الأحد، 29 يناير 2012

حوار حول المادية (1)



حوار حول المادية
مع الزميل ياسين وبعض الزملاء المحترمين في منتدى اللادينيين العرب
***********************************************************************
ياسين :

الزميل الوراق:

ينظر الكثيرون للمادية نظرة قاصرة, فكما كان الماديون الأوائل الذين نظروا للانسان على أنه جهاز ميكانيكي بحت لازال الكثيرون يتعاملون مع الفكر المادي بهذا الشكل القاصر.
تطورت المادية بشكل كبير مع التقدم العلمي و كلما حدث تطور أو اكتشافات جديدة في المجالات العلمية أو الانسانية حدث في المقابل تجدد للفكر المادي و تطور.
ميزة الفكر المادي أنه يعتمد على العلم و يحاول فهم الطبيعة البشرية (نفسية كانت أو اجتماعية) اعتماداً على العلم, لذا فإن المادية واسعة و عميقة باتساع العلوم و عمقها.

الرد :

اين ما توصل اليه العلم في المجالات النفسية ؟ اذكر شيئا واحدا .. لا تخلط الامور مع بعضها : مادية و نفسية ، بل كل على حدة .. ماديا اكتشف الكثير وبقي الاكثر ، نفسيا صفر .. ماذا تعني لك هذه النتيجة ؟ هل تعني ان العلم تقدم وهو يحمل نتيجة الصفر ؟ و نحن في زمن العلم  يفترض ان تكون النتيجة اكبر من الصفر ! العلم المادي لم يأتي فجأة ، بل جاء على شكل تراكم من اقدم الحضارات .. اذا اين مقابله في الجانب النفسي والروحي ؟ لا يوجد اي تراكم من القديم ولا يوجد اي اكتشاف في الحديث ..

ما هي الحياة ؟ ماذا قدم العلم بهذا الخصوص ؟ دعنا من الافتراضات والنظريات ، اعطنا ما اثبته العلم ! طبعا النتيجة صفر .. اذا ما بدا بالصفر واستمر على الصفر ، سينتهي بالصفر .. اليس هذا هو المنطق ؟ العلم المادي مجاله المادة ، والعلم النفسي النتيجة صفر ، لا يوجد اي علم يستحق هذه التسمية ..

اما خرافات فرويد و من شابهه وتسميتها بعلم نفس ، فهي اضغاث افكار وامنيات لا قيمة علمية لها على الاطلاق ، وليست تسمية علمية ..  ويبقى الانسان ذلك المجهول ، رغم التقدم العلمي المادي ..    
ياسين :

في فهم الانسان تنطلق المادية من أن الانسان ذو طبيعة مادية لذا فهو محكوم بقوانين المادة

الرد :

هذه وجهة نظر تسوقها الرغبة ، و ليست حقيقة علمية ، أرجو عدم الخلط بين العلم والامنيات .. 
ياسين :

و طبعاً كلما فهمنا المادة أكثر فهمنا الانسان أكثر.

الرد :

هذه امنية ، والواقع يثبت العكس ، فقد فهموا الانسان حتى الذرة التي في الخلية ، اين ما يقابل هذا من فهم لمعنويات الانسان ؟ النتيجة صفر طبعا .. اذا الانسان ليس مادة فقط . و له مستوى آخر غير المستوى المادي . وإلا لكانت النتيجة تناسبية طردية : كلما فهمنا مادة الانسان كلما فهمنا نفس الانسان و وجدانه ، وهذا غير واقع علميا .. فما يزال فهم الانسان خاضع للفلسفة و ليس للعلم .. ولا شأن للعلم مطلقا بفهم الانسان .. ولم يثبت ذلك علميا اطلاقا ، اذا تجاوزنا افتراضات وامنيات الماديين ،التي يدخلونها في سياق علمي حتى تلبس عباءته ..

نريد علما نفسيا مختبريا تجريبيا ، مثل علم المادة ، ما دام الانسان مادي ، و نريد ان نرى مشاعر الانسان تحت المجهر ، والمجهر قابل للتكبير إلى مالا نهاية .. حتى نرى الافكار في المخ ما دامت مادة تتجول ، حتى يكونوا صادقين في ادعاءهم المزور على العلم .. و هذا ما لا يستطيعونه طبعا ، ومن لم يستطع على شيء تحايل عليه ، الا من رحم الله ..

ياسين :

و هنا الحديث أيضاً عن السلوك البشري, فمثلاً مع التطور في البحث العلمي على المستوى الجيني تم اكتشاف الكثير من الأمور التي تفسر النبوغ أو الشذوذ في السلوك عند الانسان.
الكائن البشري هو كائن مركب جداً و متطور جداً من الناحية الجسدية (المادية) لذا من الطبيعي جداً أن يكون لديه هذا السلوك المعقد. و على سبيل المثال لو قمت بمقارنة بين الأجهزة القديمة للمحمول و الأجهزة الحديثة له, ستجد أنه كلما تعقدت بنية الجهاز أصبحت الوظائف التي يقوم بها الجهاز أكثر و أيضاً أصبحت حساسية الجهاز أكبر. و هنا إذا قارنت بين الانسان و بين الكائنات الحيوانية الأخرى ستجد ببساطة أن بنية الجسد (المادية) للانسان أصبحت أكثر تعقيداً و تطوراً من أجساد الكائنات الحيوانية الأخرى.

الرد :

ما هو الفرق ؟ ما هو الدليل ؟ للاسد جسد قوي ويستطيع ما لا يستطيعه جسد الانسان ، و مخه اضخم من مخ الانسان ، ويقوم بحركات وعمليات معقدة لا يستطيعها الانسان بل يتعلم منها ، هذا بالاسد فقط ولم نأتي لبقية الطيور والحيوانات .. اذا فكرة تميز جسد الانسان فكرة مضللة .. وكم من شخص كان غبيا ويعترف بغباؤه ، ثم تحول الى ذكي . مع ان المخ هو المخ ، فقط تغيرت افكاره وارتفعت معنوياته ..

الحقيقة ان جسد الانسان جسد ضعيف مقارنة بكل اجساد الحيوانات ، حتى النمل التي تحمل 10 اضعاف وزنها ، و قوة الجسد و مرونته وامكانياته من علامات كمال الجسد ، وهذا ما لا يتمتع به الانسان  ، اذا ليس جسده هو الافضل كما تصوره لنا المادية .. وكل نوع من الحيوانات يتميز بعمليات ذهنية لا يتميز بها الانسان .. ولا يستطيع ان يحاكيها حتى ..

اذا كيف نقول انه يحمل قدرات عقلية متميزة عن الجميع ؟ لوكان يحمل قدارت خارقة لكان بامكانه ان يكون افضل مهارة و تسلقا من القرد ، ولاستطاع ان يجاري اي ميزة عند اي حيوان او حشرة .. عقله لا يستطيع ان يجاري عقل القط في التوازن والاحساس بالمكان و خفة الحركة وسرعة التصرف .. اذا جسمه وهو الاضعف بلا شك ، وعقله محدود وتتميز على عقله عقول الحيوانات الاخرى بميزات لا يملكها ولا يستطيع ذلك .. اذا ماذا يميز الانسان ؟ لا شيء سوى المعرفة .. هل المعرفة من اختراع الانسان ؟ طبعا لا ، هي هدية و ليست منه .. (علم الانسان مالم يعلم) .. (وخلق الانسان ضعيفا) ، وهذه تشمل العقل ..

اليس العلم يعتمد على البديهيات ؟ من اين جاءت البديهيات ؟ لا مجهود عقلي فيها !! اذا الله كرم بني ادم بالمعرفة .. حيث اعطاهم اساساتها ، و هي البديهيات والقوانين ، التي على اساسها بنوا عقولهم ، و بدون البديهيات يسقط العقل .. الا ترى ان الناس يسمون ابنائهم باسماء الحيوانات كالفهد والنمر والاسد والذئب ؟ لم يسموهم الا بمن هم متميزون عليهم ، ويعرفون انهم لن يكونوا مثلها يوما من الايام ..

انظر الى قطين في معركة ولاحظ سعة المخ وسرعة تحديد المكان المناسب والاجراء المناسب في جزء من الثانية ، هذا لا يطيقه عقل الانسان ، الذي قد يقع في حادث اصطدام في السيارات ولا يدرك ما جرى ، بل يخبره الآخرون كيف وقع حادثه !! وتخيل انسانا يتعارك مع حيوان ، او يتعرض للرفس ، سيكتشف ان ادراكه بطيء ولو كانت الحيوانات تتفرج لضحكت من غباؤه ..

اي قدرات عند الإنسان بينما الطيور المهاجرة تصل الى نفس العش الذي باضت فيه العام الماضي ، رغم الليل والضباب ، بل إنها لا تطير إلا في الليل ، بينما الانسان لا يستطيع ان يمشي الا بالخريطة ، ومع ذلك فليس سالما من الخطر .. الطيار يسير بخط واحد مبرمج بالكمبيوتر ومع ذلك يصطدم بالاحياء المجاورة للمطار .. ! 
ياسين :

فمن الطبيعي أن تكون الوظائف التي يقوم بها الانسان أكثر تعقيداً و تطوراً. و أحد تلك التطورات في البنية الجسدية عند الانسان هي أن نسبة حجم الدماغ البشري إلى حجم الجهاز الهضمي كبيرة بالمقارنة مع نفس النسبة عند باقي الكائنات الحيوانية بما فيها الثديات. إذا لدى الانسان دماغ كبير و أطراف قادرة على القيام بوظائف دقيقة. فحتماً سيكون النتاج الذي يقوم به الانسان غاية في التعقيد.

الرد :

ما هي هذه التطورات الاخرى ؟ هذا الكلام ليس دليلا ولا دقيقا ، فمن الحيوانات من يملك دماغا قد يزن وزن الانسان كله ، و مع ذلك لا يفهم شيئا مما يفهمه الانسان ..
                             
ثم على اي اساس تم اختيار الجهاز الهضمي بالذات ؟ و ما شأنه بالذكاء ؟ بين الاشخاص يختلف حجم الدماغ و حجم الجهاز الهضمي ، فهل يعني هذا ان اي شخص له جهاز هضمي اصغر مقارنة بالدماغ يكون هو الاذكى ؟ لماذا لا تؤخذ هذه كقاعدة في اختبارات الذكاء بين الناس ؟ كثير من اصحاب الكروش اذكى من اقرانهم ذوي البطون المنطوية .. والعكس صحيح ..

هذه كلها محاولات يائسة ليبينوا ان جسم الانسان و تكوينه مختلف ، وانه هو المسؤول عن المعرفة ، ليبرروا الاختلاف الضخم والغير عادي بين الانسان و بقية كل الانواع الحية .. المعرفة شيء والجسم شيء آخر .. بل اننا نحس بالمعرفة اكثر من احساسنا باجسامنا ، و نعرفها اكثر من اجسامنا .. كل الحيوانات اقوى جسديا و عقليا بمجموعها من الانسان ، بينما هو لوحده متميز عنها كلها بشيء لا تملك منه كل المخلوقات شيئا .. ولا قدرا قليلا ..

اذا المسألة لا علاقة لها بالاجساد اصلا ، و ربطها بالجسد ربط متهافت .. يشبه ربط العنصريين الآريين ذوي الاصول الاوروبية في امريكا للذكاء بسعة الجمجمة مقارنة بالزنوج الذين يعيشون بينهم ، حيث اتضح فيما بعد ان جمجمة الصينيين اوسع من جمجمة الآريين !! مما اشعرهم بالخجل فكفوا عن هذه الموضة التي يسمونها علمية في وقتها ، كما تسمي انت هذه الفكرة المتهافتة بانها علمية .. 

نحن لا نتكلم عن سلندرات سيارات ! الاوسع هو الافضل !!  لو كانت قاعدة علمية لتم اجراؤها على الحيوانات ، بحيث يكون أذكى الحيوانات هو اكثرها اتصافا بهذه الصفة ، مقارنة المخ بالجهاز الهضمي ، و هذه المقارنة فاشلة وغير علمية .. لأن كل حيوان يملك ذكاء لا يملكه الحيوان الآخر و يتناسب مع طبيعته ، بل ولا يملكه الانسان .. الا ترى ان الانسان يقلد الحيوان والحشرات في اشياء كثيرة ويشبّه نفسه بها و يتسمى باسمائها اعجابا بصفاتها الخارقة التي لا يملكها ؟ اذا الاضعف في امور عقلية يقلد الاقوى .

وكيف يكون الانسان متطور من حيوان ، وهو يقلد الحيوانات في صفاتها و يتمناها ؟ هذا انحدار و ليس تطور ، المتطور لا يتخلى عن الصفات الجيدة ، بل يضيف اليها كما تفعل الحضارة ، فهي تضيف الجديد الى القديم المفيد ، فلما صنع الانسان الطائرة لم يتخلى عن صناعة الزجاج القديمة او السيراميك او الصابون او الكتابة .. الخ ، بل طورها ايضا ، هذا اسمه تطور ..

اما ان يتخلى عن كل صفة ايجابية ليتفرج عليها عند الحيوانات باعجاب و يتمناها وهو بأشد الحاجة إليها و يبقي على جسم ضعيف وطفولة متأخرة تمتد إلى الخمسة عشر عاما ، فهذا ليس تطور بل تخلف .. مع انه مر بهذه الصفات في رحلة التطور المزعومة .. فكيف يمر بها ويتخلى عنها ؟؟ و هذا مما يهز نظرية التطور من جذورها فلا تطور ولا يحزنون ..   

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق