ياسين :
مقتبس من الوراق:
كيف يكون فعلين متناقضين (الأخذ والعطاء) لهما نفس النتيجة (الرضا عن الذات) ؟ هذا كلام غير منطقي ، ام ان المنطق نفسه غير مهم في الفلسفة المادية ؟ اذا كان هكذا قولوها و أريحونا !! وكيف ترضى عن الذات وأنت تفعل فعل غير مادي ؟ و الفلسفة المادية تقول : ان رضا الذات يتحقق في الاخذ المادي والمصلحة !! اذا تناقضت النظرية هنا َايضا ! والناس لا تستطيع ان تثق بنظرية متناقضة مع نفسها . و أنت تقول عن الرضا عن الذات انه يتحقق بعد العطاء ، و المنطق ان يتحقق بعد ان يكافئه المجتمع ، وليس بعد العطاء لأنه هو الغاية من العطاء من وجهة نظركم المادية ! فكيف يعطي و يفرح وهو لم ياخذ مقابلا ختى الان ؟ المفترض ان يكون قلقا وليس مبتهجا و راضيا في هذا الموقف ! مثل عملية البيع و الشراء : يظل البائع قلقا حتى يستلم نقوده ! و يبتهج اذا عدها ودسها في جيبه !
هناك الكثير من الظواهر المادية التي تبدو للوهلة الأولى غير منطقية مثل أن الماء و بنفس درجة الحرارة المعتدلة يكون في حالتين فيزائيتين مختلفتين هما السائلة و الغازية و هذه ظاهرة تتناقض مع كل المواد الكيميائية الأخرى.
الزئبق هو معدن سائل و هذا يتناقض مع وضع باقي المعادن ذات الطبيعة الصلبة.
هناك أجرام تتكون من مادة كثيفة و ثقيلة لدرجة أن سينتيمتر مكعب منها تصل كتلتها إلى آلاف الأطنان. و هذه ظاهرة مادية تتناقض مع باقي الكتل في الكون.
الواقع ياصديقي ليس بالضرورة عليه أن يتوافق مع المنطق, ما نمتلكه من منطق يبنى على ما نمتلكه من معلومات, أي أن المنطق هو فهمنا للواقع و ليس هو الواقع. و كل شخص يفهم على قدر معلوماته. و لا حظ أن منطق الأشخاص في البيت الواحد مختلف, صحيح أنه هناك منطق عام, لكنه قابل للهدم في أي لحظة. بل أن المنطق أعيد بناؤه أكثر من مرة منذ زمن كوبر نيكوس الذي خرج بهرطقة أن الأرض تدور حول الشمس و ليس العكس, و هذه الهرطقة تناقضت مع المنطق الذي يقول أن الشمس هي التي تدور حول الأرض و الدليل أن كل الناس ترى ذلك لدرجة أنها تعتبر بديهية.
الرد :
اولا : انت لم ترد على التناقض بل التناقضات التي اوضحتها لك في النظرية المادية ، ثانيا : هربت كالعادة الى العلم كملجأ للماديين ليختبئوا وراء عباءته لكي يثبتوا ان العلم لا منطق فيه ، و هذا هدم للعلم وليس تكريما له ..
هم لا يريدون المنطق و يريدون العلم شاهدا لهم ، و لو شاهد زور ، تبعا لثقة الناس بالعلم ، كانهم يقولون : اذا كنا نحن لا منطقيين فالعلم لا منطقي ايضا ، اذا دعونا من المنطق فهو يضايقنا كثيرا .. وهذا العمل بحد ذاته غير منطقي ، لان ثقة الناس بالعلم بسبب ثبوته ليس الا . فإذا تشكك الناس في ثبوت العلم فلن يعود مفيدا لكم كشاهد و ملجأ . انهم يخربون بيوتهم بايديهم . وهكذا رفض الايمان بالله يهدم كل شيء ، حتى المنطق والعلم والاخلاق .
و مثال الزئبق : فالتركيب الخاص للزئبق مختلف عن بقية تركيبات المعادن الاخرى ، وطبيعي ان يكون له وضع مختلف .. بل المشكلة انه لو صارت تركيبته مختلفة و بنفس الوقت يشبه المعادن الاخرى ! نحن ما زلنا مع المنطق و نعلم ان المنطق عدو للماديين و يتمنون هدمه , لكن الواقع بعيد جدا عن امنياتهم ..
المنطق العام هو علم اصلا ، و اثبتته التجربة . ليس صحيحا ان كل ما وجدنا غلطة في فهم العلم و فهم السابقين له ، نلتفت للمنطق لنشكك فيه كله ، بينما عقولكم هي الان تعتمد عليه في الرد والنقاش !! وضعكم مثل من يكسر سلاحه بيده .. اذا علينا الا نثق بكلامكم طالما انه مشكوك في المنطق كله كما تحاولون ان تثبتوا ، في حين انكم تعتمدون على المنطق في اثبات ادعاءاتكم ! انها جناية كبيرة على العقل البشري و عداوة واضحة له يتزعمها الفكر المادي الملحد .. لانه اكتشف ان المنطق من الد اعداؤه ، فما عليه الا ان يهدم المنطق و يشكك في العلم ايضا ، لان الاخير بدأ ايضا يقف في وجوههم .. واذا سقط العلم و المنطق ، نجحت الحيوانية التي يدعون اليها ..
المنطق لا يهدمه شيء ، بل هو الذي يهدم .. الوهم شيء والمنطق شيء آخر ، و جهل الناس بأمور كثيرة جعلهم يبنون لها منطقا ، و متى ما اتضحت لهم الرؤية اعطوها المنطق الكامل لها ، فكون الانسان لا يعرف ان الارض تدور حول الشمس و هو على سطح الارض ، و لم يملك مناظير ولا سفن فضائية ، فيرى الشمس وهي تنتقل من الشرق الى الغرب ، و كذلك الكواكب ، فمنطقيا لم يخطئ ؛ لانه اعتمد على وسائله ، بل حتى الان انت تقول : الشمس طلعت ، والشمس مالت الى المغيب ، ولا تقول ان الارض دارت حول الشمس ، واشعرتنا ان الشمس هي التي تغيب ..
لو قال احد بكلام كوبرنيكوس بلا دليل لكان كلاما غير منطقي ، و طبعا غير علمي ، اما كوبرنيكوس فلم يهرطق ، بل قالها مع اثباتات ، اي ان كوبرنيكوس عدل المعلومة و لم يعدل المنطق ..
منطقيا : اي شيء تراه يرتفع في السماء ويدور و يرتفع في الافق و يختفي ، هل تقول انك انت الذي تدور و تختفي عنه ؟ بينما هو ثابت ؟ هذا جنون ! و مخالفة المنطق جنون .. كوبنيكوس لم يغير هذه الحقيقة ، لو ان كوبرنيكوس غير من منطق ان اي شيء نراه يرتفع فوقنا و نتابع سيره ويختفي بأنها خطأ دائما بما في ذلك الطائرة والطيور والقذيفة ، لكان كلامك فعلا صحيح في ان المنطق يتغير وان كوبرنيكوس غير المنطق .. ولو كان كلامكم صحيحا لكان الطائر الذي يطير فوق رؤوسنا يجب ان نقول عنه أنه ثابت و نحن الذين ندور حوله !! هل رايت التهافت في النظرية المادية ؟ و مع هذا يردد هذه الكلمة كل الملاحدة تقريبا في ان العلم يغير المنطق كما فعل كوبرنيكوس ..
العلم يغير المعلومات ولا يغير المنطق .. لأنه لا يسمى علما اصلا الا من خلال المنطق .. و عندما اسالك عن تعريف العلم فستقدم لي تعريفا يعتمد على المنطق ! اذا المنطق هو الذي سمى العلم علما .. اي ان المنطق هو المهيمن على العلم ، و نقول عن الشيء انه علمي اذا قال المنطق ذلك و ليس العكس .. لاحظ ان كل مشاكل الفلسفات الغربية مشاكل بديهيات ، يمرون عليها بسرعة دون تمحيص .. لهذا فالفلسفة الغربية من وجهة نظري ليست بالشيء العظيم .
كيف نستطيع ان نحدد الاشياء بدون المنطق ؟
ثم هل تريد ان تخبرنا ان الماء و حالتيه في نفس درجة الحرارة يكون على طريقة السحر ؟ اين الروح العلمية ؟ هناك مناطق لم يكتشفها العلم ، فهل كل ما لم يكتشفه العلم ، نلتفت على العلم و المنطق و نهدمهما ؟ هناك ظواهر كثيرة لم يكتشفها العلم وتبدو متناقضة مثلما بدت الظواهر السابقة للسابقين ، فجاء العلم و وضحها ، المادة محكومة بقوانين ثابتة .. وليس من المنطق و العلم ان نقول غير ذلك ، و من قال غير ذلك فهو يشكك في العلم ولا يحبه و له اهداف ميتافيزيقية ..
هذا الكلام كله ينطبق على عالم المادة فقط . لا سحر في المادة و لا معجزات كما تحاول ان تفعل نظرية الكم التي تريد ان تثبت عدم المنطقية ، و تقول ان الجسيم يكون في مكانين في نفس الوقت ! هذا هراء بلا شك . المسألة مسألة سرعة فائقة لم تستطع قدراتنا ان تلاحقها .. ولو قبلنا هذه المعلومة الجزيئية فقط ، لصار العقل كله لاغيا .. ونتحول الى بهائم كما يتمنون ..
المغالطة الخبيثة هي انهم يفصلون بين العلم والمنطق في العادة ، لكنهم في قضية كوبرنيكوس ، جعلوهما شيئا واحدا ، فقالوا كوبرنيكوس هدم المنطق ، بينما هو هدم المعلومة . بعبارة أخرى : يفصلون العلم عن المنطق متى شاءوا و يدمجوهما متى شاءوا ، على حسب المصلحة الالحادية .. اي انهم يتبعون الالحاد ولا تبعون العلم ..
لا يشكك في العقل الا عدو العقل ، ولا يعادي العقل الا من اثبت له العقل خطؤه و خالف هواه .. من يريد ان يصيد في الظلام هو الذي يقمع العقل او يشكك فيه . و هي ممارسة قديمة .. و على الاقل كانوا القدماء يقمعون العقل ، و لكن هؤلاء فاجؤونا بالتشكيك فيه ، والعقل ليس الا الحقيقة ، اذا هم اعداء الحقيقة ، ولا تـُعرف الحقيقة الا بالعقل ..
اذا نحن مقبلون على عصر ظلام جديد ، و كلما كبت العقل سميت الفترة فترة ظلام . و لا يعادي العقل الا من له مآرب يكشفها العقل . و الملاحدة يتزعمون حربا جديدة على العقل ..
لا سحر في المادة ولا معجزات ، بل قوانين ، علمنا منها ما علمنا و جهلنا ما جهلنا ، وهذا ما اشار اليه القران ( خلق السموات والارض بالحق) والحق يمكن الاستدلال عليه ، عاجلا او اجلا ، والعلم الثابت حق ، حتى لو شكك الملاحدة اليهود مثل بوبر بثبوت العلم ..
المنطق يشبه النور ، يريك الاشياء البعيدة غير واضحة ، فتصدر عليها احكاما تكون منطقية في لحظتها ، لكن اذا زادت المعلومات زاد المنطق .. فالنور اراك جسما ابيضا من بعد له شكل المربع ، حتما لن تقول انه دجاجة ! ربما تقول انه سيارة او عربة قطار او خيمة ، تقترب اكثر ، يتضح لك انه سيارة ، و لكنك تخمن اي نوع من السيارات فتعطيه الاقرب بالنسبة لمعلوماتك ، تقترب اكثر ، تجد ان بعض معلوماتك اخطأ ، لكنه منطقي في حينه .. و بدون المنطق لا يوجد العلم اصلا .. ولا يمكن ان يوجد .
عندما قلت انها خيمة مثلا ، اعتبرت انك في الصحراء و كثيرا ما توجد الخيام ، ولكن لما اقتربت اكثر ، اصبحت هذه المعلومة خطأ و صار الانسب انها سيارة . و هذه السيارة لم تقل انها سيارة عسكرية لانها بيضاء ، بل اعتبرت انها سيارة احد الرحالة ، فاقتربت اكثر و وجدت انها سيارة اسعاف .
لو قلت من البداية انها سيارة اسعاف ، فهل ستكون منطقيا ؟؟ طبعا لا . ستكون ضربة حظ أو جنونا اصاب ليس الا .. ما بالك ان هذه السيارة هي سيارة ايسكريم ؟ لو قالها شخص منذ البداية سيكون مجنونا !
اذا المنطق لا يشكك فيه ابدا ولم يخطئ ابدا .. المعلومة تصحح و لكن المنطق لا يصحح .. حتى طريقة علاج القدماء كانت منطقية بموجب المعطيات التي لديهم ، و لكنها لم تكن علمية ..
المنطق ثابت ولا يتغير ، والتشكيك فيه ليس بهذه السهولة التي تشبه البراءة و ان كانت مآربها خبيثة .. و كلما عرفنا تفاصيل ادق ، كلما البسها المنطق ثوبها الادق بدل الاقرب .. ولو تغير المنطق مرة واحدة ، اذا يجب ان يلغى العقل كله ولا يعتمد عليه حتى في اثبات هذه الحقيقة ، وهذا لم يحدث ابدا و لن يحدث ..
كل شيء غير منطقي هو غير علمي بالدرجة الاولى ، لا يمكن ان يكون الشيء علميا وغير منطقي بنفس الوقت كما يحاول الملاحدة اقناعنا . هذه المحاولة تكفي لهدم كل شيء ، بل لا نستطيع ان نقتنع بكلامه بعد ان انهدمت عقولنا .. ام يريدوننا ان ناخذ المنطق اذا كان مناسبا لهم ونتركه اذا خالفهم ؟ يبدو ان هذا هو المطلوب .. بحيث يخبرونا متى يجب ان نفكر ومتى يجب الا نفكر وكيف نفكر واي جوانب من المنطق نصدقها و ايها لا نصدقها .. ان مهمة من يشكك بالمنطق ان يخبرنا بالسليم عنه والمعطوب ، ولكن كيف سيثبت السليم من المعطوب ؟ طبعا سيحتاج للمنطق ! اذا كيف سيثبت لنا ان هذا المنطق (الميزان) غير معطوب ؟ لا يهدم الشيء نفسه بنفسه ، لا تستطيع ان تكسر الفاس بالفاس نفسه . و العلم لوحده عبارة عن جنون غير مفهوم . ولم يتحول الى علم الا لمنطقيته .
لا بد من قوة خارجية كي تهدم العقل ، و لا توجد قوة يملكها الانسان الا العقل . انت تفهم العلم بالعقل ، والعلم الذي لم تفهمه هو ليس علما ، بل هو نوع من المجهول ، لا كيان له الا من خلال العقل . تخيل طفلا يقف امام مختبر لا يعرف شيئا عنه ، هو لا يملك الا عقله ، و حتى تدخل التجربة الى الطفل و تحولها الى علم عنده لابد من المنطق والعقل . اذا العلم ليس كيانا مستقلا ، ولو كان كذلك لعرفه المجنون الغير منطقي ، و ليس العلم اذا الا منطقا ، والا سيبقى اشياء مجهولة ، مثل ان ينظر الطفل او المجنون الى تجربة في المختبر غير مشروحة ولا مدخلة في منطقه ..
اما اختلاف صور المنطق عند الناس فهذه ليست حجة ، لان الجهل والمعرفة متفاوتة النسب بين الناس . بينما المنطق متفق عند الجميع ، الا المجنون و صاحب الهوى الذي يضطر لمعاندة المنطق . ومن هنا نفهم ان الهوى هو طريق الجنون ، لانه يبعد الشخص عن المنطقية .
كل البشر يعرفون ان الجزء اصغر من الكل . و يعرفون ان الفوق فوق والتحت تحت ، واليمين يمين واليسار يسار ، وان الطائرة اسرع من السيارة . وانه لا حكم على شيء حكما دقيقا الا بعد معرفته ، و انه لا يحق لك ان تتهم الا بدليل ، وهكذا .. منطق مشترك بين الناس و ثابت و ازلي .. بل ان العلم نفسه يشرح المنطق ، فكل الناس يعرفون منطق الجاذبية ، و لكنهم لم يعرفوا علميتها من خلال قوانين نيوتن .. و يعرفون منطقية الحركة والسرعة والطرد المركزي ، ولكنهم لم يكونوا يعرفون بعلميتها ، ولذلك هم يعتمدون على هذا المنطق في بناءهم وهندستهم .
و بالتالي فمن السخافة دعوى الملحدين بموت الفلسفة ، والفلسفة تعتمد على المنطق ، و اذا مات المنطق مات كل شيء بما فيه العلم ولم يـُفهم ، واذا لم يـُفهم لم يكن شيئا .
ياسين :أما عن مسألة أن المادية متناقضة مع ذاتها فأنت تفترض أمر لم أقله أنا ثم تبني عليهو تسهب في الشرح و تستنتج أنه متناقض مع كلامي فتكون المادية متناقضة مع ذاتها, بالتأكيد ستكون المادية متناقضة مع ذاتها طالما أنك تفصل مادية على قياسك.هههههههههه
الرد :
ليس شرطاً أن تقوله أنت فأنت لم تقل إلا القليل عن المادية أصلاً ، اما التفصيل ليس على قياسي بل على قياس الفكرة العامة المطروحة في العالم ، أكيد أنك سوف تبدي ما يناسبك وتخفي مالا يناسبك ، فأنا لا أقيس على كلامك ولا انطلق منه ، فانا أنطلق من فكرة المادية في كل شيء ، وهذا الرد بحد ذاته هروب ، فأثبت أن الرد بهذا الشكل خاطئ ، أفضل لك من هذه الضحة البعيدة عن المنطق ! لأنك جعلت من نفسك النظرية المادية والنظرية المادية هي انت ، وما قلته قالته النظرية المادية ، ومالم تقله لم تقله النظرية المادية ، وهذا تقييد بدون مقيد.
إذا كنت تقولت أنا على المادية مالم تقله فعليك إثبات العكس وان تقدم فكرتها الأساسية دون اجتزاء أو تلطيف ، ثم تطابق ذلك مع ما قلته عنها لتثبت خطأه ، حينها تستحق تلك الضحكة المبكرة قبل حينها .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق