الجمعة، 3 أغسطس 2012

فكرة وتعليق - 16 : كانط حول الجمال ..


الفكرة:
كانط قرر إن ليس من الممكن وضع قاعدة بموجبها يستطيع المرء أن يتعرف جمال شيء ما ، و لهذا فإن الحكم على الجمال حكم ذاتي وهو يتغير من شخص إلى آخر ولهذا فإنه يختلف عن الحكم المنطقي القائم على التصورات العقلية

ويعرف كانط الجمال بـ ( قانون بدون قانون ) و في الفن يقول كانط ( إن الفن ليس تمثيل لشيء جميل بقدر ما هو تمثيل جميل لشيء ما) .

التعليق :
الاحساس بالجمال نابع من الشعور ، واذا عـُرفت قوانين الشعور عُرفت قوانين الجمال . وهو ليس ذاتيا بالدرجة التي يصورها كانط ، فالناس يشتركون في جمال شمس الغروب مثلا ، وفي جمال الطفولة ، وجمال الطبيعة ، وجمال الافعال الكريمة والفضائل . واذا قال احد عن الشيء الجميل انه ليس جميل ، فربما يقصد انه ليس الاجمل اكثر من ان يعني انه قبيح .

وهناك بعض المقاييس العامة للجمال مثل : التناسق والتكامل والقوة والتحديد (او التأطير) وعدم العيوب والصفاء والندرة والطبيعية . فصورة فتاة جميلة في حديقة ، يظهر فيها التناسق بين ملامحها و بينها وبين ما حولها من ازهار وما تلبسه من ملابس ملونة ، والتحديد يظهر في كحل عينيها و احمر الشفاه وفي اطراف ملابسها ذات اللون المختلف ، و الندرة في غمازتيها او حبة الخال على وجنتها ، والصفاء واضح من صفاء الالوان ، اما ما يقال عن جمال الغموض فلأنه يخفي العيوب ليس الا .. وإلا فليس الغموض جمالا بحد ذاته ، بل الوضوح والصفاء هو الجمال . و القوة في شبابها وشباب الحديقة ، والتكامل وعدم العيوب . هذه بعض الملامح من مقاييس الجمال في تلك الصورة وليست كل المقاييس . بمعنى ان الشعور بالجمال ممكن ان يترجم ، وليس ذاتيا يختلف فيه شخص عن شخص كما تصور كانط وغيره .

و ياتي الاختلاف عادة في الذوق بسبب مؤثرت عارضة ، وهو اختلاف ذاتي فعلا ، كأن يكره احدهم الزهور الحمراء بسبب موقف عاطفي خاص به . والا فالاصل في الجمال انه شعور مشترك ، لكن تؤثر فيه الظروف والثقافات .

هناك تعليقان (2) :

  1. الجمال ليس شعور مشترك بقدر ماهو تسويق مشترك
    مثلا الاعلام الغربي سوق لفكرة المرأه البيضاء الشقراء انها اجمل امرأه في نساء الارض وهي اميرة النساء وبعد خمسين سنه من غسيل الدماغ الهوليوودي اصبح كل العالم يوافق على ذلك ويقارن اي امرأه بالدميه الشقراء البلاستيكيه حتى لو كان ذلك في اللاوعي
    وحتى النساء البيضاوات اصبن بعقدة نقص فأصبحن كلهن يفرطن في الزينه والصبغات والعمليات لكي تقترب من هذا الشكل الذي يتفق الجميع بأنه (الجمال المثالي )
    وهذا غير النساء من اعراق اخرى اللواتي يحلمن ان يصبحن يوما نموذج للجمال بعد ان تربعت عليه المرأه البيضاء الشقراء النحيفه وعليهن ان يخضعن لمنافسه هن دائما الطرف الخاسر فيها فأذا كان الاصل في الجمال انه شعور مشترك فهل انت ممن يقولون
    ان هذه المرأه المزيفه الشقراء اصبحت اجمل امرأه لان هذا شعور مشترك بين كل الشعوب التي وصلها الغزو الاعلامي الامريكي ام ان الرأي العام يمكن بقليل من الحيل والدعايه تغيير مفهومه عن الجمال بكل سهوله كما هو واقع الحال الان

    ردحذف
    الردود
    1. نعم ممكن تغييره ، والموضات اكبر دليل ، لانها تقدم قصات شعر قبيحة مثلا وملابس تثير الضحك احيانا ، ولكن التسويق ودور الازياء العالمية تجعل الذوق العام يتقبلها ولا يكاد يسيغها من الداخل ، لكن الموضة كذا !

      وبنظرة الى الموضات القديمة تجد ان بعضها تثير الضحك بعد ان ذهب زمانها ، لكنها كانت محترمة في زمانها ، كموضة الخنافس في السبعينات و غيرها ، لكن اساس الذوق واحد ، لان الشعور الانساني واحد . بدليل انه كلما زالت الدعاية يرجع الذوق الى اصله المشترك ، وهذا قانون ،

      الذوق الناتج عن التسويق الراسمالي ، نسميه الذوق المفروض على الذوق ، لدليل ان بعض النساء تجبر على لبس او برستيج غير مقتنعة باهميته ولا بجماله ، وقد يكون مضايقا لراحتها وصحتها ، لكنها مجبرة لاجل المجتمع الذي تهيمن عليه الموضة التي تهيمن عليه الراسمالية . كموضة الجينز الضيق في السابق ، وما سببه من مشاكل في العضلات و عظام الحوض .

      الان نموذج المراة البيضاء الشقراء تغير حتى في الغرب ، بدليل حمامات الشمس لاكتساب اللون الاسمر او البرونزي ، مما يعني انه ليس جمال المراة مرهون بالبيضاء الشقراء النحيلة ، لان لكل شيء جماله في الطبيعة ، ولا توجد امراة قبيحة ولا يوجد عرق قبيح وعرق جميل . لكن من مقايس الجمال : الندرة ، فالبيئات السمراء يحسن في عينها اللون الابيض لندرته ، اما البيئات الشمالية الباردة والمتجمدة ، حيث اللون الابيض هو الكثير ، تحسن في عيونهم البشرة السمراء ، وهذا ما يفسر تلك الكميات من اللحم الابيض المكشوف المستلقية على الشواطئ اذا طلعت الشمس .

      والمرأة الممتلئة تكون جميلة في البيئات الفقيرة والتي تعاني من نقص التغذية وكثرة العمل ، مثلما كان الوضع عند العرب في الصحراء ، ومنه جاءت كلمة (جميلة) في اللغة العربية ، من الجمْل وهو السَّمْن ، واللفظ له علاقة بالجمل ايضا لامتلاء جسمه وسنامه . وهذا يتضح عند شعراء الغزل العرب في اعجابهم بالجسم الممتلئ ، يقول الشاعر :

      و اما الألئ يسكنَّ غور تهامة .. فكل فتاة تترك الحجل افصم ..

      اي لامتلاء ساقها ينفصم حجلها ، وهكذا نعرف ان الندرة احد مقاييس الجمال لكنها ليست الاساسية ، وما صار الذهب جميلا وغاليا الا لندرته . وقد تفوق الالمونيوم اول اكتشافه مع الذهب وارتفع ثمنه ، لكن لما كثرت مناجمه اخذ سعره بالتدني وكذلك جماله . تماما كالاكل في عين الجائع يزداد جماله ، ويقل كلما اخذ بالشبع . هذا احد المقاييس وليست كلها .

      والشعر الاشقر ربما تأثر بقيمة الذهب وجماله الذي جاء بسبب ندرته ..

      قبل ان يوجد اللؤلؤ الصناعي ، كان اللؤلؤ الطبيعي ملك الجواهر .

      حذف