الثلاثاء، 3 يوليو 2012

حول تقسيم الفلسفة إلى مثالية ومادية ونقد المادية والفكر الغربي ونهضة اوروبا ..

تقسيم الفلسفة الى مثالية ومادية ، تقسيم غربي ناقص . واعتبار الدين فلسفة مثالية ، اي غير واقعية ، كأنك تقول أنه غير حقيقة والمادي هو الحقيقة .. وهذه تقسيمات الماديين ولصالحهم . فلسفة الدين قائمة على المنطق والعقل . وليست مجرد ايمان مثالي . العكس تماما هو الصحيح . الفلسفة المادية هي المثالية ، قائمة على افتراضات خيالية لا وجود لها في الواقع . فهي تفترض ان الصدفة صنعت الحياة وطورتها ، وهذا كلام غير منطقي ولا واقعي ولا مشاهد . تفترض ان الشيء جاء من اللاشيء . وهذا كلام لا مشاهد ولا منطقي ولا واقعي ..

اذن فلسفات الدين اساساتها امتن من اساسات الفلسفة المادية الهشة التي يكسرها العقل بسهولة . اما بقاؤها الى هذا الوقت ، فكل شيء يدعم ويخدم اهواء معينة سوف يبقى ، لان الخير والشر باقيان على وجه الدين منذ وجدت . ولم ينتهي الخير ولا الشر يوما من الايام ، لان لكليهما انصار . 

وقولك ان الفلسفة المادية هي الافضل ، طبيعي ان كل تاجر يقول عن بضاعته انها هي الافضل ، وانا اقول فلسفة الايمان الاسلامي هي الافضل ، وانتي قولي ان الفلسفة المادية الملحدة هي الافضل . يجب الربط بين الفلسفة المادية والالحاد . وليس فقط الالحاد ، بل العلمانية ، و فصل الدين عن العقل والفلسفة ، والليبرالية ، وما يسمى بالإنسانية العلمانية ، و وحدة الوجود ، والوجودية ، والعدمية ، والراسمالية ، والشيوعية . كلها وجوه لشيء واحد . حتى الادب الواقعي ومدارس الفن المادية كالتكعيبية والسريالية ،وهكذا ..

الفكر الغربي الحديث كله ينطلق من شيء واحد هو الفلسفة المادية القاصرة التي لا تؤمن الا بما تعرفه الحواس . والفلسفة المادية نفسها وليدة لاناس ماديين افرزهم السوق وتحكموا بعصب الحياة الفكرية والاقتصادية والسياسية والاعلامية والعلمية لان المال يتحكم بكل شيء ، ولا شك ان عابد المال شخص مادي .

لم تكن ثقافة الغرب بهذا الشكل قبل القرن الثامن عشر ، ولو ان شكسبير في هذا الزمن لما سمي بشاعر الانسانية بعد ان الف تاجر البندقية .

الفكر الغربي تغير كاملا بعد سيطرة الماديين ، وترك اخلاق الفروسية وادبها ، وفصلت له ملابس اخلاقية جديدة غير التي تعرفها الثقافة الاوروبية . اما الزعم بان الالحاد قديم فهذا لا اثبات له اذا نظرنا الى الالحاد كفكر ومذهب فلسفي و دين يحارب الاديان الاخرى . وكل ما ذكرتيه هو حالات انحلال عن الدين بما يسمى قديما برقة الدين ، وهذ لا يمكن اعتباره الالحاد الفلسفي الذي وضعت خطوطه ومعالمه وأعلن نفسه في اواخر الرقن الثامن عشر كمذهب مادي ينكر وجود اله ويحارب الاديان ، وتجلى وجودها في الشيوعية الملحدة الماحقة لخصومها الدينيين ، وقبلها في الشيوعية الفرنسية التي اعدمت 18 الف شخص ، أكثرهم من رجال الدين .

ولو كانت المادية هي الافضل لما عانى العالم هذه المعاناة من الاستعمار والحروب واسلحة الدمار الشامل وتلوث البيئة والبطالة وسيطرة الراسمالية وإفلاس الشعوب وتغريقهم بالديون والاستهلاكية وانتشار الانتحار بسبب الخواء الروحي والاقتصادي .

من وجهة نظري هي الاسوأ وليست الافضل . وليس وراءها الا الدمار على كل صعيد .

وليست المادية هي التي طورت العلم ، فالعلم مجهود بشري اشترك فيه الجميع منذ القدم ، وليس العلم بالشيء الجديد على البشرية ، كما يحاول الماديون ان يفهمون طلاب المدارس . العلم قديم والالحاد جديد . وهو الذي انتج التكنولوجيا القديمة التي صنعت الزجاج والسيراميك والبارود واخترعت الكتابة و صنعت السفن والنسيج والهندسة والكيمياء القديمة الخ . ونحن نأكل من خير العلم القديم مثلما نستفيد من العلم الحديث .

اوروبا لم تنهض لانها تركت الدين كما يصورون لكم ، المختبر لا يسأل هل الذي يعمل به ملحد ام مؤمن .. اوروبا تطورت بالاتصال الحضاري والارث الكبير لحضارة المسلمين في الاندلس . وكانت الكشوف الجغرافية هي سبب النهضة في اوروبا التي اعتمدوا بها على خرائط المسلمين واسلحتهم النارية . والتي دفعتهم الى الاستعمار . ولا تقوم حضارة الا بالتلاقح مع حضارة اخرى ، مثلما قامت الحضارة الرومانية على انقاض الحضارة اليونانية ، كذلك قامت الحضارة الغربية على انقاض الحضارة العربية ، في غرب اوروبا حيث الاندلس وليس في ايطاليا مهد الكاثوليكية . 

هذا هو التفسير المنطقي لقيام النهضة وليس تفسيرهم الغير مرتبط بمنطق . فلا نهضة تقوم دون تاثر . وفكرة نهضة اوروبا من مجرد وصول كتاب الفه ارسطو مبرر سخيف وغير مقنع . هذا يشبه ان تفترض ان مخطوطة للكندي او الفارابي وجدها احد وطبعها فاعادت العرب الى عصر نهضتهم ! من مجرد مخطوطة !

هناك تعليق واحد :