ملاحظة: يتردد في هذا المقال وغيره من مقالات المدونة ذكر كلمة "الصناعي" وهي: كلمة تشمل كل الأفكار الباطلة سواء مقصودة أو غير مقصودة, والباطل لا أساس له في الطبيعة, لهذا نسمي الحق بالطبيعي, وعليه فالشخص الصناعي هو من يتبنى الأفكار الصناعية سواء بقصد أو بغير قصد, وهي في أساسها أفكار من صنع الشيطان مقحمة على الطبيعة.
إذا كان الضمير صنع بشري ، فلماذا يرحم الإنسان ؟ ولماذا بدافع العفو والرحمة والتسامح يتنازل عن حقوق كان باستطاعته أن يأخذها ؟ هل فعل ذلك من أجل الشكر ؟ هناك من تنازل عن حقوقه و ليس هناك من يشكره , فالرجل الذي كان في الصحراء و نزل إلى البئر لكي يسقي الكلب , هل كان ينتظر الشكر منه ؟ فقد سقاه و مشى ، إذاً ممن كان ينتظر الشكر؟
المنهج الصناعي الذي صنعه الشيطان منهج ضعيف لا يستطيع الوقوف بحد ذاته , أي أنه لا يقول : أنا أريد أن أظلم , لذا فهو يُلبس الشر أو الظلم لباس الفضيلة والحق لضعفه و لعلمه بقوة الفضائل , وبذلك فهو يستعير من المنهج الطبيعي ما يناسبه كلباس للفكرة الصناعية . والظالمون عبر التاريخ لم يقولوا : نريد الظلم , و إنما ألبس ظلمهم بلباس السلام والوئام والخير وغيره , فليس هناك من يخطئ إلاّ وألبس خطأه لباس الحق , فهو لا يقول : أنا أريد أن أخطئ لمجرد الخطأ.
من يعمل بالحق لأنه يحب الحق يستطيع أن يقف مرفوع الرأس بما عمل من الحق , أما من ألبس الباطل لباس الحق فلا يستطيع أن يـُبعد الحق و يقف بالباطل فقط أمام الأشهاد , حتى الذين عارضوا الرسل قد تلبسوا بفضيلة ، والذين سمَّوا أنفسهم عَبَدة الشيطان هم تلبسوا بفضيلة ، كفضيلة الحرية ، وأن الشيطان واثق من نفسه و شجاع و رافض للدكتاتورية ... الخ.
و هنا يمكن أن يوجه سؤال إلى عبدة الشيطان , وهو : إذا كانوا عبدة للشيطان ، فهل لديهم استعداد لعمل كل شيء خطأ ؟ فإن كان أحد منهم لديه هذا الاستعداد ، فليبدأ بنفسه أولاً و ليأكل السم مثلاً أو يسرق أهله أو يقتلهم و يقتل أصدقاءه جميعاً ، فهذا ما يريد الشيطان.
يقول البعض عن الضمير بأنه منبه فاسد ؛ أي أنه لا يأتي إلا بعد وقوع الخطأ , والحقيقة أنه يأتي و لكنه لا يستمع إليه الإنسان ، لأنه يكون في تلك اللحظة منشغلاً في الحدث , و بعد أن يبتعد عن الحدث يتضح صوت الضمير بشكل أكبر ويتحول بعد ذلك إلى ندم.
إذا حُرّكت الروابط الجزئية لدى الأشخاص فاعلم أن الصناعي هو الذي يعمل الآن ، مثل الحميَّة للقبيلة أو التعصب لعرق ضد عرق آخر , و كلما يضيق التعصب كلما يقترب من الصناعي بشكل أكبر : (دعوها فإنها منتنة), فتحريك أي جزئية يعني إلباسها لباس الفضيلة . و الشعورات أو الذوات الصغيرة عندما أصبحت صغيرة فهي ليست السبب في ذلك ، وإنما لقلة التعامل معها عبر سنين الشخص التي عاشها, فكلما نهْمل هذه الذوات فإنها تصغر و تنكمش ويضعف لمعانها وإشعاعها .
كما أن هذا الضعف ناتج عن قلة الأشياء التي عقلها العقل من الشعور أو الذات عبر سنين الشخص ، فهو لم يعقل من شعوره إلا القليل ، أما الباقي أو الأكثر في عقله فهو مستورد مما حوله . أي أنه هناك تراكمات تراكمت على الشعور ، فلا يلام الشعور في أنه لم يستجيب , ولا نقارنه مع أحد تربى على احترام الشعور منذ الصغر ، فهذه التراكمات سببت فجوة بين الشعور و بين العقل . قال تعالى { لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} . فأقدمية السنين التي غـُذّي فيها الشعور أو أقدمية احترام الشعور لها دور كبير في الاستجابة , فالذي آمن قبل الفتح قد آمن والرسول صلى الله عليه وسلم ضعيف ، أما الذي آمن بعد الفتح فقد آمن والرسول قوي , وهذا يعني أن الأول يستجيب لإحساسه بشكل أسرع و أدق.
إذن الصناعي كله هو عبارة عن تصغير للفضائل , فالتعصب لجنس أو قبيلة أو بلد هو تصغير لفضيلة الإنسانية ، و الكذب -الذي ليس الدافع له الخوف- قد يكون تصغير لفضيلة العطاء ، فبعض الناس يتحدث بدون أن يتأكد من صحة كلامه لأنه يريد أن يعطي ، فحُرِّفت الفضيلة الأساسية - وهي العطاء - فخرجت بهذا الشكل , لأنك لا تستطيع تحريك أي إنسان للقيام بأي عمل بواسطة العقل لوحده ، وإنما لابد من تشغيل الحاجات الإنسانية , والشيطان يعلم بأنه لن يتحرك الإنسان إلا بهذه الدوافع أو الحاجات الإنسانية , فالمحتال يحتال بفضيلة والقاتل يقتل بفضيلة والزاني يزني بفضيلة.
إذن الصناعي كله هو عبارة عن تصغير للفضائل , فالتعصب لجنس أو قبيلة أو بلد هو تصغير لفضيلة الإنسانية ، و الكذب -الذي ليس الدافع له الخوف- قد يكون تصغير لفضيلة العطاء ، فبعض الناس يتحدث بدون أن يتأكد من صحة كلامه لأنه يريد أن يعطي ، فحُرِّفت الفضيلة الأساسية - وهي العطاء - فخرجت بهذا الشكل , لأنك لا تستطيع تحريك أي إنسان للقيام بأي عمل بواسطة العقل لوحده ، وإنما لابد من تشغيل الحاجات الإنسانية , والشيطان يعلم بأنه لن يتحرك الإنسان إلا بهذه الدوافع أو الحاجات الإنسانية , فالمحتال يحتال بفضيلة والقاتل يقتل بفضيلة والزاني يزني بفضيلة.
والله قد عجبني ما قراته
ردحذفشكرا جزيلا لك اخي الكريم ..
حذفتفضل بقراءة بقية المواضيع في المدونة لعلها تعجبك، ولا تحرمنا من اي تعليق أو نقد أو استفسار لديك ..