الجمعة، 3 أغسطس 2012

ردود على كتاب "التصميم العظيم" لستيفن هوكينج - 1


كتاب “التصميم العظيم” ؛ مراجعة و ترجمة مختصرة

رباب خاجة : الحوار المتمدن ..

 

كتاب من تأليف عالم الفيزياء النظرية المعروف ستيفن هوكنغ و الفزيائي ليونارد ملوديناو. نشر في العام الجاري (٢٠١٠) . و رغم أن الكتاب صغير الحجم نسبيا حيث لم يتعدى عدد صفحاته  المائتان و الثمان صفحات، ألا أنه غني  و دسم من حيث المعلومات. و إسلوب الكتاب سهل في بعض أجزائه  و كثير التعقيد في بعض الأجزاء الأخرى. سهل من حيث الإسلوب الذي يبدو أن الكاتبان أراداه لتصل المعلومة إلي من هم من غير الإختصاص العلمي، أو بالأحري القاريء المستهدف هو القاريء العادي . و كذلك سهل من ناحية وجود كثرة الأمثلة لشرح الموضوع مع  وضع تسلسل تاريخي للأحداث العلمية في التاريخ البشري لزيادة المتابعه و التركيز. أما صعوبته فهو بسبب صعوبة المادة العلمية نفسها حتي لمن هم من ذوي الإختصاص، و خصوصا عندما يتعمق الكتاب في شرح نظريات الفيزياء الكمية الحديثة

Quantum Physics و ربطها بالفيزياء الكلاسيكية٠ و لكن بإستطاعة القاريء العادي أن يخرج منه - حتي لو لم يستوعب المادة العلمية بعمق- بنتيجه مرضيه ( أو قد تكون محيرة أكثر للبعض) بعد توسعة مداركه و مفاهيمه و تكوين صورة في دماغه عن ميكانيكية عمل الكون بتغيير الواجهة أو التلسكوب التقليدي الذي كان ينظر به إلي الآشياء من حوله٠

يبدأ الكتاب بشرح عام ليبين الغرض الآساسي منه، و الذي يتركز علي الإجابة علي قائمة من أسئلة كانت و لازالت محيرة للبشر. أسئلة كانت الإجابات عليها و حتي إلى وقت قريب مقتصرة علي الفلاسفة، ليبين كيف أن العلم أصبح اليوم يملك الإجابات علي بعضها. و من أجل ذلك يقوم  هوكنغ بطرح هذه الأسئلة “الكبيرة”، و من ثم سرد التاريخ التطوري للعلوم الفيزيائية، بداية من الإغريق و نهاية بالعديد من النظريات الحديثة  و التي تبدو في مجملها معارضة لبعضها البعض ، مرورا بمسار العلوم و معوقات مسارها ، و من ثم شرح النظريات الحديثة و ربطها بالنظريات الكلاسيكية للفيزياء ليخرج بتصور و تفسير يقدمة للقاريء في ثمان فصول ، و ذلك ليبين في النهاية كيف أن جميع القوانين الفيزيائية  تصب في قالب واحد إذا نظرنا لها من وجهة نظر مختلفة عن تلك النظرة الكلاسيكية، و لينتهي إلي إستنتاج أنه، خلافا للنظرة القديمة ، فإن  “الشيء ” ممكن أن يخلق  من “اللاشيء! ” و أن الكون في الواقع لا يحتاج إلي خالق ليخلقه، بل قد يكون هذا مساره في أزمان أزلية. و كيف أنه بالإمكان خلق نظام دقيق و معقد من خلال العشوائية و البساطة. و هذا في الواقع يطابق ما أكده دارون بمباديء علم النشوء و الإرتقاء منذ قرنين تقريبا٠


الرد:
هذه الاشياء الثلاث ( حدوث الشيء من اللاشيء ، و عدم الحاجة لخالق واعي للكون ، و نشوء النظام الدقيق من العشوائية والبساطة) هي من اساسات العقل .. اذا من الممكن للانسان ان يعيش بلا عقل بناء على هذه المعطيات ، و يبدو اننا مقبلين على عملية كر و فر لكي ننقذ العقل و العلم المخطوفين باسم العلم على يد هوكينج وبقية القراصنة الماديين . هذا المتخصص في الفيزياء النظرية سوف يقاوم الفلسفة و يتمسح بالعلم ، مع انه يقدم فيزياء نظرية ، اي فلسفة نظرية يلبسها ملابس العلم بدافع ايديولوجي اجتماعي . انه يخاطب الشريحة العادية من المجتمع ولا يخاطب العلماء ، و هم الشريحة المستهدفة من تاليفه كما ذكرت المترجمة .

 

المفترض من العالم ان يستهدف العلماء بالدرجة الاولى ، لكن لا يهم ، اذا عرفنا ان دافع تأليف الكتاب اصلا تمرير خدعة الالحاد المعارض للعقل . وهذا ما يجب عليّ اثباته لأنني ادعيه ، وسوف أحاول .. 

 

لن تكون الهجمة على الدين فقط ، بل على العقل ايضا ، بعد ان تمت بنجاح على الاخلاق . اذن الالحاد يطالب بنقض العقل والايمان والاخلاق والعلم ، فالعقل لا يُجيز ان الشيء يوجد من لا شيء ، ولا يجيز ان يكون مصنوع بلا صانع ، و لا يجيز ان النظام الدقيق شديد التعقيد ينشأ من الفوضوية والبساطة . و سيأتي اليوم الذي يعلن فيه الملاحدة بصراحة رفضهم للعقل .

 

على الملاحدة ان يطلبوا علنا من الناس ان يرموا عقولهم حتى يكونوا ملاحدة يحترمون العلم . و كسر العلاقة بين العلم والعقل هي كسر للعلم نفسه ، لان العلم وسيلة للعقل ، ولا فائدة للعلم بدون عقل . اذن المطلوب هو تدمير كل شيء : الايمان والعقل والعلم والاخلاق ، لتخلو الساحة من عوائق الالحاد .. هذه هي الرسالة التي تحمل تدمير الانسانية و تحويلها الى الحيوانية بلا عقل ولا اخلاق ولا ايمان ، يقدمها الفكر المادي الملحد . 

 

 و لا يخفي علي القاريء أنه بعمل هذا التسلسل  في سرد النظريات الفيزيائية و معوقات تقدمها علي مر السنين إنما يؤكد، و بطريقة غير مباشرة،  ما ذكره الفلكي الراحل كارل ساجان في برنامجه الشهير بإسم  النظام الكوني “كوزموس ” في الثمانينات من القرن المنصرم و هذه ترجمة لنصه:٠

العلوم لا تتميز بالمثالية {و لا بالمطلق من المعلومات} . و بالإمكان إساءة إستغلالها. فهي مجرد وسيلة. و لكنها أفضل وسيلة نمتلكها علي الإطلاق، فهي تتميز بكونها ذاتية التصحيح، مستمرة، و بالإمكان تطبيقها علي كل شيء. و لكن لها قانونان {يجب ألا تحيد عنهما}. الأول: لا توجد حقائق مقدسة؛ فكل الإفتراضات فيها يجب أن تكون تحت التجربة النقدية؛ و مناقشات ذوي السلطة غير مجدية {لأنها لا يجب أن تخضع لأهواء المسئولين و نزواتهم و إعتقاداتهم السابقة }. و ثانيا: كل ما هو غير متفق مع الحقائق {التنبؤات} وجب رميه أو إعادة مراجعته… و لذا ، “فالبديهيات” (في المجال العلمي) تصبح أشياء خاطئة {أحيانا }، و “المستحيلات ” تصبح أشياء واقعية { في أحيانا أخرى}٠

إنتهى

 

الرد:
هذا الكلام يسقط العلم كله ، بأنه يمهد لتدمير العقل و عدم الاعتماد عليه ، بحيث يمرن لكي يستطيع ان ينكر البديهيات العلمية و يصدّق بافتراضات سيقدمها الملاحدة و ليس لها دليل ببساطة ، لان الدرس الالحادي القادم سيكون مليئا بما ليس له دليل . فعليك ان تمرن عقلك على تقبل عدم المعقولية ، فالرحلة متجهة لمعاكسة الطبيعة . لحاجة في نفس بني يعقوب .

 

و عملية توسيع البلعوم يقوم بها أطباء الفكر الملحد في كل مقدمات كتبهم او محاضراتهم ، فانتبهوا لها ، فهي لكي نستعد لازدراد وابتلاع ما لا يبتلع ولنصدق ما لا يصدّق ، ومن يصدق ما لا يُعقل فلا عقل له، إنهم يتذاكون على العقل البشري ، فهم يهونون من شأن ثوابت العقل و العلم ويتنبأون ان الثوابت من الممكن ان تبدّل بافكار جديدة ، ويتهمون العلم الثابت بالكلاسيكية إيحاءً بزوال عصره ، و أن نظرياتهم هي العلم الجديد ، وعلينا الا نتعصب لثوابت العلم القديم .. مع ان نظرياتهم ليست الا فلسفات هدفها اسقاط الثوابت الانسانية ليخلو الجو للمادية ان تفعل بالناس ما تشاء وتوجههم الى ما تشاء .

 

ملينات ومسهلات لعملية الولادة .. انهم لا يتجهون لشيء الا و خدمة الالحاد غايتهم .. علينا ان نكون متنبهين . نحن لا نسمح بأن يقلـَّل من شأن ثوابت العلم و العقل التي تعبت البشرية لتبنيها ، و لا نسمح لبوبر مثلا أن يشككنا بثوابت الرياضيات والعلوم و يشعرنا بان عملية الجمع او الطرح قد تختلف يوما من الايام ، فكلمة "قد" لا تفيد شيئا ، إلا أن يقدموا دحضا علميا كاملا لها ، وهذا ما لا يستطيعونه . و العاقل لا يترك العلم الثابت الى مجرد تشكيكات تعتمد على كلمة "قد" و "ربما" بدون اي اثبات ..

 

يريدون ان نكون بلا ثوابت ، هذا كل ما في الامر ، ليسهل توجيهنا دعائيا واعلاميا حيث يشاءون .. فيتكلمون عن كلاسيكية الفيزياء و هم لا ينقضونها ، ويتكلمون عن عدم ثبوت العلم و هم لا يقدمون شيئا يثبت كلامهم .. يتكلمون عن عدم ثبوت المنطق وموت الفلسفة ، مستعملين المنطق والفلسفة ! يجب ان ينتبه العالَم الى مقاصدهم ، فهي مع الفوضى و ضد اي صورة للنظام ، والفوضى تذهب بالبشرية الى الهمجية ، و هي ضد الحضارة والعلم ، وهم يؤمنون بالفوضى والعبثية كأصل ينطلقون منه في تفكيرهم .. انهم الفوضويون الجدد .. 

يتبع ..  

هناك تعليقان (2) :

  1. البروفيسور استيفن هوكنج وزميله، يحاولان التوصل الى نظرية (ام) التي يمكن أن تفسر كل شيء في هذا الكون !!. ويرون أن ذلك يمكن أن يحدث بجمع النظريات الفيزيائية الكلاسيكية والحديثة في نظرية واحدة يمكنها إعطاء الصورة التفسيرية المتكاملة للكون !! . وقد فات عليهم أن كل النظريات الفيزيائية المكتشفة ، قديمها وحديثها ، إنما تفسر كيف يعمل هذا الكون؟!، ولكنها لا تجيب على تساؤل لماذا يعمل هذا الكون هكذا؟!!. وهذا هو التساؤل الذي يمكن أن تتم صياغة إجابته في نظرية واحدة. هي وجود حكمة لفاعل يقع خارج هذا الكون وليس داخله!!. وتلك هي مسألة فلسفية وليست فيزيائية!!. اذن فالتناقض الذي يحول دون التوصل لايجاد هذه المعادلة او النظرية الشاملة من خلال جمع القوانين والنظريات الفيزيائية، هو تناقض حقيقي قائم في مسعاهما لتحقيق هذا الهدف من حيث المبدأ!!.

    ردحذف
    الردود
    1. حتى هذه النظريات التي يحاولون جمعها هي نظريات خرافية وليست علمية، بدأ من الانفجار الكبير والتطور وحتى الجاذبية. أما ما طرحته أنت فهذه هي معضلة المعضلات عندهم، لا فض فوك وشكرا على تعليقاتك.

      حذف