ياسين :مقتبس من الوراق:
أنا قرأته ونقدته وبعقل منفتح ، ولكن النتيجة ربما لا تعجبك .. هذا كل ما في الامر ، فإذا كانت النتيجة لا تعجبك ، فستكون قراءتي غير موضوعية حتما من وجهة نظرك ووجهة نظر من يؤيدونه .. لكن من يستطيع ان يدافع عنه بموضوعية فأنا بإنتظاره .. اما من سيدافع بمثل هذه الطريقة التي لا تعبر الا عن الرغبة والميول ، فهو دفاع يحمل رده في داخله .. لأن العقل لا يرد بالعواطف .. وأنا انقده بالعقل .. واستحق ردا عقلانيا .. اما ان تقول عني انك لم تقرأ فرويد أو انك تنطلق من احكام مسبقة ، فهذا ليس ردا عقليا بل عاطفيا ، كانك تقول : انا احب فرويد ، فلماذا لا تحبه مثلي لأني احبه ؟
حسناً أنت حكمت علي أني أحب فرويد و أؤيد بأفكاره و هذا غير صحيح.و الذي قلته أنا :و ربما من المفيد أن تقرأ كتاباته يعني ان تقرأ كتبه بعقل منفتح دون أفكار و احكام مسبقة , ثم أحكم عليه. هذا إذا أردت أن تكون موضوعياً و عقلانياً.أي لم أطلب منك أن تحبه لكني طلبت أن ترمي أفكارك المسبقة عنه و تعيد قراءته. على فكرة أنا لا أحب فرويد و أحترم أفكاره, و أحب النبي محمد و لا أؤمن بالاسلام.
ربما أنت العاطفي في نقاشك حول فرويد لأنك تتهم كتاباته بالخرافات و تتهم من يدافع عن أفكاره أنه عاطفي رغم أنك تفتقر للدليل على هذا الاتهام. هل لديك مشكلة شخصية مع فرويد؟؟؟؟
الرد :
و ماذا اذا كان الدليل عندي و من كلامه هو ؟ فهل تنسحب علي تهمة الحكم المسبق والراي العاطفي حتى وانا اقدم ادلة ، و تستمر التهمة بدون تغيير؟ اذا من سيكون العاطفي حينها ؟
وليست لدي مشاكل شخصية مع احد . لا فرويد ولا غيره .. و لماذا تفكر بهذه الطريقة ؟ هل كل شخص انقده سيفترض عقلك ان لي معه مشكلة شخصية ؟ اذا هل توجد مشكلة شخصية بيني وبينك وانا انتقد كلامك الان ؟ العكس هو الصحيح بخصوص نقدك .. فأنا احترمك شخصيا واشكر لك هدوءك الذي يندر ان اجده بين الملاحدة واللادينيين ، و لكني اطلاقا لا احترم كل الافكار التي تقولها ، لانها ببساطة خطأ .. فليس لي مشكلة شخصية مع افكارك حتى .. و سواء قلتها انت او غيرك ، فالواجب على كل باحث عن الحقيقة ان يوضح الخطأ لكي يقترب الطريق إلى الصحيح ..
لن نصل الى الصحيح حتى نزيل ركام الخطأ والأوهام ، حتى لو البست لباس العلم والتمدن .. انا لم اقل ان لك مشكلة شخصية مع الاسلام او المسلمين ، مع انك تنتقد .. فاي النظرتين اقرب الى احترام الراي الاخر ؟ ليس لنا الحق في ان نشكك بأن اي منتقد له مشاكل شخصية مع من ينتقده ما دمنا في مجال حوار عقلي و نقاش وافكار ..
ياسين :
مقتبس من الوراق:
هي لا تولدها ، هي تقدم اثارة لها .. ومسألة التحكم بها ، فليست فقط العقاقير والمخدرات هي التي تتحكم فقط . الانسان مخلوق حساس ، و تثير مشاعره الامور المادية والامور المعنوية ايضا ، لا تنسى هذا ، فالحر والبرد والجوع والعطش والالم ، هذه كلها تؤثر في مشاعر الانسان .. و كذلك الاخلاق والمواقف العظيمة والمواقف الخسيسة والمشاهدات والافلام ، كلها تؤثر في كيمياء الدماغ ، وليست فقط العقاقير .. فللإنسان روح حساسة ..
و في النهاية قلت كيمياء الدماغ, و هذا وصف صحيح للمسألة لأن كل ما ذكرته يؤثر على كيمياء الدماغ و يولد هذا الاحساس أو ذاك. و لن أزيد.
الرد :
كيمياء الدماغ "نتيجة" وليست "سبب" .. و أنتم تريدون ان تجعلوا النتيجة هي السبب .. و هذا منطق غريب .. يشبه ان تستثير احدا بالسب والشتم واللطم ، ثم تشغل الة تصوير الفيديو لتثبت انه شخص عنيف وعصبي متطرف !! اي جعل النتيجة سببا .. و تعلق على الصورة : (لأنه عصبي وغير متمدن ، يتصرف بهذه الرعونة ) !!
ياسين :مقتبس من الوراق:
الامر العجيب الاخر انكم تتكلمون عن استقلالية الفرد عن الجماعة وان قيمته في فرديته وانه هو بحد ذاته كون كامل وكيان مستقل ، وهذا تناقض ؛ لانك الان انت وهاريس تعلنان أن المجتمع هو كل شيء في حياة الفرد ، اي سحقتم ذاتيته .. يا اخي : لا يوجد احد يشعر بالاعجاب نحو الجماعة اصلا ، كل الناس تنتقد المجتمع ، ويصفونه باسوأ الاوصاف ، المهم الا يذكر اسماء .. انظر الى صحف العالم والى كاريكاتيرات العالم ، كلها تنتقد الجماعة .. فكيف ياتي شخص ليضحي بنفسه لاجل جماعة هو ينتقدها اصلا ؟ لا يستطيع عقلي ان يتقبل هذا ، فمعذرة ..
الأمر العجيب هو أني لم أتكلم عن استقلالية الفرد عن الجماعة, و أيضاً لم أقل أن المجتمع هو كل شيء في حياة الفرد.هذه المسألة بحاجة لنقاش آخر طويل لكني سأقول لك أن الوجودية "و هي فلسفة غير مادية" تقول باستقلال الانسان الفرد, بينما الماركسية تناست الفرد و ركزت على المجتمع و الدولة. أما بالنسبة لي فأنا أنظر للمسألة من أن الانسان هو كائن جماعي لذا نعيش في مدن و قرى و قبائل, و مهما كانت نظرتنا للمجتمع إلا أننا نحتاج هذا المجتمع لكي نبقى و نستمر و نتطور بأفكارنا. و بنفس الوقت المجتمع هو أفراد يتعايشون مع بعضهم رضاهم أو رغماً عنهم. بدون الأفراد لا توجد جماعات و بدون الجماعات لا قيمة للأفراد. و أظن أن هذه الفكرة بسيطة جداً.
الرد :
هذه الفكرة البسيطة ، ستعني ان المجتمع هو كل شيء ، وان قيمة الافراد هي بتشكيل المجتمع فقط .. اذا انت لا تؤمن مثل الغرب بقيمة الفردية ولا تعظم من شأنها .. فالمجتمع هو كل شيء والفرد خادم لهذا الكل شيء ، و يؤثر المجتمع فيه . و لكنك لم تر الى تأثيره على المجتمع ، مع ان كلمة "مجتمع" اصلا لا وجود حقيقي لها من وجهة نظري ، فكل ما في الامر هو افراد متنفذين يظهرون على انهم هم "المجتمع" ..فرد يمتلك وسيلة اعلام قوية ، فيكون رايه هو عدد بخانة الملايين ..
اي في الحقيقة ان الفرد هو المجتمع ، ولكن مع تفاوت الافراد ، فليس كل الافراد هم المجتمع .. و تاثيرات الافراد في المجتمع اكبر و اوضح من تاثيرات المجتمع في الافراد .. الم تسمع عن (افراد غيروا مجرى التاريخ) ؟ و لكن أين "المجتمع" الذي غير مجرى التاريخ ؟ أو مجرى الفرد حتى ؟
كلمة "مجتمع" كلمة غير علمية في الاساس ، بدليل عدم القدرة على اثبات وجودها .. تستطيع ان توصّف مجتمعا معينا ، ثم تحضر افرادا بطريقة عشوائية : لن تجد تطابقا بين توصيفك للمجتمع وتوصيفاتك التي ستقيمها للافراد .. لانك ستجد الافراد مختلفين ..
كلمة مجتمع كلمة تقريبية ليس الا وليست علمية .. واذا وجدت بعض المشتركات بين الافراد فهي قناعات فردية ، وليس شرطا ان هناك شيء اسمه "مجتمع" هو الذي املاها عليهم .. بدليل اختلافهم حتى في مستوى هذه القناعات .. اذا لا يوجد شيء اسمه "مجتمع" .. بل يوجد شيء اسمه "افكار لها نفوذها" ، من داخلها او من خارجها .. و يوجد شيء اسمه "سلطة و قوة" ، و يوجد شيء اسمه "تاثير واعلام" .. اما "مجتمع" ككائن حي ، فلا يوجد ، ولا يمكن ان يقاس بالفرد .. فاذا قلت مجتمع ، التفـِت الى مراكز التاثير الاعلامي والسياسي وتجد هناك رغبات ومصالح افراد ..
اذا هناك افراد متنفذين يستطيعون ان يغيروا توجهات الناس .. والناس افراد .. المجموع دائما مفعول فيه و ليس فاعلا .. الافراد يريدوا السيطرة على المجموع والتاثير فيه ، فهذا يطلب الشهرة وذلك يطلب السيطرة والثالث يطلب التفوق الاقتصادي ، وآخر يطلب التاثير الخطابي او الصحفي .. وآخر يوجههم الى الحرب و اخر الى الاقتصاد ، و اخر يبعدهم عن الدين ، ثم ياتي التحليل السطحي فيما بعد ليقول ان هذا المجتمع عسكري ، و ذلك المجتمع الاخر مجتمع لاديني ، والمجتمع الآخر متدين ، إلخ .. وأن المجتمع يريد ، و الحقيقة ان الفرد هو الذي يريد .. و الفرد هو من جعل المجتمع يريد .. إما بالضغط او بالتوهيم والتاثير ..
الأفراد فاعل ، والمجموع مفعول فيه .. دائما ابحث عن "الافراد" وراء ما يسمى "المجتمع" .. دائما هناك افراد يتكلمون باسم المجموع ..
بعبارة اخرى : تستخدم الفردية لتفكيك الناس عن شيء لا يريد المفكِّـك ان يستمروا عليه ، ثم يرفع شعار المجتمع لكي يبني المجتمع بالشكل الذي يريده .. لاحظ انها بدأت تختفي كلمة الفردية التي ضج بها الغرب لعدة قرون .. بعد ان تم تحريره عن المسيحية .. و الان يُراد ان يُجمع على فكرة المادية و الراسمالية كمشرع اعلى و خفي للمجتمع .. وحينها يجب ان يـُحترم شيء اسمه المجتمع .. و تـُنحّى كلمة الفردية .. و تصدّر للشعوب الاخرى .. و مع تكريس فكرة المجتمع ، تبدا كلمة الحرية بالسحب ..
الفرد الان هو خادم للمجتمع ، والمجتمع تحت سيطرة وسائل الاعلام التي يملكها افراد ..التلاعب بورقة الفردية والمجتمع هو لاهداف سياسة القطيع ..
دعاة الليبرالية والمادية والبهيمية في الغرب كانوا يقولون : دعه يعمل دعه يمر ، وكانوا يسخرون من قيم المجتمع ويحاربونها علنا .. فلما انبنى المجتمع كما يريدون ، صاروا يحثون على احترام المجتمع واعتبار رايه واحترام قيمه ، لانهم بذلوا مجهودا اعلاميا ضخما لتحويل المجتمع ولا يريدون ان يخسروه .. انهم يعرفون انه لا وجود حقيقي للمجتمع ..
ياسين :مقتبس من الوراق:
هل الرضا عن الذات امر مادي ؟ انتم تقولون كل شيء مادي !! هنا انشرخت النظرية !! يجب عليك ان تثبت مادية كل شيء ، بما فيها الدوافع والرضا عن الذات .. الست تلميذا للفلسفة المادية ؟ لا يصلح لمادي ان يقول : علينا ان نشبع حاجة الحب الخالص من الشهوات المادية ! هنا هو لا يكون ماديا ، انه روحاني الان ! اذا لماذا لا يقول : علينا ان نشبع حاجة الاخلاق وحاجة العبودية لله ؟ مع انهما مستقلتان عن النفع المادي ؟ حينها سيتفق معنا ولن يكون ماديا ..
هكذا نرى مدى الهلهلة وعدم الثبات المنطقي في النظرية المادية ..
ما هي الشهوات المادية؟ الجنس مثلاً؟ قلت سابقاً أن الانسان كائن معقد لذا هناك الكثير من المسائل هي أعقد مما نتصور بسبب التداخلات بين الغرائز الأساسية التي يمتلكها كل البشر و بين القيم التي تكتسب من خلال التراكم المعرفي للفرد أو الجماعة التي ينتمي لها الفرد.اشباع الحاجات هي نفسها أردت أن تقسمها إلى مادي و غير مادي أو لا تقسمها مثلما أفعل أنا لكني أنظر لهذه الحاجات على أنها أساسية الهدف منها بقاء الفرد و الجماعة, و حاجات ثانوية الهدف منها التطور و الحفاظ على قيم الجماعة و الفرد. حتى الايمان بالله هو حاجة أكثر مما هو قناعة. و الحاجة تعمي, تماماً مثل الشاب الذي تعميه حاجاته الجنسية عن الأولويات في حياته.
الرد :
كلمة "معقد" هذه مهرب عن عدم القدرة على اثبات مادية الانسان الكاملة و هي كلمة غير علمية ، و يكررها الملاحدة دائما ، بمعنى : انتظروا العلم حتى يحل ذلك التعقيد ، بينما هم لا ينتظرون العلم و يقدمون الحكم قبل الاثبات .. والفتوى قبل الدليل .. لأنهم الاقوى اعلاميا و تدعمهم الراسمالية العالمية .. فنحن مطالبون بانتظار العلم ، اما هم فليسوا مطالبين بانتظاره ، هذا هو الحوار اليميني : يلزم غيره بما لا يلزم به نفسه ..
انتم تدعون ان الانسان مادة كله .. عليكم اثبات ماديته علميا اولا ، وتقديم مشاعره على شكل اجرام ، ولو كانت صغيرة ليراها الناس ، لان المادي لا يؤمن الا بما له جرم و يشغل حيزا من الفراغ .. و ما سواه فغير موجود ، و كلمة معقد لا قيمة علمية لها كما ذكرت .. ثم ياتي الامر الاخر وهو ارجاع كل سلوكه إلى المادة ..
ومثلها ايضا كلمة : ان الحاجات كلها من اجل بقاء الفرد والجماعة .. هي كلمة فضفاضة اخرى و مضللة للعقل . لأنه فعلا توجد حاجات للبقاء ، و لكن توجد حاجات اخرى مختلفة المنحى .. يجب ان يكون الطرح علمي و دقيق ومفصل ، لأن هذه المعلومات تقدّم على انها بديهية . والمشكلة دائما هي في البديهيات والمسلمات .
انا طبعا لا اسلم بهذه البديهيات كما تطرحونها .. لأن هذا التعريف غير شامل . انتم تقولون : لا يفعل الانسان شيء الا لمصلحته ومصلحة الجماعة ، والجماعة بحد ذاتها وجدت لمصلحة الفرد كما تقولون .. اذا الفرد لا يفعل شيئا لا لمصلحته إذا ، هذه هي النتيجة ، و كلمة "مصلحة المجتمع" اصبحت لاغية بلا قيمة ، ومع ذلك تضعونها !! هذا شرخ في البناء الفكري للنظرية .. فلماذا تـُذكر الجماعة مع انها وسيلة من وسائل خدمة الفرد ؟ لماذا تذكر هي دون غيرها من الوسائل ؟
المشكلة هنا عقلية و منطقية .. كيف يضحي الفرد بنفسه لاجل الجماعة كما تقولون ، بينما قيمة الجماعة مبنية على خدمتها للفرد ، والخدمة مادية لان الصرف هنا كله مادي !! هل اتضح التناقض ؟؟ ارايت ان هذه النظرية لا تستطيع ان تشمل الواقع بكل صوره ؟ ثم ماذا تفعل مع شخص يضحي بمصالحه الخاصة والمجتمع ضده في نفس الوقت ؟ بل ان المجتمع يعاقبه ؟ : الم يقتل المجتمع فيلسوفا عظيما وانسانا نبيلا مثل سقراط ؟ مع انه كان يبحث عن الخير لهم ؟ و كان يستطيع ان ينجو بنفسه ؟ الم يقتلوا الانبياء ويحاولوا صلبهم ؟ اذا لماذا ضحى سقراط مع ان المجتمع لم يقدّر تضحيته ؟ .. و طبعا هو لم يستفد من المجتمع إلا حفنة من السم ، وانتم تقولون أن الفرد يضحي لخدمة المجتمع لأن المجتمع يخدمه من باب تبادل المصالح المادية طبعا ولا شيء غيرها ! فالحياة سوق تتبادل فيه السلع من وجهة نظر الماديين ، فهل السم الذي قدموه له هو الخدمة المطلوبة ؟
كل المقدمات والمسلمات التي تطرحونها خاصة بكم ، و ليست علمية و لا واقعية حتى . انها تغطي جزء من الواقع و ليس كله . وفي العادة تقدم المسلمات اذا كان الجميع يؤمن بها ، ولا قيمة لتقديمها اذا كان من يؤمن بها هو طرف واحد فقط . سيكون هذا عملا لا فائدة منه ، لان كل ما ستبينه على مسلمات انا اشك بها ، لا قيمة لها عندي .. لكن ما تبنيه على مسلمات نتفق عليها معا ، فسوف يعنيني و سأُجبر على التفكير فيه ..
حتى يكون الحوار مفيدا ، علينا ان نبحث عن المسلمات المشتركة وننطلق منها ان وجدت ..
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق