الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

حول زينة المرأة



إذا قيل بأن الزينة غريزة في المرأة , فهذه الغريزة ليست معدودة من ضمن الغرائز في علم النفس , هذا من ناحية .. ومن ناحية أخرى , هل يوجد غريزة خاصة بالذكر دون الأنثى أو بالأنثى دون الذكر , فالغرائز مشتركة بين النوع , مثل الغذاء والأمن والنوم والتناسل .. الخ .

وإذا قيل أن تزين المرأة يزداد حين البلوغ , فهذا يدل على علاقته بالزواج , لأن البلوغ هو بداية سن الزواج , الطفلة يبدأ اهتمامها البسيط بالزينة والذي تُجبر عليه غالبا ويمشط شعرها رغما عنها عندما تعلم بأنها فتاة وعندما يتحدد نوعها بالنسبة لها وكذلك الغلام , أما  العبث بأدوات الزينة فهذا معروف عند الأطفال عموما وليس فقط عند البنات.

لقد قال الشارع : (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) الواقع أن أكثر النساء تهتم بالزينة على حساب أي شيء آخر , بل على حساب صحتهن ويُجرين عمليات خطيرة وتعرض نفسها لأمراض ومضاعفات وسوء تغذية .. الخ , وعارضات الأزياء من أكثر النساء أمراضا كما تقول الإحصائيات , ومن ضمنها فوبيا السمنة , وقد يقال بأن هذا شذوذ عن القاعدة , والحقيقة أن هذا القاعدة والشذوذ ما اختلف عنه إذا نظرنا للواقع .

المرأة تضحي بكل شيء إلا زينتها , وأشد عقوبة يمكن أن تقع على المرأة هي أن يقص شعرها أو يشوه وجهها , إذن الزينة شيء مقدس وليست شيء عادي من باب الفطرة فقط.

الاهتمام بالزينة جعل المرأة تهمل جوانب كثيرة وتقيم حتى الأخريات من واقع الزينة , وأدى هذا إلى إسراف نهى الله عنه بل وتهلكة , الاهتمام بالزينة هو ما حوّل المجتمعات إلى المادية والواقع أن المرأة هي المسئول الأول عن المادية في هذا العصر باهتمامها بكل جديد وبالموضة وهذا أدى بها إلى الاستهلاكية والوقوع بالاستغلال التجاري والرأسمالي, وليست هذه حالات شاذة بل هو الأكثر .

أليس مرض التسوق من أمراض النساء ؟ و ماهو التسوق إلا الاستهلاكية والإسراف وكثرة النفايات , والزينة على رأس القائمة أصلا , بل أكثر النساء تنظر للأشياء من ناحية شكلها وجمالها أكثر من مضمونها , الزينة مرض نفسي مبالغ فيه , المرأة في الغرب تحولت إلى منيكان متحرك للزينة , ورحم الله الشاعر الذي لم يُسمع كلامه وهو يقول :
البنت تفخر بالأدب .. لا بالجواهر والذهب .


نعم .. النظافة والتناسق واللبس المناسب كلها من الفطرة لأنها مشتركة بين الجنسين , لكن المبالغة في الزينة تفردت به المرأة بشكل كبير.  

ثم من ناحية شرعية , المبالغة في الزينة تفتح باب الإغراء والإثارة والفتنة , المرأة التي تلاحق الموضة وتحاكي بنات مجتمعها قد تقع في فتنة الرجال وهي لا تدري , لأجل هذا أنا أهتم بهذا الموضوع وأعتبره من أبواب الشر لأن فيه الكثير من الشرور خصوصا في المغالاة , فيه الإسراف وفيه الشعور بالغرور والتفوق على من لا تستطيع أن تملك مثل هذه الجواهر والألماس , إن أي شعور تفوق بسبب مادي ليس إلا التكبر والغرور سواء بالزينة عند النساء أو التكاثر بالأموال عند الرجال أو غير ذلك قال تعالى : (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر) وقال : (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ) , كما أن فيه الإغراء للرجال وفيه التزييف فأكثر أدوات الزينة عبارة عن (أدوات نصب) وتظهر المرأة بغير شكلها الحقيقي والإسلام ضد الكذب والتزوير وضد الإغواء وضد الإسراف وضد كسر عيون الفقراء , لهذا في مدارس البنات يوحّدون الزي أكثر مما يُفعل في مدارس الأولاد. 

إذن الزينة المادية باب قد يستغله الشيطان كثيرا لكن الزينة المعنوية لا يستطيع أن يستغلها الشيطان , وهذا لا يعني إهمال الزينة المادية البسيطة وغير المبالغة التي لا تؤدي للإسراف ولا للفتنة ولا للبهرجة ولا للغرور ولا للتفوق .
مع العلم أن الرجل الحقيقي يُعجب بالزينة المعنوية أكثر , لكن هناك تصور عند أكثر النساء أن الرجال يقيّمون المرأة بعيونهم فقط , بينما الزواج يحتاج إلى جمال معنوي لا إلى الجمال الخلَّب الذي يراه في كوشات الزواج بملابس مستعارة وأصباغ وطلاءات ولآلئ ما لصق منها وما تدلى , الزواج يحتاج إلى المرأة الصبورة الشكورة الذكية والمتعاونة المتفاهمة ذات الدين , وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اظفر بذات الدين تربت يداك , بعدما تكلم في أن المرأة تنكح لمالها وجمالها .

بل إن كثير من الزينة تقبِّح صاحبتها وتظهر التكلف والتكلف بغيض على النفس , لا أرى أي مبرر لأن تتزين المرأة عند غير زوجها ولا عند النساء , لكنها عادة شائعة من الصعب تغييرها وأنا لا أطالب بتغييرها بل فهمها وفهم دوافعها وأضرارها وبالتالي عدم التطرف فيها على الأقل , لأن المبالغة في التزين توحي بالحاجة إلى ذلك وقد تقود المبالغة إلى كشف أجزاء من الجسم فتتحول الزينة إلى إغراء , وأكثر أنواع الزينة ولا أقول كلها صارت ترتبط بالإغراء الجنسي , بمعنى موضة الزينة الجنسية , والمرأة غير الجميلة هي التي تحتاج إلى الكثير من الزينة لهذا سمو المرأة الجميلة فطريا بالغانية , أي المستغنية عن الزينة , والبساطة والأناقة تجعل جمال المرأة طبيعيا ولا توحي بالإغراء , لهذا قال المتنبي :
حسن الحضارة مجلوب بتطرية .. وفي البداوة حسن غير مجلوب .

وقال الطغرّائي :
أصالة الرأي صانتني عن الخطل .. وحلية الفضل زانتني لدى العطل .
الغزلان جميلة وهي عطل بدون تزيّن, الأشجار جميلة بدون محسنات , لتكن المرأة جميلة بدون تكلف ولا مباهاة , والمرأة العاقلة لا يتحكم بها ذوق بعض الرجال الطائشين أو النساء الذين يقيمون بعيونهم لا بعقولهم .

 أعرف أن هذا الكلام غير مسموع  من ربّات القرط والوشاح, ولكن له الحق أن يقال لأجله هو وما قد يكون فيه من حكمة .

وطريق الله من وراء القصد , وليس القصد تفضيل جنس على جنس أو تحيز .

هناك تعليقان (2) :

  1. كلام سليم ولكن عندي اعتراض على مقولة
    "والواقع أن المرأة هي المسئول الأول عن المادية في هذا العصر"
    الماديه والاستهلاكيه في هذا العصر ليستا غلطة النساء وحدهم اوالرجال وحدهم
    الكل يتم امطاره بالدعايات والاعلانات واساليب التسويق المباشره والمبطنه والتي هي الاشرس من نوعها ربما عبر التاريخ من مجموعة الشركات التي يهمها الربح فقط بدون ان تهتم للنتائج التي تتركها على الكوكب او المجتمع (هذه الشركات توظف الكثير من الرجال وهي مملوكه بنسبه كبيره من رجال ويمكنك التأكد من هذا)
    اماالمبالغه في الزينه فهي رد فعل طبيعي بعد ان وجدت المرأه زوجها لايهتم لجمال روحها ولا للزينه البسيطه غير المتكلفه التي تضعها بنفسها في البيت وتجده فاغرا فاه امام الشاشات (مواقع -قنوات )التي تمتلئ بالنساء الصناعيات (اثداء محقونه سيليكون-عمليات تجميل متنوعه على الوجه-طبقات من المكياج-وصلات شعر مستعار -علاجات باهظه للبشره)اللواتي غالبا ما يكون مديرهن والرابح من ظهورهن رجال وليس نساء
    فماذا يكون امام هذه المسكينه سوى ان تحاول تغيير او تجميل نفسها وحتى لو عانت الآلام الشديده لكي لايحس زوجها بأنه محروم او انه لايعيش مع انثى كما يردد الكثير من الرجال او لكي يذهب ويتزوج بغيرها او يخونها
    لايمكنك ان تطلب من النساء التوقف عن شراء ادوات التجميل قبل ان تطلب من الرجال التوقف عن دعم قنوات ومواقع العهر التي تدعم الصوره المزيفه للمرأه البلاستيكيه التي تكون دائما في احسن حالاتها وهي قادره دوما على دغدغة احساس الرجل واعطاءه شعور بالاهميه والجاذبيه بدون ان يكون هو فعلا كذلك

    ردحذف
    الردود
    1. جميل جدا ما كتبتي و اتفق معك بخصوص ردة الفعل ، وبخصوص الراسمالية وانتاجها للاستهلاكية ، مع ان المراة هي اكبر شريحة تتوجه لها الراسمالية ، والمراة بحكم وضعها ميالة الى التحضر والتجديد والزينة في كل شيء ، والرجل ايضا يجري وراء المراة ، و يبحث عن ارضاءها ، والتي غالبا ما تقوده الى عرين الاسد الراسمالي .. والجميع ضحية بلا شك ..

      حذف