الجمعة، 3 أغسطس 2012

كل الديانات القديمة والحديثة أساسها سماوي




تسمية "ديانات سماوية" تسمية يرددها المؤرخون الماديون, من أجل أن يصوروا أن الديانات ليست خط واحد فهي إما سماوية أو بشرية, وأن الأخلاق الموجودة في الكتب السماوية موجودة أصلا من قبل في الديانات التي يسمونها أرضية أو بشرية, وبالتالي يتيح لهم هذا أن يقولوا بأن الديانات السماوية لم تأت بجديد بل هي منقولة من ديانات بشرية أقدم منها كالهندوسية والفرعونية والبوذية والسومرية وغيرها..

لكن علماء الهندوس مثلا يقولون أن البراهما هم أناس نقيين وصالحين فألهمهم الإله بكتب الفيدا, أي أتاهم وحي, وهم أنفسهم يقولون أنهم بالأساس جاءتهم أنبياء, وأعماق الهندوسية وبداياتها لا أحد يعرفها, مما يشير إلى الأصل الإلهي لكل الديانات قبل أن تتحرف, {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}.


 الله لم يقص علينا إلا الأنبياء في الشرق الأوسط فقط, ولا يعني هذا أنه لم يبعث أنبياء إلا فيها كما يحب الماديون أن يصوروا لنا, هذا غير أن بعض الأنبياء المذكورين في القرآن لم يُذكر لنا مكانهم مثل نوح وإدريس وغيرهما {ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك}, {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} وهي كلمة عامة على كل الأمم السابقة. 

ثم كل الديانات تؤمن بغيب ودار آخرة وجنة ونار, الملحدون فرقوا بين ديانات سماوية وغير سماوية حتى يقولوا أن الديانات السماوية هي مجرد ناقل من الديانات الأرضية, مع أنها كلها تتشابه في المنطـلـق والأخلاق مما يدل أنها كلها سماوية في أصلها, إذن لماذا نسمي بعضها ديانات سماوية وبعضها لا؟ ثم لماذا كل الديانات مركزة على الخير والشر؟ لمَ لم تأتي ديانة وتقول لا يوجد خير ولا شر؟ أو تدعو للشر مباشرة؟

 كل الديانات تحرم الزنا والقتل والكذب والغدر وتعتمد على بناء الشخصية الصالحة ووجود إله عادل ودار آخرة ستوزن بها الحسنات وكلها تقر أن الإنسان مخير في سلوكه وليس مسير ولهذا سوف يحاسب, هل يعقل أن يكونون كلهم ناقلون من بعضهم؟ ثم لماذا كل الديانات تحث على الخير وتحذر من الشر؟

بينما الفلسفات الغربية البعيدة عن الدين لا نجد فيها هذا الشيء, بل نجد استهتارا بالخير والأخلاق وتركيز على المتعة واللذة والإباحية, ألا يدل هذا أن الأخلاق مرتبطة بالدين؟ هؤلاء ابتعدوا عن الدين فتركوا الأخلاق, مما يدل أن الأخلاق جاءت أساسا من الدين, صحيح أن أساس الأخلاق في شعور الإنسان مثلما أن أساس الدين موجود في شعوره أيضا ولكن تركيز الشعوب على الأخلاق جاء من الدين, وإظهارها إلى أرض الواقع لا يتم إلا بوجود دين يسندها لأن الأخلاق تضحية بالمصالح والتضحية تحتاج تعويض, هذا من ناحية عقلية..

ومن ناحية شعورية التضحية تحتاج إلى حب من هذا الإله, أما أن يفعل الإنسان الخير بدون أي مقابل معنوي ولا مادي فهذا أمر صعب ولا يدوم, لأن العقل لا يعرف شيء اسمه بلا مقابل فلكل فعل ردة فعل, أخلاق بدون إله تتحول إلى أخلاق تجارية مرتبطة بالمصلحة فقط, أي وهم أخلاق وليس أخلاق, مما يشبه المصيدة, ويسمى الأخلاق الخادعة والخداع ليس أخلاقا, وبسبب فقدان أكثر الناس في الغرب للدين في فلسفاتهم ضعف التركيز على الشعور الأخلاقي عندهم, وجاءت أفكارهم غريبة على الأفكار التي تعودتها البشرية, حيث يُسخَر من الحقائق المنطقية كالسببية وغيرها ويُنكَر الوجود الأساسي للضمير ولا يُعتَرف بفارق بين الخير والشر وتتحكم المصلحة بالأخلاق.   

يطبق الماديون مبدأ أن التشابه يدل على الأصل المشترك في كثير من نظرياتهم و على رأسها نظرية التطور ونزوح القارات وغيرها, لماذا لا يطبقون نظرية التشابه على الديانات؟ فالتشابه بين الديانات كبير لماذا لا ينسبونها إلى أصل مشترك مثلما فعلوا مع الحيوانات؟ لكنهم يضخمون فروق دقيقة بين الديانات ويتجاهلون التشابهات, في حين يتجاوزون الفروق ويركزون على التشابهات في نظرية التطور التي تخدم الإلحاد. 

أحد أسباب جمع الماديين للإسلام والمسيحية واليهودية تحت تصنيف واحد هو لأجل أن يصدق المسلمون بأن اليهودية هي أصل ديانتهم مثلما صدق بذلك المسيحيون, وبالتالي فعلى الجميع احترام اليهودية لأنها هي أم الديانات السماوية. 

وكذلك تسمية ديانات إبراهيمية ليس لها أساس من الصحة, فالقرآن يمتدح كل الأنبياء وأمرنا بالاقتداء بهم جميعا ولم يمتدح إبراهيم فقط فقد قال : {وبهداهم اقتده} أي كل الأنبياء, لهذا لا يصح تسميتها بديانات إبراهيمية. 

ثم لا أحد يستطيع أن ينفي أن ما يسمونه بالديانات الوضعية أو البشرية تقول أن دياناتهم سماوية ومن الإله, فلماذا يسمونها ديانات بشرية ومعتنقوها يقولون أنها ليست من صنع بشر؟ مع أن هؤلاء الملاحدة لا يصدقون أصحاب الديانات التي يسمونها سماوية إذا قالوا أنها من الله؟ إنهم يقولوّنهم مالم يقولوا. وحتى بوذا هو هندوسي أصلا وكونفوشيوس بوذي, مثلما أن مارتن لوثر مسيحي, بوذا راعى بعض الأخطاء التي عند الهندوس مثلما راعى مارتن لوثر بعض الأخطاء عند الكنيسة وراعى كونفوشيوس بعض الأخطاء عند بوذا كالرهبانية, من وجهة نظرهم طبعا, فهؤلاء يسمون مصلحين وليسوا مبتكري أديان. 

.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق