الاثنين، 6 أغسطس 2012

ردود على كتاب "التصميم العظيم" لستيفن هوكينج - 5





و لكن حتي نفهم الكون بمستوي أعمق فنحن نحتاج أن نعرف، ليس فقط كيف يعمل الكون {أو الأكوان}، و لكن أيضا لماذا {يعمل بهذه الصورة؟}. و لماذا يوجد شيء بدلا من اللاشيء؟ و لماذا نحن موجودون؟ و لماذا هذه المجموعة المحددة { بالذات} من القوانين الكونية و ليس غيرها؟”٠
فحسب ما جاء علي لسان المؤلف أن “هذا هو السؤال الكلي عن الحياة، و الكون، {بل } و كل شيء
الفصل الثاني: أسس { وضع} القوانين {العلمية}٠
في هذا الفصل يقوم هاوكنغ بسرد تاريخي للمسار العلمي؛ كيف بدأ و ما هي نقاط التحول الرئيسية في مساره، و ما هي معوقاته . و كما هو معروف (بالنسبة لما نملكه من أدلة بينة من الآثار و غيرها، علي أي حال ) فالطريق العلمي المبني علي المنطق و المشاهدة ثم التجربة و الإستنتاج و القياس يبدأ مع الإغريق ” في العهد الكلاسيكي” حيث ولد هذا الإسلوب و إزدهر في بداياته. و كانت البداية لا تتعدي الإعتماد علي الحدس و الحكمة و الفلسفة،

الرد:
العلم مطلب بشري ، من الخطأ تحديد بداياته من اليونان ، متى وجد بشر وجد علم ، و بطريقة نسبية . كل ما عرفه البشر و جربوه و حولوه الى منطق و وصف فهو علم . فعلم الهندسة والطب والتحنيط والزراعة والمناخ و التكنولوجيا كصناعة الخزف والزجاج والورق والبارود والعطور والزيوت ، كل هذه علوم ، و كلها موجودة في حضارات اقدم من اليونان ، و الآثار المصرية والبابلية و الصينية تشهد بذلك .. هذا اقتطاع لتاريخ العلم ، وجعل بداياته تنطلق من اوروبا فقط دون اعتبار للحضارات الاقدم والتي استلهمها اليونان انفسهم كغيرهم من نقلة الحضارة ومطوريها . 

 

هو يريد ان يتحدث عن العلم التفسيري الذي يفسر الكون واصله ، وحتى هذا ليست بداياته فقط عند اليونان .

 

التي كانت بصورة عامة تتصف بالعمومية فيما يبدو للعقل البشري بأنه منطقي. و كانت كل السبل المعرفية مخلوطة – خلط الفيرياء بالأساطير و المثلوجيا والميتافيزيقية . و الكيمياء بالشيمياء . و علم الفلك و حركة النجوم بالتنجيم و السحر و القوى الخفية ، علم السيكولوجي أو علم النفس بتقمص الأرواح و تلبيس الشياطين – و هكذا ،

 

الرد:
هذه المقدمة التاريخية غرضها اسقاط المنهج العلمي و هز الثقة فيه لكي تقدم النظريات اللا علمية واللا منطقية التي تخدم الفكر المادي الالحادي . وهذا الخلط مفترض ، فنعم كان من العلماء القدامى من يعتمد الخرافات و يصدقها ، ومنهم من يبحث بحثا علميا . من المفترض ان ينظر إلى ما قدمه كل عالم على حدة ، لا أن تجمع كل الغلة ويحكم عليها حكما واحدا .  

 


مرورا بإوربا الوسطي- و كذلك بالمسلمون في العهد العباسي و الأموي في الأندلس حيث كان لبعض علمائهم الفضل بنقل العلوم و الحفاظ عليها و الإضافة لها مع أن المؤلف لم يذكرهم بصورة مباشرة- حيث بدأ أحد نقاط التحول الجذري في تصحيح المسار العلمي، أو تحديد ما يعتبر علم حقيقي و ما يعتبر علم مزيف ،
- و كذلك بالمسلمون في العهد العباسي و الأموي في الأندلس حيث كان لبعض علمائهم الفضل بنقل العلوم و الحفاظ عليها و الإضافة لها مع أن المؤلف لم يذكرهم بصورة مباشرة

الرد:
هذا لا يدل على نظرة عادلة الى تاريخ العلم ، وليس له ولا لغيره الحق ان يتجاوز فترة علوم العرب والمسلمين ، لما فيها من نقل و ترجمة وتجديد وابتكار ، لا ننس انها هي الشمعة التي اضاءت اوروبا ، فحضارة اوروبا ليست الا امتدادا لحضارة المسلمين ، معتمدة على علومهم واسلحتهم وخرائطهم ، يكفي ان نعلم ان السنة 1492 هي سنة اكتشاف امريكا هي نفس سنة خروج اخر المسلمين من اسبانيا ، والاسبان والبرتغال هم الذين اكتشفوا امريكا وغيرها ، وهم اول المستعمرين في التاريخ الحديث ، معتمدين على البارود والبوصلة والاصطرلاب الذي استعمله العرب في حروبهم في الاندلس ، وطبيعي ان يهزموا الشعوب التي لا تعرف هذا السلاح الفتاك ، و منها بدأ الثراء الاوروبي وتنافس الملوك في الاستعمار وتطوير السلاح واحتاجوا لطرق اسرع وإلى وصف جغرافي وخرائط جديدة ..

 

وهكذا بدأت النهضة العلمية متسارعة من حمى الاكتشاف ، وبهذا الشكل يكون منطقيا ان تبدأ نهضة صناعية وعلمية بداية من الجغرافيا ، اما ان تـُنسب النهضة الى ايطاليا ، معتمدين على رسومات دينية في الكنائس منتشرة في نفس الفترة في كنائي فرنسا وبولندا وهولندا وفي كل البلاد الاوروبية ، حيث لا تخلو الكنائس من الرسومات الدينية والايقونات ، فالرسومات لا تقدم نهضة علمية ، و الهدف من التركيز على ايطاليا في عصر النهضة ، حتى يبعدوا عن ذكر فضل العرب الاندلسيين ، ولكي يسلطوا الاضواء على حفنة من المهاجرين اليهود الذين وفدوا على ايطاليا من تلك الفترة ، لأجل نسبة النهضة الى دور اليهود الذين حملوا معهم بعض الكتب ذات الاصل العربي وليس العرب ، وهنا نشم تأثير المكون اليهودي على الفكر الغربي ، هذا افتراء على التاريخ و حقائقه ..

 

الكشوف الجغرافية وما يتعلق بها من صناعة المدافع والبنادق والبوصلة والخرائط العربية وتوقعات الادريسي لوجود قارة وراء المحيط الاطلسي و رسمها في خرائطه ، وما تلى ذلك من اثبات كروية الارض ، هذه فعلا بداية علمية ، اما رسومات مايكل انجلو و دافنشي فهي رسومات دينية يوجد مثلها في كل الكنائس ، و النهضة العلمية لا تبدأ من فن ، بل منطقيا تبدأ من الجغرافيا ، لانه لا علاقة قوية بين الفن و العلم ، ولكن هناك علاقة قوية بين الجغرافيا والعلم . والجغرافيا كما قالوا هي ام العلوم ، ولم يقولوا ذلك عن الفن .

 

في اي مجال علمي ، ممكن ان تدخل الخرافة و تجد طريقها الى القبول ، الا في مجال الجغرافيا ، لأن الرحلات الجغرافية تنفق عليها اموال الملوك ، و اي خطأ يعرض الرحلة للفناء ، اذن الجغرافيا تدفع دفعا الى العلمية ويطلب منها نتائج واقعية متفوقة ، و هي التي اسست للمنهج العلمي .. فلما ذاقوا ثمارها العلمية لم يقبلوا غيرها في المجالات الاخرى ، و بدأ العلم يتحرر من سيطرة الخرافة ، اذن اي نهضة علمية خالصة لا يمكن ان تقوم الا على اساس جغرافي واسع ، و حمى الكشوف دفعت اوروبا الغربية الى الاهتمام بالعلم و رسم الخرائط و الوصف العلمي الدقيق للجزر والبلاد المكتشفة ، و هذا ليس بدافع العلم بل بدافع البحث عن الثروة والذهب ، لأجل الذهب اضطروا الى العلم ..

 

وهذا يفسر لنا وجود الجمعيات الملكية الجغرافية كأهم وأبكر جانب علمي في تلك الدول ، و ينفق الكثير على ابحاثها الى يومنا هذا . و حتى تعتمد تقاريرها لا بد ان تكون موثقة ، اي علمية ، لهذا اعتمدت على مغامرات الرحالة لأجل تقديم تقارير موثوقة . و علمية الجغرافيا جرت الى علميات المجالات الاخرى ، لان الجغرافيا ام العلوم ، و الجغرافيا تجر الى معرفة المناخ وعلوم الجو والرياح وانواع المناخات و الاعاصير والتيارات والفلك ، والتاريخ والعادات والتقاليد والاديان والسياسة واللغات ، و هي التي تقود التجارة والجيوش والاستعمار والبحث عن مكامن الثروات والمعادن وكيفية استغلالها وتطوير وسائل النقل والاتصال الى غير ذلك .

 

الجغرافيا هي التي شكلت الوجه المادي الاستعماري العلمي للحضارة الغربية . و على هذا ليس غريبا ان نجد ان اقدم العلوم في العصر الحديث هي علوم الجغرافيا ، و كونها اقدم العلوم دليل على انها هي البداية الحقيقية لعصر النهضة .. اما ايطاليا فلم تشتهر بالجغرافيا قدر شهرتها بالفن والتجارة ، والتجارة موجودة منذ القدم وفي كل مكان والفن كذلك ، لكن علم الجغرافيا هو الجديد . وهو أول مجال يتحول الى علم في النهضة الغربية ، وتلته العلوم الاخلى ، ثم قامت الحاجة لوجود منهج علمي يصلح لكل المجالات .

 

و كان التنافس السياسي بين ملوك اوروبا اقوى داعم للجغرافيا ، حتى لا يسيطر ملك على العالم دونهم ، لهذا كثر الرحالة والمستكشفون والرواد وفلاسفة الجغرافيا في ذلك الوقت ، والجغرافيا تجبر العين ان تلتفت الى علم الفلك ، لان لها علاقة وطيدة بالفلك ، وهذا ما اوجد نظرية كوبرنيكوس واثباتات جاليليو لدوران الارض . ومنظار جاليليو ليس الا احد المناظير البحرية التي استخدمها البحارة المكتشفون . اذن حضارة الغرب اساسها جغرافيا ، والجغرافيا اساسها العرب .

 

ان اكتشاف امريكا بثرواتها الهائلة هو الذي اطار جنون ملوك اوروبا و وجههم الى الجغرافيا ، ولم يكن الا فكرة عربية نفذها الاسبان ، مما وجده من مخطوطاتهم .          

 

كما ان ارسطو لم يكن مجهولا و جاء به العرب ، فهو اوروبي الاصل ، و كيف يضيع ارسطو و الحضارة الرومانية وريثة للحضارة اليونانية ؟ و هل كتاب في المنطق لارسطو قادر على اقامة نهضة علمية في قارة و بشكل مفاجئ ، بمجرد ان يترجم ؟ وهل يتحول كتاب ارسطو في المنطق الى كشوف جغرافية واسلحة فتاكة بمجرد قراءته من جديد ؟ هذا كلام غير مقنع . كل حضارة لا تقوم الا على انقاض حضارة اخرى ، بشكل متكامل ، وبشمول كلمة حضارة ، مثلما قامت حضارة الرومان على حضارة اليونان ، وحضارة اوروبا الحديثة على انقاض حضارة المسلمين ، هذا كلام منطقي و مفهوم . و ليس من خلال كتاب واحد نقله مجموعة من العرب الى ايطاليا بناء على طلب اهلها ، اذن المطلوب هو ابن رشد وليس ارسطو الذين يستطيعون ان يطلبوه من بيزنطة ، انهم يريدون حضارة العرب و ليسوا باحثين عن ارسطو بحد ذاته . وتبنوا مسميات العرب الحضارية ولم يتبنوا مسميات اليونان ولا اليهود ، وكانوا يبعثون ابنائهم للدراسة عند العرب وليس الى اليونان ولا اليهود ولا الى بيزنطة . انظر الى كلمات مثل : sugar سكر ، coffee قهوة ، lemon ليمون ، orange اترج ، banana بنان الموز ، mocha قهوة مخا ، manak مناخ ، algorithm خوارزم ، algebra الجبر  ، chemistry كيمياء ، geography جغرافيا ، أكثر اسماء النجوم اصلها عربي ، cable حبل ، admiral امير البحر ، alphabet الفباءتاء ..

 

بعد كل هذا ولا تاثير لحضارة العرب على عصر النهضة !! اين الموضوعية والانصاف ؟ لهذا السبب يحاولون ان يضعوا الاسماء العلمية باللاتينية واليونانية في محاولة لتاكيد اصول حضارتهم و انتماءها الى اوروبا فقط هروبا من الحضارة الام التي بنوا نهضتهم عليها ثم انكروها ، وهي الحضارة الاسلامية العربية ، فيا لعقوق الوالدين .. بل حتى الصفر لم يكونوا يعرفوه ، و أخذوه من العرب بنفس اسمه zero .

 

رسومات الكنائس لا تجلب علما ، بل البوصلة والساعة والبارود والمدافع والخرائط ومحاولات اكتشاف امريكا وعلوم العرب في الطب والهندسة والفلك والكيمياء والرياضيات والفلسفة التي استولى عليها الاسبان بعد طرد العرب منطقيا هي التي تجلب نهضة علمية ، هذا عدا الجامعات والمترجمات ، ولو كانت النهضة بدأت في ايطاليا لاستمرت فيها ، ولاستطاعت ايطاليا ان تسيطر على العالم ، لكن هذا لم يحصل ، بل اسبانيا و البرتغال هما من سيطرا على العالم و تلاهما هولندا و بريطانيا و فرنسا ، وهي الدول المحيطة بالاندلس وليست المحيطة بايطاليا ..  

 

هذا شيء له دلالته ، و لكن مؤرخو الغرب لا يحبون ان يقولوا الحقيقة حتى لا يغضب اسيادهم اليهود .

 

الاف الكلمات الحضارية المستعملة الى اليوم في اللغات الاوروبية تفضح ما يحاولون اخفاؤه ، انها ليست كلمات ايدطالية بل عربية ، وهي كلمات علمية وحضارية .. انهم يختزلون كل حضارة العرب والمسلمين بجعلهم فقط نقلة كتاب لارسطو ، و كأنهم يقولون انها بضاعتنا الغربية ردت الينا ، وهذا هضم لحقوق تاريخية غير محترم ، وكتاب شمس العرب تسطع على الغرب يوضح الكثير مما لا يود الغربيون ذكره عن دور العرب والمسلمين ، لانهم هم الاساتذة الحقيقون الذين علموا اوروبا كما شهد بذلك بعض المنصفين مثل غوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب ، و كان الفرنسيون والاسبان والانجليز يدرسون تلاميذا في مدارس الاندلس كبعثات علمية . و كانت كتب ابن سينا وابن رشد تدرس في جامعات اوروبا حتى القرن السادس عشر . لكن دعاة الالحاد تعودوا ان يقولوا ما يشاءون معتمدين على قوة الاعلام الراسمالي الذي تعود على تغيير الحقائق ببراعة وتمكن وسعة انتشار .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق