الاثنين، 30 يناير 2012

حول الأسهم والرأسمالية

يلاحظ دائما ارتباط الرأسمالية بإشعال الحروب ، لكي يتكسَّب الرأسماليون من وراءها , ففي حين أن الحكومات تتضرر وتخسر حروبها و يقتل من مواطنيها و جنودها ، يجر الرأسمالي وراءه أكياس نقوده الممتلئة من جراء البيع على الحكومات و المتحاربين .

والحروب هي أكثر شيء يضطر الناس إلى المال ، والمال لا يأتي إلا بالربا المركب والرهون في هذه الظروف , والحرب مسالة حياة أو موت ، والمحارب مستعد إن يقترض بسبب ظروفه والحرب تحرق المال ، و المستفيد هو طبعا الرأسمالية . 

إذاً الرأسمالية لا تساعد على الاستقرار كما يزعمون .. فالعالم يحكمه تجار رأسماليون بالدرجة الأولى

المضاربات بالأسهم المفروض أن تـُحرَّم من وجهة نظري ، لأنها كسب مال بمال ، و لأن المتحكم بالقيمة ليس شيئا موجودا حقيقيا ؛ فعند شراء مقص ؛ المقص له وظيفة ، ووظيفته تحافظ على قيمته في أي حال من الأحوال ، لكن السهم ليس له وظيفة ، هو شيء مجرّد و ليس ثابت , وقيمة هذا السهم مرتبطة بالإعلام وظروف أخرى ، بينما المقص مرتبط بوظيفته وحديده كخام ومادة أولية و تستفيد منه بأي شكل

من أين جاءت قيمة السهم الحقيقية ؟ هي قيمة وهمية مرتبطة بالإعلام والمؤثرات : السياسة ، الاجتماع ، الاقتصاد ، و أهم المؤثرات هي ألاعيب تجار الأسهم الكبار الذين يؤثرون في السوق ، خصوصا إذا اتحدوا بدافع المصلحة المشتركة .

والسهم وضعه متوتر أكثر من توتر السلع , فهو يشبه الشمعة خارج المنزل , إما أن تنطفئ أو تشعل حريقا دون القدرة على التحكم فيه , فقيمته ليست مستمدة منه ولا من الشركة المنتجة , و حتى لو انخفضت أسعار السلع المعينة فهناك طرق للاستفادة منها ، إما التخزين أو التحويل .. الخ .

و هكذا تكون المضاربة فيها غرر لأنها مبنية على الفوضوية , ثم ليس للمساهـِم يد تطوير أو حماية للسهم ، لكن عند شراء سلعة معينة من الممكن تطويرها و حمايتها , أي لا توجد قيمة للجهد أو التفكير أو الذكاء في عالم الأسهم ، لكن مثل الصناعة و الزراعة فتوجد لها خطوط و طرق وكتب تعليم وخبرات ويمكن تطويرها وحمايتها ، بحيث تقل نسبة الغرر , فهل هناك خط منطقي يستطيع أن يجعل منك ناجح في الأسهم ؟ لا .. إنهم يعتمدون على الحظ والصدفة ، والحظ هو القمار .. وخسارة الأسهم لا تبقي أصلا يمكن الاستفادة منه ويمكن مقارنته بقيمة الشراء .

وطالما أن المجهود العقلي والجسمي لا قيمة له في الأسهم ، فإذاً هذا هو القمار و الغرر أيضا , فهل يوجد علم يسمى النجاح في الأسهم ؟؟ لا يوجد .. 

والإسلام حرم الربا لأنه لا يوجد مجهود ، و كذلك القمار والأسهم ، فالمال هو الذي يعمل بنفسه وليس فيه مجهود ، وكذلك الأسهم , ومن الخطأ أن يوضع المال المعلوم في شيء مجهول . المال نفسه مجرد ، وقابل تحويله إلى صور معينة من المادة (سكّر – بلح – عطر .. الخ) , و لكن الأسهم هي تجريد التجريد ,  فتضع المال المجرد في السهم المجرد ، والمجرد لا تستطيع حمايته وتنميته , ولذلك بعد خسارة الأسهم  يُقبل الناس على شراء المعيّن وبقوة ، وعلى رأسها العقار ، مما يؤدي إلى غلاء الأسعار . أصحاب الرساميل الضخمة يستخدمون الإغراء ليغرون المستثمرين الصغار من أجل أن يجمعوا أموالهم .

البورصات هي البحيرات الصغرى للصيد بالشباك للرأسمالي .. و أسواق الأسهم هي التي تسبب الاهتزازات الاقتصادية في العالم وارتفاع الأسعار الغير معقول والغير مبرر والانهيارات والارتفاعات المفاجئة . الربا والقمار والأسهم هي أمراض الاقتصاد ، لأنها تجريد متحكم في قيمة المُجسّد , والمفترض أن القيمة تنبع من المجسّد ولا تفارقه .. ولا أن تفرض عليه من الخارج . الأصل أن كل شيء ثمنه فيه , وهذه تسمى (مؤثرات القيمة) : مثل الربا ، الأسهم ، القمار ، والإعلام . الغرر ، والسياسة . وكلها تجعل القيمة من خارج الشيء  .

البورصات هي ملعب ، على جانبه الرأسماليين ، و على جانبه الآخر بقية الناس , وهم الوحيدون الذين يستطيعون التحرك ، والبقية مكبلة لا تتحرك ,  وتخيل عدد الأهداف التي سيسجلها الفريق المتحرك في مرمى الفريق المكبّل . لو لم توجد هذه المجالات للرأسمالية ، لما وجدت الرأسمالية كشبح ، و أقصد : البورصة ، الربا ، القمار ، الاحتكار ، الغرر ، هذه هي أجنحة الرأسمالية . وهذا ما فعله الإسلام بتحريمها .

لقد كان الإسلام رحيما بالعالم وليس فقط المسلمين (و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق