الاثنين، 11 أغسطس 2014

رد على تعليقات موضوع اسبينوزا وابن رشد 2 (7 من 8)



أنت ترى وتعلم ماذا يحدث في السعودية وإيران واندونيسيا وغيرها من بلاد المسلمين، حيث الشرطة الدينية تطارد الناس في الشوارع وتكرههم على الصلاة والصوم وغيرها!

من ناحية الصدق والأمانة وحسن المعاملة، هي سلوك فطرية تولد مع الإنسان، وتنميها أو تعرقلها البيئة والمعطيات والخبرة ..، لا يصنعها الدين ولا الإلحاد
!

الرد : هل تستطيع أن تشرح بدقة هذه العبارة ؟ أم أنها كلمة تقال وانتهى الأمر كبقية الكلمات الالحادية غير المدروسة ؟ لن تستطيع ان تشرحها وتصمد للأسئلة والتناقضات، اذن هي جملة غير علمية، إما أن تفلسفها أو أن تنسفها .. و إما ألا تتركها وتظل كما أنت براحتك ..

ثم كيف تنمّي البيئة الصدق ؟ وكيف تعرقل البيئة الصدق ؟ اشرح بالأمثلة مشكورا .. كل بيئة فيها صدق و كذب .. هل سقطت هذه الفكرة أم لم تسقط بعد؟ إذن نتناقش فيها إن شئت .. هناك قابلية للخير وهناك قابلية للشر ، وهذا ما يفسّر هذا الاختلاف رغم البيئة الواحدة ..

(مايكو بيلد) جندي اسرائيلي والده جنرال في الجيش، ترك الجيش واختار ان يساند القضية الفلسطينية. بيئته اسرائيلية عسكرية يهودية، قفز 180 درجة ليقف مع حق الفلسطينيين في العيش على ارضهم .. و ذهب ليعيش معهم ويتظاهر معهم في رام الله ، و ألف كتاب بعنوان (إبن الجنرال) ..

السؤال هنا : أين تاثير البيئة ؟ بنظريتك لا تستطيع أن تفسّر سلوكه، أما في نظريتي فهو سهل جدا : روحه روح خيرة، لم تتحمل إلا أن تبحث عن الحقيقة لأنها لم تجد في بيئتها حقيقة، و رأت ان الحق مع الطرف الآخر، وتعبت لأنها بعيدة عن الحق واستراحت لأنها صارت قريبة من الحق رغم المتاعب التي واجهته، إلا أنه وجد راحة قلبه وضميره، و ترك الراحة والمتعة الى التعب ..

وبالمقابل يوجد عرب و فلسطينيون يهللون لقصف غزة .. الكل يقرأ لهم ويستغرب .. أين تاثير البيئة ؟ أنتم تهينون الانسان بهذا التصور ، تتخيلونه جهاز كمبيوتر يُبرمجه من حوله ! هذا غير إهانة أن الجزمة اشرف منه لأن لها غاية وليس له غاية .. ألم اقل لك أن الملاحدة لا يعرفون الانسان ؟

اعتناق الدين لا يغير إعدادات الإنسان ..، فتجد بعضهم مسلمًا وكاذبًا وظالمًا .. فما قيمة الدين هنا؟

الرد :

هذا ايضا تلاعب بالألفاظ ، فما قيمة اعتناق بلا تطبيق ؟ أنت الآن تتكلم عن دين الهوية، لكن من يعتنق الدين حقيقة سيلزم نفسه بتعليماته، وأهم تعليماته تحريم الظلم والكذب وكل صور الأخلاق السيئة، اذن عكس كلامك هو الصحيح : اعتناق الدين الصادق يغيّر اعدادات الانسان. هذا منطقي جدا، عندما تعتنق دين يحرم الظلم ، فلن تكون ظالما، وإلا فعليك أن تتركه، فما قيمة اعتناق بدون ارتباط؟

لكن انظر الى الالحاد : ماذا يغير في اعدادات من يعتنقه ؟ هنا المصيبة ! يقول له : افعل ما تشاء فلا يوجد اله ! لكن احذر ان تضر بمصلحتك، واكذب وتملق فلا توجد مرجعية للأخلاق سوى المصلحة ! ما رأيك بمثل من يأخذ هذا الإعداد ؟ إعدادات الالحاد تدور حول محورين : أحدهما أقذر من الثاني : فالأول : إباحة جميع الموبقات، والمحور الثاني : إباحة النفاق لأجلها تحت مسمى البراجماتية ، موبقات + نفاق ! ماذا بقي للأخلاق ؟ لاحظ لا زلت أتكلم عن الالحاد وليس عن اشخاص . لو قلت ما الفرق، فهناك فرق بين المُجاهر والمُنافق، فالمجاهر أشرف درجة من المنافق رغم سوءه.

وتجد بعضهم ملحدًا وصادقًا وعادلاً .. فما ضرر الإلحاد هنا؟

الرد :

هذا لا يكون على طول الخط ، ثانيا : كيف تثق بصدقه وعدله وهو يحمل كل معاني الاباحية ويستطيع أن يستعملها في أي وقت ؟ أنأ اقول لك ايضا : تجد في جماعة اللصوص من يصدق معك إذا سألته عن الطريق، بل ربما يساعدك ان احتجته، فهل هذا جعله بريئا من اللصوصية ؟ ويجعلنا نأمن له ؟ ما دام يعتقد أن كل اموال الناس حلال له، هل تثق به ؟ السؤال لك ..

المشكلة مشكلة المعتقد ، تجد شخص يؤمن بافكار التفرقة العنصرية، لكنه لم يسجّل عليه أي اعتداء على احد من المسلمين او من السود، فهل يعني هذا أنه لن يسيء ابدا؟ وهل أنت تتابع كل ملحد طول حياته مع كل الناس حتى تعرف أنه كريا بريئا طاهرا نقيا؟ نحن لنا ما يُعلَن، والملحد يعلن ماديته وأنانيته وإباحيته، فكيف نأمنه؟! هذا السؤال ..

ايهما تأمن على محارمك و على نفسك: من يقول : أن الزنا حرام، أم من يقول : أن الزنا حلال ؟ من يقول : يجب العدل ، أو من يقول : استغل كل شيء لصالحك والبقاء للأقوى؟! حتى لو لم يفعل ذلك ! المشكلة في الشعار .. من يقول أن الأخلاق أساسية وسوف يحاسب الله عليها، هل هو مثل من يقول أنها عبثية وناقصة ولا يمكن الفصل بين الخير والشر؟!

من أمن العقوبة أساء الأدب كذا يقولون، المؤمن يخاف من عقوبة إلهية، والملحد آمن من هذه العقوبة. فأيهما يجب أن نحذر منه أكثر ؟ أتكلم بالمنطق .. من عنده تعليمات اخلاقية يقر بها ويعتقد أن إلهه يراقبه، ويخاف أن يرمى في النار ، كيف تجعله مثل من لا يقر بشيء لا بأخلاق ولا اله يراقب ولا عقاب ينتظر ؟! هل تكون المخرجات بدرجة واحدة و دائما؟ إذن أين العقل ؟ لا تقل لي : هناك مسلم يفعل ، هناك مسلم لا يفعل .. أنظر على الاقل إلى المجمل . المسلمون رغم كل عيوبهم هم الاقل تناولا للمسكرات والمخدرات في العالم، وهم الأقل في القمار والزنا والشذوذ، وفي إحصاءات بريطانيا أكثر فئة دينية تتبرع للفقراء هم المسلمون، وهم الاقل انتحارا والاقل امراضا نفسية بالنسبة إلى الملاحدة.

هذا على العموم، إذا جئنا للخصوص، نجد مسلما يعادل ألف ملحد ، كما نجد ملحدا يعادل ألف مسلم .. أنت تتكلم عن من يعتنق الدين بالاسم أو بالمصلحة، وانا أتكلم عمن يعتنقه حقيقة, وأنت تريد أن تخلط الورقتين وتلصق إحداهما بظهر الأخرى لتبدوان ورقة واحدة, كما يلعب لاعب الورق المخادع.

الفيصل هو حين يريد الإنسان أن يكون صالحا : أيهما أفضل له ؟ طريق الإسلام الذي يأمر بالخير ويشجع على عمل الصالحات ويحرّم الظلم والكذب ..الخ ويعد بجزاء عليه، أم طريق الإلحاد السبهللا الإباحي ؟ سؤال لعقلك ما دمت عقلانيا .. لا ترجع تحتج علي بأنه يوجد مسلمين لا يطبّقون، أنا اقول لك بل يوجد منافقين مسلمين، ويوجد مسلمين يحبون الإلحاد أكثر من الإسلام عندما نتكلم عن إسلام الهوية والنشأة والنسب. الحكاية حكاية اعتناق حقيقي متبصر، ملتزم قلبا وقالبا .. هل يكون الشخص أفضل إذا طبق مبادئ الإسلام أم إذا طبق مبادئ الإلحاد والإباحية ؟ سؤال لعقلك وضميرك .. اذن النتيجة هي أن أسوأ الأديان افضل من دين الالحاد، لأن ذلك الدين لابد وأن يأمر ببعض الصالحات وينهى عن بعض الرذائل، وهذا جميل بحد ذاته.

المشكلة فيما ليس له مبدأ ولا ذرة من الأخلاق، هنا المشكلة . ومَن أساس نظرته عالم الحيوان. وعلى هذا فالإلحاد هو الأكثر كفرا من غيره، وهو الأقل أخلاقا من كل الديانات, لأن لها قوانين أخلاقية والإلحاد لا قوانين أخلاقية له سوى المصلحة ونفاق المجتمع بما يؤمن به من أخلاق ..

أخلاق الفرد الملحد ليست من إلحاده، لأن الإلحاد لا يأمر بالأخلاق، هذا كلام واضح وصريح ومنطقي ولا يمكن تخطئته. فلا تفتخر ان هناك ملحد لديه اخلاق، قل هناك شخص لديه أخلاق وهو ملحد .. لأن الأخلاق أصلها من الدين وليست من الإلحاد .. المفترض أن هذا الموضوع واضح جدا والإعادة فيه لن تكون إلا تكرار.. أنت تريد ان تجعل للتمساح قصرا وللغراب عُرفا ! الإلحاد هو أبعد شيء عن الاخلاق ولا كلمة له في الأخلاق سوى النقد والتهميش، وتصرون على إلصاق الاخلاق بالملحدين! ترى لماذا هذا الإصرار؟ إنه يكشف تخوف الناس من الملاحدة أن يكونوا بلا أخلاق تبعا لدينهم, وكأن الملحد يريد أن يطمئن من حوله أنني لا اريد أن أطبق عليكم مبادئي التي لا تعرف إلاًّ ولا ذمة! ولا تؤمن لا بالوفاء ولا بالفضيلة بل ترى كثيرا من الفضائل عبارة عن رذائل ومركبات نقص. تلصقون الأخلاق بالملحدين ليس لمدحهم شخصيا بل لمدح الإلحاد وهنا المشكلة ! وكأن الإلحاد يدرّس الأخلاق أو يجازي عليها، وهو الذي يسخر بها ويراها عائقا في وجه الحرية، إلا إذا كانت تؤدي لمصالح مادية فيجوز تبنيها نفاقا حتى حين، على طريقة الأخلاق التجارية ..

هذا موضوع واضح جدا ، ولا تستطيع أن ترده، لكن تستطيع أن تكرر نفس الاسطوانة: لماذا يوجد متدينون أخلاقهم سيئة ؟أعود وأقول لك : انهم لم يلتزموا بدينهم ، ثم تقول : لماذا لا يلزمهم دينهم، أقول لك : دينهم أفكار وليس حكومة تحمل سياطا و أسلحة ..! وبأيديهم أن يطبقوها أو يهملوها.

لا يملك المؤمن أكثر من اعتناق الدين، فإذا لم تتغير إعداداته فما ذنبه؟

أنا أقول أنه بإمكان البشر الاتفاق على أخلاق ومبادئ معينة، تضمن لهم حياة جميلة مستقرة ..، لكن القول بأن الأخلاق والمبادئ لها أصول كونية أو جذور في نفوس كل البشر، هو ما جعلها موضع اختبار لا موضع تنفيذ، وبالتالي فشلت
!

الرد :

أفهم منك أن الأخلاق سطحية وليست لها جذور عميقة في النفس البشرية, من كانت هذه مقدمته كيف سيحافظ على الأخلاق بعد الاتفاق؟ أنت تراها سطحية وليس لها جذور, وكل سطحي تافه, كل عاقل يذهب لما له جذور في النفس. نظرة الإلحاد للإنسان كما قلت دائما سطحية وغير واعية بنفس الإنسان لأنها ترى أنه آلة متطورة بالصدف. من السهولة على عقل الملحد أن يتصور وضع قائمة من الأخلاق المبتكرة يتفق عليها والمفاهيم الجديدة الجميع وينتهي الأمر! مادامت المسألة بهذه البساطة لماذا لا نضع قائمة جديدة للعقل والمنطق؟! ونجعل اليمين فوق واليسار خلف! ما المشكلة؟ لا مشكلة عند الطرح الملحد! ولماذا لا نغير أذواقنا؟ لماذا نحب الجمال؟ لماذا لا نحب القبح أيضا؟ وهذا ما فعلته مدارس القبح الفنية والأدبية الملحدة كبيكاسو وكافكا وغيرهما,  لماذا هذا التقييد الذي يقف في وجه الحرية؟ لم لا نحب الروائح الكريهة؟! الروائحة الجميلة قيدت حريتنا! لم لا نصنع قامة جديدة فيها عطور كريهة الرائحة؟! .. وهكذا نبدل ونغير في الإنسان بكل بساطة إلحادية!

هذا الطرح يثبت لك استهانة الإلحاد بالأخلاق والإنسان بعد عبادة المادة. لاحظ أنه يريد أن يغيرها ويقدم باقة جديدة على مزاج أبو رأسمال! الإلحاد يحتقر الإنسان ويحتقر قيمه ويتلاعب بها . سام هاريس ينادي بالتخلص من كل الأخلاق القديمة وإيجاد الأخلاق العلمية كما يقول (موضح ضحكة للعاقل وموضع سجدة للملحد)! رافعا علينا شعار العلم الذي تعود أن يسكت الناس به! أي يريد ان يغير قيمة الوفاء ويجعلها رذيلة, فيكون الغادر أفضل من الوفي والكاذب أفضل من الصادق, هذا معنى رفض الأخلاق القديمة.

حتى لا أتفلسف عليك, قدم أنت هذا البديل حتى نرى.

ثم ما الذي يلزمكم بكلمة أخلاق بعد أن مزقتموها كل ممزق؟ كما أزعجكم الدين سابقا صارت الأخلاق تزعجكم لاحقا, وانزعاج الملاحدة من الأخلاق دليل على ارتباط الأخلاق بالدين وأنها جاءت منه مثلما انزعجوا من المنطق لارتباطه بالدين, ويضايقهم أن تأثير الدين سقط لكن تأُثير الأخلاق لم يسقط بعد. بسطحية الإلحاد يتصور أن الأخلاق شيء والدين شيء آخر, وما الدين أساسا إلا أخلاق مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات, ومنطق سليم مع الجميع. ما أكثر العوائق في طريق الإلحاد!

العائق الثالث في طريق الإلحاد بعد الدين والأخلاق هو المنطق, لأنه يقف في طريق الصدفة وفي طريق الوجود من لا شيء ويقر بالسببية عدوهم اللدود. هم لا يعرفون أن الأخلاق عبارة عن منطق, والجميع عبارة عن حق والله حق بقوة المنطق والأخلاق. إذن يجب أن تنزع كل شيء حتى تكون ملحد! انزع! أليست الحرية شيء جميل؟ استمر في النزع حتى لا يبقى شيء!

الفوضى أسوأ قيد لو تعلم, انظر للسيارات في حالة فوضى وانظر إليها في حالة نظام أيهما أكثر حرية؟ إذن الإلحاد يصنع لنفسه المشاكل في بحثه عن المتعة واللذة التي تودي به للعذاب, ويقع في قيود الفوضى التي تفرضها الحرية الزائدة, لأن كل حرية تصنع فوضى بقدر معين, وأعلى درجات الفوضى هي أعلى درجات الحرية, وفي تلك المنطقة سيكون العقل في خبر كان..

على الإلحاد أن يقف بنفسه ويدع عنه الاختباء وراء عباءة العلم فالعلم نتاج الجميع على عكس الإلحاد الذي رفضه الجميع, إلا فئة مستنفعة.    

القول بأن الدين من عند الله، هو ما عطَّل عقول البسطاء، وجعل الحذاق يستغلونهم ويقودونهم كما القطعان!

النظريات البشرية يعتنقها البشر طواعية، ولا يترددون في تركها حالما يثبت الواقع فشلها أو ضررها ..،

الرد :

هذا كله لا يعني تفريق, حتى لو قلت أن هذه تعليمات إلهية, هل تستطيع أن تلزم من لا يريدها؟ طبعا لا, أنتم ملاحدة وخرجتم عن التعليمات الإلهية ولم تقيدكم, فأنتم مثال على خطأ فكرتكم فكلكم رافضون للأديان وتقولون أن الأديان تلزم!

ومن قال لك أن التعليمات البشرية لا تلزم؟ أو انه يمكن رفضها في أي وقت؟ ألم تكن الشيوعية كتابا مقدسا يوما من الأيام؟ وما قصة الستار الحديدي إلا مخافة الخروج على تعليمات الشيوعية المقدسة. لو كان الإنسان لا يُفرض عليه إلا باسم الله لكان كلامك صحيح, لكن الواقع غير ذلك, فيُفرض على الناس نظريات غر منطقية لخدمة الإلحاد بقوة العلم والدولار والإعلام والجامعة.

الحقيقة أن أفكار البشر هي التي يصاحبها الإلزام لو تتحقق, فموسى يعرض الإيمان باسم الله وفرعون يقول لا أريكم إلا ما أرى! ويقتل السحرة لأنهم آمنوا برب موسى قبل أن يأذن لهم! هؤلاء هم البشر يستعملون السلطة والقوة للإلزام, أما الله فهو غني والغني ليس محتاج للإلزام, فكرة بسيطة. انظر إلى الإلزام المذهبي الذي صنعه البشر في الأديان وحرب المذاهب أشد من حرب الأديان, وإذا قلنا مذاهب نقصد الديني وغير الديني فانظر لضراوة العلمانية وإلزام الناس وماذا فعلت في تركيا وتونس وفرنسا وغيرها حتى ملابس الناس تتدخل فيها بقوة العسكري. أما الدين الإلهي فهو غير ملزم : {من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}, الدين الإلهي فيه التزام وليس الزام فلا تخلط بينهما, هذه النسخة الإلهية ودعنا من النسخة البشرية للدين. إذن عكس كلامك هو الصحيح البشر هم الذين يلزمون والله لا يلزم. انظر لإلزام الداروينية في جامعات ومدارس الغرب باسم الإله الجديد وهو العلم, مقابل ذلك حرب على كل مظهر ديني في المدارس, حتى شجرة الميلاد تُخرج من المدارس الابتدائية في أمريكا! أليس هذا إلزام باسم اللا إله؟

و إن قلت أن الدين لا يمكن تغييره أقول لك بل هو لا يتوقف عن التغيير تبعا للبشر الذين يترجمونه ويفهمونه, مثله مثل المبادئ, فالإلحاد أو الليبرالية أو العلمانية أو الديموقراطية هل يمكن تغييرها؟ كلها عقائد ثابتة ولها أتباعها الدائمون ولها مبشرون, لكن طريقة النظر إليها تتغير مثلها مثل الدين, وهي عقائد ومذاهب, فكل من يرى أنه هو الحق وسواه باطل فهو دين, وهذا ما يفعله الإلحاد والعلمانية مثلما تفعل بقية الأديان. أنت ملحد وترى أن الإلحاد هو الحق الوحيد وكل ما سواه باطل وتعد بجنة أرضية إذا اعتقد الإنسان دينك, ثم تقول ليس لي دين وأنا أقبل الجميع! ما هذا التلاعب بالمتناقضات؟! 

انظر إلى المسيحية مثلا أو أنواع الإسلامات وكل يوم تنزل أفكار جديدة عن الدين يقبلها من يقبلها ويرفضها من يرفضها.

دائما عكس كلام الملحد هو الصواب, هذا من واقع الملحد وليس تهجم. وإن شئت مثالا فهذا الذي نتكلم فيه مثال.

  ألم يفرض ستالين نظرية بشرية بقوة الحديد والنار؟ فرض الإلحاد وراح نتيجة ذلك الفرض خمسين مليون من البشر بعد ان هدم المساجد والكنائس هو وأتباعه المتعصبون لفــكــرة بــشــريـة يلزمون الناس بها! لو ان هذا حصل بسبب الإله لقلت أنه بسبب الإله, لكن ليس هناك إله بل كتاب رأس المال لشخص ملحد يهودي اسه ماركس, وكل هذه الدماء تحت شعار "لا إله والحياة مادة", هل رأيت الإلزام بدون إله؟! اين لإله في هذا الموضوع؟ إذن هذا الاعتراض ساقط.

 والإيمان بوجود إله يحترم العقل لأنه هو الذي استنتج وجود إله وبالتالي سيستمر هذا الاحترام للعقل. وليس بغريب أن كل الحضارات نشأت حول الأديان وليس حول العلمانيين الهمجيين والغزاة النفعيين الزمانيين, و تاريخ الحضارة شاهد بذلك, إذن الدين هو الذي بنى العقل ولحضارة مثلما بنى الأخلاق والذوق, صدق أو لا تصدق وهذا التاريخ أمامك. العرب قبائل بدوية أمية علمانية لا تؤمن إلا بقوة والحاضر يسرق بعضها بعضا ويقتل بعضها بعضا, صنع منهم الدين قوة حضارية وعلمية كانت هي السبب في تطور أوروبا. إذن كيف تقول أن الدين يشل العقول بينما كل الحضارات والعلوم نشأت في أروقة الدين؟ أعد النظر ولا تبني أفكارك على أخطاء واضحة, فأكثر شيء يؤثر في العقل أن تكون المسلمات فيه معطوبة أو خاطئة, وكل ما يبنى على خطأ ينتج خطأ. هل يصلح أن يتكلم الإنسان هكذا رغم أن كل شيء ضده؟! التاريخ يقر أنه لم تظهر الكتابة ولا الكتب والمدارس والتدوين إلا حول المعابد, فهل نغير تاريخ الحضارة حتى يكون كلامك متسق ويشهد له التاريخ؟! رفض الدين ينبغي ألا يؤدي إلى رفض العقل ومنطقه والتاريخ وحقائقه. كل من أراد أن ينسف الدين نسف عقله ولم ينسف الدين.

 وعلى الأقل لا يُقتل منتقدوها ، وبالتالي تجد من ينبه الناس إلى أخطائها ..، وهذا ما لا وجود له في الدين!

الرد :

الدين كذلك يعتنقه البشر طواعية ويخرجون منه إذا وجدوا أفضل منه واقرأ تاريخ الأديان, كم من مسيحي صار مسلم وبوذي صار هندوسي أو مسلم ومسلم صار مسيحي..., بل جماعات وأمم, هذا يحصل كل يوم! ألست اقعي؟ ألست مسلما ثم ألحدت؟! حتى بنفسك لا تستدل؟!

ومادامت النظريات البشرية تقبل النقد لماذا قتلت الشيوعية الملايين من البشر تحت شعار لا إله؟ ولماذا منظمات عداء السامية لا تقبل النقد لإسرائيل أو الصهيونية؟ أليست بشرية؟ بل ولا أي فرد ينتمي لعنصر اليهود حتى ولو كان مخطئا, فلو أخطأ لا تقل فعل اليهودي بل قل الأمريكي أو البولندي, وإن أصاب فقل فعل اليهودي, إن لم تقل إذا أصاب فعل اليهودي وقلت الأمريكي أو البولندي فأنت تعادي السامية لأنك هضمت القوم حقهم, ومن يدري فربما تفكر في إحراقهم يوما من الأيام! و من يفعل الصغيرة يفعل الكبيرة هذا إذا سميناها صغيرة!! أليس هذا إلزام بشري؟ بل تحاكم وتسجن من يشكك في أرقام محرقتها المبالغ فيها, أو من قال أن أفران الغاز هي أصلا لإحراق الجثث حتى لا تنتقل منها الأوبئة, ولم تصنع خصيصا لإبادة الشعب اليهودي في ألمانيا. و في أي بلد ماذا سيحصل من يتهم في ولائه الوطني؟ ما زلنا في عالم البشرية. بل حتى نقد المذاهب ولو كان معتمدا على النصوص الألهية قد لا يقبلونه وقد يجرمونه, أي يرفضون كلام الإله نفسه! إذن المسألة مسألة بشر وليست مسألة إلاه في موضوع الإلزام, ففتش عن البشر في الالزام وليس إله, هذه الخلاصة, البشر قد يقتلون المرتد عن الإسلام بينما الله يقول {لا إكراه في الدين} هذا مثال أن المشكلة في البشر وليس الإله, لأنهم يلزمون ليس فقط في جاء الدن بل في كل ما تتعصب له المجموعة سواء أعراف القبيلة أو الوطنية أو القومية..إلخ. وما هي الخيانة العظمى التي يعدمون عليها إلا إلزام أن تحب وطنك بالقوة! منطقيا من يحتاج هو الذي يلزم, فالقبيلة والحزب والوطن بحاجة لتكثير أتباعها لذا تعاقب من يخرج عنها, أما الإله فيستطيع ان يخلق خلقا غيرهم أحسن منهم, وطاعتهم لا تزيده ومعصيتهم لا تنقصه, {يا أيها الناس أنتم الفقراء والله هو الغني}.

أنت تنسى كل شيء وفقط تتكلم عن الدين. أليس نيتشه إمامكم في الإلحاد يطالب بقتل أتباع كل الأديان إذا رفضوا الإلحاد لأنهم لا يصلحون للحياة بسبب ضعفهم؟!(موضع ضحكة!). ألم يطالب سام هاريس بهرس المسلمين كلهم بالقنابل النووية لتكون لحياة أفضل بدونهم؟ كأنه يتكلم عن فئران! انظر إلى غطرسة الإلحاد وهو قد لا يحمي نفسه من طفل مسلم لو هجم عليه! ألم يقم الملاحدة بأعمال إرهابية ضد أتباع الأديان؟ ابحث عنها.

وليست كل الأديان تقتل منتقديها كما تقول, لا قديما ولا حديثا, هذا موجود في بعض المذاهب المتطرفة.

أنت تريد أن تربط بين الإلزام ووجود إله في الموضوع, ذكرت لك أمثلة كثيرة تدل على أنه ليست المشكلة في الإله, المشكلة في القوة والتيار البشري المتبني لفكرة ما سواء كانت دينية أو غير دينية. الملحد لا ينادي بالقتل علنا, لكن إذا وقف شي في طريقه الحر فسوف ينادي بقتله مثلما فعل سام هاريس وغيره ونفذ ستالين الملحد, ومن دينه المصلحة سيكون تحت قراراتها اينما اتجهت. 


يتبع ..

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق