الجمعة، 3 أغسطس 2012

ردود على كتاب "التصميم العظيم" لستيفن هوكينج - 2






فالعلوم البشرية تمتلك الطبيعة التراكمية   والتصحيح الذاتي”. أي أن الأخطاء  العلمية إحتمالات واردة ، و لكن بالرغم من وجود هذه الأخطاء و بالرغم من الظروف التي تفرضها مثل هذه الأخطاء ، فالعلم دائما ما يصحح نفسه بنفسه مع الزمن، فتموت النظريات الخاطئة أو تتطور لتصحح إتجاهها إلي الإتجاه الصحيح.

 

الرد:
هذا مثال على التمهيد الالحادي ، بطريقة تلاعبية ، معتمدين على تطور المعرفة وتكاملها وتصحيح اخطائها عبر الزمن ، كي يشككوا فيما ثبت من العلم بأنه هو ايضا قابل للتغيير ، وما ذلك الا ليقدموا تغييرهم و طرحهم الجديد ، و هي خدعة سيئة مسيئة للعلم نفسه ، و هم يعرفون جيدا ان ثوابت العلم لن تتغير ، فقط الأخطاء هي التي سوف تصحح .. انهم عمموا التغيير على كل العلم ، ومن يريد تغيير العلم سوف يقدم اللا علم ، فهم لم يستثنوا شيئا من العلم غير قابل للتغيير ، وهذا يكشف نيتهم . ومن يريد تغيير ثوابت المنطق ، فهو يريد تقديم غير المنطق بديلا عنه .. انها دعوة لرحلة الى عالم الجنون ، هذا كل ما في الامر ..

 

هم يعرفون انه لا يوجد الا علم واحد و منطق واحد يقفان في طريق ليبراليتهم غير المحدودة ، و العاقل يعرف ان من يريد ازاحة ثوابت العلم و المنطق، ان ما سوف يقدمه لا يتناسب مع العقل ولا العلم ، والا لما بذل جهده لذلك ، فمن هذه المقدمة المنصبّة على التشكيك بالعلم ، والمتواترة عند دعاة الالحاد ، يستطع العاقل ان يفهم كل شيء يدور في نفوسهم ..        

 

و لقد كنت في السابق عملت تشبيه لطالب علم الطبيعة كلعبة البحث عن الكنز في الجزيرة المهجورة، فهو يمشي علي حسب حدسة باحثا عن اللغز الأول ليحله و يكتشف الخيط الأول الذي يدله بالتالي إلي المكان التالي ،  و عندما يجده يعرف إذا كان طريقه صحيح أم أنه يحتاج لتغيير مساره و هكذا هو ينتقل من مكان إلي آخر و من لغز إلي آخر و من خيط إلي آخر ، حتي يصل بالنهاية إلي الكنز المنشود. و هذا هو طريق العلم، لا يوجد فيه مطلقات أبدا، و جماله في البحث و ليس في المعلومة بحد ذاتها، مع أهمية ذلك .

 

الرد:
لاحظ كلمة : لا يوجد مطلقات ابدا .. هل تصدق ان هذه حقيقية ؟ ولا حتى 1 + 1 ؟ ولا ان اليمين عكس اليسار ؟ ولا ان الإثنين قبل الثلاثة ؟ ولا ان العشرة تاتي بعد التسعة ؟ ولا ان الحرارة تزداد بازدياد الضغط ؟ ولا قوانين نيوتن ولا قوانين الحركة ولا الجاذبية التي تستخدمها التكنولوجيا كل يوم ؟ هل سوف تتغير قوانين الميكانيكا يوما من الايام و تتعطل الالات أو يتغير دورانها بدون سبب ، وتتبدل دروس الهندسة والميكانيكا والبديهيات في الطب والفلك ؟ و تكون حسبة المهندس خاطئة وهو يمشي على قوانين اكتشفها العلم و كانت تعمل من قبل ؟ فيحسب مساحة المربع على الطريقة المعتادة (او فيما يسميها الملاحدة بالكلاسيكية) و يجد ان النتيجة ضعف ما كانت تأتي بالعادة ؟ ثم تتغير طريقة حساب المربع نتيجة لهذا الاكتشاف ؟

 

ام هل ستتغير قوانين الهندسة و الالات تدور بها و تبنى بها الجسور و البنايات ؟ أليس هذا هو الهراء الغير علمي يقدّم لنا بإسم العلم مشككا في كل ما تعب الانسان لتوضيحه و الاعتماد على ثبوته والاستفادة منه في حياته بسبب ذلك الثبوت ؟

 

الا يوجد في العلم و لا ثابت مطلقا ؟ لماذا هذا العنت و التشكيك بالعلم والعقل ؟ نريد ان نفهم بصراحة .. هل العلم عدو للفلسفة المادية لهذه الدرجة ؟ أليست هذه مطلقات وغيرها بالآلاف ؟ لماذا لا يعطونا مثالا يثبتوا فيه ان الخمسة ليست نصف العشرة !! هل هذا كلام علمي بلا ادلة ؟ هل التلاعب يسمى علما ؟ متى سننتبه إلى المخادعين ونقول لهم : قفوا ، انتم مكشفون ، ولا تغرنا الالقاب ولا الكراسي العلمية ؟  

 

لو لم يكن في العلم ثوابت لما كان هناك ثقة ، لا بالهندسة ولا بالكيمياء ولا بالفيزياء ولا بالطيران ، ولما وضع الناس اموالهم في صناعات تعتمد على علم غير ثابت ..

 

نعم العلم ناقص ، و دائما ناقص ، أما ان يكون غير ثابت و ممكن ان ينقلب الى العكس كما يدعي علماء الملاحدة ، فهذا جنون ! ولا يدفع الى الجنون الا الهوى .

 

  و قد لا نكون اليوم وصلنا إلي الكنز بالصورة التي ترضي غرورنا البشري و حسب حب الإستطلاع الغريزي لدينا ، و لكننا لاشك قطعنا شوطا كبيرا و قريبين جدا من هذا الكنز حتي ليتخيل للبعض منا أننا وصلنا له.

الرد:
تمييع العلم و تقديسه في نفس الوقت من سياسة الفكرالالحادي ، لكي يكون العلم سيفا مصلتا يستعمل وفي نفس الوقت لا يقيد صاحبه بقيوده ، هذه فحوى الكلام السابق .

 

الحقيقة ان في العلم ثابت لا جدال فيه ولا شك فيه ، ولا يمكن ان يتغير ، و فيه نظريات ومحاولات لم ترق الى مستوى العلم . هي محاولات علمية وليست علما ، اي خيوط . وهذا التشكيك الالحادي في بديهيات العلم لا يدل على احترام حقيقي للعلم من قبل الملاحدة . ويجب التفريق بين الثابت العلمي و النظريات العلمية ، فعشرة قسمة 2 تساوي خمسة ، لن ياتي علم ينفيها يوما من الايام ، اذا هي حقيقة مطلقة ، بينما نظرية التطور او الانفجار الكبير قد ياتي علم ينفيها .

 

وهكذا كل ثابت ومجرب علميا ليس قابلا لان ينفيه علم اخر ، ومن ضمن الثابت العلمي قوانين المنطق . و الثابت شيء والمقترح شيء اخر . الالحاد يخلط بين الثابت العلمي و المقترح العلمي ، ويسميها كلها علم ، خدمة للايديولوجية ، و يرمي العلم الثابت بعيوب نظرياته التي فعلا قد تتغير يوما من الايام ، و ليس العلم الثابت .. ثم يعودون ليقدسوا العلم ويبشروا بانه سيحل كل الالغاز ، فعليكم ان تتركوا اديانكم وتنتظروا العلم ليجيبكم على الالغاز التي يهوّلون من اجابات العلم لها ويضخمونها ، بينما العلم في الحقيقة هو زاد الغاز البشرية ، و ضاعف الاسئلة الوجودية المزمنة .. فهم تارة يقللون من شأن العلم و أنه غير ثابت وقابل للتغيير الجذري كله ، و تارة يسندون اليه حل كل الاجابات والاسئلة ، فكيف سيفعل هذا وهو يجرد من ثوابته ؟ هذا إضعاف للعلم ، فكيف سيضطلع بمهمته التي يسندونها اليه كبديل عن الاله في كل شيء ومعرفة كل شيء ؟

 

تناقضٌ لا يفسره الا الرغبة . فلعبتهم هي لعبة العلم والتلاعب به ، ويتخذون منه سلاحا لنقض المنطق وهز ثوابته كاستغلالهم لنظرية كوبرنيكوس التي اثبتها العلم في محاولة لاسقاط المنطق حتى لا يقف في طريقهم ، و قبله محاولات هيوم لاسقاط المنطق و حتمية السببية التي توجب ان يكون لكل مصنوع صانع .      

 

 و لكن بغض النظر عن كل ذلك ، فالشيء الأكيد هو أننا اليوم علي الأقل في الطريق الصحيح.

الرد:
لماذا بعد كل هذا التشكيك في العلم وثوابته نكون على الطريق الصحيح ؟ هل هو الطريق الى نظريات داروين و هوكينج وداوكينز والكوانتم ، بدلا من العلم الاكيد ؟ هل هذه بدائل العلم المقترحة ؟ هل نترك الاكيد و نذهب الى غير الاكيد ؟ هل يوجد كلاسيكية او حداثة في العلم ؟ هل هو علم ام ادب و فن ؟ الثابت ثابت عبر الازل ولا يتغير .  

هناك تعليقان (2) :

  1. 1+1 مثلها مثل نظرية التطور ابتكار بشري لفهم العالم المحيط .. صحيح أنها لن تتغير لكن البرهان على صحتها وفق منطق مطلق لايقبل الشك فهو من الصعب جدا .. لدى فهي اصبحت من المسلمات و البديهات للانطلاق الى افتراض نظريات اكبر و البرهان عليها بما لا يشمله نقص ... لكن احيانا حتى البديهات و المسلمات تقبل الشك احيانا مما يعطي انطلاقة اخرى لظهور علم آخر ... و في تاريخ الرياضيات كثير من الأمثلة على ذلك ... احيانا حتى المنطق لا ينفع لحل بعض الظواهر الفيزيائة اذن المشكلة ليست في الظاهرة المشكلة في طريقة البحث و المنطق المتبع ...

    ردحذف
    الردود
    1. 1+1 ليست مثل نظرية التطور ، 1+1 مثلها مثل تمييز الالوان، ليست مجهودا بشريا ولا اختراعا بشريا، المجهود فقط هو في تسمية اللون وكتابة اسمه فقط، 1+1 نتيجة لتمييز شعوري فطري حقيقي في الإنسان، وهذا ما يميزه عن الحيوان، انه يميز ما ليس له علاقة بأكله وبقائه فقط، الإنسان فقط ترجم هذا الإحساس ولم يخترعه، من خلال اللغة، وجعل رمزا لكتابة رقم 1 ، ورمزا لكتابة رقم 2 ، أما نظرية التطور فلا يوجد احساس فطري بأنها حقيقة ولا منطقي ولا حتى علمي ولا حتى تجارب، لذلك تحتاج كثيرا للمزوَّرات والمستحثات، والاحافير ليست دليلا علميا، ومع ذلك يزوّرنها، التوازن منطقيا وعلميا ثابت ، فكيف تبدأ الحياة بدون وجود كل الأصناف مع بعضها؟ خصوصا وان حياتها تتعلق بوجود البقية. لهذا علماء البيئة يحذرون من تدمير الغابات او التلوث او الانقراض لئلا يختل التوازن الذي لا تعترف به نظرية التطور، مع انه ثابت علميا، فهي اذن نظرية عجوز مهترءة ولكن هناك من يريدها ان تبقى لاجل بقاء الالحاد كخلفية ايديولوجية له، وهذا سر بقاءها وانتشارها وتسكيت معارضيها وفصلهم من الجامعات : دعم رؤوس الأموال والإعلام، وإلا فالعاقل لا تمر عليه هذه الخرافات بسهولة، وشكرا لك .

      حذف