الأحد، 1 يوليو 2012

هل ما يجري في الطبيعة أمر معتاد؟



في هذا الموضوع رد على شبهة: إذا عُرف السبب بطل العجب "الإلحادية" ، والتي انبنت عليها فكرة إله الفراغات :


يتحدث بعض الملاحدة أنهم استطاعوا أن يعرفوا الطريقة الطبيعية التي تنتهجها الطبيعة في عملها في الظواهر الطبيعية وغيرها ..

ولكن الطريقة الطبيعية أليست مبتكرة و مخلوقة ؟ ما معنى "طبيعية" من وجهة نظرهم ؟ هل نحن من وضعناها ؟ طبعاً لا ، هم كمن يقول : "إن هذه النباتات تنموا أمامنا بطريقة طبيعية.. فلا داعي أن يكون لها إلهاً " ! إ

إذاً كل شيء سيفعله الإله و يوجد في الطبيعة سيقال عنه نفس الشيء ! فكل شيء يكون سيقولون عنه أنه طبيعي لأنه تحول إلى معتاد ، فالطبيعي من وجهة نظرهم هو المعتاد. والحقيقة أنه غير معتاد وغير طبيعي!! و إن كان معتاداً وطبيعياً فلنصنع مثله ومن العدم ، و دون المطالبة بنماذج أخرى ..!

 إذاً لا يوجد في التحقيق شيء اسمه طبيعي ولا يحتاج إلى تفسير ..

إذاً الطبيعة ليست طبيعة ، بل هي معجزة .. و الإلف والتعود لا يعني السهولة .. كلنا معتادون أن نحب ونكره ونعجب ونطرب وننام ونستيقظ.. ونقول عن هذه الأشياء أنها "طبيعية" ، أي: كأنها أمور بسيطة ولا تستحق الوقوف عندها لأنها متكررة!! .. وهذا كلام سطحي جداً ، لأننا لا نعرف و لا حقيقة واحدة عنها ..

افرض أن شخصا فقد فجأةً (وبدون سبب) كل أنواع المحبة و الانتماء في داخله ، بما فيها محبة الحياة .. فهل يستطيع أحد أن يقدم له شيئاً ؟؟
إذاً لم يُحل اللغز بعد ، و لن يُحلّ أبداً .. كل ما في الامر هو اكتشاف ظواهر ليس إلا ، و أغلبها قائم على نظريات و ليست على حقائق علمية ، و حتى إذا اكتشفنا علمياً كيف تترتب بعض الأمور ، ففي الحقيقة أننا وقفنا وجهاً لوجه أمام المعجزة ..

هل يستطيع العلم أن يفهم قانوناً واحداً من قوانين الطبيعة التي نمر عليها بدون اكتراث ؟ و نعتبرها من باب تحصيل الحاصل ؟ .. كل من يعرف العلم يعرف أن بديهيات العلم هي أصعب ما في العلم .. بل هي المستحيل بعينه ..

إذاً نحن لا نعرف لبنات المعرفة و نعرف بعضاً من ظواهرها و علاقاتها بغيرها : {يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا} .. هذا في كل البديهيات ، سواءً في الرياضيات أو الفيزياء أو في النفس البشرية أو في العقل أو في المنطق إلخ ..

 يا ترى هل نستطيع تفسير المنطق ؟ هل نستطيع تفسير الرياضيات ؟ الفيزياء ؟ .. طبعاً لا ، لكننا نعرف إلى حد ما كيف تعمل بعض قوانينها ليس إلا .. إذاً في مجال المعرفة الحقيقية الأصلية نحن لا نعرف شيئاً .. و معرفتنا كلها من النوع الفرعي ، أي: معرفة علاقات ..

المعرفة بالنسبة للعقل البشري مثل جبل الجليد في المحيط ، أكثر شيء نعرفه هو أظهر شيء ، وأبعد شيء عن المعرفة هو الأعمق .. و المعرفة الفرعية هي ما بعد وجود الشيء ، أما المعرفة الأصلية هي ما قبل وجود الشيء والتي تسبق وجوده ، مثلما يعرف التاجر و المستهلك ذلك المُنتـَج لأي شيء يُستعمل و كيفية استعماله و علاقاته بالأشياء الأخرى ، لكن لا يعرف كيف تمت صناعته ، لأن هذه من نوع المعرفة الأصلية .. و المعرفة الفرعية هي الظواهر ، لأن الظواهر نتيجة للعلاقات ..

إذاً على الإنسان ألا يفتخر كثيراً بالمعرفة ، في حين أنه لا يستطيع أن يفسر لماذا 1 + 1 = 2 و لم تكن 3 .

لا يستطيع أحد أن يفسر الجاذبية ، و هي أول معلومة يعرفها الطفل في الروضة .. لأن تفسير الجاذبية سيعيدنا إلى أصل كل شيء ، و نحن لا نعرف الشيء إلا بالشيء الآخر .. ولا نستطيع أن نعرف شيئاً بدون شيء آخر ، فعقولنا مبنية على المقارنة ..

هذا لا يمكن أن يعرفه إلا الذي أوجد البدايات .. و هو ليس نحن بلا شك ، و عقولنا لا تستطيع أن تصل إليه .. لأن عقولنا مبنية على النسبية .. و لو وضعتَ عقل الانسان في اللاشيء لصار لا شيء .. والنسبي لا يستطيع أن يدرك المطلق .. إذاً لن يستطيع العلم يوماً من الأيام أن يعرف كل شيء .. و لو عن الشيء الواحد .. ولو عرف كل شيء عن الشيء الواحد لعرف كل شيء .. إذاً نبقى في حدود الآية : {يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا} .. نحن و علمنا و علماؤنا .. و لم ينحل اللغز كما تتصورون .. بل زاد تعقيداً .. وهذا يذكرنا بكلام أبو العلم التجريبي فرانسيس بيكون : "قليل من العلم يؤدي إلى الإلحاد ، ومزيد منه يدفع إلى الإيمان" ..

ومعرفة ما يمكن أن يُعرف وما لا يمكن أن يُعرف لهي أثمن المعرفة ..

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق