الأحد، 29 يناير 2012

حوار حول المادية (12)


ياسين :

المادية تحكم طريقة النظر للعالم و لا تحكم السلوك, المادية لا تعني أن يكون سلوكي انتهازي يبحث عن مصالح آنية أنانية, هذا ليس ضوررياً و تجد أن كثيراً ممن لديهم هذا السلوك ليسوا من أصحاب الفكر المادي (فلسفياً) على العكس لماذا لا تنظر لسلوك المؤمن الذي يقوم بأداء العبادات على أنه مادي و سلوكه نابع من المصلحة التي هي الهروب من جهنم و دخول الجنة, بل هناك من يريد أن يوسع الله من رزقه أو أن يهبه طفلاً ذكراً أو تلك التي تريد الزواج. كل هذا السلوك هو سلوك مصلحة رغم أن من يقوم يه ليس من معتنقي الفكر المادي. فلا تفترض.

الرد :

أنت قدمت أن المادية لا تحكم السلوك ، ثم رجعت لتحكم بها سلوك المؤمن، فقط وهذا تناقض ، فإذا كانت المادية لا تحكم السلوك فهي فلسفة ضيقة وغير شاملة للحياة ، فكيف تقدم تصوراً للحياة وهي لا تحكم السلوك ، أم انها تحكم سلوك المؤمن فقط؟! ..

 وهذا التحليل الذي سقته هو تحليل الفلسفة المادية لسلوك المؤمن ، وكالعادة تحليلات الماديين غير منطقية ، لماذا غير منطقية ؟ لأن منطق المصلحة من حيث هي مصلحة مرتبط بالعاجل ، ولم تسمى مصلحة إلا لارتباطها بالعاجل ، وعلى قدر قرب الثمرة يسمى الأمر مصلحة ، فهذا هو منطق المصلحة ، مثل لوعرضت أرضاً للبيع أعلنت انها سوف تكسب ضعف ثمنها بعد خمس سنوات لكثر الزبائن ، فإذا قلت بعد 15 سنة فسوف يقلون تبعاً لقانون المصلحة ، وإذا قلت بعد 40 سنة سيكونون أقل ، وإذا قلت بعد 70 سنة فسوف يضحكون ، وإذا قلت بعد الموت فسوف يصفونك بالجنون ، فهذا هو منطق المصلحة وهو غير منطبق كما ترى على جنة بعد أن يكون الإنسان تراباً وعظاما وينقضي العالم كله ..

هل لا حظت ان ربط الفكرة  بالمصلحة ربط ضعيف جداً لا يجعل الصورة قابلة للاقتناع، كعادة التحليلات المادية بعيدة عن الإقناع ، ثم بعد دخول المؤمن الجنة والنجاة من النار ، فتبعاً لهذه الفكرة فلا قيمة لمحبة الله ، بل سينصب الحب كله لمحبة الجنة ، فهل يقبل العقل هذا الشيء؟ ، ان المؤمنين وهم في الجنة ألا يحبوا ربهم لأنهم ضمنوا أنه لن يخرجهم منها   ، فهل هذا شيء يتصور؟! ألا يجعلك هذا تتشكك في التحليل كله وانه غير منسجم مع العقل؟! أم أن العقل أصبح لا قيمة له؟
أرجو ان تتأمل هذا الكلام مع استمرارك على أفكارك .

إذاً ليس قانون المصلحة المادية هو من يحرك المؤمن ، بل أمر معنوي آخر هو محبة الله ومحبة أن يوجد هذا الإله لأنه رمز الخير ، إذاً المؤمن الحقيقي آمن لأنه يحب الخير ويستعد لتقديمه على المصلحة ، وقانون المصلحة عرفناه ، فكلما قربت الثمرة كلما استحق كلمة مصلحة ، بل المؤمن الحقيقي مستعد للتضحية بما يسمى مصلحة مضمونة ، فهل في المنطق المادي ان تضحي بمصلحة مضمونة لأجل مصلحة بعد نهاية العالم والكون وهي غير مضمونة أيضاً ؟؟! البعض من المؤمنين يحاولوا أن يجمعوا بين الفكرتين ولا أقول كلهم ، فلا يريدون التفريط بالعصفور الذي في اليد ويرمون شباكاً على العشرة التي في الشجرة ، وهذا تناقض يفيد انهم رجحوا فكرة المصلحة ، إذاً فكرة المصلحة تفسد الإيمان ، والشيء لا يبنى على ما يفسده ، فأنا هنا لا أدافع عن الإيمان ولكني أدافع عن العقل وأريد تحريره من سيطرة الماديين المتآمرين عليه.. فأرجو ملاحظة ذلك ..

ياسين :

مقتبس من الوراق:
ثم لماذا لم تكن مكتوبة طالما انها قوانين نفعية كبقية القوانين النفعية الاخرى ؟ هذا الخلط بين المادي والمعنوي هو سر فشل التفسيرات المادية .. ليتك تجيب على هذا السؤال : لماذا لم تكتب و تدخل إلى المحكمة ؟ اليست قوانين تمنعهم عن الصراع ؟ لماذا لا تكتب و تفرض ما دام انها نفعية ؟ و لماذا تعطى اسما مستقلا لوحدها : الأخلاق ؟ لماذا لا تسمى "مصالح مشتركة" ؟ انتم تقولون ان الاخلاق هي المصالح ، ثم لا تضعون لهما اسما واحدا مع انهما شيء واحد في تعريفكم !! هذا ليس من الموضوعية
..

القانون المكتوب تسنه الدولة أو بشكل أدق السلطة, و الهدف منه هو الحفاظ على بقاء السلطة في الحكم, لكن السلطة كي تبقى في الحكم هي بحاجة أيضاً أن يكون المجتمع مستقر لذا تسن قوانين خاصة بتسيير أمور المجتمع لتضمن استقراره. ما يحدث أن جزء من هذه القوانين يتم استبدالها أو اسقاطها لكنها تبقى تتحكم بالمجتمع.
أما الأخلاق فليست مهتمة بالسلطة بل مهتمة بالجماعة و تماسك الجماعة, فانظر مثلاً في الجزيرة العربية و قبل الاسلام كان الكرم هو سيد الأخلاق, و هنا يمكن أن أسأل (أليس الكرم ضروري في تلك المنطقة قليلة الموارد الغذائية من أجل بقاء الجماعة

الرد :

انت فصلت بين السلطة وبين الجماعة مخالفاً بذلك أستاذ الماديين نيتشه الذي يؤكد أن ما يسمى بالأخلاق هي أخلاق العبيد وأن السادة هم من وضعوها لهم (شانها شأن الدين) حتى يكونوا مطيعين ومتسامحين مع أسيادهم ، بينما انت تذهب إلى ان الأخلاق نشأت رغماً عن السلطة ولهذا لا تريد كتابتها ناسياً أن السلطة تنبع من المجتمع أصلاً وليست من كوكب آخر ، إذاً انت لم تجب على السؤال فما دامت الأخلاق عبارة عن قوانين لرعاية المصالح المادية بين الفرد والمجتمع فلماذا لم تكتب ويلزم بها الجميع ويحاكمون عليها؟؟ ولماذا هي باقية في كل المجتمعات مع انها مضادة للسلطة كما تقول؟ فاين دور السلطة في القضاء عليها؟ والسلطة أليست جزءاً من المجتمع؟ أليس السياسي يستفيد من الموجود؟ فلماذا إذاً لم تكتب السلطة الأخلاق على الأقل ما يكون منها في صالحها ؟
بل إن الديكتاتور نفسه يتزين بالفضائل ليتحكم بالمجتمع ، ولو لتهمه احد بأخلاقه لربما قتله !! فما هي سلطة الأخلاق وهي لم تكتب؟.. حتى أنت لو فسر سلوكك بالمصلحة المادية لغضبت ، لان أي تفسير مادي لسلوكنا يعني أننا مبعدين عن الأخلاق.
 فلو قيل لك بأنك تكتب كأجير لجهة تدفع لك (وهذا أمر مقبول مصلحياً) لكنك ستغضب لأنه غير مقبول أخلاقياً ، مع اني لا أقول هذا عنك .. والمثال ينطبق علي أنا أيضاً .
وكل فضائح الرؤساء التي تسقطهم هي فضائح أخلاقية ، مع أنها ليست قانوناً مكتوباً ولا دستوراً ملزما ، فمن أين لها هذا النفوذ؟ بل إن المجرم نفسه يتحمل ان يقال له أنه قتل شخصاً أهانه ، لكنه لا يتحمل أن يقال أنه غدر بصديقه الوفي فقتله ، مع انه فعل واحد ، وكل هذه يتجهله الماديون ، فحتى إن تجاهلوه فالحقيقة تفرض نفسها دائماً ..
إن هذه المفارقة العجيبة تثبت أن الأخلاق شيء والمصالح شيء آخر ، فإن قلت أنها لمصلحة الجماعة فلماذا لم تكتبها الجماعة وتلزم أفرادها بها ؟ وإن قلت أنها ضد السلطة فلماذا تسكت السلطة عنها ولا تحاربها؟ كل ما يتعلق بالمصالح المادية مكتوب ويدرس في كلية الحقوق ، فلماذا لا تدرس الأخلاق في كلية لوحدها ؟ وإن قلت ان الأخلاق في المجتمعات المتخلفة لم تكتبها فلماذا لم تكتبها المجتمعات التي تسميها متحضرة وتعلم أفرادها بها؟؟
الأمر واضح ولكن الماديون يكابرون ويراهنون دائماً على الجواد الخاسر عقلياً ، فالأخلاق شيء والمصالح المادية شيء مختلف تماماً ، بل إن الأخلاق والمصالح المادية في صراع مستمر ، ومع انها لم تكتب ولم تلزم بها أي سلطة ورغم أنها تتناقض مع المصالح المادية إلا أنها باقية في كل مجتمع أياً كان وضعه المادي أو الحضاري، إذاً الخلط بين الأخلاق والمصلحة خلط ضعيف ومتهالك ويمجه العقل بسهولة .
ثم سؤالك عن الكرم ، فانا من يريد أن يسأل : هل مات الشعور بالكرم واحترام الكرماء في أي مكان في العالم وليس في الجزيرة العربية؟؟ فإذا أثبت هذا سيكون كلامك صحيحاً ، فأنا وأنت ننظر لحاتم الطائي نظرة إجلال واحترام مع انه كان - عفا نيتشه عنه - يفرط بمصالحه .
يا أخي هذا اسمه تناسب أخلاقي وليس موت أو حياة أخلاقي ، ففي حالة الحرب مثلاً ودخول الأعداء إلى المدينة فهل ستكون القيمة لحاتم الطائي أم لعنترة العبسي؟؟ طبعاً عندما تشح الموارد يبرز خلق الكرم ، وعندما ينتشر الخوف ترتفع قيمة الشجاعة والمروءة ، ولا يعني أن الكرم لم يعد له قيمة . وعند حصول المشاحنات تبرز قيمة التسامح .
هذا ما جعلكم تتوهمون أن الكرم بدافع المصلحة ، بينما لو كانوا يفكرون بالعقل المادي المقلوب لكان البخل هو السلوك المناسب ، فالبخيل يزداد بخلاً إذا شحت الموارد ، والبخيل هو نموذج الإنسان المادي لأنه يعتمد على المصلحة ، ولهذا يصفون البخيل بالمادي ، مع احترامي لك لشخصك الكريم !
 وهل تتصور أنه لم يوجد في الجزيرة العربية بخلاء ماديون؟ فاقرأ في شعر الهجاء ستجد أن اكثر صفة يهجى بها هي البخل ، وهذا دليل على كثرتهم ،  أي أنه يوجد ماديون وبخلاء وليس كل سكان الجزيرة كرماء ، فقد كان البخيل يحافظ على مصلحته ويلقى السب والاستهجان ويتحمل على مبدأ " مس قلبي ولا تمس رغيفي" كحال المرابي اليهودي الجشع في أوروبا قبل تفوق السيطرة اليهودية من خلال إشاعة النظرة المادية كي تحارب الأخلاق التي حوربوا بها والتي تصورها شخصية شايلوك في رواية شكسبير!
 وحتى الآن يلقى البخيل السب مع أنه هو العقلاني من وجهة نظركم ، وهذا الكلام ينطبق على كل مكان وليس في الجزيرة العربية فقط .
ياسين :
و أيضاً يمكن النظر للشجاعة , تقدر الشجاعة و تعتبر خلقاً كريماً عند الشعوب المحاربة. و طالما أن الأخلاق ليست ذات تأثير موجب لبقاء السلطة فالسلطة غير مهتمة بسن الأخلاق كقوانين مكتوبة. و الآن تعتبر الأخلاق شأن شخصي و هو أيضاً لا يهم السلطة لكي تسن قوانين بشأنه.

الرد :

ليس صحيحاً ان الشجاعة تحترم عند الشعوب المحاربة فقط بل تحترم في كل مكان ، بل إن الشجاعة مادة لأغلب الأفلام التي ينتجها ويشاهدها سكان أكثر البلاد أمناً .

هل انت جاد في محاولة إقناعنا ان الشجاعة تحترم في الأمم المحاربة فقط بينما الأمم التي ليس عندها حرب تحتقر هذا الخلق وتزدريه ؟؟ ثم أين هي الأمم التي لم تحارب في حياتها أصلاً ؟

الآن في الدول التي تسميها متقدمة الذي يسن القوانين ليست السلطة بل الشعب من خلال الديموقراطية ، إذاً سقطت هذه الحجة لأنهم لم يكتبوا الأخلاق ويدخلوها في الدستور والتشريعات مع أن السلطة بيدهم وهم مجتمع ، وفكرة الديموقراطية ان الشعب هو الذي يكتب ما يريد بل ويحكم أيضاً .. إذاً لم تجب على السؤال حتى الآن ..

ياسين :

مقتبس من الوراق: المادي لا يعترف بوجود سمو او نبل او قيم او فضائل او اخلاق . يعترف فقط بتبادل منافع مادية ، هذا هو المادي .. يفسر كل شيء من خلال المادة , بما فيها العلاقات الانسانية .. ماذا تقول في شخص وعظ شخصا و انتقده و جعله يبكي ، و عاد ذاك ليشكره .. اين المصلحة المادية المباشرة هنا ؟ و نتيجة لهذه الموعظة ، ارجع كل امواله المشكوك فيها الى اهلها ، و الآن هو خسر ماديا ! ومع هذا يشكر ! فاين المنفعة المادية ؟ هل هو يشكره لانه جعله يخدم المجتمع ، وهو يكرهه ؟ ام لأنه دله على طريق الخير وابعده عن المادية ؟ أرجو أن تنظر الى الموضوع بعقل متجرد .. لا أن تلف و تدور من بعيد ، و الطريق الملتوي يثبت خطؤه الطريق المستقيم ، إنه تخلى عن مصالحه المادية و عاد يشكر و يحب ذلك الشخص ! مع انه خسر ماديا!



أقرب طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم لكنه ليس دائماً الأسرع أو الأفضل. أنا فعلاً أؤمن بتبادل المنافع المادية, و لكن هذا لا يعني أني شخص "مصلحجي" أو أسعى إلى مصالحي من خلال الشكل الآني الأناني.

الرد :

لماذا لا تفعل هذا ما دمت لا تؤمن إلا بالمصالح ؟ فانت الآن مقصر ومخالف لأيديولوجيتك ، أما أنا فعلى عكس كلامك تماماً ، فانا مؤمن بالإنسان وأنه أرقى من المادة وأنه هو الذي يعطي المصالح قيمتها ، فإذا شاء استجاب لمصالحه وإذا شاء خالف مصلحته وضحى بالمادة لأجل إنسانيته وأخلاقه التي لا توزن بالمادة ولا تباع ولا تشترى بها ، ولهذا لست محتاجا لكي أعتذر وأوضح وضعي، بينما أنت محتاج لكي تعتذر في كل مرة وتوضح وضعك مع كل محاور أنك لست مادياً جشعاً ، بينما أنا لست محتاجاً لتلك التوضيحات والاعتذارات ، وإخراجك لنفسك عن بؤرة المادية فهذا أكبر دليل أن تلك الفلسفة غير مطابقة لذاتك وأنك تتألم خشية ان توصف بتبعات هذه الفلسفة ، وبالتالي كيف تريدنا ان نقبل فلسفة أنت تتبرأ منها عملياً وتتبناها قولياً؟ فإذا كانت ذاتيتك وإنسانيتك ثمينة عليك فمن الأولى أن نكون مثلك ونبتعد عن هذه البؤرة الفكرية المشينة التي صنعها وأشاعها المرابون اليهود في أوروبا وأمريكا . وليس عجيباً ان نجد اكثر أقطابها وفلاسفتها ودعاتها من اليهود  لأنهم وصفوا هناك بالمادية ، وتاريخهم حافل بالفكر المادي أصلاً ، كما تشهد التوراة والتلمود حيث تعاملوا مع الأنبياء بطريقة مادية مصلحية فجة .


الإنسان حاكم وليس محكوم ، فأنتم تجعلونه محكوماً بالمادة وأنا أقول إنه سيد المادة ، لهذا تفسيري يستوعب سلوكي وسلوك الآخرين أكثر من تفسيركم ، فانتم تفهمون بوضوح شخصا يتملق ليأخذ مصلحة مادية ، لكنكم لا تفهمون شخصاً يضحي بتلك المصلحة لأجل فكرة سامية ، وتفهمون لماذا تمتلئ الشوارع بالسيارات كل صباح، وتفسرونها بأنهم يجمعون المال لإنفاقها على مصالحهم ، لكن يصعب عليكم فهم لماذا يتبرع فلان بنصف ثروته؟ ولماذا ضيع فلان تلك الفرصة الذهبية؟ ولماذا اعتزل فلان ذلك المنصب الكبير مع أنه لو تحمل الإهانة لاستفاد مادياً ؟؟ ولماذا تخلى فلان عن عشيقته مع انها جميلة ومغرية ؟

تفسيركم ضيق لا يستطيع استيعاب كل الصور ، وأنت قلت أن المادية لا تفسر السلوك وهذا إعلان عجز ، فالنظرية السليمة تفسر كل أوضاع الشيء الذي تناقشه ، فلست انا الذي أقول ضيقه بل أنت ، فصارت تفسر سلوك المؤمن فقط وعاجزة عن تفسير سلوك الآخرين حتى دعاتها ، أنت تبرات من المادية عملياً واستعريت منها قبل قليل مع أنك تؤمن بها قولياً؟ فلماذا هذا السلوك المتناقض؟ فسره من خلال الفلسفة المادية. ام انها لا تفسر إلا سلوك المؤمن ؟ وكذا صممت؟!

ياسين :

اشباع الحاجات و المشاعر هي مصلحة, أرضاء الذات مصلحة, هذا من ناحية

الرد :

أين المادية فيها؟ فلا تنس هذه الكلمة فالفلسفة مادية ..

ياسين :

لكن من ناحية أخرى, أي شخص أقدم له يد المساعدة الآن دون أن أطلب منه مقابلاً سيمد لي يد المساعدة لاحقاً عندما أحتاجها, و قد لا أحتاجها, أحب أن أفكر في هذه المسألة على أنها استثمار بعيد المدى.

الرد :

على هذا لن تساعد شخصاً قال الطبيب أنه سيموت بعد عشر ساعات ولا بكوب ماء !! ما هذه النظرية يا سيدي ؟! هل لأنك لن تعطش بعد عشر ساعات؟! ما هذا الضيق في الفكرة يا سيدي!! أتمنى ألا أكون ذلك المريض ..

ياسين :

و هنا مثلاً أسأل ( إن كنت متأكد أن شخصاً ما لن يساعدك حين تحتاج إليه رغم قدرته على مساعدتك, هل من الممكن أن تعتبر هذا الشخص صديقاً وفياً؟؟؟) و كي لا تفترض, هذه الحاجة التي أتحدث عنها لا تتطلب مخالفة القانون أو الدين أو الأخلاق.
أنت تنظر للقيم الأخلاقية على أنها بنية كاملة منعزلة عن الواقع الذي نشأت فيه, و في حال أعدت هذه القيم إلى بيئتها الطبيعية ستتغير نظرتك لهذه القيم, فمثلاً يعتقد المعظم أن أخلاق العرب هي نتاج الاسلام و هذا غير صحيح, أخلاق العرب موجودة قبل الاسلام و كل ما فعله الاسلام هو اجراء بعض التعديلات, " ما بعثت إلا لأتمم مكارم الأخلاق" هذا ما قاله النبي محمد. المسألة أن أخلاقيات الاسلام هي التي اشتقت من أخلاقيات العرب و ليس العكس.

الرد :

هذا صحيح ، لكن عليك أن تثبت أن أخلاقيات العرب غير مشتركة مع بقية البشر ، الإسلام دين الفطرة والأخلاق فطرة ، وعليك أن تثبت أنها ليست فطرة لأنها مشتركة بين كل الشعوب قديماً وحديثاً ، ألا يكفي هذا لتسميتها فطرة ، فكل الشعوب تحب الكرم والشجاعة والمروءة والجلد وإكرام الجيران وحماية المستجير والتسامح...الخ وليس خاصاً بأمة معينة كما تحاولون أن تقنعونا أن الكرم خاص بالعرب وان الشجاعة خاصة بالأمم المحاربة ولا قيمة لها عند غيرها ، إنها محاولات بائسة، وكل الأخلاق موجودة في آداب كل الشعوب ، كل هذه الأخلاق ليست إلا تضحية ، إذاً كل تضحية أخلاق ، لكن التضحية لأجل المنفعة باسم الأخلاق يسمى نفاق وهو خلق سيء ، فلماذا انقلب الخلق هنا؟ بسبب دخول المصلحة ، إذاً الأخلاق والمصلحة في تضاد دائم ، فمجرد دخول المصلحة ينفي الأخلاق ويقلبه إلى سوء أخلاق ..

التضحية لأجل مصلحة مادية معلنة يسمى "بزنس" ، والتضحية لأجل " لا مصلحة" يسمى أخلاق راقية لأنه سيكون لأجل الشعور الإنساني العظيم وحاجاته العليا ، أي حباً في الخير على مبدأ {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً } والوجه رمز للحب والفضائل ومصدرها الإلهي ، والجزاء هو المصلحة ،.

ثم أخلاقيات العرب من أين جاءت؟ فهل هي خاصة بهم؟ فعليك أن تثبت هذا .. وطبعاً لن تستطيع ، إذاً الفكرة خاطئة من الأساس.

 الإسلام أبقى الأخلاق النبيلة لكنه أضاف أخلاقاً جديدة وألغى سوء أخلاق كانت موجوداً ، فألغى صور الزواج غير المقبولة اخلاقيا كان يرث الابن زوجة أبيه أو زواج الشغار بالتبادل بين البنات، وألغى وأد البنات، وألغى نسبة المتبنى إلى اسم متبنيه دون اسم أبيه الحقيقي وذلك احترماً لذلك الوالد ، وألغى مبدأ نصرة الأخ ظالما او مظلوما والتعصب القلبي ومعاملة الأرقاء بخشونة حيث كانوا سلعة دون اعتبار لآدميتهم، والسبي تحول إلى ملك يمين،  وألغى البغاء  ومنع التمثيل بالجثث وحرم إحراق الأشجار وقتل الشيوخ والعباد حتى لو كانوا من ديانة أخرى ، وكل التشريعات هي عبارة عن أخلاقيات مضافة ، مثل النظرة للمرأة كانت دونية في كل الحضارات السابقة فجعلها الإسلام معادلة للرجل في الحقوق والواجبات . وألغى التبتل ورفض الزواج باسم الدين . وغير هذه كثير لا يسع المجال لذكره .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق