشياء.

" كل الناس يولدون جاهلين بعلل الأشياء، وأنهم كلهم يرغبون في البحث عما يكون نافعا لهم، ويكونون على وعي بذلك”.

إن هذا الجهل المقرون برغبة الإنسان الملحة في البحث عن النافع، هو الذي يولد الاعتقاد الدفين لدى الإنسان أنه حر في اختياراته. فجهله بعلل أفعاله ومبادئها يترك مكانا للوهم القائل بالحرية. غير أن هذا الجهل يؤدي إلى نتيجة أخرى، نتيجة تهمنا هنا في دراستنا لمفهوم العناية. تتعلق هذه النتيجة باعتقاد الإنسان في وجود غايات وأهداف وراء كل الأشياء:

" إن الناس يمارسون أفعالا، دائما من أجل غاية، أي من أجل النافع الذي يرغبون فيه؛ من هنا ينتج أنهم لا يعملون أبدا على معرفة سوى العلل الغائية للأشياء المنجزة، وأنهم يهدؤون بمجرد ما يعرفونها، إذ لم يعد لديهم أي سبب للشك. وإذا لم يستطيعوا معرفة هذه العلل من طرف الغير، فلا يبقى لهم سوى الرجوع إلى ذواتهم والتفكير في الغايات التي تجبرهم عادة على القيام بأفعال مماثلة، والحكم بالضرورة على حالات الآخرين انطلاقا من حالاتهم الخاصة. وعلاوة على ذلك، ماداموا يجدون في ذواتهم وخارجها عددا كبيرا من الوسائل التي تساعدهم على الحصول على ما يكون نافعا لهم، مثلا، كالأعين للرؤية، والأسنان للمضغ، والعشب والحيوانات للغذاء، والشمس للاستضاءة، والبحر لإطعام الأسماك، إلخ.، فينتج عن ذلك أنهم ينظرون إلى كل الأشياء الطبيعية وكأنها وسائل من أجل الحصول على ما ينفعهم”(16).

فالجهل بالعلل الحقيقية للأشياء، حسب سبينوزا، هو الذي يدفع إلى الاعتقاد في وجود غايات وراء الأشياء. والاعتقاد في تلك الغايات هو الذي يؤسس دليل العناية. يقول اسبينوزا:

" وماداموا يعلمون أن هذه الوسائل قد عثروا عليها، ولم يصنعوها بأنفسهم، فقد استخلصوا من ذلك دافعا للاعتقاد في وجود شخص ما قد صنع هذه الوسائل لاستعمالهم. إذ لم يستطيعوا، بعدما نظروا إلى الأشياء كوسائل، الاعتقاد أن هذه الأشياء قد كونت نفسها بنفسها، بل، من الوسائل التي اعتادوا تحضيرها لأنفسهم، استنتجوا وجود مسير أو مسيرين للطبيعة، يتمتعون بالحرية الإنسانية، وأن هؤلاء المسيرين قد اعتنوا بكل شيء لصالحهم، وأنهم صنعوا كل شيء من أجل استعمالهم. لكن، بما أنهم لم يحصلوا أبدا على معرفة بطبع هذه الموجودات، فإنهم حكموا عليها انطلاقا من طبعهم الخاص، وسلموا أن الآلهة تضع كل شيء لصالح استعمال الناس، كي يتعلقوا بها وكي تحظى منهم بأكبر تقديس”. 

من الأكيد أن سبينوزا هنا يشير إلى ما سماه ابن رشد بدليل العناية. فالجهل بالعلل الحقيقية للأشياء، والارتماء في أحضان الفكر الغائي، حسب سبينوزا، هو الذي يؤسس دليل العناية. غير أن كون هذا الدليل قد انطلق من مسلمات باطلة، أي الجهل بالعلل الحقيقية للأشياء، سيؤدي إلى نتائج باطلة أيضا. بل إن القائل بدليل العناية يصل إلى أوهام وهذيانات تسيء إلى الطبيعة وإلى المعرفة اليقينية:

" غير أنهم أثناء محاولتهم إثبات أن الطبيعة لا تقوم بشيء بدون جدوى (أي لا يكون لصالح الإنسان)، لم يثبتوا على ما يبدو سوى أن الطبيعة والآلهة تسقط كالناس ضحية الهذيان. انظروا، أرجوكم، إلى أي شيء ينتهي هذا أخيرا!”

الرد:

الحقيقة أن هذه الفكرة هي التي تسقط في الأخير و يسقط معها العقل  .. و كأن هذا الفيلسوف يريد ان يسقط العقل لانه دل على الله عقوبة له (و ردعا لامثاله) . و ايضا يريد ان يسقط العلم ، و ما هدف العلم الا ليكشف الغايات و المسببات . كل حركة العقل البشري عبارة عن اسباب فغايات ، او غايات فأسباب . و ما سوى ذلك فليس عقلا . و لان هذا الديالكتيك العقلي دل على وجود خالق ، توجب عليه ان يـُنحّى عن المسرح .. وهكذا الالحاد يبعد العقل .

هو يتصور ان الانسان فقط هو الذي له غايات و غيره من الاشياء ليس له غايات ، و السؤال : لماذا الانسان له غايات ما دام انه مادة كغيره ؟ و لماذا يعترف الفكر المادي بغايات الانسان مسببا بهذا الاعتراف شرخا في القاعدة ؟ أما ان يُستثنى الانسان وحده من فكرة عدم الغائية ، فهذا يسقط الفكرة و لا يجعلها مستمرة .. لماذا لا يقول ان الانسان ليس له غايات ولكنه يصطنع الغايات لنفسه و يصبغ تلك الغايات على بقية الموجودات مثلما اسبغها على نفسه ؟ حتى نكون عند موقف شامل و مطلق على الجميع وقابل للفهم ! 

ولكنهم لا يريدون ان يسقطوا أهوائهم ، ولتسقط غاية كل شيء الا هوانا ! و هي انانية كريهة تخربش العقل وتذهب صفاؤه و عموم نظرته – هذا كله خارج عن الفلسفة التي تبحث عن الحقائق المستمرة دائما ، لكنهم يرفضون المطلق عموما ، و رفض المطلق ليس الا رفضا للعقل ، فالعقل هدفه المطلق ، والا فما يسمى عقلا و منطقا الا لاجل التعميم ، والتعميم اطلاق ، فكيف تسمى فلسفة عقلانية و هي ترفض المطلق ؟!!  .

ايضا : ما دام ان الانسان جزء من الطبيعة ، و ان له غايات اعترف بها حتى الماديون ، اذا عليهم ان يبحثوا عن الغايات في البقية ، لانها اصبحت اصلا في الاشياء ! والانسان من ضمن الاشياء !

و ما دام يقر بوحدة الوجود ، واثبت الغائية كاصل في الانسان ، اذا وحدة الوجود تقتضي وحدة الغايات و وجودها في كل موجود . والا فسيكون مخالفا لنظريته في وحدة الوجود .

عندما يبحث احد عن الغاية في شيء و يخطئ في معرفتها ، سيكون لنا منه موقفان : اما ان نقول له : اخطأت واعد البحث ، او نقول له : بما انك اخطأت ، اذا عليك ان تتخلى عن فكرة البحث عن الغاية لانها تسببت في خطئك !! هذا الراي الثاني وهو الاعوج و الابعد عن الصواب ، وهو الذي اتبعه سبينوزا و بقية الماديين . و هذا يشبه حالة شخص بحث في الخريطة عن مكان ، و دل الآخرين عليه ، لكنه تبين انه خطأ ، فقال له الآخرون : عليك ان تمزق الخريطة ، لانها دلت على خطأ ! و هذا ما فعله سبينوزا والماديون ..

و سبينوزا نسي ان رفض الغاية هو غاية بحد ذاته ! و الا فما غايته عندما كتب هذا الكلام ؟ اذا العاقل لا يرفض الغائية في العقل ، والا فسيكون قد رفض العقل ، و كيف يسمى فيلسوفا من يرفض العقل ، بل و يعتبر مؤسسا للفلسفات المادية الحديثة !!

لاحظ انه ربط البحث عن الغائية بدافع الجهل بحقيقة الاشياء ، و كأنه يقول : ليبق الجهل وندع الغائية !

اليس السؤال "لماذا" هو ابو المعرفة ؟ اليست المعرفة سؤال عن الغاية ؟ اليس جواب "لماذا" هو الغائية بعينها ؟ و يبدأ الجواب بكلمة "لأجل" أو "لأن" ؟

من الجنون رفض سؤال "لماذا" ، لان هذا الرفض يذهب العقل المبني على "لماذا" اساسا .. اما بقية الاسئلة كـ"من" و "كيف" و "أين" فهي تابعة فلسفيا لاسم الاستفهام "لماذا" .. فتقول مثلا : "لماذا" انا متعب ؟ فياتي الجواب : لاتي جائع . ياتي السؤال : "كيف" احل المشكلة ؟ الجواب : ابحث عن مطعم ، ياتي السؤال الاخر : "اين" اجد المطعم المناسب ؟ و "متى" يكون الطعام جاهزا ؟ و "كم" من المال احتاج ؟ و "هل" معي المبلغ الكافي ؟ الخ .. لاحظ ان كل هذه الاسئلة جاءت تابعة بعد السؤال "لماذا" ..

اذا رفض الغائية هو ضرب للعقل في جذعه الاساسي ، و بقية العقل فروع من هذا الجذع و تموت تدريجيا بعد موته .. لأنها ستكون عبثا و بلا قيود وبلا قيمة.. مثل ان تجد شخصا يسأل عن شيء لا يعنيه ، ويحفظ شيئا لا يهمه ، هذا الشخص سيسمى مجنونا .. يريدنا الماديون ان نكون مثل هذا الشخص : نسأل بلا غاية ، ونحفظ الكيفيات بلا غاية ! يريدون من الانسان ان يصبح (هارديسك) يجمع بلا غاية ويلاحق بلا غاية ويدقق بلا غاية ..

اكبر كمبيوتر يمكن ان يكون في العالم ، هو في الاخير عبارة عن عقل مجنون ، فلسفيا .. اليس كذلك ؟ فمهما كانت سعة ذاكرته او سرعة معالجته ، السؤال : لماذا - واظن الجميع يتفق معي على جنونه - لماذا سميناه مجنونا ؟ الجواب كلمة واحدة : لانه بلا غاية ..

الفلسفة المادية الحديثة تريدنا ان نكون مثل هذا الكمبيوتر ، اي مجانين . لأنها تكره السؤال لماذا .. وهو يدل على الخالق الذي يكرهونه .. اذا الفلسفات المادية و الالحادية ليست فقط تقيد العقل ، بل تدعو الى الجنون و رفض العقل . و طالما انهم يرفضون الغائية فهم يرفضون العقل .. و كل رافض للغائية هو رافض للعقل ..

قيمة السببية من قيمة الغائية ، فليست السببية سوى طريق موصل للغائية . فالاسباب توصل للغايات ، و الغايات تفترض وجود الاسباب . كمثال : المدينة هي الغاية ، والطريق هو السبب . واذا لم يكن الطريق (السبب) معروفا ، فانه يـُقترح و يـُفترض الطريق المناسب لاجل الوصول الى المدينة (الغاية) من خلال بقية الاسئلة السابقة : اين و كيف و متى و ماذا الخ ..

سؤال "لماذا" هو سؤال عن السبب ، و هذا السؤال هو وقود العقل . و هذا يعني ان فكرة اسقاط غائية الناس على الاشياء ليست بدافع نفسي و سلوكي كما يظن سبينوزا و الماديون ، بل هي حتمية عقلية فلسفية ..

و هكذا نفهم ان من اراد ان يسقط الله ، فسيخسر العقل ..

هم يسمون الانسان عاقلا ما دام يعمل لاجل مصلحته (غاياته) ، بمعنى : اذا حوّل الاشياء الى صالحه اصبح عاقلا ، اذا عملية التحويل نفسها مفهومة ، وعلى اساسها اصدر الحكم عليها بالعقلانية ، لانها مبنية على الغائية . هذا بالنسبة للاشياء التي حولها هو الى صالحه .. لكن لننظر الى الاشياء الاخرى التي لم يحولها هو الى صالحه ولكنه وجدها محولة وجاهزة بطريقة اكثر ذكاء من طريقة تحويله ..

نحن حكمنا عليه بالعقل لانه بارادة عاقلة حوّل الاشياء الى صالحه ، و عملية التحويل هذه سميناها عقلا ، ولم نقل ان الظروف نفسها هي التي حولت نفسها لصالحه ، بل حكمنا بعقله و ارادته . اذا اتينا للاشياء الاخرى العظيمة والعبقرية التي تنصّب في صالحه ولم يحولها بنفسه ، يجب علينا ان نجري نفس المنطق ، والا فسيكون المنطق منكسرا . فنحن عندما حكمنا عليه بالعقل ، لم نكن نعرف العقل ، بل عرفنا عملية تحويل الاشياء الى صالحنا فقط ، اذا اي عملية تحويل الى صالحنا هي عقل و ارادة . وما لم تقم به انت ، فقد قام به غيرك . مثلما تشتري مسكنا وتعرف ان غيرك هو الذي قام باعمال النجارة والبناء الخ .. بارادة واعية ، اي عقل .

سيكون الشخص صاحب المنزل مجنونا اذا افترض انه هو الذي سعى لامتلاك البيت واثثه ، ولكن البقية – طالما انه لم يقم هو بها ، ولا يرى امام عينيه احدا يقوم بها – يستنتج ان المنزل بنى نفسه بلا ارادة ولا غاية كانت وراء ذلك !! هذا تشطير للعقل ، وتشطير العقل يسقطه .

اذا نحن لا نعرف العقل الا من خلال الغائية ، و عندما يكون الانسان على الارض و هي بيت معد ومضاء وممهد ومكيف ومزود بكل ما يحتاجه الانسان بطريقة تفوق عبقرية الانسان ، عليه ان يعرف ان ها هنا ارادة عاقلة وواعية فعلت ذلك ، مثلما عرف ذلك في المنزل .. لأنه كيف عرف ان المنزل لم يبن نفسه وهو لا يرى العمال ؟ عرف من خلال توظيف الاشياء للغاية ، وهذا الشيء نراه بوضوح في تجهيز الكرة الارضية وحمايتها وتكييفها . اذا لماذا نوقف العقل هنا بلا مبرر ؟ هكذا لا نكون عقلانيين ..

هم يركزون على الغائية ، وينسون جانب اخر مهم جدا لاثبات الفاعل ، و هو حماية الغائية . و من وجد شيئا اتضحت فيه الغائية واتضحت فيه حمايتها وانكر الارادة العاقلة وراءه فهو مجنون . لأنه ليس بعد حماية الغائية مجال للشك او الصدفة او العبثية . فأنت امام غاية و محمية ايضا من ان تنحرف عن غايتها .

عندما تجد في احد الجبال ممرا يشبه الدرج ، تلقائيا ستفترض ارادة ذات غاية هي التي فعلته ، لكن ربما يتطرق اليك الشك ان عوامل الطبيعة هي التي نحتته ، لكن اذا وجدت ان هذا الممر يتمتع بجسور ، واقيمت عليه حواجز حتى لا يسقط المار عن غايته ، فهل يبقى عندك شك ؟ طبعا لا .. ناتي الى الارض : نعم نجدها مضاءة في النهار ومبردة في الليل و مكيفة من خلال قطبين ومجهزة بالغذاء المتنوع والماء والاكسجين الخ .. كل هذه دلائل على ارادة واعية ، ولكن ماذا نفعل عندما نجد ان لها ثلاثة اغلفة حماية تحميها من ضربات الشهب والنيازك بل حتى الاشعة الشمسية والكونية الضارة لحياة الانسان !؟ هل يبقى مجالا للشك ، اربط هذا المنظر بمنظر الممر الجبلي حتى لا تشطّر عقلك وتبقيه عقلا واحدا متماسكا ..

المجنون ليس الا شخصا غير مرتبط بالغايات ، والاحمق هو شخص ارتباطه بغاياته خاطئ دائما ، والعبد هو شخص ارتبطت غاياته بغايات غيره ..

هناك 5 تعليقات :

  1. شكراً على المجهود .. دمتم بود

    ردحذف
  2. شكرًا على المجهود ، ومعذرة للاختلاف معكم ..
    هناك حقائق عديدة عادة يتجاهلها أو يغفلها المؤمنون وبذلك يظنون أنهم قد أثبتوا وجود الله ووجود غاية معروفة من وجود الإنسان على الأرض ، منها:
    1 - ما قيمة مكيفات الأرض وأكسجينها إذا كان جل سكانها بؤساء تعساء فقراء مضطهدين، وكل المؤمنين على سطحها هم مؤمنون تحت التهديد والوعيد والإغراء والخوف والهروب من اللا بديل، وليس بينهم مؤمن واحد عن قناعة ومعرفة - إلا خوفًا أو توهمًا ..، فليس بينهم من يعرف شيئًا عن هذا الذي كيَّف لهم الأرض، ولا سبيل لديهم للتواصل معه للتأكد من وجوده أو لطلب نجدته - لا بالدعاء ولا بالبكاء ولا بالموت في سبيله!
    2- المؤمنون يفترضون أن الملحدين يتعمدون إنكار وجود الله ..، وهذا ليس صحيحًا ..، فالملحدون لم يجدوا دليلاً مقنعًا على وجود غاية من الحياة ووجود إله خلفها ..، لا أقول دليلاً ماديًا أو مرصودًا، لكن أقول دليلاً منطقيًا ..، فما معنى أن يصنع الإنسان روبوتات لعبادته؟ وما معنى أن يُبرمج بعضها بأن تجهله كي يعاقبها ، ويبرمج بعضها بأن تعرفه كي يكافئها؟ وما قيمة عقاب أو ثواب الصانع لمصنوعاته؟ .. أليس هذا ما يعتقد المؤمنون بأن الله يفعله بالبشر؟
    وعلى افتراض وجود الله، هل هناك إنسان عاقل يعي - يدرك - وجود إله ، ووجود نار وجنة، ثم يكفر بهذا الإله لكي يدخل النار؟
    وهل هناك معنى لمعاقبة الله لإنسان كل ذنبه أنه لم يستطع تصور وجوده؟
    أين العدل والمصداقية والغاية؟
    إن الأمر واضح وضوح الشمس، وهو أن المؤمنين يحاسبون الملحدين لعدم تصديقهم لهم هم وليس لكفرهم بالله، ويعتبرون أن تكذيبهم يعادل الكفر بالله ..، وهذه مغالطة عقلية مقصودة ومفضوحة ولا تنطلي إلا على البسطاء والسطحيين!
    3- المفكرون والكتاب والمتحدثون المؤمنون ينظرون إلى الوجود البشري وكأن حالهم ينطبق على كل البشر ، فينسون أو يتجاهلون موت ملايين الأطفال مما يدل على انعدام الغاية من خلق هؤلاء الأطفال ..، ووجود ملايين المعاقين والمعدمين والمشردين والمتسولين والمهاجرين غير الشرعيين والمساجين .. الخ ..، فأين هي الغاية وما قيمة الرعاية الإلهية للأرض إذا كانت من أجل الإنسان وكان الإنسان أكثر الموجودات حيرةً وتعاسةً وبؤسًا وألمًا وتشردًا؟
    شواذ القاعدة يا سيدي لا تصح مقياسًا أو سببًا ، ولا شك أن جُل البشر وعلى مر العصور هم مجرد ضحايا يتألمون - لا باختيارهم - لكنهم ضحايا لضعفهم وجهالتهم وللكوارث الطبيعية وضحايا لظلم وجشع القلة الأقوياء منهم .. الخ ..، فأين الغاية والرعاية الإلهية؟
    4 – ليس صحيحًا القول بأن الفلاسفة الماديين يكرهون الله ..، فسبب رفض الفلاسفة الماديين لفكرة وجود الله، ليس كراهيتهم لشيء لا يعرفونه ..، بل السبب هو ما ترتب على افتراض وجود الله من كوارث للبشر على أيدي بعضهم بسبب الإيمان بوجود الله – ما حدث في أوروبا في العصور القديمة وما حدث ويحدث للمسلمين في الماضي والحاضر!!!
    5 - ليس صحيحًا القول بأن الفلاسفة الماديين يرفضون السؤال"لماذا" ..، لكنهم يرفضون افتراض سبب أو غاية دون برهان مادي ولا منطقي ..
    لماذا قامت الحياة؟
    قامت الحياة بسبب غياب المانع!
    توفرت ظروف واجتمعت عوامل منطقية مادية لا غائية لانبثاق حياة على الأرض، فكان لا بد للحياة أن تنبثق على الأرض ..، ولم تتوفر ظروف ولم تجتمع عوامل لانبثاق حياة على المريخ فلم تنبثق حياة على المريخ ..، هذا كل ما في الأمر ..، تمامًا كما أنه لا بد للمطر من أن ينزل حيثما توفرت ظروف واجتمعت عوامل مادية لا غائية لنزوله ..، فيهطل المطر في البحار والصحاري حيث لا قيمة لهطوله بها، ويغرق مدنًا آهلة بالبشر فيدمر الحياة فيها ..، ولا ينزل بمناطق زراعية فيحل الجفاف وتموت الحياة، كل هذا العبث يحصل لأنه لا غاية ولا رعاية ولا سبب منطقي لهطول المطر، إنما سبب هطول المطر هو دائمًا غياب المانع من هطوله ليس إلا – أي توفر ظروفه واجتماع عوامله المادية لا الغائية!
    ملاحظة: نحن نعي ونفهم تمامًا الجواب السهل والجميل الذي يقدمه الدين والإيمان بوجود الله للبسطاء والضعفاء من البشر، والطمأنينة والاستقرار النفسي الذي يوفره لهم ..، لكن ذلك لا يعني أنه صحيح، ولولا ما ترتب على الأديان من آلام وأضرار لما حاربها الفلاسفة الماديون ..
    نحن نفهم أنه ينبغي معاملة جل البشر كما يُعامل الأطفال – بسبب بساطتهم وسطحيتهم وضعفهم وعاطفتهم ..، لكن رجال الدين لم يتوقفوا عند حد ، فأرادوا أن يكونوا آلهة ورسلاً ، وأن يفرضوا معتقداتهم اللا منطقية من تقديس للبقر والحجر والصلبان على كل العقول، فكان الصدام معهم تحصيل حاصل، وكان لا بد فضح الخرافات والأساطير!

    ردحذف
    الردود
    1. الاخ الكريم ..

      الجواب على تعليقكم في هذا الرابط على المدونة ..

      http://alwarraq0.blogspot.com/2014/05/blog-post_19.html

      حذف
    2. نعم لايوجدإنسان عاقل يعي - يدرك - وجود إله ، ووجود نار وجنة، ثم يكفر بهذا الإله لكي يدخل النار وب . وانت بردك هذا لست انسانا عاقلاالتلي لاقيمة لهذيانك

      حذف