الأحد، 15 يناير 2012

الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه


يقول الله سبحانه وتعالى : ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) .

المقصود بـ"التي هي أحسن" ليس الأسلوب الأفضل ، بل الفكر الأفضل , لأن الفكرة هي الأدوم .

صحيح أن الأسلوب يسرّع من عملية الإقناع , و لكن لو كانت الفكرة غير حقيقية فستنكشف الحقيقة .. الموعظة الحسنة هي العبرة , أي تنقل تصورهم . و الاتعاظ هو أن تعرف ما حدث لغيرك و تحذره .

والإحسان هو الإتقان ، أي الأكمل , أي المتكامل و المترابط بالطبيعة . يقول الله سبحانه وتعالى :(الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) , فـ"أحسنه" أي أتقنه وأكمله . ويقول الله سبحانه وتعالى : (اتبعوا أحسن ما انزل إليكم من ربكم) ، فما المقصود بهذه الآية ؟ لو كان المقصود بالأحسن هو الأسلوب , فلماذا يـُذم أسلوب الكافرين والمنافقين بأنه زخرف القول ـ أي أنه كلام منمّق وأسلوب لطيف ومجمّل- ؟ هل هناك شيء منزّل من الله و ناقص ؟!!  بالتأكيد لا .. إذاً فالمقصود هو الفكر الأفضل .

إذا قسَّمنا الأفكار إلى طبيعي و صناعي , و في الشريعة هناك توجيه للتعامل مع الأشخاص الصناعيين , ففي الرق مثلا , يحق لك إبقاء الرقيق في الشريعة ، ولكن إعتاقه أفضل , إذا هو الأحسن الذي تتبعه .

إن الشريعة تنظر للواقع ، والواقع صناعي , فالقتل و الجلد و قطع اليد هو من أجل التعامل مع الصناعي المنتشر ، لأنه لا يرتدع إلا بهذه الطريقة . فالمعاملة بالمثل هي الحد الأدنى ، فأن تطالب بحقك فقط ، فهذا هو الحد الأدنى من الفضيلة ، والاهتمام بالحقوق فقط دون الاهتمام بالفضائل هو بحد ذاته رذيلة ؛ فهو يكشف أنه ليس عند الشخص نية للخير، فهذا الشخص من الممكن أن يُتهم بأنه أناني ؛ فالعفو أفضل من العقوبة ، و قد قال تعالى : ( و لمن صبر فهو خير للصابرين) . فهناك شيء أفضل من شيء .. قال تعالى : (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) فالمحسن هو الأعلى درجة ، لأنه يحسن لمن أساء إليه و يختار الأفضل والأكمل .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق