الاثنين، 11 أغسطس 2014

رد على تعليقات موضوع اسبينوزا وابن رشد 2 (8 من 8)



إجابة على سؤالك الأخير:
أولاً .. ليس من حقك أن تحصر الإجابة بين نعم أو لا ..، فهذا أسلوب مغالطة متعمدة، يُقصد منها عادةً تشريع وتمرير فكرة خاطئة ..
لا يا سيدي .. معذرة ..
الدين فكرته إيجابية نعم لكنها مجرد حلم غير قابل للتحقق .. ، أما أساسه فليس منطقيًا ..
فأساس الدين هو أن إلهًا وحيدًا عليمًا ، أوجد مسرحية على الأرض ، مؤلمة للحيوان والنبات والبشر، وأخذ يشاهدها بانتظار انتهاء التجربة، بينما هو يعرف نتائجها مسبقًا ..، ولا يوجد معه إله آخر يريد أن يُثبت له صحة تنبؤاته ..، هذا واحد من أدلة انعدام المنطق في أساس الدين ..
وآخر .. أن إلهًا عادلاً رحيمًا قديرًا ، أمره كن فيكون ، يخلق مشهدًا بهذا البؤس والعبث والألم والضبابية ، ثم يتوعد مخلوقاته الضعيفة الجاهلة بالويل والثبور وعظائم الأمور - إن هي أخطأت عن غير قصد - حيث حتمًا لا أحد يتعمد الكفر والإلحاد، ولا أحد يمكنه الاعتقاد بخلاف عقله الذي منحه له ذات الإله!


والسؤال ينبغي أن يوجه إلى رجال الدين والملوك المسلمين الذين مكن الله لهم في الأرض وآتاهم الملك، فهم القادرون على الإصلاح والمنوطون به - إذا اعترفوا بالأخطاء الصارخة التي إذا اعترفوا بها فقدوا مشروعية سلطتهم وتميزهم ..، ولا يوجه إلى الضعفاء الذين أمرهم الله بالهجرة في أرضه الواسعة - عندما كانت أرضه واسعة وكانت الهجرة فيها ممكنة أيام نزول الأديان - قبل أن تظهر الجنسيات وجوازات السفر والوظائف والعملات وتكاليف السفر وغيرها من العقبات التي جعلت من الهجرة ضربًا من المستحيل والانتحار ..

أعتذر للإطالة .. وأعتذر إن كنت قد تركت سؤالاً من أسئلتك عن غير قصد ..

الرد :

أنت لم تقدم منطقية الإلحاد لتكون بمقابل لا منطقية الدين حتى تتضح الصورة! ترى لماذا تدسونها وتخفونها هل هي مخجلة؟ اين هي منطقية الإلحاد مادام الإيمان لا منطق له؟ قدم الاثنين معا ولا تلعب علينا لعبة السحرة تبدي وتخفي, قل الإيمان غير منطقي لأنه كذا وكذا بينما الإلحاد منطقي لأنه كذا كذا. أنا أسحبك لتتكلم عما لا تريد أن تتكلم عنه ولا تستطيع لأن الإلحاد لا شيء ولا منطق ولا قيمة, مجرد فراغ وجنون عقلي.. فقاعة يراد لها أن تملأ الكأس بدلا  من الماء, لكن أهل العقول ليس من السهل التمثيل عليهم.

ما يزال السؤال: أين المنطق في الإلحاد؟ أليس الإلحاد بديل؟ لماذا لا تقدم طرحه وتفسيره للكون والوجود؟ أم أنه مخجل ومخزي؟ مغالطة طرحك أنك في نقد الدين قفزت للإله وتركت البشر على الأرض متناولا ماذا فعل الإله وتعرضه على عقلك المخلوق ثم تقول فعله غير منطقي! يخلق مسرحية لوحده! يا عزيزي المنطق للبشر, عليك أن تستعمله منطلقا من البشر إلى الإله لا أن تقلبه من الإله إلى البشر, مثلما ان المنطق يبدا من البشر في معرفة كل شيء, أليس هذا خط سير المنطق؟ لم عكسته؟ ألي العكس مغالطة؟ أليس المنطق لنا؟ أنا أعدل لك منطقك المعوج الآن. المنطق يسخر من منطق الإلحاد الذي تدسه والذي يقول أن كل شيء فوضى وأن الوجود ناشئ من لا شيء من نقطة كتلتها صفر أنتجت أكوان بدأت تتزاوج حتى ولد كوننا بعد أن تطورت جيناته من كثرة الولادات! هذا مايقوله العظيم الملحد هوكنج! وهذا ينطبق على الإلحاد وليس الكون هو الذي بدأ من صفر وما اساسه ينتهي إلى صفر. و يقول أن الحياة تطورت بالصدمات والصدف المتصادمة, (موضع ضحكة!). بينما المنطق الإيماني يقول لكل مصنوع صانع, وهذا النظام العجيب والغائية في كل شيء والتوازن الذي يخدم بعضه بعضا بدون إرادة ولا وعي من أحد لهذه الخدة, تدل على وجود خالق عظيم. هل يصلح أن يكون أكثر من خالق؟ لا يدل الواقع على جود تفاوت أو اختلاف { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} . وهذا يشير إلى أن الخالق واحد. المنطق يأخذك إلى المبدع الذي هو أعظم من الإبداع لأنه يستطيع أن يأتي بمثله وأحسن, أليس هذا المنطق؟ ألست تقدس علماء الاكتشاف والاختراع لأن اكتشافاتهم واختراعاتهم أعجبتك؟ المنطق يعمَّم إلا الملحد فهو لا يعمم منطقه بينما المؤمن يعممه, و من لا يعمم المنطق عنده نقص في استعمال العقل بدافع الهوى. الملحد يسأل من رسم هذه اللوحة عن جمال البحر, لكنه لا يسأل من رسم البحر! هل اتضح النقص في تعميم المنطق؟ والنقص الآخر الأسوأ أن ينسب الشيء المبدَع ولجميل والمعقد إلى شيء غير جميل ولا مبدع ولا معقد مثل الصدف العمياء! وهذا ليس تعطيلا للمنطق بل كسر للمنطق!  حين تنظر إلى اللوحة يأخذك جمالها فتتجه للرسام, الملحد ينظر إلى إبداع الكون ونظامه فكيف يأخذه عقله إلى العمى والصدف العمياء واللاشيء؟ هل هذا عقل أو جنون؟ فاقد الشيء لا يعطيه, العمى لا ينتج نور.. بديهة منطقية يكسرها الملحد. الإلحاد كله مبني على أخطاء منطقية أي بصراحة على جنون, لأن عكس المنطق هو الجنون -مازلنا علميين- ولهذا البشرية لم تلحد.

المنطق الفلسفي أحال إلى علة أولى, لو قلت : ومن خلق هذا الإله والإله الذي خلقه والذي خلقه.., في الأخير يجب أن تقف على واحد وهي العلة الأولى كما سماها أرسطو, بعد هذا يقف المنطق. هل هذا الطرح بذمتك عقلاني أو الطرح الإلحادي عقلاني؟ افتنا مأجورا مستعملا عقلك فقط مريحا إلحادك قليلا, هذا موضع تفكير ومقارنة بعد أن تستبعد مغالطتك الإسقاطية, فالمنطق لا يحاكم الإله بل البشر لأن الإله ببساطة هو خالق المنطق وخالق ما نعلم وما لا نعلم وشؤونه له، وبالتالي لا ينفع إجراء عقلنا على من هو أكبر منه، افهم كلمة اله أولا، من خلال مدلولها اللغوي والعقلي، هذا هو المنطق عندما تقول إله.

الإلوهية منزلة والبشرية منزلة أنتم، تخلطون بينها فتجعلون الإله بشر والبشر إله, لكن المنطق اللغوي يقف في وجوهكم. فحد المنطق أن يدل على الإله وكثـّر خيره, لأن شؤون الله لله ، هكذا يقول المنطق, ويقول المنطق : لا يمكن لبشر أن يستوعب علم الخالق, وإلا تسقط نظرية خالق و مخلوق! إذن نقدك لمنطقية الدين مَعيب منطقيا, والمنطق هو الذي يرد عليك. لو استوعب العقل أن يعرف لماذا الإله خَلق وكيف وُجد الإله لما كان هناك فاصل بين خالق ومخلوق.

تخيل أن استاذك وقدوتك الذي تتعلم منه تجعله خاضعا لعقلك وتعرف كيف يفكر ولماذا فكر وماذا سيفعل, أيهما يجب أن يكون القدوة أنت أم هو؟ الشرخ المنطقي في نظريتك هو كسر الفاصل بين الخالق والمخلوق. انت قل لي : إذا كان العقل يدل على وجود إله أم لا , أما محاكمة الإله فهذا موضوع آخر وليس للمخلوق.  

الملحد لم يبحث عن إله ثم لم يجده, هو يريد أن يسقط الفكرة كلها لأنها تقف في طريق شهواته حسب اعتقاده. إذن هل عرفت أن المنطق مع الإيمان ، والجنون مع فكرة الإلحاد ؟ أم لا زلت منشغل بالإله لم يصنع مسرحية ؟ هل عرفت المغالطة عندما يحاكم المخلوق خالقه وهو يقول انه خالق كل شيء؟! ركز لي في هذه النقطة بعقلك.

الباحث عن الحقيقة لا يبدأ من الإلحاد, بل يتبع العيّار إلى باب الدار, فإن ثبت وجود إله وإلا ذكر لماذا, الملحد متثاقل عن التفكير يريد أن يدس رأسه ولا يكلف نفسه بالبحث, ويتحجج بحجج غير منطقية ويحسب أنه عقلاني، مع أنه قام بأعمال غير عقلانية. العقل يدل على وجود إله، هذا هو المهم في الموضوع ، أما إذا كان لا يدل على وجود إله فقل لنا, وإذا العقل يدل على وجود الشيء من لا شيء قل لنا, وإذا كان يدل على أن الصدف العمياء تبني ولا تهدم قل لنا. بحثـُنا هل يوجد إله أم لا ، وليس محاكمة الإله بمنطقنا لماذا خلق البشر وقرر اختبارهم . الإله يفعل ما يشاء ، وعلمه اوسع من علمنا، المهم انه عادل معنا.

أنت هربت عن الأولى لأنها ضدك ، فالعقل يثبت وجود إله وذهبت للثانية متوقعا أنك كسرت الأولى بالثانية، لكنك كسرت منطقك ونسيت أنه يسمى خالق كل شيء ، أي حتى عقلك هو خالقه ويعلم ما لا نعلم وإلا كيف نسميه إله إذا كنا نحاكمه؟ المهم هل يدل العقل عليه أم لا, وهل هو عادل أم لا, أي المطلوب هو اثبات منطقي لوجود الله و اثبات أخلاقي ، وكلاهما موجودان ، والملحد يريد أن يتحايل عليهما. وهذا يذكرنا بالمجهود الشاق لهيوم الملحد ليتعسف نفي السببية! لأنها تدل على وجود الله,

كل هذ الطرح الالحادي لا يستطيع ان يعيش بدون مغالطات، لا ادري لماذا .. أنت تقول هذه حياة كلها بؤس على الجميع، وبنفس الوقت يتمسك الملحد بالإلحاد بسبب إباحية الشهوات ! التي يرى انها سعادة و لذة! ويطالب بالانغماس في لذة اللحظة وعدم تفويت متع الحياة التي يسميها تعيسة ! أي تناقض هذا ؟ كيف تكون حياة كلها بؤس ويتهالك الملحد على لذاتها؟ ما دام انها كلها بؤس كيف يكون فيها لذات تستحق ان يخالف الانسان فيها دينه وعقله واخلاقه ؟ القرآن لم يصور الحياة بالتعاسة والبؤس، قال عنها (لعب ولهو وزينة وتفاخر وتكاثر) وهذا هو واقع الحياة العلمانية وليسوا واضعين أيديهم على خدودهم من التعاسة ! وقال ايضا (لقد خلقنا الانسان في كبد) أي تعب ومشقة.

لا تصوّر لنا الأمور بطريقة جزئية .. رجاء احترم عقولنا، الحياة ايضا مليئة باللذات للجميع، والامنيات، وايضا مليئة بالشقاء والتعب، ارحمنا من النظرات النصفية للأمور، تكلم عن الحقيقة بكاملها لا بنصفها، من الصعب ان اتابعك والاحقك واصحح لك كل فكرة تقولها، تستطيع انت بنفسك أن تكون منطقيا وعلميا،

مرة تنظر الى النصف السعيد اذا تكلمت عن الدين، واذا تكلمت عن الخلق تكلمت عن النصف التعيس! الحياة مخلوطة، وليس يحكمها وصف واحد، فيها الشقاء وفيها الراحة، وفيها اللذة وفيها الالم ، وليس فقط الالم، فيها الهدوء وفيها الصخب، فيها الأمن وفيها الخوف، فيها الحب وفيها الكره، فيها الصحة وفيها المرض، فيها الغنى وفيها الفقر، وهذه ثنائية الحياة، وهي تشمل الجميع وليست محصورة على احد، فلا احد شقي على طول ولا احد سعيد على طول، لماذا انا بحاجة لأعلّمك هذه الحاجات البسيطة؟ معقولة انك لا تدري ام انك تدري وتتجاهل وتكيل بمكيالين؟ وهذه الثنائية نفس الثنائية التي نعرفها عن الله أنه شديد العقاب وأنه غفور رحيم، وأنه عنده جنة وعنده نار. الجنة والنار مختلطتان في الدنيا، اذن لا بد ان ينفصلا في الآخرة، كل هذا منطقي ومتسق. ولو كانت الحياة تعاسة خالصة كما تصوُّرها انت لما تحملها احد ولا ضحك فيها احد. قال تعالى (وأنه هو أضحك وابكى) .. 

إذن المشهد ليس مسرحية بؤس فقط، كن عادلا وموضوعيا ولا تدلّس على عقولنا فيما يعرفه الجميع. ثانيا : تقول أن للبشر المساكين الويل والثبور وعظائم الأمور ان هم اخطأوا عن غير قصد ! ثم تقرر أنه لا أحد يخطئ عن قصد ! يعني فكرتك انه لا احد يفعل الخطأ عن قصد، وهنا عدنا الى الخطأ في التفكير مرة اخرى. اذن لماذا المحاكم والسجون ؟ هل هي تعذّب بشرا ضعفاء وقعوا في الخطأ من غير قصد؟ عمم فكرتك حتى تكتشف خطأها، لا تقدم لنا افكارا غير معممة! لا تقدم فكرة ذات استخدام واحد !

النتيجة : أنه هناك من يفعل الخطأ بقصد، بدليل وجود العقوبات في الدنيا العلمانية، اذن كيف تقول ان الله يعاقب من فعل و أخطأ بدون قصد؟ من قال هذا؟ أليس الله يعلم بالسرائر؟ وهل هناك معرفة بالبشر أدق وأعدل من أن تُعرف سرائرهم؟ وهل هم يخطئون مع بعضهم بقصد ومع الله بدون قصد؟  ما لك كيف تحكم؟ كيف تفكر انت؟ وكيف تستطيع تدليس وتلبيس كل هذه الحقائق؟ القاضي لا يعرف السرائر ومع ذلك يوجه تهمة سبق اصرار وترصد.

ربهم خالقهم ويعرف ما في قلوبهم، وسوف يحاسبهم على ذلك، اين المشكلة هنا؟ هل أنت أرحم أو أعلم بهم و بذنوبهم من ربهم؟ هل كل من أخطا عليك تسامحه لأنه فعل الخطأ بدون قصد؟ لا تقدّم لنا الا فكرة معممّة حتى نحترم عقلك، وإلا فلن يقبلها عاقل، عمّم ثم قدّم، أما حكاية القص واللصق والتوصيف في الافكار، فهي لعبة باتت سخيفة ومكشوفة، حتى الآن ليس في طرحك ولا شيء واحد يتساير مع العقل ! ولم تسلم ولا فكرة عندك من النقد المنطقي المحايد وغير الشخصي، فهل يا ترى تفكر فيما قرأته، أم ترميه وراء ظهرك وتعود للببغاوية الالحادية التي تكرر نفسها بشكل ملل؟ دون أن تستطيع أن تدافع عن افكارها ولا ترد على منتقديها بالمنطق؟

وشكرا لاعتذارك لكنك لم ترد على شيء واحد قلته لك وليس البعض،  أي لا زال كلامك كله خطأ، وكلامي كله صح، ليس لأنه كلامي أو كلامك ، حكّم العقل فقط فيما قلنا، أو إسأل شخص محايد، أنا أريدك أن تكون أنت لا هم ، أريدك ان تفكر بعقلك الشخصي أنت، وتقيم ما كتبته لك، وتحاول ان ترد عليه بالمنطق، حاول ! ليس في عقلك عيب، حاول ! أنا أتحداك بالمنطق ! السبب : أنا لا استعلي عليك، السبب انك مخالف للعقل وانت لا تدري لانك تتبعهم بثقة وتحسب انهم على علم وتظن أن حججهم دامغة لأنهم "هم" الذين عندهم الأساطيل والصواريخ، بينما  "هم" ابسط مما تتصور، عقولهم اضعف مما تتوقع، أنا بضعفي سحقتهم وانتهيت لو تدري ..

رجاء دع الشحن والعواطف، وراجع الكلام من جديد، وامسك قلماً وحاول ان ترد بالمنطق وليس بتكرار ببغاوي، خطّئني ! أنا أتحداك ان تكتشف خطأ واحد ، هيا ! وعندما تكتشف سوف اقر لك فورا ولن أكون مثلك. لأني ابحث عن الحقيقة، وليس عندي نتيجة مسبقة أريد اثباتها كما هو الالحاد مبرمج أصلا على هذا الهدف.

شكرا لك .. وأتمنى لك الخير ..
 
 
ملاحظة ..

هناك خلط يحصل لدى الكثيرين بين الإلحاد كفكرة، وبين الدافع لإشهار الإلحاد أو الدفاع عنه ..

الدافع لإشهار الإلحاد والدفاع عنه هو دافع اجتماعي بالضرورة ..، لأن مفاهيم مثل الله والدين والإيمان، لا يعرفها الإنسان أساسًا إلا بواسطة إنسان آخر، ولذلك ما كان ولا يكون الإلحاد يومًا إلا ردة فعل - دفاعًا عن النفس والعقل،

الرد : هذا خطا ايضا، لأن كل الشعوب بحثت عن الله ، حتى التي في الجزر النائية عن المجموع البشري، والالحاد هو المحتاج أكثر لزخم إعلامي وبشري تسنده قوة اقتصادية ضخمة، لانه هو الغريب على شعوب الارض، ولو كان كلامك صحيح لوجدت الشعوب الملحدة في كل مكان في العالم، خصوصا في الاماكن النائية، لكن العكس هو الصحيح، اذن افكارك كالعادة بينها وبين الحقيقة سوء تفاهم. وليس صحيحا أن الالحاد يدافع عن نفسه، بل ليس له شغل الا مهاجمة الدين اصلا، لأنه يخفي نفسه ويهاجم الدين، أي العكس تماما 100% مما تقول،

انظر الى حالك مثلا: أنت الان تهاجم الدين، بل أنت من بدأ الحوار ودخلت على موضوع يتعلق بالدين، لتنتقده وتهاجمه، ثم تقول ان الالحاد فقط يدافع عن نفسه ! شيء عجيب ! حتى بنفسك لا تعرف ؟ ما هذا التغييب ؟ صدق الله عندما قال (نسوا الله فأنساهم أنفسهم) ، وهذا معنى نسيان النفس : الوقوع في المغالطات وأن تكون نفسك وسلوكك شاهد عليك وليس لك ! ألم اقل لك أن الإلحاد مثل الطمع يُذهِب ما إنجمع ؟! يُذهب معرفتنا بموقعنا ومعرفتنا بالعقل وبالاخلاق وبالعلم وبالتاريخ وبالواقع، إنه أفيون يشل كل القدرات العقلية . الإلحاد هو أفيون الشعوب وليس الدين الذي بنى الحضارة والقيم .

أما لو تصورنا إنسانًا يعيش وحيدًا فلن يخطر بباله إلحاد ولا إيمان، ولو كان الأمر غير ذلك لتُرِك الناس اليوم ليتساءلوا بأنفسهم بدل نشر الأديان وفرض الإيمان بالسيف والإغراء والتخويف والتسفيه!

الرد :

كلامك هذا كله غير صحيح، هي مجرد افتراضات من عقل مادي، بل ان الإنسان وهو تابع لدين تأكله الشكوك في هل أن مذهبه وفهمه وفهم مجتمعه صحيح أم لا، فما بالك ألا يكون له أي دين أصلا ؟ أنت تقارن الانسان بالبهيمة، والانسان انسان والبهيمة بهيمة. البهيمة هي التي لو وضعتها في جزيرة لن تفكر الا في بطنها وفرجها.

وُجدت أقليات صغيرة في جزر نائية ، ومع ذلك وُجدت معابدها وعقائدها، من كان سيجبرهم على التدين وهو لم يأتيهم غزاة ولا يوجد إعلام؟ فكر وتأمل .. ولا تخبص الأمور بخبط عشواء . اين هي شعوب الالحاد في العالم قبل القرن الثامن عشر الذي سيطرت فيه الراسمالية اليهودية على اوروبا لتبعد المسيحية التي تعادي اليهود وسيطرتهم ؟

ثم ألستم أنت تقولون بأنفسكم أن الإنسان هو من اخترع الدين بدافع الخوف؟ وهذا الإنسان الوحيد في الجزيرة كما تقول : أليس إنسانا؟ لماذا لا يخترع دينا كما فعل الانسان السابق؟ هل رأيت القصور العقلي في الطرح الالحادي المستورد على علاته ؟

أما الإلحاد كفكرة فهو أمر منطقي في مقابل الإله الديني، وليس في مقابل الإله الحقيقي الذي لا يعرفه أحد ..

الرد :

"الالحاد منطقي ويوجد اله حقيقي لا يعرف عنه أحد" !! هذا تناقض لغوي ! الالحاد يقول : لا يوجد اله ! لا حقيقي ولا يحزنون، واذا كنت تقر بوجود اله حقيقي فهذا يعني أنك ربوبي .. أنت لم تحدد هويتك حتى الان، اللاديني أيضا غير منطقي، وعقلانيته ناقصة، و إلهه ليس منطقي ولا رحيم ، كيف يخلق البشر ويعطيهم التمييز ويتركهم يتخبطون بدون رسالة ؟ ما الذي يضره أن يوضح لهم طريقا سليما للحياة؟ ما دام انه لم يجعلهم مثل الحيوانات تسيّرهم الغرائز فقط؟

التمييز يرفعك عن مستوى الحيوان، وعدم وجود رسالة الهية يجعل الناس في حالة تخبط ونقص تجعل الحيوان اكثر سعادة منه، لأن الحيوانات تعرف طريقها والانسان لا يعرف، التمييز يحتاج الى رسالة توضحه، بعبارة أخرى : التمييز شعوري بالاحساس والفطرة، والرسالة تخاطب العقل وتتحد مع هذا الإحساس وينسجمان مع بعض، فالرسالة ترجمة للتمييز والاحساس ولوضع النقاط على الحروف. لا قيمة لعقل لم يوافق التمييز والاحساس .

هذا الاله الربوبي هو القاسي، وهو المهمل وهو الذي لا يعاقب الخاطئين ولا يشكر المحسنين، ولا يكترث لما يجري لخلقه، وهذه عيوب ، والاله ينبغي ان يخلو من العيوب والنقائص، اذن فكرة الربوبية اللادينية فكرة ساقطة وناقصة ولا يقبلها العقل ايضا، وان كانت اخف جنونا من عقلية الالحاد المتهور ..

الإله الديني لا يمكن أن يكون حقيقة، لسبب بسيط وواضح وهو سذاجة الفكرة ..، لكن لم تكن هناك حاجة للمساس بمشاعر المؤمنين لولا تطاولهم على حقوق وعقول الناس بحُجَّة أنهم مأمورون من قِبل ذلك الإله!

الرد : هل انت على قدر او مستوى ان تشرح هذه السذاجة ؟ وتقدم البديل عنها؟ إن لم تستطع فأنت الساذج! وان استطعت فهي الساذجة وانت الألمعي ! الا يكفيك حجم الاخطاء العقلية التي كشفتها لك في الالحاد والتي لم تستطع ان تجيب عنها وتتهرب منها، وكشفت لك الاخطاء العقلية في الربوبية، وبعد هذا كله تكون فكرة الاله ساذجة ! ما هو غير الساذج والمنطقي ؟

لكن إستعمل كلمة : لأن كذا وكذا وكذا، ولا تلقي بالكلمات وتمشي ! لأن هنا مكان يُحاسب فيه عقلك .. لا تراعي شعورنا الديني، هيا انتقد بالمنطق واثبت بالمنطق صحة بديلك ! لن تستطيع ، لأن كل افكارك قد تم احراقها بالكامل، فماذا بقي عندك ايضا ؟ سوى رمي الكلمات بدون تفصيل .

بل الالحاد هو الساذج والسخيف والتافه والغير منطقي، بل هو عقلية صبيانية، انها عقلية تجار الفوط من اليهود في اوروبا، لا تعرف عن الانسان أي شيء، وأنا لا اتكلم من فراغ، انظر الى ردودي على الملاحدة في المدونة، اذهب و أقم أي واحد منهم بعد أن تمت تسويته بالارض .. بعد هذا تأتي وتقول : فكرة ساذجة ! لا يقول هذه الكلمة الا من يقف على ارضية صلبة من الفهم، ومعذرة لك و لنادي اكس : ليس عندكم أرضية صلبة ، بل ان بيتكم اوهن من بيت العنكبوت ومخالف للعقل بالكامل، وعلى من يريد ان يلحد ان يتخلى عن عقله اولا ..

لستَ أعرَف ولا أدرَى من اجيال البشرية وخبراتها من آلاف السنين، لو كان الالحاد شيء لألحدوا .. والالحاد هو محاولة تفريغ من كل ما وعته البشرية في رحلتها الطويلة، الالحاد هو فراغ بعد هدم و دمار لكل قيم البشر. وأنا أخبرك : لن يدوم. بل حتى على مستوى الفرد الملحد لن يدوم ولن يستطيع، وسيظل يكافح الدين ومتعلقاته في داخله هو، بل ان بعضهم يمارس الدين في الخفاء حتى لا يراه اصدقاءه الملاحدة. من يستطيع ان يعيش بعقلية مادية جامدة لا روحانية فيها ولا اخلاق ولا قيم ولا ثوابت ؟

العالم يعيش الان رحلة عودة الى الدين، حتى في الغرب.

أما الإله الحقيقي الذي يمكن تسميته سر الوجود، والذي ربما يمكن تعريفه أو تصوره من خلال الفيزياء النظرية – مثلاً ..، هذا الإله لا معنى للإلحاد تجاهه، سواء أسميناه قوانين طبيعة أو جاذبية أو طاقة أو بوزون هيقز أو .. الخ ، ولا أحد يدعي معرفته إلا افتراضًا وفلسفةً، وحتى ادعاء معرفته لا يترتب عليه مسئولية عامة ..، فالمسئولية في علاقتنا بالإله هي التي استوجبت التحقق من وجوده - منطقيًا على الأقل وليس بالضرورة عمليًا ..

أن تظل الغاية من الوجود لغزًا قائمًا إلى الأبد، أو يُفسرها كل إنسان حسب رؤيته وقدرته، ويتفق البشر على قواسم مشتركة واقعية يدركونها جميعًا لجعل حياتهم أفضل، هو خير من افتراض غاية موحدة لا منطقية، خاصة إذا ترتب على هذا الافتراض استغلال ومآسٍ وآلام كالتي نراها عند المسلمين، أو دروشة فاضحة كالتي نراها لدى من يقدسون القردة والفئران والصخور والمواقع الجغرافية .. الخ!

الرد :

القواسم المشتركة في الحياة موجودة اصلا، حتى في ظل الاديان. انظر الى الهيئات الدولية والقانون الدولي، كلها تأخذ طريقها دون النظر الى معتقدات الناس وطلب تغييرها كما يفعل الالحاد، الذي يقول انه ليس دين، بينما يشترط لنجاح الحياة : تخلي الناس عن اديانهم حتى تتحسن معيشتهم !

ثم ما الذي يزعجك من منظر انسان يتعبد على الطريقة التي يراها؟ ولماذا تتضايق من كونهم يقدسون اماكن جغرافية او حيوانات؟ لماذا لا ينشغل الملحد بنفسه ؟ أليس يؤمن بالحرية ؟ هل تحوّل الملحد إلى رجل شرطة دينية ؟ أين احترام معتقدات الناس وانت تسخر من مقدساتهم؟ هل يؤذيك أن هندوسي يقدس البقرة مثلا ؟ هل هي بقرتك ام بقرته؟ هل هي حياتك ام حياته ؟ كيف تدّعي اشياء بينما تقوم بنقيضها؟ أليس مبدؤكم : دعه يعيش دعه يمر ؟ اذن دعه يعبد ! ما دخلك ؟! (أرايت الذي ينهى عبدا اذا صلى) ، هل ضيّع وقتك أنت أم ضيع وقته هو ؟ اهتمامك به هو على حساب وقتك الثمين الذي يجب ان تستغله في اكتمال اللذة! لأن حياتك واحدة، وأجمل ما في الحياة اللذة ما دام انه لا يوجد أي هدف آخر .. اذن منطقيا تبقى اللذة.   

ايضا عندك مشكلة اختزال القضية في تسيير شؤون الدنيا، وكأن الدين جاء ليحل مشاكل الدنيا فقط ! وكأن البشر لا مشكلة عندهم الا جعل حياتهم افضل ! هذه مشكلة الملحد يعممها على الناس ! الملحد لا هم له الا حياته فقط! والمؤمن يعرف ان الحياة ستمضي، ويعرف ان ملايين البشر مضوا قبله، ويعرف انهم مضوا بخير او بشرّ، بعضهم ظالم وبعضهم مظلوم، ويعرف ان لذّاته السابقة ذهبت بسرعة ولم يستفيد منها شيء الآن إلا الندم ، الانسان عنده مشكلة الطريق والصراط، هل طريقه صحيح ام خطأ، ومشكلة المصير، وليست مشكلة الغائية والوجود، ويريد أن يعرف هل الموت هو نهاية المطاف مع ان المطاف لم يكتمل، الانسان يريد الطمأنينة والاستقرار الداخلي اكثر من كونه يريد الاثارة واللذة، كما تتصور الصبيانية الالحادية ، وما جرى في الحياة لم يتم تقييمه ولا الحكم عليه ولا الفصل فيه !

يموت اثنان كلٌ يدعي ان معه الحق ! متى سيُعرف الحق ؟ أم أن الامر انتهى هكذا ؟ لأن كل شيء نراه منظم ومكتمل، اذن لهذه الحياة حياة اخرى تكملها، يدفع الى وجودها المنطق والاخلاق، وهو نفس المنطق الذي اثبت وجود اله.

أيُّ من عقلاء العالم مستعد ان يضحي حتى بتحمّل حياة قاسية مقابل ان يرتاح وجدانه ويعرف الطريق الحقيقي .. مستعد ان يتنازل عن لذاته المقدسة عند الملاحدة مقابل الامان الروحي .. ليست مشكلة الناس الاولى تسيير شؤون حياتهم اليومية او آخر مشاكلهم، هذه مشكلة المادي الملحد الدنيوي ! نعم تهمهم لكنها ليست هي كل شيء، مشاكل الانسان اكثر مما يتصور الملحد، فالمشاكل عنده : فراغ لذّوي يحتاج لتعبئة مادية وينتهي كل شيء. الإنسان اوسع بكثير .. وبالتفصيل اكثر : بعض الناس، لأن البعض تنطبق عليهم نظرتك تماما ..

الملحد همه : أين اتلذذ هذا اليوم ؟ وما الذي افعله ويفعله ما حولي لتكون اللذة متكاملة ومغرقة في المتعة والاثارة ؟ لا يسأل عن الموت ولا ماذا بعد الموت ، بل ولا يسأل ولا عن ما هو ابعد من اليوم ، لأنه يعرف انه قد لا يكون له، إذن لأركز على يومي و أرنبة انفي. ولا يهمه ان كان على حق او باطل، لأنه لا يؤمن بوجودهما اصلا، فهما تابعان للدين، ولا خير ولا شر الا بما يتعلق بذاته، وذاته تعني اللذات فقط،

لا تختزل مشاكل البشرية في عقل المادي الملحد الذي أُريد له ان يكون ضيق، كل الامور التي يتناولها الدين يتناولها الملحد بضيق لدرجة الاجتزاء، لكن اذا تكلم عن الدنيا تكلّم بسعة ، وكأننا سنعيش فيها ألف سنة ! مع أننا ربما لا أكمل الاسبوع القادم أنا أو أنت ! الملحد يهتم بالزائل، والمؤمن يبحث عن الدائم ، فأيهما الاعقل؟ الزائل زائل، الحياة ستمر، حتى المتعة لا يعرفها الملحد، ربما تاتي في وقت تعاسة وفي وقت إعداد المتعة تحل التعاسة. والجميع زائل . وربَّ ملكٍ دُفن على بقايا شحاذ :

رب قبر قد صار قبرا مرارا ،، ضاحكا من تزاحم الاضداد ..

ودفين على بقايا دفين ،، في قديم العصور والآماد ..

انتهى .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق