الخميس، 9 أغسطس 2012

ردود على ملخص افكار الفيلسوف هنري برجسون ..










هنري برجسون

- فيلسوف فرنسي يهودي .

- من أهم افكاره : الدافع الحيوي (Élan Vital)  ، والمجتمع المفتوح والمجتمع المغلق .

- المصدر :( موسوعة المسيري) يمكن توصيف عالَم برجسون بأنه مثل معظم الأيديولوجيات العلمانية يحاول أن يرد العالم بأسره إلى مبدأ واحد، وهو في حالته مبدأ التطور الدارويني، ولكنه يبذل محاولة لتهذيبه (لا لتغيير جوهره). وعالَم داروين عالَم حلقاته متصلة صلبة، كل عنصر فيه يؤدي إلى ما بعده، وتتطور الكائنات في إطاره حسب قوانين برانية صارمة تنضوي تحت رايتها كل الأشياء، فهو عالم لا ثغرات فيه؛ مطلق مصمت ميت.
وعلى طريقة مفكري عصر ما بعد الاستنارة والصورة المجازية العضوية للكون، أي شأنه شأن نيتشه ووليام جيمس، يحاول برجسون أن يُحيي هذا العالم الميت المغلق بأن يجعله كياناً تطورياً عضوياً مُفعَماً بالحياة التي تنبعث من داخله وتحركه وهي سبب نموه. فهذه طبيعة الأنساق الفكرية العلمانية حيث يتحوَّل المطلق إلى مبدأ حالٍّ في المادة، كامن فيها، ولا يمكنه أن يظهر إلا بأن يتجسد من خلالها. فيصبح الكون عالمَاً تطورياً حيوياً سائلاً حلقاته متصلة، لا ثغرات فيه ولا يستطيع أحد أن ينفلت من قوانينه وحركة نموه. ويمكن القول بأن كل فلسفة برجسون هي محاولة يائسة لإحياء عالم ميت وتأكيد للحرية في عالم السببية المادية الصلب.

- (المصدر السابق) أهم المفاهيم الفلسفية التي نظر إليها برجسون هو مفهوم الزمن، فالإنسان الغربي الذي اعتبر الشيء كياناً صلباً ، نظر إلى الزمن باعتباره خطاً مستقيماً.  وهذا هو جوهر الرؤية العلمية للزمن التي تثبت العالم كمقولات جامدة : فالحاضر هنا ـ و الماضي خلفنا ـ و المستقبل أمامنا. إنها رؤية مكانية للزمن تنظر للزمن باعتباره امتداداً للمكان ، وهي رؤية جامدة تؤدي إلى الحتمية. فنحن هنا وجئنا من هناك في السابق وسنتقدم إلى هناك في المستقبل، ولكن الزمن الحقيقي (الديمومة) هو امتزاج الماضي بالحاضر بالمستقبل، وهو ليس مجرد خط مستقيم يمتد بشكل رتيب من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل.

- (ويكبيديا) قسم برجسون الوقت إلى نوعين : الوقت العلمي الذي يقسم الساعة إلى ستين دقيقة والدقيقة إلى ستين ثانية وهو وقت ثابت لا يتغير ، والوقت النفسي وهو الوقت الذي يعيشه الإنسان ويستمتع به . وهو بالنسبة لبرغسون الوقت الحقيقي.

- طبيعة مذهبه قائمة على التغير الدائم والحركة المستمرة وعدم ثبات اي شيء ونفوذ المدة في كل موجود بحيث يصعب بل يستحيل ادخاله في الاطارات الثابتة كاللغة التي من طبيعتها التثبيت والسكون.‏

- يتحدث برغسون عن خصائص الحياة النفسية وكيف تتحقق في الحياة النامية ، فالكائن الحي ليس مجرد مركب من (عناصر) ، الحياة شيء غير العناصر وشيء أكثر من العناصر ،

الرد:
اذا برجسون يثبت وجود الروح والنفس ، ويفصلها عن المادة ، خلافا لبقية الماديين الذين ينكرون وجود اي شيء غير مادي .


 ان الكائن الحي (يدوم) ديمومة حقيقية ، إذ انه ينمو ويهرم ويموت ، وهذه ظواهر خاصة به لا تبدو بأي حال في المادة البحتة ، وليست الأنواع الحية ناشئة من اصول متجانسة نمت وتحولت بتأثير القوى الفيزيائية والكيميائية بطريقة الصدفة العمياء. وهو هنا يختلف مع التفسيرات الميكانيكية والحتمية للمذاهب المادية في تفسير الحياة .


الرد:
اذا هو يخالف فكرة ان الصدفة هي التي انشأت الحياة ، وهي الفكرة الاساسية عند الملاحدة الماديين .



- يفسر برغسون النمو والتطور بالقول: ان كل نوع من الأنواع الحية قد صدر دفعة واحدة عن (دفعة حيوية) (Élan Vital) تنبع من مصدر لا متناه يوجد داخل الكون ذاته ، من وجدان شبيه بوجداننا وأعلى منه ، فهو في النبات سبات وجمود ، وفي الحيوان غريزة ، وفي الإنسان عقل ،


الرد:
هنا يبدو وكأنه مثل اللادينيين الذين يؤمنون بوجود قوة كامنة في الطبيعة هي سبب الوجود ، مثل اسبينوزا واينشتاين ، اي انه ينطلق من فكرة وحدة الوجود يهودية المنبع . والكابالا اليهودية هي اساس هذه الفكرة . ومنها تسربت الى الديانات الاخرى والمذاهب الفلسفية .  


وهذه طبقات مختلفة بالطبيعة لا بالدرجة فقط . اما المادة فقد نشأت من وهن التيار الحيوي أو توقفه ، فما هي الا شيء نفسي تجمد وتمدد ، ويعطي برغسون تشبيها هو الاتي عن نشوء المادة:(ان الماء عندما يخرج من النافورة يرتفع خطا كثيفا، ثم يهبط على شكل مروحة فتنفصل نقط الماء المتراصة فتتباعد وتتساقط في مساحة اوسع)

- ( من كتابه : منبعا الأخلاق و الدين ص285  بتصرف ) : المجتمع المغلق هو المجتمع الذي يتماسك افراده فيما بينهم ، غير حافلين بسائر الناس ، مستعدين دوما لهجوم او دفاع ، ومقتصرين اخيرا على موقف القتال ، وذلك هو المجتمع الإنساني الأول .. والمجتمع المغلق يخضع للغريزة ، بينما المجتمع المفتوح يخضع للعقل ..



الرد:
العكس تماما هو الصحيح ، المجتمع المفتوح هو الذي يخضع للغريزة ، والمجتمع المغلق يخضع لسيطرة العقل القيمي ، العقل المرتبط بقيم ، ويفسرها بطريقته ، والتي تكون خاطئة و متطرفة في اكثر الاحيان .

المجتمع المفتوح باختصار تخلص من سيطرة القيم المعنوية ليفسح المجال للغريزة وما يتعلق بها ، وهو يتقبل اي شيء ما لم يتعارض مع الغريزة والمصالح المرتبطة بها . اذا المجتمع المفتوح ليس تطورا ، بل هو رجوع الى الوراء ؛ لأن هذا المجتمع المفتوح مبتعد عن التجريد ، والقيم تحولت لديه إلى مجرد مادة وغرائز مرتبطة بها ، كما كان المجتمع البدائي ان وجد .

وفي هذا المجتمع المفتوح لا يثور الشخص ولا يغضب بدافع من القيمة المعنوية ، لكنه يثور ويغضب عندما تمس اشياؤه المادية او حريته في غرائزه ، اي انه مجتمع بسيط وغير متطور . كما هي الحال في المجتمع البدائي ان وجد . وهذا وضع يشبه وضع المجتمعات الحيوانية ، لانه يهمها اكلها وغرائزها فقط ، ولا تثور لغير هذا .

اما العقلانية التي يصف بها المجتمع المفتوح ، فهو منطق حماية الغرائز وما يتعلق بها ، اذا الغرائز هي اساس اي فكر ليبرالي . سواء على المستوى الفردي او الجماعي . فالليبرالية لا تعني العقلانية قدر ما تعني الغريزية ، والجماعات البشرية المنبوذة من المجتمعات الكبيرة ، اذا فحصت واقعها تجده ليبراليا ، اي متساهلا في موضوع الغرائز ومحترم لها اكثر من القيم الاخلاقية ، ولهذا نبذهم المجموع العام .

اذا اي مجتمع منبوذ من بقية المجتمع ، تجده متهما بالليبرالية الغريزية . لانها تقرب اصحابها الى عالم الحيوان والمادية ، وتجعلهم لا يتحمسون الى اي مبدأ وغير مستعدين للتضحية لاجل افكار او مبادئ او اخلاق ، فقط يهمهم ما يتعلق بالغرائز .

وعلى هذا الاساس او ما يشبهه تضررت سمعة بعض التجمعات كاليهود والغجر والسود والمهاجرين من كل القوميات في العالم ، وغيرهم ايضا ، وتعرضوا للنبذ و الجيتو ، لهذا عندما نهض اليهود في اوروبا حاولوا ان يلبسوها لباسهم الليبرالي . اي ان اوروبا والغرب هي نفس الفكر والليبرالية اليهودية ، وفي طريقها لأن تتحول إلى يهودية كفكر او ايديولوجية قومية متأثرة بظروفها . اما مجتمع الغجر لكونه مترحل لم يستطيع ان يبني حضارة .

الانغلاق في المجتمعات مبني على الارتباط بالقيم من عدمه ، واساس القيم مفتوح للجميع ، لكن دخول التعصب والتطرف العقلي هو الذي يجعل مجتمع القيمة منغلق في اكثر الاحيان ، اي ان القيم تضررت وتدمرت وصارت تضر اكثر مما تنفع ، بسبب ترجمتها الخاطئة ، حيث تحولت الفضائل بعد دخول التعصب وإعمال العقل المصلحي فيها الى رذائل ، فجاءت الليبرالية اليهودية الغريزية لتقول أن المشكلة هي من القيم الاخلاقية والدينية ، وان البديل المناسب هو الليبرالية الغريزية المعتمدة على المصالح والفردية . وسبب المساؤى التي حصلت في المجتمع المنغلق هو الفهم الخاطئ للقيمة وليس بسبب القيمة الاخلاقية او الدينية ذاتها ، لان الاخلاق والدين للجميع اصلا ، والدين في اساسه ليس الا اخلاق ، والناس يحبون الاخلاق لانها للجميع . و اي حصار او تضييق للاخلاق يعتبر رذيلة . ولهذا بعض الافراد من الطبقات المنبوذة يحاولون ان يصنعوا قيمة داخل المجتمع من خلال التشبث الشديد بالقيمة ، وهذا ما يسبب كثرة المتفوقين والمميزين من تلك الطبقات التي ينظر إليها على أنها أدنى عند الأكثرية .

اي ان المجتمع هو تجمع بشري تجمعه المصالح وتحميه القيم (وهذا  تعريف المجتمع) .. مثل ما قال احمد شوقي :

 انما الامم الاخلاق ما بقيت .. فان هموا ذهبت اخلاقهم ذهبوا ..

 إن الانسانية تأنف من مثل هذه المجتمعات المنفتحة . لان عدم الارتباط بالقيمة المعنوية مضاد للانسانية ومقرب للحيوانية ، اذا فالقيم هي اطار الإنسانية والحد الفاصل بينها وبين الحيوانية . والمجتمع المفتوح الليبرالي يقلّص من القيم ، اذا هو يقلّص من الانسانية ويقرب الى الحيوانية .      

- الملكة الخرافية (الوهمية) هي اساس نشوء الأديان ، و الإلزام الأخلاقي والدين السكوني هما قوام المجتمع المغلق . بينما الصوفية والدين الحركي هو ما يتميز به المجتمع المفتوح عن المغلق . ولكن حتى الصوفية والدين الحركي طالما أنهما منبثقان من الإلزام الأخلاقي والدين السكوني في الاصل في المجتمع المغلق ، فهما لا يزالان تحت تأثير الملكة الوهمية .



الرد:
هذا ليس بصحيح ، الأخلاق هي الدافع الى الدين اصلا وليس الوهم ، يبدأ الدين بالأخلاق ثم يتطور الى العقل .  فإذا قلت الدين تذكر الاخلاق ، واذا قلت الاخلاق تذكر الدين ، هذا في الاساس . ولهذا فالمادية تحاربهما معاً : الدين والأخلاق . لأنها تعلم ان وجود اخلاق يؤدي الى وجود الدين ، والعكس صحيح . 

- قال عن الدين وكان يتحدث عن الدين البدائي في الصفحة (135) من كتابه ما يلي:
« فممّا لا شك فيه أن انفعال بإزاء الطبيعة أصل من أصول الأديان. ولكننا نعود فنقول: إنّ الدين ليس خوفًا بقدر ما هو رد فعلٍ ضد الخوف، ولم يصبح إيمانًا بآلهة فورًا ».

الرد:
ليست الطبيعة ولا الخوف هما اساس الدين ، لان الطبيعة والخوف منها مستمر حتى مع وجود الدين . هذا فهم خاطئ وغير واقعي . الفضيلة هي اساس الدين والدافع اليه . ولو تركت الأخلاق تتطور لتحولت إلى دين ، لأن الدين هو اطار الاخلاق ودافعه الحيوي ، فإذا قلت للمجتمع : التزموا بالاخلاق ، بدون وجود قوة عليا ترعى الاخلاق وتجازي عليها وتشكر عليها ، سيكون مطلبك صعبا ، لان المصالح دائما في حالة ضدية مع الاخلاق ، والناس تريد الاخلاق وتريد المصالح معا ، والدين وحده هو الذي يستطيع ان يربط بينهما . فيجعل المصالح الدنيوية و الاخروية مكافئة على الاخلاق .  

لهذا يستطيع ان يفعل الانسان الاخلاق دون ان يشعر بالندم لانه فرط بمصالحه ، فحقوقه محفوظة . هذا اضافة الى حبه الفطري للاخلاق اصلا ، وهذا ما يجعل الانسان المؤمن اكثر سعادة من غير المؤمن . 

وقال قبل هذا بقليل ما يلي :

« وجدنا أن أصل المعتقدات التي أتينا على دراستها إنما هي رد فعل دفاعي، تقوم به الطبيعة محاربة لتثبيط مصدره العقل. ورد الفعل هذا يثير في العقل ذاته صورًا وآراء تٌفني التصور المثبط، أو تمنعه من أن يصير إلى فعل. فيرى كائنات تنبثق، وليس من الضروري أن تكون شخصيات تامة. بل يكفي أن تكون لها نيات، بل أن تكون هي نيات. فالاعتقاد إذن جوهره الثقة، وأصله الأول ليس هو الخوف، بل الأمان من الخوف ».

الرد:
هذا كلام غير واقعي ، هل تحقق الامان من الخوف بسبب الدين ؟ اذا كان تحقق فالكلام صحيح . وإذا لم يتحقق الامان من الخوف ، فكلامه غير صحيح ولا واقعي . الحقيقة ان المؤمن اكثر خوفا من غير المؤمن ، بدليل انه اضاف مصدرخوف غير موجود في الطبيعة ، وهو الخوف من بطش الإله القادر على كل شيء ولا يستطيع احد ان ينجو من عذابه . بينما مخاوف الطبيعة قد يسلم منها أو يتحايل عليها . فهل يعالَج الخوف بخوف اكبر و اشد ؟ لا شك ان هذه الفكرة ضعيفة جدا و تنم عن استقراء خاطئ للواقع يثير الشك في بقية الاستقراءات المادية .



وذكر نظير ذلك في عقيدة الحياة بعد الموت، وأنها رد فعل دفاعي من الغريزة لمنطق العقل الذي يرى الموت، ويدرك أن الطبيعة جعلته نهاية حتمية للحياة، دون أن يكون وراءه شيء .

ومثّل لما أسماه بوظيفة الخرافة بمثال المرأة التي فتحت باب المصعد في الطابق العالي، لتنزل فيه، فوجدت أن حارس المصعد قد دفعها بقوة، فطرحها أرضًا، ثم نهضت وأخذت تفكر فيما جرى لها ، فرأت أن باب المصعد مفتوح كما فتحته، لكن غرفة المصعد موجودة في الطابق الأرضي، وليس في طابقها، عندئذ أدركت أن المصعد معطل لخلل طرأ عليه، وأن الباب قد فتح بسبب الخلل الطارئ، ولو أنها دخلت لهوت في بئر المصعد فتحطمت، ثم أدركت أن الوهم قد أسعفها بالصورة التي تخيلتها في حارس المصعد الذي دفعها، فكان للخرافة الوهمية هذه وظيفة دفع الخطر عن المرأة .

وعقب على هذه القصة بأن فكرة الإله في أفكار الناس مثل صورة حارس المصعد الذي دفع المرأة ليحميها، كل منهما من صنع الوهم، لكنه وهم دفاعي نافع، وهكذا كان لهذه الخرافة وظيفتها الدفاعية .



الرد:
هذا المثال من صنع الخيال وليس واقعيا اطلاقا ، أي انه يحضر امثلة خلاف الواقع ، واذا كانت تتوهم وتختلق هذه القصة ، اذا فهي تتوهم ببقية حياتها ، اذا هو يتكلم عن امراة مجنونة .

هو لم يستطيع ان يحضر مثالا من الواقع على فكرة الهروب الى الوهم الجميل وتصديقه ، بدلا من الواقع المر ، فتخيل هذه المرأة التي تتوهم أن عامل المصعد يخرج اليها ويدفعها بعنف مع انه غير موجود ! ولو كانت فكرته بان الحياة الاخرة من صنع الوهم الجميل ن لاستطاع ان يحضر لها امثلة كثيرة ومقنعة من الواقع ، حتى نقول ان هذه عادة من عادات البشر ، هذا المثال هو ضد فكرته وليس معه ، وبما أنه خيالي وغير واقعي ، اذا الفكرة التي استشهد بهذا المثال عليها خيالية وغير واقعية ، اذا هو لم يفلسف الواقع من خلال الواقع ، بل عن صورة في ذهنه يبحث لها عن امثلة من ذهنه ايضا ، اذا نحن امام شخص غير واقعي ، وغير الواقعي ماذا يمكن ان يسمى ؟

هكذا فكل مادي هو غير واقعي ، وكل تفسيراته غير واقعية .  قل : لا يوجد إله ، فتهتز واقعيتك ومنطقيتك وعقلك .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق